|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الحمد لله الذي رَفَعَ قَدْرَ حبيبه في الدارَين ، وَنَصَبَهُ بخفض العِدَا لا سِيَّما يوم بدرٍ وحنين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الكرام ، وعلى من تبعهم من السادة البررة الأعلام ، صلاة وسلاما بهما ننتظم في سلكه الرفيع ، ونأمن من كل هول بالدخول في حصنه المنيع ، آمين ، أمَّا بعد : فاعلم رزقنا الله التوفيق ، وسلك بنا مَهَايِع التحقيق أَنَّ الذي يلي لفظ «لا سِيَّما» له حالتان : التنكير ، والتعريف . فإن كان نكرة جاز فيه ثلاثة أوجه : الجر ، والرفع ، والنصب . فالجر وهو أرجحها بإضافة «سي» إليه ، و «ما» زائدة بينهما مثلها في { أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ . والرفعُ خبرٌ لمحذوف وجوبا، و «ما» موصولةٌ أو نكرة موصوفةٌ ، أي : ولا مثل الذي .... ، أو : ... شيء هو كذا . وعلى الوجهين فتحةُ «سِيّ» إعرابٌ ؛ لأَنَّ اسم «لا» مضاف ، وخبرها محذوف ، أي : موجود ، وحَذْفُ المبتدأ في هذا المحل([i]) مقيسٌ غير شاذ ؛ لأَنَّهم نزَّلوا «لا سِيَّما» منزلة «إلا» الاستثنائية ، فناسب ألاَّ يُصرَّحَ بعدها بجملة . فإن قيل : «لا سِيَّما زيدٌ الصالحُ» فلا استثناء؛ لطول الصلة بالنعتكما نبَّه عليه ابن عقيل . لا يقال : (إن شرط «لا» عملها في النكرات ، و «سِيّ» قد عُرِّفت بالإضافة فلا عَمَلَ لـ«لا» فيها) ؛ لأَنَّا نقول : مَنَعَ من ذلك توغُّلها في الإبهام كـ«غَيْر» و «مِثْل» و «شِبْه» فلا تُعرِّفها الإضافة. والنصب على التمييز و «ما» كافَّة ، وفتحة «سي» فتحة بناء، وإلى ما تقدم أشرت بقولي : وَمَا يَلِي «لا سِيَّما» إِنْ نُكِّـرَا فَاجْرُرْ أَوِ ارْفَعْ ثُمَّ نَصْبَهُ اذْكُرَا في الْجَرِّ «مَا» زِيْدَتْ وَفي رَفْعٍ أُلِفْ وَصْلٌ لَهَا قُـلْ أَوْ تَنَكُّرٌ وُصِفْ وقد عُلِمَ بناء «سِيّ» في هذا الأخير من التقييد بالإعراب في ذينك ، وقد رُوِيَ قولُ الشاعر : وَلا سِيَّما يَوْم بِدَارَةِ جُلْجُلِ قال العلامة الفارضيفي شرح الألفية بعد أن ذكر البيت المستشهد به : (فعلى رواية الجر تكون «سِيّ» بمعنى «مِثْل» ، وهو مضاف ، و «يوم» مضاف إليه ، و «ما» زائدة . وعلى رواية الرفع تكون «ما» موصولة ، و «يومٌ» خبرٌ لمحذوف ، أو نكرةٌ موصوفة ، والتقدير : لا مثلَ الذي هو يومٌ ، أو : لا مثلَ شيءٍ هو يومٌ . والنصب على التمييز كما يقع التمييز بعد «مِثْل» في نحو : { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } ، و «ما» كافة عن الإضافة ، وفتحةُ «سِيّ» بناءٌ مثلُها في « لا رجلَ» على ما تقدم) . وذكر وجها آخر ، وهو أَنَّ «ما» موصولة ، و «بدارة جُلْجِل» صلة ، و «يوما» ظرف ، والعامل فيه ما في «بدارة» من معنى الاستقرار، ثم قال: (وفتحةُ «سِيّ» في الصور الثلاث فتحةُ إعرابٍ ـ يعني به : حالة الجر ، والرفع ، والنصب على الظرفية ـ ؛ وذلك لأَنَّ «ما» إن كانت موصولة فهي معرفة ، واسم «لا» التبرئة لا يكون معرفة ، وإن كانت غير موصولة فـ«سيّ» مضافة لما بعدها إن كانت «ما» زائدة ، أو مضافة لـ«ما» إن كانت نكرة موصوفة ، واسم «لا» المبني لا يكون مضافا) . انتهى كلامه . وقد علمت ردَّه بما تقدم من أَنَّها لا تتعرف بالإضافة ، فتأمل . قال ابن مالك : وإذا كانت «ما» موصولة معها جاز وصلها بفعلٍ وبظرف ، نحو : أعجبني كلامُكَ لا سِيَّما تَعِظُ به ، ويعجبني التهجُّدُ لا سِيَّما عندَ زيدٍ. انتهى . هذا إن كان ما بعدها نكرة ، فإن كان معرفة جاز الأولان ، أعني : الجر والرفع ، وإن ضُعِّفَ الرفع بأَنَّ فيه حذفَ العائد المرفوع مع عدم الطول ، وإطلاقَ «ما» على من يعقل في نحو : ولا سِيَّما زيدٌ . وامتنع الأخير ، أعني : نصبه ، أي : عند الجمهور ، وإلا فقد نَقَلَ بعضهم جوازه ، نحو : أكرمِنَّ القوم لا سِيَّما زيدًا ، وإلى هذا أشرت بقولي : (وَالنَّصْبُ إِنْ يُعَرَّفِ اسْمٌ فَامْنَعَا) . وقد أشرت بقولي : (وَبَعْدَ «سِيٍّ» جُمْلَةً فَأَوْقِعَا ، أَجَازَ ذَا الرَّضِيْ) إلى ما نقله العلامة الْحِفْنِيِّ في حاشية الشِّنْشَوْرِيِّعن الْمُحَقِّقِ الرَّضِيِّ من جواز وقوع الجملة بعد «لا سِيَّما» ، ونَصُّهُ: (وهل يقع بعدَهَا جملةٌ أو لا ؟ قال في التسهيل نقلا عن المرادي : (وقولهم : (لا سِيَّما والأمرُ كذا) تركيب غير عربي) ، وعليه السيوطي . وقد أجاز ذا الرضي حيث قال : (ويُحذف ما بعد «سِيَّما» على جعله بمعنى «خصوصا» ، فيكون منصوبَ المحل على أَنَّه مفعول مطلق مع بقائه على نصبه الذي كان له في الأصل حين كان اسم «لا» التبرئة ، فإذا قلت : ((أحب زيدا ولا سِيَّما راكبا)) ، فهو بمعنى : وخصوصا راكبا ، فـ«راكبا» حال من مفعول الفعل المقدر ، أي : وأخصه بزيادة المحبة خصوصا راكبا ، وكذا في : ((أحبه ولا سِيَّما وهو راكب)) . انتهى ، فقد حَكَمَ بِصِحَّةِ ما جعله المراديُّ تركيبا فاسدا ) . انتهى . ثم قلت : (وَلا تُحْذَفُ «لا» مِنْ سِيَّما) يعني : أَنَّ لفظة «لا» لا تُحذف من «سِيَّما» وجوبا ؛ لأَنَّ حذف الحرف خارج عن القياس . وكذلك دخول الواو على «لا» ، وذكر بعضهم أَنَّها قد تُحذف . وتُخفَّف «سِيَّما» ، كما في قوله : فِهْ بالْعُقُودِ وبالأَيْمانِ لا سِيَما عَقْدٌ وفاءٌ بِهِ مِنْ أعظمِ القُرَبِ ثم قلت : (وَامْنَعْ عَلَى الصَّحِيْحِ الاسْتِثْنَا بِهَا) ، أي : الصحيح أَنَّ «لا سِيَّما» ليست من أدوات الاستثناء، بل هي مضادة له ؛ لأَنَّ الذي بعدها داخلٌ فيما دخل فيه ما قبلها ومشهودٌ له بأَنَّه أحقُّ بذلك من غيره . وقد وُجِّهَ قولُ من قال بأَنَّها من أدوات الاستثناء بأَنَّ ما بعدها مُخرَجٌ مما قبلهامن حيث أولويته بالحكم المتقدم ، فلَمَّا لم يستوِ مع ما قبلها في الرتبة جُعِلَ كأَنَّه مُخرَجٌ . وقد تمَّ الكلام عليها . وقد ختمت الأبيات بالصلاة على أشرف المخلوقات ، فقلت : (ثُمَّ الصَّلاَةُ لِلنَّبِيِّ ذِي الْبَهَا)، أي : والصلاة والسلام على النبي المعهود ، صاحبِ الحوض المورود ، وعلى آلـه وأصحابـه وأهل بيته ومُحـبِّيه . والبهاء : ـ بفتح الباء ـ معناه : الْحُسْن . وفي هذا البيت الْجِنَاسُ ـ بكسر الجيم ـ الْمُحرَّفُ ، وضابطه : اختلاف هيئة الحروف، كقولهم : (جُـبَّة الْـبُرْد جَـنَّة الْـبَرْد). انتهى ، والحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وأحِبَّته ومُحِبِّيه، كلما ذكرك الذاكرون ، وغفل عن ذكره الغافلون ، والحمد لله رب العالمين . والنظم وشرحه ،، للعلامة السجاعي للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
يا غير مسجل شاركنا في إعراب !
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
أبو عبد الله محمد بن يحيى
المزيد من مواضيعي
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
اعراب, سيّما؟ |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|