العودة   شبكة كلمة سواء للحوار الإسلامي المسيحي العودة المنتدى الدراسات الإسلامية و العلوم الشرعية القسم الإسلامي العام

القسم الإسلامي العام يجب تحري الدقة والبعد عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة

آخر 20 مشاركات
الهولي بايبل و معاملة النساء زمن الحروب و الصّراعات المسلّحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إجابة عن سؤال : ماذا قدّم المسلمون للبشرية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المهتدي مويزو روتشيلد و رحلة من اليهودية إلى الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أسرار خطيرة عن التمويلات الكنَسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة الزّمر : الشيخ إبراهيم أبو حجلة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة فاطر : الشيخ القارئ إياد عوني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الخمر و الحشيش و الدعارة في كتاب النصارى ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورةالزُمَر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورة غافر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه ينادي بالحج ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إشهار إسلام الأخت مارتينا ممدوح (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مصيبة عيد القيامة في الكنائس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأضحية هي قربان لله أم للأوثان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          زاهي حواس ينفي وجود ذكر للأنبياء في الآثار (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ضربة لمعبود الكنيسة تعادل في نتائجها الآثار المرعبة لهجوم نووي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سؤال حيّر الأنبا رفائيل وجعله يهدم المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عذبة من سورة القلم : الشيخ القارئ عبدالله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان : الشيخ القارئ عبد الله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 06.01.2011, 05:51
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي يا غير مسجل وماذا بعد الظلم ؟ ( أحداث تاريخية هامة وقصص واقعية عن نهاية الظلم )



بسم الله الرحمن الرحيم


(توطئـة)


الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على مَنْ لا نبيَّ بعدَه نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نَهْجه واقتفى أثرَه إلى يوم الدين


أما بعد


فإن الناظرَ في أحوال الأمم والشُّعوب قبلنا - وبخاصة الظالمين منهم

- ممَّن أهلكه الله – تعالى - لَيَأْخذ من ذلك عظات وعبرًا؛ كيف لا وقد قال - سبحانه


لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ .يوسف: 111.


إنَّ في تأمُّل مصير الظالمين وما جرى عليهم من الإهلاك عبرةً لكلِّ جبَّار عنيد؛ نعم؛ الجبَّارُ الذي ما كان يَهْدَأُ له بال في الدُّنيا إلَّا وهو يرى بأمِّ عينيه دماءَ الأبرياء من المؤمنين تنـزف على يد زبانيته المجرمين، فما يحرك له ذلك ساكنا؛ بل وكأنَّ شيئًا لم يكن!!! وهو – زيادة على ذلك - قد أطلق لنفسه العنان، فأغرقها في الشَّهَوات والشُّبُهات؛ منتهكًا بذلك الحرمات، ضاربًا بالشَّرع المطهَّر عرضَ الحائط

وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. البروج: 8- 9.


أَيُّها الأخ الكريم


ما المصيرُ الذي صار إليه أولئك الطُّغاة الذين ملكوا القوَّةَ والمالَ وأسبابَ البقاء والغَلَبة؟!

ألم يأخذهم الله جميعًا بعدما فَتَنوا النَّاسَ وآذَوهم طويلًا!

فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40].

وهكذا يكون مصيرُ كلِّ ظالم ومتجبِّر على مَرِّ الأزمان والدُّهور، ولا يَبْقى إلَّا حماية الله – تعالى - وركنه القويّ الرَّكين.
إنَّها حقيقةٌ ضخمة عُني بها القرآن الكريم؛ حيث قرَّرها في نفوس الفئة المؤمنة، فكانت بذلك أقوى من جميع القوى التي وَقَفَتْ في طريقها، وداست بها على كبرياء الجبابرة في الأرض، ودكَّت بها المعاقلَ والحصونَ.

لقد استقرَّتْ هذه الحقيقةُ الضَّخمةُ في كلِّ نفس، وعمَّرت كلَّ قلب، واختلطت بالدم، وجرت معه في العروق، ولم تَعُدْ كلمة تقال باللِّسان، ولا قضية تحتاج إلى جدل؛ بل بديهة مستقرة في النَّفس لا يجول غيرها في حسٍّ أو خيال.

قوَّةُ الله هي القوة، وولاية الله هي الولاية، وما عداها فهو واهنٌ ضئيلٌ هزيلٌ مهما علا واستطال، ومهما تَجَبَّرَ وطَغَى، ومهما مَلَكَ من وسائل البَطْش والطُّغيان والتَّنكيل.


أيُّها الأخ المبارك


وبعد هذا الاسترسال المفيد - بإذن الله - نقول إنَّ هذا الكتابَ

"وماذا بعد الظلم"

يدور حولَ بسط عدد من النَّماذج التي استعرضها الحافظ ابن كثير – رحمه الله -

في كتابه العظيم (البداية والنهاية) لنهاية كثير من الطُّغاة والظالمين؛ بدءاً بفرعون وقومه حتى

العصر الذي عاش فيه ابن كثير – رحمه الله.


وحقيقةً.. إنَّ كتابَ "البداية والنهاية"

كتاب جليل القدر، عظيم النفع لمن تأمله، وهذا ما دعانا إلى إصدار الجزء الأول من هذه السِّلسلة المبارَكة؛


(إحياء كتب التراث الإسلاميّ)؛


سائلين الله – تعالى - أن يجعلَها خالصةً لوجهه، نافعةً لعباده؛ إنَّه أعظمُ مسؤول، وأكرمُ مأمول.

سبحان ربِّك ربِّ العزَّة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
للمزيد من مواضيعي

 








توقيع المشتاقه لرضي ربها
شبكة ومنتديات طريقنا للجنة

يشرفنا تواصلكم معنا


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 06.01.2011, 05:53
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


(1)

نهاية فرعون وجنوده


لما تمادى قبطُ مصر على كفرهم وعُتُوِّهم وعنادهم متابعةً لملكهم فرعون ومخالفةً لنبيِّ الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران- عليه السلام، وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحيَّر العقول، وهم مع ذلك لا يرعوون ولا ينتهون ولا ينـزعون ولا يرجعون، ولم يؤمن منهم إلا القليل - قيل ثلاثة هم امرأة فرعون ولا علم لأهل الكتاب بخبرها، ومؤمن آل فرعون، والرجل الناصح الذي جاء يسعى من أقصى المدينة فقال
يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين
. قاله ابنُ عبَّاس فيما رواه ابنُ أبي حاتم عنه، ومرادُه غير السَّحَرة؛ فإنَّهم كانوا من القبط. وقيل: بل آمن طائفة من القبط من قوم فرعون والسَّحرة كلِّهم وجميع شعب بني إسرائيل.

ويدلُّ على هذا قولُه تعالى

فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ [يونس: 83]؛

فالضمير في قوله: إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عائد على فرعون؛ لأنَّ السِّياقَ يدلُّ عليه.

وقيل: على موسى؛ لقربه. والأَوَّلُ أظهر كما هو مقرَّرٌ في التَّفسير، وإيمانهم كان خفيةً لمخافتهم من فرعون وسطوته وجبروته وسلطته، ومن ملائهم أن ينموا عليهم إليه فيفتنهم عن دينهم؛

قال الله تعالى مخبرًا عن فرعون وكفى بالله شهيدا

وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ؛ أي جبار عنيد مستعل بغير الحقِّ، وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ أي في جميع أموره وشؤونه وأحواله؛ ولكنه جرثومة قد حان انجعافها، وثمرة خبيثة قد آن قطافها، ومهجة ملعونة قد حتم إتلافها،

وعند ذلك قال موسى

يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ؛

يأمرهم بالتَّوَكُّل على الله والاستعانة به والالتجاء إليه، فأتمروا بذلك، فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يونس: 85،

- أوحى الله تعالى إلى موسى وأخيه هارون- عليهما السلام- أن يتَّخذوا لقومهما بيوتًا متميزةً فيما بينهم عن بيوت القبط؛ ليكونوا على أهبة في الرَّحيل إذا أمروا به ليعرف بعضهم بيوت بعض.

وقوله: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً: قيل: مساجد. وقيل: معناه كثرة الصَّلاة فيها. قاله مجاهد، وأبو مالك، وإبراهيم النخعي، والربيع، والضَّحَّاك، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن، وغيرهم؛ ومعناه على هذا الاستعانة على ما هم فيه من الضُّرِّ والشِّدَّة والضِّيق بكثرة الصَّلاة؛ كما قال تعالى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [البقرة: 153]، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمرٌ صلَّى. وقيل: معناه أنهم لم يكونوا حينئذ يقدرون على إظهار عبادتهم في مجتمعاتهم ومعابدهم فأمروا أن يصلوا في بيوتهم؛ عوضًا عمَّا فاتهم من إظهار شعار الدِّين الحقِّ في ذلك الزَّمان الذي اقتضى حالُهم إخفاءَه؛ خوفاً من فرعون وملئه. والمعنى الأوَّلُ أقوى؛ لقوله: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، وإن كان لا يُنافي الثَّاني أيضاً، والله أعلم.

وقال سعيد بن جبير: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً: أي متقابلة.

وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

هذه دعوةٌ عظيمةٌ دعا بها كليمُ الله موسى على عدوِّ الله فرعون غضبًا لله عليه؛ لتكبُّره عن اتِّباع الحقِّ وصدِّه عن سبيل الله ومعاندته وعُتُوِّه وتمرُّده واستمراره على الباطل ومكابرته الحقّ الواضح الجليّ الحسِّيّ والمعنويّ والبرهان القطعيّ؛ فقال: رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ: يعني قومَه من القبط ومن كان على ملته ودان بدينه: ( زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ)، أي وهذا يغترُّ به من يعظم أمر الدنيا فيحسب الجاهل أنهم على شيء؛ لكون هذه الأموال وهذه الزِّينة من اللِّباس والمراكب الحسنة الهنيَّة والدُّور الأنيقة والقصور المبنيَّة والمآكل الشَّهيرة، والمناظر البهيَّة، والملك العزيز، والتَّمكين والجاه العريض في الدُّنيا لا الدِّين.

( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ): قال ابن عباس ومجاهد: أي أهلكها. وقال أبو العالية والربيع بن أنس والضَّحَّاك: اجعلها حجارةً منقوشةً كهيئة ما كانت. وقال قتادة: بلغنا أن زروعَهم صارت حجارةً. وقال محمد بن كعب: جعل سكرهم حجارة. وقال أيضاً: صارت أموالهم كلُّها حجارة.

ذُكر ذلك لعمر بن عبد العزيز فقال عمر بن عبد العزيز لغلام له: قم ائتني بكيس. فجاءه بكيس فإذا فيه حمص وبيض قد حول حجارة. رواه ابن أبي حاتم.

وقولُه: وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ: قال ابن عباس: أي اطبع عليها؛ وهذه دعوة غضب لله تعالى ولدينه ولبراهينه؛ فاستجاب الله تعالى لها وحقَّقها وتقبَّلها كما استجاب لنوح في قومه؛ حيث قال:

رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا.

ولهذا قال تعالى مخاطباً لموسى حين دعا على فرعون وملئه وأَمَّنَ أخوه هارون على دعائه فنـزل منـزلة الداعي أيضاً

قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [يونس: 89].





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 07.01.2011, 01:36
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


قال المفسِّرون وغيرُهم من أهل الكتاب

استأذن بنو إسرائيل فرعون في الخروج إلى عيد لهم، فأذن لهم وهو كارهٌ؛ ولكنَّهم تجهَّزوا للخوارج وتأهَّبوا له؛ وإنما كان في نفس الأمر مكيدةٌ بفرعون وجنوده ليتخلَّصوا منهم ويخرجوا عنهم، وأمرهم الله تعالى فيما ذكره أهل الكتاب أن يستعيروا حليًّا منهم فأعاروهم شيئًا كثيرًا فخرجوا بليل فساروا مستمرِّين ذاهبين من فورهم طالبين بلادَ الشَّام، فلما علم بذهابهم فرعون حنق عليهم كل الحنق واشتدَّ غضبُه عليهم، وشرع في استحثاث جيشه وجميع جنوده؛ ليلحقهم ويمحقَهم؛

قال الله تعالى

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. [الشعراء: آية 53 وما بعدها].

قال علماءُ التَّفسير

لما ركب فرعون في جنوده طالباً بني إسرائيل يقفو أثرهم كان في جيش كثيف عرمرم حتى قيل: كان في خيوله مائة ألف. فَحَلَّ أدهم، وكانت عدة جنوده تزيد على ألف ألف وست مائة ألف؛ فالله أعلم.

والمقصود أنَّ فرعونَ لحقهم بالجنود فأدركهم عند شروق الشَّمس وتراءى الجمعان ولم يبق ثمَّ ريبٌ ولا لبسٌ، وعاين كلٌّ من الفريقين صاحبَه وتحقَّقَه ورآه ولم يبقَ إلا المقاتلة والمجادلة والمحاماة؛ فعندها قال أصحابُ موسى وهم خائفون: إنا لمدركون. وذلك لأنَّهم اضطروا في طريقهم إلى البحر؛ فليس لهم طريق ولا محيد إلا سلوكه وخوضه؛ وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهم، وعن أيمانهم وهي شاهقة منيفة، وفرعون قد غالقهم وواجههم وعاينوه في جنوده وجيوشه وعَدَدِه وعُدده وهم منه في غاية الخوف والذُّعر لما قاسوا في سلطانه من الإهانة والمنكر، فشكوا إلى نبيِّ الله ما هم فيه قد شاهدوه وعاينوه، فقال لهم الرسول الصَّادق المصدوق: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ.

وكان في السَّاقة فتقدَّم إلى المقدمة ونظر إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه، ويتزايد زبد أجاجه وهو يقول: ههنا أمرت. ومعه أخوه هارون ويوشع بن نون، وهو يومئذ من سادات بني إسرائيل وعلمائهم وعبَّادهم الكبار، وقد أوحى الله إليه وجعله نبيًّا بعد موسى وهارون - عليهما السلام - ومعهم أيضاً مؤمن آل فرعون وهم وقوف، وبنو إسرائيل بكمالهم عليهم عكوف.
ويقال: إن مؤمن آل فرعون جعل يقتحم بفرسه مراراً في البحر هل يمكن سلوكه فلا يمكن، ويقول لموسى عليه السلام: يا نبي الله أههنا أمرت. فيقول: نعم. فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتدَّ الأمر واقترب فرعون وجنودُه في جدهم وحدهم وحديدهم وغضبهم وحنقهم وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر؛ فعند ذلك أوحى الحليم العظيم القدير ربُّ العرش الكريم إلى موسى الكليم: أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ. فلمَّا ضربه - يقال: إنه قال له: انفلق بإذن الله. ويقال: إنه كنَّاه بأبي خلد. فالله أعلم.

قال الله تعالى

فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 63].

ويقال: إنَّه انفلق اثني عشر طريقاً لكلِّ سبط طريق يسيرون فيه، حتى قيل: إنه صار أيضاً شبابيك لَيَرَى بعضُهم بعضاً، وفي هذا نظر؛ لأن الماء جرم شفاف إذا كان من ورائه ضياء حكاه.

وهكذا كان ماءُ البحر قائماً مثل الجبال مكفوفاً بالقدرة العظيمة الصَّادرة من الذي يقول للشيء كن فيكون، وأمر الله ريح الدبور فلقحت حال البحر فأذهبته حتى صار يابساً لا يعلق سنابك الخيول والدَّوابّ؛

قال الله تعالى

وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى [طه: آية 79 وما بعدها].







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 07.01.2011, 02:02
صور نـــ القلوب ـــور الرمزية

نـــ القلوب ـــور

عضو

______________

نـــ القلوب ـــور غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 30.12.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 274  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.05.2012 (09:38)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


موضوع مميز و رائع أختي الحبيبة








توقيع نـــ القلوب ـــور
لا حول و لا قوة إلا بالله


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :5  (رابط المشاركة)
قديم 07.01.2011, 08:44
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


بارك الله فيك ِ اختي علي المشاركه الرائعه







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 20.01.2011, 18:29
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


والمقصود أنه لما آل أمر البحر إلى هذه الحال بإذن الرَّبِّ العظيم الشَّديد المحال أمر موسى - عليه السلام - أن يجوزه ببني إسرائيل، فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحيِّر النَّاظرين ويهدي قلوبَ المؤمنين؛ فلمَّا جاوزوه وخرج آخرهم منه وانفصلوا عنه - كان ذلك عند قدوم أوَّل جيش فرعون إليه ووفودهم عليه - فأراد موسى - عليه السلام - أن يضربَ البحرَ بعصاه ليرجع كما كان عليه؛ لئلَّا يكون لفرعون وجنوده وصولٌ إليه ولا سبيل عليه؛ فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحرَ على هذه الحال؛ كما قال وهو الصَّادق في المقال:

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ * وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ * فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ * كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ * وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ. [الدُّخان: آية 17 وما بعدها].

فقوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا: أي ساكناً على هيئته لا تغيِّره عن هذه الصِّفة.

قاله عبد الله بن عبَّاس ومجاهد وعكرمة والرَّبيع والضَّحَّاك وقتادة وكعب الأحبار وسماك بن حرب وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم.
فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى وعاين ما عاين هاله هذا المنظر العظيم وتحقَّق ما كان يتحقَّقه قبل ذلك من أنَّ هذا من فعل ربِّ العرش الكريم؛ فأحجم ولم يتقدَّم وندم في نفسه على خروجه في طلبهم والحالة هذه؛ حيث لا ينفعه النَّدم؛ لكنه أظهر لجنوده تجلُّداً وعاملهم معاملة العدا وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة على أن قال لمن استخفَّهم فأعطوه وعلى باطله تابعوه: انظروا كيف انحسر البحر لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي الخارجين عن طاعتي وبلدي. وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويرجو أن ينجو، وهيهات، ويقدم تارة ويحجم تارات.
فذكروا أنَّ جبريل - عليه السلام - تبدَّى في صورة فارس راكب على رمكة حايل؛ فمرَّ بين يدي فحل فرعون - لعنه الله - فحمحم وأقبل عليها، وأسرع جبريل بين يديه فاقتحم البحرَ واستبق الجواد وقد أجاد فبادر مسرعا، هذا وفرعون لا يملك من نفسه ضرًّا ولا نفعاً؛ فلمَّا رأتْه الجنودُ قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين فحصلوا في البحر أجمعين أكتعين أبصعين حتى همَّ أوَّلُهم بالخروج منه، فعند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه، فارتفع عليهم البحر كما كان، فلم ينجُ منهم إنسان؛

قال الله

وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: آية 65]؛

أي في إنجائه أولياءه؛ فلم يغرق منهم أحد، وإغراقه أعداءه فلم يخلص منهم أحد.

آية عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة وصدق رسوله فيما جاء به عن ربِّه من الشَّريعة الكريمة والمناهج المستقيمة،

وقال تعالى

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس: آية 90]؛

يخبرُ تعالى عن كيفية غرق فرعون زعيم الكفرة القبط، وأنه لما جعلت الأمواج تخفضه تارةً وترفعه أخرى وبنو إسرائيل يَنظرون إليه وإلى جنوده: ماذا أحلَّ اللهُ به وبهم من البأس العظيم والخطب الجسيم؛ ليكون أقر لأعين بني إسرائيل وأشفى لنفوسهم!

فلما عاين فرعون الهلكةَ وأحيط به وباشر سكرات الموت أناب حينئذ وتاب وآمن حين لا ينفع نفساً إيمانُها؛

كما قال تعالى

إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس: آية 96]،

وقال تعالى

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [غافر: آية 84].

وهكذا دعا موسى على فرعون وملئه أن يطمس على أموالهم ويَشْدُدَ على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذابَ الأليم؛ أي حين لا ينفعهم ذلك، ويكون حسرة عليهم، وقد قال تعالى لهما - أي لموسى وهارون - حين دعوا بهذا: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس: 89]؛ فهذا من إجابة الله تعالى دعوةَ كليمه وأخيه هارون - عليهما السلام.

ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدَّثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم لما قال فرعون: آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ [يونس: 89]، قال: قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسسته في فيه مخافةَ أن تنالَه الرَّحمة.
ورواه الترمذيُّ وابن جرير وابن أبي حاتم عند هذه الآية من حديث حمَّاد بن سلمة. وقال التِّرْمذيُّ: حديث حسن.

وقال أبو داود الطَّيالسيّ: حدَّثنا شعبةُ عن عديِّ بن ثابت وعطاء بن السَّائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم «قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسّه في فم فرعون مخافةَ أن ينالَه الرَّحمة». ورواه التِّرمذيُّ وابن جرير من حديث شعبة، وقال التِّرمذيُّ: حسن غريب صحيح. وأشار ابنُ جرير في رواية إلى وَقْفه، وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبو سعيد الأَشَجُّ، حدَّثنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثَّقَفيّ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أغرق اللهُ فرعونَ أشار بإصبعه ورفع صوته: آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. قال: فخاف جبريل أن تسبقَ رحمة الله فيه غضبه فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه، ورواه ابن جرير من حديث أبي خالد به، وقد رواه ابن جرير من طريق كثير بن زاذان وليس بمعروف، وعن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم «قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له». يعني فرعون.

وقد أرسله غيرُ واحد من السَّلَف؛ كإبراهيم التَّيميّ وقتادة وميمون بن مهران، ويقال أنَّ الضَّحَّاكَ بن قيس خطب به الناس، وفي بعض الرِّوايات: «إن جبريل قال: ما بغضت أحدا بغضي لفرعون حين قال أنا ربكم الأعلى ولقد جعلت أدس في فيه الطين حين قال ما قال».

وقولُه تعالى

آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ: استفهامُ إنكار ونص على عدم قبوله تعالى منه ذلك؛ لأنَّه - والله أعلم - لو ردَّ إلى الدُّنيا كما كان لعاد إلى ما كان عليه كما أخبر – تعالى - عن الكفار إذا عاينوا النار وشاهدوها أنَّهم يقولون: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام: 27]؛ قال الله تعالى: بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الأنعام: 28]، وقوله: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً [يونس: 92].

قال ابنُ عبَّاس وغيرُ واحد: شَكَّ بعضُ بني إسرائيل في موت فرعون حتى قال بعضهم: إنه لا يموت. فأمر اللهُ البحرَ فرفعه على مرتفع – قيل: على وجه الماء، وقيل: على نجوة من الأرض - وعليه درعُه التي يعرفونها من ملابسه؛ ليتحقَّقوا بذلك هلاكَه ويعلموا قدرةَ الله عليه؛ ولهذا قال: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ؛ أي مصاحباً درعَك المعروفة بك؛ (لتكون) - أي أنت - آية (لمن خلفك)؛ أي من بني إسرائيل، دليلًا على قدرة الله الذي أهلكه. ولهذا قرأ بعض السَّلَف: لتكون لمن خلفك آية.

ويُحْتَمَلُ أن يكون المرادُ: ننجِّيك مصاحباً لتكون درعك لمن خلفك آية. ويُحتمل أن يكون المرادُ: ننجيك مصاحباً لتكون درعُك علامةً لمن وراءك من بني إسرائيل على معرفتك وأنَّك هلكتَ. والله أعلم.

وقد كان هلاكُه وجنودُه في يوم عاشوراء كما قال الإمام البخاريُّ في صحيحه: حدَّثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم النبيُّ عليه الصلاة والسلام المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقالوا: هذا يوم ظَهَرَ فيه موسى على فرعون. قال النبى صل الله عليه وسلم «أنتم أحق بموسى منهم فصوموا». وأصلُ هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما، والله أعلم.






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :7  (رابط المشاركة)
قديم 20.01.2011, 18:39
صور أبا جعفر الهاشميّ الرمزية

أبا جعفر الهاشميّ

عضو

______________

أبا جعفر الهاشميّ غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 08.12.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 287  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
24.02.2011 (12:04)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


ما شاء الله
بوركتم ونفع الله بكم .,‘

متابع بشغف ^^





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :8  (رابط المشاركة)
قديم 20.01.2011, 20:24
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

زاكِ الله خيرا اختنا الفاضلة موضوع قيم جدا لاحرمتِ الاجر اعانكِ الله على اتمامه

تم التقييم







توقيع جادي
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون




رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :9  (رابط المشاركة)
قديم 21.01.2011, 00:49
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


جزاكم الله خيرا اخواني الافاضل

علي المرور الطيب

اخي جادي جزاك الله خيرا لتقيمك للموضوع

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :10  (رابط المشاركة)
قديم 21.01.2011, 01:25

علي

عضو

______________

علي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 18.01.2011
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 57  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
16.11.2011 (12:45)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


بارك الله فيك

وبالفعل لا يبقى الجاه ولا الطغيان ولا الكبرياء

لا يبقى الا العمل الصالح





رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
مسجل]وماذا, العمل


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
ملتقى طلبة العلم أبوحمزة السيوطي قسم الدعوة والدورات والمشاريع الدعوية 40 09.02.2013 10:23
عيد الأم ! نبذة تاريخية ، وحكمه عند أهل العلم لا تسئلني من أنا العقيدة و الفقه 6 10.07.2010 13:05



لوّن صفحتك :