|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() شهادة المتعصبين ! (( نقلاً عن مقال للأستاذ الصحفي / أبو إسلام أحمد عبد الله )) سوف أعتمد ثلاثة مصادر فقط على سبيل الإسترشاد والإستشهاد , واعلم عزيزي القاريء أن أصحاب هذه المصادر التاريخية القادم ذكرها وذكر شهاداتها ، هم من أشد المتعصبين ضد الإسلام , وهم : المصدر الأول هو : الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني في كتابة (وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها) ، المطبوع بدار الطباعة القومية – القاهرة ، ويحمل رقم إيداع 9836/95 ، والصادر في 30 يناير 1996 بحسب مقدمة المؤلف ، وتتصدر صفحته الأولى صورة مكتوب أسفلها (قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث ، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر) ، وعلى ما يبدوا أن هذا الكتاب الضخم طبع ونشر على نفقة دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر . المصدر الثاني هو : مرجع أساسي في الدراسات الكنسية للقس منسي يوحنا ، في كتابه (تاريخ الكنيسة القبطية) ، إصدار مكتبة المحبة بالقاهرة ، عام 1983 بحسب رقم الإيداع ، وتتصدر صفحته الأولى صورة مكتوب أسفلها (قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث) ، وهو لا يقل حقداً وكراهية للإسلام والمسلمين عن سابقه . أما المصدر الثالث هو : القمص تادرس يعقوب ملطي ، في كتابه (الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية) الصادر بدون تاريخ عن كنيستي الإسكندرية بمصر وسانت ماري بكندا ، وتتصدر صفحته الأولى صورة مكتوب أسفلها (قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث) وكأنها صك الاعتماد المقدس لكل واحد من هذه المصادر . فماذا يقول هؤلاء الكنسيين عن فتح مصر وعن عمرو بن العاص ؟! المصدر الأول : يقول الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني (ص 62) : (وإن كنا نذكر مظالم العرب الفاتحين فلابد – إنصافاً للحقيقة – أن نقول أن هذه المظالم لم تكن عامة أو شاملة خاصة في الفترة الأولى للفتح العربي، فقد اكتشف البروفسور جروهمان وثيقتين برديتين يرجع تاريخهما إلى سنة 22 هـ- 642م ، مكتوبتين باليونانية ، وملحق بهما نص آخر بالعربية : الوثيقة الأولى: إيصال حرره على نفسه أحد أمراء الجند يدعى الأمير عبد الله بأنه استلم خمساً وستين نعجة لإطعام الجند الذين معه، وقد حررها الشماس يوحنا مسجل العقود ، في اليوم الثلاثين من شهر برمودة من السنة المذكورة أولاً ، وقد جاء بظهر الورقة ما يلي : "شهادة بتسليم النعاج للمحاربين ولغيرهم ممن قدموا البلاد وهذا خصماً عن جزية التوقيت الأول" . أما الوثيقة الثانية: فنصها : "باسم الله ، أنا الأمير عبد الله أكتب إليكم يا أمناء تجار مدينة بسوفتس ، وأرجو أن تبيعوا إلى عمر بن أصلع ، لفرقة القوطة ، علفاً بثلاث دراهم كل واحد منها (بعرورتين) وإلى كل جندي غذاء من ثلاثة أصناف" . ويعلق الأستاذ جروهمان على الوثيقتين بقوله : "إن هذه المعاملة إزاء شعب مغلوب ، قلما نراها من شعب منتصر") . ثم يستطرد الراهب القمص قائلاً (ص 64) : " كان البابا بنيامين (البطريرك الـ 38) هارباً من قيرس (المقوقس) البطريرك الملكاني ، وبعد الهزيمة التي مني بها الروم ورحيل جيشهم عن مصر ، غدا القبط في مأمن من الخوف ، وبدأوا يشعرون بالحرية الدينية ، ولما علم عمرو باختفاء البابا القبطي بنيامين ، كتب كتاب أمان للبابا بنيامين يقول فيه : "الموضع الذي فيه بنيامين بطريرك النصارى القبط ، له العهد والأمان والسلامة من الله ، فليحضر آمناً مطمئناً ويدبر حال بيعته وسياسة طائفته" ، كما يقول : "أن عمرو وهو في طريق عودته بعد فتح الإسكندرية ، خرج للقائه رهبان وادي النطرون، فلما رأى "طاعتهم" سلمهم كتاب الأمان للبابا ، فلم يلبث عهد الأمان أن بلغ بنيامين ، إلا وخرج من مخبئه وعاد إلى الإسكندرية بعد أن ظل غائباً ثلاثة عشر عاماً " . المصدر الثاني : أما القس منسي يوحنا ، فقال كلاماً غير مسبوق في أي مصدر من المصادر الإسلامية ، فقال (ص 306) : "وكان جيش العرب في فاتحة هذا القرن ، حاملاً لواء الظفر في كل مكان ، وظل يخترق الهضاب والبطاح ، ويجوب الفيافي والبلاد ، حتى وصل إلى حدود مصر تحت قيادة عمرو بن العاص ، فدخل مدينة العريش وذلك سنة 639 م ، ومنها وصل إلى بلبيس وفتحها بعد قتال طال أمده نحو شهر ، ولما استولى عليها وجد بها "أرمانوسة" بنت المقوقس [على رأس جيش صليبي محارب] فلم يمسها بأذى ، ولم يتعرض لها بشرِّ ، بل أرسلها إلى أبيها في مدينة منف ، مكرمة الجانب ، معززة الخاطر ، فَعَدَّ المقوقس هذه الفعلة جميلاً ومكرمة من عمرو وحسبها حسنة له" . ثم يستطرد القس منسي يوحنا قائلاً (ص 307) : "فجمع المقوقس رجال حكومته ، وذهب للتفاوض مع رسل من قِبَل عمرو . فبدأ وفد الروم بالتهديد والوعيد للمسلمين ، بقتلهم وإفنائهم وأنه لا بديل أمام المسلمين غير الموت أو الرحيل ، فلما بدأ وفد المسلمين ، فلم يفعل كوفد أهل الصليب إنما طرح أمامهم ثلاثة بدائل : أولها الإسلام وثانيها الاستسلام مع دفع الجزية لقاء قيام المسلمين بتسيير أمور البلاد ، ثم كان الخيار الثالث والأخير وهو الحرب والقتال الذي طرحة جيش الصليبيين الروم المحتلين لمصر كاختيار لا بديل . فاتفق رأيهم على إيثار الاستسلام والجزية ، واجتمع عمرو والمقوقس وتقرر الصلح بينهما بوثيقة مفادها : أن يُعطَي الأمان للأقباط ، ولمن أراد البقاء بمصر من الروم ، على أنفسهم ، وأموالهم ، وكنائسهم ، وفي نظير ذلك يدفع كل قبطي "دينارين" ماعدا : الشيخ ، والولد البالغ 13 سنة ، والمرأة" . ويضيف القس منسي يوحنا : "وذكر المؤرخون أنه بعد استتباب السلطان للعرب في مصر ، وبينما كان الفاتح العربي يشتغل في تدبير مصالحه بالإسكندرية ، سمع رهبان وادي النطرون وبرية شيهات ، أن أمة جديدة ملكت البلاد ، فسار منهم إلى عمرو سبعون آلفاً [يصفهم القس منسي يوحنا في دقة شديدة قائلاً] حفاة الأقدام ، بثياب ممزقة ، يحمل كل واحد منهم عكاز ... تقدموا إليه ، وطلبوا منه أن يمنحهم حريتهم الدينية ، ويأمر برجوع بطريركهم من منفاه ، [وعلى الفور ، وبورع الأتقياء ، وتواضع المنتصرين المحكومين بشرع الله] أجاب عمرو طلبهم ، وأظهر ميله نحوهم فازداد هؤلاء ثقة به ومالوا إليه" . ولم يكتف القس منسي بذلك كله ، فيقول القس منسي ما يجعل المسلم منبهراً بما قال: "خصوصاً لما رأوه يفتح لهم الصدور ، ويبيح لهم إقامة الكنائس والمعابد ، في وسط [منطقة] الفسطاط التي جعلها عاصمة الديار المصرية ومركز الإمارة ، على حين أنه لم يكن للمسلمين [إلى هذا الوقت] معبد ، فكانوا يصلون ويخطبون في الخلاء" . أما عن موقف نصارى مصر من عمرو بن العاص ، فيقول القس (ص209) : "أنه قَرَّب إليه الأقباط ، وردّ إليهم جميع كنائسهم التي اغتصبها الرومان" . المصدر الثالث : فإذا ما أتينا إلى القمص تادرس يعقوب ملطي ، فنجدة يقول (ص 77) : "وسط هذا الجو المتوتر ، حيث كان قيرس لا عمل له سوى متابعة الأساقفة والكهنة والرهبان ، حتى في البراري ، بحملة عسكرية يعذب ويقتل ، وصل الزحف العربي إلى مصر تحت قيادة عمرو بن العاص ... ثم انطلق العرب نحو الإسكندرية (ص79) : إذ فقدت البلاد وحدتها ، وحُرِمَ الولاة المعينون من قبل الإمبراطور من كل خبرة عسكرية ، لا همَّ لهم سوى جمع الضرائب ومقاومة الكنيسة ، لم يفكر أحدهم في مساعدة أخيه ، إذ تفشى فيهم روح عدم المبالاة" ، هذا ويرى المستشرق الفرد بتلر : "أنه من الخطأ أن يُدَّعَى أن الأقباط كان في استطاعتهم في ذلك الوقت أن يجتمعوا أو يفاوضوا العرب" . ثم يستطرد القس الملطي ، فيقول تحت عنوان (عودة البابا بنيامين) : "وإذ استتب الأمر دار النقاش بينه وبين الأقباط حول عودة البابا وأساقفته ، ولم يطلب عمرو من المصريين سوى الجزية ، بعد إلغاء الضرائب البيزنطية الفادحة [وكانت أربعة وعشرون نوعاً من الضرائب] وكان معتدلاً في المبلغ الذي يطلبه .... هذا وقد ترك للمصريين حرية العبادة ، وحرية التصرف في الأمور القضائية والإدارية ، بل وعيَّن بعضاً من الأقباط مديرين في جهات كثيرة" . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
اضطهاد الأقباط بين الحقيقة و الافتراء
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
د/ عبد الرحمن
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() هذه المشاركة نقلا عن الأخ الكريم متعلم شهادة "د/ عزيز سوريال عطية" أحد أعضاء المجلس الملي توفي « عزيز سوريال عطية » عام 1988م . كان أستاذًا في التاريخ بجامعة الإسكندرية، وأحد أعضاء المجلس الملي، ومديرًا لمعهد الدراسات القبطية. الرجل من علماء الأقباط إذن ، ولا يُنتظر منه محاباة المسلمين بحال . أضف إلى هذا أن الكتابين اللذين سننقل منهما الاقتباسات ، ألفهما "د/ عزيز" بالإنجليزية ، فهو لا يخاطب مسلمي مصر ابتداء ولا غيرهم . وعليه ، فيُمتنع أيضًا محاباته لهم . الكتاب الأول : الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات بين الشرق والغرب ، للدكتور عزيز سوريال عطية ، ترجمة الدكتور فيليب صابر سيف ، ط2 ، دار الثقافة بالقاهرة . ص 19 : (( وقد تم فتح مصر بسهولة نظرًا لعدم اشتراك السكان الأقباط في المعركة المرتقبة . فطالما عذب الحكام البيزنطيون المصريين أبناء النيل ... ومن الناحية الأخرى نجد أن سماحة العرب تجلت في الوعد بترك حرية دينية أوسع مدى ، مع فرض جزية أقل مما كان يحصله البيزنطيون )) ص 27 : (( وعندما كتب ثيودسيوس بطريرك بيت المقدس إلى اغناطيوس بطريرك القسطنطينية عام 869 قال إن العرب المسلمين عادلون وأنهم لا يضايقون المسيحيين بأية طريقة من الطرق . والواقع أن قصة التسامح في صدر الإسلام ، وكذلك على عهد الخلفاء الأولين ، لم تكتب بعد بكل تفاصيلها . بل أكثر من ذلك ، تعتبر صفة مميزة . ولكن مؤرخي الغرب اختلفوا فيها أو أهملوها . ومع أن هناك فترات متباعدة حدثت فيها اضطهادات ، فإنه يجب أن يكون واضحًا أن هذه الاضطهادات اقترنت بأهواء شخصية لبعض الخلفاء مثلما حدث من الخليفة الحاكم (996-1020) الذي يوصف أحيانًا باسم "نيرون مصر" وذلك بسبب قسوته على المسيحيين وتدميره للقبر المقدس عام 1009 . ولكن "الحاكم" كان مجنونًا . فقد أساء إلى المسلمين أيضًا . وكانت نهايته مظلمة غامضة . فقد قيل إنه قتل في صحراء حلوان وتولى خدمه قتله . وهناك رواية أخرى - لم تثبت صحتها بعد - تقول إنه اعتزل متخفيًا في دير قبطي مهجور حيث كفر عن بشاعة أعماله . وإذا نظرنا إلى الغرب ، وجدنا أن الإسلام فيه لم يقل تسامحًا . فقد دهش الأسبان عندما استعادوا طليطلة ، وكذلك النورمانديون عندما استعادوا صقلية ، لأنهم وجدوا الكنائس المسيحية لم يسمها سوء ، كما وجدوا رجال الدين المسيحي يقومون بالشعائر الدينية دون تدخل أو إزعاج . بل إن تعاون العلماء المسلمين والمسيحيين واليهود في أيبيريا [أسبانيا والبرتغال الآن] ساعد على إبراز عصر النهضة في القرن الثاني عشر )) . الكتاب الثاني : تاريخ المسيحية الشرقية ، تأليف عزيز سوريال عطية ، ترجمة إسحاق عبيد ، المجلس الأعلى للثقافة 2005 م ص 14: (( ولا بد لنا أن نعترف في هذا المقام ، وأنا في الأساس من زمرة المؤرخين ، أنني أيضًا عضو في الكنيسة القبطية بحكم مولدي وتنشئتي . ولذا فليس غريبًا أن يستشعر القارئ حنوًا من جانبنا يشي بعبق وتراث الكنائس الشرقية )) قلت (متعلم) : أحببت البدء بهذا الاقتباس ، حتى لا يتهوك متهوك بأن الرجل كان يحابي المسلمين . وهذا فضلاً عما قلناه سابقـًا في بداية المشاركة . ص 104 : (( أما العرب ، فقد أتوا لتحرير القبط من هذه الأغلال البيزنطية ، إذ كان موقفهم من "أهل الكتاب" أو "أهل الذمة" موقفًا كريمًا وسمحًا ، تأكدت فحواه من واقع "العهد العمري" الذي كفل للأقباط حريتهم الدينية بشكل لم ينعموا به أبدًا تحت النير البيزنطي . ولقد اتضح هذا الموقف العربي الكريم بعد أن استقر الحكم العربي في مصر ، فلقد خرج البطريرك الشريد "بنيامين" من مخبئه في الصحاري لمدة عشر سنوات ، واستقبله القائد عمرو بن العاص باحترام شديد ، ثم أعاده إلى منصبه في الإسكندرية معززًا مكرمًا ليرعى شئون كنيسته . وأصدر البطريرك بنيامين قرارًا بالعفو عن ذلك النفر من الأقباط الذين كانوا قد أجبروا على اعتناق مذهب "الإرادة الواحدة" ، كما أعاد إعمار الكثير من الكنائس والأديرة . وقد شهد عصر "بنيامين" ومن تلاه من بطاركة في ظل الفتح العربي نهضة لم يسبق لها مثيل من شعور ديني قومي ، وانتعاش في الفنون والآداب ، في مناخ حر تمامًا ، لا تنغصه المؤثرات والضغوط البيزنطية . كذلك عهد العرب إلى الأقباط بالمناصب الحكومية التي كان يحتلها البيزنطيون . والحق أن العرب قد أبدوا تسامحًا كريمًا مع جميع الطوائف المسيحية على مختلف انتمائاتها : من منافزة ، من أتباع "الإرادة الواحدة" ، وغيرهم . كذلك أبقى العرب على بعض الموظفين الهامين من بقايا البيزنطيين من أمثال "مينا" حاكم الفيوم . ويعتقد "ألفرد بتلر" - مؤرخ الفتح العربي الشهير - أن هؤلاء الثلاثة قد اعتنقوا الإسلام ، ويرجح أيضًا أن سيروس نفسه قد اعتنق الإسلام سرًا )) ص 105 : يحكي "د/ عزيز" عن ضريبة جمعها "عبد الله بن سعد بن ابي السرح" رضي الله عنه : (( ولقد أدى ثقل هذه الضريبة إلى تذمر بين أهل مصر ، بلغ أشده سنة 829/830م بين البشموريين في أحراش الدلتا ، وقد تم القضاء على هذه الثورة ، كما لجأ بعض أفرادها إلى بلاد الشام . على أن هذا لا يعني عدم رضا الأقباط عن الفتح العربي ؛ إذ أن الشعور العام كان يعبر عن الارتياح ، فالعرب هم الذين أزاحوا كابوس البيزنطيين عن صدور الأقباط )) . ص 106 : (( ولكي تعدد المكاسب التي جناها الأقباط من الفتح العربي ، لا بد وأن نذكر في المقام الأول تحريرهم من العنت والاضطهاد الديني من جانب السلطات البيزنطية وبطاركتها . كذلك تمكن الأقباط من ضم الكثير من الكنائس الملكانية ومؤسسات دينية أخرى إلى الكنيسة القبطية بعد ان تركها البيزنطيون . وفي الإدارة المحلية ، صارت الوظائف شبه حكر على الأقباط دون غيرهم ، فمنهم الكتبة وجامعو الضرائب والقضاة المحليون ، كما أن الثقافة القبطية شهدت انتعاشًا هائلاً بعد أن رحل البيزنطيون عن البلاد )) . ص 106 : (( ولم تكن بعض المشكلات التي واجهها الأقباط نتيجة لسياسة عامة ، وإنما كانت ترجع إلى تصرف فردي من جانب بعض الولاة ، ولا ينكر أحد أن الأقباط قد نعموا بأشياء لم يكونوا يحلمون بها من قبل تحت قبضة البيزنطيين . أما الحالات الاستثنائية من الضيق ، من قبيل ما حدث على عهد الخليفة الفاطمي "الحاكم بأمر الله" مثلاً ، فإنما مرجعه شخص "الحاكم" نفسه ، الذي كان متقلب الطبع والمزاج مع الجميع دون استثناء . ومجمل القول أن الأقباط تحت مظلة الحكم العربي قد حافظوا على تراث أجدادهم ، كما نظر إليهم الحكام العرب وجيرانهم المسلمون بكل تقدير واحترام . ومن ناحية أخرى اندمج الأقباط لعنصر إيجابي فعال في جسم الأمة العربية الإسلامية ، دون أن يفقدوا هويتهم الدينية أو تراثهم العريق )) . ص 107 : (( ولقد تمرد المصريون بسبب ثقل الضرائب على كواهلهم ، لأن دخولهم كانت متدهورة ، فثاروا خمس مرات ما بين أعوام 739 و 773م . ولم تكن هذه الثورات من جانب الأقباط وحدهم ، وإنما شارك فيها إخوانهم المسلمون أيضًا الذين تعرضوا للمعاناة الاقتصادية نفسها . ولعل أكبر هذه الثورات الشعبية كانت ثورة البشموريين سنة 831م أثناء خلافة المأمون )) ص 114 : (( أما بالنسبة للأقباط ، فقد كانت الحملات الصليبية تمثل أشد الكوارث هولاً على المجتمعات المسيحية الشرقية . فقبل هجمة هؤلاء الفرنجة على الأراضي المقدسة ، كان المسيحيون الشرقيون في الدولة الإسلامية يمثلون جزءًا فاعلاً ومنسجمًا في المجتمع ، مع الحفاظ على خصوصيتهم الدينية . وقد كسب المسيحيون احترام الجميع بما في ذلك الخلفاء أنفسهم ، كما أن الكثيرين منهم قد شغلوا مناصب هامة في الإدارة من كتبة وجامعي ضرائب ومشرفين على خزانة الخلافة نفسها . وكان هؤلاء الموظفون المسيحيون محل تقدير الحكام وثقتهم . ولكن الحملات الصليبية التي هجمت على العالم الإسلامي - حاملة علامة الصليب - قد ولدت كراهية مريرة في نفوس الناس ضد علاقة الصليب التي ارتبطت هنا بالإثم والعدوان . وهكذا جرت الصليبيات البلاء الكثير على المسيحيين الشرقيين . ومن ناحية أخرى ، نظر الصليبيون اللاجئين وهم من أتباع الكنيسة الرومانية إلى المسيحيين الشرقيين من منافزة وغيرهم على أنهم "انفصاليون" وأشد سوءًا من الهراطقة ، يستوي في ذلك - عندهم - القبطي واليعقوبي والأرميني ، فكلهم هراطقة . أما الطائفة الشرقية الوحيدة التي حظيت برضا هؤلاء الصليبيين فكانت جماعة الموارنة في لبنان ، الذين بادروا بإعلان تبعيتهم للكنيسة الرومانية . ولقد وضحت عداوة الصليبيين للطوائف المسيحية الشرقية ، عندما قاموا بمنعهم من الحج إلى القدس وكنيسة الضريح المقدس . وكان الأقباط حريصين طوال تاريخهم على القيام بهذا الحج إلى بيت المقدس ، ولذا فإن موقف الصليبيين العدائي هذا قد أصابهم بالأسى الشديد )) . ص 117 : (( ويُذكر أيضًا أن الأقباط في مدينة المنصور قد أبلوا بلاءً حسنًا في القتال مع إخوانهم المسلمين ضد حملة الملك الفرنسي "لويس التاسع" على مدينة المنصورة (1249-1250) . )) . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() شهادة المؤرخ / يعقوب نخلة روفيلة صاحب كتاب " تاريخ الأمة القبطية " يعد كتاب " تاريخ الأمة القبطية " أول كتاب باللغة العربية تحدث عن تاريخ الأقباط معتمدًا في مادته على المخطوطات الموجودة بالأديرة والكنائس القديمة , وقد كتبه العلامة المؤرخ المسيحي / يعقوب نخلة روفيلة منذ أكثر من مائة عام , وتمت طباعته في " مطبعة التوفيق القبطية الأرثوذكسية " عام 1899م حسب ما جاء في في نهاية خاتمة مؤلف الكتاب , وسوف نعتمد في نقلنا عنه على طبعته الثانية . وحسب القاريء على أهمية هذا الكتاب , هو إعتماد جميع الدارسين في مجال التاريخ القبطي عليه , وقد إستعان به المؤرخ الكبير / عزيز سوريال عطية في كتاباته العديدة حول تاريخ الأقباط وحضارتهم . وسنستعرض من خلال هذا المرجع الهام , المراحل التي مر بها الأقباط في ظل الحكم الإسلامي بداية من الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه . الأقباط تحت حكم الرومانيين والفتح الإسلامي لمصر ! يقول المؤرخ يعقوب روفيلة تحت عنوان " الأقباط تحت حكم الرومانيين " : ( ... وبقيت مصر في يد الفرس نحو عشر سنوات ساموا فيها المصريين الخسف والعذاب أشكالاً , واستمروا على ذلك إلى أن قام هرقل ملك الروم وقاتلهم , وهزمهم واسترجع البلاد من يدهم , ولكن لم ينل أقباط مصر مع الأسف من هذا التغيير خيرًا بخلاف ما كانوا يتوقعونه من أن الحوادث علمته والتجارب ربته , بل كانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار فإن هرقل بعدما خلص البلاد من يد الفرس حول نظره إلى تنفيذ الغرض الأصلي الذي كان يسعى وراءه الملوك سلفاؤه , وهو توحيد العقيدة النصرانية , وجعلها واحدة في كل المملكة , ولما لم يجد منهم إلا الرفض والإباء , إلتجأ في تنفيذ غرضه هذا إلى القوة والشدة بحد السيف فقتل كثيرًا من السوريين والمصريين , وإستباح دماءهم وسلب أموالهم وعزل البابا بنيامين بطريرك الأقباط وعين بدله ممن على مذهبه ثم طلبه ( بنيامين ) ليقتله فهرب واختفى من وجهه في دير صغير بالصعيد , وبقي مختفيًا فيه إلى مجيء العرب واستيلائهم على مصر ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 34 -35 ) . ثم يستطرد المؤرخ / يعقوب روفيلة قائلاً : ( وبينما كان الملك هرقل مهتمًا بتأييد مذهبه وتعذيب مخالفيه في سوريا ومصر , متشاغلاً بذلك عن إجراء ما فيه حفظ البلاد وصونها وراحة العباد وتنظيم أحوال المملكة ولـمّ شعثها , ظهرت الدولة العربية الإسلامية في شبه الجزيرة العربية أوائل الجيل السابع للميلاد , وكان ظهورها قاضيًا على مملكة الروم الشرقية بالويل والخراب ) ( المصدر السابق ص 37 ) . ويحدثنا المؤرخ / يعقوب روفيلة عن عمرو بن العاص فيقول : ( وكان بين قواد جنود العرب رجل يسمى عمرو بن العاص , اشتهر بالبسالة والشجاعة وإصابة الرأي وحسن التدبير , وجاء في بعض الروايات أنه كان قبل الإسلام يتعاطى التجارة فجاء إلى مصر غير مرة ورأى بالعيان ما كانت عليه البلاد من سوء الحال وميل الأقباط للتخلص من نير الرومان الثقيل فأشار على الخليفة بفتح مصر ) ( المصدر السابق ص 38 ) . ويستطرد المؤرخ يعقوب قائلاً : ( وصار عمرو يخترق الهضاب والبطاح ويجوب الفيافي والبلاد حتى وصل إلى مصر , فدخل مدينة العريش سنة 639للميلاد أي سنة 18 للهجرة ومنها وصل إلى بلبيس وفتحها بعد قتال طال أمده نحو شهر , ولما إستولى عليها وجد بها أرمانوسة بنت المقوقس , فلم يمسسها بأذى ولم يتعرض لها بشر , بل أرسلها إلى أبيها في مدينة منف مكرمة الجانب معززة الخاطر , فعد المقوقس هذه الفعلة جميلاً ومكرمة من عمرو وحسبها منه له ) ( المصدر السابق ص 39-40 ) . ويخبرنا المؤرخ عن عهد الأمان للأرثوذكس قائلاً : ( ولما ثبت قدم العرب في مصر , شرع عمرو بن العاص في تطمين خواطر الأهلين واستمالة قلوبهم إليه واكتساب ثقتهم به وتقريب سراة القوم وعقلائهم منه وإجابة طلباتهم , وأول شيء فعله من هذا القبيل استدعاء بنيامين البطريرك الذي كان مختفيًا من أمام هرقل ملك الروم ... ولما حضر وذهب لمقابلتة ليشكره على هذا الصنيع أكرمه وأظهر له الولاء وأقسم له بالأمان على نفسه وعلى رعيته وعزل عمرو البطريرك الرومي الذي كان قد أقامه هرقل و ردّ بنيامينَ إلى مركزه الأصلي معززًا مكرمًا ) ( المصدر السابق ص 54- 55 ) . ومن المهم للغاية أن يفهم أهلنا من نصارى مصر اليوم أن عمرو بن العاص لم يكن في حاجة إلى هذا التطمين ولا في حاجة لإكتساب ثقة أحد , لأنه ما فعل ذلك إلا بعد أن انتصر وأحكم قبضته على البلاد تمامًا , وإنما ذلك راجع إلى طبيعة العقيدة التي يؤمن بها عمرو وجنده , فهو داعية إلى الله وإن ارتدى زي الجند , وهو داعية إلى الإسلام وإن أمسك في يده اليسرى درعًا وفي اليمنى سيفًا ! وكان عمرو بن العاص قادرًا على أن يقضي على المسيحية في مصر قضاء نهائيًا , لولا أنه لو فعل ذلك لأقام عليه أمير المؤمنين الحد لما في دين المسلمين من تقديس لحرمة الدماء ! فعمرو بن العاص لم يكن في حاجة إلى نصارى مصر , وإن كان في حاجة إليهم فقد كان مستطيعًا أن يأمرهم بتلبية حاجته بالحال التي كان يأمرهم بها إخوانهم في الدين من الرومان والبيزنطيين . ونقول في هدوء : ألم يكن قادرًا على التعامل معهم كعبيد محاربين ؟! ألم يكن قادرًا على التعامل مع الروم عليهم ؟! ألم يكن قادرًا على تقديم الروم في الحكم ومُـصالحـتهم ؟! ألم يكن يعرف أن نصارى الروم أكثر خبرة ومعرفة بأصول الحكم والحرب والقتال من نصارى مصر فيستخدمهم في الخلاص من نصارى مصر والإبقاء على ما كانت عليه الأحوال من قبل ؟! ولنقرأ السطور التالية للمؤرخ يعقوب نخلة : ( كان عدد الروم في مصر ينوف عن ثلاثمائة ألف نفس , فهاجر أغلبهم , ولم يبق منهم إلا من كانت له علاقات ومصالح لا تسمح له بالخروج منها والإبتعاد عنها , وإنتهز القبط خروج الروم فرصة مناسبة فوضعوا يدهم على كثير من كنائسهم وأديرتهم وملحقاتها , بدعوى أنها كانت في الأصل مِـلكًا لهم وأن الروم نزعوها من يدهم قوة وإقتدارًا بسبب ما كان بينهم من الشقاق , ومن ذلك الحين عاش الروم والأقباط بالــحـُـسـنـى , وانتهت من بينهم النزاعات والمخاصمات , التي كانت تــُــفـضِـي إلى قتل الألوف المؤلفة لزوال أسبابها ) ( المصدر السابق ص 55-56 ) . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الأقباط في عهد الدولة الأموية ! يستطرد المؤرخ روفيلة في الحديث عن أخبار الأقباط إبان الفتن التي واجهها الصحابة رضوان الله عليهم وحتى الدولة الأموية فيقول : ( بينما كان الخلل مستوليًا والفشل سائدًا في كل أنحاء المملكة العربية بسبب هذه المنازعات , كان الأقباط في مصر ملازمين الهدوء والسكينة والحيادة , فلم يخطر على بالهم قط شق عصا الطاعة أو التخلص من غير العرب ... وفي الواقع أن القبط كانوا هم المسلطين في بلادهم وبيدهم كل شيء وعاشوا أمنين على أنفسهم ومالهم , ولم يكن للعرب سلطة عليهم إلا في تحصيل الخرج وجمع الجزية التي قاموا بدفعها عن طيب خاطر ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 62, 64 ) . ثم ينتقل المؤرخ روفيلة إلى ولاية عبد العزيز بن مروان , إذ تحدث عن الزيادة في الجزية في عهده , وذلك لما رأى زيادة نفوذ النصارى في البلاد وإستيلائهم على ثرواتها كما يقول المؤرخ روفيلة : ( ... وإذ كان القبط في ذلك الحين هم أهل البلاد وذوي الثروة والإقتدار على الأعمال وعليهم مدار العمران بخلاف العرب الذين كانوا معظمهم من الجند المحافظين على الأمن وسلامة البلد ) ( المصدر السابق ص 65 ) . وبعد أن حكم عبد العزيز بن مروان البلاد أكثر من عشرين سنة وعمل خلال هذه الفترة على تحديث البلاد والنهوض بها – كما شهد المؤرخ روفيلة – فصارت أحسن ما يكون , تولى مصر عبد الله بن عبد الملك بن مروان , وهو أول من قام بتغيير اللغة الرسمية للبلاد من القبطية إلى العربية , فمصر صارت دولة إسلامية يحكمها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , واللذان ضمنا حرية العبادة والتدين للنصارى في مصر , كما أن عبد الله بن عبد الملك أراد أن يكون للمسلمين مشاركة في نهضة دولتهم , فكان من الطبيعي أن يقدم الوالي عبد الله بن عبد الملك بن مروان على هذا الفعل , وهذا الأمر ليس بمستغرب , فعلى هذا جرت الأحداث في العديد من بلاد العالم كلما إستتب الأمر لأمة جديدة تريد أن تصنع حضارتها ومستقبلها , وفي هذا يقول المؤرخ روفيلة : ( وحينئذ كثر العرب في مصر وإنبثوا في أنحائها واتخذوا الزراعة كسبًا ومعاشًا لهم وعاشروا الأقباط وإختلطوا بهم فكان لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ) ( المصدر السابق ص 68 ) . ثم ينتقل المؤرخ روفيلة للحديث عن زيادة الجزية وفرضها على الرهبان في عهد عبد الله بن عبد الملك , فينقل لنا رأي بعض المؤرخين المسيحيين أن تلك الزيادة كان سببها دخول الأقباط في الإسلام تخلصًا من دفع الجزية , فلما خشي الوالي من قلة الإيراد بسبب ذلك , زاد من مقدار الجزية وفرضها على الرهبان ببرية شيهات في الوجه البحري ! وهذا بالطبع من سخف العقول وعدم الإلمام بالحقائق التاريخية عن الدولة الأموية أنذاك , والتي كانت في أبهى عصورها , إذ لم تكن في حاجة لهذه الجزية أصلاً لإنعاش خزائنها , إلا أنها شريعة الله في أرضه ويجب تحكيمها , وقد أتحفنا المؤرخ روفيلة بشجاعته وإقدامه بذكر السبب الحقيقي وراء هذه الزيادة , فيقول في هامش كتابه ص 69 تعليقًا على هذا الرأي , ما ننقله بنصه وصورته : المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وهكذا يتحفنا المؤرخ روفيلة بذكر حقيقة أثبتتها الأيام والأحداث , خاصة في عصرنا هذا , وهى أن بعض الرهبان والقساوسة يكنون في أنفسهم حقدًا على الإسلام وأهله , ويشجعون رعاياهم على إنتهاز أية فرصة لزعزعة أمن البلاد واستقراره . وقد ذكر المؤرخ روفيلة تداعيات هذه الأحداث , والمنازعات التي حدثت بين متولي الخراج وبين النصارى , ونحن نعلم يقينًا أن السبب في ذلك هم هؤلاء القساوسة والرهبان وإثارتهم للفتنة بين أهل البلد الواحد , وقد ذكر العلامة المقريزي هذه المنازعات وتداعياتها . ( انظر القول الإبريزي ص 45 , والخطط 3/273 -274 ) . ويتابع المؤرخ روفيلة سرد الأحداث ما بين سقيم الأخبار وصحيحها فيقول : ( وفي أثناء ذلك , توفي الخليفة هشام بن عبد الملك فأسف الجميع لموته ولا سيما النصارى , لأنه لم يميز في أحكامه بين مسلم ونصراني ويهودي , وكان يشدد على الولاة في جميع الولايات التابعة له بإنتهاج منهج العدل في أحكامهم وإنصاف المظلوم بصرف النظر عن الدين والجنسية ) ( المصدر السابق ص 74 ). ورغم أن المنازعات التي حدثت بين الولاة والنصارى كانت في معظمها في عهد هشام بن عبد الملك إلا أن المؤرخ روفيلة شهد شهادة صريحة بعدل هشام بن عبد الملك مع اليهود والنصارى قبل المسلمين , وأعود فأقول : أن هذا هو الأصل في تعامل الحكام المسلمين مع رعاياهم من المسلمين وغيرهم من أهل ذمتهم , وأن ما يحدث من منازعات ومشاحنات إنما هو من فعل ثلة تريد الفتنة بين أهل البلد الواحد . لقد كان مروان بن محمد بن الحكم , أخر خلفاء بني أمية , وفي أخر عهده ضعفت البلاد وعمت الفوضي , وقد ذكر المؤرخون المسلمون النبذ المطول حول هذه الأحداث والتي كانت فيها نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية . وكما تحدثنا من قبل , أن الأقباط تنعموا بالحرية والعدل في ظل أمرين ثابتين , وهما : إقامة الشريعة الإسلامية التي ضمنت حقوقهم وما لهم وما عليهم , وعدم الخروج على الدولة التي أقرت هذه الشريعة نهجًا لها وإلتزامهم بالعهد المبرم بينها وبينهم , وهكذا صار الأمر في نهاية الدولة الأموية ما بين نقيض هذين الأمرين , ما بين ولاة زاد ظلمهم على رعاياهم بوجه عام , وما بين تأمر الأقباط على زعزعة أمن البلاد واستقراره , والحق أن الأقباط كانوا في معظم الأحيان هم من جلبوا الظلم لأنفسهم بسبب أفعالهم وتأمرهم على الإسلام وأهله . فعلى سبيل المثال , المؤرخ روفيلة ذكر في طي حديثه عن الأقباط في ظل الدولة الأموية , أن عبد الملك بن موسى بن نصير إضطهد الأقباط أنذاك , في حين أن العلامة المقريزي , والذي إعتمد على تاريخه أغلب الباحثين من النصارى – بل وحتى المؤرخ روفيلة - , ذكر أن الأقباط خالفوا العهد بمدينة رشيد , مما دعا مروان بن محمد وقف هذا الخروج القبطي على الدولة , وكان من أثار ذلك ما فعله عبد الملك بن موسى بن نصير أخر أمير ولي مصر في العهد الأموي . فمن السبب فيما حدث من بلايا وإضطهادات على حد وصف المؤرخ روفيلة وغيره ؟! هذا , وقد نقلنا شهادة المؤرخ روفيلة أن العديد من المؤرخين المسيحيين ذكروا تأمر القبط والروم على البلاد . بل لقد ذكرت السيدة العنصرية المسيحية الإنجليزية " ا . ل بتشر " في كتابها " تاريخ الأمة القبطية وكنيستها " ( 4/ 2 ) أن هناك العديد من المؤرخين المسيحيين أقروا حقيقة أن الإضطهادات التي يزعمها الأقباط عبر التاريخ من زيادة الجزية وهدم الكنائس ... إلخ ، هم الذين جلبوها لأنفسهم بسبب أفعالهم - أي الأقباط - ! وفي خاتمة حديث المؤرخ روفيلة عن الأقباط في العهد الأموي , ذكر كلامًا قيمًا يثبت أن الإسلام وصلحاء المسلمين لا يرضون بأي ظلم يقع على أهلهم من الأقباط , فيقول المؤرخ روفيلة : ( ومن حسن الحظ أن علاقاتهم الشخصية – أي الأقباط - مع أفراد المسلمين المتوطنين بينهم لم تكن غير مرضية وأنَّا لم نر في التاريخ ما يدل على وجود تعصبات دينية , بل ربما وجد بين المسلمين من أنصفهم وذب عنهم , وقد إحتال الروم على أحد خلفاء هذه الدولة وحصلوا على أمر منه بإعادة ما كان لهم من الكنائس بمصر قصدًا في نزع إحدى الكنائس من يد الأقباط بدعوى أنها كانت في الأصل ملكًا لهم فأدى ما حصل بين الروم والقبط من النزاع إلى رفع المسألة لقاضي المسلمين للفصل فيها فلم يراع في الحكم غير الحق , وأثبت أن الكنيسة ملكًا للقبط حقًا , وحكم بعدم جواز نزعها من يدهم وإعطائها لمن لا حق لهم فيها ) ( المصدر السابق ص 81 ) . وهكذا كان الرأي العام المسلم مع الحق والعدل , إنصافًا للمظلوم من أهل ذمتهم ! ونختم حال الأقباط في العصر الأموي بهذه السطور من كتاب " قصة الحضارة " لول ديورانت , يقول : ( لقد كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون يتمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيرًا في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص وأداء ضريبة عن كل شخص تختلف باختلاف دخله، وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير. ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان، والنساء، والذكور الذين هم دون البلوغ، والأَرِقَّاء، والشيوخ، والعَجَزة، والعُمي، والشديدو الفقر، وكان الذميون يعفون في نظير ذلك من الخدمة العسكرية، أو إن شئت فقل لا يُقبلون فيها، ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها 2.5 % من الدخل السنوي. ( الزكاة ليست على الدخل السنوي، بل على رأس المال النامي وما يدره من دخل . وكان لهم على الحكومة أن تحميهم، ولم تكن تُقبل شهادتهم في المحاكم الإسلامية، ولكنهم كانوا يتمعتون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم، وقضاتهم وقوانينهم ) ( قصة الحضارة ج 13 ص130- 131 ) . |
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الأقباط في عهد الدولة العباسية ! افتتح المؤرخ روفيلة هذا الفصل بخروج الأقباط على والي مصر برشيد وسخا وغيرهما لزعمه إستبداد الوالي أنذاك , فيقول روفيلة : ( لم تكن نوايا الخلفاء العباسيين لأقباط مصر غير حسنة , إلا أن بعد البلاد عن مركز الخلافة وعدم بقاء الولاة في مناصبهم جعلهم يستبدون ويعملون في الناس كيفما شاؤوا ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 81 -82 ) . وهذا الزعم فيه مبالغة , فلقد علمنا على مر بحثنا , حال النصارى مع عمال الخراج , وخروجهم الدائم على نظام الدولة , ونحن لا ندعي العصمة للحكام وعمالهم , بل قد يحدث من قبلهم بعض الإستبداد والظلم بالفعل , لكن هذا لا يعطي الحق لأي جماعة لتخريب البلاد وزعزعة أمنه واستقراره دون سلوك الطرق الشرعية في التفاوض والتباحث . ونتساءل : إذا كان الإستبداد الذي زعمه المؤرخ روفيلة قد طال الناس على مختلف أديانهم , فلماذا خرج الأقباط النصارى بالذات على الوالي وعمال خراجه ؟! لماذا تميل نفوس الأقباط دائمًا إلى الحلول العدائية بدلاً من الحلول السلمية ؟! لقد أثبت التاريخ – وقد بينًا أمثلة ذلك – أن الحكام والخلفاء على مر العصور كانوا يستجيبون لشكاوى الأقباط ومطالبهم , فلماذا يصدر هذا الخروج العدائي كلما ظهرت مشكلة عارضة ؟! النصارى لا يفهمون أن عندهم ما يستطيعون أن يدندنوا حوله فيحصلوا على جميع حقوقهم كاملة , ألا وهو ضمان الإسلام لأهل ذمته , لكنهم وبسبب سوء نيتهم سرعان ما يخرجون على نظام دولتهم , فيحدث لهم ما لا تحمد عقباه ! يذكر المؤرخ روفيلة أثار هذا الخروج فيقول : ( فتمرد قبط رشيد وسخا وغيرهما , وجاهروا بالعصيان , فأرسل لهم الوالي عساكر فقاموا عليهم وقاتلوهم وهزموهم وردوهم على أعقابهم خاسرين ) ( المصدر السابق ص 82 ) . ولما علم الوالي أنذاك وهو " يزيد بن حاتم بن قبيصه " بهزيمة عسكره , إشتد غضبًا على النصارى فأراد هدم كنائسهم إنتقامًا منهم , وكان له ما أراد , ونسأل كل عاقل من السبب في كل هذا ؟! ثم يستطرد المؤرخ روفيلة فيقول : ( ولما تولى أخر مكانه – أي مكان الوالي – أذن لهم في بنائها وكان ذلك بمساعدة القاضي ومشورته بحجة أن بناءها أمن عمار البلاد , فشكروه على ذلك ) ( المصدر السابق ص 82 ) . وفي هذا يقول العلامة المقريزي : ( ثم لما مات ميخائيل قدم اليعاقبة في سنة ست وأربعين ومائة انبامسنا، فأقام سبع سنين ومات. وفي أيامه خرج القبط بناحية سخا وأخرجوا العمال في سنة خمسين ومائة وصاروا في جمع، فبعث إليهم يزيد بن حاتم بن قبيصة أمير مصر عسكرا، فأتاهم القبط ليلا وقتلوا عدة من المسلمين وهزموا باقيهم، فاشتد البلاء على النصارى واحتاجوا إلى أكل الجيف، وهدمت الكنائس المحدثة بمصر، فهدمت كنيسة مريم المجاورة لأبي شنودة بمصر، وهدمت كنائس محارس قسطنطين، فبذل النصارى لسليمان بن علي أمير مصر في تركها خمسين ألف دينار، فأبى، فلما ولي بعده موسى بن عيسى أذن لهم في بنائها فبنيت كلها بمشورة الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة قاضي مصر، واحتجا بأن بناءها من عمارة البلاد، وبأن الكنائس التي بمصر لم تبن إلا في الإسلام في زمن الصحابة والتابعين ) ( المواعظ والإعتبار 3/257 , والقول الإبريزي ص 98-99 ) . وقد أطال المؤرخ روفيلة في ذكر المحاسن الرفيعة التي فعلها الوالي " موسى بن عيسى " مع النصارى في مصر أنذاك . ( تاريخ الأمة القبطية 82-83 ) . ثم انتقل المؤرخ روفيلة إلى خلافة هارون الرشيد وخروج أهل الحوف على والي مصر بسبب الحجة البالية " زيادة الخراج " على أهل البلاد , ثم تولي الخلافة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد سنة 198هـ-813م . يقول المؤرخ روفيلة : ( فبعث – أي المأمون – لأهل البلاد رسائل يدعوهم فيها إلى الطاعة لأنه كان مشتغلاً بمحاربة الروم وأرسل هذه الرسائل عن يد مندوبين مخصصون فلم يجد ذلك نفعًا , ولم انتهى من حرب الروم وقصد العود إلى بغداد دار الخلافة , عرج على مصر فوجدها في حالة يرثى لها , والناس في ضنك شديد , فسخط على الوالي , وكان إسمه عيسى بن منصور , وقال له : " إن لم يكن هذا الحدث العظيم إلا من سوء فعلك وفعل عمالك , حملتم الناس ما لا يطيقون وكتمتم الخبر عني حتى تفاقم الأمر وإشتد البلاء وإضطربت البلاد " . وأمر بتجريده من ملابسه فنزعت عنه وأخذه بثياب البياض على مرأى الجميع جزاءً له وعبرة لغيره ) ( المصدر السابق ص87 ) . بالطبع لا نعلم مصدر هذه الرواية , وما هو المرجع الذي نقل عنه المؤرخ روفيلة هذه القصة , إلا أننا سنتماشى مع المؤرخ روفيلة فيما نقل وزعم , إذ يظهر من القصة عدل المأمون ومعاقبته للولاة لمخالفتهم الأمر . ويتحفنا المؤرخ روفيلة بما فعله المأمون بأقباط مصر أنذاك فيقول : ( ... ويقول مؤرخو المسلمين أن المأمون لما كان في مصر ورأى إنتفاض أقباط الوجه البحري حكم بقتل رجالهم وبيع نسائهم وسبي أطفالهم . أما مؤرخو القبط فيقولون أنه لما وصل المأمون إلى مصر , ذهب إليه البطريرك وهو حينئذ الأب يوساب فقابله الخليفة بما يليق وأكرمه وكلمه في أمر مخالفة أقباط الوجه البحري وطلب إليه أن ينصحهم ويحذرهم بأن يكتب لهم منشورًا يدعوهم فيه إلى الطاعة حقنًا لدمائهم , ووعده أن ينظر بنفسه في راحتهم وفيما يشكون منه , فلبى البطريرك طلبه , وكتب المنشور إمتثالاً لأمره وأرسله , فأطاع الناس وسلموا إلا أهل البشمور , فلم يقبلوا النصيحة وأبوا إلا المقاومة بدون أن يتبصروا ) ( المصدر السابق ص 87 – 88 ) . وهكذا يخبرنا المؤرخ روفيلة أن الأقباط هم الذين خالفوا العهد وخرجوا على نظام الدولة , وأن حجة " زيادة الخراج " ما هى إلا ذريعة لزعزعة البلاد , ولو كان الأمر كذلك لخرج أهل مصر من المسلمين والنصارى واليهود على الوالي , إحتجاجًا على هذه الزيادة , لكن هذا لم يحدث , بل خرج الأقباط من النصارى فقط , وهذا أكبر دليل على خروجهم على الوالي بلا أي سبب , حتى ولو زعموا ما زعموا ! ولا عجب في رد فعل الخليفة المأمون , فرغم أن النصارى انتهزوا فرصة إنشغال المأمون بمحاربة الروم وتعمدوا زعزعة أمن البلاد واستقراره , إلا أنه محكوم بدين عظيم أمره ألا يغدر برعيته , بل أمره بسلوك الطرق الشرعية والسلمية في التفاوض والتباحث مصداقًا لقوله تعالى : {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }الأنفال61 . فعليه الإستماع إلى شكاوى رعاياه من أهل ذمة الأسلام , ونصرتهم على عدوهم وإن كان مسلمًا ! ويستطرد المؤرخ روفيلة فيقول : ( ... ولو قبلوا النصيحة لنالوا من لدنه – أي المأمون – خيرًا ونعمة وراحة , ولكنهم جلبوا على أنفسهم مصيبة لم يبرأوا منها , ومن ثم ذل القبط ولم يتجرأوا على المقاومة ) ( المصدر السابق ص 88 ) . ثم يزيد المؤرخ روفيلة في إتحافنا فيقول : ( ولما خمدت نار الفتنة وهدأت الأحوال شرع المأمون في تطيب خواطر الناس , فصار يطوف البلاد , وأخذ يتفقد أحوال الرعيات بنفسه .... ) ( المصدر السابق ص 88 ) . ثم يخبرنا المؤرخ روفيلة بقصة العجوز القبطية ماريا , التي ضيفت المأمون ومن معه , وأهدتهم أكياسًا من الذهب , فلما سألها المأمون من أين لها هذا ؟ فقالت : من عدلك يا أمير المؤمنين ! ( المصدر السابق ص 89-90 ) . إلى متى سيتعامى النصارى عن هذا التاريخ ؟! إلى متى سيظلون ينظرون إلى التاريخ بعين التحزب والحقد والكراهية ؟! ألم يأن لهم أن يعلموا أنه لولا الإسلام بسماحة تعاليمه وتشريعه لصاروا إلى شر حال ؟! لقد تطرق المؤرخ روفيلة فيما بعد إلى ذكر أحداث الوالي " ابن المدبر " وفرضه الضرائب على الرهبان ورجال الدين , وأوقاف الكنائس والأديرة , فاستقر رأي البطريرك ورجال الأمة المسيحية على إرسال رجلين منهم إلى بغداد , ليبسطا الأمر للخليفة العباسي " المعتز بالله " , ويطلبا منه أن يصدر أمره إلى عامله " ابن المدبر " بأن يرفع المظالم , واختاروا لهذه المهمة اثنين من غير موظفي الديوان , أحدهما يدعى ساويرس والأخر إبراهيم , وزودهما البطريرك بكتاب للخليفة , فأجاب الخليفة لهما سؤلهما , وسلمهما أمرًا بمعافاة الرهبان وخدام الدين من الجزية وتخفيفها عن باقي الناس , ولما نزل " المعتز " عن الخلافة وخلفه " المهدي " , عادت الأحوال فساءت في مصر , فرجع إبراهيم وحصل من الخليفة على أمر يؤيد الأمر الأول . ( تاريخ الأمة القبطية ص 93-95 , وانظر خلاصة تاريخ المسيحية في مصر ص 116 – 117 ) . وقد أشرنا مسبقًا لهذه القصة وبيان ما فيها من محاسن الخلفاء العباسيين في تعاملهم مع أهل ذمة الإسلام , وإعتبارهم جزء لا يتجزأ من المجتمع المسلم , لهم ما لنا وعليهم ما علينا , فهؤلاء النصارى المذكورين أعلاه لما خرجوا إلى الخليفة ليعرضوا له شكواهم ومطالبهم لم يخشوا بطش سلطان أو إي إضطهاد مزعوم , لأنهم يعلمون أن ما فعله معهم " ابن المدبر " مسألة عارضة ليست هى الأصل في دولتهم , ولأنهم يعلمون أن العدل أساس دولة الإسلام , وأن الخليفة لن يرضى بما فعله عامله . لقد أشاد المستشرق " ترتون " في كتابه الشهير" الإسلام وأهل الذمة " بتسامح المسلمين إبان العهد العباسي مع أهل ذمتهم , وذكر تكريم الولاة والخلفاء العباسيين لهم , فيقول : ( والكُتَّاب المسلمون كريمون في تقدير فضائل هؤلاء ممن على غير ملتهم , حتى ليسمون " حنين بن إسحاق " برأس أطباء عصره , " وهبة الله بن تلميذ " بأبي قراط عصره , وجالينوس دهره , وكان " بختيشوع بن جبرائيل " ينعم بعطف الخليفة المتوكل حتى إنه كاد يضاهيه في ملابسه , وفي حسن الحال , وكثرة المال , وكمال المروءة , ومباراته في الطيب والجواري والعبيد , ولما مرض " سلمويه " بعث المعتصم ابنه لزيارته , ولما مات أمر بأن تحضر جنازته إلى القصر , وأن يصلى عليه بالشموع والبخور جريًا على عادة النصارى , وامتنع المعتصم يوم مماته عن أكل الطعام , أما " يوحنا بن ماسويه " فقد خدم الخلفاء العباسيين منذ الرشيد إلى المتوكل , وكان لا يغيب قط عن طعامهم , فكانوا لا يتناولون شيئًا من أطعمتهم إلا بحضرته , ومن ثم لم يكن هناك أدنى كلفة بينه وبين الخليفة المتوكل , فكان الخليفة يداعبه في رفق ولين ) ( الإسلام وأهل الذمة ص 145- 147 بتصرف ) . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الأقباط في عهد الدولة الطولونية ! لقد ذكرنا طرفًا من أعمال السلطان أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية مع أهل الذمة بمصر ودمشق , فهو صاحب النهضة التي ارتقت بالشعب المصري في شتى مناحي الحياة , وقد ذكر المؤرخ روفيلة في موسوعته التاريخية " تاريخ الأمة القبطية " محاسن هذه الدولة وسلطانها رحمه الله . يقول المؤرخ روفيلة : ( ... وكذلك أحمد بن طولون وإن يكن عامل البطريرك بما لا يليق إلا أنه أراح المصريين كثيرًا , فرفع ما كان باقيًا عليهم من الضرائب الغير إعتيادية التي فرضها " إبن المدبر " وخفض الضرائب عن الأطيان , فإنتفع الأقباط من ذلك كثيرًا , وإتسعت في أيامه الزراعة وإستقامت الأحوال , وشيدت المباني العالية والقصور الشاهقة , وهو الذي أسس بمصر الجهة المعروفة الأن بطولون ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 101 ) . وعن الخلاف الذي حدث بين السلطان إبن طولون والبطريرك , فلم يكن السلطان سببه , بل سببه التنازع بين رجال الكنيسة على السلطة الدينية , فيقول المؤرخون النصارى : أن أحد الأساقفة بعد أن عزله البطريرك , أراد الكيد من البطريرك لعزله إياه , فعلم حاجة السلطان للأموال من أجل النفقات على البلاد والفتوحات , فأخبر السلطان أن البطريرك يكنز المال وهو في غير حاجة إلا للطعام واللبس , فلما إستدعى السلطان إبن طولون البطريرك , وطلب منه أن يدفع له عن طيب خاطر فينال من ذلك الإحسان من الخليفة والسلطان , إمتنع البطريرك عن ذلك لعدم إمتلاكه للمال , فلم يقبل منه السلطان عذرًا , وحمله بدفع عشرين ألف دينار , فلما رفض البطريرك , أودعه السلطان في السجن , فتشفع له كاتبان مقربان عند السلطان وهما يوحنا وإبراهيم ولدا موسى كاتب سر السلطان إبن طولون , فلم يقبل , ثم تشفع يوحنا وإبنه مقاريوس وهم كتبة أحد وزراء السلطان , فقبل السلطان وأخرج البطريرك من السجن على أن يتكفل البطريرك بدفع المبلغ المطلوب منه على أقساط , حتى إضطر لبيع بعض أوقاف الكنائس , ولما مات السلطان وتولى ابنه خماوريه عفا عن البطريرك وأسقط عنه الأقساط , فشكر أقباط النصارى له ذلك . ( تاريخ الأمة القبطية ص 98-99 ) . والناظر إلى القصة سالفة الذكر , لا يجد فيها حدث جماعي , بل حدث فردي وقع فيه السلطان فريسة التنازع بين رجال الكنيسة على السلطة الدينية , أما حال أقباط النصارى العام , فلقد كان السلطان كما ذكر المؤرخ روفيلة لا يفرق بين الأقباط المسلمين والأقباط النصارى فكلهم يمثلون المجتمع المصري , بل حسبك أنه رغم غضبه من البطريرك , إلا أنه سمح للكُتَّاب النصارى بالتشفع عنده , بل أبقاهم على مناصبهم , ولم يسيء للأقباط النصارى بوجه عام أثناء ذلك . وقد ذكرنا مسبقًا قصة بناء مسجد أحمد بن طولون , وبيَّنا ما في القصة من إفتراءات وحقائق , فلقد زعمت لجنة التاريخ القبطي أن السلطان أحمد بن طولون إستجاب للرأي القائل بأخذ الأعمدة من الكنائس لبناء المسجد , وهَمَّ بفعل ذلك لولا تدخل مهندس نصراني يدعى " ابن كاتب الفرغاني " الذي إقترح على السلطان تصميمًا لن يحتاج فيه إلى أية أعمدة من الكنائس , وراحت لجنة التاريخ القبطي تزعم أنه لولا هذا المهندس النصراني لهدمت صوامع وكنائس ! وقد ذكرنا حينها أن السلطان أحمد بن طولون إستبعد الرأي القائل بأخذ الأعمدة من الكنائس فور إقتراحه , وذلك قبل إقتراح ذلك المهندس لهذا التصميم , إعتمادًا على ما ذكره العلامة المقريزي , وأن المهندس النصراني أرسل إلى السلطان بعد ذلك يعرض عليه المساعدة لا من أجل إنقاذ الكنائس بل لأنه أراد المشاركة في التصميم والتنفيذ . وقد يعترض النصارى على نقلنا من كتاب العلامة المقريزي لأنه مسلم , لذا ننقل من كتاب المؤرخ روفيلة ما يثبت أن السلطان أحمد بن طولون كره الرأي القائل بأخذ الأعمدة من الكنائس , وظل حائرًا ماذا يفعل من أجل أن يبني مسجدًا جامعًا ؟! يقول المؤرخ روفيلة : ( ... وقيل أنه لما عزم على بنائه – أي المسجد – أراد أن يجعله أعظم ما بني من الجوامع في مصر إلى ذلك الحين بأن يقيمه على ثلثمائة عمود من الرخام , فقيل له أنه مثل هذا لا يمكن الحصول عليه إلا إذا هدمت كنائس ومعابد النصارى , فعدل عن رأيه حتى لا يحرموا من معابدهم , ولكن بقي مترددًا في هذا الأمر . وكان يوجد مهندس نصراني يسمى إبن كاتب الفرغاني عارف بفن الهندسة وصنعة البناء , كان ألقاه أحمد بن طولون في السجن لتهمة بعد أن بنى له مقياسًا للنيل وبقي فيه مدة حتى نسيه بالمرة , فلما بلغ المهندس ما كان من رغبة إبن طولون وتردده , كتب إليه عريضة وهو في السجن بما يفيد إقتداره على إتمام مشروعه وإستعداده لتنفيذ مرغوبه بغير إحتياج لأكثر من عمودين يجعلهما في القبلة ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 101-102 ) . لقد زعم بعض المؤرخين النصارى أن السلطان أحمد بن طولون عرض على سعيد بن كاتب الفرغاني أن يعتنق الإسلام , فلما أبى أمر السلطان أحمد بن طولون بقتله ! وهذا مما ذكروه بلا أي دليل يثبت صحة دعواهم , بل حسبك أنهم إختلفوا فيما بينهم في ذكر هذا الخبر , فزعم بعضهم أنه ما لبث ابن كاتب الفرغاني من الإنتهاء من بناء المسجد حتى قتله السلطان ابن طولون , وزعم بعضهم أن السلطان أجرى عليه الرزق طيلة عمره ولم يقتله , وذكر بعضهم أن السلطان أراد أن يعتنق ابن كاتب الفرغاني الإسلام فأبى الأخير فأمر السلطان بقتله فقطعت رأسه عن جسده , وزعم أخرون أن السلطان ألقاه من فوق قصره لما أبى إعتناق الإسلام ! وعلى هذا جرى أمر المؤرخين النصارى بين تناقض وتضارب في ذكر هذا الخبر , ونحن لا نقول هذا من باب الدفاع عن أحمد بن طولون , بل نقول ذلك من أجل الحق والحق وحده , أنه لم يعرف التاريخ قط حالة واحدة قُتل فيها مسيحي أو يهودي من أجل رفضه إعتناق الإسلام , بل لم يعرف التاريخ قط أن المسلمين أكرهوا المسيحيين أو اليهود على إعتناق الإسلام , كيف لا والله تبارك وتعالى هو الذي قال في محكم آياته : {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99 . وقال سبحانه : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 . ونذكر بما ذكرته لجنة التاريخ القبطي : ( ... فتعهد المهندس العمل إلى أن أتمه في رمضان سنة 265هجرية ( سنة 879 م ) . وعند الإحتفال بافتتاحه وزعت الصدقات على الفقراء وأرسلت الهدايا إلى مستحقيها فنال المهندس عشرة آلاف دينار , وعدا ذلك أمر أحمد بن طولون بأن يجري عليه الرزق مدة حياته ) ( خلاصة تاريخ المسيحية في مصر ص 117 – 118 ) . وهكذا تمتع الأقباط النصارى بالعديد من المزايا في عهد الدولة الطولونية , وحتى بعد وفاة مؤسسها إبن طولون , فلقد أكرم ابنه خماوريه أقباط النصارى . يقول المؤرخ روفيلة : ( ... وكان على أبروشية طحا أسقف يسمى الأب باخوم نال بعقله وتدبيره وحسن سيره وسيرته ثقة خمارويه الذي كان لا يرفض له طلبًا , فنال القبط بواسطة هذا الأسقف راحة تامة ومزايا جمة ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 101 ) . ويقول المؤرخ روفيلة أيضًا : ( ... وبالجملة فإن المصريين عمومًا لم يروا من بعد عمرو بن العاص أيامًا أحسن من أيام بن طولون والدولتين الفاطمية والأيوبية ) ( المصدر السابق ص 108 ) . الأقباط في عهد الدولة الإخشيدية ! لم يدم حكم الدولة الإخشيدية سوى أربع وثلاثين سنة ( 323هـ - 358هـ ) , وسميت بهذا الإسم نسبة إلى مؤسسها " محمد الإخشيد " الذي وصفه المؤرخ روفيلة بأنه كان شجاعًا وحازمًا ويتصف بحسن التدبير . ورغم قصر حكم هذه الدولة , إلا أن بعض المؤرخين النصارى يزعمون أن " محمد الإخشيد " كان يقتطع من أموال الأقباط ليتقوى بها على الحروب , وحسبنا في رد هذه الشبهة , ما ذكره المؤرخ روفيلة , إذ يقول : ( بعض مؤرخي المسيحيين ينسب إليه الجور – أي إلى محمد الإخشيد – لأنه كان يجمع منهم أموالاً يتساعد بها على الحروب , لكن أحد المؤرخين المعاصرين له قال إنه كان يرد إليهم ما يأخذه منهم ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 103 ) . الأقباط في عهد الدولة الفاطمية ! لقد تمتع الأقباط النصارى في عهد الدولة الفاطمية بمزايا جمة , وإمتيازات خاصة , أوهمت معظمهم أنهم صاورا ملاك البلاد والمتحكمين فيها , فراحوا يؤذون المسلمين ويتطاولون عليهم , مما دعا الحاكم بأمر الله أن يفعل بهم ما فعل , وقد بسطنا القول في ذلك . يقول المؤرخ روفيلة : ( ... وتقلد كثير من الأقباط الوظائف العالية في دواوين الحكومة , لا سيما المتعلقة بالأعمال الحسابية , فإنهم إستقلوا بها إستقلالاً تامًا , وإمتازوا على غيرهم بوضع قواعد دقيقة وروابط مضبوطة لها فلم يتمكن غيرهم من تسييرها مثلهم , وكانوا قد تمكنوا من معرفة اللغة العربية , وألفوا فيها مؤلفات واسعة تشهد لهم بغزارة المادة وطول الباع ونقلوا إليها أيضًا جملة مؤلفات من اللغتين اليونانية والقبطية ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 142 ) . ويقول المؤرخ روفيلة أيضًا : ( ومن محاسن أيام الدولة الفاطمية التي تذكر بالنسبة للأقباط أن معظم الصنائع وأجلها كانت بيدهم , فكان الصياغ والجوهريون والنجارون والحاكة والصباغون والبناؤون والحدادون والمهندسون والنقاشون والشماعون وعاملوا الورق والزجاج على إختلاف أنواعه وألوانه ) ( المصدر السابق ص 142-143 ) . هذا , وقد تطرق المؤرخ روفيلة إلى عصر الحاكم بأمر الله , فذكر إختلال عقله وفرضه على شعبه أحكامًا غريبة , حتى قال روفيلة : ( ... وتتبع العلماء وأماثل أهل دولته وأكابر الناس على إختلاف أجناسهم وقتل منهم عددًا عظيمًا بغير سبب أو علة ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 116 ) . وقد بسطنا القول في ذكر أيامه وما كان فيها من أحداث , فإنه – لعنه الله – حارب الإسلام والمسلمين , ولم يفرق في أذيته بين مسلم ونصراني . يقول المؤرخ روفيله : ( ... وفي أواخر أيام الحاكم بأمر الله ظهر بمصر متمذهب يدعى دراز , ولفق له دينًا جديدًا , وهو المعروف الأن بمذهب الدروز , فإرتاح الحاكم لهذه الديانة الجديدة وإفتتن بها جدًا حتى أنه كان يصعد كل صباح إلى جبل المقطم منفردًا ويدعي بأنه ينادي ربه كما كان يفعل موسى , ومن ثم صار لا يعبأ بمسلم ولا نصراني ) ( تاريخ الأمة القبطية ص 128 ) . إلا أننا نذكر أن ما فعله الحاكم بالأقباط النصارى كان سببه تعديهم وتطاولهم وأذيتهم للمسلمين , وذلك لما إرتفع نجمهم في الحكم , إلا أن الحاكم في نهاية المطاف عفا عنهم وأعاد بناء الكنائس لهم , أما أقباط المسلمين فظلوا يعانون من شره حتى أراح الله الناس منه . المزيد من مواضيعي
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
الأقباط, الافتراء, الحقيقة, اضطهاد |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
الالحاد بين الحقيقة والخيال | الراجي94 | رد الشبـهـات الـعـامـــة | 2 | 06.05.2012 20:56 |
قيامة المسيح بين الحقيقة و الافتراء | منتدى المسيح عبدالله1 | كتب رد الشبهات ومقارنة الأديان | 0 | 23.02.2011 04:45 |
مزاعم اضطهاد المسيحيين في مصر بعيدة تماما عن الحقيقة | queshta | القسم النصراني العام | 4 | 28.05.2010 21:28 |
استاذة اللاهوت كريستيانا باولوس: مزاعم اضطهاد المسيحيين في مصر بعيدة تماما عن الحقيقة | Ahmed_Negm | كشف أكاذيب المنصرين و المواقع التنصيرية | 0 | 07.05.2010 17:04 |
الوراق : و ظهور العذراء بين الحقيقة والهراء | عيد عابدين | غرائب و ثمار النصرانية | 5 | 15.12.2009 22:15 |