|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) } سورة الشعراء . ![]() {88} يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ يَقُول : لَا تُخْزِنِي يَوْم لَا يَنْفَع مَنْ كَفَرَ بِك وَعَصَاك فِي الدُّنْيَا مَال كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا بَنُوهُ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ فِيهَا , فَيَدْفَع ذَلِكَ عَنْهُ عِقَاب اللَّه إِذَا عَاقَبَهُ , وَلَا يُنْجِيه مِنْهُ . {89} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَقَوْله : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } يَقُول : وَلَا تُخْزِنِي يَوْم يُبْعَثُونَ , يَوْم لَا يَنْفَع إِلَّا الْقَلْب السَّلِيم . وَاَلَّذِي عُنِيَ بِهِ مِنْ سَلَامَة الْقَلْب فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ سَلَامَة الْقَلْب مِنْ الشَّكّ فِي تَوْحِيد اللَّه , وَالْبَعْث بَعْد الْمَمَات . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20260 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ عَوْن , قَالَ : قُلْت لِمُحَمَّدٍ : مَا الْقَلْب السَّلِيم ؟ قَالَ : أَنْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه حَقّ , وَأَنَّ السَّاعَة قَائِمَة , وَأَنَّ اللَّه يَبْعَث مَنْ فِي الْقُبُور . 20261 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : لَا شَكّ فِيهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : لَيْسَ فِيهِ شَكّ فِي الْحَقّ . 20262 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : سَلِيم مِنْ الشِّرْك . 20263 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : سَلِيم مِنْ الشِّرْك , فَأَمَّا الذُّنُوب فَلَيْسَ يَسْلَم مِنْهَا أَحَد . 20264 - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْل اللَّه : { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيم } قَالَ : هُوَ الْخَالِص . المصدر : تفسير القرآن الكريم للطبري . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
الى كل مسيحى : صور جمالية ... تأمل
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
بن الإسلام
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { لَوْ أَنْـزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) } سورة الحشر .
![]() {21} لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ يَقُول تَعَالَى مُعَظِّمًا لِأَمْرِ الْقُرْآن وَمُبَيِّنًا عُلُوّ قَدْره وَأَنَّهُ يَنْبَغِي وَأَنْ تَخْشَع لَهُ الْقُلُوب وَتَتَصَدَّع عِنْد سَمَاعه لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعْد الْحَقّ وَالْوَعِيد الْأَكِيد " لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه " أَيْ فَإِذَا كَانَ الْجَبَل فِي غِلْظَته وَقَسَاوَته لَوْ فَهِمَ هَذَا الْقُرْآن فَتَدَبَّرَ مَا فِيهِ لَخَشَعَ وَتَصَدَّعَ مِنْ خَوْف اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَكَيْفَ يَلِيق بِكُمْ يَا أَيّهَا الْبَشَر أَنْ لَا تَلِينَ قُلُوبكُمْ وَتَخْشَع وَتَتَصَدَّع مِنْ خَشْيَة اللَّه وَقَدْ فَهِمْتُمْ عَنْ اللَّه أَمْره وَتَدَبَّرْتُمْ كِتَابه ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا" إِلَى آخِرهَا يَقُول لَوْ أَنِّي أَنْزَلْت هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل حَمَّلْته إِيَّاهُ لَتَصَدَّعَ وَخَشَعَ مِنْ ثِقَله وَمِنْ خَشْيَة اللَّه فَأَمَرَ اللَّه النَّاس إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآن أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالْخَشْيَةِ الشَّدِيدَة وَالتَّخَشُّع ثُمَّ قَالَ تَعَالَى" وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" وَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَابْن جَرِير . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيث الْمُتَوَاتِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُمِلَ لَهُ الْمِنْبَر وَقَدْ كَانَ يَوْم الْخُطْبَة يَقِف إِلَى جَانِب جِذْع مِنْ جُذُوع الْمَسْجِد فَلَمَّا وُضِعَ الْمِنْبَر أَوَّل مَا وُضِعَ وَجَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْطُب فَجَاوَزَ الْجِذْع إِلَى نَحْو الْمِنْبَر فَعِنْد ذَلِكَ حَنَّ الْجِذْع وَجَعَلَ يَئِنّ كَمَا يَئِنّ الصَّبِيّ الَّذِي يَسْكُت لِمَا كَانَ يَسْمَع مِنْ الذِّكْر وَالْوَحْي عِنْده فَفِي بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ بَعْد إِيرَاده فَأَنْتُمْ أَحَقّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجِذْع وَهَكَذَا هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة إِذَا كَانَتْ الْجِبَال الصُّمّ لَوْ سَمِعَتْ كَلَام اللَّه وَفَهِمَتْهُ لَخَشَعَتْ وَتَصَدَّعَتْ مِنْ خَشْيَته فَكَيْفَ بِكُمْ وَقَدْ سَمِعْتُمْ وَفَهِمْتُمْ ؟ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى " وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَال أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْض أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى" الْآيَة وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَيْ لَكَانَ هَذَا الْقُرْآن وَقَدْ قَالَ تَعَالَى " وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة لَمَا يَتَفَجَّر مِنْهُ الْأَنْهَار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّق فَيَخْرُج مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِط مِنْ خَشْيَة اللَّه " . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . |
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) } سورة الحجرات .
![]() {11} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَنْهَى تَعَالَى عَنْ السُّخْرِيَة بِالنَّاسِ وَهُوَ اِحْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاء بِهِمْ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " الْكِبْر بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْصُ النَّاسِ - وَيُرْوَى - وَغَمْط النَّاس " وَالْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ اِحْتِقَارهمْ وَاسْتِصْغَارهمْ وَهَذَا حَرَام فَإِنَّهُ قَدْ يَكُون الْمُحْتَقَرُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْد اللَّه تَعَالَى وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ السَّاخِر مِنْهُ الْمُحْتَقِر لَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ " فَنَصَّ عَلَى نَهْي الرِّجَال وَعَطَفَ بِنَهْيِ النِّسَاء وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ " أَيْ لَا تَلْمِزُوا النَّاس وَالْهَمَّاز اللَّمَّاز مِنْ الرِّجَال مَذْمُوم مَلْعُون كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " وَالْهَمْز بِالْفِعْلِ وَاللَّمْز بِالْقَوْلِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ" هَمَّاز مَشَّاء بِنَمِيمٍ " أَيْ يَحْتَقِر النَّاس وَيَهْمِزهُمْ طَاغِيًا عَلَيْهِمْ وَيَمْشِي بَيْنهمْ بِالنَّمِيمَةِ وَهِيَ اللَّمْز بِالْمَقَالِ وَلِهَذَا قَالَ هَهُنَا " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ" كَمَا قَالَ " وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " أَيْ لَا يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ " أَيْ لَا يَطْعَن بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" أَيْ لَا تَدَاعَوْا بِالْأَلْقَابِ وَهِيَ الَّتِي يَسُوء الشَّخْصَ سَمَاعُهَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَبِيرَة بْن الضَّحَّاك قَالَ فِينَا نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلَمَة " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " قَالَ قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَلَيْسَ فِينَا رَجُل إِلَّا وَلَهُ اِسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَة فَكَانَ إِذَا دَعَا أَحَدًا مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاء قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا فَنَزَلَتْ" وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل عَنْ وَهْب عَنْ دَاوُدَ بِهِ وَقَوْله جَلَّ وَعَلَا " بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان " أَيْ بِئْسَ الصِّفَة وَالِاسْم الْفُسُوق وَهُوَ التَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ كَمَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَتَنَاعَتُونَ بَعْدَمَا دَخَلْتُمْ فِي الْإِسْلَام وَعَقَلْتُمُوهُ " وَمَنْ لَهُ يَتُبْ " أَيْ مِنْ هَذَا" فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ " . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) } سورة النساء .
![]() {94} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا فَعِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَصَدَّقُوا رَسُوله , فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ ; { إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه } يَقُول : إِذَا سِرْتُمْ مَسِيرًا لِلَّهِ فِي جِهَاد أَعْدَائِكُمْ { فَتَبَيَّنُوا } يَقُول : فَتَأَنَّوْا فِي قَتْل مَنْ أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ أَمْره , فَلَمْ تَعْلَمُوا حَقِيقَة إِسْلَامه وَلَا كُفْره , وَلَا تَعْجَلُوا فَتَقْتُلُوا مَنْ اِلْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْره , وَلَا تَتَقَدَّمُوا عَلَى قَتْل أَحَد إِلَّا عَلَى قَتْل مَنْ عَلِمْتُمُوهُ يَقِينًا حَرْبًا لَكُمْ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام } يَقُول : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ اِسْتَسْلَمَ لَكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلكُمْ , مُظْهِرًا لَكُمْ أَنَّهُ مِنْ أَهْل مِلَّتكُمْ وَدَعْوَتكُمْ , { لَسْت مُؤْمِنًا } فَتَقْتُلُوهُ اِبْتِغَاء عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا , يَقُول : طَلَب مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَإِنَّ عِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة مِنْ رِزْقه وَفَوَاضِل نِعَمه , فَهِيَ خَيْر لَكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ اللَّه فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ فَأَثَابَكُمْ بِهَا عَلَى طَاعَتكُمْ إِيَّاهُ , فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْده { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } يَقُول : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام فَقُلْت لَهُ لَسْت مُؤْمِنًا فَقَتَلْتُمُوهُ , كَذَلِكَ أَنْتُمْ مِنْ قَبْل , يَعْنِي : مِنْ قَبْل إِعْزَاز اللَّه دِينه بِتُبَّاعِهِ وَأَنْصَاره , تَسْتَخْفُونَ بِدِينِكُمْ كَمَا اِسْتَخْفَى هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ , وَأَخَذْتُمْ مَاله بِدِينِهِ مِنْ قَوْمه أَنْ يُظْهِرهُ لَهُمْ حَذَرًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } كُنْتُمْ كُفَّارًا مِثْلهمْ. { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَتَفَضَّلَ اللَّه عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِ دِينه بِأَنْصَارِهِ وَكَثْرَة تُبَّاعه. وَقَدْ قِيلَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلكُمْ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ , وَأَخَذْتُمْ مَاله بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام . { فَتَبَيَّنُوا } يَقُول : فَلَا تَعْجَلُوا بِقَتْلِ مَنْ أَرَدْتُمْ قَتْله مِمَّنْ اِلْتَبَسَ عَلَيْكُمْ أَمْر إِسْلَامه , فَلَعَلَّ اللَّه أَنْ يَكُون قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْإِسْلَام بِمِثْلِ الَّذِي مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ , وَهَدَاهُ لِمِثْلِ الَّذِي هَدَاكُمْ لَهُ مِنْ الْإِيمَان . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي سَبَب قَتِيل قَتَلَتْهُ سَرِيَّة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد مَا قَالَ : إِنِّي مُسْلِم , أَوْ بَعْد مَا شَهِدَ شَهَادَة الْحَقّ , أَوْ بَعْد مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ , لِغَنِيمَةٍ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ مِلْكه , فَأَخَذُوهُ مِنْهُ . ذِكْر الرِّوَايَة وَالْآثَار بِذَلِكَ : 8075 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ نَافِع , أَنَّ اِبْن عُمَر , قَالَ : بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَلِّم بْن جَثَّامَة مَبْعَثًا , فَلَقِيَهُمْ عَامِر بْن الْأَضْبَط , فَحَيَّاهُمْ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام , وَكَانَتْ بَيْنهمْ إِحْنَة فِي الْجَاهِلِيَّة , فَرَمَاهُ مُحَلِّم بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. فَجَاءَ الْخَبَر إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَكَلَّمَ فِيهِ عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع , فَقَالَ الْأَقْرَع : يَا رَسُول اللَّه سُنَّ الْيَوْم وَغَيِّرْ غَدًا ! فَقَالَ عُيَيْنَة : لَا وَاَللَّه حَتَّى تَذُوق نِسَاؤُهُ مِنْ الثُّكْل مَا ذَاقَ نِسَائِي ! فَجَاءَ مُحَلِّم فِي بُرْدَيْنِ , فَجَلَسَ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللَّه لِيَسْتَغْفِر لَهُ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا غَفَرَ اللَّه لَك " فَقَامَ وَهُوَ يَتَلَقَّى دُمُوعه بِبُرْدَيْهِ , فَمَا مَضَتْ بِهِ سَابِعَة حَتَّى مَاتَ وَدَفَنُوهُ , فَلَفَظَتْهُ الْأَرْض. فَجَاءُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : " إِنَّ الْأَرْض تَقْبَل مَنْ هُوَ شَرّ مِنْ صَاحِبكُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَرَادَ أَنْ يَعِظكُمْ " . ثُمَّ طَرَحُوهُ بَيْن صَدَفَيْ جَبَل , وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مِنْ الْحِجَارَة , وَنَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. الْآيَة . 8076 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ الْقَعْقَاع بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ , عَنْ أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي حَدْرَد , قَالَ : بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِضَم , فَخَرَجْت فِي نَفَر مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَة الْحَارِث بْن رِبْعِيّ وَمُحَلِّم بْن جَثَّامَة بْن قَيْس اللَّيْثِيّ. فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَم , مَرَّ بِنَا عَامِر بْن الْأَضْبَط الْأَشْجَعِيّ عَلَى قَعُود لَهُ مَعَهُ مُتَيِّع لَهُ وَوَطْب مِنْ لَبَن . فَلَمَّا مَرَّ بِنَا سَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام , فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ , وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّم بْن جَثَّامَة اللَّيْثِيّ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنه وَبَيْنه , فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ بَعِيره وَمُتَيِّعَهُ , فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَنَاهُ الْخَبَر , نَزَلَ فِينَا الْقُرْآن : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } . .. الْآيَة. * - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ , عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ . 8077 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَحِقَ نَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا فِي غَنِيمَة لَهُ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ ! فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَة , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تِلْكَ الْغَنِيمَة. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو سَمِعَ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله. 8078 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : مَرَّ رَجُل مِنْ بَنِي سُلَيْم عَلَى نَفَر مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه وَهُوَ فِي غَنَم لَهُ , فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ , فَقَالُوا : مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذ مِنْكُمْ ! فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمه , فَأَتَوْا بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 8079 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ الرَّجُل يَتَكَلَّم بِالْإِسْلَامِ وَيُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالرَّسُول , وَيَكُون فِي قَوْمه , فَإِذَا جَاءَتْ سَرِيَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِهَا حَيّه - يَعْنِي قَوْمه - فَفَرُّوا , وَأَقَامَ الرَّجُل لَا يَخَاف الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْل أَنَّهُ عَلَى دِينهمْ حَتَّى يَلْقَاهُمْ , فَيُلْقِي إِلَيْهِمْ السَّلَام , فَيَقُول الْمُؤْمِنُونَ : لَسْت مُؤْمِنًا ! وَقَدْ أَلْقَى السَّلَام , فَيَقْتُلُونَهُ , فَقَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا }. .. . إِلَى : { تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَعْنِي : تَقْتُلُونَهُ إِرَادَة أَنْ يَحِلّ لَكُمْ مَاله الَّذِي وَجَدْتُمْ مَعَهُ , وَذَلِكَ عَرَضُ الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَإِنَّ عِنْدِي مَغَانِم كَثِيرَة , فَالْتَمِسُوا مِنْ فَضْل اللَّه . وَهُوَ رَجُل اِسْمه مِرْدَاس جَلَّا قَوْمه هَارِبِينَ مِنْ خَيْل بَعَثَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا رَجُل مِنْ بَنِي لَيْث اِسْمه قُلَيْب , وَلَمْ يُجَامِعهُمْ إِذَا لَقِيَهُمْ مِرْدَاس , فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ , فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِهِ بِدِيَتِهِ وَرَدَّ إِلَيْهِمْ مَاله وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ . 8080 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا الْحَدِيث فِي شَأْن مِرْدَاس رَجُل مِنْ غَطَفَان ; ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ غَالِب اللَّيْثِيّ إِلَى أَهْل فَدَك , وَبِهِ نَاس مِنْ غَطَفَان وَكَانَ مِرْدَاس مِنْهُمْ , فَفَرَّ أَصْحَابه , فَقَالَ مِرْدَاس : إِنِّي مُؤْمِن وَإِنِّي غَيْر مُتَّبِعكُمْ ! فَصَبَّحَتْهُ الْخَيْل غَدْوَة , فَلَمَّا لَقُوهُ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ مِرْدَاس , فَتَلَقَّوْهُ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلُوهُ , وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مَتَاع , فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ فِي شَأْنه : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } لِأَنَّ تَحِيَّة الْمُسْلِمِينَ السَّلَام , بِهَا يَتَعَارَفُونَ , وَبِهَا يُحَيِّي بَعْضهمْ بَعْضًا . 8081 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } . .. الْآيَة . قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة عَلَيْهَا أُسَامَة بْن زَيْد إِلَى بَنِي ضَمْرَة , فَلَقُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى مِرْدَاس بْن نَهِيك مَعَهُ غَنِيمَة لَهُ وَجَمَل أَحْمَر , فَلَمَّا رَآهُمْ أَوَى إِلَى كَهْف جَبَل , وَاتَّبَعَهُ أُسَامَة , فَلَمَّا بَلَغَ مِرْدَاس الْكَهْف وَضَعَ فِيهِ غَنَمه , ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ , أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه ! فَشَدَّ عَلَيْهِ أُسَامَة فَقَتَلَهُ مِنْ أَجْل جَمَله وَغَنِيمَته. وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أُسَامَة أَحَبَّ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا , وَيَسْأَل عَنْهُ أَصْحَابه , فَلَمَّا رَجَعُوا لَمْ يَسْأَلهُمْ عَنْهُ , فَجَعَلَ الْقَوْم يُحَدِّثُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ : يَا رَسُول اللَّه لَوْ رَأَيْت أُسَامَة وَلَقِيَهُ رَجُل فَقَالَ الرَّجُل : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه مُحَمَّد رَسُول اللَّه , فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ! وَهُوَ مُعْرِض عَنْهُمْ . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ , رَفَعَ رَأْسه إِلَى أُسَامَة فَقَالَ : " كَيْفَ أَنْتَ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه " ؟ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا , تَعَوَّذَ بِهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه فَنَظَرْت إِلَيْهِ ؟ " قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا قَلْبه بَضْعَة مِنْ جَسَده . فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَبَر هَذَا , وَأَخْبَرَهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مِنْ أَجْل جَمَله وَغَنَمه , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { يَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَلَمَّا بَلَغَ : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَتَابَ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَحَلَفَ أُسَامَة أَنْ لَا يُقَاتِل رَجُلًا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه بَعْد ذَلِكَ الرَّجُل وَمَا لَقِيَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ . 8082 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَغَارَ عَلَى رَجُل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِك : إِنِّي مُسْلِم , أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ! فَقَتَلَهُ الْمُسْلِم بَعْد أَنْ قَالَهَا , فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لِلَّذِي قَتَلَهُ : " أَقَتَلْته وَقَدْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ " فَقَالَ وَهُوَ يَعْتَذِر : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَهَلَّا شَقَقْت عَنْ قَلْبه ؟ " ثُمَّ مَاتَ قَاتِل الرَّجُل فَقُبِرَ , فَلَفَظَتْهُ الْأَرْض , فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْبُرُوهُ , ثُمَّ لَفَظَتْهُ الْأَرْض , حَتَّى فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْأَرْض أَبَتْ أَنْ تَقْبَلهُ فَأَلْقُوهُ فِي غَار مِنْ الْغِيرَان ". قَالَ مَعْمَر : وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ الْأَرْض تَقْبَل مَنْ هُوَ شَرّ مِنْهُ , وَلَكِنَّ اللَّه جَعَلَهُ لَكُمْ عِبْرَة . 8083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق : أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَقُوا رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي غُنَيْمَة لَهُ , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ إِنِّي مُؤْمِن ! فَظَنُّوا أَنَّهُ يَتَعَوَّذ بِذَلِكَ , فَقَتَلُوهُ , وَأَخَذُوا غُنَيْمَته . قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تِلْكَ الْغُنَيْمَة ; { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا } . 8084 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه فَتَبَيَّنُوا } قَالَ : خَرَجَ الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد فِي سَرِيَّة بَعَثَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَمَرُّوا بِرَجُلٍ فِي غُنَيْمَة لَهُ , فَقَالَ : إِنِّي مُسْلِم ! فَقَتَلَهُ الْمِقْدَاد . فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : الْغُنَيْمَة. 8085 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : نَزَلَ ذَلِكَ فِي رَجُل قَتَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاء - فَذَكَرَ مِنْ قِصَّة أَبِي الدَّرْدَاء نَحْو الْقِصَّة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } , ثُمَّ قَالَ فِي الْخَبَر - : وَنَزَلَ الْفُرْقَان : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { لَسْت مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } غَنَمه الَّتِي كَانَتْ عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا , { فَعِنْد اللَّه مَغَانِم كَثِيرَة } خَيْر مِنْ تِلْكَ الْغَنَم , إِلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } . 8086 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : رَاعِي غَنَم , لَقِيَهُ نَفَر مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ , وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ : وَالسَّلَام عَلَيْكُمْ , فَإِنِّي مُؤْمِن " . 8087 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام لَسْت مُؤْمِنًا } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه لَسْت مُؤْمِنًا , كَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْمَيْتَة , فَهُوَ آمِن عَلَى مَاله وَدَمه , وَلَا تَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْله . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَتَبَيَّنُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { فَتَبَيَّنُوا } بِالْبَاءِ وَالنُّون مِنْ التَّبَيُّن , بِمَعْنَى : التَّأَنِّي وَالنَّظَر وَالْكَشْف عَنْهُ حَتَّى يَتَّضِح . وَقَرَأَ ذَلِكَ عُظْم قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " فَتَثَبَّتُوا " بِمَعْنَى التَّثَبُّت الَّذِي هُوَ خِلَاف الْعَجَلَة . وَالْقَوْل عِنْدنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِد وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ بِهِمَا الْأَلْفَاظ , لِأَنَّ الْمُتَثَبِّت مُتَبَيِّن , وَالْمُتَبَيِّن مُتَثَبِّت , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب صَوَاب الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَكِّيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ " السَّلَم " بِغَيْرِ أَلِف , بِمَعْنَى الِاسْتِسْلَام , وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ : { السَّلَام } بِأَلِفٍ , بِمَعْنَى التَّحِيَّة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : " لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَم " بِمَعْنَى : مَنْ اِسْتَسْلَمَ لَكُمْ مُذْعِنًا لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ مُقِرًّا لَكُمْ بِمِلَّتِكُمْ. وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , فَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ اِسْتَسْلَمَ بِأَنْ شَهِدَ شَهَادَة الْحَقّ وَقَالَ : إِنِّي مُسْلِم ; وَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ قَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ , فَحَيَّاهُمْ تَحِيَّة الْإِسْلَام , وَمِنْ رَاوٍ رَوَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا بِإِسْلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ قَبْل قَتْلهمْ إِيَّاهُ . وَكُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي يَجْمَعهَا السَّلَم , لِأَنَّ الْمُسْلِم مُسْتَسْلِم , وَالْمُحَيِّي بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَام مُسْتَسْلِم , وَالْمُتَشَهِّد شَهَادَة الْحَقّ مُسْتَسْلِم لِأَهْلِ الْإِسْلَام , فَمَعْنَى السَّلَم جَامِع جَمِيع الْمَعَانِي الَّتِي رُوِيَتْ فِي أَمْر الْمَقْتُول الَّذِي نَزَلَتْ فِي شَأْنه هَذِهِ الْآيَة , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي السَّلَام , لِأَنَّ السَّلَام لَا وَجْه لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع إِلَّا التَّحِيَّة , فَلِذَلِكَ وَصَفْنَا السَّلَم بِالصَّوَابِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام مُسْتَخْفِيًا فِي قَوْمه بِدِينِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كُنْتُمْ أَنْتُمْ مُسْتَخْفِينَ بِأَدْيَانِكُمْ مِنْ قَوْمكُمْ حَذَرًا عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْهُمْ , فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8088 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } تَسْتَخْفُونَ بِإِيمَانِكُمْ كَمَا اِسْتَخْفَى هَذَا الرَّاعِي بِإِيمَانِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } تَكْتُمُونَ إِيمَانكُمْ فِي الْمُشْرِكِينَ. قَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَعْد مَا أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَم كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا , فَهَدَاهُ كَمَا هَدَاكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8089 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } كُفَّارًا مِثْله , { فَتَبَيَّنُوا } . وَأَوْلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة الْقَوْل الْأَوَّل , وَهُوَ قَوْل مَنْ قَالَ : كَذَلِكَ كُنْتُمْ تُخْفُونَ إِيمَانكُمْ فِي قَوْمكُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْتُمْ مُقِيمِينَ بَيْن أَظْهُرهمْ , كَمَا كَانَ هَذَا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ مُقِيمًا بَيْن أَظْهُر قَوْمه مِنْ الْمُشْرِكِينَ , مُسْتَخْفِيًا بِدِينِهِ مِنْهُمْ . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره إِنَّمَا عَاتَبَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بَعْد إِلْقَائِهِ إِلَيْهِمْ السَّلَام , وَلَمْ يُقَدْ بِهِ قَاتِلُوهُ لِلَّبْسِ الَّذِي كَانَ دَخَلَ فِي أَمْره عَلَى قَاتِلِيهِ بِمُقَامِهِ بَيْن أَظْهُر قَوْمه مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَظَنّهمْ أَنَّهُ أَلْقَى السَّلَام إِلَى الْمُؤْمِنِينَ تَعَوُّذًا مِنْهُمْ , وَلَمْ يُعَاتِبهُمْ عَلَى قَتْلهمْ إِيَّاهُ مُشْرِكًا , فَيُقَال : كَمَا كَانَ كَافِرًا كُنْتُمْ كُفَّارًا ; بَلْ لَا وَجْه لِذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُعَاتِب أَحَدًا مِنْ خَلْقه عَلَى قَتْل مُحَارِب لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك بَعْد إِذْنه لَهُ بِقَتْلِهِ . وَاخْتَلَفَ أَيْضًا أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينه وَإِعْزَاز أَهْله , حَتَّى أَظْهَرُوا الْإِسْلَام بَعْد مَا كَانُوا يَكْتُمُونَهُ مِنْ أَهْل الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8090 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَأَظْهَرَ الْإِسْلَام . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَاتِلُونَ الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَام طَلَبَ عَرَضِ الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالتَّوْبَةِ مِنْ قَتْلكُمْ إِيَّاهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } يَقُول : تَابَ اللَّه عَلَيْكُمْ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْل } مَا وَصَفْنَا قَبْل , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون عَقِيب ذَلِكَ : { فَمَنَّ اللَّه عَلَيْكُمْ } فَرَفَعَ مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْخَوْف مِنْ أَعْدَائِكُمْ عَنْكُمْ بِإِظْهَارِ دِينه وَإِعْزَاز أَهْله , حَتَّى أَمْكَنَكُمْ إِظْهَار مَا كُنْتُمْ تَسْتَخْفُونَ بِهِ , مِنْ تَوْحِيده وَعِبَادَته , حَذَرًا مِنْ أَهْل الشِّرْك . {94} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا { إِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } يَقُول : إِنَّ اللَّه كَانَ بِقَتْلِكُمْ مَنْ تَقْتُلُونَ وَكَفّكُمْ عَمَّنْ تَكُفُّونَ عَنْ قَتْله مِنْ أَعْدَاء اللَّه وَأَعْدَائِكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور غَيْركُمْ { خَبِيرًا } يَعْنِي : ذَا خِبْرَة وَعِلْم بِهِ , يَحْفَظهُ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْهِمْ , حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعكُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة جَزَاء الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ . المصدر : تفسير القرآن الكريم للطبري . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) } سورة الحجرات .
{6} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ يَأْمُر تَعَالَى بِالتَّثَبُّتِ فِي خَبَر الْفَاسِق لِيُحْتَاطَ لَهُ لِئَلَّا يُحْكَمَ بِقَوْلِهِ فَيَكُون فِي نَفْس الْأَمْر كَاذِبًا أَوْ مُخْطِئًا فَيَكُون الْحَاكِم بِقَوْلِهِ قَدْ اِقْتَفَى وَرَاءَهُ وَقَدْ نَهَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ اِتِّبَاع سَبِيل الْمُفْسِدِينَ , وَمِنْ هُنَا اِمْتَنَعَ طَوَائِف مِنْ الْعُلَمَاء مِنْ قَبُول رِوَايَة مَجْهُول الْحَال لِاحْتِمَالِ فِسْقه فِي نَفْس الْأَمْر وَقَبِلَهَا آخَرُونَ لِأَنَّا إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالتَّثَبُّتِ عِنْد خَبَر الْفَاسِق وَهَذَا لَيْسَ بِمُحَقَّقِ الْفِسْق لِأَنَّهُ مَجْهُول الْحَال وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الْعِلْم مِنْ شَرْح الْبُخَارِيّ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْد وَالْمِنَّة وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط حِين بَعَثَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدَقَات بَنِي الْمُصْطَلِق وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طُرُق وَمِنْ أَحْسَنِهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده مِنْ رِوَايَة مَلِك بَنِي الْمُصْطَلِق وَهُوَ الْحَارِث بْن أَبِي ضِرَار وَالِد جُوَيْرِيَة بِنْت الْحَارِث أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَابِق حَدَّثَنَا عِيسَى بْن دِينَار حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِث بْن ضِرَار الْخُزَاعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : قَدِمْت عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَام فَدَخَلْت فِيهِ وَأَقْرَرْت بِهِ وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاة فَأَقْرَرْت بِهَا وَقُلْت يَا رَسُول اللَّه أَرْجِع إِلَيْهِمْ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام وَأَدَاء الزَّكَاة فَمَنْ اِسْتَجَابَ لِي جَمَعْت زَكَاته وَتُرْسِل إِلَيَّ يَا رَسُول اللَّه رَسُولًا إِبَّان كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَك بِمَا جَمَعْت مِنْ الزَّكَاة فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِث الزَّكَاة مِمَّنْ اِسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الْإِبَّان الَّذِي أَرَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَث إِلَيْهِ اِحْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُول وَلَمْ يَأْتِهِ وَظَنَّ الْحَارِث أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سَخْطَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُوله فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَقَّتَ لِي وَقْتًا يُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُوله لِيَقْبِض مَا كَانَ عِنْدِي مِنْ الزَّكَاة وَلَيْسَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُلْفُ وَلَا أَرَى حَبْس رَسُوله إِلَّا مِنْ سَخْطَة فَانْطَلِقُوا بِنَا نَأْتِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيد بْن عُقْبَة إِلَى الْحَارِث لِيَقْبِض مَا كَانَ عِنْده مِمَّا جَمَعَ مِنْ الزَّكَاة فَلَمَّا أَنْ سَارَ الْوَلِيد حَتَّى بَلَغَ بَعْض الطَّرِيق فَرِقَ أَيْ خَافَ فَرَجَعَ حَتَّى أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ الْحَارِث قَدْ مَنَعَنِي الزَّكَاة وَأَرَادَ قَتْلِي فَغَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَ الْبَعْث إِلَى الْحَارِث رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَقْبَلَ الْحَارِث بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا اِسْتَقْبَلَ الْبَعْث وَفَصَلَ عَنْ الْمَدِينَة لَقِيَهُمْ الْحَارِثُ فَقَالُوا هَذَا الْحَارِثُ فَلَمَّا غَشِيَهُمْ قَالَ لَهُمْ إِلَى مَنْ بُعِثْتُمْ ؟ قَالُوا إِلَيْك قَالَ وَلِمَ ؟ قَالُوا إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْك الْوَلِيد بْن عُقْبَة فَزَعَمَ أَنَّك مَنَعْته الزَّكَاة وَأَرَدْت قَتْله قَالَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته بَتَّةً وَلَا أَتَانِي فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِث عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنَعْت الزَّكَاة وَأَرَدْت قَتْل رَسُولِي ؟ " قَالَ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته وَلَا أَتَانِي وَمَا أَقْبَلْت إِلَّا حِين اِحْتَبَسَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشِيت أَنْ يَكُون كَانَتْ سَخْطَة مِنْ اللَّه تَعَالَى وَرَسُوله قَالَ فَنَزَلَتْ الْحُجُرَات " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَأٍ - إِلَى قَوْله - حَكِيم " وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الْمُنْذِر بْن شَاذَان التَّمَّار عَنْ مُحَمَّد بْن سَابِق بِهِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن سَابِق بِهِ غَيْر أَنَّهُ سَمَّاهُ الْحَارِث بْن سِرَار وَالصَّوَاب أَنَّهُ الْحَارِث بْن ضِرَار كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة عَنْ ثَابِت مَوْلَى أُمّ سَلَمَة عَنْ أُمّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فِي صَدَقَات بَنِي الْمُصْطَلِق بَعْد الْوَقِيعَة فَسَمِعَ بِذَلِكَ الْقَوْم فَتَلَقَّوْهُ يُعَظِّمُونَ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَحَدَّثَهُ الشَّيْطَان أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قَتْله قَالَتْ فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق قَدْ مَنَعُونِي صَدَقَاتهمْ فَغَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ قَالَتْ فَبَلَغَ الْقَوْمَ رُجُوعُهُ فَأَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصُفُّوا لَهُ حِين صَلَّى الظُّهْر فَقَالُوا نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ سَخَط اللَّه وَسَخَط رَسُوله بَعَثْت إِلَيْنَا رَجُلًا مُصَدِّقًا فَسُرِرْنَا بِذَلِكَ وَقَرَّتْ بِهِ أَعْيُنُنَا ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ مِنْ بَعْض الطَّرِيق فَخَشِينَا أَنْ يَكُون ذَلِكَ غَضَبًا مِنْ اللَّه تَعَالَى وَمِنْ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَالُوا يُكَلِّمُونَهُ حَتَّى جَاءَ بِلَال رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَأَذَّنَ بِصَلَاةِ الْعَصْر قَالَتْ وَنَزَلَتْ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " وَرَوَى اِبْن جَرِير أَيْضًا مِنْ طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : كَانَ رَسُول فِي اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ الْوَلِيد بْن عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق لِيَأْخُذ مِنْهُمْ الصَّدَقَات وَأَنَّهُمْ لَمَّا أَتَاهُمْ الْخَبَرُ فَرِحُوا وَخَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ لَمَّا حُدِّثَ الْوَلِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ رَجَعَ الْوَلِيد إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ إِذْ أَتَاهُ الْوَفْد فَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَك رَجَعَ مِنْ نِصْف الطَّرِيق وَإِنَّا خَشِينَا أَنَّمَا رَدَّهُ كِتَاب جَاءَ مِنْك لِغَضَبٍ غَضِبْته عَلَيْنَا وَإِنَّا نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ غَضَبه وَغَضَب رَسُوله وَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغَشَّهُمْ وَهَمَّ بِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عُذْرهمْ فِي الْكِتَاب فَقَالَ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " إِلَى آخِر الْآيَة وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق لِيُصْدِقَهُمْ فَتَلَقَّوْهُ بِالصَّدَقَةِ فَرَجَعَ فَقَالَ إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِق قَدْ جَمَعَتْ لَك لِتُقَاتِلَك زَادَ قَتَادَة وَإِنَّهُمْ قَدْ اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَثَبَّت وَلَا يَعْجَل فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَاهُمْ لَيْلًا فَبَعَثَ عُيُونَهُ فَلَمَّا جَاءُوا أَخْبَرُوا خَالِدًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُمْ مُسْتَمْسِكُونَ بِالْإِسْلَامِ وَسَمِعُوا أَذَانَهُمْ وَصَلَاتهمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَتَاهُمْ خَالِد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَرَأَى الَّذِي يُعْجِبُهُ فَرَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَر فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة قَالَ قَتَادَة فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " التَّثَبُّت مِنْ اللَّه , وَالْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَان" وَكَذَا ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف مِنْهُمْ اِبْن أَبِي لَيْلَى وَيَزِيد بْن رُومَان وَالضَّحَّاك وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَغَيْرهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن عُقْبَة وَاَللَّه أَعْلَمُ . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . |
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) } سورة النساء . ![]() {58} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا "إنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات" أَيْ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوق "إلَى أَهْلهَا" نَزَلَتْ لَمَّا أَخَذَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِفْتَاح الْكَعْبَة مِنْ عُثْمَان بْن طَلْحَة الحجبي سَادِنهَا قَسْرًا لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة عَام الْفَتْح وَمَنَعَهُ وَقَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّهُ رَسُول اللَّه لَمْ أَمْنَعهُ فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّهِ إلَيْهِ وَقَالَ هَاكَ خَالِدَة تَالِدَة فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ فَقَرَأَ لَهُ عَلِيّ الْآيَة فَأَسْلَمَ وَأَعْطَاهُ عِنْد مَوْته لِأَخِيهِ شَيْبَة فَبَقِيَ فِي وَلَده وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى سَبَب خَاصّ فَعُمُومهَا مُعْتَبَر بِقَرِينَةِ الْجَمْع "وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس" يَأْمُركُمْ "أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إنَّ اللَّه نِعِمَّا" فِيهِ إدْغَام مِيم نِعْمَ فِي مَا النَّكِرَة الْمَوْصُوفَة أَيْ نِعْمَ شَيْئًا "يَعِظكُمْ بِهِ" تَأْدِيَة الْأَمَانَة وَالْحُكْم بِالْعَدْلِ "إنَّ اللَّه كَانَ سَمِيعًا" لِمَا يُقَال "بَصِيرًا" بِمَا يُفْعَل . المصدر : تفسير الجلالين . |
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) } سورة آل عمران .
{139} وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِلْمُؤْمِنِينَ " وَلَا تَهِنُوا " أَيْ لَا تَضْعُفُوا بِسَبَبِ مَا جَرَى " وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " أَيْ الْعَاقِبَة وَالنُّصْرَة لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ . {140} إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ أَيْ نُدِيل عَلَيْكُمْ الْأَعْدَاء تَارَة وَإِنْ كَانَتْ لَكُمْ الْعَاقِبَة لِمَا لَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَلِيَعْلَمَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا " قَالَ اِبْن عَبَّاس : فِي مِثْل هَذَا لِنَرَى مَنْ يَصْبِر عَلَى مُنَاجَزَة الْأَعْدَاء " وَيَتَّخِذ مِنْكُمْ شُهَدَاء " يَعْنِي يُقْتَلُونَ فِي سَبِيله وَيَبْذُلُونَ مُهَجهمْ فِي مَرْضَاته. المصدر : تفسير ابن كثير . |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
أدوات الموضوع | |
أنواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |