انعقد الإجماع على أن ترتيب الآيات في السورة كان بتوقيف من النبي عن الله تعالى، وأنه لا مَجال للرأي والاجتهاد فيه، ولم يُعْلَم في ذلك مُخالفٌ [1]
و الأدلة على ذلك ما ورد فى الأحاديث كالآتى :-
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ [2]
أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة . فذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم . وذكر أبا بكر . ثم قال : إني لا أدع بعدي شيئا أهم من الكلالة . ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة . وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه . حتى طعن بأصبعه في صدري . وقال ( يا عمر ! ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ؟ ) وإني إن أعش أقض فيها بقضية ، يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن . [3]
عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } إِلَى قَوْلِهِ: { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا ؟ قَالَ: تَدَعُهَا، يَا ابْنَ أَخِي لا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. [4]
فهذا حديثٌ صريحٌ في أن إثبات هذه الآية في مكانِها مع نسخها توقيفي ، لا يستطيع أحدٌ أن يتصرَّف فيه ، لأنه لا مجال للرأي في مثله.
قال السيوطي: ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالاً: ما ثبت من قراءته لسور عديدة كالبقرة وآل عمران والنساء في حديث حذيفة ، والأعراف في المغرب، وقد أفلح في الصبح… ثم قال: تدل قراءته لها بِمشهد من الصحابة أن ترتيب آيها توقيفيٌّ ، وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبًا سمعوا النبي يقرأ على خلافه، فبلغ ذلك مبلغ التواتر [5]
و النبى بالطبع لا ينطق عن هوى بل كل أفعاله وحى من الله .
قال تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } النجم .
كل هذا دليل على أن ترتيب الآيات بصورتها الحالية فى سور القرآن إنما هو توقيفى من الرسول - صلى الله عليه و سلم - عن الله ، أى وحى من الله لأنه - صلى الله عليه و سلم - لا ينطق عن هوى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]مناهل العرفان (1/346).
[2]رواه مسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها بَاب فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ (6/92-93) ح 809.
[3]رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثومًا … (5/51-54)567.
[4]رواه البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن بَاب { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } (8/48) ح 4536.
[5]الإتقان في علوم القرآن (1/173-174)
توقيع Moustafa |
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل: من الغرباء ؟ قال: النزاع من القبائل"
قال أبو عيسى الترمذي في هذا الحديث: "فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي"
الأحكام الشرعية الكبرى (4 / 496) - ط: مكتبة الرشد
قال الشاطبى:
"ولا شك أن الغالب أغلب، فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعاً، وهذه سنة الله في الخلق: إن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً وتصير السنة بدعة والبدعة سنة فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف كما كان أولا يقام على أهل البدعة"
الإعتصام (1 / 12) ط: التوحيد
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"يجب أن يعرف الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعي جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن كجهاد أهل البدع والأهواء كالخوارج ونحوهم الذين يجاهدون فى أهل الإسلام وفيمن هو أولى بالله ورسوله منهم من السابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين كما جاهدوا عليا ومن معه وهم لمعاوية ومن معه اشد جهادا"
الرد على الأخنائى (ص: 205) - المطبعة السلفية - القاهرة
|
آخر تعديل بواسطة Moustafa بتاريخ
11.07.2010 الساعة 14:27 .