اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :33  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2011, 03:03

Moustafa

مدير المنتدى

______________

Moustafa غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 01.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.946  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
04.12.2020 (14:47)
تم شكره 172 مرة في 121 مشاركة
افتراضي


القرآن هو معجزة الرسول الأساسية و هى معجزة تختلف فى كثير من زوايا الإعجاز عن معجزات الرسل السابقين ، فاللقرآن عطاء لكل جيل يختلف عن عطائه للجيل الذى سبقه ، ذلك أن القرآن جاء للعالم أجمع ، لكل مكان و لكل زمان ، و من هنا فإنه يجب أن يكون له عطاء لكل جيل .

و فى القرآن إعجاز لا ينتبه إليه العقل إلا بعد أن ينشط و يكتشف المستور عنه من حقائق الكون و أسراره ، فهناك آيات الآن فى القرآن تعطينا عمقًا جديدًا فى معناها .

و لكى نفهم هذه النقطة لابد من توضيح أمر هام وهو : أن نفرق بين الأحاكم الخاصة بالعبادة و التكليف التى هى إفعل و لا تفعل ، حلال و حرام ، فهذا كله لا مجال للإجتهاد فيه ، فلا يصح أن يأتى أحد ليقول عن حلال حرام أو حرام حلال ، و بين الآيات المتصلة بقوانين الكون و الخلق التى لم يكن للعقل البشرى وقتها القدرة العلمية على إستيعابها .

فنجد أن الآيات من النوع الثانى قد مر عليها النبى الكريم - صلى الله عليه و سلم - و ترك للعقل فى كل جيل أن يأخذ على قدر حجمه .

و المعجزة هنا فى القرآن أنه يعطى لكل إنسان قدر حجم عقله ، فيستخدم ألفاظ تناسب الجميع ، فإذا ما كشف لنا الله عن سر من أسراره فى كونه و رجعنا إلى الآية وجدناها تؤدى نفس المعنى .


القرآن أثبت نبوة المصطفى فى قومه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أشرنا منذ قليل إلى كون القرآن معجزة خالدة ، لزم من ذلك أن تكون مناسبة لكل زمان و مكان ، فرسول الله أُرسِل إلى قوم برعوا فى الفصاحة و البلاغة و فنون اللغة ، فمن هنا كان القرآن مُعجز لهم فى هذه الجزئية .

الإعجاز البلاغى للقرآن :-

البلاغة : هى مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، و مقتضى حال المخاطب بالذات .

(1) يجب أن نعلم أن أحوال الناس متعددة و متغيرة و أنت إذا ما خاطبت شخصًا لا تعرف نفسه ، فلن تستطيع الوصول إلى أعماقه ، كما أن مخاطبتك لشخص تختلف عن مخاطبتك لشخص آخر فمخاطبة الرئيس غير المرؤوس غير الزوجة غير الأولاد ، كذلك تختلف طريقة المخاطبة حسب نفسية الشخص : سعيد ، حزين ، غاضب ، ثائر .. إلخ .

مثال : عمر بن الخطاب عندما دخل بيت أخته ثائرًا بعدما علم بإسلامها ثم أمسك بالقرآن ليقرأه فالقرآن خاطب عمر الذى جاء فى شدة و حمية وضيق بنفس الكلام الذى يُخاطب به المؤمنين و هم فى حالة إنسجام و سعادة بقربهم من الله ، و إذا بنفس الآيات التى تدخل السعادة على نفس قريبة من الله ، هى نفسها الآيات التى تدخل الهدوء على نفس بعيدة عن الله .

فالمقارنة كالتالى :-

عمر : حالته : بعيد عن الله ، نفسيته : غاضب و ثائر ، النتيجة : هدء و لان .
أخت عمر : حالتها : قريبة من الله ، نفسيتها : سعيدة بقربها من الله ، النتيجة : القرآن يُدخل عليها الفرح و الإيمان .

فالقائل هو الله العالم بخبايا النفس البشرية التى خلقها فكان كلامه مناسب لها فى كل الحالات و مع إختلاف نفسية كل شخص رغم أنه نفس الكلام .

فإنك إن طلبت من أعلم علماء عصره أن يأتى ليقول قصيدة يمدح بها الأمير ، ثم يقول نفس القصيدة ليمدح بها خادم الأمير و يكون الكلام موافق مقتضى الحال فى الحالتين ، فإنه قطعـًا سيفشل ، فهذا هو ما حير العرب ، فهم وجدوا أن القرآن يُخاطب الجميع : العالم و غير العالم ، الغنى و الفقير ، الرجل و المرأة ، و الحاكم و المحكوم .. إلخ .

فمن هنا كانت مطابقة الكلام لمقتضى حال الجميع معجزة أدهشتهم .

إن بلاغة القرآن هذه قد حيرت عقول كفار العرب أهل الفصاحة و البلاغة و و أرباب اللغة ، و لم يتمكنوا أن يأتوا بمثله شىء ، فافتروا علي النبى - صلى الله عليه و سلم - الكذب فقالوا شاعر و قالوا كاهن ، كما ذكر القرآن الكريم .

قال تعالى : {و ما هو بقول شاعر قليًا ما تؤمنون و لا بقول كاهن قليلًا ما تذكرون} [الحاقة 41 - 42]

حتى الرد عليهم نفسه به إعجاز بلاغى ، فاختار الفعل تؤمنون مع قولهم شاعر و إختار الفعل تذكرون مع قولهم بأنه كاهن .

فقولهم بأن هذا شعر ، يتنافى مع كونهم يعلمون الشعر ، فالشعر كلام موزون مقفى ، فهم يعلمون ذلك و يُنكرونه ، فهذا دليل على كفرهم لذا قال قليلًا ما تؤمنون .

أما قولهم بأن هذا كلام كاهن فقد إستخدم معه الفعل قليلًا ما تذكرون ، ذلك أن الكاهن بشر و ينسى فقد يأتى بكلام مخالف لما قاله من قبل بمرور الوقت و الزمن أما النبى لم يحدث منه ذلك .

(2) نأتى إلى إعجاز آخر فى القرآن ، إذا قرأ قارىء كلامًا منثورًا ثم جاء و استشهد ببيت شعر ، فإنك تشعر بالإنتقال من كلام إلى آخر .

مثال : يقول ابن زيدون فى رسالته : ( و مع اليوم غد .. و لكل أجل كتاب .. له الحمد على إهتباله .. و لا عتب عليه فى إغفاله
فإن يك الفعل الذى ساء واحدًا **** فأفعاله اللائى سررن ألوف )

فهنا نجد أننا إنتقلنا من النثر إلى الشعر فى كلام فى غاية الإنسجام ، و لكى تعرف الفرق ننتقل إلى القرآن الكريم ، معجزة محمد و دليل نبوته .

قال تعالى : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} [الحجر 45 - 52]

أنت قرأت هذا الكلام من القرآن الكريم دون أن تدرى أنك قد إنتقلت من النثر إلى الشعر إلى النثر مرة آخرى ، و أتحدى أن يأتى بها إنسان .

عندما تنظر إلى { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) } ما جنى بارقات مستفعل فاعلات ( بيت من الشعر )

و مع ذلك لم تحس أذنى أننى قد إنتقلت من النثر إلى الشعر ثم من الشعر إلى النثر .

مثل ذلك قوله تعالى : { وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) }

قوله تعالى : { فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } مستفعل فاعل ... مستفعل فاعل ( بيت شعر )
فهل شعرت أنك إنتقلت من نثر إلى شعر إلى نثر مرة آخرى ؟

و كذلك قوله تعالى : { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } .. مفاعيل .. مفاعيل .. مفاعيل .. مفاعيل

فى هذه الآيات و غيرها الكثير لا تشعر أبدًا أنك قد إنتقلت من نثر إلى شعر ثم إلى نثر مرة آخرى .

إذًا بلاغة القرآن فى :

- مطابقة الحال ... حال جميع المخاطبين .
- الإنتقال من النثر إلى الشعر ثم إلى النثر دون أن تحس الأذن بذلك و لا يقدر إنسان على صنعه .
- تحريك النفس البشرية .. أى نفس بشرية .
- أن الله تحدى به أساطين البلاغة ، بل تحدى به الإنس و الجن على أن يأتوا بسورة من مثله .


الدليل على عجز العرب أمام معجزة القرآن :-


و الدليل على أن بلاغة القرآن هذه أعجزت العرب أنهم لم يستطعوا تصويب المواجهة إلى المعجزة ذاتها ، بل إتجهوا إلى تصويبها إلى من أتت المعجزة على يديه و هو النبى { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ]


محمد أمى و يأتى بهذه البلاغة ! :-


إن القرآن نفسه بكل ما يحمل يثبت نبوة الرسول ، فالرسول لم يعلم القراءة و الكتابة قط ، قال تعالى : { وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } [ العنكبوت : 48 ]

فالنبى لم يقرأ طوال حياته و لم يتعلم القراءة و الكتابة و الأدب و الشعر و النثر و لا آى شىء فى علم الكلام ، و مع ذلك جاء بمعجزة بلاغية لم يستطع أى شخص من الذين درسوا علم الكلام و البلاغة إلى آخره أن يأتى بسورة من مثله ، أليس هذا دليل على أن هذا القرآن إنما هو وحى الخالق ؟


العرب يسلمون بعجزهم أمام القرآن :-


(1) عن عبد الله بن العباس قال : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه ، فإن أتيت محمدا لتتعرض لما قبله ، قال : لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا ، قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له وأنك كاره له . فقال : وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ، ولا برجزه ولا بقصيدة مني ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ، والله إن لقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته ، قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه ، قال : فدعني حتى أفكر ، فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره ، فنزلت : { ذرني ومن خلقت وحيدا } [1]

أعلم أهل قريش بالشعر و النثر أقر أن : ( هذا ليس كشعرهم و لا كنثرهم ، و بأن هذا القول له حلاوة و عليه طلاوة ، و أعلاه منير ، و أسفله مشرق ، و يعلو و لا يعلى عليه ، و يحطم ما تحته )

(2) بعد فشل الكفار فى الرد على المعجزة البلاغية و التسليم بها ماذا قالوا ؟ قال تعالى : { وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا } [ القصص : 57 ]

أليس هذا دليلًا من القرآن على أن الكفار المعاندين أنفسهم أقروا له بالنبوة بقولهم { إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ} ؟

إذًا المانع من الإيمان ليس أنه غير الحق ، لكن المانع أنه سيزيل عنهم السيادة ، التى أعطاها لهم الباطل ، و كان هذا هو الرد : العناد بعد الفشل فى تحدى معجزة القرآن اللغوية .

فقد أثبتوا بذلك عجزهم أمام معجزة القرآن ، فياله من دليل على أن هذا ما هو بكلام البشر و أنه كلام الحق سبحانه و تعالى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
[1]هذا الأثر له طرق ضعيفة و مرسلة لا ننكرها ، لكن ورد من طريق آخر صحيح أخرجه السيوطى فى لباب النقول (319) فقال : إسناده صحيح على شرط الشيخين ، و أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 506) و صححه و وافقه الذهبي على شرط البخاري .

و ما سبق بتصرف من معجزة القرآن للشعراوى الجزء الأول .







توقيع Moustafa
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل: من الغرباء ؟ قال: النزاع من القبائل"
قال أبو عيسى الترمذي في هذا الحديث: "فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي"
الأحكام الشرعية الكبرى (4 / 496) - ط: مكتبة الرشد

قال الشاطبى:
"ولا شك أن الغالب أغلب، فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعاً، وهذه سنة الله في الخلق: إن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً وتصير السنة بدعة والبدعة سنة فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف كما كان أولا يقام على أهل البدعة"
الإعتصام (1 / 12) ط: التوحيد

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"يجب أن يعرف الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعي جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن كجهاد أهل البدع والأهواء كالخوارج ونحوهم الذين يجاهدون فى أهل الإسلام وفيمن هو أولى بالله ورسوله منهم من السابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين كما جاهدوا عليا ومن معه وهم لمعاوية ومن معه اشد جهادا"
الرد على الأخنائى (ص: 205) - المطبعة السلفية - القاهرة


رد باقتباس