رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على إمام المسلمين وسيد الخلق أجمعين أهل الحديث هم - كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: " كل من يستعمل الحديث " ( أخرجه السمعاني في " أدب الإملاء والاستملاء "[ص:110]). وهذا حد دقيق ، فإنه - رحمه الله - فرق به بين من يطلب الحديث لمجرد الطلب ، لا لنشره وتبليغه واستخدامه في مواطن الاحتجاج ، وبين من يطلبه تعلما وتعليما ، ويستخدمه في الاحتجاج والعمل ، ولا يعارضه برأي ولا بهوى ، فمذهبه إليه ، وعمله بمقتضاه ، لا كمن يطلبه تكثرا ، أو يعارضه برأيه أو برأي غيره ، أو يحتج بغرائبه ومناكيره ، ويضرب بها صحاحه وحسانه كما هو معلوم عن كثير من أهل الرأي . وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - : " تركنا أصحاب الرأي ، وكان عندهم حديث كثير ، فلم نكتب عنهم ، لأنهم معاندون للحديث ، لا يفلح منهم أحد " ( مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانىء النيسابوري )[ 1930 ]. فهؤلاء مع أنهم قد طلبوا الحديث ، وكتبوا منه وفرة وكثرة ، إلا أنهم لا ينسبون إلى أهل الحديث ، لأنهم لم يطلبوه للتعلم أو التعليم كما لم يطلبوه للاحتجاج أو للعمل به ، بل هم معاندون له ، مخالفون لمقتضى نصوصه ، فهم أصحاب حيل وزيوف . فمتى بذل المرء نفسه في طلب العلم ، وسماعه ، وكتابته ، وكتب العالي والنازل ، وقرأ الأصول ، وأدمن مطالعة الأجزاء ، وتفقه في معانيه ، وطلب ناسخه ومنسوخه ، ثم دان الله تعالى به ، وقام بحقه ، والتزم بأوامره ، وانتهى عن نواهيه ، وعظمه باتباعه ، ونشره ، والدعوة إليه ، وتعصب له ، ولم يضرب بعضه ببعض ، ولم يدن بالرأي ، ولم يقدم العقل عليه فهو آنذاك من أهل الحديث . فإن قيل : فما الحجة في تثبيت فضل أهل الحديث على غيرهم ؟ فالجواب : الحجة في ذلك ظاهرة من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتشهد لهم أقوال السلف والأئمة المعتبرين. وسوف نذكر من ذلك ما تطمئن به قلوب المؤمنين ، ويزدادوا به إيمانا مع إيمانهم ، فنقول : أما الحجة في ذلك من الكتاب الكريم : فقوله تعالى : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " [ التوبة : 122 ] . فهذه الآية مصداق على أهل الحديث ، الذين نفروا لطلب الحديث والفقه في الدين ، فهؤلاء قد رفع الله تعالى بخروجهم لطلب الحديث والفقه الإثم والحرج عن غيرهم ، ومثل هذا لا يتهيأ لأحد كما تهيأ لأهل الحديث . وقد قال يزيد بن هارون لحماد بن زيد : يا أبا إسماعيل ، هل ذكر الله عز وجل أصحاب الحديث في القرآن ؟ فقال : بلى ، ألم تسمع إلى قوله : " لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ " فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه ، ويرجع به إلى من وراءه ، يعلمهم إياه ( أخرجه الخطيب البغدادي في " شرف أصحاب الحديث " [ 112 ] بسند صحيح ). وأما الحجة في ذلك من السنة الشريفة : فحديث تقدم : { لن تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة } ( أخرجه أحمد [ 34 / 5 ] ، وابن أبي عاصم في " السنة " [ 333 / 2 ] ، وأبو داود الطيالسي [ 1076 ] ، والترمذي [ 2192 ] ، وابن ماجة [ 6 ] ، وابن حبان [ موارد : 2313 ] بسند صحيح من حديث معاوية بن قرة ، عن أبيه به . ذكر من قال ذلك : 1- عبد الله بن المبارك - رحمه الله - قال : " هم عندي أصحاب الحديث" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 42 ] . 2- يزيد بن هارون - رحمه الله - قال : " إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم" ( أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في " الحجة ببيان المحجة " [ 1 / 247 ] ، وهو عند الخطيب [ 41 ] من وجه آخر تالف . 3 - الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - قال : " إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم" ( أخرجه الحاكم في " معرفة علوم الحديث " [ ص : 3 ] ، وصححه الحافظ ابن حجر في " الفتح " [ 13 / 306 ] . 4 - علي بن المديني - رحمه الله - قال : " هم أصحاب الحديث" ( أخرجه الترمذي في " الجامع " [ 4 / 485 ] بسند صحيح ، ومن طريقه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 45 ] وهو عند الخطيب [ 9 ] من وجه آخر بإسناد واه ) . قال الخطيب البغدادي - رحمه الله - : (( قد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، وصرف عنهم كيد المعاندين ، لتمسكهم بالشرع المتين ، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين . فشأنهم حفظ الآثار ، وقطع المفاوز والقفار ، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى . قبلوا شريعته قولا وفعلا ، وحرسوا سنته حفظا ونقلا ، حتى ثبَّتوا بذلك أصلها ، وكانوا أحق بها وأهلها ، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها ، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها ، فهم الحفاظ لأركانها ، والقوَّام بأمرها وشأنها إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون : { أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة : 22 ] ) " شرف أصحاب الحديث " [ ص : 31 ] . وأما الخبر الثاني في تثبيت فضل أهل الحديث : فهو حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : عن النبي ، قال : { نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه ، حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه} ( أخرجه أحمد [ 5 / 183 ] ، وأبو داود [ 3660 ] ، والترمذي [ 2656 ] ، وابن حبان [ 72 و 73 ] بسند صحيح ) . فهذه هي خاصية أهل الحديث طلب الأحاديث والآثار ، فاستحقوا بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم . ويروى عن سفيان بن عيينة - رحمه الله - أنه قال : " ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 23 ] بسند ضعيف ، وإنما أوردناه استئناسا لا احتجاجا ) . والحديث الثالث في تثبيت فضل أهل الحديث وتقدمهم على غيرهم : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : : [ بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ غريبا ، فطوبى للغرباء ] ( أخرجه مسلم [ 1 / 130 ] ، وانب ماجة [ 3986 ] من طريق : يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة به ) . قال عبدان بن أحمد الأهوازي - رحمه الله - : " هم أصحاب الحديث الأوائل" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 34 ] ) . وأما الحجة في تثبيت فضلهم من أقوال من تقدم من السلف والأئمة المعتبرين : فهي كثيرة جدا ، وإنما نورد منها بعضها دفعا للتطويل . قال سفيان الثوري - رحمه الله - : " الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الأرض" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 80 ] بسند لا بأس به ) . وقال يزيد بن زريع - رحمه الله - : " لكل دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 81 ] بسند صحيح ) . وقال عثمان بن أبي شيبة - رحمه الله - وقد رأى بعض أهل الحديث يضطربون : " أما إن فاسقهم خير من عابد غيرهم" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح ) . وقال صالح بن محمد الرازي - رحمه الله - : " إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال ، فلا أدري من الأبدال " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 95 ] بسند صحيح ) . وقال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حيا" ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 85 ] بسند صحيح ) . وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : " ليس قوم عندي خير من أهل الحديث ، ليس يعرفون إلا الحديث" . وقال : " أهل الحديث أفضل من تكلَّلَم بالعلم " ( أخرجه الخلال في " العلل " ، ومن طريقه الخطيب [ 90 ] بسند صحيح ) . قلت : بل شهد لهم من خالفهم في منهجهم كأبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة ، وهو من أهل الرأي . فقال - وقد خرج يوما وأصحاب الحديث على الباب - : " ما على الأرض خير منكم ، أليس قد جئتم - أو بكرتم - تسمعون حديث رسول الله " ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 94 ] بسند صحيح إلى إبراهيم الحربي ، قال : خرج أبو يوسف .... فذكره ) . بل شهد لهم إمام المتكلمين في عصره الوليد الكرابيسي ، واعترف لهم بفضلهم ، وأوصى بنيه بالتزام مذهبهم وطريقتهم فعن أحمد بن سنان ، قال : " كان الوليد الكرابيسي خالي ، فلما حضرته الوفاة ، قال لبنيه : تعلمون أحدا أعلم بالكلام مني ؟ قالوا : لا ، قال : فتتهموني ؟ قالوا : لا ، قال : فإني أوصيكم ، أتقبلون ؟ قالوا : نعم ، قال : عليكم بما عليه أصحاب الحديث ، فإني رأيت الحق معهم ، لست أعني الرؤساء ، ولكن هؤلاء الممزقين ، ألم تر أحدهم يجيء إلى الرئيس منهم ، فيخطئه ، ويهجنه " قال أبو بكر بن أبي داود : كان أعرف الناس بالكلام بعد حفص الفرد الكرابيسي ، وكان حسين الكرابيسي منه تعلم الكلام ( أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " [ 105 ] بسند صحيح ) . فإذا ثبت عندك - مما تقدم ذكره - التعريف بأهل الحديث وبفضلهم ، فلنشرع في ذكر أصولهم التي بنوا عليها منهجهم ودعوتهم إلى الله تعالى مستمدين من الله تعالى العون والتوفيق. هذا الأصل منقول من كتاب : الأصول التي بنى عليها أهل الحديث منهجهم في الدعوة إلى الله للشيخ عمرو عبدالمنعم سليم -حفظه الله- للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
فضل أهل الحديث - بين يدي الدورة -
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
أبوحمزة السيوطي
المزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة أبوحمزة السيوطي بتاريخ
07.02.2010 الساعة 07:28 .
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بارك الله فيك أخي الحبيب فائدة طيبة غاية في الروعة والبيان . أسأل الله أن يكثر من أهل الحديث وأن يجعلنا منهم . وربما تكون لي عودة إن شاء الله |
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]()
اللهم آمين ولك عودة إجبارية يا دكتور بانتظارك ..... |
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
الحديث |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
العلم الحديث يكشف حكمة صيام الأيام البيض | هِداية | القسم الإسلامي العام | 2 | 17.12.2010 08:00 |
كتاب مقدمة مبسطة في علم الحديث | حارس العقيدة | الحديث و السيرة | 2 | 11.11.2010 01:34 |
جمع القران .. في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث | نور اليقين | القرآن الكـريــم و علـومـه | 4 | 07.10.2010 21:35 |
الرد على الشبهتين :الفرق بين الحديث القدسي و الحديث النبوي | nouro-al-iman | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة | 1 | 17.04.2009 13:01 |