|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73) } سورة القصص يَقُول تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَاده بِمَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنْ اللَّيْل وَالنَّهَار اللَّذَيْنِ لَا قِوَام لَهُمْ دُونهمَا وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ اللَّيْل دَائِمًا عَلَيْهِمْ سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ وَلَسَئِمَتْهُ النُّفُوس وَانْحَصَرَتْ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ " أَيْ تُبْصِرُونَ بِهِ وَتَسْتَأْنِسُونَ بِسَبَبِهِ " أَفَلَا تَسْمَعُونَ " . كما أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ النَّهَار سَرْمَدًا أَيْ دَائِمًا مُسْتَمِرًّا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ وَلَتَعِبَتْ الْأَبْدَانِ وَكَلَّتْ مِنْ كَثْرَة الْحَرَكَات وَالْأَشْغَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :" مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ " أَيْ تَسْتَرِيحُونَ مِنْ حَرَكَاتكُمْ وَأَشْغَالكُمْ " أَفَلَا تُبْصِرُونَ" . وَمِنْ رَحْمَته " أَيْ بِكُمْ " جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار " أَيْ خَلَقَ هَذَا وَهَذَا " لِتَسْكُنُوا فِيهِ " أَيْ فِي اللَّيْل " وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله " أَيْ فِي النَّهَار بِالْأَسْفَارِ وَالتَّرْحَال وَالْحَرَكَات وَالْأَشْغَال وَهَذَا مِنْ بَاب اللَّفّ وَالنَّشْر . وَقَوْله : " وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " أَيْ تَشْكُرُونَ اللَّه بِأَنْوَاعِ الْعِبَادَات فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَنْ فَاتَهُ شَيْء بِاللَّيْلِ اِسْتَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ أَوْ بِالنَّهَارِ اِسْتَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر أَوْ أَرَادَ شُكُورًا " وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة . إنها معجزات قرآنية تشهد على أن القرآن يحوي إعجازاً تصويرياً مبهراً يصور لنا حقائق الأمور قبل أن نراها. فالله تبارك وتعالى حدثنا عن ظاهرة أخرى أيضاً تتعلق بالليل والنهار وهي آيات تشير إلى معجزات علمية يقول تبارك وتعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [القصص: 71-72]. وهنا يعجب الإنسان من دقة هذا الوصف لليل والنهار في زمن نزول القرآن، كيف يمكن لليل أن يكون سرمداً دائماً خالداً إلى يوم القيامة، وكيف يمكن للنهار أن يكون كذلك؟ والله تبارك وتعالى وضع على الأرض إشارة ليذكرنا بهذه النعمة، ففي منطقة القطب الشمالي حيث يستمر الليل في هذه المنطقة ستة أشهر ثم يستمر فيها النهار ستة أشهر أيضاً، فهذه إشارات إلى أن الله تبارك وتعالى عندما يحدثنا عن أشياء علمية فإنما يحدثنا عن حقائق من الممكن أن تحدث، أي أن القرآن لم يذكر أي حقيقة كونية إلا وهنالك إمكانية لتحقيقها، عندما قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) فهذا الأمر ممكن التحقيق ولا يترتب عليه أي خلل في نظام دوران الأرض، وكذلك عندما قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) كذلك أيضاً كان من الممكن أن تكون الأرض مثلاً ثابتة في مواجهة الشمس ويبقى النهار دائماً إلى يوم القيامة. لماذا يذكر الله تبارك وتعالى هذه الآيات في كتابه ما هي العبرة؟ إنها معجزات تشهد على صدق القرآن وتزيدنا إيماناً وتعلقاً ولكن هنالك أشياء أخرى أيضاً. هنالك أهداف ينبغي أن نتأملها عندما يقول تبارك وتعالى: (أَفَلَا تَسْمَعُونَ) ويقول أيضاً: (أَفَلَا تُبْصِرُونَ) فالمطلوب منا أن نسمع ونبصر ونذكر نعمة الله تبارك وتعالى علينا، فالله عز وجل عندما خاطب كل واحد منا بقوله: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18]، عندما خاطبنا بهذه الآية إنما خاطبنا لنذكر هذه النعم ونؤدي شكر الله تبارك وتعالى أنه جعل هذا الليل وهذا النهار نعمة لنسكن في الليل ونبتغي من فضل الله تبارك وتعالى في النهار. ودائماً أقول عندما أتدبر هذا القرآن أحاول أن أفهم هذا القرآن، عندما يقول تبارك وتعالى: (سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أتخيل كيف سيكون حالي وحال الكائنات على وجه الأرض إذا كان هنالك ليل دائم أو نهار دائم، وبالتالي هذه الآيات تدعوني لأن أقول كما علمنا رب العزة تبارك وتعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) المصادر : تفسير القرآن الكريم لإبن كثير للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
الى كل مسيحى : صور جمالية ... تأمل
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
بن الإسلام
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
الحمد لله والصلاة والسلام على النبي المصطفى سيدنا محمد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك ..
ما شاء الله على هذا الكلام العطر مأجور على المجهود المبذول ..جل احترامي.. المزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة بن الإسلام بتاريخ
17.04.2012 الساعة 17:30 . و السبب : اضافة حرف
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) } سورة الإخلاص . قَوْله تَعَالَى " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد " يَعْنِي لا صَاحِبَة لَهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " بَدِيع السَّمَوَات وَالأَرْض أَنَّى يَكُون لَهُ وَلَد وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَة وَخَلَقَ كُلّ شَيْء " أَيْ هُوَ مَالِك كُلّ شَيْء وَخَالِقه فَكَيْف يَكُون لَهُ مِنْ خَلْقه نَظِير يُسَامِيه أَوْ قَرِيب يُدَانِيه تَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَاد السَّمَوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذ وَلَدًا إِنْ كُلّ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلّهمْ آتِيه يَوْم الْقِيَامَة فَرْدًا " وَقَالَ تَعَالَى " وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا سُبْحَانه بَلْ عِبَاد مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ" وَقَالَ تَعَالَى " وَجَعَلُوا بَيْنه وَبَيْن الْجِنَّة نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ سُبْحَان اللَّه عَمَّا يَصِفُونَ " وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ " لا أَحَد أَصْبَر عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّه يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ يَرْزُقهُمْ وَيُعَافِيهِمْ" وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان حَدَّثَنَا شُعَيْب حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَاد عَنْ الأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كَذَّبَنِي اِبْن آدَم وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَّا تَكْذِيبه إِيَّايَ فَقَوْله لَنْ يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أَوَّل الْخَلْق بِأَهْوَن عَلَيَّ مِنْ إِعَادَته وَأَمَّا شَتْمه إِيَّايَ فَقَوْله اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا وَأَنَا الأَحَد الصَّمَد لَمْ أَلِد وَلَمْ أُولَد وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَد " وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ هَمَّام بْن مُنَبِّه عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا بِمِثْلِهِ تَفَرَّدَ بِهِمَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ . آخِر تَفْسِير سُورَة الإِخْلَاص وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة . المصدر : تفسير ابن كثير . |
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
بارك الله فيك مواضيع علمية غاية في الأهمية المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
أرجو تثبيت الموضوع لأهميته
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
تم التثبيت أخى الحبيب حياك الله وجزيت خيراً المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :8 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) } سورة المؤمنون . وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ اِبْتِدَاء خَلْق الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين وَهُوَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام خَلَقَهُ اللَّه مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (1) " ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة " هَذَا الضَّمِير عَائِد عَلَى جِنْس الْإِنْسَان كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَبَدَأَ خَلْق الْإِنْسَان مِنْ طِين ثُمَّ جَعَلَ نَسْله مِنْ سُلَالَة مِنْ مَاء مَهِين " أَيْ ضَعِيف كَمَا قَالَ" أَلَمْ نَخْلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين" يَعْنِي الرَّحِم مُعَدّ لِذَلِكَ مُهَيَّأ لَهُ " إِلَى قَدَر مَعْلُوم فَقَدَرنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ " أَيْ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَة وَأَجَل مُعَيَّن حَتَّى اُسْتُحْكِمَ وَنُقِلَ مِنْ حَال إِلَى حَال وَصِفَة إِلَى صِفَة وَلِهَذَا قَالَ هَهُنَا ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا " ثُمَّ مِنْ عَلَقَة " وَهُوَ الدَّم الْجَامِد. وَالْعَلَق الدَّم الْعَبِيط ; أَيْ الطَّرِيّ . وَقِيلَ : الشَّدِيد الْحُمْرَة. " ثُمَّ مِنْ مُضْغَة " وَهِيَ لَحْمَة قَلِيلَة قَدْر مَا يُمْضَغ ; وَمِنْهُ الْحَدِيث ( أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَد مُضْغَة ) . وَهَذِهِ الْأَطْوَار أَرْبَعَة أَشْهُر . قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( وَفِي الْعَشْر بَعْد الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة يُنْفَخ فِيهِ الرُّوح ) , فَذَلِكَ عِدَّة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا ; أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر . رَوَى يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة حَدَّثَنَا دَاوُد عَنْ عَامِر عَنْ عَلْقَمَة عَنْ اِبْن مَسْعُود وَعَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ النُّطْفَة إِذَا اِسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَخَذَهَا مَلَك بِكَفِّهِ فَقَالَ : " يَا رَبّ , ذَكَر أَمْ أُنْثَى , شَقِيَ أَمْ سَعِيد , مَا الْأَجَل وَالْأَثَر , بِأَيِّ أَرْض تَمُوت ؟ فَيُقَال لَهُ اِنْطَلِقْ إِلَى أُمّ الْكِتَاب فَإِنَّك تَجِد فِيهَا قِصَّة هَذِهِ النُّطْفَة , فَيَنْطَلِق فَيَجِد قِصَّتهَا فِي أُمّ الْكِتَاب , فَتُخْلَق فَتَأْكُل رِزْقهَا وَتَطَأ أَثَرهَا فَإِذَا جَاءَ أَجَلهَا قُبِضَتْ فَدُفِنَتْ فِي الْمَكَان الَّذِي قُدِّرَ لَهَا ; ثُمَّ قَرَأَ عَامِر " يَأَيُّهَا النَّاس إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِنْ الْبَعْث فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَاب " . وَفِي الصَّحِيح عَنْ أَنَس بْن مَالِك - وَرَفَعَ الْحَدِيث - قَالَ : ( إِنَّ اللَّه قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُول أَيْ رَبّ نُطْفَة . أَيْ رَبّ عَلَقَة . أَيْ رَبّ مُضْغَة . فَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَقْضِي خَلْقًا قَالَ قَالَ الْمَلَك أَيْ رَبّ ذَكَر أَوْ أُنْثَى شَقِيّ أَوْ سَعِيد . فَمَا الرِّزْق فَمَا الْأَجَل . فَيُكْتَب كَذَلِكَ فِي بَطْن أُمّه ) . وَفِي الصَّحِيح أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيد الْغِفَارِيّ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بَعَثَ اللَّه إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعهَا وَبَصَرهَا وَجِلْدهَا وَلَحْمهَا وَعِظَامهَا ثُمَّ يَقُول أَيْ رَبّ أَذَكَر أَمْ أُنْثَى ... ) وَذَكَرَ الْحَدِيث. وَفِي الصَّحِيح عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِق الْمَصْدُوق ( إِنَّ أَحَدكُمْ يُجْمَع خَلْقه فِي بَطْن أُمّه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُون فِي ذَلِكَ عَلَقَة مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ يَكُون مُضْغَة مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَل الْمَلَك فَيَنْفُخ فِيهِ الرُّوح وَيُؤْمَر بِأَرْبَعِ كَلِمَات بِكَتْبِ رِزْقه وَأَجَله وَعَمَله وَشَقِيّ أَوْ سَعِيد... ) الْحَدِيث . فَهَذَا الْحَدِيث مُفَسِّر لِلْأَحَادِيثِ الْأَوَّل ; فَإِنَّهُ فِيهِ : ( يُجْمَع أَحَدكُمْ فِي بَطْن أُمّه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَة ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَة ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَة ثُمَّ يُبْعَث الْمَلَك فَيَنْفُخ فِيهِ الرُّوح ) فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَشْهُر وَفِي الْعَشْر يَنْفُخ الْمَلَك الرُّوح , وَهَذِهِ عِدَّة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس . وَقَوْله : ( إِنَّ أَحَدكُمْ يُجْمَع خَلْقه فِي بَطْن أُمّه ) قَدْ فَسَّرَهُ اِبْن مَسْعُود , سُئِلَ الْأَعْمَش : مَا يُجْمَع فِي بَطْن أُمّه ؟ فَقَالَ : حَدَّثَنَا خَيْثَمَة قَالَ قَالَ عَبْد اللَّه : إِذَا وَقَعَتْ النُّطْفَة فِي الرَّحِم فَأَرَادَ أَنْ يَخْلُق مِنْهَا بَشَرًا طَارَتْ فِي بَشَرَة الْمَرْأَة تَحْت كُلّ ظُفُر وَشَعْر ثُمَّ تَمْكُث أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَصِير دَمًا فِي الرَّحِم ; فَذَلِكَ جَمْعهَا , وَهَذَا وَقْت كَوْنهَا عَلَقَة . نِسْبَة الْخَلْق وَالتَّصْوِير لِلْمَلَكِ نِسْبَة مَجَازِيَّة لَا حَقِيقِيَّة , وَأَنَّ مَا صَدَرَ عَنْهُ فِعْل مَا فِي الْمُضْغَة كَانَ عِنْد التَّصْوِير وَالتَّشْكِيل بِقُدْرَةِ اللَّه وَخَلْقه وَاخْتِرَاعه ; أَلَا تَرَاهُ سُبْحَانه قَدْ أَضَافَ إِلَيْهِ الْخِلْقَة الْحَقِيقِيَّة , وَقَطَعَ عَنْهَا نَسَب جَمِيع الْخَلِيقَة فَقَالَ : " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ " [ الْأَعْرَاف : 11 ]. وَقَالَ : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين " [ الْمُؤْمِنُونَ : 12 - 13 ] . وَقَالَ : " يَأَيُّهَا النَّاس إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب مِنْ الْبَعْث فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة " . وَقَالَ تَعَالَى : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِر وَمِنْكُمْ مُؤْمِن " [ التَّغَابُن : 2 ] . ثُمَّ قَالَ : " وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَركُمْ " [ غَافِر : 64 ] . وَقَالَ : " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان فِي أَحْسَن تَقْوِيم " [ التِّين : 4 ] . وَقَالَ : " خَلَقَ الْإِنْسَان مِنْ عَلَق " [ الْعَلَق : 2 ] . إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات , مَعَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَاطِعَات الْبَرَاهِين أَنْ لَا خَالِق لِشَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَات إِلَّا رَبّ الْعَالَمِينَ . وَهَكَذَا الْقَوْل فِي قَوْل : " ثُمَّ يُرْسَل الْمَلَك فَيَنْفُخ فِيهِ الرُّوح " أَيْ أَنَّ النَّفْخ سَبَب خَلْق اللَّه فِيهَا الرُّوح وَالْحَيَاة. وَكَذَلِكَ الْقَوْل فِي سَائِر الْأَسْبَاب الْمُعْتَادَة ; فَإِنَّهُ بِإِحْدَاثِ اللَّه تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ . فَتَأَمَّلْ هَذَا الْأَصْل وَتَمَسَّكْ بِهِ , فَفِيهِ النَّجَاة مِنْ مَذَاهِب أَهْل الضَّلَال الطَّبْعِيِّينَ وَغَيْرهمْ . ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي الْخَلْق الْآخَر ; فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالشَّعْبِيّ وَأَبُو الْعَالِيَة وَالضَّحَّاك وَابْن زَيْد : هُوَ نَفْخ الرُّوح فِيهِ بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : خُرُوج إِلَى الدُّنْيَا . وَقَالَ قَتَادَة عَنْ فِرْقَة : نَبَات شَعْره . الضَّحَّاك : خُرُوج الْأَسْنَان وَنَبَات الشَّعْر. مُجَاهِد : كَمَال شَبَابه ; وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر : وَالصَّحِيح أَنَّهُ عَامّ فِي هَذَا وَفِي غَيْره مِنْ النُّطْق وَالْإِدْرَاك وَحُسْن الْمُحَاوَلَة وَتَحْصِيل الْمَعْقُولَات إِلَى أَنْ يَمُوت . فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ يُرْوَى أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَمَّا سَمِعَ صَدْر الْآيَة إِلَى قَوْله " خَلْقًا آخَر " قَالَ فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَكَذَا أُنْزِلَتْ ) . وَفِي مُسْنَد الطَّيَالِسِيّ : وَنَزَلَتْ " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين " الْآيَة ; فَلَمَّا نَزَلَتْ قُلْت أَنَا : تَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ ; فَنَزَلَتْ " تَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ " . وَيُرْوَى أَنَّ قَائِل ذَلِكَ مُعَاذ اِبْن جَبَل . وَرُوِيَ أَنَّ قَائِل ذَلِكَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَرْح , وَبِهَذَا السَّبَب اِرْتَدَّ وَقَالَ : آتِي بِمِثْلِ مَا يَأْتِي مُحَمَّد ; وَفِيهِ نَزَلَ " وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْء وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْل مَا أَنْزَلَ اللَّه " [ الْأَنْعَام : 93 ] عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي " الْأَنْعَام " . وَقَوْله تَعَالَى : " فَتَبَارَكَ " تَفَاعَلَ مِنْ الْبَرَكَة . " أَحْسَن الْخَالِقِينَ " أَتْقَن الصَّانِعِينَ. يُقَال لِمَنْ صَنَعَ شَيْئًا خَلَقَهُ ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْت وَبَعْ ضُ الْقَوْم يَخْلُق ثُمَّ لَا يَفْرِي وَذَهَبَ بَعْض النَّاس إِلَى نَفْي هَذِهِ اللَّفْظَة عَنْ النَّاس وَإِنَّمَا يُضَاف الْخَلْق إِلَى اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : إِنَّمَا قَالَ " أَحْسَن الْخَالِقِينَ " لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَذِنَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يَخْلُق ; وَاضْطَرَبَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ . وَلَا تُنْفَى اللَّفْظَة عَنْ الْبَشَر فِي مَعْنَى الصُّنْع ; وَإِنَّمَا هِيَ مَنْفِيَّة بِمَعْنَى الِاخْتِرَاع وَالْإِيجَاد مِنْ الْعَدَم . مَسْأَلَة : مِنْ هَذِهِ الْآيَة قَالَ اِبْن عَبَّاس لِعُمَرَ حِين سَأَلَ مَشْيَخَة الصَّحَابَة عَنْ لَيْلَة الْقَدْر فَقَالُوا : اللَّه أَعْلَم ; فَقَالَ عُمَر : مَا تَقُول يَا اِبْن عَبَّاس ؟ فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ السَّمَوَات سَبْعًا وَالْأَرَضِينَ سَبْعًا , وَخَلَقَ اِبْن آدَم مِنْ سَبْع وَجَعَلَ رِزْقه فِي سَبْع , فَأَرَاهَا فِي لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ . فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَعْجَزَكُمْ أَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ مَا أَتَى هَذَا الْغُلَام الَّذِي لَمْ تَجْتَمِع شُؤُون رَأْسه . وَهَذَا الْحَدِيث بِطُولِهِ فِي مُسْنَد اِبْن أَبِي شَيْبَة . فَأَرَادَ اِبْن عَبَّاس " خُلِقَ اِبْن آدَم مِنْ سَبْع " بِهَذِهِ الْآيَة , وَبِقَوْلِهِ " وَجُعِلَ رِزْقه فِي سَبْع " قَوْله " فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا . وَعِنَبًا وَقَضْبًا . وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا . وَحَدَائِق غُلْبًا . وَفَاكِهَة وَأَبًّا " [ عَبَسَ : 27 - 31 ] الْآيَة . السَّبْع مِنْهَا لِابْنِ آدَم , وَالْأَب لِلْأَنْعَامِ . وَالْقَضْب يَأْكُلهُ اِبْن آدَم وَيَسْمَن مِنْهُ النِّسَاء ; هَذَا قَوْل . وَقِيلَ : الْقَضْب الْبُقُول لِأَنَّهَا تُقْضَب ; فَهِيَ رِزْق اِبْن آدَم . وَقِيلَ : الْقَضْب وَالْأَب لِلْأَنْعَامِ , وَالسِّتّ الْبَاقِيَة لِابْنِ آدَم , وَالسَّابِعَة هِيَ لِلْأَنْعَامِ ; إِذْ هِيَ مِنْ أَعْظَم رِزْق اِبْن آدَم . (2) المصادر : (1) - تفسير القرآن الكريم لابن كثير. (2) - تفسير القرآن الكريم للقرطبي . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :9 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)} سورة الكهف. يَقُول تَعَالَى مُسَلِّيًا لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ فِي حُزْنه عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان وَبُعْدهمْ عَنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات " وَقَالَ وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَقَالَ " لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " بَاخِع أَيْ مُهْلِك نَفْسك بِحُزْنِك عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا قَالَ " فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث " يَعْنِي الْقُرْآن أَسَفًا يَقُول لَا تُهْلِك نَفْسك أَسَفًا قَالَ قَتَادَة : قَاتِل نَفْسك غَضَبًا وَحُزْنًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ مُجَاهِد جَزَعًا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب أَيْ لَا تَأْسَف عَلَيْهِمْ بَلْ أَبْلَغَكُمْ رِسَالَة اللَّه فَمَنْ اِهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارًا فَانِيَة مُزَيَّنَة بِزِينَةٍ زَائِلَة وَإِنَّمَا جَعَلَهَا دَار اِخْتِبَار لَا دَار قَرَار . المصدر: تفسير القران الكريم لابن كثير. |
رقم المشاركة :10 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَيْسَ الْمُؤْمِن بِاَلَّذِي يُخَالِف اللَّه وَرَسُوله وَيَتْرُك اِتِّبَاع مَا أَنْزَلَهُ إِلَيْهِ فِي كِتَابه مِنْ حُدُوده وَفَرَائِضه وَالِانْقِيَاد لِحُكْمِهِ , وَلَكِنَّ الْمُؤْمِن هُوَ الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَ قَلْبه وَانْقَادَ لِأَمْرِهِ وَخَضَعَ لِذِكْرِهِ خَوْفًا مِنْهُ وَفَرَقًا مِنْ عِقَابه , وَإِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ آيَات كِتَابه صَدَّقَ بِهَا وَأَيْقَنَ أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَازْدَادَ بِتَصْدِيقِهِ بِذَلِكَ إِلَى تَصْدِيقه بِمَا كَانَ قَدْ بَلَّغَهُ مِنْهُ قَبْل ذَلِكَ تَصْدِيقًا ; وَذَلِكَ هُوَ زِيَادَة مَا تَلَا عَلَيْهِمْ مِنْ آيَات اللَّه إِيَّاهُمْ إِيمَانًا . { وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ } يَقُول : وَبِاَللَّهِ يُوقِنُونَ فِي أَنَّ قَضَاءَهُ فِيهِمْ مَاضٍ فَلَا يَرْجُونَ غَيْره وَلَا يَرْهَبُونَ سِوَاهُ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 12180 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : الْمُنَافِقُونَ لَا يَدْخُل قُلُوبهمْ شَيْء مِنْ ذِكْر اللَّه عِنْد أَدَاء فَرَائِضه , وَلَا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ آيَات اللَّه , وَلَا يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّه , وَلَا يُصَلُّونَ إِذَا غَابُوا , وَلَا يُؤَدُّونَ زَكَاة أَمْوَالهمْ . فَأَخْبَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ , ثُمَّ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } فَأَدَّوْا فَرَائِضه , { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا } يَقُول : تَصْدِيقًا , { وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ } يَقُول : لَا يَرْجُونَ غَيْره . 12181 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد : { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : فَرَقَتْ . 12182 - قَالَ ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ : { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : إِذَا ذُكِرَ اللَّه عِنْد الشَّيْء وَجِلَ قَلْبه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } يَقُول : إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَ قَلْبه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : فَرَقَتْ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } فَرَقَتْ . 12183 - قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُرِيد أَنْ يَظْلِم - أَوْ قَالَ : يَهُمّ بِمَعْصِيَةٍ - أَحْسَبهُ قَالَ : فَيَنْزِع عَنْهُ . 12184 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , فِي قَوْله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : الْوَجَل فِي الْقَلْب كَإِحْرَاقِ السَّعَفَة , أَمَا تَجِد لَهُ أُقْشَعْرِيرَة ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : إِذَا وَجَدْت ذَلِكَ فِي الْقَلْب فَادْعُ اللَّه , فَإِنَّ الدُّعَاء يَذْهَب بِذَلِكَ . 12185 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : فَرَقًا مِنْ اللَّه , وَوَجَلًا مِنْ اللَّه , وَخَوْفًا مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . وَأَمَّا قَوْله : { زَادَتْهُمْ إِيمَانًا } فَقَدْ ذَكَرْت قَوْل اِبْن عَبَّاس فِيهِ . وَقَالَ غَيْره فِيهِ , مَا : 12186 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا } قَالَ : خَشْيَة . 12187 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ } قَالَ : هَذَا نَعْت أَهْل الْإِيمَان , فَأَثْبَتَ نَعْتهمْ , وَوَصَفَهُمْ فَأَثْبَتَ صِفَتهمْ . المصدر : تفسير الطبري . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |