رقم المشاركة :19 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وكان من أبرز ما قدّمه موسى بن نصير إلى الخليفة الوليد من الغنائم التذكارية النفيسة مائدة تفوق قيمتها كل تقدير، كان طارق بن زياد قد غنمها من كاتدرائية طليطلة، وكان القوط قد تفننوا في صنعها فنسبها العرب إلى سليمان بن داود، وإنما أطلق عليها هذا الاسم كناية عن قدمها وعظم شأنها. واختلفت الروايات كذلك في وصف هذه المائدة وبيان هيئتها وسبب وجودها، فذكرت إحدى الروايات أن الأغنياء والموسرين من القوط دأبوا أن يوصلوا للكنائس بقدر معلوم من ثرواتهم عند الوفاة وكلما تجمع المال الوفير بين المشرفين على تلك الكنائس أمروا بصناعة موائد وكراسي من الذهب والفضة تضع القساوسة عليها الأناجيل في أيام الاحتفالات من أجل المباهاة والتفاخر، ونالت كنيسة طليطلة قدرا كبيرا من مال الوصايا، وخاصة أنها كانت مقرّ البيت المالك، ولذا تأنق الملوك في عمل مائدة لهذه الكنيسة فاقت كل الموائد في سائر أسبانيا؛ إذ حرص كل ملك على أن يزيد في مائدة كنيسة طليطلة إعلاء لذكره وتباهيا بعاصمة ملكه حتى صار لها مركز الصدارة في جميع البلاد وتحدث الجميع بجمالها وعلو قيمتها، فكانت مصنوعة من الذهب الخالص مرصعة بفاخر الدر والياقوت والزبرجد. ومهما يكن من أمر تلك الروايات فمما لا شك فيه أنها أجمعت على شيء واحد هو عظمة هذا الكنز الثمين الذي فاقت أخباره ما عداه في كنوز وجدها الفاتحون في سائر مدن الأندلس، ويرجح أن هذه المائدة كانت مذبح الكنيسة الجامعة في طليطلة، وأنها كانت على درجة خيالية من الجمال حتى تليق بعاصمة القوط، ولتكون رمزا على ثراء دولتهم وغناها الوافر. وكان مما قدّم للخليفة الدر والياقوت أكيالا والسيوف المحلاة بالجواهر والتيجان الذهبية المرصّعة بالحجارة الثمينة وآنية الذهب والفضة، وغير ذلك مما لا يحيط به وصف. وقد أغدق الخليفة الخلع على موسى ثلاث مرات تشريفا له، كما أغدق المنح لآل بيته، ولما انتهى الخليفة من منح موسى براءات الشرف والتكريم استأذن منه هذا القائد العظيم في تقديم المشتركين معه في موكب النصر فأدخل عليه موسى ملوك البربر وملوك الروم وملوك الأسبان وملوك الفرنجة، ثم أدخل عليه رؤوس البلاد ممن كان معه من قريش والعرب؛ فأحسن الخليفة لهم العطايا والمنح. وبانتهاء يوم الاستقبال اختتم موسى بن نصير حياته العامة، ذلك أن الوليد ابن عبد الملك توفي بعد ذلك اليوم بأربعين يوما فقط، وخلفه سليمان بن عبد الملك عام 96هـ (715م)، وأعفى الخليفة الجديد غداة توليه العرش موسى بن نصير - وكان إذ ذاك قد ناهز الثمانين من عمره - من العودة إلى الأندلس، وأراد الخليفة سليمان بن عبد الملك أن يختم حياته بالحجّ إلى بيت الله الحرام واصطحب معه إلى مكة والمدينة موسى بن نصير، وقد توفي موسى بن نصير بالمدينة بعد أداء فريضة الحج ودفن بالبقيع في أوائل عام 97هـ. أما طارق بن زياد فقد انتهت حياته في غموض، ولا تذكر الرواية الإسلامية أين ومتى توفي، ويقال إن مغيث الرومي وشّى به وخوّف الخليفة منه، وكان الخليفة سليمان ابن عبد الملك يريد أن يوليه الأندلس فعدل عن ذلك. ولكن إهمال المؤرخين لطارق بن زياد لم يحرمه نصيبه من الخلود، فقد شاءت المقادير أن تحمل اسمه أول بقعة في الأندلس وطئتها قدماه وهي جبل طارق، كما سمي بحر الزقاق باسم مضيق جبل طارق، وانتقلت هذه التسمية إلى اللغات الأوربية جميعها بصيغها محرفة تحريفا بسيطا. ولم تشر الروايات العربية إلى مصير يوليان الذي مهّد لفتح الأندلس، وتذكر بعض الروايات أنه عاد إلى سبتة وأقطع ما حولها من الأرض، وظل أميرا على سبتة نظير خدماته، ولكنه بقي نصرانيا هو وبنوه الأقربون، أما ذريته فيقال إنها دخلت الإسلام بعد ذلك، أما أبناء غيطشة فقد أقطعوا ما كان لأبيهم، كما عين أخ غيطشة حاكما لمدينة طليطلة. |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
(التاريخ, المجيد), الاندلس, اقراء, تاريخك |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
أخطر رحلة فى تاريخك | بن الإسلام | قسم المحاضرات | 3 | 12.10.2014 09:10 |
قصة رجل فقد زوجته وأبنائه الإحدى عشر ،، محمد العريفي | نور عمر | قسم الصوتيات والمرئيات | 4 | 25.12.2011 03:59 |
سقوط الدول ( الاندلس مثلا ) | جادي | التاريخ والبلدان | 4 | 15.11.2010 14:27 |
هذه هي عقيدة الأمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ردا على المشككين | الاشبيلي | العقيدة و الفقه | 1 | 22.07.2010 09:53 |
اقرأ.. وتكفيني الابتسامة | خادم المسلمين | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 6 | 16.04.2009 02:23 |