|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]()
الموضوع الأصلي :
فتح الاندلس (التاريخ المجيد) اقرأ تاريخك
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
جادي
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وذكرت بعض المراجع أن جيش القوط بقيادة لوذريق بلغ عدده مائة ألف مقاتل وضمّ عددا عظيما من الفرسان، ويرجح أن هذا العدد مبالغ فيه، وأدرك طارق بن زياد أن العدد الذي معه من جند المسلمين لا يكفي لقتال قوات لوذريق الهائلة؛ ولذا أرسل إلى موسى بن نصير يشرح له الموقف ويطلب إليه إرسال الإمدادات بسرعة، فأمدّه موسى بن نصير بحملة عددها خمسة آلاف مقاتل بقيادة طريف بن مالك الذي قاد أول حركة استطلاعية في أرض أسبانيا، ونقل هؤلاء الجنود مرّة واحدة على سفن الأسطول العربي إلى أسبانيا، ووصلت الإمدادات الإسلامية إلى طارق في اللحظة الحاسمة التي كان القوط على وشك شنّ الهجوم على المسلمين، وأعدّ طارق بن زياد قواته للمعركة، ثم وقف بين جنده خطيبا يحثّهم على الاستبسال في القتال، شأنه في ذلك شأن قادة الفتوح العربية الذين دأبوا على رفع روح جندهم المعنوية بإلقاء خطاب حماسي بينهم قبل نشوب المعركة، وتعتبر خطبة طارق من روائع الأدب العربي، ومما جاء في هذه الخطبة: "أيها الناس! أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدوّ أمامكم، وليس لكم والله إلا الصبر والصدق، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيوشه وأسلحته وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوّكم، وإن امتدّت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمرا ذهبت ريحكم وتعوّضت القلوب عن رعبها فيكم الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية؛ فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت، وإني لم أحذركم أمرا أنا عنه بنجوة، ولا حملتكم على خطة أرخص متاعا فيها للنفوس أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقّ قليلا استمتعتم بالأرفة الألذّ طويلا، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي؛ فما حظّكم فيه بأوفى من حظّي، وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان من بنات اليونان الرافلات في الدرّ والمرجان والحلل المنسوجة بالعقبان، المصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارا وأختانا؛ ثقة منه بارتياحكم للطعان واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان؛ ليكون حظّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم، والله تعالى ولي أنجادكم على ما يكون لكم ذكرا في الدارين. أيها الناس: ما فعلت من شيء فافعلوا مثله؛ إن حملت فاحملوا، وإن وقفت فقفوا، ثم كونوا كهيئة رجل واحد في القتال، وإني عامد إلى طاغيتهم بحيث لا أنهيه حتى أخالطه وأمثل دونه؛ فإن قتلت فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وتولوا الدبر لعدوكم فتبدوا بين قتيل وأسير، وإياكم إياكم أن ترضوا بالدنية، ولا تعطوا بأيديكم وارغبوا فيما عجل لكم من الكرامة الراحة من المهانة والزلة، وما قد أجل لكم من ثواب الشهادة فإنكم إن تفعلوا - والله معكم ومفيدكم - تبوءوا بالخسران المبين وسوء الحديث غدا بين من عرفكم من المسلمين، وهاأنذا حامل حتى أغشاه؛ فاحملوا بحملتي". وفي الوقت الذي أثرت فيه خطبة طارق تأثيرا كبيرا في نفوس جنوده ورفعت من روحهم المعنوية كانت العناصر الحانقة على لوذريق تحدث أعمالها وتدفع بكثير من أولئك الغاضبين إلى الانضمام إلى جيش طارق، ووقف الفريقان على ضفتي النهر أخيرا استعدادا للقتال، وكان المسلمون ببساطتهم ويقظتهم موضع الهيبة في النفوس، على حين كان منظر القوط يدعو إلى السخرية والازدراء؛ إذ جلس لوذريق في عربة مطهمة يجرها جوادان وعليه أثواب الحرير البراقة، وهو يحاول عبثا بثّ روح الحماسة في جنده، وكان في جيشه اثنان من إخوة غيطشة، وهما: أبه وششبرت اللذان صالحهما بغية توحيد صفوف القوط، وجعل أحدهما على الخيالة التي كانت عماد جيش القوط، وفي يوم الأحد 28 من رمضان عام 92هـ (19 يوليو 711م) بدأت المناوشات بين الجانبين على وادي البرباط بالقرب من بلدة شذونة، واستمرت المناوشات ثلاثة أيام أظهر فيها كل من الجانبين الكثير من ضروب الشجاعة والبسالة دون أن يحصل أحدهما على نصر يذكر، غير أن أتباع يوليان نشطوا في أثناء القتال وبثّوا رجالاتهم وسط جند لوذريق ليصرفوهم عنه ويؤكدوا لهم أن المسلمين لم يأتوا إلى الأندلس للفتح والاستقرار ولكن للقضاء على هذا الطاغية، وأنه إذا تمّ القضاء على حكم لوذريق عادت البلاد ملكا لهم ينعمون بخيراتها، ونجحت دعايات يوليان بين فرسان القوط، خاصة تلك التي كان يتولى قيادتها أحد إخوة غيطشة ملك القوط السابق الذي قضى عليه لوذريق، وفي اليوم الرابع من المعركة ظهرت نتائج دعايات يوليان بين صفوف جيش لوذريق؛ فقد تخلى عنه جماعات الخيالة التي كانت العامود الفقري للعمليات الحربية، وأدى ذلك إلى وقوع الاضطراب بين سائر جند القوط وهرب الكثيرون منهم طلبا للنجاة، هذا إلى أن غالبية الجيش اشتملت على أعداد كبيرة من العبيد الساخطين على حكم القوط المتمنين زواله، ووجدوا في تلك المعركة فرصتهم للخلاص مما حلّ بهم من ظلم واضطهاد، ولما أخذت مظاهر الفوضى تسود الجيش بسبب انسحاب الخيالة تراخى العبيد عن القتال وانتهت المعركة بانتصار المسلمين، وفرّ لوذريق تاركا عددا كبيرا من القتلى على أرض الميدان، وحسب البعض أن لوذريق غرق في النهر الذي دارت المعركة بقربه؛ لأن الجند وجدوا على الشاطئ بعد انتهاء القتال خفّه دون أن يعثروا له على أثر، غير أن لوذريق أبى الاستسلام بعد الهزيمة الساحقة التي نزلت به، وفرّ إلى داخل البلاد دون أن يكشف أحد أمره، مستهدفا جمع فلول القوط مرة أخرى والانتقام ممن انضمّ من رجاله إلى المسلمين، وبعث طارق بأنباء انتصاراته إلى موسى بن نصير الذي أبلغها بدوره إلى الخليفة الوليد ابن عبد الملك، وبدأت راية الإسلام تعلو خفاقة فوق غرب أوربا للمرة الأولى في التاريخ، وازدادت قوات طارق بن زياد بعد معركة وادي بكة؛ لأن الإمدادات انهالت عليه من المغرب، ورأى طارق أن يتابع زحفه دون إبطاء ليستولي على قرطبة ويقضي على ما بها من بقايا جيش القوط، غير أنه لقي في الطريق إلى هذه المدينة مقاومة عنيفة جعلته يعدل عن خطته ويبادر بالاستيلاء على طليطلة عاصمة دولة القوط ويتوج بذلك انتصاراته في أسبانيا، وكان السبب في هذا التطوّر الجديد هو ما بلغ طارقا من أن أنصار لوذريق حين ترامت إليهم الشائعات بأن ملكهم لم يقتل بدءوا يجمعون صفوفهم مرّة أخرى في طليطلة لمقاومة المسلمين، ومن ناحية أخرى أخذ أنصار الملك السابق غيطشة يجتمعون في طليطلة ويتشاورون فيما بينهم لإعلان أحدهم ملكا مكان لوذريق المهزوم، ولذا عجل طارق بإرسال جزء من جيشه للاستيلاء على قرطبة ليحمي ممتلكاته بجنوب أسبانيا، على حين انطلق بنفسه سريعا إلى طليطلة قبل أن يتمكّن أتباع لوذريق من تحصينها، وقبل أن يصل أبناء غيطشة أيضا إلى قرار يصعب على المسلمين مواجهته، ذلك أن بيت غيطشة ظلّ واهما حتى تلك الأحداث بأن المسلمين ما جاءوا إلا للمغانم مقابل مساعدة أبناء غيطشة للوصول إلى العرش، واستولى طارق بن زياد على مدينة طليطلة في سهولة ويسر؛ لأن القوط آثروا تجنّب لقاء المسلمين انتظارا لما تسفر عنه استعداداتهم، وحاول طارق أن يتتبع فلول القوط الهاربة من طليطلة حتى بلغ مدينة أطلق عليها (المائدة) على مقربة من هنارس، وهناك عثر المسلمون على كنز ثمين، عبارة عن مذبح كنيسة طليطلة المحلى بأغلى ما كان لدى القوط من الذهب والجواهر، غير أن طارقا اضطرّ إلى العودة إلى طليطلة لأن الصيف كان قد انقضى؛ فآثر البقاء في العاصمة دون أن يعرض جنده لبرد الشتاء القارس، وفي طليطلة بلغه أن جيشه الذي بعث به إلى قرطبة قد استولى عليها. المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وقد شعر موسى بن نصير أن زحف طارق وراء فلول القوط يوشك أن يعرض الفتوح الإسلامية في البلاد الأسبانية المترامية الأطراف لخطر محقّق، ذلك أن خطوط مواصلات المسلمين فيما بين طليطلة والجزيرة الخضراء وبلاد المغرب صارت غير آمنة؛ لأن المعاقل الكبرى المبعثرة على امتداد تلك الخطوط لم تخضع للمسلمين، ولم يسيطر طارق إلا على قرطبة فقط من بين تلك المعاقل المتعددة، هذا إلى أن قرطبة لم يكن بها سوى حامية صغيرة لا تستطيع أن تؤدي رسالتها كما ينبغي إذا انبعثت أية حركة مقاومة بين صفوف القوط، وأول من شعر بالخطر الذي بات يهدّد المسلمين في أسبانيا هو القائد يوليان الذي قام إذ ذاك في الجزيرة الخضراء ليؤمن خطوط مواصلات المسلمين بين أسبانيا والمغرب، وذلك في الوقت الذي اندفع فيه طارق بن زياد إلى طليطلة عاصمة القوط، فقد بعث يوليان مجموعة من رجاله مع المسلمين عند توغّلهم في البلاد، واستطاعت بفضل خبرتها وأهلها أن تدرك ما يدور في نفوس القوط من غدر، وأنهم يتجمّعون وفق خطة مرسومة لإنزال الهزيمة بالمسلمين، أفضى يوليان إلى طارق بما جاءه من أخبار وطلب منه القيام بعمل حاسم لتأمين ظهر جيوشه، غير أن طارقا آثر البقاء في طليطلة دون القيام بأية أعمال توسيعية، ثم كلّف يوليان بأن يتصل بموسى بن نصير في القيروان ويطلب إليه سرعة المجيء إلى أسبانيا لإنقاذ الموقف. ولما جاءت استغاثة طارق إلى موسى بن نصير أدرك أن مخاوفه من انطلاق طارق في فتوحه بعد معركة وادي بكة لها ما يسوغها، وأسرع موسى بإعداد جيش مكوّن من ثمانية عشر ألفا من خيرة جنده، وكان معظمهم من العرب والبربر الذين عرفوا بقوّة الشكيمة وشدّة المراس، وممن اشتهروا ببلائهم في ميدان الحروب ببلاد المغرب، وغادر موسى بلاد المغرب على عجل، وقسّم موسى بن نصير جيشه بحسب القبائل ليسهل عبورها إلى الأندلس دون أن تقع فوضى في صفوف الجند، وفي رمضان عام 93هـ (يونيه 712م) كان موسى ابن نصير قد غادر المغرب ووصل إلى الجزيرة الخضراء في الأندلس، وشيّد بها مسجدا وانتظر هناك حتى تمّ عبور سائر الجند واطمأنّ على سلامتهم وحسن ترتيبهم، المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وفي تلك الأثناء أسرع يوليان إلى لقاء موسى بن نصير وعقد معه مجلسا حربيا للتشاور في هذا الموقف الخطير، وقرر هذا المجلس الحربي أن الضرورة تقضي بالسيطرة أوّلا على المعاقل التي تركها طارق والتي باتت خطرا يتهدد المسلمين، وبعث موسى بن نصير عقب هذا المجلس الحربي الهام رسالة إلى طارق بن زياد يأمره فيها بالانتظار في طليطلة، وألا يقوم بعمل حربي إلا بإشعار آخر. وردّدت بعض المراجع أن موسى لم يقدم على هذا العمل والعبور إلى الأندلس إلا منافسةً لطارق ورغبة استبدت به لينال بدوره نصيبا كبيرا من الغنائم، وأن الحسد كان يأكل قلبه، وأنه صمّم على محاسبة طارق على أعماله، وأنه رأى أن يتولى بنفسه فتوحا أخرى أعظم مما قام به هذا القائد. وقد وقعت تلك المراجع في هذا الخطأ الفاحش لأنها صوّرت موسى وطارقا تصوير القائدين المختلفين، وأنّ كلا منهما كان يعمل دون علم الآخر، والمعروف أن طارقا لم يقم بما قام به من أعمال حربية إلا باسم موسى بن نصير الذي تولى القيادة العليا ورسم الخطط، وأمدّ طارقا بكل المساعدات الحربية ولا سيما في ساعة الخطر بعد معركة وادي بكة، هذا إلى أن طارق بن زياد كان يرسل إلى موسى بن نصير عن طريق يوليان أنباء تقدّم المسلمين خطوة خطوة، مما جعل القيادة العليا في القيروان تتابع الأحداث عن كثب، ومن ثمّ لم يكن هناك سبب يدعو موسى لأن يحقد أو يحسد طارقا على ما تم على يديه من فتح؛ لأنه شارك في هذا الفتح وأعدّ خططه، هذا إلى أن موسى لم يكن يتطلع بعبوره إلى الأندلس إلى الحصول على مغانم؛ لأن توزيع الغنائم وغيرها من ممتلكات القوط كان هو المرجع الأخير فيه. والحقيقة أن موسى بن نصير باعتباره القائد الأعلى قد أفزعه زحف طارق السريع بعد معركة وادي بكة، وتعريضه خطوط مواصلات المسلمين لخطر محقّق؛ بسبب تركه الكثير من المعاقل والمدن الهامة جريا وراء مطاردة القوط، ولذلك بادر موسى برسم خطة للسيطرة أوّلا على المراكز الحربية وغيرها في المدن التي كانت تهدّد خطوط مواصلات المسلمين، وليدعم فتوح المسلمين قبل الذهاب إلى طارق في طليطلة. وتنهض هذه الخطة التي وضعها موسى دليلا على أنه لم يكن يهدف إلى القيام بفتوح جديدة تغطي أخبارها وعظمتها ما قام به طارق، وأن مجيئه إلى الأندلس كان ضرورة حربية ملحّة وإصلاح خطأ وقع فيه قائده طارق. المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() فتح إشبيلية وماردة: وعمد موسى بن نصير إلى تأمين خطوط مواصلات المسلمين بين الجزيرة الخضراء التي نزل فيها وبين قرطبة التي تعتبر مفتاح السيادة في جنوب الأندلس؛ فعجل بالسير في بلدة شذونة، ومنها زحف إلى قرمونة ورواق واستولى عليهما، وبذلك أصبحت المحطّات الهامة على الطريق إلى قرطبة في أيدي المسلمين، وصار في استطاعتهم التقدّم من تلك القاعدة نحو الغرب، وفتح مدينة إشبيلية التي كانت أكبر مدن القوط بعد العاصمة طليطلة ومصدر الخطر المباشر على القوات التي كانت تحت قيادة طارق في داخل البلاد، وكانت إشبيلية تعتبر نقطة التقاء للطرق الهامة في جنوب الأندلس، ولا سيما التي تربط الجزيرة الخضراء بداخل البلاد، فكانت هناك طريقان يربطان إشبيلية بالجزيرة الخضراء التي جعلها موسى مركزا لالتقاء جنده في أسبانيا، وكان أحد هذه الطرق بحريا والآخر بريا، وعلى كل منهما محطات كثيرة ومعاقل. هذا إلى أن إشبيلية اشتهرت بأسوارها الحصينة ومتاجرها الواسعة، وبهذا أصبحت قاعدة كبيرة من قواعد الفتوح الإسلامية في أسبانيا. وبعد أن استولى موسى بن نصير على مدينة إشبيلية اكتفى بوضع حامية بها، وأسرع إلى الاستيلاء على مدينة ماردة التي كانت معقلا خطيرا في أيدي القوط خلف خطوط المسلمين، ووجد موسى بن نصير مدينة ماردة قوية الحصون وأشدّ منعة من إشبيلية؛ فكان لها أسوار منيعة يعلوها الأبراج والحصون القوية، ثم إن فلول القوط وأنصار لوذريق جعلوا تلك المدينة ملجأ لهم بسبب بعدها عن طريق المسلمين، كما كانت المسالك إليها وعرة صعبة، ولذا استغرق حصار المسلمين لها آخر الصيف والشتاء التالي له دون أن يسيطروا عليها، ودار حولها قتال عنيف سقط فيه كثير من الضحايا، فقد أعدّ موسى بن نصير كمائن كثيرة أخفاها في جهات صخرية مواجهة للمدينة، أنزلت ضربات قاصمة بالقوط كلما رغبوا في الخروج إلى معاقلهم، وقتل كثير من المسلمين أيضا في محاولاتهم ثقب سورالمدينة. ولم يستقرّ الأمر لموسى في ماردة إلا بعد جهد شاق بذل فيه الكثير من الوعود لأهلها الذين سلموا بعدها في شوال عام 94هـ (يونيو 713م). |
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() وبعد أن غادر موسى بن نصير مدينة إشبيلية وبدأ حصار ماردة جمع القوط فلولهم في المدن المجاورة وفاجئوا الحامية الإسلامية في إشبيلية وقتلوا منها ثمانين فردا، وأجبروا الباقين على الخروج من المدينة، وآثر موسى بن نصير الاستمرار في حصار ماردة حتى استولى عليها، ثم بعث بابنه عبد العزيز إلى إشبيلية لطرد القوط منها واختار موسى بن نصير بعد ذلك للمدن التي استولى عليها نفرا من خيرة قادته ممن اشتهروا باليقظة والبطولة. واضطر موسى بن نصير أمام تلك المقاومة العنيفة التي لقيها جيشه إلى أن يريح جنده في مدينة ماردة مدة شهر تقريبا قبل أن يستأنف السير إلى طليطلة لمقابلة طارق، وأدرك موسى بن نصير أن القوط يهدفون إلى الهجوم على المدن التي يستولي عليها؛ من أجل دفع طارق بن زياد إلى مغادرة طليطلة لنجدة موسى بن نصير ثم يستردون مدينة طليطلة في غيبة القوات الإسلامية عنها، ولذا عمد موسى إلى تشتيت خطة القوط بأن يظلّ يقاومهم أطول فترة ممكنة دون أن يطلب إلى طارق مساعدته. ولكن ما كاد موسى يغادر مدينة ماردة حتى جاءته الأخبار أن لوذريق نفسه - ملك القوط الذي فرّ بعد معركة وادي بكة - بدأ ينظم فلول جيشه ويجمع أتباعه استعدادا للهجوم على المسلمين مرة أخرى، ثم إن لوذريق بعد أن آثر البقاء ساكنا ليضرب ضربته الأخيرة في عنف وشدة، اختار قوات موسى بن نصير لتكون هدفه ليهدم بذلك خطط الفتوح الإسلامية كلها في الأندلس مرة أخرى، واتخذ لوذريق مركز مقاومته في شعاب الهضاب التي تلي وادي آنه إلى الشمال في جبال سيرا دفرانشيا على أبواب قشتالة واستراما دورة في السهل المنبسط الذي يحيط بمدينة سلمنقة. وأجاد لوذريق إخفاء قواته في تلك الجهة الوعرة حتى إن موسى بن نصير اضطرّ أن يتخلى عن خطته، وأن يطلب من طارق بن زياد الخروج من طليطلة وأن يلقاه في منتصف الطريق بين تلك العاصمة وماردة؛ لينقذ المسلمين إذا ما دهمهم خطر مفاجئ. وسار طارق نحو مائة وخمسين ميلا، واتخذ مكانه في الجهات المعروفة باسم العرض بين التاجة ونهر التتار، وسار موسى بن نصير مع قواته في طريق روماني قديم يصل ماردة وسلمنقة، وبجوار نهر حمل اسمه فيما بعد، وهو نهر (فاموتا) أي نهر موسى، وذلك بعد أن اتخذ كل الاحتياطات حتى لا يؤخذ على غرة. ولما وصلت القوات الإسلامية إلى منتصف الطريق السالف الذكر اعتقد لوذريق أن الوقت قد حان ليضرب ضربته الأخيرة، وأن المسلمين لن يجدوا من ينقذهم أو يبادر إلى مساعدتهم، وعند ناحية اسمها السواقي على مقربة من ثمامس شنّ لوذريق هجومه دون أن يدري أن موسى بن نصير قد اتخذ كل الوسائل ليحمي قواته ويجنبها الأخطار، ولذا صمد المسلمون لهجوم القوط وأنزلوا بهم خسائر فادحة، وقتلوا كثيرا منهم من بينهم لوذريق نفسه الذي قتله مروان بن موسى بن نصير، وصار الطريق إلى طليطلة مفتوحا أمام موسى بن نصير فسار حيث التقى بطارق بن زياد وقواته التي كانت قد غادرت تلك المدينة في سبيلها إلى مقابلته في عرض الطريق. المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() استعادة فتح طليطلة: ولما كان هجوم لوذريق على قوات موسى بن نصير شعبة من مؤامرة مزدوجة استهدف طرفها الثاني السيطرة على طليطلة وانتزاعها من المسلمين إذا ما خرج طارق منها لنجدة إخوانه؛ فإن جماعات من القوط انتهزت خلوّ العاصمة من الحامية الإسلامية واستولت عليها إكمالا لحلقة المقاومة ضدّ المسلمين، غير أن القوات الإسلامية المشتركة بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد تمكنّت من هزيمة القوط والسيطرة على طليطلة مرة ثانية، وبذلك انتهت مقاومة لوذريق وجنده بمجيء قوات موسى بن نصير على عجل، ولولا ذلك لانهارت أعمال طارق وأصيب جنده بكارثة مروعة. وفي مدينة طليطلة أخذ موسى بن نصير يحاسب طارقا على اندفاعه الذي كاد ينزل بالمسلمين كارثة محقّقة، ولا سيما بعد أن ثبت عمليا أن القوط كانوا قد أعدّوا حركة مقاومة عنيفة، ورددت بعض المراجع أن موسى شدّ وثاق طارق وحبسه وهمَّ بقتله لولا تدخّل مغيث الرومي مندوب الخلافة في الحملة الإسلامية إلى أسبانيا وإسراعه بإبلاغ الحادث إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي أمر موسى بعدم إنزال الأذى بطارق، غير أن هذه الرواية استندت إلى شائعات مغرضة ردّدها القائد مغيث الرومي الذي كان بينه وبين موسى بن نصير سوء تفاهم؛ فانتهز فرصة ذهابه إلى دمشق ليبلغ الخليفة أنباء انتصارات المسلمين وأساء إلى هذا القائد، غير أن المقطوع به هو أن موسى بن نصير عنّف طارقا أو حدث عتاب بينهما؛ لأن طارقا كان قد تقدّم في الفتح أكثر مما ينبغي ولما تثبت أقدام المسلمين في البلاد بعدُ متحديا بذلك أوامر مولاه، لكن موسى كان من الحكمة بحيث أنه سرعان ما اتفق مع طارق واشترك الرجلان اشتركا كاملا في العمل. واستقرّ رأي كل من طارق بن زياد وموسى بن نصير على القيام بمسح شامل لسائر الأراضي الأسبانية التي لم تفتح بعد، ونشر الإسلام بين ربوعها، وتطيهرها تطهيرا شاملا من جيوب القوط وفلولهم، وأثبت موسى بن نصير بذلك أنه ما زال يولي طارق بن زياد ثقته المطلقة. المزيد من مواضيعي
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
(التاريخ, المجيد), الاندلس, اقراء, تاريخك |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
أخطر رحلة فى تاريخك | بن الإسلام | قسم المحاضرات | 3 | 12.10.2014 09:10 |
قصة رجل فقد زوجته وأبنائه الإحدى عشر ،، محمد العريفي | نور عمر | قسم الصوتيات والمرئيات | 4 | 25.12.2011 03:59 |
سقوط الدول ( الاندلس مثلا ) | جادي | التاريخ والبلدان | 4 | 15.11.2010 14:27 |
هذه هي عقيدة الأمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ردا على المشككين | الاشبيلي | العقيدة و الفقه | 1 | 22.07.2010 09:53 |
اقرأ.. وتكفيني الابتسامة | خادم المسلمين | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 6 | 16.04.2009 02:23 |