رقم المشاركة :41 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)} سورة غافر. ![]() ![]() يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ قَوْله جَلَّ جَلَاله " يَوْم هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّه مِنْهُمْ شَيْء " أَيْ ظَاهِرُونَ بَادُونَ كُلّهمْ لَا شَيْء يُكِنّهُمْ وَلَا يُظِلُّهُمْ وَلَا يَسْتُرهُمْ وَلِهَذَا قَالَ " يَوْم هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّه مِنْهُمْ شَيْء " أَيْ الْجَمِيع فِي عِلْمه عَلَى السَّوَاء. يَوْم هُمْ بَارِزُونَ" خَارِجُونَ مِنْ قُبُورهمْ "لَا يَخْفَى عَلَى اللَّه مِنْهُمْ شَيْء لِمَنِ الْمُلْك الْيَوْم" يَقُولهُ تَعَالَى وَيُجِيب نَفْسه "لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار" أَيْ لِخَلْقِهِ. وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار" قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ تَعَالَى يَطْوِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِيَدِهِ ثُمَّ يَقُول أَنَا الْمَلِك أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمُتَكَبِّرُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ ؟ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟ وَفِي حَدِيث الصُّور أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قَبَضَ أَرْوَاح جَمِيع خَلْقه فَلَمْ يَبْقَ سِوَاهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ حِينَئِذٍ يَقُول لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم ؟ ثَلَاث مَرَّات ثُمَّ يُجِيب نَفْسه قَائِلًا " لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " أَيْ الَّذِي هُوَ وَحْده قَدْ قَهَرَ كُلّ شَيْء وَغَلَبَهُ وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن غَالِب الدَّقَّاق حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن عُبَيْدَة حَدَّثَنَا مُعْتَمِر عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : يُنَادِي مُنَادٍ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة يَا أَيّهَا النَّاس أَتَتْكُمْ السَّاعَة فَيَسْمَعهَا الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَات قَالَ وَيَنْزِل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا وَيَقُول " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " . لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ وَذَلِكَ عِنْد فَنَاء الْخَلْق . وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ السَّائِل تَعَالَى وَهُوَ الْمُجِيب ; لِأَنَّهُ يَقُول ذَلِكَ حِين لَا أَحَد يُجِيبُهُ فَيُجِيبُ نَفْسه سُبْحَانَهُ فَيَقُول : " لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " . النَّحَّاس : وَأَصَحّ مَا قِيلَ فِيهِ مَا رَوَاهُ أَبُو وَائِل عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : ( يُحْشَر النَّاس عَلَى أَرْض بَيْضَاء مِثْل الْفِضَّة لَمْ يُعْصَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْهَا , فَيُؤْمَر مُنَادٍ يُنَادِي " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " فَيَقُول الْعِبَاد مُؤْمِنهمْ وَكَافِرهمْ " لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " فَيَقُول الْمُؤْمِنُونَ هَذَا الْجَوَاب " سُرُورًا وَتَلَذُّذًا , وَيَقُولهُ الْكَافِرُونَ غَمًّا وَانْقِيَادًا وَخُضُوعًا . فَأَمَّا أَنْ يَكُون هَذَا وَالْخَلْق غَيْر مَوْجُودِينَ فَبَعِيد ; لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ , وَالْقَوْل صَحِيح عَنْ اِبْن مَسْعُود وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا يُؤْخَذ بِالْقِيَاسِ وَلَا بِالتَّأْوِيلِ . قُلْت : وَالْقَوْل الْأَوَّل ظَاهِر جِدًّا ; لِأَنَّ الْمَقْصُود إِظْهَار اِنْفِرَاده تَعَالَى بِالْمُلْكِ عِنْد اِنْقِطَاع دَعَاوَى الْمُدَّعِينَ وَانْتِسَاب الْمُنْتَسِبِينَ ; إِذْ قَدْ ذَهَبَ كُلّ مَلِك وَمُلْكه وَمُتَكَبِّر وَمُلْكه وَانْقَطَعَتْ نِسَبُهُمْ وَدَعَاوِيهمْ , وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْله الْحَقّ عِنْد قَبْض الْأَرْض وَالْأَرْوَاح وَطَيّ السَّمَاء : " أَنَا الْمَلِك أَيْنَ مُلُوك الْأَرْض " كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر , ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْض بِشِمَالِهِ وَالسَّمَوَات بِيَمِينِهِ , ثُمَّ يَقُول : أَنَا الْمَلِك أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ . وَعَنْهُ قَوْله سُبْحَانه : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " هُوَ اِنْقِطَاع زَمَن الدُّنْيَا وَبَعْده يَكُون الْبَعْث وَالنَّشْر . قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب قَوْله سُبْحَانه : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " يَكُون بَيْن النَّفْخَتَيْنِ حِين فَنِيَ الْخَلَائِق وَبَقِيَ الْخَالِق فَلَا يَرَى غَيْر نَفْسه مَالِكًا وَلَا مَمْلُوكًا فَيَقُول : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " فَلَا يُجِيبُهُ أَحَد ; لِأَنَّ الْخَلْق أَمْوَات فَيُجِيب نَفْسه فَيَقُول : " لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " لِأَنَّهُ بَقِيَ وَحْده وَقَهَرَ خَلْقه . وَقِيلَ : إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ فَيَقُول : " لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم " فَيُجِيبُهُ أَهْل الْجَنَّة : " لِلَّهِ الْوَاحِد الْقَهَّار " فَاَللَّه أَعْلَم . ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ . المصادر: تفسير القرطبي. تفسير ابن كثير. تفسير الجلالين. المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :42 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)} سورة الإنسان ![]() وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ : وَقَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار يُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّهمْ إِيَّاهُ , وَشَهْوَتهمْ لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27724 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه } قَالَ : وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ . 27725 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْعُرْيَان , قَالَ : سَأَلْت سُلَيْمَان بْن قَيْس أَبَا مُقَاتِل بْن سُلَيْمَان , عَنْ قَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا } قَالَ : عَلَى حُبّهمْ لِلطَّعَامِ . مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا : وَقَوْله : { مِسْكِينًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ مِسْكِينًا : ذَوِي الْحَاجَة الَّذِينَ قَدْ أَذَلَّتْهُمْ الْحَاجَة , { وَيَتِيمًا } وَهُوَ الطِّفْل الَّذِي قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَا شَيْء لَهُ { وَأَسِيرًا } وَهُوَ الْحَرْبِيّ مِنْ أَهْل دَار الْحَرْب يُؤْخَذ قَهْرًا بِالْغَلَبَةِ , أَوْ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة يُؤْخَذ فَيُحْبَس بِحَقٍّ ; فَأَثْنَى اللَّه عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار بِإِطْعَامِهِمْ هَؤُلَاءِ تَقَرُّبًا بِذَلِكَ إِلَى اللَّه وَطَلَب رِضَاهُ , وَرَحْمَة مِنْهُمْ لَهُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْأَسِير الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : بِمَا : 27726 - حَدَّثَنَا بِهِ بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } قَالَ : لَقَدْ أَمَرَ اللَّه بِالْأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَن إِلَيْهِمْ , وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمئِذٍ لِأَهْلِ الشِّرْك . 27727 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَأَسِيرًا } قَالَ : كَانَ أَسْرَاهُمْ يَوْمئِذٍ الْمُشْرِك , وَأَخُوك الْمُسْلِم أَحَقّ أَنْ تُطْعِمهُ . 27728 - قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي عَمْرو إِنَّ عِكْرِمَة قَالَ فِي قَوْله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّه مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } زَعَمَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْأَسْرَى فِي ذَلِكَ الزَّمَان الْمُشْرِك . 27729 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن { وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } قَالَ : مَا كَانَ أَسْرَاهُمْ إِلَّا الْمُشْرِكِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ : الْمَسْجُون مِنْ أَهْل الْقِبْلَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 27730 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْأَسِير : الْمَسْجُون . 27731 - حَدَّثَنِي أَبُو شَيْبَة بْن أَبِي شَيْبَة , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن حَفْص , قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ حَجَّاج , قَالَ : ثَنِي عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله اللَّه : { مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَغَيْرهمْ , فَسَأَلْت عَطَاء , فَقَالَ مِثْل ذَلِكَ . 27732 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , ثَنَا يَحْيَى يَعْنِي اِبْن عِيسَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَأَسِيرًا } قَالَ : الْأَسِير : هُوَ الْمَحْبُوس . 27733 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُطْعِمُونَ الْأَسِير , وَالْأَسِير الَّذِي قَدْ وَصَفْت صِفَته ; وَاسْم الْأَسِير قَدْ يَشْتَمِل عَلَى الْفَرِيقَيْنِ , وَقَدْ عَمَّ الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُطْعِمُونَهُمْ , فَالْخَبَر عَلَى عُمُومه حَتَّى يَخُصّهُ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَسِير يَوْمئِذٍ إِلَّا أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَلَمْ يُخَصَّص بِالْخَبَرِ الْمُوفُونَ بِالنَّذْرِ يَوْمئِذٍ , وَإِنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ كُلّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته يَوْمئِذٍ وَبَعْده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَكَذَلِكَ الْأَسِير مَعْنِيّ بِهِ أَسِير الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَوْمئِذٍ , وَبَعْد ذَلِكَ إِلَى قِيَام السَّاعَة . المصدر :
تفسير الطبري. |
رقم المشاركة :43 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)} سورة البقرة ![]() يَقُول تَعَالَى تَوْبِيخًا لِبَنِي إِسْرَائِيل وَتَقْرِيعًا لَهُمْ عَلَى مَا شَاهَدُوهُ مِنْ آيَات اللَّه تَعَالَى اللَّه وَإِحْيَائِهِ الْمَوْتَى " ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبكُمْ مِنْ بَعْد ذَلِكَ " كُلّه فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ الَّتِي لَا تَلِين أَبَدًا وَلِهَذَا نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْل حَالهمْ فَقَالَ " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقّ وَلَا يَكُونُوا كَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " قَالَ الْعَوْفِيّ فِي تَفْسِيره عَنْ اِبْن عَبَّاس لَمَّا ضُرِبَ الْمَقْتُول بِبَعْضِ الْبَقَرَة جَلَسَ أَحْيَا مَا كَانَ قَطُّ فَقِيلَ لَهُ مَنْ قَتَلَك قَالَ بَنُو أَخِي قَتَلُونِي ثُمَّ قُبِضَ فَقَالَ بَنُو أَخِيهِ حِين قَبَضَهُ اللَّهُ وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَكَذَّبُوا بِالْحَقِّ بَعْد أَنْ رَأَوْهُ فَقَالَ اللَّه " ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْد ذَلِكَ " يَعْنِي أَبْنَاء أَخِي الشَّيْخ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدّ قَسْوَة فَصَارَتْ قُلُوب بَنِي إِسْرَائِيل مَعَ طُول الْأَمَد قَاسِيَة بَعِيدَة عَنْ الْمَوْعِظَة بَعْد مَا شَاهَدُوهُ مِنْ الْآيَات وَالْمُعْجِزَات فَهِيَ فِي قَسْوَتهَا كَالْحِجَارَةِ الَّتِي لَا عِلَاج لِلِينِهَا أَوْ أَشَدّ قَسْوَة مِنْ الْحِجَارَة فَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة مَا يَتَفَجَّر مِنْهَا الْعُيُون بِالْأَنْهَارِ الْجَارِيَة وَمِنْهَا مَا يَشَّقَّق فَيَخْرُج مِنْهُ الْمَاء وَإِنْ لَمْ يَبْنِ جَارِيًا وَمِنْهَا مَا يَهْبِط مِنْ رَأْس الْجَبَل مِنْ خَشْيَة اللَّه وَفِيهِ إِدْرَاك لِذَلِكَ بِحَسْبِهِ كَمَا قَالَ " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَات السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا " وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَانَ يَقُول كُلّ حَجَر يَتَفَجَّر مِنْهُ الْمَاء أَوْ يَتَشَقَّق عَنْ مَاء أَوْ يَتَرَدَّى مِنْ رَأْس جَبَل لَمِنْ خَشْيَة اللَّه نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآن وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّق فَيَخْرُج مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَة اللَّه " أَيْ وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة لَأَلْيَن مِنْ قُلُوبكُمْ عَمَّا تَدْعُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وَقَالَ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ فِي تَفْسِيره " وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِط مِنْ خَشْيَة اللَّه " هُوَ سُقُوط الْبَرَد مِنْ السَّحَاب قَالَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيّ وَهَذَا تَأْوِيل بَعِيدٌ وَتَبِعَهُ فِي اِسْتِبْعَاده الرَّازِيّ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ اللَّفْظ بِلَا دَلِيل وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ : اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا هِشَام بْن عَمَّار حَدَّثَنَا الْحَكَم بْن هِشَام الثَّقَفِيّ حَدَّثَنِي يَحْيَى اِبْن أَبِي طَالِب يَعْنِي وَيَحْيَى بْن يَعْقُوب فِي قَوْله تَعَالَى " وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة لَمَا يَتَفَجَّر مِنْهُ الْأَنْهَار " قَالَ كَثْرَة الْبُكَاء " وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّق فَيَخْرُج مِنْهُ الْمَاء " قَالَ قَلِيل الْبُكَاء" وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِط مِنْ خَشْيَة اللَّه " قَالَ بُكَاء الْقَلْب غَيْر دُمُوع الْعَيْن وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَاب الْمَجَاز وَهُوَ إِسْنَاد الْخُشُوع إِلَى الْحِجَارَة مِثْل مَا أُسْنِدَتْ الْإِرَادَةُ إِلَى الْجِدَار فِي قَوْله " يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ " قَالَ الرَّازِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَئِمَّة وَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَخْلُق فِيهَا هَذِهِ الصِّفَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا " وَقَالَ " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ " الْآيَة وَقَالَ " وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ " " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْء يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ " الْآيَة " قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ "" لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل " الْآيَة " وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ" الْآيَة وَفِي الصَّحِيح " هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ " وَكَحَنِينِ الْجِذْع الْمُتَوَاتِر خَبَرُهُ وَفِي صَحِيح مُسْلِم " إِنِّي لَأَعْرَفُ حَجَرًا بِمَكَّة كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْل أَنْ أُبْعَث إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآن " وَفِي صِفَة الْحَجَر الْأَسْوَد أَنَّهُ يَشْهَد لِمَنْ اِسْتَلَمَ بِحَقٍّ يَوْم الْقِيَامَة وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ قَوْلًا إِنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ مَثَلًا لِهَذَا وَهَذَا وَهَذَا مِثْل : جَالِس الْحَسَن أَوْ اِبْن سِيرِينَ . وَكَذَا حَكَاهُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره وَزَادَ قَوْلًا آخَر أَنَّهَا لِلْإِبْهَامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُخَاطَب كَقَوْلِ الْقَائِل أَكَلْت خُبْزًا أَوْ تَمْرًا وَهُوَ يَعْلَم أَيّهمَا أَكَلَ وَقَالَ آخَر إِنَّهَا بِمَعْنَى قَوْل الْقَائِل كُلْ حُلْوًا أَوْ حَامِضًا أَيْ لَا يَخْرُج عَنْ وَاحِد مِنْهُمَا . أَيْ وَقُلُوبكُمْ صَارَتْ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدّ قَسْوَة مِنْهَا لَا تَخْرُج عَنْ وَاحِد مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَم . " تَنْبِيهٌ" اِخْتَلَفَ عُلَمَاء الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى " فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدّ قَسْوَة " بَعْد الْإِجْمَاع عَلَى اِسْتِحَالَة كَوْنهَا لِلشَّكِّ فَقَالَ بَعْضهمْ أَوْ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْوَاو تَقْدِيره : فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ وَأَشَدّ قَسْوَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا " " عُذْرًا أَوْ نَذْرًا " وَكَمَا قَالَ النَّابِغَة الذُّبْيَانِيّ : قَالَتْ أَلَا لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَام لَنَا إِلَى حَمَامَتنَا أَوْ نِصْفه فَقَدِ تُرِيد وَنِصْفه قَالَهُ اِبْن جَرِير : وَقَالَ جَرِير بْن عَطِيَّة : نَالَ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَر قَالَ اِبْن جَرِير يَعْنِي نَالَ الْخِلَافَة وَكَانَتْ لَهُ قَدَرًا وَقَالَ آخَرُونَ أَوْ هَاهُنَا بِمَعْنَى بَلْ فَتَقْدِيره : فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ بَلْ أَشَدّ قَسْوَة وَكَقَوْلِهِ " إِذَا فَرِيق مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاس كَخَشْيَةِ اللَّه أَوْ أَشَدّ خَشْيَة " وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَة أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ " " فَكَانَ قَاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى " وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى ذَلِكَ " فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدّ قَسْوَة " عِنْدكُمْ حَكَاهُ اِبْن جَرِير : وَقَالَ آخَرُونَ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْإِبْهَام عَلَى الْمُخَاطَب كَمَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَد : أُحِبّ مُحَمَّدًا حُبًّا شَدِيدًا وَعَبَّاسًا وَحَمْزَة وَالْوَصِيَّا فَإِنْ يَكُ حُبّهمْ رَشَدًا أُصِبْهُ وَلَيْسَ بِمُخْطِئٍ إِنْ كَانَ غَيَّا قَالَ اِبْن جَرِير قَالُوا وَلَا شَكَّ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَد لَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِي أَنَّ حُبّ مَنْ سَمَّى رُشْد وَلَكِنَّهُ أَبْهَمَ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ قَالَ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَد أَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الْأَبْيَات قِيلَ لَهُ شَكَكْت فَقَالَ كَلَّا وَاَللَّه ثُمَّ اِنْتَزَعَ يَقُول اللَّه تَعَالَى " وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَال مُبِين " فَقَالَ أَوَكَانَ شَاكًّا مَنْ أَخْبَرَ بِهَذَا مَنْ الْهَادِي مِنْهُمْ وَمَنْ الضَّالّ ؟ وَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَى ذَلِكَ فَقُلُوبكُمْ لَا تَخْرُج عَنْ أَحَد هَذَيْنِ الْمِثْلَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُون مِثْل الْحِجَارَة فِي الْقَسْوَة وَإِمَّا أَنْ تَكُون أَشَدّ مِنْهَا فِي الْقَسْوَة . قَالَ : اِبْن جَرِير وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل فَبَعْضهَا كَالْحِجَارَةِ قَسْوَة وَبَعْضهَا أَشَدّ قَسْوَة مِنْ الْحِجَارَة وَقَدْ رَجَّحَهُ اِبْن جَرِير مَعَ تَوْجِيه غَيْره " قُلْت " وَهَذَا الْقَوْل الْأَخِير يَبْقَى شَبِيهًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى " مَثَلهمْ كَمَثَلِ الَّذِي اِسْتَوْقَدَ نَارًا " مَعَ قَوْله " أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاء " وَكَقَوْلِهِ" وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالهمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ " مَعَ قَوْله" أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْر لُجِّيّ " الْآيَة أَيْ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ هَكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ كَهَذَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَيُّوب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الثَّلْج حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن حَفْص حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن حَاطِب عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " لَا تُكْثِرُوا الْكَلَام بِغَيْرِ ذِكْر اللَّه فَإِنَّ كَثْرَة الْكَلَام بِغَيْرِ ذِكْر اللَّه قَسْوَة الْقَلْب وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاس مِنْ اللَّه الْقَلْب الْقَاسِي " . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه الزُّهْد مِنْ جَامِعه عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الثَّلْج صَاحِب الْإِمَام أَحْمَد بِهِ وَمِنْ وَجْه آخَر عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن حَاطِب بِهِ وَقَالَ غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث إِبْرَاهِيم . وَرَوَى الْبَزَّار عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا " أَرْبَع مِنْ الشَّقَاء جُمُود الْعَيْن وَقَسَاوَة الْقَلْب وَطُول الْأَمَل وَالْحِرْص عَلَى الدُّنْيَا " . المصدر:
تفسير ابن كثير. |
رقم المشاركة :44 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)} سورة النمل.
![]() أَيْ لَا يَعْرِفُونَ سَبِيل الْحَقّ الَّتِي هِيَ إِخْلَاص السُّجُود لِلَّهِ وَحْده دُون مَا خَلَقَ مِنْ الْكَوَاكِب وَغَيْرهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَمِنْ آيَاته اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ " وَقَرَأَ بَعْض الْقُرَّاء " أَلَا يَا اُسْجُدُوا لِلَّهِ " جَعَلَهَا أَلَا الِاسْتِفْتَاحِيّة وَيَا لِلنِّدَاءِ وَحُذِفَ الْمُنَادَى تَقْدِيره عِنْده أَلَا يَا قَوْم اُسْجُدُوا لِلَّهِ وَقَوْله" الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْلَم كُلّ خَبِيئَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب الْخَبْء الْمَاء وَكَذَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم خَبْء السَّمَوَات وَالْأَرْض مَا جُعِلَ فِيهِمَا مِنْ الْأَرْزَاق الْمَطَر مِنْ السَّمَاء وَالنَّبَات مِنْ الْأَرْض وَهَذَا مُنَاسِب مِنْ كَلَام الْهُدْهُد الَّذِي جَعَلَ فِيهِ مِنْ الْخَاصِّيَّة مَا ذَكَرَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره مِنْ أَنَّهُ يَرَى الْمَاء يَجْرِي فِي تُخُوم الْأَرْض وَدَاخِلهَا وَقَوْله " وَيَعْلَم مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ " أَيْ يَعْلَم مَا يُخْفِيه الْعِبَاد وَمَا يُعْلِنُونَهُ مِنْ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " سَوَاء مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْل وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِب بِالنَّهَارِ " . المصدر : تفسير ابن كثير. |
رقم المشاركة :45 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)} سورة فاطر ![]() ![]() الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّه عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِق غَيْر اللَّه يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قَوْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْش : { يَا أَيّهَا النَّاس اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه } الَّتِي أَنْعَمَهَا { عَلَيْكُمْ } بِفَتْحِهِ لَكُمْ مِنْ خَيْرَاته مَا فَتَحَ وَبَسْطه لَكُمْ مِنَ الْعَيْش مَا بَسَطَ وَفَكِّرُوا فَانْظُرُوا هَلْ مِنْ خَالِق سِوَى فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِيح أَرْزَاقكُمْ وَمَغَالِقهَا { يَرْزُقكُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض } فَتَعْبُدُوهُ دُونَهُ { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } يَقُول : لَا مَعْبُودَ تَنْبَغِي لَهُ الْعِبَادَة إِلَّا الَّذِي فَطَرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء , الَّذِي بِيَدِهِ مَفَاتِح الْأَشْيَاء وَخَزَائِنهَا , وَمَغَالِق ذَلِكَ كُلّه , فَلَا تَعْبُدُوا أَيُّهَا النَّاس شَيْئًا سِوَاهُ , فَإِنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْعكُمْ وَضَرّكُمْ سِوَاهُ , فَلَهُ فَأَخْلِصُوا الْعِبَادَة , وَإِيَّاهُ فَأَفْرِدُوا بِالْأُلُوهَةِ { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول : فَأَيّ وَجْه عَنْ خَالِقكُمْ وَرَازِقكُمْ الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعكُمْ وَضَرّكُمْ تُصْرَفُونَ , كَمَا : 22111 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول الرَّجُل : إِنَّهُ لَيُوفَكُ عَنِّي كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى الْإِفْك , وَتَأْوِيل قَوْله : { تُؤْفَكُونَ } فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ تَكْرِيره . المصدر : تفسير الطبري المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :46 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} سورة البقرة.
"وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْرِي" يَبِيع "نَفْسه" أَيْ يَبْذُلهَا فِي طَاعَة اللَّه "ابْتِغَاء" طَلَب "مَرْضَاة اللَّه" رِضَاهُ وَهُوَ صُهَيْب لَمَّا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَة وَتَرَكَ لَهُمْ مَاله "وَاَللَّه رَءُوف بِالْعِبَادِ" حَيْثُ أَرْشَدهمْ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَات اللَّه " " اِبْتِغَاء " نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُول مِنْ أَجْله . وَلَمَّا ذَكَرَ صَنِيع الْمُنَافِقِينَ ذَكَرَ بَعْده صَنِيع الْمُؤْمِنِينَ . قِيلَ : نَزَلَتْ فِي صُهَيْب فَإِنَّهُ أَقْبَلَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ نَفَر مِنْ قُرَيْش , فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَته , وَانْتَثَلَ مَا فِي كِنَانَته , وَأَخَذَ قَوْسه , وَقَالَ : لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ , وَايْم اللَّه لَا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِي بِمَا فِي كِنَانَتِي , ثُمَّ أَضْرِب بِسَيْفِي مَا بَقِيَ فِي يَدَيَّ مِنْهُ شَيْء , ثُمَّ اِفْعَلُوا مَا شِئْتُمْ . فَقَالُوا : لَا نَتْرُكك تَذْهَب عَنَّا غَنِيًّا وَقَدْ جِئْتنَا صُعْلُوكًا , وَلَكِنْ دُلَّنَا عَلَى مَالِك بِمَكَّة وَنُخَلِّي عَنْك , وَعَاهَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ , فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ : " وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَات اللَّهِ " الْآيَة , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَبِحَ الْبَيْع أَبَا يَحْيَى ) , وَتَلَا عَلَيْهِ الْآيَة , أَخْرَجَهُ رَزِين , وَقَالَهُ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا . وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ : أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ صُهَيْبًا فَعَذَّبُوهُ , فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْب : إِنِّي شَيْخ كَبِير , لَا يَضُرّكُمْ أَمِنْكُمْ كُنْت أَمْ مِنْ غَيْركُمْ , فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مَالِي وَتَذَرُونِي وَدِينِي ؟ فَفَعَلُوا ذَلِكَ , وَكَانَ شُرِطَ عَلَيْهِ رَاحِلَة وَنَفَقَة , فَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَة فَتَلَقَّاهُ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَرِجَال , فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر : رَبِحَ بَيْعك أَبَا يَحْيَى . فَقَالَ لَهُ صُهَيْب : وَبَيْعك فَلَا يَخْسَر , فَمَا ذَاكَ ؟ فَقَالَ : أَنْزَلَ اللَّه فِيك كَذَا , وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَة . وَقَالَ الْحَسَن : أَتَدْرُونَ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , نَزَلَتْ فِي الْمُسْلِم لَقِيَ الْكَافِر فَقَالَ لَهُ : قُلْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , فَإِذَا قُلْتهَا عَصَمْت مَالَك وَنَفْسك , فَأَبَى أَنْ يَقُولهَا , فَقَالَ الْمُسْلِم : وَاَللَّه لَأَشْرِيَن نَفْسِي لِلَّهِ , فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِيمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَر , وَعَلَى ذَلِكَ تَأَوَّلَهَا عُمَر وَعَلِيّ وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ , قَالَ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس : ( اِقْتَتَلَ الرَّجُلَانِ , أَيْ قَالَ الْمُغَيِّر لِلْمُفْسِدِ : اِتَّقِ اللَّه , فَأَبَى الْمُفْسِد وَأَخَذَتْهُ الْعِزَّة , فَشَرَى الْمُغَيِّر نَفْسه مِنْ اللَّه وَقَاتَلَهُ فَاقْتَتَلَا ) . وَقَالَ أَبُو الْخَلِيل : سَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِنْسَانًا يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ عُمَر : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , قَامَ رَجُل يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَر فَقُتِلَ ) . وَقِيلَ : إِنَّ عُمَر سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : ( اِقْتَتَلَ الرَّجُلَانِ عِنْد قِرَاءَة الْقَارِئ هَذِهِ الْآيَة ) , فَسَأَلَ عَمَّا قَالَ فَفُسِّرَ لَهُ هَذَا التَّفْسِير , فَقَالَ لَهُ عُمَر , ( لِلَّهِ تِلَادك يَا اِبْن عَبَّاس ) ! وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِيمَنْ يَقْتَحِم الْقِتَال . حَمَلَ هِشَام بْن عَامِر عَلَى الصَّفّ فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ , فَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة : "وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ " , وَمِثْله عَنْ أَبِي أَيُّوب . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي شُهَدَاء غَزْوَة الرَّجِيع . وَقَالَ قَتَادَة : هُمْ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين تَرَكَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِرَاشه لَيْلَة خَرَجَ إِلَى الْغَار , عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه فِي " بَرَاءَة " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقِيلَ : الْآيَة عَامَّة , تَتَنَاوَل كُلّ مُجَاهِد فِي سَبِيل اللَّه , أَوْ مُسْتَشْهِد فِي ذَاته أَوْ مُغَيِّرِ مُنْكَرٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْم مَنْ حَمَلَ عَلَى الصَّفّ , وَيَأْتِي ذِكْر الْمُغَيِّر لِلْمُنْكَرِ وَشُرُوطه وَأَحْكَامه فِي " آل عِمْرَان " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . و " يَشْرِي " مَعْنَاهُ يَبِيع , وَمِنْهُ " وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ " [ يُوسُف : 20 ] أَيْ بَاعُوهُ , وَأَصْله الِاسْتِبْدَال , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " إِنَّ اللَّهَ اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ " [ التَّوْبَة : 111 ] . وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَإِنْ كَانَ رَيْب الدَّهْر أَمْضَاك فِي الْأُلَى شَرَوْا هَذِهِ الدُّنْيَا بِجَنَّاتِهِ الْخُلْد وَقَالَ آخَر : وَشَرَيْت بُرْدًا لَيْتَنِي مِنْ بَعْد بُرْد كُنْت هَامه الْبُرْد هُنَا اِسْم غُلَام . وَقَالَ آخَر : يُعْطَى بِهَا ثَمَنًا فَيَمْنَعهَا وَيَقُول صَاحِبهَا أَلَا فَأَشْرِ وَبَيْع النَّفْس هُنَا هُوَ بَذْلهَا لِأَوَامِر اللَّه . " اِبْتِغَاء " مَفْعُول مِنْ أَجْله . وَوَقَفَ الْكِسَائِيّ عَلَى " مَرْضَات " بِالتَّاءِ , وَالْبَاقُونَ بِالْهَاءِ . قَالَ أَبُو عَلِيّ : وَقَفَ الْكِسَائِيّ بِالتَّاءِ إِمَّا عَلَى لُغَة مَنْ يَقُول : طَلْحَت وَعَلْقَمَت , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : بَلْ جَوْزِتَيْهَاء كَظَهْرِ الْحَجَفَت وَإِمَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي ضِمْن اللَّفْظَة وَلَا بُدّ أَثْبَتَ التَّاء كَمَا ثَبَتَتْ فِي الْوَصْل لِيُعْلَم أَنَّ الْمُضَاف إِلَيْهِ مُرَاد . وَالْمَرْضَاة الرِّضَا , يُقَال : رَضِيَ يَرْضَى رِضًا وَمَرْضَاة . وَحَكَى قَوْم أَنَّهُ يُقَال : شَرَى بِمَعْنَى اِشْتَرَى , وَيَحْتَاج إِلَى هَذَا مَنْ تَأَوَّلَ الْآيَة فِي صُهَيْب , لِأَنَّهُ اِشْتَرَى نَفْسه بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْهَا , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَال : إِنَّ عَرْض صُهَيْب عَلَى قِتَالهمْ بَيْع لِنَفْسِهِ مِنْ اللَّه . فَيَسْتَقِيم اللَّفْظ عَلَى مَعْنَى بَاعَ . المصادر : تفسير الجلالين. تفسير القرطبي. |
رقم المشاركة :47 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) } سورة القمر. ![]() ![]() كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ذَكَرَ جُمَلًا مِنْ وَقَائِع الْأُمَم الْمَاضِيَة تَأْنِيسًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْزِيَة لَهُ . " قَبْلهمْ " أَيْ قَبْل قَوْمك . فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا يَعْنِي نُوحًا . الزَّمَخْشَرِيّ : فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى قَوْله : " فَكَذَّبُوا " بَعْد قَوْله : " كَذَّبَتْ " ؟ قُلْت : مَعْنَاهُ كَذَّبُوا فَكَذَّبُوا عَبْدنَا ; أَيْ كَذَّبُوهُ تَكْذِيبًا عَلَى عَقِب تَكْذِيب كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ قَرْن مُكَذِّب تَبِعَهُ قَرْن مُكَذِّب , أَوْ كَذَّبَتْ قَوْم نُوح الرُّسُل فَكَذَّبُوا عَبْدنَا ; أَيْ لَمَّا كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ جَاحِدِينَ لِلنُّبُوَّةِ رَأْسًا كَذَّبُوا نُوحًا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَة الرُّسُل . وَقَالُوا مَجْنُونٌ أَيْ هُوَ مَجْنُون وَازْدُجِرَ أَيْ زُجِرَ عَنْ دَعْوَى النُّبُوَّة بِالسَّبِّ وَالْوَعِيد بِالْقَتْلِ . وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ : " وَازْدُجِرَ " بِلَفْظِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله لِأَنَّهُ رَأْس آيَة . فَدَعَا رَبَّهُ أَيْ دَعَا عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ نُوح وَقَالَ رَبّ " أَنِّي مَغْلُوب " أَنِّي مَغْلُوبٌ أَيْ غَلَبُونِي بِتَمَرُّدِهِمْ فَانْتَصِرْ أَيْ فَانْتَصِرْ لِي . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَنْبِيَاء كَانُوا لَا يَدْعُونَ عَلَى قَوْمهمْ بِالْهَلَاكِ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِيهِ . فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ أَيْ فَأَجَبْنَا دُعَاءَهُ وَأَمَرْنَاهُ بِاِتِّخَاذِ السَّفِينَة وَفَتَحْنَا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَيْ كَثِير . ; قَالَهُ السُّدِّيّ . قَالَ الشَّاعِر : أَعَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ الْهَوَامِرِ عَلَى خَيْر بَادٍ مِنْ مَعَدٍّ وَحَاضِر وَقِيلَ : إِنَّهُ الْمُنْصَبّ الْمُتَدَفِّق ; وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس يَصِف غَيْثًا : رَاحَ تَمْرِيهِ الصَّبَا ثُمَّ اِنْتَحَى فِيهِ شُؤْبُوبُ جَنُوبٍ مُنْهَمِرْ الْهَمْر الصَّبّ ; وَقَدْ هَمَرَ الْمَاء وَالدَّمْع يَهْمِر هَمْرًا . وَهَمَرَ أَيْضًا إِذَا أَكْثَرَ . الْكَلَام وَأَسْرَعَ . وَهَمَرَ لَهُ مِنْ مَاله أَيْ أَعْطَاهُ . وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا قَالَ عُبَيْد بْن عُمَيْر : أَوْحَى اللَّه إِلَى الْأَرْض أَنْ تُخْرِج مَاءَهَا فَتَفَجَّرَتْ بِالْعُيُونِ , وَإِنَّ عَيْنًا تَأَخَّرَتْ فَغَضِبَ عَلَيْهَا فَجَعَلَ مَاءَهَا مُرًّا أُجَاجًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . فَالْتَقَى الْمَاءُ أَيْ مَاء السَّمَاء وَمَاء الْأَرْض عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ أَيْ عَلَى مِقْدَار لَمْ يَزِدْ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر ; حَكَاهُ اِبْن قُتَيْبَة . أَيْ كَانَ مَاء السَّمَاء وَالْأَرْض سَوَاء . وَقِيلَ : " قُدِرَ " بِمَعْنَى قُضِيَ عَلَيْهِمْ . قَالَ قَتَادَة : قَدَّرَ لَهُمْ إِذَا كَفَرُوا أَنْ يُغْرَقُوا . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : كَانَتْ الْأَقْوَات قَبْل الْأَجْسَاد , وَكَانَ الْقَدَر قَبْل الْبَلَاء ; وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ : " اِلْتَقَى الْمَاء " وَالِالْتِقَاء إِنَّمَا يَكُون فِي اِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ; لِأَنَّ الْمَاء يَكُون جَمْعًا وَوَاحِدًا . وَقِيلَ : لِأَنَّهُمَا لَمَّا اِجْتَمَعَا صَارَا مَاء وَاحِدًا . وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيّ : " فَالْتَقَى الْمَاءَانِ " . وَقَرَأَ الْحَسَن : " فَالْتَقَى الْمَاوَانِ " وَهُمَا خِلَاف الْمَرْسُوم . الْقُشَيْرِيّ : وَفِي بَعْض الْمَصَاحِف " فَالْتَقَى الْمَاوَانِ " وَهِيَ لُغَة طَيْء . وَقِيلَ : كَانَ مَاء السَّمَاء بَارِدًا مِثْل الثَّلْج وَمَاء الْأَرْض حَارًّا مِثْل الْحَمِيم . وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ أَيْ عَلَى سَفِينَة ذَات أَلْوَاح . وَدُسُرٍ قَالَ قَتَادَة : يَعْنِي الْمَسَامِير الَّتِي دُسِرَتْ بِهَا السَّفِينَة أَيْ شُدَّتْ ; وَقَالَهُ الْقُرَظِيّ وَابْن زَيْد وَابْن جُبَيْر وَرَوَاهُ الْوَالِبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ الْحَسَن وَشَهْر بْن حَوْشَب وَعِكْرِمَة : هِيَ صَدْر السَّفِينَة الَّتِي تَضْرِب بِهَا الْمَوْج سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَدْسُر الْمَاء أَيْ تَدْفَعهُ , وَالدَّسْر الدَّفْع وَالْمَخْر ; وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الدَّسْر كَلْكَل السَّفِينَة . وَقَالَ اللَّيْث : الدِّسَار خَيْط مِنْ لِيف تُشَدّ بِهِ أَلْوَاح السَّفِينَة . وَفِي الصِّحَاح : الدِّسَار وَاحِد الدُّسُر وَهِيَ خُيُوط تُشَدّ بِهَا أَلْوَاح السَّفِينَة , وَيُقَال : هِيَ الْمَسَامِير , وَقَالَ تَعَالَى : " عَلَى ذَات أَلْوَاح وَدُسُر " . وَدُسْر أَيْضًا مِثْل عُسْر وَعُسُر . وَالدَّسْر الدَّفْع ; قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي الْعَنْبَر : إِنَّمَا هُوَ شَيْء يَدْسُرهُ الْبَحْر دَسْرًا أَيْ يَدْفَعهُ . وَدَسَرَهُ بِالرُّمْحِ . وَرَجُل مِدْسَر . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا أَيْ بِمَرْأَى مِنَّا . وَقِيلَ : بِأَمْرِنَا . وَقِيلَ : بِحِفْظٍ مِنَّا وَكِلَاءَة : وَقَدْ مَضَى فِي " هُود " . وَمِنْهُ قَوْل النَّاس لِلْمُوَدَّعِ : عَيْن اللَّه عَلَيْك ; أَيْ حِفْظه وَكِلَاءَته . وَقِيلَ : بِوَحْيِنَا . وَقِيلَ : أَيْ بِالْأَعْيُنِ النَّابِعَة مِنْ الْأَرْض . وَقِيلَ : بِأَعْيُنِ أَوْلِيَائِنَا مِنْ الْمَلَائِكَة الْمُوَكَّلِينَ بِحِفْظِهَا , وَكُلّ مَا خَلَقَ اللَّه تَعَالَى يُمْكِن أَنْ يُضَاف إِلَيْهِ . وَقِيلَ : أَيْ تَجْرِي بِأَوْلِيَائِنَا , كَمَا فِي الْخَبَر : مَرِضَ عَيْن مِنْ عُيُوننَا فَلَمْ تَعُدْهُ . جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ أَيْ جَعَلْنَا ذَلِكَ ثَوَابًا وَجَزَاء لِنُوحٍ عَلَى صَبْره عَلَى أَذَى قَوْمه وَهُوَ الْمَكْفُور بِهِ ; فَاللَّام فِي " لِمَنْ " لَام الْمَفْعُول لَهُ ; وَقِيلَ : " كُفِرَ " أَيْ جَحَدَ ; فـ " ـمَنْ " كِنَايَة عَنْ نُوح . وَقِيلَ : كِنَايَة عَنْ اللَّه وَالْجَزَاء بِمَعْنَى الْعِقَاب ; أَيْ عِقَابًا لِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى . وَقَرَأَ يَزِيد بْن رُومَان وَقَتَادَة وَمُجَاهِد وَحُمَيْد " جَزَاء لِمَنْ كَانَ كَفَرَ " بِفَتْحِ الْكَاف وَالْفَاء بِمَعْنَى : كَانَ الْغَرَق جَزَاء وَعِقَابًا لِمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ , وَمَا نَجَا مِنْ الْغَرَق غَيْر عُوج بْن عُنُق ; كَانَ الْمَاء إِلَى حُجْزَته . وَسَبَب نَجَاته أَنَّ نُوحًا اِحْتَاجَ إِلَى خَشَبَة السَّاج لِبِنَاءِ السَّفِينَة فَلَمْ يُمْكِنهُ حَمْلهَا , فَحَمَلَ عُوج تِلْكَ الْخَشَبَة إِلَيْهِ مِنْ الشَّام فَشَكَرَ اللَّه لَهُ ذَلِكَ , وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَق . المصادر :
تفسير الطبري . تفسير القرطبي . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :48 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)} سورة فاطر.
![]() ![]() ![]() كَذَلِكَ " أَيْ كَذَلِكَ الْحَيَوَانَات مِنْ النَّاس وَالدَّوَابّ وَهُوَ كُلّ مَا دَبَّ عَلَى الْقَوَائِم وَالْأَنْعَام مِنْ بَاب عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ كَذَلِكَ هِيَ مُخْتَلِفَة أَيْضًا فَالنَّاس مِنْهُمْ بَرْبَر وَحُبُوشٌ وَطِمَاطِم فِي غَايَة السَّوَاد وَصَقَالِبَة وَرُوم فِي غَايَة الْبَيَاض وَالْعَرَب بَيْن ذَلِكَ وَالْهُنُود دُون ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُمْ وَأَلْوَانكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْعَالِمِينَ " وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ وَالْأَنْعَام مُخْتَلِفَة الْأَلْوَان حَتَّى فِي الْجِنْس الْوَاحِد بَلْ النَّوْع الْوَاحِد مِنْهُمْ مُخْتَلِف الْأَلْوَان بَلْ الْحَيَوَان الْوَاحِد يَكُون أَبْلَق فِيهِ مِنْ هَذَا اللَّوْن وَهَذَا اللَّوْن فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ . وَقَدْ قَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن سَهْل حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبَانَ بْن صَالِح حَدَّثَنَا زِيَاد بْن عَبْد اللَّه عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعْد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيَصْبُغُ رَبّك قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَعَمْ صَبْغًا لَا يُنْفَض أَحْمَر وَأَصْفَر وَأَبْيَض" وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَمَوْقُوفًا وَاَللَّه أَعْلَم . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : بَعْد هَذَا " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء" أَيْ إِنَّمَا يَخْشَاهُ حَقّ خَشْيَته الْعُلَمَاء الْعَارِفُونَ بِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَتْ الْمَعْرِفَة لِلْعَظِيمِ الْقَدِير الْعَلِيم الْمَوْصُوف بِصِفَاتِ الْكَمَال الْمَنْعُوت بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى كُلَّمَا كَانَتْ الْمَعْرِفَة بِهِ أَتَمَّ وَالْعِلْم بِهِ أَكْمَلَ كَانَتْ الْخَشْيَة لَهُ أَعْظَم وَأَكْثَر . قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء " قَالَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " . وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة عَنْ اِبْن أَبِي عَمْرَة عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الْعَالِم بِالرَّحْمَنِ مِنْ عِبَاده مَنْ لَمْ يُشْرِك شَيْئًا وَأَحَلَّ حَلَاله وَحَرَّمَ حَرَامه وَحَفِظَ وَصِيَّته وَأَيْقَنَ أَنَّهُ مُلَاقِيه وَمُحَاسَب بِعَمَلِهِ وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر الْخَشْيَة هِيَ الَّتِي تَحُول بَيْنك وَبَيْن مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ الْعَالِم مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَرَغِبَ فِيمَا رَغَّبَ اللَّه فِيهِ وَزَهِدَ فِيمَا سَخَّطَ اللَّه فِيهِ ثُمَّ تَلَا الْحَسَن " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّه عَزِيز غَفُور " وَعَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ الْعِلْم عَنْ كَثْرَة الْحَدِيث وَلَكِنَّ الْعِلْم عَنْ كَثْرَة الْخَشْيَة . وَقَالَ أَحْمَد بْن صَالِح الْمِصْرِيّ عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك قَالَ : إِنَّ الْعِلْم لَيْسَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَة وَإِنَّمَا الْعِلْم نُور يَجْعَلهُ اللَّه فِي الْقَلْب . قَالَ أَحْمَد بْن صَالِح الْمِصْرِيّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَشْيَة لَا تُدْرَك بِكَثْرَةِ الرِّوَايَة وَإِنَّمَا الْعِلْم الَّذِي فَرَضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُتَّبَع فَإِنَّمَا هُوَ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَمَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا لَا يُدْرَك إِلَّا بِالرِّوَايَةِ وَيَكُون تَأْوِيل قَوْله : نُور يُرِيد بِهِ فَهْم الْعِلْم وَمَعْرِفَة مَعَانِيه . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمِيّ عَنْ رَجُل قَالَ : كَانَ يُقَال الْعُلَمَاء ثَلَاثَة عَالِم بِاَللَّهِ عَالِم بِأَمْرِ اللَّه وَعَالِم بِاَللَّهِ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّه وَعَالِم بِأَمْرِ اللَّه لَيْسَ بِعَالِمٍ بِاَللَّهِ ; فَالْعَالِمُ بِاَللَّهِ وَبِأَمْرِ اللَّه الَّذِي يَخْشَى اللَّه تَعَالَى وَيَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَالْعَالِم بِاَللَّهِ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّه الَّذِي يَخْشَى اللَّه وَلَا يَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَالْعَالِم بِأَمْرِ اللَّه لَيْسَ بِعَالِمٍ بِاَللَّهِ الَّذِي يَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَلَا يَخْشَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير. |
رقم المشاركة :49 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} سورة آل عمران . ![]() يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى " قُلْ " يَا مُحَمَّد مُعَظِّمَا لِرَبِّك وَشَاكِرًا لَهُ وَمُفَوِّضًا إِلَيْهِ وَمُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ " اللَّهُمَّ مَالِك الْمُلْك " أَيْ لَك الْمُلْك كُلّه " تُؤْتِي الْمُلْك مَنْ تَشَاء وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء وَتُعِزّ مَنْ تَشَاء وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء " أَيْ أَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنْتَ الْمَانِع وَأَنْتَ الَّذِي مَا شِئْت كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ . وَفِي هَذِهِ الْآيَة تَنْبِيه وَإِرْشَاد إِلَى شُكْرِ نِعْمَة اللَّه تَعَالَى عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْأُمَّة لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى حَوَّلَ النُّبُوَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل إِلَى النَّبِيّ الْعَرَبِيّ الْقُرَشِيّ الْأُمِّيّ الْمَكِّيّ خَاتَم الْأَنْبِيَاء عَلَى الْإِطْلَاق وَرَسُول اللَّه إِلَى جَمِيع الثَّقَلَيْنِ الْإِنْس وَالْجِنّ الَّذِي جَمَعَ اللَّه فِيهِ مَحَاسِن مَنْ كَانَ قَبْله وَخَصَّهُ بِخَصَائِصَ لَمْ يُعْطِهَا نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاء وَلَا رَسُولًا مِنْ الرُّسُل فِي الْعِلْم بِاَللَّهِ وَشَرِيعَته وَاطِّلَاعه عَلَى الْغُيُوب الْمَاضِيَة وَالْآتِيَة وَكَشْفِهِ لَهُ عَنْ حَقَائِق الْآخِرَة وَنَشْرِ أُمَّته فِي الْآفَاق فِي مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا وَإِظْهَار دِينه وَشَرْعِهِ عَلَى سَائِر الْأَدْيَان وَالشَّرَائِع فَصَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْم الدِّين مَا تَعَاقَبَ اللَّيْل وَالنَّهَار وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ اللَّهُمَّ مَالِك الْمُلْك " الْآيَة أَيْ أَنْتَ الْمُتَصَرِّف فِي خَلْقك الْفَعَّال لِمَا تُرِيد كَمَا رَدَّ تَعَالَى عَلَى مَنْ يَحْكُم عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ حَيْثُ قَالَ " وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم " قَالَ اللَّه رَدًّا عَلَيْهِمْ " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة رَبّك " الْآيَة أَيْ نَحْنُ نَتَصَرَّف فِيمَا خَلَقْنَا كَمَا نُرِيد بِلَا مُمَانِع وَلَا مُدَافِع وَلَنَا الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالْحُجَّة التَّامَّة فِي ذَلِكَ وَهَكَذَا يُعْطِي النُّبُوَّة لِمَنْ يُرِيد كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّه أَعْلَم حَيْثُ يَجْعَل رِسَالَته " وَقَالَ تَعَالَى " اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض " الْآيَة وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة إِسْحَق بْن أَحْمَد مِنْ تَارِيخه عَنْ الْمَأْمُون الْخَلِيفَة أَنَّهُ رَأَى فِي قَصْر بِبِلَادِ الرُّوم مَكْتُوبًا بِالْحِمْيَرِيَّةِ فَعُرِّبَ لَهُ فَإِذَا هُوَ بِسْمِ اللَّه مَا اِخْتَلَفَ اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَا دَارَتْ نُجُوم السَّمَاء فِي الْفَلَك إِلَّا بِنَقْلِ النَّعِيم عَنْ مَلِك قَدْ زَالَ سُلْطَانه إِلَى مَلِك , وَمَلِك ذِي الْعَرْش دَائِم أَبَدًا لَيْسَ بِفَانٍ وَلَا بِمُشْتَرَكٍ . المصدر : تفسير ابن كثير. |
رقم المشاركة :50 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() أرجو تثبيت الموضوع لأهميته
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 7 ( 0من الأعضاء 7 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |