القسم الإسلامي العام يجب تحري الدقة والبعد عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | أنواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم مع الجزء الثلاثون (26) وبعض آيات من سورة القدر المصدر الإلهي للقرآن العظيم إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ-1 وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ -2 لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ -3 تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ -4 سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ - 5 تتحدث سورة القدر عن زمن نزول القرآن العظيم إلى السماء الدنيا من لدن رب العزة , ثم نزوله منجما فترة البعثة الشريفة ,ليكون قرآنا مطبقا مع كل حدث ويعيش المؤمن متطلعا إلى خبر السماء طيلة البعثة النبوية الشريفة لنبينا صلوات ربي وسلامه عليه . وإنه لشعور عظيم والمسلمون يترقبون خبر السماء يتنزل عليهم لينظم لهم حياتهم ويعلمهم مالم يكونوا يعلمون .. فكانوا يحفظون الآيات مع العمل بها فجعلت منهم خير أمة أخرجت للناس ينشرون العدل والحرية في ربوع الأرض.. وبقدر تدبرنا اليوم للقرآن العظيم بقدر تعرضنا لرحمات ربنا جل وعلا . وكأنه ينزل إلينا هذه الأيام , وكثير ممن يتلون القرآن يشعرون بذلك , يشعرون بالسكينة والرحمة , والهدوء , والشفاء من مرض القلوب . ويشعرون بمخاطبة الله تعالى لهم , فالقرآن العظيم كلام الله تعالى . قال تعالى في سورة التوبة : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ – 6 وقد تولى المولى تبارك وتعالى حفظ كتابه , فجعله ميسر للذكر وميسر للحفظ , وإنك لتعجب اليوم من حفظة للقرآن صغارا وكبارا حول العالم ولا يتحدثون اللغة العربية... إنه لإعجاز يفوق التصور ..ولكنه الحفظ الإلهي لكتابه , فلا يزيد حرف ولا ينقص حرف . وإن حدث يكتشف فورا فتحرق النسخ التي زاد فيها حرف أو نقص منها حرف .. وقد حدث ذلك وكان أولها ما فعله الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.. فإن العرضة الأخيرة من جبريل عليه السلام للقرآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي بين أيدينا من أوله إلى أخره من حيث ترتيب السور وعدد الآيات.. وقد ثبت ذلك بالتواتر.. والنسخ المحفوظة حتى الأن . والأهم من ذلك أن تلقي حفظ القرآن لا يتم إلا بالمشافهة أي عن طريق الحفاظ لطلاب العلم ولا يتم بالقراءة فقط ..فالقارئ للقرآن العظيم سمعه من شيخه الذي سمعه الأخير بدوره من شيخة أيضا إلى أن يصل أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال تعالى في سورة الحجر : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ– 9 أي: القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة، وفيه يتذكر من أراد التذكر، ﴿ وإنا له لحافظون ﴾ أي : في حال إنزاله وبعد إنزاله ، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله ، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته ، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص ، ومعانيه من التبديل ، فلا يحرف محرف معنى من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدوا يجتاحهم. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ -1 وهي ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب نبينا محمد ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ ليلة ذات الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعاً . والعظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري. والليلة التي تتحدث عنها السورة هي الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان. إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك إنه هو السميع العليم . والمعروف أنها ليلة من ليالي رمضان، كما ورد في سورة البقرة: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.... فهل أدركنا أهمية القرآن العظيم في تنظيم حياتنا وسلوكنا وأخلاقنا فهو دستور الأخلاق الفاضلة وهو المصدر الأول لشريعة الإسلام.. فما أعظم المجتمعات التي يكون مصدر تشريعاتهم كلام الله تعالى وسنة نبينا صلوات ربي وسلامه عليه... ********* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
مبادىء المعاملات والآداب من القرآن الكريم - سلسلة متجددة : بقلم صابر عباس
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
بن الإسلام
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون (31) وبعض آيات من سورة التكاثر علم اليقين أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ – 1 حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ – 2 كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ – 3 ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ – 4 كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ – 5 لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ – 6 ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ – 7 ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ – 8 ******* تحدثنا في اللقاء السابق عن ميزان العدل يوم القيامة وأثر الإيمان به في معاملات الإنسان...ولكن هناك فئة من البشر لا يؤمنون بذلك اليوم. يقول تعالى موبخًا عباده عن اشتغالهم عما خلقوا له من عبادته وحده لا شريك له ، ومعرفته ، والإنابة إليه ، وتقديم محبته على كل شيء : ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ ولم يذكر المتكاثر به، ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون، من التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، وغير ذلك من الأعراض.. فاستمرت غفلتكم وتشاغلكم ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ فانكشف لكم حينئذ الغطاء ، ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه. قال تعالى في سورة ق : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ – 19 وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ – 20 وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ – 21 لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ – 22 أي ﴿ وَجَاءَتْ ﴾ هذا الغافل المكذب بآيات الله ﴿ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ الذي لا مرد له ولا مناص، ﴿ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ أي: تتأخر وتنكص عنه. ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾ أي : اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب. ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ ﴾ يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه ، ﴿ وَشَهِيدٌ ﴾ يشهد عليها بأعمالها، خيرها وشرها، وهذا يدل على اعتناء الله بالعباد، وحفظه لأعمالهم ، ومجازاته لهم بالعدل . فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال... ولكن أكثر الناس غافلون، ولهذا قال : ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ أي : يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام ، توبيخًا ، ولومًا وتعنيفًا أي: لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن ﴿ كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ ﴾ الذي غطى قلبك ، فكثر نومك ، واستمر إعراضك ، ﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال. أو هذا خطاب من الله للعبد ، فإنه في الدنيا ، في غفلة عما خلق له ، ولكنه يوم القيامة ، ينتبه .. ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط ، ولا يستدرك الفائت ، وهذا كله تخويف من الله للعباد ، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم. ****** ودل قوله: ﴿ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ أن البرزخ دار مقصود منها النفوذ إلى الدار الباقية ، أن الله سماهم زائرين، ولم يسمهم مقيمين. فدل ذلك على البعث والجزاء بالأعمال في دار باقية غير فانية، ولهذا توعدهم بقوله : ﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾ أي: لو تعلمون ما أمامكم علمًا يصل إلى القلوب، لما ألهاكم التكاثر، ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة... ولكن عدم العلم الحقيقي ، صيركم إلى ما ترون، ﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ أي : لتردن القيامة ، فلترون الجحيم التي أعدها الله للكافرين. ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ أي : رؤية بصرية ، كما قال تعالى في سورة الكهف : ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا -53 ﴾ . ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ الذي تنعمتم به في دار الدنيا ، هل قمتم بشكره ، وأديتم حق الله فيه ، ولم تستعينوا به ، على معاصيه ، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل... أم اغتررتم به ، ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله فيعاقبكم على ذلك ، قال تعالى في سورة الأحقاف : ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ - 20 ﴾... وقال تعالى في نفس السورة : وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ – 34 فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ – 35 الأحقاف إن الإيمان باليوم الأخر من ضرورات الإيمان بالله تعالى .. وإن المؤمنون يوقنون باليوم الأخر كأنه واقع أمامهم... قال تعالى في أول سورة البقرة : وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ – 3 ﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ و " الآخرة " اسم لما يكون بعد الموت .. لأن الإيمان باليوم الآخر, أحد أركان الإيمان... ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل... و " اليقين " هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك, الموجب للعمل وفعل الخيرات وتركت المنكرات والباعث الحقيقي لكل المعاملات الصالحة للإنسان.. ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون (32) وبعض آيات من سورة العصر الإنسان بين الحاضر والمصير وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3 العصر : ويعني الزمان بتوالي الليل والنهار , فهو محل أفعال العباد وأعمالهم... ومن هنا ندرك أهمية الوقت في الإسلام ..فالوقت يمثل عمر الإنسان..فإن اليوم يقول للإنسان أنا يوم جديد على عملك شهيد فاغتنمني فإني إذا ذهبت لا أعود إلي يوم القيامة.. إنه على امتداد الزمان في جميع الأعصار , وامتداد الإنسان في جميع الأدهار , ليس هنالك إلا منهج واحد رابح , وطريق واحد ناج . هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده , وهو هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه ( طريق الإيمان ).. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار . . وبهذا الإعجاز تلخص سورة العصر كل معالم الحياة على وجه الأرض..في ثلاث أيات ..نقف بين أنوارها مدهوشين من أين نبدأ وكيف نأتي بالمجلدات لتفسير تلك المعاني الكبيرة التي تشمل الحياة من أولها إلى أخرها والمصير الذي ينتظر الإنسان يوم القيامة.. ****** الإنسان والإيمان ولكي ندرك أهمية الإيمان للإنسان يجب عقد مقارنة بين الإنسان المؤمن والإنسان الغير مؤمن... 1- فالمؤمن واسع الأفق لأنه يؤمن بالله خالق السماوات والأرض رب العالمين , فهو لا يستغرب شيئا بعد هذا الإيمان ... 2 - والمؤمن عزيز النفس فهو يعلم أنه لا ضار ولا نافع إلا هو سبحانه, بينما غير المؤمن والمشرك والملحد والكافر يطأطئ رأسه لمخلوق مثله . 3 - والمؤمن مع عزة نفسه متواضع لأنه يعلم أن الكبرياء لله تعالى وحده, بينما ترى المشرك متكبر بغير الحق ... 4 - والمؤمن حريص على تزكية نفسه بالصالحات لأنه يعلم أن الإيمان ليس بالتمني ولكن بالعمل الصالح , فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . بينما الكافر والمشرك يمني نفسه بالأماني الكاذبة .... 5 - والمؤمن لا يتسرب الى قلبه اليأس فهو يعلم أن الله له ملك السماوات والأرض , فهو يبذل الجهد متوكلا على الله الواحد الذي بيده خزائن السماوات والأرض . بينما المشرك والملحد سرعان مايتسرب اليأس إلي قلبه, فتتحطم نفسيته وقد يقدم على الإنتحار ... 6 - والمؤمن ثابت العزم قوي الإرادة ليقينه بأنه يعتمد على مالك الملك . وليس لغير المؤمن والمشرك هذا اليقين ... 7 - والمؤمن لا يلوث نفسه بالطمع والدناءة وقبيح الأعمال , لأنه يعلم أن الأمر كله لله يرزق من يشاء بغير حساب . بينما المشرك والكافر لا يعبأ من أي شئ يحصل على المال . 8 - والمؤمن يسير حياته وفق شريعة الله التي تحدد له الحلال والحرام فهو أمن في الدنيا والأخرة بإذن الله تعالى . بينما الغير مؤمن والمشرك منفلت لشهواته ورغباته لا يخاف إلا من الشرطي. وبهذه المقارنة السريعة نلاحظ قيمة الإيمان في حياة الإنسان.. وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3 إن مقومات الإيمان هي بذاتها مقومات الإنسانية الرفيعة الكريمة . . . التعبد لإله واحد , يرفع الإنسان عن العبودية لسواه , ويقيم في نفسه المساواة مع جميع العباد , فلا يذل لأحد , ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار . . ومن هنا الانطلاق التحرري الحقيقي للإنسان . الانطلاق الذي ينبثق من الضمير ومن تصور الحقيقة الواقعة في الوجود . إنه ليس هناك إلا قوة واحدة وإلا معبود واحد . فالانطلاق التحرري ينبثق من هذا التصور انبثاقا ذاتيا , لأنه هو الأمر المنطقي الوحيد . إن الإيمان دليل على صحة الفطرة وسلامة التكوين الإنساني , وتناسقه مع فطرة الكون كله , ودليل التجاوب بين الإنسان والكون من حوله . فهو يعيش في هذا الكون , وحين يصح كيانه لا بد أن يقع بينه وبين هذا الكون تجاوب . ولا بد أن ينتهي هذا التجاوب إلى الإيمان , بحكم ما في الكون ذاته من دلائل وإيحاءات عن القدرة المطلقة التي أبدعته على هذا النسق . فإذا فقد الإنسان هذا التجاوب أو تعطل , كان هذا بذاته دليلا على خلل ونقص في الجهاز الذي يتلقى , وهو هذا الكيان الإنساني . وكان هذا دليل فساد لا يكون معه إلا الخسران . ولا يصح معه عمل ولو كان في ظاهره مسحة من الصلاح ... قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ -18 إبراهيم يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: بالرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل..... والإيمان المطلوب في الإسلام هو المقترن بالعمل الصالح وهذا ما نتحدث عنه في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى |
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون (33) وبعض آيات من سورة العصر العمل الصالح ثمرة الإيمان وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3 العمل الصالح وهو الثمرة الحقيقية للإيمان , والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب . فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة . ما أن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج في صورة عمل صالح... هذا هو الإيمان الإسلامي . . لا يمكن أن يظل خامدا لا يتحرك , كامنا لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن . . فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت . شأنه شأن الزهرة لا تمسك أريجها . فهو ينبعث منها انبعاثا طبيعيا . وإلا فهو غير موجود.... ومن هنا قيمة الإيمان . . إنه حركة وعمل وبناء وتعمير . . يتجه إلى الله . إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير . وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة ...... والمتتبع لآيات القرآن العظيم يلاحظ إقتران الإيمان بالعمل الصالح من أوله إلى أخره ولم يذكر الإيمان مجرد من العمل قط ... مما يدلك على أهمية العمل الصالح في الإسلام...وأن الأمر ليس بالأماني.. قال تعالى في سورة النساء : لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا – 123 وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا – 124 والأماني : أحاديث النفس المجردة عن العمل لا تفيد صاحبها وهذا عامّ في كل أمر، فكيف بأمر الإيمان والسعادة الأبدية...؟؟؟ فإن مجرد الانتساب إلى أي دين كان ، لا يفيد شيئا إن لم يأت الإنسان ببرهان على صحة دعواه ، فالأعمال تصدق الدعوى أو تكذبها.... فمن كان عمله صالحا ، وهو مستقيم في غالب أحواله، وصدر منه بعض الأحيان بعض الذنوب الصغار فما يصيبه من الهم والغم والأذى و بعض الآلام في بدنه أو قلبه أو ماله ونحو ذلك - فإنها مكفرات للذنوب... **** إن الندم يوم القيامة وتمني الرجوع إلى الدنيا يكون من أجل العمل الصالح ... قال تعالى في سورة السجدة : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ– 12 وهذا الطلب غير مجاب، لأنه قد مضى وقت الإمهال...فالدنيا هي الفرصة الوحيدة أمام الإنسان للعمل الصالح مع الإيمان.. والصورة المقابلة للمؤمنين ...قال تعالى : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ– 17 وفي الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الأعمال ( أو العمل ) الصلاة لوقتها ، وبر الوالدين... الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 85 خلاصة حكم المحدث: صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أكل أحد طعاما قط ، خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده... الراوي: المقدام بن معد يكرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2072 خلاصة حكم المحدث: صحيح وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول الله تعالى : يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. ****** ومازلنا مع بعض معاني سورة العصر.. ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون (34) وبعض آيات من سورة العصر التواصي بالحق والتواصي بالصبر وخصائص الأمة وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3 مازلنا في أنوار سورة العصر ويحضرني كلمات للأستاذ الندوي رحمه الله. يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه القيم : " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ? " . . عن القيادة الإسلامية الخيرة الفذة في التاريخ كله , وتحت عنوان "عهد القيادة الإسلامية " الأئمة المسلمون وخصائصهم ظهر المسلمون , وتزعموا العالم , وعزلوا الأمم المزيفة من زعامة الإنسانية التي استغلتها وأساءت عملها ,وساروا بالإنسانية سيرا حثيثا متزنا عادلا , وقد توفرت فيهم الصفات التي تؤهلهم لقيادة الأمم , وتضمن سعادتها وفلاحها في ظلهم وتحت قيادتهم . أولا : أنهم أصحاب كتاب منزل وشريعة إلهية. فلا يقننون ولا يشترعون من عند أنفسهم . لأن ذلك منبع الجهل والخطأ والظلم , ولا يخبطون في سلوكهم وسياستهم ومعاملتهم للناس خبط عشواء , وقد جعل الله لهم نورا يمشون به في الناس , وجعل لهم شريعة يحكمون بها الناس قال تعالى في سورة الأنعام : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ? - 122 ) وقد قال الله تعالى في السورة المائدة : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط , ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا . اعدلوا هو أقرب للتقوى , واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون – 8 ). ثانيا : التربية الخلقية وتزكية نفس. إرتكزت القيادة الإسلامية على التربية الخلقية وتزكية نفس , بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر , بل مكثوا زمنا طويلا تحت تربية نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشرافه الدقيق , يزكيهم ويؤدبهم , ويأخذهم بالزهد والورع والعفاف والأمانة والإيثار وخشية الله , وعدم الاستشراف للإمارة والحرص عليها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله , أو أحدا حرص عليه . قال تعالى في سورة القصص : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين – 83 ) . . فكانوا لا يتهافتون على الوظائف والمناصب , فضلا عن أن يرشحوا أنفسهم للإمارة , ويزكوا أنفسهم , وينشروا دعاية لها , وينفقوا الأموال سعيا وراءها . فإذا تولوا شيئا من أمور الناس لم يعدوه مغنما أو طعمة أو ثمنا لما أنفقوا من مال أو جهد ; بل أعتبروه أمانة في عنقهم , وامتحانا من الله تعالى وتذكروا دائما قول الله تعالى في سورة النساء : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها , وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل . .- 58 ثالثا عدم العنصرية. إنهم لم يكونوا خدمة جنس , أو شعب , يسعون لرفاهيته ومصلحته وحده , ويؤمنون بفضله وشرفه على جميع الشعوب والأوطان . ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها , ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها , ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكم أنفسهم .. إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة الله وحده . كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد : الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده , ومن ضيق الدنيا إلى سعتها , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام . فالأمم عندهم سواء , والناس عندهم سواء . الناس كلهم من آدم , وآدم من تراب . لا فضل لعربي على عجمي , ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى قالى تعالى في سورة الحجرات : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا , إن أكرمكم عند الله أتقاكم – 13 ).... في ظل هؤلاء وتحت حكمهم استطاعت الأمم والشعوب - حتى المضطهدة منها في القديم - أن تنال نصيبها من الدين والعلم والتهذيب والحكومة , وأن تساهم مع العرب في بناء العالم الجديد , بل إن كثيرا من أفرادها فاقوا العرب في بعض الفضائل , وكان منهم أئمة هم تيجان مفارق العرب وسادة المسلمين من الأئمة والفقهاء والمحدثين . . رابعا ضرورة الإيمان للقيادة الحكيمة العادلة. إن الإنسان جسم وروح , وهو ذو قلب وعقل وعواطف وجوارح , لا يسعد ولا يفلح ولا يرقى رقيا متزنا عادلا حتى تنمو فيه هذه القوى كلها نموا متناسبا لائقا بها , ويتغذى غذاء صالحا , ولا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذا ساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني . وقد أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا مكنت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بين الذين يؤمنون بالروح والمادة , ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية , وأصحاب عقول سليمة راجحة , وعلوم صحيحة نافعة .. هذه بعض ملامح تلك الحقبة السعيدة التي عاشتها البشرية في ظل الدستور الإسلامي الذي تضع "سورة العصر" قواعده , وتحت تلك الراية الإيمانية التي تحملها جماعة الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر . وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ -2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ -3 ******* وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثلاثون (35) وبعض آيات من سورة الهمزة عبدة المال وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ – 1 الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ – 2 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ – 3 كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ – 4 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ – 5 نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ – 6 الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ – 7 إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ – 8 فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ – 9 للأسف يعمد فريق من الناس إلى جمع المال ليس لهدف إلا لتكثيره إلى مليارات لا حد لها ليفوق - بهذا الكم الهائل من المال - عمره بمئات الأضعاف وهو يظن أن المال الذي يجمعه يشتري له الخلود في الدنيا.. وفي المقابل يوجد الاف الفقراء لا يجدون ما يسد جوعهم ودواءهم وتعليمهم.. ولا يكتفي جامع المال بذلك بل يسخر بالهمز واللمز من الفقراء.. ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده .. وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة , تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم . ولمزهم وهمزهم . . يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته . سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم , أو بتحقير صفاتهم وسماتهم . . بالقول والإشارة . بالغمز واللمز . باللفتة الساخرة والحركة الهازئة ... ولكن خالق الكون مطلع على الجميع يسمع ويرى.. ﴿ وَيْلٌ ﴾ أي : وعيد، ووبال، وشدة عذاب ﴿ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ الذي يهمز الناس بفعله ، ويلمزهم بقوله . فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله. ومن صفة هذا الهماز اللماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به.. وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات وصلة الأرحام، ونحو ذلك، ﴿ يَحْسَبُ ﴾ بجهله ﴿ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾ في الدنيا . وفي الحديث الصحيح : تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ... المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 28/35 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ.. فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره ، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار ، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر . صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال , تقابلها صورة " المنبوذ " المهمل المتردي في ( الحطمة ) التي تحطم كل ما يلقى إليها , فتحطم كيانه وكبرياءه . وهي ( نار الله الموقدة ) وإضافتها لله وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة , غير معهودة , ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة . ﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ ﴾ أي: ليطرحن ﴿ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴾ تعظيم لها، وتهويل لشأنها.... ثم فسرها بقوله: ﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ التي وقودها الناس والحجارة ﴿ الَّتِي ﴾ من شدتها ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾ أي : تنفذ من الأجسام إلى القلوب. ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها ، قد أيسوا من الخروج منها ، ولهذا قال: ﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴾ أي : مغلقة ﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾ لئلا يخرجوا منها... قال تعالى : ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا...20 السجدة ﴾ . ***** هل أدركنا أن المال وسيلة لإدارة مصالح الناس ؟ وأنه ليس هدفا في حد ذاته ليجمع ويعدد ويحرم منه الفقراء.. وإنا لنرى في عناية الله سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين: الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس . والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة , وإشعارهم بأن الله يرى ما يقع عليهم , ويعاقب عليه . . وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ – 1 الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ – 2 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ – 3 كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ – 4 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ – 5 نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ – 6 الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ – 7 إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ – 8 فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ – 9 ****** وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى المزيد من مواضيعي
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
مبادىء, متجددة, والآداب, المعاملات, الكريم, القرآن, بقلم, سلسلة, صابر, عباس |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تساؤلات شرعية معاصرة حول المعاملات المالية للمرأة | مجد الإسلام | العقيدة و الفقه | 0 | 26.05.2010 16:59 |
سلسلة (الإله المسطول) - بقلم / ياسر الجرزاوي | Ahmed_Negm | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 17 | 15.02.2010 08:29 |
سلسلة حلقات شبهات حول مصادر القرآن الكريم | نور اليقين | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 0 | 17.04.2009 16:59 |