بسم الله الرحمن الرحيم
[ معنى مصطلح إعجاز القرآن ]
كلمة "
إعجاز" مصدر .. وإضافتها للقران من قبيل إضافة المصدر لفاعله ... والتقدير "
أعجز القرآن الناس أن يأتوا بمثله"
والعجز في اللغة يعني الضعف .. عجز الشيء يعجز عجزا فهو عاجز = أي ضعيف ..فالمعجزة في اللغة مأخوذة من العجز الذي هو نقيض القدرة
وإنما قيل لآيات الرسل معجزات لعجز المُرسل إليهم عن معارضتها بأمثالها ..
قال الجرجاني في التعريفات:
الإعجاز في الكلام هو أن يؤدي المعنى بطريق هو أبلغ من جميع ما عداه من الطرق.
وقال الزرقاني في مناهل العرفان:
إعجاز القرآن = إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم به ..
فالإعجاز ليس مقصودا لذاته بل المقصود لازمه وهو إظهار أن هذا الكتاب حق وأن الرسول الذي جاء به رسول صدق يجب إتباعه [
انظر اعجاز القران عند ابن تيمية للدكتور محمد العواجي]
يقول الرافعي في كتابه الماتع "
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية" ص 98 :
وإنما الإعجاز شيئان: ضعف القدرة الإنسانية في محاولة المعجزة ومزاولته على شدة الإنسان واتصال عنايته، ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدمه؛ فكأن العالم كله في العجز إنسان واحد ليس له غير مدته المحدودة بالغة ما بلغت ا.هـ
ويرجع ظهور مصطلح الإعجاز والله أعلم إلى منتصف القرن الثالث الهجري تقريبا .. إذ أن هذا المصطلح لم يكن معروفا عند الصحابة ولا عند التابعين ... ولكن كانت هناك بعض الإشارات إلى بعض الموضوعات المتعلقة بالإعجاز وذلك في كتاب "
معاني القرآن" للفراء وكتاب "
مجاز القرآن" لأبي عبيدة
وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة. وقد ألف الجاحظ كتابا عن نظم القرآن تحدث فيه عن بعض أسالب البيان في القرآن لكنه لم يصلنا للأسف وقد انتقد الباقلاني رحمه الله تعالى كتاب الجاحظ هذا في كتابه إعجاز القرآن.
وممن كتب في إعجاز القرآن أيضا العكبري والرازي في كتابه "
نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز" وهو مطبوع متداول وابن الزملكاني في كتابه "
البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن" وهو مطبوع كذلك ...
يقول السيوطي في معترك الأقران:
وقد أفرد علماؤنا رضيَ الله عنهم بتصنيف إعجاز القرآن، وخاضوا في وجوهِ إعجازِه كثيراً، منهم الخطابي، والرمّاني، والزَّمْلَكاني، والإمام الرازي، وابن سراقة، والقاضي أبو بكر الباقِلاني، وأنهى بعضهم وجوه إعجازه إلى ثمانين.والصواب أنه لا نهاية لوجوه إعجازه كما قال السكاكي في المفتاح: اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه ا.هــ
[فائدة: في أن إعجاز القرآن في إخباره بقصص الأمم قبل الإسلام وأنهم لم يكونوا من أهل الفصاحة: قال ابن جني فيما نقله عنه السيوطي في كتاب الخاطريات لابن جني: وأجاب بأن جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية إنما هو معرَّب عن معانيهم، وليس هو بحقيقة ألفاظهم. ولهذا لا يشك أن قوله تعالى: (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) .إن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم.]
وقبل أن نبدأ الحديث عن وجوه الإعجاز ... لا بد أن نستطرد قليلا في تحدي القرآن للناس أن يأتوا بمثله .. ثم نتحول بعدها لمناقشة وجوه الإعجاز بإذن الله تعالى