العودة   شبكة كلمة سواء للحوار الإسلامي المسيحي العودة المنتدى الدراسات الإسلامية و العلوم الشرعية العقيدة و الفقه

العقيدة و الفقه قسم يحتوي على المواضيع الفقهية و العقدية لأهل السنة و الجماعة.

آخر 20 مشاركات
الهولي بايبل و معاملة النساء زمن الحروب و الصّراعات المسلّحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إجابة عن سؤال : ماذا قدّم المسلمون للبشرية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المهتدي مويزو روتشيلد و رحلة من اليهودية إلى الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أسرار خطيرة عن التمويلات الكنَسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة الزّمر : الشيخ إبراهيم أبو حجلة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة فاطر : الشيخ القارئ إياد عوني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الخمر و الحشيش و الدعارة في كتاب النصارى ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورةالزُمَر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورة غافر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه ينادي بالحج ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إشهار إسلام الأخت مارتينا ممدوح (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مصيبة عيد القيامة في الكنائس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأضحية هي قربان لله أم للأوثان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          زاهي حواس ينفي وجود ذكر للأنبياء في الآثار (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ضربة لمعبود الكنيسة تعادل في نتائجها الآثار المرعبة لهجوم نووي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سؤال حيّر الأنبا رفائيل وجعله يهدم المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عذبة من سورة القلم : الشيخ القارئ عبدالله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان : الشيخ القارئ عبد الله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 03.04.2012, 12:46

أبوحذيفة الأثري

عضو

______________

أبوحذيفة الأثري غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 12.03.2012
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 170  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
24.05.2012 (15:49)
تم شكره 13 مرة في 8 مشاركة
افتراضي القول المسدد في بيان ضعف العقيدة التي نقلها أحمد بن جعفر الإصطخري عن الإمام أحمد


القول المسدد
في بيان ضعف العقيدة التي نقلها أحمد بن جعفر الإصطخري عن الإمام أحمد

إعداد : أبي الحارث العمري



إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ]ٍ (1)
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ] (2)
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ](3)

أما بعد : فإن للإمام أحمد مكانته العظيمة بين أهل السنة ، بل وغيرهم ومن المخالفين ، فإنه كان بإذن الله منار هدى ، ثبت في محنة من أشد المحن وأعظمها ، ولمكانة الإمام – رحمه الله تعالى – وصفاء عقيدته ، وخلوها من البدع والمحدثات والمخالفات ولكونه – رحمه الله – كان على سبيل من سبقه , لهذه الأسباب وغيرها توارث الأجيال العقائد المنقولة عنه ، وحرص تلامذته على نقل عقيدته ، فكانت عقيدته مأخوذة من كلام الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان على طريقة الصحابة الكرام رضي الله عنهم ولذا قال في رواية عبدوس : السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن تلك العقائد التي نقلت عن الإمام احمد مانقله عنه أحمد بن جعفر الفارسي الإصطخري ، وتناقلها بعض الأئمة وهم في نقلها على أحوال: فمنهم من نقل بعضها مستشهدا بها، ومنهم من نقلها جميعها ، ومنهم من نقل منها جملا وانتقدها بل وطعن في نسبتها إلى الإمام احمد ، ولذا أحببت أن أسهم بأن أقوم بدراسة متواضعة عن هذه العقيدة وجعلت الدراسة على النحو التالي :
أولا : الطرق التي رويت منها هذه العقيدة عن أحمد بن جعفر الإصطخري .
ثانيا : ترجمة الإصطخري : ممن ذكر الإصطخري وبين أنه من أصحاب الإمام أحمد .
ثالثا : أهل العلم الذين قدحوا في الرواية .
رابعا : أهل العلم الذين ذكروا الرواية في كتبهم محتجين بها ، هم على ضربين .
خامسا : رواية العقيدة عن غير أحمد بن جعفر الإصطخري .
سادسا : مانقل عن الإمام احمد مما يخالف ما في هذه العقيدة من عبارات موهمة .
فما كان من صواب فمن الله تعالى وحده وله وحده الحمد والشكر والثناء ، وما كان من خطاء فمن نفسي الأمارة بالسوء ومن الشيطان الرجيم أعاذني الله من شرهما .

كتبه : أبو الحارث محمد بن غالب العمري

- غفر الله له -

أولا : الطرق التي رويت منها هذه العقيدة عن أحمد بن جعفر الإصطخري :
رويت هذه العقيدة – حسب ما وجدت - من طريقين:
أولا : ماساقه الذهبي بسنده حيث قال في السير (3/302-303) :
أنبؤونا عن محمد بن إسماعيل ، عن يحيى بن مندة الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الدربندي سنة أربعين وأربع مئة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوران لفظاً ، حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري ، قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل :وساق شيء من العقيدة .
ثانيا : ماساقه أبو يعلى الحنبلي في ( طبقات الحنابلة 1/24) قال : قرأت على المبارك عن علي بن عمر البرمكي أخبرنا أحمد بن عبد الله المالكي حدثنا أبي ثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب بن زوزان لفظاً حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري قال : قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل .... وساق العقيدة كاملة .
ولنا مع الأسانيد وقفات :
أولا :في إسناد الذهبي : مع عدم معرفة شيخ الذهبي في الإسناد ، فإن في الإسناد أبو الوليد الدربندي هو الحسن بن محمد البلخي (4) ، قال عنه ابن النجار :ردئ الحفظ لكنه مكثر صدوق (5)، وقال ابن عدي : كل أحاديثه مناكير ، وقل ابن حبان : يروي الموضوعات لا تجوز الرواية عنه .(6)وقال ابن حجر :مستور (7)
وفي الإسناد عبدالله بن محمد بن جعفر ، ويوجد ثلاثة كلهم أسمه عبد الله بن محمد بن جعفر وكلهم مجاريح كما سيأتي من كلام ابن الوزير – رحمه الله - .
ثانيا : ملتقى الاسنادين عند محمد بن إبراهيم بن زوزان : ولم أجد له ما يخرجه عن حيّز الجهالة إلى التوثيق ، قال ابن ماكولا في الإكمال :
أما زوزان بزايين الأولى منهما مضمومة فهو أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوزان له رحلة في الحديث وحديثه منتشر،كتب بالعراق والشام ومصر حدث عن أبي الوليد بن برد وبشر بن موسى ومحمد بن كثير الصوري وأبي يزيد القراطيسي وأبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد المصري وأحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي وخلق كثير روى عنه فرج بن إبراهيم النصيبي وأبو الحسين بن جميع .(8).
وقال الذهبي :الحافظ العالم الرّحال ... قال الأمير : له رحلة في الحديث إلى الشام والعراق ومصر ... (9)
ثالثا : الراوي عن الإمام أحمد وهو : أحمد بن جعفر الإصطخري : فإن كل من ترجم له من أصحاب طبقات الإمام أحمد وغيرها، لم يذكر له توثيق أو عدالة .
وليس كونه من تلاميذ الإمام دليل على عدالته وقبول روايته ، هذا مع النظر إلى أن هناك في الإسناديين من يحتاج إلى معرفته .

ثانيا : ترجمة الإصطخري : ممن ذكر الإصطخري وبين أنه من أصحاب الإمام أحمد :
لم أرى فيما بين يدي من المراجع من أثنى على أحمد بن جعفر الإصطخري ، أو ذكر له تعديلا , وممن ذكره : صاحب كتاب المقصد الأرشد : حيث قال : أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسي الإصطخري : سمع من إمامنا أشياء ، منها : قال أحمد بن جعفر قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها المقتدى بهم فيها ....وذكر شيء من العقيدة .
وانظر شذرات البلاتين ص:42، و المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران ص:26، والعليمي في المنهج الأحمد (1/ 353) تحقيق عادل نويهض ط11983م وابن الجوزي في المناقب رقم 125، و القاضي أبو يعلى في طبقات الحنابلة (1/24) وكذا تسهيل السابلة ترجمة رقم 10 .

ثالثا : أهل العلم الذين قدحوا في الرواية :
أولا الذهبي : حيث قال في السير (3/302-303) : بعد أن ساق بسنده – السابق الذكر – إلى أحمد بن جعفر الإصطخري قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : هذا مذاهب أهل العلم والأثر , فمن خالف شيئا من ذلك أو عاب قائلها فهو مبتدع ، وكان قولهم : أن الإيمان قول وعمل ونية ، وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ، ومن زعم أن الإيمان قول ؛ والأعمال شرائع ،فهو جهمي ، ومن لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجيء ، والزنا والسرقة وقتل النفس والشرك كلها بقضاء وقدر ، من غير أن يكون لأحد على الله حجة .
إلى أن قال : والجنة والنار خلقتا ثم خلق الخلق لهما ، لا تفنيان ولا يفني ما فيهما أبدا ، إلى أن قال : والله تعالى على العرش والكرسي موضع قدميه ، إلى أن قال: وللعرش حملة ، ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله ؛ فهو جهمي ومن لم يكفره فهو مثله ، وكلم الله موسى تكليما من فيه ، إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر ، والأشياء التي - والله - ما قالها الإمام ، فقاتل الله واضعها ، ومن أسمج ما فيها قوله : ومن زعم انه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه احدا فهذا قول فاسق عدو لله ، فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ، ويسكتون عنها..

وقال الذهبي أيضا في السير (11/286) : فهذه الرسالة إسنادها كالشمس ( والرسالة هي للإمام أحمد أيضا رواها عنه ولده عبد الله ,وهي غير هذه الرسالة ) ، فانظر إلى هذا النفس النوراني لا كرسالة الإصطخري ....
ثانيا : العلامة ابن الوزير في كتابه العواصم والقواصم : فإنه رد على ثبوت هذه الرواية – وقد توسع في ذلك – بقوله : الوجه الأول : بيان القدح في أصل هذه الرواية وذلك أن أهل العلم بمذهب أحمد بن حنبل بينوا أن ذلك لا يوجد عنه إلا في رسالة أحمد بن جعفر الإصطخري وقد رواها الذهبي في ترجمة أحمد من النبلاء فقال : انبؤونا عن محمد بن إسماعيل، عن يحيى بن مندة الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الدربندي سنة أربعين وأربع مئة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوران لفظاً ، حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري ، قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل .... ثم ساق كلام الذهبي السابق .
قلت (ابن الوزير ) : في إسنادها جماعة ماعرفتهم وعنعنة في مواضع تحتمل سقوط بعض المجاريح وفي إسنادها عبد الله بن محمد جعفر وفي الرواة ثلاثة كذبة مجاريح ، كلهم يسمى عبد الله بن محمد بن جعفر أحدهم قاضي كنيته أبو القاسم ، قال الذهبي في الميزان(10)في ترجمته : قال ابن المقرئ رأيتهم يضعفونه وينكرون عليه أشياء وقال ابن يونس كان محمودا في القضاء فقيها على مذهب الشافعي كانت له حلقة بمصر وكان يظهر عبادة وورعا وثقل سمعه جدا وكان يفهم الحديث ويحفظ ويملي ويجتمع اليه الخلق فخلط في الآخر ووضع أحاديث على متون معروفة وزاد في نسخ مشهورة فافتضح وحرقت الكتب في وجهه
وقال الحاكم عن الدارقطني : كذاب ألف كتاب سنن الشافعي فيها نحو مائتي حديث لم يحدث بها الشافعي.
وقال ابن زبر مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة .
ومنهم عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان شيخ لا يعرف كذبه ابن الجوزي .
ومنهم :عبد الله بن محمد بن جعفر المخرمي كذبه الدارقطني [والكبار](11) ، انتهى كلام الذهبي
قلت ( ابن الوزير ) : وقد رويت هذه العقيدة المنكرة عن أهل الحديث والسنة لا عن أحمد ، بطريقين غير هذه الطرق وكلا الطريقين غير صحيح .
أحدهما : طريق الأشعري عنهم , ذكرها ابن قيم الجوزية عنه في حادي الأرواح (12).
وقال الذهبي في ترجمة زكريا بن يحي المعروف بالساجي في الطبقة العاشرة من التذكرة : إن الأشعري أخذ عن الساجي تحرير مقالة أهل الحديث والسلف , قال الذهبي : قال ابن بطة : حدثنا أحمد بن زكريا بن يحي الساجي ، قال : قال أبي : القول في السنة التي رأيت عليها أهل الحديث الذين لقيتهم : أن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء ، وذكر سائر الاعتقاد .(13)انتهى
قال الذهبي : في الميزان في ترجمة زكريا بن يحي الساجي راوي هذا الاعتقاد : قال أبو الحسن القطان : مختلف فيه في الحديث ، وثقه قوم وضعفه آخرون (14) .
قلت : فسقط الاحتجاج به ، أما إن قلنا بتقديم الجرح فواضح ، وإن قلنا بتقديم الراجح ، فلعدم وضوح الراجح مع أنه ليس في روايته إلا عمن رأى وأدرك ، وهذه عبارة محتملة وقد يكون له جماعة شيوخ مبتدعة فيطلق عنهم مثل هذا ، وإنما هو عنهم لا يسما مع ضعفه وكم في دعاوى الإجماع نحو هذا .
الطريق الثانية : أشار إليها في الباب السبعين من هذا الكتاب المذكور لابن قيم الجوزية عن حرب ، وهو ابن إسماعيل الكرماني من أصحاب أحمد ، ذكره الذهبي في (( التذكرة )) فلم يذكر أن أحدا وثقه ولو ظهر الإسناد إليه لظهر من فيه من الضعفاء ومن لا يوثق به .(15)
... وبهذا ظهر الطعن عند أصحاب أحمد بن حنبل وغيرهم في أصل هذه الرواية عن أحمد ثم عن أهل الحديث والحمد لله.(16)

ثالثا : العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله – حيث قال في مذكرته الموسومة بـ( أسئلة وأجوبة على مشكلات فالح ) : قال : ولقد رأيت في رسالة الاصطخري مخالفات أخرى منها أنه قال عن الإمام أحمد : " ومن لم ير الإستثناء في الإيمان فهو مرجيء " طبقات الحنابلة (1/25) .
ونقل ابن هانيء عن الإمام أحمد في مسائله (2/247) أنه قال : " أما مسعر فلم أسمع أنه كان مرجئاً ولكن يقولون : إنه كان لا يستثني " .
وقال عبد الله بن أحمد : " سألت أبي عن رجل يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ولكن لا يستثني أمرجيء ؟ قال أرجو أن لا يكون مرجئاً " السنة لعبد الله بن أحمد(1/307) تحقيق القحطاني وفي (ص72) في طبعة نشر الدار العلمية .
ومنها قول الاصطخري في هذه الرسالة : " وكلم الله موسى تكليما من فيه وناوله التوراة من يده إلى يده " طبقات الحنابلة (1/29) .
فهذه الأقوال المنكرة لا يجوز نسبتها إلى الإمام أحمد لأنها ليس في القرآن والسنة ما يدل عليها ولأنها مخالفة لمنهج السلف وأصولهم ، وحاشا الإمام أحمد أن يقول مثل هذه الأقوال. انتهى كلامه حفظه الله .


رابعا : أهل العلم الذين ذكروا الرواية في كتبهم محتجين بها ، هم على ضربين :
الضرب الأول : من رواها كاملة: وهو القاضي أبو يعلى في طبقات الحنابلة ، ذكرها بتمامها في كتابه طبقات الحنابلة ، دون الإشارة إلى ما وقع فيها من ألفاظ مخالفة.
الضرب الثاني : من روى منها بعض الجمل الصحيحة التي لاغبار عليها، وهم :
1– شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – حيث قال في كتاب الصارم المسلول (17): وقال في الرسالة التي رواها أبو العباس احمد بن يعقوب الإصطخري وغيره وخير الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر بعد أبي بكر وعثمان بعد عمر وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على احد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب لي السلطان تأديبه وعقوبته ليس له ان يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وان ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع ).
2- ابن ناصر الدين الدمشقي حيث قال : ( قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل - رحمة الله عليه - في كتاب السنة ، الذي رواه أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله الفارسي الإصطخري عن الإمام أحمد قال : هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الآثار وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها - فذكر السنة ومنها - قال: والكف عن أهل القبلة ولا نكفر أحدا منهم بذنب ، ولا نخرجه من الإسلام بعمل ، إلا أن يكون في ذلك حديث فيروى الحديث كما جاء ، وكما روي ونصدقه ونقبله ، ونعلم أنه كما روي نحو: ترك الصلاة شرب الخمر وما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة بنسب صاحبها إلى الكفر والخروج من الإسلام فاتبع الأثر في ذلك ولا تجاوزه، وذكر بقية شرح السنة) (18)

3- ابن القيم - رحمه الله - : حيث قال : وقال – أي الإمام أحمد - في رواية أبي العباس أحمد بن جعفر ابن يعقوب الإصطخري - ذكره أبو الحسين في كتاب الطبقات –قال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها ، والمقتدى بهم فيها ، من لدن أصحاب نبينا إلى يومنا هذا ، وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ، فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وساق أقوالهم - إلى أن قال- وقد خلقت الجنة وما فيها، وخلقت النار وما فيها ، و خلقهما الله عز وجل وخلق الخلق لهما ولا يفنيان ولا يفنى ما فيهما أبدا فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل ] كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ[ القصص :88، وبنحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة ولا عند النفخة ولا أبدا لأن الله عز وجل خلقهن للبقاء لا للفناء ولم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع وقد ضل عن سواء السبيل وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام والماء فوق السماء العليا السابعة وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء وأن الله عز وجل على العرش والكرسي موضع قدميه وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى وما في قعر البحر ومنبت كل شعرة وشجرة وكل زرع وكل نبات ومسقط كل ورقة وعدد كل كلمة وعدد الحصا والتراب والرمل ومثاقيل الجبال و أعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم ويعلم كل شيء لا يخفى عليه من ذلك شيء وهو على العرش فوق السماء السابعة ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل:
[ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ] ق 16
، وقوله :[وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ]
الحديد 4
،وقوله
[ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا]
المجادلة 7
، وقوله[ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ] المجادلة

ونحو هذا من متشابه القرآن فقل إنما يعني بذلك العلم لأن الله عز وجل على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ) (19)

4- قوام السنة الأصبهاني : قال: قال أحمد بن حنبل في رسالة الإصطخري : إن الله يحب ويكره ، ويبغض ويرضى ، ويغضب ويسخط ، ويرحم ويعفو ، ويغفر ويعطي ويمنع.(20)
والتوجيه لنقل هؤلاء العلماء لشيء من هذه العقيدة ، يكون بما يلي :
أولا : لم ينقل أحد من هؤلاء الأئمة الألفاظ المنكرة الواردة في هذه العقيدة حاشا القاضي أبو يعلى ، فإنه نقلها كاملة وقد أسندها ، وكما هو معلوم أن من أسند فقد أحال ، فينظر فيها من ناحية إسنادها ، وقد سبق في هذا كلام العلامة ابن الوزير – رحمه الله - ، ومما يدل على وهن إسنادها أن الراوي عن الإمام أحمد وهو الإصطخري لم يوثقه أحد من العلماء ممن ترجم له – حسب إطلاعي - ، وكذا ينظر لها من ناحية الألفاظ المنكرة الواردة فيها ، وقد تقدم كلام الإمام الذهبي في بعضها ، وكذا كلام العلامة ابن الوزير .
ثانيا : أن هؤلاء الأئمة الذين نقلوا شيء من هذه العقيدة ، إنما نقلوا ألفاظا سليمة خالية من الانتقاد ، فليس أحد منهم نقل لفظة " من فيه " المنكرة ، أو لفظة " من يده إلى يده" ،أو غيرها من الألفاظ المخالفة (21) ، وما نقلوه فإنما هو منقول عن الإمام أحمد في غير هذه العقيدة ، وهو كلام موافق لعقيدة أهل السنة والجماعة .
ثالثا : أن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- قد استشنع ، لفظة من العقيدة التي نقلها حرب الكرماني ، وهي لفظة " الحركة" ، وأشار إلى ضعف هذه العقيدة التي نقلها الكرماني ،فقال – في كتابه الاستقامة -: ( قد نقل في رسالة عنه إثبات لفظ "الحركة" مثل ما في العقيدة التي كتبها حرب بن إسماعيل ، وليست هذه العقيدة ثابتة عن الإمام أحمد بألفاظها فإني تأملت لها ثلاثة أسانيد مظلمة ،برجال مجاهيل والألفاظ هي ألفاظ حرب بن إسماعيل لا ألفاظ الإمام أحمد ولم يذكرها المعنيون بجمع كلام الإمام أحمد ،كأبي بكر الخلال في كتاب السنة وغيره من العراقيين العالمين بكتاب أحمد ، ولا رواها المعروفون بنقل كلام الإمام لا سيما مثل هذه الرسالة الكبيرة وإن كانت راجت على كثير من المتأخرين.. ) ثم تحدث شيخ الإسلام عن الألفاظ المشكلة التي تنقل عن الإمام أحمد في العقيدة مثل مانقله حنبل عن الإمام أحمد تأويل بعض الصفات ، فقال – رحمه الله - : (وقد نقل حنبل عن احمد في كتاب المحنة أنه تأول قوله :[هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ] [ البقرة 210] فإن الجهمية الذين ناظروه احتجوا على خلق القرآن بقول النبي صلى الله عليه وسلم بأن البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما ، وما يجئ إلا مخلوق، فقال الإمام أحمد : فقد قال الله تعالى ]هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ [ فهل يجئ الله ، إنما يجئ أمره !!،كذلك هنا إنما يجئ ثواب القرآن، فاختلف أصحابنا في هذه الرواية على خمس طرق ، وقال قوم: غلط حنبل في نقل هذه الرواية ، وحنبل له مفاريد ينفرد بها من الروايات في الفقه ، والجماهير يروون خلافه وقد اختلف الأصحاب في مفاريد حنبل التى خالفه فيها الجمهور هل تثبت روايته؟ على طريقين: فالخلال وصاحبه قد ينكرانها ويثبتها غيرهما كابن حامد ، وقال قوم منهم : إنما قال ذلك إلزاما للمنازعين له ، فإنهم يتأولون مجئ الرب بمجئ أمره ، قال فكذلك قولوا يجئ كلامه مجئ ثوابه وهذا قريب ، وقال قوم منهم بل هذه الرواية ثابته في تأويل ما جاء من جنس الحركة والإتيان والنزول فيتأول على هذه الرواية بالقصد والعمد لذلك وهذه طريقة ابن الزاغوني وغيره ، وقال قوم بل يتأول بمجئ ثوابه وهؤلاء جعلوا الرواية في جنس الحركة دون بقية الصفات وقال قوم منهم ابن عقيل وابن الجوزى بل يتعدى الحكم من هذه الصفة إلى سائر الصفات التي تخالف ظاهرها للدليل الموجب لمخالفة الظاهر وبكل حال فالمشهور عند أصحاب الإمام أحمد أنهم لا يتأولون الصفات التي من جنس الحركة كالمجئ والإتيان والنزول والهبوط والدنو والتدلى كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح، وكلام السلف في هذا الباب يدل على إثبات المعنى المتنازع فيه. )(22)
والمتمعن في هذا يجد أن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – قد أنكر من عقيدة حرب الكرماني لفظة " الحركة" ، مع أن إثبات الحركة لله u هو مذهب بعض السلف كما ذكر هذا شيخ الإسلام نفسه (23) ، وهذه اللفظة موجودة في رسالة الإصطخري ، ومعها غيرها من الألفاظ المنكرة فليتأمل .

سادسا : مانقل عن الإمام احمد مما يخالف ما في هذه العقيدة من عبارات مخالفة :
قوله :ومن لا يرى الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ :
قال الإمام أحمد : عند أن قال له الأثرم : فكأنك لا ترى بأسا أن لا يستثني ؟ قال : إذا كان ممن يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فهو أسهل عندي (24)
وما نقله عنه ابنه عبد الله قال : سألت أبي عن رجل يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ولكن لا يستثنى أمرجئ ؟ قال : أرجو أن لا يكون مرجئا (25)

قوله : كلم الله موسى من فيه :
من المعروف المنقول عن الإمام احمد إثبات مااثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله من الأسماء الحسنى والصفات العلى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل , ولذا فإنه من المستبعد نقل ما سبق عن الإمام أحمد مثل هذه العبارة المنكرة ، وفيما يلي مانقل عن الإمام احمد مما يخالف ما في هذه العقيدة.
قال الأمام أحمد : ولا يوصف الله بشئ أكثر مما وصف به نفسه عز وجل (26)
وقال : ولا يتعدى القرآن والحديث فنقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه ولا يتعدى ذلك .. (27)
وقال : وأن الله كلم موسى تكليما واتخذ إبراهيم خليلا (28)
بل قال – رحمه الله – ردا على من قال أنه يلزم من كلام الله أن نثبت له فما أو لسانا : وكذلك الله تكلم كيف شاء من غير أن نقول جوف ولا فم ولا شفتان، وقال : بل نقول إن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولا نقول انه كان ولا يتكلم حتى خلق ، .. وقال : باب ما أنكرت الجهمية من أن الله كلم موسى فقلنا :لم أنكرتم ذلك قالوا إن الله لم يتكلم ولا يتكلم إنما كوّن شيئا فعبر عن الله وخلق صوتا فأسمعه، وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف ولسان وشفتين ،فقلنا : هل يجوز أن يكون لمكون غير الله أن يقول: يا موسى إني أنا ربك أو يقول اننى أنا الله لا اله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى ، فمن زعم أن ذلك غير الله فقد ادعى الربوبية ، ولو كان كما زعم الجهمى أن الله كون شيئا كان يقول ذلك المكون يا موسى إن الله رب العالمين ولا يجوز أن يقول انى أنا الله رب العالمين ، وقد قال جل ثناؤه: [ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ] [النساء 164]
وقال [ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ] [الأعراف 143] ، وقال :[ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي ] [الأعراف 144]،
فهذا منصوص القرآن وأما ما قالوا أن الله لم يتكلم ولا يكلم فكيف يصنعون بحديث الأعمش عن خيثمة عن عدى بن حاتم الطائى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من احد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان )؟ وأما قولهم : إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان ، فنقول : أليس الله قال للسموات والأرض: [ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ]
[فصلت11] أتراها أنها قالت بجوف وفم وشفتين ولسان ؟وقال :[وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ] [الأنبياء 79] أتراها أنها يسبحن بجوف وفم ولسان وشفتين ،ولكن الله انطقها كيف شاء وكذلك الله تكلم كيف شاء ، من غير أن نقول جوف ولا فم ولا شفتان ولا لسان ...(29)


مسألة : ومن زعم انه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه احدا فهذا قول فاسق عدو لله:
إن المنقول عن أحمد في هذه المسألة وهي مسألة نبذ التقليد الشيء الكثير ، فإنه كان لا يرضى بتقليده ولا تقليد غيره من الأئمة ، ولذا يستبعد أن يقول الإمام أحمد مثل هذا الكلام مطلقا ، بل ويفسق القائل به ، ويجعله عدوا لله ، وفيما يلي بعض النقول عن الإمام احمد مما يدل على بغضه للتقليد المذموم وتنفيره منه ، ودعوته إلى الإتباع والتجرد للحق والانقياد له .
قال أبو داود قلت لأحمد : الأوزاعي هو أتبع من مالك ؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعي بعد الرجل فيه مخير .
وقال أيضا – أي الإمام أحمد -: لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي ، وخذ من حيث أخذوا ، وقال : من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال (30)
وقال : لاتقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا (31)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (وهؤلاء الأئمة الأربعة رضي الله عنهم قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه وذلك هو الواجب عليهم ) (32)
قوله : من يده إلى يده :
لم يأت دليل يدل على هذه العبارة ، وإنما الوارد أن الله تعالى كتب التوراة بيده ، ولا يلزم من كتابته لها بيده أن يكون أعطاها موسى بيده أيضا
، بل هي عبارة موهمة ، ومن المعلوم أنه في باب الأسماء والصفات والأفعال لا يجوز التقول فيها على الله بغير علم ،فقد حذر الله من ذلك فقال تعالى :
[ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً] [الإسراء36] ، وقال [ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ]
[ البقرة 169].
وكلام الإمام أحمد في إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم مشهور معلوم ، وكان وقّافا عند كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزهما ، ولقد قال حنبل : سمعت أبا عبدالله يقول : ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصف به نفسه عز وجل .(33)

الخلاصة : يتبين مما سبق :
أولا : هذه العقيدة نقلها الأصطخري و لا يعرف فيه توثيق .
ثانيا : في إسناد العقيدة من هو منتقد كما مرّ .
ثالثا : من نقل من أهل العلم عن هذه العقيدة مستدلا بها فلم ينقل منها شيئا مخالفا.
رابعا : على التسليم بصحة نسبة هذه العقيدة للإمام أحمد ، فليست هي من ألفاظه قطعا ، بل حصل فيها من التصرف بالألفاظ , أو الرواية بالمعنى كما حصل في عقيدة الكرماني ، وعلى هذا فتصح الألفاظ التي لا انتقاد عليها ، وأما الألفاظ المخالفة ، فإما من تصرف الأصطخري راوي العقيدة ، أو من دونه ممن نقل عنه .
خامسا : الإمام أحمد من الأئمة الذين نصر الله بهم عقيدة أهل السنة والجماعة ، حتى قيل : نصر الله الإسلام برجلين بأبي بكر يوم الردة وبأحمد يوم المحنة ، وبالمقابلة مع العقائد الأخرى المنقولة عنه – رحمه الله – يتبين بطلان كون هذه الألفاظ مما قالها الإمام – رحمه الله - .

هذا غاية ما قمت به وهو جهد القاصر الضعيف ، مع ضعف الهمة ، وانشغال الفكر ، ولعل هذا البحث مساهمة – ولو صغيرة – في الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة .
أسال الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
_________________

(
1) سورة آل عمران الآية (102)


(2) سورة النساء الآية (1)

(3) سورة الأحزاب الآية (70 - 71)

(4) هكذا ذكره الذهبي في الميزان والتذكرة , وقال الحافظ ابن حجر : الصواب الحسين , التقريب ص164, ط عوامة.

(5) تذكرة الحفاظ (3/115)

(6) ميزان الاعتدال (1/519)

(7) تقريب التهذيب , ترجمة رقم 1347) , طبعة عوامه .

(8) الإكمال (4/192)

(9) سير أعلام النبلاء (15/334)

(10) ميزان الاعتدال (4/118)

(11) لفظة الكبار لم أجدها من كلام الذهبي .

(12) مع نقل الإمام ابن القيم للعقيدة التي ذكرها عن الأشعري لم أرى نقله لما ورد من ألفاظ مخالفة في عقيدة الأصطخري .

(13) تذكرة الحفاظ (2/710)

(14) ميزان الاعتدال (3/117) , لكن قال الذهبي قبله : أحد الأثبات ما علمت فيه جرحا أصلا !! , وقال الحافظ في لسان الميزان (2/488) :ولا يغتر أحد بقول القطان , قد جازف بهذه المقالة , وما ضعف زكريا الساجي هذا أحد قط كما أشار اليه المؤلف – أي الذهبي - وقد كان مع معرفته بالفقه والحديث وتصنيفه في الاختلاف كتابه المشهور في العلل , كتابه الآخر على الإسناد , سمع من عبيد الله بن معاذ وأبي الربيع الزهراني وعبد الواحد بن غياث وهدبة وأبي كامل الجحدري وعبد الأعلى بن حماد وابن أبي الشوارب وغيرهم من شيوخ مسلم ...وحدث عنه أيضا أبو الحسن الأشعري وأخذ عنه مذاهب أهل الحديث وذكره بن أبي حاتم فقال كان ثقة يعرف الحديث والفقه وله مؤلفات حسان في الرجال واختلاف العلماء وأحكام القرآن )

(15) سيأتي كلام – شيخ الإسلام - على العقيدة التي نقلها حرب الكرماني .

(16) العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (3/311-317)

(17) (3/1056) تحقيق الحلواني والشوذري .

(18) الرد الوافر ص 10

(19) حادي الأرواح (ص 36)

(20) الحجة في بيان المحجة (1/463)

(21) لعل قائل يقول : قد نقل الإمام ابن القيم – رحمه الله – في كتابه حادي الأرواح شيء من رسالة حرب الكرماني وفيها : ومن لا يرى الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ , وهذه العبارة موجودة كذلك في رواية الاصطخري , فأقول :
أولا : سيأتي من كلام شيخ الإسلام انتقاده لهذا الرسالة التي نقلها حرب الكرماني .
ثانيا : لعل العلامة ابن القيم استساغ هذه العبارة , وذلك حملا على من لم يرى الاستثناء في الإيمان , مدعيا أن إيمانه شيء واحد لا يزيد ولا ينقص ,وأن العمل ليس من الإيمان.
ثالثا : سيأتي مايبين أن الإمام أحمد , قد ورد عنه ما يخالف هذا القول , وعلى هذا فليس في نقل العلامة ابن القيم هذه العبارة مستمسك لأحد .

(22) الاستقامة ص 73-76, طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .

(23) قال شيخ الإسلام في درء التعارض : ( وقال عثمان بن سعيد وغيرة : أن الحركة من لوازم الحياة فكل حي متحرك وجعلوا نفي هذا من أقوال الجهمية نفاة الصفات الذين اتفق السلف والأئمة على تضليلهم وتبديعهم , وطائفة اخرى من السلفيه كنعيم بن حماد الخزاعي والبخاري صاحب الصحيح وابي بكر بن خزيمة وغيرهم كأبي عمر بن عبد البر وأمثاله يثبتون المعنى الذي يثبته هؤلاء ويسمون ذلك فعلا ونحوه ومن هؤلاء من يمتنع عن إطلاق لفظ الحركة لكونه غير مأثور (2/7-8) , وانظر مجموع الفتاوى (8/21) .

(24) نقلها ابن تيمية في الإيمان ص 241عن الأثرم

(25) السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (1/307)

(26) المسائل والرسائل (1/276)

(27) السابق (1/277)

(28) أصول السنة للإمام احمد ص

(29) مجموع فتاوى ابن تيمية (6/154)

(30) إعلام الموقعين (2/200), وهذا خلاف قوله في العقيدة المذكورة (ومن زعم انه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه احدا فهذا قول فاسق عدو لله ) .

(31) الفتاوى الكبرى( 2/458)

(32) مجموع الفتاوى (20/211)

(33) ذكر محنة الإمام أحمد لحنبل بن إسحاق (ص68)



سحاب
للمزيد من مواضيعي

 






المزيد من مواضيعي
رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
أحمد, نقلها, الإمام, المسيح, الإصطخري, التي, العقيدة, القوم, بيان, يغفر


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
هل محمد ضد المسيح ..؟؟ أحمد ديدات البتول قسم الصوتيات والمرئيات 0 04.11.2011 15:25
الإمام أحمد بن حنبل إيمان 1 التاريخ والبلدان 2 22.09.2010 02:17
هذه هي عقيدة الأمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ردا على المشككين الاشبيلي العقيدة و الفقه 1 22.07.2010 09:53
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب نور عمر القسم الإسلامي العام 4 24.01.2010 01:43



لوّن صفحتك :