|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) } سورة الرحمن . ![]() {5} الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَقَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ , وَمَنَازِلَ لَهَا يَجْرِيَانِ وَلَا يَعْدُوَانِهَا . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25432 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا الْفِرْيَابِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , قَالَ : ثنا سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ يُرْسَلَانِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : يَجْرِيَانِ بِعَدَدٍ وَحِسَاب . 25433 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ . 25434 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } : أَيْ بِحِسَابٍ وَأَجَل . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : يَجْرِيَانِ فِي حِسَاب . 25435 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : يُحْسَب بِهِمَا الدَّهْر وَالزَّمَان لَوْلَا اللَّيْل وَالنَّهَار , وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَمْ يُدْرِك أَحَد كَيْفَ يَحْسِب شَيْئًا لَوْ كَانَ الدَّهْر لَيْلًا كُلّه , كَيْف يَحْسِب , أَوْ نَهَارًا كُلّه كَيْفَ يَحْسِب . * -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مَرْوَان , قَالَ : ثنا أَبُو الْعَوَّام , عَنْ قَتَادَة { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : بِحِسَابٍ وَأَجَل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ بِقَدَرٍ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25436 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن دَاوُدَ , عَنْ أَبِي الصَّهْبَاء , عَنِ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ } قَالَ : بِقَدَرٍ يَجْرِيَانِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَدُورَانِ فِي مِثْل قُطْبِ الرَّحَا . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25437 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , قَالَ : ثنا أَبُو يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد ; وَقَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { بِحُسْبَانٍ } قَالَ : كَحُسْبَانِ الرَّحَا. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { بِحُسْبَانٍ } قَالَ : كَحُسْبَانِ الرَّحَا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : الشَّمْس وَالْقَمَر يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ ; لِأَنَّ الْحُسْبَان مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : حَسِبْته حِسَابًا وَحُسْبَانًا , مِثْل قَوْلهمْ : كَفَرْته كُفْرَانًا , وَغَفَرْته غُفْرَانًا . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ جَمْع حِسَاب , كَمَا الشُّهْبَان : جَمْع شِهَاب . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِيمَا رُفِعَ بِهِ الشَّمْس وَالْقَمَر , فَقَالَ بَعْضهمْ : رُفِعَا بِحُسْبَانٍ : أَيْ بِحِسَابٍ , وَأُضْمِرَ الْخَبَر , وَقَالَ : وَأَظُنّ وَاللَّه أَعْلَم أَنَّهُ قَالَ : يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ وَقَالَ بَعْض مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْقَوْل مِنْهُمْ : هَذَا غَلَط , بِحُسْبَانٍ يُرَافِع الشَّمْس وَالْقَمَر : أَيْ هُمَا بِحِسَابٍ , قَالَ : وَالْبَيَان يَأْتِي عَلَى هَذَا : عَلَّمَهُ الْبَيَان أَنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر بِحُسْبَانٍ ; قَالَ : فَلَا يُحْذَف الْفِعْل وَيُضْمَر إِلَّا شَاذًّا فِي الْكَلَام. المصدر : تفسير القرآن الكريم للطبري . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
الى كل مسيحى : صور جمالية ... تأمل
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
بن الإسلام
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() سورة الشمس : 1 - 8 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) ![]() وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) ![]() وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) ![]() وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) ![]() وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) ![]() فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا ![]() وَتَقْوَاهَا (8) ![]() المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() [فاطر : 27] أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ![]() وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ |
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) }
سورة التكاثر . ![]() [IMG]http://www.old-picture.com/civil-war/pictures/******yard-graves.jpg[/IMG] {1} أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ يَقُول تَعَالَى أَشَغَلكُمْ حُبّ الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَزَهْرَتهَا عَنْ طَلَب الْآخِرَة وَابْتِغَائِهَا وَتَمَادَى بِكُمْ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَكُمْ الْمَوْت وَزُرْتُمْ الْمَقَابِر وَصِرْتُمْ مِنْ أَهْلهَا . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى الْوَقَّاد الْمِصْرِيّ حَدَّثَنَا خَالِد بْن عَبْد الدَّائِم عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " عَنْ الطَّاعَة " حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِر " حَتَّى يَأْتِيكُمْ الْمَوْت " وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ فِي الرِّقَاق مِنْهُ وَقَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيد حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : كُنَّا نَرَى هَذَا مِنْ الْقُرْآن حَتَّى نَزَلَتْ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " يَعْنِي " لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَم وَادٍ مِنْ ذَهَب " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث عَنْ مُطَرِّف يَعْنِي اِبْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير عَنْ أَبِيهِ قَالَ : اِنْتَهَيْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " وَيَقُول اِبْن آدَم مَالِي مَالِي وَهَلْ لَك مِنْ مَالِك إِلَّا مَا أَكَلْت فَأَفْنَيْت أَوْ لَبِسْت فَأَبْلَيْت أَوْ تَصَدَّقْت فَأَمْضَيْت ؟ " وَرَوَاهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيق شُعْبَة بِهِ وَقَالَ مُسْلِم فِي صَحِيحه حَدَّثَنَا سُوَيْد بْن سَعِيد حَدَّثَنَا حَفْص بْن مَيْسَرَة عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَقُول الْعَبْد مَالِي مَالِي وَإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَاله ثَلَاث : مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ تَصَدَّقَ فَأَمْضَى وَمَا سِوَى فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ " تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِم . وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَتْبَع الْمَيِّت ثَلَاثَة فَيَرْجِع اِثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِد : يَتْبَعهُ أَهْله وَمَاله وَعَمَله فَيَرْجِع أَهْله وَمَاله وَيَبْقَى عَمَله " وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث سُفْيَان بْن عُيَيْنَة بِهِ . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَة حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يَهْرَمُ اِبْنُ آدَم وَيَبْقَى مِنْهُ اِثْنَتَانِ الْحِرْص وَالْأَمَل " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَذَكَرَ الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة الْأَحْنَف بْن قَيْس وَاسْمه الضَّحَّاك أَنَّهُ رَأَى فِي يَد رَجُل دِرْهَمًا فَقَالَ لِمَنْ هَذَا الدِّرْهَم ؟ فَقَالَ الرَّجُل لِي فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ لَك إِذَا أَنْفَقْته فِي أَجْر أَوْ اِبْتِغَاء شُكْر ثُمَّ أَنْشَدَ الْأَحْنَف مُتَمَثِّلًا قَوْل الشَّاعِر : أَنْتَ لِلْمَالِ إِذَا أَمْسَكْته فَإِذَا أَنْفَقْته فَالْمَال لَك وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ صَالِح بْن حِبَّان حَدَّثَنِي عَنْ اِبْن بُرَيْدَة فِي قَوْله " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " قَالَ نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِل الْأَنْصَار بَنِي حَارِثَة وَبَنِي الْحَارِث تَفَاخَرُوا وَتَكَاثَرُوا فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا فِيكُمْ مِثْل فُلَان بْن فُلَان وَفُلَان وَقَالَ الْآخَرُونَ مِثْل ذَلِكَ تَفَاخَرُوا بِالْأَحْيَاءِ ثُمَّ قَالُوا اِنْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْقُبُور فَجَعَلَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَقُول فِيكُمْ مِثْل فُلَان يُشِيرُونَ إِلَى الْقُبُور وَمِثْل فُلَان وَفَعَلَ الْآخَرُونَ مِثْل ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّه " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِر " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيمَا رَأَيْتُمْ عِبْرَة وَشُغْل . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) }
سورة التكوير . ![]() {8} وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ الْمَوْءُودَة الْمَقْتُولَة ; وَهِيَ الْجَارِيَة تُدْفَن وَهِيَ حَيَّة , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يُطْرَح عَلَيْهَا مِنْ التُّرَاب , فَيَؤُودُهَا أَيْ يُثْقِلهَا حَتَّى تَمُوت ; وَمِنْهُ قَوْل تَعَالَى : " وَلَا يَئُودهُ حِفْظُهُمَا " [ الْبَقَرَة : 255 ] أَيْ لَا يُثْقِلُهُ ; وَقَالَ مُتَمِّم بْن نُوَيْرَة : وَمَوْءُودَة مَقْبُورَة فِي مَفَازَة بِآمَتِهَا مَوْسُودَة لَمْ تُمَهَّد وَكَانُوا يَدْفِنُونَ بَنَاتهمْ أَحْيَاء لِخَصْلَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه , فَأَلْحَقُوا الْبَنَات بِهِ . الثَّانِيَة إِمَّا مَخَافَة الْحَاجَة وَالْإِمْلَاق , وَإِمَّا خَوْفًا مِنْ السَّبْي وَالِاسْتِرْقَاق . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " النَّحْل " هَذَا الْمَعْنَى , عِنْد قَوْله تَعَالَى : " أَمْ يَدُسّهُ فِي التُّرَاب " [ النَّحْل : 59 ] مُسْتَوْفًى . وَقَدْ كَانَ ذَوُو الشَّرَف مِنْهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ هَذَا , وَيَمْنَعُونَ مِنْهُ , حَتَّى اِفْتَخَرَ بِهِ الْفَرَزْدَق , فَقَالَ : وَمِنَّا الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَات فَأَحْيَا الْوَئِيد فَلَمْ يُوأَد يَعْنِي جَدّه صَعْصَعَة كَانَ يَشْتَرِيهِنَّ مِنْ آبَائِهِنَّ . فَجَاءَ الْإِسْلَام وَقَدْ أَحْيَا سَبْعِينَ مَوْءُودَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا حَمَلَتْ حَفَرَتْ حُفْرَة , وَتَمَخَّضَتْ عَلَى رَأْسِهَا , فَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَة رَمَتْ بِهَا فِي الْحُفْرَة , وَرَدَّتْ التُّرَاب عَلَيْهَا , وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا حَبَسَتْهُ , وَمِنْهُ قَوَّال الرَّاجِز : سَمَّيْتهَا إِذْ وُلِدَتْ تَمُوت وَالْقَبْر صِهْر ضَامِن زِمِّيت الزَّمِيت الْوَقُور , وَالزَّمِيت مِثَال الْفِسِّيق أَوْقَر مِنْ الزِّمِّيت , وَفُلَان أَزْمَت النَّاس أَيْ أَوْقَرُهُم , وَمَا أَشَدّ تَزَمُّته ; عَنْ الْفَرَّاء . وَقَالَ قَتَادَة : كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة يَقْتُل أَحَدهمْ اِبْنَته , وَيَغْذُو كَلْبه , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه عَلَى ذَلِكَ , وَتَوَعَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ : " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ " قَالَ عُمَر فِي قَوْله تَعَالَى : " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ " قَالَ : جَاءَ قَيْس بْن عَاصِم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه ! إِنِّي وَأَدْت ثَمَانِي بَنَات كُنَّ لِي فِي الْجَاهِلِيَّة , قَالَ : ( فَأَعْتِقْ عَنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ رَقَبَة ) قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي صَاحِب إِبِل , قَالَ : ( فَأَهْدِ عَنْ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ بَدَنَة إِنْ شِئْت ) . {9} بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَقَوْله تَعَالَى : " سُئِلَتْ " سُؤَال الْمَوْءُودَة سُؤَال تَوْبِيخ لِقَاتِلِهَا , كَمَا يُقَال لِلطِّفْلِ إِذَا ضُرِبَ : لِمَ ضُرِبْتَ ؟ وَمَا ذَنْبك ؟ قَالَ الْحَسَن : أَرَادَ اللَّه أَنْ يُوَبِّخ قَاتِلَهَا ; لِأَنَّهَا قُتِلَتْ بِغَيْرِ ذَنْب . وَقَالَ اِبْن أَسْلَمَ : بِأَيِّ ذَنْب ضُرِبَتْ , وَكَانُوا يَضْرِبُونَهَا . وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم فِي قَوْله تَعَالَى : " سُئِلَتْ " قَالَ : طَلَبَتْ ; كَأَنَّهُ يُرِيد كَمَا يُطْلَب بِدَمِ الْقَتِيل . قَالَ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ : " وَكَانَ عَهْد اللَّه مَسْئُولًا " [ الْأَحْزَاب : 15 ] أَيْ مَطْلُوبًا . فَكَأَنَّهَا طَلَبَتْ مِنْهُمْ , فَقِيلَ أَيْنَ أَوْلَادكُمْ ؟ وَقَرَأَ الضَّحَّاك وَأَبُو الضُّحَى عَنْ جَابِر بْن زَيْد وَأَبِي صَالِح " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سَأَلَتْ " فَتَتَعَلَّق الْجَارِيَة بِأَبِيهَا , فَتَقُول : بِأَيِّ ذَنْب قَتَلْتنِي ؟ ! فَلَا يَكُون لَهُ عُذْر ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَكَانَ يَقْرَأ " وَإِذَا الْمَوْءُودَة سَأَلَتْ " وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَف أُبَيّ . وَرَوَى عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَرْأَة الَّتِي تَقْتُل وَلَدهَا تَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة مُتَعَلِّقًا وَلَدهَا بِثَدْيَيْهَا , مُلَطَّخًا بِدِمَائِهِ , فَيَقُول يَا رَبّ , هَذِهِ أُمِّي , وَهَذِهِ قَتَلَتْنِي ) . وَالْقَوْل الْأَوَّل عَلَيْهِ الْجُمْهُور , وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى لِعِيسَى : " أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ " , عَلَى جِهَة التَّوْبِيخ وَالتَّبْكِيت لَهُمْ , فَكَذَلِكَ سُؤَال الْمَوْءُودَة تَوْبِيخ لِوَائِدِهَا , وَهُوَ أَبْلَغ مِنْ سُؤَالهَا عَنْ قَتْلِهَا ; لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَصِحّ إِلَّا بِذَنْبٍ , فَبِأَيِّ ذَنْب كَانَ ذَلِكَ , فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا ذَنْب لَهَا , كَانَ أَعْظَم فِي الْبَلِيَّة وَظُهُور الْحُجَّة عَلَى قَاتِلهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقُرِئَ " قُتِّلَتْ " بِالتَّشْدِيدِ , وَفِيهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ لَا يُعَذَّبُونَ , وَعَلَى أَنَّ التَّعْذِيب لَا يُسْتَحَقُّ إِلَّا بِذَنْبٍ . المصدر : تفسير القرآن الكريم للقرطبي . |
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63) }
سورة الفرقان . ![]() {63} وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا هَذِهِ صِفَات عِبَاد اللَّه الْمُؤْمِنِينَ " الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا" أَيْ بِسَكِينَةٍ وَوَقَار مِنْ غَيْر جَبْرِيَّة وَلَا اِسْتِكْبَار كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا " الْآيَة فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يَمْشُونَ مِنْ غَيْر اِسْتِكْبَار وَلَا مَرَح وَلَا أَشَر وَلَا بَطَر وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَمْشُونَ كَالْمَرْضَى تَصَنُّعًا وَرِيَاء فَقَدْ كَانَ سَيِّد وَلَد آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطّ مِنْ صَبَب وَكَأَنَّمَا الْأَرْض تُطْوَى لَهُ وَقَدْ كَرِهَ بَعْض السَّلَف الْمَشْي بِتَضَعُّفِ وَتَصَنُّع حَتَّى رُوِيَ عَنْ عُمَر أَنَّهُ رَأَى شَابًّا يَمْشِي رُوَيْدًا فَقَالَ مَا بَالك أَأَنْت مَرِيض ؟ قَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْشِيَ بِقُوَّةٍ وَإِنَّمَا الْمُرَاد بِالْهَوْنِ هُنَا السَّكِينَة وَالْوَقَار كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاة فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَة فَمَا أَدْرَكْتُمْ مِنْهَا فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك عَنْ مَعْمَر عَنْ عُمَر بْن الْمُخْتَار عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله" وَعِبَاد الرَّحْمَن " الْآيَة قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْم ذُلُل ذَلَّتْ مِنْهُمْ - وَاَللَّه - الْأَسْمَاع وَالْأَبْصَار وَالْجَوَارِح حَتَّى يَحْسَبهُمْ الْجَاهِل مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَض وَإِنَّهُمْ - وَاَللَّه - لَأَصِحَّاء وَلَكِنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ الْخَوْف مَا لَمْ يَدْخُل غَيْرهمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْ الدُّنْيَا عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ فَقَالُوا : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن أَمَا وَاَللَّه مَا أَحْزَنَهُمْ مَا أَحْزَنَ النَّاس وَلَا تَعَاظَمَ فِي نُفُوسهمْ شَيْء طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّة وَلَكِنْ أَبْكَاهُمْ الْخَوْف مِنْ النَّار إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّه تُقَطَّع نَفْسه عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَات وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ نِعْمَة إِلَّا فِي مَطْعَم أَوْ مَشْرَب فَقَدْ قَلَّ عِلْمه وَحَضَرَ عَذَابه وَقَوْله تَعَالَى " وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا " أَيْ إِذَا سَفِهَ عَلَيْهِمْ الْجَاهِل بِالْقَوْلِ السَّيِّئ لَمْ يُقَابِلُوهُمْ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ بَلْ يَعْفُونَ وَيَصْفَحُونَ وَلَا يَقُولُونَ إِلَّا خَيْرًا كَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزِيدهُ شِدَّة الْجَاهِل عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا وَكَمَا قَالَ تَعَالَى " وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ" الْآيَة وَرَوَى الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَسْوَد بْن عَامِر حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي خَالِد الْوَالِبِيّ عَنْ النُّعْمَان بْن مُقَرِّن الْمُزَنِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَّ رَجُل رَجُلًا عِنْده فَجَعَلَ الْمَسْبُوب يَقُول : عَلَيْك السَّلَام فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَا إِنَّ مَلَكًا بَيْنكُمَا يَذُبّ عَنْك كُلَّمَا شَتَمَك هَذَا قَالَ لَهُ بَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ أَحَقّ بِهِ وَإِذَا قُلْت لَهُ وَعَلَيْك السَّلَام قَالَ لَا بَلْ عَلَيْك وَأَنْتَ أَحَقّ بِهِ " إِسْنَاده حَسَن وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ وَقَالَ مُجَاهِد " قَالُوا سَلَامًا " يَعْنِي قَالُوا سَدَادًا وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر رُدُّوا مَعْرُوفًا مِنْ الْقَوْل وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ قَالُوا سَلَام عَلَيْكُمْ إِنْ جَهِلَ عَلَيْهِمْ حَلُمُوا يُصَاحِبُونَ عِبَاد اللَّه نَهَارهمْ بِمَا يَسْمَعُونَ . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . |
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) } سورة الحج .
![]() {78} وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَقَوْله " وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده " أَيْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَلْسِنَتكُمْ وَأَنْفُسكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " اِتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته " وَقَوْله " هُوَ اِجْتَبَاكُمْ " أَيْ يَا هَذِهِ الْأُمَّة اللَّه اِصْطَفَاكُمْ وَاخْتَارَكُمْ عَلَى سَائِر الْأُمَم وَفَضَّلَكُمْ وَشَرَّفَكُمْ وَخَصَّكُمْ بِأَكْرَم رَسُول وَأَكْمَل شَرْع " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " أَيْ مَا كَلَّفَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ وَمَا أَلْزَمَكُمْ بِشَيْءٍ يَشُقّ عَلَيْكُمْ إِلَّا جَعَلَ اللَّه لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا فَالصَّلَاة الَّتِي أَكْبَر أَرْكَان الْإِسْلَام بَعْد الشَّهَادَتَيْنِ تَجِب فِي الْحَضَر أَرْبَع وَفِي السَّفَر تُقْصَر إِلَى اِثْنَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف يُصَلِّيهَا بَعْض الْأَئِمَّة رَكْعَة كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيث وَتُصَلَّى رِجَالًا وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَة وَغَيْر مُسْتَقْبِلِيهَا وَكَذَا فِي النَّافِلَة فِي السَّفَر إِلَى الْقِبْلَة وَغَيْرهَا وَالْقِيَام فِيهَا يَسْقُط لِعُذْرِ الْمَرَض فَيُصَلِّيهَا الْمَرِيض جَالِسًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبه إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الرُّخَص وَالتَّخْفِيفَات فِي سَائِر الْفَرَائِض وَالْوَاجِبَات وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام " بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَة " وَقَالَ لِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى حِين بَعَثَهُمَا أَمِيرَيْنِ إِلَى الْيَمَن " بَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا" وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة وَلِهَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " يَعْنِي مِنْ ضِيق وَقَوْله " مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم " قَالَ اِبْن جَرِير نُصِبَ عَلَى تَقْدِير " مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج" أَيْ مِنْ ضِيق بَلْ وَسَّعَهُ عَلَيْكُمْ كَمِلَّةِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم قَالَ وَيُحْتَمَل أَنَّهُ مَنْصُوب عَلَى تَقْدِير اِلْزَمُوا مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم " قُلْت " وَهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ " قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِينًا قِيَمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا " الْآيَة وَقَوْله " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا " قَالَ الْإِمَام عَبْد اللَّه اِبْن الْمُبَارَك عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل" : قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعَطَاء وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل اِبْن حَيَّان وَقَتَادَة وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم " هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل" يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ " رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " قَالَ اِبْن جَرِير وَهَذَا لَا وَجْه لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يُسَمِّ هَذِهِ الْأُمَّة فِي الْقُرْآن مُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا" قَالَ مُجَاهِد : اللَّه سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل فِي الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة وَفِي الذِّكْر " وَفِي هَذَا " يَعْنِي الْقُرْآن وَكَذَا قَالَ غَيْره " قُلْت " وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ " هُوَ اِجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج " ثُمَّ حَثَّهُمْ وَأَغْرَاهُمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِلَّة أَبِيهِمْ الْخَلِيل ثُمَّ ذَكَرَ مِنَّته تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّة بِمَا نَوَّهَ بِهِ مِنْ ذِكْرهَا وَالثَّنَاء عَلَيْهَا فِي سَالِف الدَّهْر وَقَدِيم الزَّمَان فِي كُتُب الْأَنْبِيَاء يُتْلَى عَلَى الْأَحْبَار وَالرُّهْبَان فَقَالَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل " أَيْ مِنْ قَبْل هَذَا الْقُرْآن " وَفِي هَذَا " رَوَى النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِيره هَذِهِ الْآيَة أَنْبَأَنَا هِشَام بْن عَمَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شُعَيْب أَنْبَأَنَا مُعَاوِيَة بْن سَلَّام أَنَّ أَخَاهُ زَيْد بْن سَلَّام أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَلَّام أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ مِنْ جِثِيّ جَهَنَّم " قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى قَالَ " نَعَمْ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى " فَادْعُوا بِدَعْوَةِ اللَّه الَّتِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَاد اللَّه وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا الْحَدِيث بِطُولِهِ عِنْد تَقْسِيم قَوْله " يَا أَيّهَا النَّاس اُعْبُدُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " مِنْ سُورَة الْبَقَرَة وَلِهَذَا قَالَ " لِيَكُونَ الرَّسُول شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس " أَيْ إِنَّمَا جَعَلْنَاكُمْ هَكَذَا أُمَّة وَسَطًا عُدُولًا خِيَارًا مَشْهُودًا بِعَدَالَتِكُمْ عِنْد جَمِيع الْأُمَم لِتَكُونُوا يَوْم الْقِيَامَة شُهَدَاء عَلَى النَّاس" لِأَنَّ جَمِيع الْأُمَم مُعْتَرِفَة يَوْمئِذٍ بِسِيَادَتِهَا وَفَضْلهَا عَلَى كُلّ أُمَّة سِوَاهَا فَلِهَذَا تُقْبَل شَهَادَتهمْ عَلَيْهِمْ يَوْم الْقِيَامَة فِي أَنَّ الرُّسُل بَلَّغَتْهُمْ رِسَالَة رَبّهمْ وَالرَّسُول يَشْهَد عَلَى هَذِهِ الْأُمَّة أَنَّهُ بَلَّغَهَا ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى هَذَا عِنْد قَوْله وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " وَذَكَرْنَا حَدِيث نُوح وَأُمَّته بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته وَقَوْله " فَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة" أَيْ قَابِلُوا هَذِهِ النِّعْمَة الْعَظِيمَة بِالْقِيَامِ بِشُكْرِهَا فَأَدُّوا حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ فِي أَدَاء مَا اِفْتَرَضَ وَطَاعَة مَا أَوْجَبَ وَتَرْك مَا حَرَّمَ وَمِنْ أَهَمّ ذَلِكَ إِقَام الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَهُوَ الْإِحْسَان إِلَى خَلْق اللَّه بِمَا أَوْجَبَ لِلْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيّ مِنْ إِخْرَاج جُزْء نُذِرَ مِنْ مَاله فِي السَّنَة لِلضُّعَفَاءِ وَالْمَحَاوِيج كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه وَتَفْصِيله فِي آيَة الزَّكَاة مِنْ سُورَة التَّوْبَة وَقَوْله وَاعْتَصِمُوا بِاَللَّهِ " أَيْ اِعْتَضِدُوا بِاَللَّهِ وَاسْتَعِينُوا بِهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَتَأَيَّدُوا بِهِ " هُوَ مَوْلَاكُمْ " أَيْ حَافِظكُمْ وَنَاصِركُمْ وَمُظَفِّركُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ " فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير " يَعْنِي نِعْمَ الْوَلِيّ وَنِعْمَ النَّاصِر مِنْ الْأَعْدَاء قَالَ وُهَيْب بْن الْوَرْد " يَقُول اللَّه تَعَالَى : اِبْن آدَم اُذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْت أَذْكُرك إِذَا غَضِبْت فَلَا أَمْحَقك فِيمَنْ أَمْحَق وَإِذَا ظُلِمْت فَاصْبِرْ وَارْضَ بِنُصْرَتِي فَإِنَّ نُصْرَتِي لَك خَيْر مِنْ نُصْرَتك لِنَفْسِك " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَاَللَّه أَعْلَم آخِر تَفْسِير سُورَة الْحَجّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة . المصدر : تفسير القرآن الكريم لابن كثير . |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 46 ( 0من الأعضاء 46 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |