خلاصة الكتب لوضع خلاصة ما قرأت لإفادة الآخرين

آخر 20 مشاركات
روائع الفجر من الحرم المكّي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          السؤال الذي أسقط الايمان المسيحي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كذبوا فقالوا : لا وجود لكلمة محبة في القرآن ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          When the non -believers stand before the Fire's (hell ) gates (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مزاعم وأساطير يهودية باطلة : المبحث الأوّل (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مزاعم وأساطير يهودية باطلة : المبحث الثّاني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مزاعم وأساطير يهودية باطلة : المبحث الثّالث (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          اللهمّ نصر يوم الأحزاب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          من صارع الربّ و صرعه ؟؟ يعقوب النبيّ أم أحد غيره ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سامي سعد معوض مسلم جديد (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كاهن يدرس للقساوسة كيف يهاجمون الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورة النّساء : الشيخ القارئ محمد أباالحسن (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أب و إبنه يعتنقان الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تصريح للأنبا بيشوى: إوعى تقول لحد إنك بتعـبد 3 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          نصيحة من قسيس : إوعى تعبد العذراء وتنسي إبنها ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كهنة النصارى بيصلوا لربهم وسط البراز ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المسيحية بفرنسا و السّقوط الحُر ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          قس مرعوب من اكتساح الإسلام لأوروبّا !! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          vatileaks (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )

كتاب قصة الحضارة

خلاصة الكتب


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 13.01.2011, 05:44
صور ابو الياسمين والفل الرمزية

ابو الياسمين والفل

عضو

______________

ابو الياسمين والفل غير موجود

فريق الترجمة 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.07.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 474  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.02.2015 (03:08)
تم شكره 35 مرة في 31 مشاركة
افتراضي




الفصل الخامس


الموت والتجلّي

اقترب عيد الفصح واجتمع في أورشليم عدد كبير من اليهود ليقربوا القرابين للهيكل. وكان البهو الخارجي يضج بأصوات البائعين ينادون على الحمام وغيره من حيوانات الضحايا والصيارفة يعرضون النقود المتداولة في هذا المكان بدل نقود الوثنيين المتداولة في الإمبراطوريّة الرومانية. ولما زار عيسى الهيكل في اليوم الثاني بعد دخوله المدينة هاله ما كان تحت المظلات من ضجيج وأعمال تجارية، فانتابته هو وأتباعه نوبة من الغضب الشديد، دفعتهم إلى قلب مناضد الصيارفة وتجّار الحمام، وبعثرت نقودهم على الأرض، وإخراج التجار من ساحته بضرب العصى. وظل عدة أيام بعد مجيئه يعلم في الهيكل دون أن يتعرض له أحد(122). ولكنه كان يخرج منه ليلاً ويبيت في جبل الزيتون لخوفه أن يُقبض عليه أو يُغتال.
وكان عمال الحكومة - المدنيون منهم والدينيون، الرومان واليهود - يراقبونه، وأكبر الظن أن هذه المراقبة قد بدأت من يوم أن خلف يوحنا المعمدان في عودته. وكان عجزه عن أن يضم إليه عددا كبيراً من الأتباع مما جعلهم يهملون أمره، ولكن يبدو أن الاستقبال الحماسي الذي استقبل به في أورشليم حير زعماء اليهود فصاروا يخشون أن تلتهب حماسة هذه الجماعات التي اجتمعت في عيد الفصح، فتدفعها عواطفها الثائرة ونزعتها الوطنية إلى الثورة على السلطة الرومانية ثورة طائشة عقيمة لم يحن موعدها بعد، فتكون عاقبتها القضاء على كل ما تستمتع به اليهودية من حكم ذاتي وحرية دينية. ومن أجل هذا دعا الحاخام الأكبر السنهدريين إلى الاجتماع.
وقال له: "إنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها"(123) ووافقته أغلبية الحاضرين على رأيه وأمر المجلس بإلقاء القبض على المسيح.
ويبدو أن نبأ هذا القرار وصل إلى مسامع يسوع، ولعل الذي أوصله إليه بعض أعضاء في السنهدرين نفسه. ففي اليوم الرابع عشر من شهر نيسان العبري (وهو اليوم الثالث من شهر إبريل) من العام الثلاثين في أرجح الأقوال أكل عيسى ورسله عشاء عيد الفصح في دار صديق له في أورشليم، وكانوا ينتظرون أن يُنجّي المعلم نفسه بما له من معجزات؛ لكنه لم يفعل شيئاً من هذا، ورضي بما قُدّر له، ولعله كان يأمل أن يتقبل الله موته على أنه تضحية يكفر بها عن ذنوب شعبه(124). وقد قيل له إن أحد الاثني عشر كان يأتمر به ليسلمه إلى أعدائه، وفي هذا العشاء الأخير اتهم المسيح علناً يهوذا الإسخريوطي . وقد جرى يسوع على السنن اليهودية فبارك الخمر الذي قدمه للرسل ليشربوه، ثم غنوا جميعاً أغنية هاليل اليهودية(127). ويقول يوحنا إنه قال لهم "يا أولادي أنا معكم زماناً قليلاً بعد... وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً... لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة... أنا أمضي لأعد لكم مكاناً"(128).
ويبدو أن من المعقول جداً أن يطلب المسيح إليهم في هذه الساعة الرهيبة أن يكرروا هذا العشاء في مواسم خاصة (كما تتطلب ذلك عادة اليهود)، إحياء لذكراه؛ وليس ببعيد أنه، وهو ذو الإحساس الشرقي المرهف والخيال الشرقي الوثاب، قد سألهم أن يتصوروا أن العيش الذي يأكلونه هو جسمه، وأن الخمر التي يشربونها هي دمه.
ويُقال إن الجماعة الصغيرة اختبأت تلك الليلة في حديقة جتسيماني في خارج أورشليم. وفيها عثرت عليهم سيرة من شرطة الهيكل(129). وقبضت على يسوع. وسيق أولاً إلى بيت أونياس أحد كبار الكهنة السابقين، ثم نُقل منه إلى بيت قيافا. ويقول مرقس "إن المجلس" ولعل الأصح إن لجنة من أعضاء السنهدرين - اجتمعت في ذلك المكان. وشهد عليه شهود كثيرون، وذكروا بنوع خاص تهديده بتخريب الهيكل. ولما سأله قيافا هل هو "المسيح ابن الله؟" أجابه كما تقول الرواية "أنا هو"(130)، واجتمع السنهدرين في صباح اليوم التالي وأثبت عليه جريمة التجديف (وكان عقابها الإعدام في تلك الأيام) وقرر أن يسوقه أمام الحاكم الروماني. وكان قد جاء إلى أورشليم ليرقب الجماهير المختلفة بعيد الفصح.
وكان بيلاطس البنطي رجلاً قاسياً، استدعي إلى روما بعد وقت ما من هذه الحادثة متهماً بابتزاز المال واستخدام القسوة(131)، وعُزل من منصبه. على أنه لم يبدُ له وقتئذ أن هذا الواعظ الوديع الخلق خطر حقيقي على الدولة. وسأل الرجل يسوع سؤالاً يكاد يكون من قبيل المداعبة: "أأنت ملك اليهود؟" أجاب يسوع، حسب رواية متّى بقوله "نعم" ولا يسع الإنسان إلا أن يشك في هذه التفاصيل التي تناقلها الناس مشافهة في أغلب الظن، ثم دونوها بعد وقوعها بزمن طويل. فإذا أخذنا بهذا النص وجب علينا أن نجزم بأن يسوع كان قد قرر أن يموت، وأن نظرية بولس عن التكفير تجد ما يؤيدها في عمل المسيح نفسه. وينقل يوحنا عن يسوع أنه أضاف إلى جوابه السابق قوله: "لهذا قد وُلدّت أنا... لأشهد للحق". وسأله بيلاطس "ما هو الحق؟" - وهو سؤال لعل الباعث عليه نزعة الإنجيل الرابع الميتافيزيقية، ولكنه يدل بأجلى بيان على ما هنالك من فروق بين ثقافة الروماني السفسطائية الساخرة ومثالية اليهودي الواثقة المتحمسة. ومهما يكن من شيء فلم يكن أمام القانون بعد اعتراف المسيح إلا أن يدينه، وبناء على هذا أصدر بيلاطس وهو كاره حكمه بالإعدام.
وكان الصلب من طرق العقاب الرومانية اليهودية. وكان الجلد يسبقه عادة، فإذا ما جلد المذنب بقسوة أصبح جسمه كتلة من اللحم المتورّم الدامي. ووضع الجنود الرومان تاجاً من الشوك على رأس المسيح يسخرون بذلك من تلقيبه "ملك اليهود" كما نقشوا على صليبه باللغات الآرامية واليونانية واللاتينية "عيسى الناصري هو ملك اليهود" Nazarathaeus Rek Joudeorum. وسواء كان يسوع من دعاة الثورة أو من غير دعاتها فليس ثمة ريب في أن روما قد حكمت عليه بوصفه من هؤلاء الدعاة، وكذلك فهم تاستس الأمر على هذا النحو(134). وكانت جماعة صغيرة، لا يزيد عددها على ما يتسع له فناء بيت بيلاطس، قد طالبت بإعدام المسيح؛ فلما أن أخذ يصعد تل جمجمة "تبعه جمهور كبير من الشعب" كما يقول لوقا(135)، والنساء اللواتي كن يلطمن وينحن عليه. وما من شك في أن هذا الحكم لم يرق في عين الشعب اليهودي.
وقد أذن لكل مَن يريد أن يشهد هذا المنظر الرهيب أن يشهده. وكان الرومان الذين يرون أن لابد لهم أن يحكموا الناس بالإرهاب يختارون لتنفيذ حكم الإعدام في مَن يرتكبون الجرائم التي يحدد لها القانون هذه العقوبة الطريقة التي يسميها شيشرون "أقسى أنواع التعذيب وأبشعها"(136). فكانت يدا المذنب وقدماه تُدَق (أو تربط في حالات نادرة) إلى الخشبة، وكانت فيها قطعة بارزة تسند العمود الفقري أو القدمين. وإذا لم يُرجَم المذنب فيُقتَل فإنه يبقى على هذه الحال يومين أو ثلاثة أيام، يُقاسي فيها آلام عدم الحركة، وهو عاجز عن طرد الحشرات التي تتغذى من لحمه العاري، فتخور قواه ببطئ حتى يقف القلب عن الحركة ويضع حداً لهذا العذاب الأليم.
وكان الرومان أنفسهم يشفقون على ضحايا هذا التعذيب في بعض الأحيان، ويقدمون لهم شراباً فيفقدهم وعيهم. ويُقال إن الصليب كان يُرفع "عند الساعة الثالثة" أي في الساعة التسعة صباحاً. ويقول مرقس إن لصّين صلبا مع يسوع وإنهما كانا يسبانه. ويؤكد لنا لوقا أن واحداً منهما كان يدعو له(138). ولم يكن مع عيسى أحد من الرسل إلا يوحنا وحده، وكان معه ثلاث نساء تسمى كل واحدة منهن مريم، أم المسيح ومريم أختها، ومريم المجدلية (وكانت أيضاً نساء ينظرن من بعيد)(139). واقتسم الجند ثياب الميت كعادة الرومان؛ وإذا لم يكن للمسيح إلا ثوب واحد فإنهم أخذوا يلقون القرعة ليروا من يأخذ الثوب. ولعلنا نقرأ في هذا المعنى الآية الثامنة عشرة من المزمور الثاني والعشرين منسوبة إلى مسيح. "يقتسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون". ويبدأ هذا المزمور نفسه بتلك الكلمات: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟". وذلك هو نداء اليأس البشري الذي يعزوه مرقس ومتى إلى المسيح وهو يحتضر. فهل يمكن أن يكون الإيمان العظيم الذي أعانه في موقفه أمام بيلاطس قد انقلب في تلك اللحظات المريرة إلى شك أسود؟ ولعل لوقا قد رأى أن هذه العبارة لا تتفق مع عقائد بولس الدينية فبدلها بقوله: "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" - وهي عبارة تردد صدى الآية الخامسة من المزمور الحادي والثلاثين ترديداً يثير الريب لما فيه من دقة.
وأشفق جندي على المسيح الظمآن، فجاء بإسفنجة مغموسة في الخل وقربها من فيه؛ فشرب عيسى وقال: "قد أكمل". وفي الساعة التاسعة - الثالثة بعد الظهر - "نادى يسوع بصوت عظيم... وأسلم الروح". ويضيف لوقا إلى هذا - ويدلِ بقوله على عطف اليهود "وكل الجموع الذين كانوا مجتمعين لهذا المنظر... رجعوا وهم يقرعون صدورهم"(141).
واستطاع اثنان من اليهود لرحماء ذوي النفوذ أن يحصلا على إذن من بيلاطس بإنزال جثة المسيح عن الصليب فأنزلاها وحفظاها بالند والمُر ووارياها التراب.
ترى هل مات حقاً؟ لقد كان اللصان اللذان إلى جانبه لا يزالان على قيد الحياة، ولقد كسر الجنود ساقهما حتى تتحمل أيديهما ثقل جسمهما، فيؤثر ذلك في حركة الدم ويقف القلب بعد قليل. غير أن هذا لم يحدث في حالة عيسى، وإن كان قد قيل إن جندياً طعنه في قلبه بحربة، فانبثق الدم من الجرح أولاً ثم خرج بعده مصل الدم. وأبدى بيلاطس دهشته من أن يموت رجل بعد ست ساعات من صلبه؛ ولم يوافق على أن يُرفع جسد المسيح عن الصليب إلا بعد أن أكد له قائد المائة المكلف به أنه قد مات.
وبعد يومين من هذا الحادث زارت مريم المجدلية - وكان حبها ليسوع تمتزج به تلك النشوة العصبية التي تمتاز بها عواطفها كلها - قبر المسيح مع مريم أم يعقوب وسالومة فوجدته فارغاً. فامتلأت قلوبهن خوفاً وسروراً معاً، وجرين لينقلن ذلك النبأ إلى تلاميذه. وإلتقين في الطريق برجل حسبنه يسوع "فإنحنين احتراماً له، وأمسكن بقدميه. وفي وسعنا أن نتصور الأمل الذي انبعث في النفوس الساذجة من هذا النبأ وما لقيه من ترحيب؛ لقد قهر يسوع الموت وأثبت أنه هو المسيح المنتظر ابن الله، وملأ ذلك النبأ قلوب "أهل الجليل" بنشوة جعلتهم على استعداد لأن يصدقوا أية معجزة وأي وحي. ويرى الرواة أن المسيح ظهر في ذلك اليوم نفسه إلى تلميذين من تلاميذه في الطريق الموصل إلى عمواس، وتحدث إليهم، وأكل معهم، ولكن "أُمسكَت أعينهما عن معرفته" ثم "أخذ خبزاً وبارك وكسر، فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما"(142). ورجع التلاميذ إلى الجليل فلما "رأوه" بعد قليل "سجدوا له، ولكن بعضهم شكّوا"(143). وبينما كانوا يصطادون السمك رأوا المسيح ينضم إليهم؛ فألقوا شباكهم ولم يستطيعوا أن يجذبوها من كثرة السمك(144).
وجاء في سفر أعمال الرسل أن المسيح صعد بجسمه إلى السماء بعد أربعين يوماً من ظهوره إلى مريم المجدلية. لقد كانت فكرة "انتقال" القدّيس بجسمه وحياته إلى السماء من الأفكار الشائعة المألوفة بين اليهود؛ فقد رووها عن موسى، وأخنوخ، وإليشع وإشعيا. وهكذا اختفى السيد المسيح بنفس الطريقة الخفية التي ظهر فيها. ولكن يبدو أن معظم تلاميذه كانوا يعتقدون مخلصين أنه قد وُجِد معهم بجسمه بعد صلبه. وفي ذلك يقول لوقا: "ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم، وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله"(145) .

والى اللقاء فى الباب السابع والعشرون


الرسل


30 - 95 م


الفصل الأول


بطرس


للمزيد من مواضيعي

 








توقيع ابو الياسمين والفل
الله ربى والاسلام دينى والقرآن الكريم كتابى ودستورى ومحمد رسول الله ورسولى واشهد ان لا آله الا الله وحده لا شريك له فى ملكه وان محمد رسوله بلغ الرساله وادى الامانه ونصح الامه وازال الغمه ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 08.02.2011, 05:00
صور ابو الياسمين والفل الرمزية

ابو الياسمين والفل

عضو

______________

ابو الياسمين والفل غير موجود

فريق الترجمة 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.07.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 474  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.02.2015 (03:08)
تم شكره 35 مرة في 31 مشاركة
افتراضي


الباب السابع والعشرون


الرسل


30 - 95 م


الفصل الأول


بطرس

نشأت المسيحية من الإيحاء الغامض العجيب الخاص بحلول الملكوت، واستمدت دوافعها من شخصية المسيح نفسه وتخيلاته، كما استمدت قوتها من عقيدة البعث والحساب، والوعد بحياة الخلود، واتخذت صورة العقائد الثابتة في لاهوت بولس، ثم نمت باستيعابها العقائد والطقوس الوثنية؛ وأصبحت كنيسة ظافرة منتصرة، بعد أن ورثت ما امتازت به روما من أنماط وعبقرية منظّمة.
ويبدو أن الرسل كانوا جميعاً يؤمنون بأن المسيح سيعود بعد قليل ليقيم ملكوت السموات على الأرض. أنظر إلى أقوال بطرس في رسالته الأولى: "نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقّلوا واصحوا للصلوات"(3) وتقول رسالة يوحنا الأولى: "أيها الأولاد، هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون (نيرون، فسبازيان، دومتيان). من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة"(4). وكان الاعتقاد بنزول مسيح ليطهر الأرض، ويقيم ملكوت الله، ويبعث الناس بأجسامهم، وبعودته إلى الأرض، هو القاعدة الأساسية للدين المسيحي في أوائل عهده. على أن هذه العقائد لم تحل بين الرسل وبين استمرارهم في التمسك بالدين اليهودي. وشاهد ذلك ما جاء في أعمال الرسل: "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة"(5) وأطاعوا قوانين التغذية والحفلات(6)، واقتصروا في أول الأمر على دعوة اليهود وحدهم إلى دينهم، وكثيراً ما كانوا يخطبون فيهم في الهيكل(7).
وكانوا يعتقدون أنهم قد تلقوا عن المسيح أو عن الروح القدس قوى عجيبة من الإلهام، وشفاء الأمراض والأقوال. وأقبل عليهم كثيرون من المرضى والعجزة، ويقول مرقس(8) إن بعضهم شفوا حين مسحوا بالزيت - وكان هذا المسح على الدوام من وسائل العلاج المنتشرة في بلاد الشرق. ويصور مؤلف سفر أعمال الرسل صورة مؤثرة للاشتراكية القائمة على الثقة المتبادلة التي كانت سائدة بين هؤلاء المسيحيين الأولين إذ يقول:
"وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة، ولم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركاً... لم يكن فيهم أحد محتاجاً لأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل، فكان يوزع كل واحد كما يكون له احتياج"(9).
ولما كثر عدد المهتدين، وكثر ما تحت أيدي الرسل من الأموال عينوا سبعة من شمامسة الكنيسة للإشراف على شئون هذه الجماعة؛ وظل رؤساء اليهود فترة من الزمن لا يعارضون قيام هذه الشيعة لصغرها وانتفاء الأذى من وجودها، فلما تضاعف عدد "الناصريين" (النصارا) في بضع سنين قلائل وقفز عددهم من 120 إلى 8000(10) استولى الرعب على قلب الكهنة، فقُبض على بطرس وغيره وجيء بهم أمام السنهدرين لمحاكمتهم. وكان السنهدرين يريد أن يحكم بإعدامهم، ولكن فريسياً يدعى غمالائيل - أكبر الظن أنه معلم بولس - أشار على المجلس أن يؤجل الحكم؛ ثم وفق بين الرأيين بأن جُلِدَ المقبوض عليهم وأطلق سراحهم. وحدث بعد ذلك بزمن قليل (30م) أن استدعى أحد الشمامسة الذين عينوا للإشراف على جماعة المهتدين واسمه اصطفانوس (أو استيفن) للمثول أمام السنهدرين واتهم بأنه، يتكلم بكلام تجديف على موسى وعلى الله)(11)، فدافع الرجل عن نفسه دفاعاً قوياً غير مبال بما يتهدده من أخطار:
"يا قساة القلوب وغير المختونين بالقلوب والآذان، أنتم دائماً تقاومون الروح القدس، كما كان آباؤكم كذلك أنتم! أي الأنبياء لم يضطهده آباؤكم، وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبئوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مُسَلّميه وقاتليه، الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه"(12) .
وأثار هذا الدفاع القوي غضب السنهدرين فأمر بأن يُجر إلى خارج المدينة ويرجم بالحجارة. وكان شاب فارسي يدعى شاوول يساعد على هذا الهجوم؛ وبعد ذلك صار هذا الشاب ينتقل من بيت إلى بيت في أورشليم ويقبض على أتباع "الكنيسة" ويزجهم في السجن(13).
وفر اليهود المهتدون ذوو الأسماء والثقافة اليونانية الذين يتزعمهم اسطفانوس إلى السامر وإنطاكية وأنشئوا فيها جماعات مسيحية قوية. أما معظم الرسل الذين يبدو أنه سلموا من الاضطهاد لأنهم ظلوا يراعون الناموس، فقد بقوا في أورشليم مع المسيحيين الهوديين. وبينما كان بطرس يحمل الإنجيل إلى البلاد اليهودية صار يعقوب "العادل" "أخو الرب" رئيس الجماعة المقيمة في أورشليم بعد أن قل عددها ونقصت مواردها. وكان يعقوب يبشر بالناموس بكل ما فيه من صرامة، ولم يكن يقل عن الإسينيين تقشفاً وزهداً؛ فلم يكن يأكل اللحم، أو يشرب الخمر، ولم يكن له إلا ثوب واحد، ولم يقص شعره أو يحلق لحيته قط. وظل المسيحيون تحت قيادته سبعة أعوام لا يمسهم أذى. ثم حدث حوالي عام 41 أن قُتل رجل يدعى أنه يعقوب بن زبدي، فقبض على بطرس ولكنه فر. ثم قُتل يعقوب العادل في عام 63. وبعد أربعة أعوام من ذلك الوقت ثار اليهود على روما. وأيقن المسيحيون المقيمون في أورشليم أن "نهاية العالم" قد دنت، فلم يأبهوا بالشؤون السياسية، وخرجوا من المدينة وأقاموا في بلاد الوثنية الضالعة مع روما والقائمة على الضفة البعيدة من نهر الأردن وافترقت اليهودية والمسيحية من تلك الساعو، فاتُّهم اليهود المسيحيين بالخيانة وخور العزيمة، ورحّب المسيحيون بتدمير الهيكل على يد تيطس تحقيقاً لنبوءة المسيح، واتقدت نار الحقد في قلوب أتباع كلا الدينين، وأملت عليهم بعض ما كتبوا من أعظم آدابهم تقى وصلاحاً.
وأخذت المسيحية اليهودية من ذلك الوقت يقل عدد أتباعها وتضعف قوتها وتترك الدين الجديد للعقلية اليونانية تشكله وتصبغه بصبغتها. وأصمت الجليل، التي قضى فيها المسيح كل حياته تقريباً، والتي عفت منها ذكرى المجدلية وغيرها من النساء اللاتي كن من بين أتباعه الأولين، أصمت أذنها عن سماع الوعّاظ الذين جاءوها يدعون أهلها للدخول في دين الناصري ابن الله. ذلك أن اليهود المتعطشين إلى الحرية، والذين كانوا يذكرون كل يوم في صلواتهم أن "الله واحد" لم يستسيغوا فكرة "المسيح" المنتظر الذي لا يأبه بكفاحهم في سبيل الاستقلال، ورأوا أن من العار أن يُقال إن إلهاً قد وُلدَ في كهف أو إسطبل في إحدى قراهم. وظلت المسيحية اليهودية قائمة مدى خمسة قرون بين طائفة قليلة من المسيحيين السريان المسمين بالابيونيم "الفقراء" الذين كانوا يجمعون بين التقشف المسيحي والناموس اليهودي الكامل؛ فلما كان آخر القرن الثاني الميلادي حكمت عليهم الكنيسة المسيحية بالكفر وأخرجتهم من حظيرتها.
وكان الرسل والتلاميذ في هذه الأثناء قد نشروا الإنجيل بين اليهود المشتتين(14) بنوع خاص وهم المنتشرون فيما بين دمشق وروما. فهدا فليب عدداً من أهل السامرة وقيصرية، وأوجد يوحنا جالية مسيحية قوية في إفسوس وأخذ بطرس يعض في مُدن سوريا. وفعل بطرس ما كان يفعله معظم الرسل فإصطحب معه في أثناء تجواله "أختاً" لتكون بمثابة زوجة له ومعينة (15). وبلغ نجاحه في شفاء المرضى حداً أغرى ساحراً يدعى سمعان المجوسي أن يعرض عليه مالاً ليشركه معه في قواه العجيبة. ففي يافا أقام تابيثا وكان يبدو أنها قد ماتت، وفي قيصرية هدى إلى المسيحية قائداً رومانياً على مائة. وجاء في سفر أعمال الرسل أنه رأى رؤيا اقتنع على أثرها أن عليه أن يقبل المهتدين من الوثنيين واليهود على السواء، ثم اقتصر من ذلك الوقت على تعميد المهتدين من غير اليهود بدل أن يعمدهم ويختنهم معاً، وذلك إذا استثنينا بعض حالات طريفة. وفي وسعنا أن نحس بما كان يعمر قلوب هؤلاء المبشرين الأولين من حماسة إذا اطلعنا على رسالة بطرس الأولى:
"بطرس رسول يسوع المسيح إلى المتقربين من شتات بنطس، وغلاطية، وكبدوكية وآسيا، وبيثنية المختارين... لتكثر لكم النعمة والسلام... أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء... أن تكون سيرتكم بين الأمم حسنة لكي... يمجدوا الله في يوم الاتقاد من أجل أعمالكم الحسنة التي يلاحظونها... فاخضعوا لكل ترتيب بشري من أجل الرب... كأحرار وليس كالذين الحرية عندهم سترة للشر... أيها الخدّام كونوا خاضعين بكل هيبة، ليس للصالحين مترفقين فقط بل للعتقاء أيضاً... كذا كن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف. ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب وليس الثياب، بل... زينة الروح الوديع الهادئ... كذلكم ايها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضاً معكم نعمة الحيوة... غير مجازين عن شر بشر... ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعضٍ شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا"(16).
ولسنا نعرف متى شق بطرس طريقه إلى روما أو المراحل التي وصل بها إلى تلك المدينة. فأما بجروم (حوالي 390) فيؤرخ وصوله إليها بعام 41م. وقد بقيت الرواية القائلة بأن كانت له اليد الطولى في إنشاء الجالية المسيحية في عاصمة الدولة الرومانية صامدة للنقد(17): ويحدثنا لكتانتيوس Lactantius عن قدوم بطرس إلى روما في عهد نيرون(18)، وأكبر الظن أن الرسول زار روما عدة مرات وكان وهو طليق، وبولس وهو سجين، يبذلان ما وسعهما من جهد ويتنافسان لهداية أهلها حتى استشهد كلاهما في سبيل هذه الغاية، ولعل استشهادهما كان في عام واحد هو عام 64(19). ويروي أرجن أن بطرس "صُلب ورأسه مدلى إلى أسفل، لأنه طلب أن يعذب بهذه الطريقة"(20)، ولعله كان يأمل أن يكون الموت بها أسرع إليه أو (كما يقول المؤمنون) لأنه يرى أنه غير خليق بأن يموت بالطريقة التي مات بها المسيح. وتقول النصوص القديمة إن زوجنه قتلت معه، وإنه أرغم على أن يراها تساق للقتل(21). وتحدد إحدى القصص المتأخرة حلبة نيرون، القائمة في ميدان الفاتكان، موضعاً لمقتله وفي هذا المكان شُيّدت كنيسة القدّيس بطرس، وقيل إنها تضم عظامه.
وما من شك في أن تجواله في آسية الصغرى وروما قد ساعد على الاحتفاظ بكثير من العناصر اليهودية في الدين المسيحي. فقد ورث هذا الدين عنه وعن غيره من الرسل ما في الدين اليهودي من توحيد، وتزمّت، واعتقاد في البعث والنشور؛ وهذه الرحلات ورحلات بولس هي التي جعلت العهد القديم الكتاب المقدّس الوحيد الذي عرفته المسيحية في القرن الأول، وظلت المجامع اليهودية أهم الأماكن التي تُبَث فيها الدعوة المسيحية كما ظل اليهود أهم الجماعات التي تُبَث بينهم هذه الدعوة حتى عام 70م. ولهذا انتقلت إلى الطقوس المسيحية أشكال العبادات العبرانية واحتفالاتها وملابسها. وتسامى حمل بسكال فصار هو حمل الله المكفّر عن الخطايا في القداس الكاثوليكي. كذلك أخذت المسيحية عن أساليب اليهود في إدارة المجامع تنصيب جماعة من الكبراء (برزبتيري أي قساوسة) لتولي شئون الكنائس. وقبلت المسيحية فيها كثيراً من الأعياد اليهودية كعيد الفصح وعيد العنصرة، وإن كانت قد غيرت أشكالها وتواريخها. وقد ساعد تشتت اليهود في أقطار العالم على انتشار المسيحية، وكان مما مهّد السبيل لهذا الانتشار كثرة انتقال اليهود من مدينة إلى مدينة، والصِلات القائمة بينهم في جميع أنحاء أوربا، وتجارتهم الواسعة، والطرق الرومانية المعبدة، والسلم الرومانية. وكانت المسيحية حسب تعاليم المسيح وبطرس يهودية، ثم أصبحت في تعاليم بولس نصف يونانية، وأضحت في المذهب الكاثوليكي نصف رومانية، ثم عاد إليها العنصر اليهودي والقوة اليهودية حين دخلها المذهب البروتستنتي.

والى اللقاء فى الفصل الثاني


بولس


1- المضطهد






رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
الحضارة, كتاب


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
مسيرة الحضارة العربية الإسلامية من الاقتباس إلى الأصالة والإبداع والعالمية محب الله ورسوله التاريخ والبلدان 3 03.12.2010 21:44
الحضارة الاسلامية والغرب noor aldeen zanki التاريخ والبلدان 5 27.08.2010 14:42
قصة نوح عليه السلام كتاب الكتروني بالفلاش تقلب صفحاته بيدك الوردة البيضاء روضة الطفل المسلم 3 05.08.2010 12:42
رأيي في الحضارة الغربية ، للرافعي أبو عبد الله البخاري قسم الحوار العام 4 26.02.2010 15:11



لوّن صفحتك :