|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 103 ) } سورة آل عمران . ![]() الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَتَعَلَّقُوا بِأَسْبَابِ اللَّه جَمِيعًا . يُرِيد بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَتَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّه الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ , وَعَهْده الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ فِي كِتَابه إِلَيْكُمْ مِنْ الْأُلْفَة وَالِاجْتِمَاع عَلَى كَلِمَة الْحَقّ وَالتَّسْلِيم لِأَمْرِ اللَّه . وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل عَلَى مَعْنَى الِاعْتِصَام وَأَمَّا الْحَبْل , فَإِنَّهُ السَّبَب الَّذِي يُوصَل بِهِ إِلَى الْبُغْيَة وَالْحَاجَة , وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْأَمَان حَبْلًا , لِأَنَّهُ سَبَب يُوصَل بِهِ إِلَى زَوَال الْخَوْف وَالنَّجَاة مِنْ الْجَزَع وَالذُّعْر , وَمِنْهُ قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : وَإِذْ تُجَوِّزهَا حِبَال قَبِيلَة أَخَذْت مِنْ الْأُخْرَى إِلَيْك حِبَالهَا وَمِنْهُ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّه وَحَبْل مِنْ النَّاس } 3 112 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5973 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : الْجَمَاعَة . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : حَبْل اللَّه : الْجَمَاعَة . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ الْقُرْآن , وَالْعَهْد الَّذِي عَهِدَ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5974 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } حَبْل اللَّه الْمَتِين الَّذِي أَمَرَ أَنْ يُعْتَصَم بِهِ : هَذَا الْقُرْآن . 5975 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : بِعَهْدِ اللَّه وَأَمْره . 5976 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ شَقِيق , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : إِنَّ الصِّرَاط مُحْتَضَر تَحْضُرهُ الشَّيَاطِين , يُنَادُونَ : يَا عَبْد اللَّه هَلُمَّ هَذَا الطَّرِيق ! لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيل اللَّه . فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه , فَإِنَّ حَبْل اللَّه هُوَ كِتَاب اللَّه . 5977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , عَنْ أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } أَمَّا حَبْل اللَّه : فَكِتَاب اللَّه . 5978 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { بِحَبْلِ اللَّه } : بِعَهْدِ اللَّه . 5979 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء : { بِحَبْلِ اللَّه } قَالَ : الْعَهْد . 5980 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ عَبْد اللَّه : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : حَبْل اللَّه : الْقُرْآن . 5981 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : الْقُرْآن . 5982 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كِتَاب اللَّه , هُوَ حَبْل اللَّه الْمَمْدُود مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ هُوَ إِخْلَاص التَّوْحِيد لِلَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5983 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } يَقُول : اِعْتَصِمُوا بِالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْده 5984 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا } قَالَ : الْحَبْل : الْإِسْلَام . وَقَرَأَ { وَلَا تَفَرَّقُوا } الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَفَرَّقُوا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَفَرَّقُوا } : وَلَا تَتَفَرَّقُوا عَنْ دِين اللَّه وَعَهْده الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكُمْ فِي كِتَابه مِنْ الِائْتِلَاف وَالِاجْتِمَاع عَلَى طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْره . كَمَا : 5985 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ } أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَرِهَ لَكُمْ الْفُرْقَة وَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهَا , وَحَذَّرَكُمُوهَا , وَنَهَاكُمْ عَنْهَا , وَرَضِيَ لَكُمْ السَّمْع وَالطَّاعَة وَالْأُلْفَة وَالْجَمَاعَة , فَارْضُوا لِأَنْفُسِكُمْ مَا رَضِيَ اللَّه لَكُمْ إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ , وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . 5986 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبَى الْعَالِيَة : { وَلَا تَفَرَّقُوا } : لَا تُعَادُوا عَلَيْهِ , يَقُول : عَلَى الْإِخْلَاص لِلَّهِ , وَكُونُوا عَلَيْهِ إِخْوَانًا . 5987 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , أَنَّ الْأَوْزَاعِيّ حَدَّثَهُ , أَنَّ يَزِيد الرَّقَاشِيّ حَدَّثَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل اِفْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَة , وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة كُلّهمْ فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة " . قَالَ : فَقِيلَ يَا رَسُول اللَّه , وَمَا هَذِهِ الْوَاحِدَة ؟ قَالَ : فَقَبَضَ يَده وَقَالَ : " الْجَمَاعَة " { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } * - حَدَّثَنِي عَبْد الْكَرِيم بْن أَبِي عُمَيْر , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَمِعْت الْأَوْزَاعِيّ يُحَدِّث عَنْ يَزِيد الرَّقَاشِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 5988 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ ثَابِت بْن قطنة المري , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُمَا حَبْل اللَّه الَّذِي أَمَرَ بِهِ , وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَة وَالطَّاعَة هُوَ خَيْر مِمَّا تَسْتَحِبُّونَ فِي الْفُرْقَة . * - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان الْيَشْكُرِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ ثَابِت بْن قطنة , قَالَ : سَمِعْت اِبْن مَسْعُود وَهُوَ يَخْطُب , وَهُوَ يَقُول : يَا أَيّهَا النَّاس , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن حَفْص الْآمُلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا مُجَالِد بْن سَعِيد , عَنْ عَامِر , عَنْ ثَابِت بْن قطنة المري , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَة , فَإِنَّهَا حَبْل اللَّه الَّذِي أَمَرَ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ } : وَاذْكُرُوا مَا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ الْأُلْفَة وَالِاجْتِمَاع عَلَى الْإِسْلَام . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي قَوْله : { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة فِي ذَلِكَ : اِنْقَطَعَ الْكَلَام عِنْد قَوْله : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ } , ثُمَّ فُسِّرَ بِقَوْلِهِ : { فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } وَأَخْبَرَ بِاَلَّذِي كَانُوا فِيهِ قَبْل التَّأْلِيف , كَمَا تَقُول : أَمْسَكَ الْحَائِط أَنْ يَمِيل . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : قَوْله { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } تَابِع قَوْله : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ } غَيْر مُنْقَطِعَة مِنْهَا . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْله : { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } مُتَّصِل بِقَوْلِهِ : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ } غَيْر مُنْقَطِع عَنْهُ . وَتَأْوِيل ذَلِكَ : وَاذْكُرُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ حِين كُنْتُمْ أَعْدَاء : أَيْ بِشِرْكِكُمْ , بِقَتْلِ بَعْضكُمْ بَعْضًا , عَصَبِيَّة فِي غَيْر طَاعَة اللَّه وَلَا طَاعَة رَسُوله , فَأَلَّفَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ بَيْن قُلُوبكُمْ , فَجَعَلَ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ إِخْوَانًا بَعْد إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء تَتَوَاصَلُونَ بِأُلْفَةِ الْإِسْلَام وَاجْتِمَاع كَلِمَتكُمْ عَلَيْهِ . كَمَا : 5989 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } كُنْتُمْ تَذَّابَحُونَ فِيهَا , يَأْكُل شَدِيدكُمْ ضَعِيفكُمْ حَتَّى جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ , فَآخَى بِهِ بَيْنكُمْ , وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنكُمْ . أَمَا وَاَللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , إِنَّ الْأُلْفَة لَرَحْمَة , وَإِنَّ الْفُرْقَة لَعَذَاب ! 5990 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء } : يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا , وَيَأْكُل شَدِيدكُمْ ضَعِيفكُمْ , حَتَّى جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ , فَأَلَّفَ بِهِ بَيْنكُمْ , وَجَمَعَ جَمْعكُمْ عَلَيْهِ , وَجَعَلَكُمْ عَلَيْهِ إِخْوَانًا . فَالنِّعْمَة الَّتِي أَنْعَمَ اللَّه عَلَى الْأَنْصَار الَّتِي أَمَرَهُمْ تَعَالَى ذِكْره فِي هَذِهِ الْآيَة أَنْ يَذْكُرُوهَا هِيَ أُلْفَة الْإِسْلَام وَاجْتِمَاع كَلِمَتهمْ عَلَيْهَا , وَالْعَدَاوَة الَّتِي كَانَتْ بَيْنهمْ , الَّتِي قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء } فَإِنَّهَا عَدَاوَة الْحُرُوب الَّتِي كَانَتْ بَيْن الْحَيَّيْنِ مِنْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج فِي الْجَاهِلِيَّة قَبْل الْإِسْلَام , يَزْعُم الْعُلَمَاء بِأَيَّامِ الْعَرَب , أَنَّهَا تَطَاوَلَتْ بَيْنهمْ عِشْرِينَ وَمِائَة سَنَة . كَمَا : 5991 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : قَالَ اِبْن إِسْحَاق : كَانَتْ الْحَرْب بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج عِشْرِينَ وَمِائَة سَنَة , حَتَّى قَامَ الْإِسْلَام وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , فَكَانَتْ حَرْبهمْ بَيْنهمْ وَهُمْ أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمّ , فَلَمْ يُسْمَع بِقَوْمٍ كَانَ بَيْنهمْ مِنْ الْعَدَاوَة وَالْحَرْب مَا كَانَ بَيْنهمْ . ثُمَّ إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَطْفَأَ ذَلِكَ بِالْإِسْلَامِ , وَأَلَّفَ بَيْنهمْ بِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَذَكَّرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِذْ وَعَظَهُمْ عَظِيم مَا كَانُوا فِيهِ فِي جَاهِلِيَّتهمْ مِنْ الْبَلَاء وَالشَّقَاء بِمُعَادَاةِ بَعْضهمْ بَعْضًا وَقَتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا , وَخَوْف بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَمَا صَارُوا إِلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَاتِّبَاع الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِيمَان بِهِ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الِائْتِلَاف وَالِاجْتِمَاع , وَأَمِنَ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَمَصِير بَعْضهمْ لِبَعْضٍ إِخْوَانًا . وَكَأَنَّ سَبَب ذَلِكَ مَا : 5992 - حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة الْمَدَنِيّ , عَنْ أَشْيَاخ مِنْ قَوْمه , قَالُوا : قَدِمَ سُوَيْد بْن صَامِت أَخُو بَنِي عَمْرو بْن عَوْف مَكَّة حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا . قَالَ : وَكَانَ سُوَيْد إِنَّمَا يُسَمِّيه قَوْمه فِيهِمْ الْكَامِل لِجَلَدِهِ وَشِعْره وَنَسَبه وَشَرَفه . قَالَ : فَتَصَدَّى لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين سَمِعَ بِهِ , فَدَعَاهُ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى الْإِسْلَام , قَالَ : فَقَالَ لَهُ سُوَيْد : فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَك مِثْل الَّذِي مَعِي ! قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا الَّذِي مَعَك ؟ " قَالَ مَجَلَّة لُقْمَان - يَعْنِي حِكْمَة لُقْمَان - فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِعْرِضْهَا بِهَا عَلَيَّ ! " فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ , فَقَالَ : " إِنَّ هَذَا الْكَلَام حَسَن , مَعِي أَفْضَل مِنْ هَذَا , قُرْآن أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَيَّ هُدًى وَنُور " . قَالَ : فَتَلَا عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآن وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَام , فَلَمْ يَبْعُد مِنْهُ , وَقَالَ : إِنَّ هَذَا الْقَوْل حَسَن ثُمَّ اِنْصَرَفَ عَنْهُ , وَقَدِمَ الْمَدِينَة , فَلَمْ يَلْبَث أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَج , فَإِنْ كَانَ قَوْمه لَيَقُولُونَ : قَدْ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِم , وَكَانَ قَتْله قَبْل يَوْم بُعَاث . حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني الْحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو بْن سَعْد بْن مُعَاذ أَحَد بَنِي عَبْد الْأَشْهَل : أَنَّ مَحْمُود بْن أَسَد أَحَد بَنِي عَبْد الْأَشْهَل , قَالَ : لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْجَيْش أَنَس بْن رَافِع مَكَّة , وَمَعَهُ فِتْيَة مِنْ بَنِي عَبْد الْأَشْهَل فِيهِمْ إِيَاس بْن مُعَاذ , يَلْتَمِسُونَ الْحِلْف مِنْ قُرَيْش عَلَى قَوْم مِنْ الْخَزْرَج , سَمِعَ بِهِمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ , فَقَالَ " هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْر مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ ؟ " قَالُوا : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : " أَنَا رَسُول اللَّه بَعَثَنِي إِلَى الْعِبَاد أَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّه أَنْ يَعْبُدُوا اللَّه وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَأَنْزَلَ عَلَيَّ الْكِتَاب " . ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمْ الْإِسْلَام , وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآن , فَقَالَ إِيَاس بْن مُعَاذ , وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا : أَيْ قَوْم , هَذَا وَاَللَّه خَيْر مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ ! قَالَ : فَأَخَذَ أَبُو الْجَيْش أَنَس بْن رَافِع حَفْنَة مِنْ الْبَطْحَاء فَضَرَبَ بِهَا وَجْه إِيَاس بْن مُعَاذ , وَقَالَ : دَعْنَا مِنْك , فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا ! قَالَ : فَصَمَتَ إِيَاس بْن مُعَاذ , وَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ , وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَة , وَكَانَتْ وَقْعَة بُعَاث بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج . قَالَ . ثُمَّ لَمْ يَلْبَث إِيَاس بْن مُعَاذ أَنْ هَلَكَ قَالَ : فَلَمَّا أَرَادَ اللَّه إِظْهَار دِينه , وَإِعْزَاز نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنْجَاز مَوْعِده لَهُ , خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْسِم الَّذِي لَقِيَ فِيهِ النَّفَر مِنْ الْأَنْصَار يَعْرِض نَفْسه عَلَى قَبَائِل الْعَرَب كَمَا كَانَ يَصْنَع فِي كُلّ مَوْسِم . فَبَيْنَا هُوَ عِنْد الْعَقَبَة , إِذْ لَقِيَ رَهْطًا مِنْ الْخَزْرَج أَرَادَ اللَّه لَهُمْ خَيْرًا . قَالَ اِبْن حُمَيْد : قَالَ سَلَمَة : قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : فَحَدَّثَنِي عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ أَشْيَاخ مِنْ قَوْمه , قَالُوا : لَمَّا لَقِيَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ : " مَنْ أَنْتُمْ ؟ " قَالُوا : نَفَر مِنْ الْخَزْرَج , قَالَ : " أَمِنْ مَوَالِي يَهُود ؟ " قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : " أَفَلَا تَجْلِسُونَ حَتَّى أُكَلِّمكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَجَلَسُوا مَعَهُ , فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَام , وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآن . قَالَ : وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّه لَهُمْ بِهِ فِي الْإِسْلَام أَنَّ يَهُود كَانُوا مَعَهُمْ بِبِلَادِهِمْ , وَكَانُوا أَهْل كِتَاب وَعِلْم , وَكَانُوا أَهْل شِرْك , أَصْحَاب أَوْثَان , وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلَادِهِمْ , فَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنهمْ شَيْء , قَالُوا لَهُمْ : إِنَّ نَبِيًّا الْآنَ مَبْعُوث قَدْ أَظَلَّ زَمَانه , نَتَّبِعهُ وَنَقْتُلكُمْ مَعَهُ قَتْل عَادَ وَإِرَم . فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ النَّفَر , وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : يَا قَوْم تَعْلَمُوا وَاَللَّه إِنَّهُ لَلنَّبِيّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُود , وَلَا يَسْبِقُنَّكُمْ إِلَيْهِ ! فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ بِأَنْ صَدَّقُوهُ , وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِسْلَام , وَقَالُوا لَهُ : إِنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمنَا , وَلَا قَوْم بَيْنهمْ مِنْ الْعَدَاوَة وَالشَّرّ مَا بَيْنهمْ , وَعَسَى أَنْ يَجْمَعهُمْ اللَّه بِك , وَسَنَقْدُمُ عَلَيْهِمْ , فَنَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرك , وَنَعْرِض عَلَيْهِمْ الَّذِي أَجَبْنَاك إِلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّين , فَإِنْ يَجْمَعهُمْ اللَّه عَلَيْهِ , فَلَا رَجُل أَعَزّ مِنْك ! ثُمَّ اِنْصَرَفُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادهمْ , قَدْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا , وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ لِي سِتَّة نَفَر . قَالَ : فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة عَلَى قَوْمهمْ , ذَكَرُوا لَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَام , حَتَّى فَشَا فِيهِمْ , فَلَمْ يَبْقَ دَار مِنْ دُور الْأَنْصَار إِلَّا وَفِيهَا ذِكْر مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَام الْمُقْبِل , وَافَى الْمَوْسِم مِنْ الْأَنْصَار اِثْنَا عَشَر رَجُلًا , فَلَقَوْهُ بِالْعَقَبَةِ , وَهِيَ الْعَقَبَة الْأُولَى , فَبَايَعُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيْعَة النِّسَاء , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ تُفْتَرَض عَلَيْهِمْ الْحَرْب . 5993 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة : أَنَّهُ لَقِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّة نَفَر مِنْ الْأَنْصَار , فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ , فَأَرَادَ أَنْ يَذْهَب مَعَهُمْ , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ بَيْن قَوْمنَا حَرْبًا , وَإِنَّا نَخَاف إِنْ جِئْت عَلَى حَالك هَذِهِ أَنْ لَا يَتَهَيَّأ الَّذِي تُرِيد . فَوَعَدُوهُ الْعَام الْمُقْبِل , وَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه نَذْهَب , فَلَعَلَّ اللَّه أَنْ يُصْلِح تِلْكَ الْحَرْب ! قَالَ : فَذَهَبُوا فَفَعَلُوا , فَأَصْلَحَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ الْحَرْب , وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا لَا تُصْلَح ; وَهُوَ يَوْم بُعَاث فَلَقَوْهُ مِنْ الْعَام الْمُقْبِل سَبْعِينَ رَجُلًا قَدْ آمَنُوا , فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ النُّقَبَاء اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا , فَذَلِكَ حِين يَقُول : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } 5994 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا : { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء } فَفِي حَرْب { فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ } بِالْإِسْلَامِ . 5995 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة , بِنَحْوِهِ , وَزَادَ فِيهِ : فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْر عَائِشَة مَا كَانَ , فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : مَوْعِدكُمْ الْحَرَّة ! فَخَرَجُوا إِلَيْهَا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَاذْكُرُوا نِعْمَت اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } . .. الْآيَة , فَأَتَاهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَزَلْ يَتْلُوهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى اِعْتَنَقَ بَعْضهمْ بَعْضًا , وَحَتَّى إِنَّ لَهُمْ لَخَنِينًا , يَعْنِي الْبُكَاء . وَسُمَيْر الَّذِي زَعَمَ السُّدِّيّ أَنَّ قَوْله { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء } عَنَى بِهِ حَرْبه , هُوَ سُمَيْر بْن زَيْد بْن مَالِك أَحَد بَنِي عَمْرو بْن عَوْف الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِك بْن الْعَجْلَان فِي قَوْله : إِنَّ سُمَيْرًا أَرَى عَشِيرَته قَدْ حَدِبُوا دُونه وَقَدْ أَنِفُوا إِنْ يَكُنْ الظَّنّ صَادِقِي بِبَنِي النَّ جَّار لَمْ يَطْعَمُوا الَّذِي عُلِفُوا وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاء الْأَنْصَار أَنَّ مَبْدَأ الْعَدَاوَة الَّتِي هَيَّجَتْ الْحُرُوب الَّتِي كَانَتْ بَيْن قَبِيلَتَيْهَا الْأَوْس وَالْخَزْرَج وَأَوَّلهَا كَانَ بِسَبَبِ قَتْل مَوْلًى لِمَالِكِ بْن الْعَجْلَان الْخَزْرَجِيّ , يُقَال لَهُ : الْحُرّ بْن سُمَيْر , مِنْ مُزَيْنَة , وَكَانَ حَلِيفًا لِمَالِكِ بْن الْعَجْلَان , ثُمَّ اِتَّصَلَتْ تِلْكَ الْعَدَاوَة بَيْنهمْ إِلَى أَنْ أَطْفَأَهَا اللَّه بِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْل السُّدِّيّ : حَرْب اِبْن سُمَيْر . وَأَمَّا قَوْله : { فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَأَصْبَحْتُمْ بِتَأْلِيفِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بَيْنكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَكَلِمَة الْحَقّ وَالتَّعَاوُن عَلَى نُصْرَة أَهْل الْإِيمَان , وَالتَّآزُر عَلَى مَنْ خَالَفَكُمْ مِنْ أَهْل الْكُفْر , إِخْوَانًا مُتَصَادِقِينَ لَا ضَغَائِن بَيْنكُمْ , وَلَا تَحَاسُد . كَمَا : 5996 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } , وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ مَسْعُود : كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ ؟ قَالَ : أَصْبَحْنَا بِنِعْمَةِ اللَّه إِخْوَانًا . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار } : وَكُنْتُمْ يَا مَعْشَر الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج عَلَى حَرْف حُفْرَة مِنْ النَّار , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَل لِكُفْرِهِمْ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَهْدِيهِمْ اللَّه لِلْإِسْلَامِ , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكُنْتُمْ عَلَى طَرَف جَهَنَّم بِكُفْرِكُمْ الَّذِي كُنْتُمْ عَلَيْهِ , قَبْل أَنْ يُنْعِم اللَّه عَلَيْكُمْ بِالْإِسْلَامِ , فَتَصِيرُوا بِائْتِلَافِكُمْ عَلَيْهِ إِخْوَانًا , لَيْسَ بَيْنكُمْ وَبَيْن الْوُقُوع فِيهَا إِلَّا أَنْ تَمُوتُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ كُفْركُمْ , فَتَكُونُوا مِنْ الْخَالِدِينَ فِيهَا , فَأَنْقَذَكُمْ اللَّه مِنْهَا بِالْإِيمَانِ الَّذِي هَدَاكُمْ لَهُ . وَشَفَا الْحُفْرَة : طَرَفهَا وَحَرْفهَا , مِثْل شَفَا الرَّكِيَّة وَالْبِئْر , وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : نَحْنُ حَفَرْنَا لِلْحَجِيجِ سَجْلَهْ نَابِتَة فَوْق شَفَاهَا بَقْلَهْ يَعْنِي فَوْق حَرْفهَا , يُقَال : هَذَا شَفَا هَذِهِ الرَّكِيَّة مَقْصُور , وَهُمَا شَفَوَاهَا . وَقَالَ : { فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } : يَعْنِي فَأَنْقَذَكُمْ مِنْ الْحُفْرَة , فَرَدَّ الْخَبَر إِلَى الْحُفْرَة , وَقَدْ اِبْتَدَأَ الْخَبَر عَنْ الشَّفَا , لِأَنَّ الشَّفَا مِنْ الْحُفْرَة , فَجَازَ ذَلِكَ , إِذْ كَانَ الْخَبَر عَنْ الشَّفَا عَلَى السَّبِيل الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذِهِ الْآيَة خَبَرًا عَنْ الْحُفْرَة , كَمَا قَالَ جَرِير بْن عَطِيَّة : رَأَتْ مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي كَمَا أَخَذَ السِّرَار مِنْ الْهِلَال فَذَكَرَ مَرَّ السِّنِينَ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْخَبَر عَنْ السِّنِينَ . وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاج : طُول اللَّيَالِي أَسْرَعَتْ فِي نَقْضِي طَوَيْنَ طُولِي وَطَوَيْنَ عَرْضِي وَقَدْ بَيَّنْت الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ آيَاته } كَانَ هَذَا الْحَيّ مِنْ الْعَرَب أَذَلَّ النَّاس ذُلًّا , وَأَشْقَاهُ عَيْشًا , وَأَبْيَنه ضَلَالَة , وَأَعْرَاهُ جُلُودًا , وَأَجْوَعه بُطُونًا , مَكْعُومِينَ عَلَى رَأْس حَجَر بَيْن الْأَسَدَيْنِ : فَارِس , وَالرُّوم , لَا وَاَللَّه مَا فِي بِلَادهمْ يَوْمئِذٍ مِنْ شَيْء يُحْسَدُونَ عَلَيْهِ , مَنْ عَاشَ مِنْهُمْ عَاشَ شَقِيًّا وَمَنْ مَاتَ رُدِّيَ فِي النَّار , يُؤْكَلُونَ وَلَا يَأْكُلُونَ , وَاَللَّه مَا نَعْلَم قَبِيلًا يَوْمئِذٍ مِنْ حَاضِر الْأَرْض , كَانُوا فِيهَا أَصْغَر حَظًّا , وَأَدَقّ فِيهَا شَأْنًا مِنْهُمْ , حَتَّى جَاءَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ , فَوَرَّثَكُمْ بِهِ الْكِتَاب , وَأَحَلَّ لَكُمْ بِهِ دَار الْجِهَاد , وَوَضَعَ لَكُمْ بِهِ مِنْ الرِّزْق , وَجَعَلَكُمْ بِهِ مُلُوكًا عَلَى رِقَاب النَّاس , وَبِالْإِسْلَامِ أَعْطَى اللَّه مَا رَأَيْتُمْ , فَاشْكُرُوا نِعَمه , فَإِنَّ رَبّكُمْ مُنْعِم يُحِبّ الشَّاكِرِينَ , وَإِنَّ أَهْل الشُّكْر فِي مَزِيد اللَّه , فَتَعَالَى رَبّنَا وَتَبَارَكَ . 5998 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَوْله : { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار } يَقُول : كُنْتُمْ عَلَى الْكُفْر بِاَللَّهِ , { فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } : مِنْ ذَلِكَ , وَهَدَاكُمْ إِلَى الْإِسْلَام . 5999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : كُنْتُمْ عَلَى طَرَف النَّار مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ أُوبِقَ فِي النَّار , فَبَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْحُفْرَة . 6000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا حَسَن بْن حَيّ : { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } قَالَ : عَصَبِيَّة . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ آيَاته لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : كَذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ لَكُمْ رَبّكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج , مِنْ غِلّ الْيَهُود , الَّذِي يُضْمِرُونَهُ لَكُمْ , وَغِشّهمْ لَكُمْ , وَأَمْره إِيَّاكُمْ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ فِيهَا , وَنَهْيه لَكُمْ عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَالْحَال الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا فِي جَاهِلِيَّتكُمْ , وَاَلَّتِي صِرْتُمْ إِلَيْهَا فِي إِسْلَامكُمْ , يُعَرِّفكُمْ فِي كُلّ ذَلِكَ مَوَاقِع نِعَمه قِبَلكُمْ , وَصَنَائِعه لَدَيْكُمْ , فَكَذَلِكَ يُبَيِّن سَائِر حُجَجه لَكُمْ فِي تَنْزِيله , وَعَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } يَعْنِي : لِتَهْتَدُوا إِلَى سَبِيل الرَّشَاد , وَتَسْلُكُوهَا فَلَا تَضِلُّوا عَنْهَا . المصدر : تفسير الطبري . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
الى كل مسيحى : صور جمالية ... تأمل
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
بن الإسلام
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) } سورة الواقعة . ![]() ![]() {63} أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ يَقُول تَعَالَى " أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ " وَهُوَ شَقّ الْأَرْض وَإِثَارَتهَا وَالْبَذْر فِيهَا. {64} أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ " أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ " أَيْ تُنْبِتُونَهُ فِي الْأَرْض " أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ" أَيْ بَلْ نَحْنُ الَّذِي نُقِرّهُ قَرَاره وَنُنْبِتهُ فِي الْأَرْض. قَالَ اِبْن جَرِير وَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْوَلِيد الْقُرَشِيّ حَدَّثَنَا مُسْلِم بْن أَبِي مُسْلِم الْجَرْمِيّ حَدَّثَنَا مَخْلَد بْن الْحُسَيْن عَنْ هِشَام عَنْ مُحَمَّد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَقُولَن زَرَعْت وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْت " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَلَمْ تَسْمَع إِلَى قَوْله تَعَالَى " أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ " وَرَوَاهُ الْبَزَّار عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحِيم عَنْ مُسْلِم الْجَرْمِيّ بِهِ . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا حَمَّاد عَنْ عَطَاء عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن : لَا تَقُولُوا زَرْعنَا وَلَكِنْ قُولُوا حَرَثْنَا وَرَوَى عَنْ حُجْر الْمَدَرِيّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ " أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ " وَأَمْثَالهَا يَقُول بَلْ أَنْتَ يَا رَبّ . {65} لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ وَقَوْله تَعَالَى " لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا " أَيْ نَحْنُ أَنْبَتْنَاهُ بِلُطْفِنَا وَرَحْمَتنَا وَأَبْقَيْنَاهُ لَكُمْ رَحْمَة بِكُمْ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا أَيْ لَأَيْبَسْنَاهُ قَبْل اِسْتِوَائِهِ وَاسْتِحْصَاده " فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ " . المصدر : تفسير ابن كثير . |
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 122 ) } سورة الأنعام . ![]() هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي كَانَ مَيْتًا أَيْ فِي الضَّلَالَة هَالِكًا حَائِرًا فَأَحْيَاهُ اللَّه أَيْ أَحْيَا قَلْبه بِالْإِيمَانِ وَهَدَاهُ لَهُ وَوَفَّقَهُ لِاتِّبَاعِ رُسُله " وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس " أَيْ يَهْتَدِي كَيْفَ يَسْلُك وَكَيْفَ يَتَصَرَّف بِهِ وَالنُّور هُوَ الْقُرْآن كَمَا رَوَاهُ الْعَوْفِيّ وَابْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ السُّدِّيّ : الْإِسْلَام وَالْكُلّ صَحِيح " كَمَنْ مَثَله فِي الظُّلُمَات " أَيْ الْجَهَالَات وَالْأَهْوَاء وَالضَّلَالَات الْمُتَفَرِّقَة " لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا" أَيْ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَنْفَذ وَلَا مُخَلِّص مِمَّا هُوَ فِيهِ وَفِي مُسْنَد الْإِمَام أَحْمَد عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ اللَّه خَلَقَ خَلْقه فِي ظُلْمَة ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُوره فَمَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ النُّور اِهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ " كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّه وَلِيّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجهُمْ مِنْ الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوت يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّور إِلَى الظُّلُمَات أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وَقَالَ تَعَالَى" أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم " وَقَالَ تَعَالَى " مَثَل الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمّ وَالْبَصِير وَالسَّمِيع هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِير وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور وَلَا الظِّلّ وَلَا الْحَرُور وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات إِنَّ اللَّه يُسْمِع مَنْ يَشَاء وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِير " وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة وَوَجْه الْمُنَاسَبَة فِي ضَرْب الْمَثَلَيْنِ هَهُنَا بِالنُّورِ وَالظُّلُمَات مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل السُّورَة " وَجَعَلَ الظُّلُمَات وَالنُّور" وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمَرَاد بِهَذَا الْمَثَل رَجُلَانِ مُعَيَّنَانِ فَقِيلَ عُمَر بْن الْخَطَّاب هُوَ الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَاهُ اللَّه وَجَعَلَ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس وَقِيلَ عَمَّار بْن يَاسِر وَأَمَّا الَّذِي فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا أَبُو جَهْل عَمْرو بْن هِشَام لَعَنَهُ اللَّه . وَالصَّحِيح أَنَّ الْآيَة عَامَّة يَدْخُل فِيهَا كُلّ مُؤْمِن وَكَافِر . وَقَوْله تَعَالَى" كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أَيْ حَسَنًا لَهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَة وَالضَّلَالَة قَدْرًا مِنْ اللَّه وَحِكْمَة بَالِغَة لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ . المصدر : تفسير ابن كثير . |
رقم المشاركة :4 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ( 199 ) } سورة الأعراف . ![]() وَفِي قَوْله " وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ " الْحَضّ عَلَى التَّعَلُّق بِالْعِلْمِ , وَالْإِعْرَاض عَنْ أَهْل الظُّلْم , وَالتَّنَزُّه عَنْ مُنَازَعَة السُّفَهَاء , وَمُسَاوَاة الْجَهَلَة الْأَغْبِيَاء , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَخْلَاق الْحَمِيدَة وَالْأَفْعَال الرَّشِيدَة . قُلْت : هَذِهِ الْخِصَال تَحْتَاج إِلَى بَسْط , وَقَدْ جَمَعَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرِ بْن سُلَيْم . قَالَ جَابِر بْن سُلَيْم أَبُو جُرَيّ : رَكِبْت قَعُودِي ثُمَّ أَتَيْت إِلَى مَكَّة فَطَلَبْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنَخْت قَعُودِي بِبَابِ الْمَسْجِد , فَدَلُّونِي عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا هُوَ جَالِس عَلَيْهِ بُرْد مِنْ صُوف فِيهِ طَرَائِق حُمْر ; فَقُلْت : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول اللَّه . فَقَالَ : " وَعَلَيْك السَّلَام " . فَقُلْت : إِنَّا مَعْشَر أَهْل الْبَادِيَة , قَوْم فِينَا الْجَفَاء ; فَعَلِّمْنِي كَلِمَات يَنْفَعنِي اللَّه بِهَا . قَالَ : " اُدْنُ " ثَلَاثًا , فَدَنَوْت فَقَالَ : " أَعِدْ عَلَيَّ " فَأَعَدْت عَلَيْهِ فَقَالَ : ( اِتَّقِ اللَّه وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوف شَيْئًا وَأَنْ تَلْقَى أَخَاك بِوَجْهٍ مُنْبَسِط وَأَنْ تُفْرِغ مِنْ دَلْوك فِي إِنَاء الْمُسْتَسْقِي وَإِنْ أَمْرُؤُ سَبَّكَ بِمَا لَا يَعْلَم مِنْك فَلَا تَسُبّهُ بِمَا تَعْلَم فِيهِ فَإِنَّ اللَّه جَاعِل لَك أَجْرًا وَعَلَيْهِ وِزْرًا وَلَا تَسُبَّن شَيْئًا مِمَّا خَوَّلَك اللَّه تَعَالَى ) . قَالَ أَبُو جُرَيّ : فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , مَا سَبَبْت بَعْده شَاة وَلَا بَعِيرًا . أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِي مُسْنَده بِمَعْنَاهُ . وَرَوَى أَبُو سَعِيد الْمَقْبُرِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاس بِأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَسَعهُمْ مِنْكُمْ بَسْط الْوَجْه وَحُسْن الْخُلُق " . وَقَالَ اِبْن الزُّبَيْر : مَا أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة إِلَّا فِي أَخْلَاق النَّاس . وَرَوَى الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر فِي قَوْله : " خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " قَالَ : مَا أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة إِلَّا فِي أَخْلَاق النَّاس . وَرَوَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ جِبْرِيل نَزَلَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا هَذَا يَا جِبْرِيل " ؟ فَقَالَ : " لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَل الْعَالِم " فِي رِوَايَة " لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَل رَبِّيَ " فَذَهَبَ فَمَكَثَ سَاعَة ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّه تَعَالَى يَأْمُرُك أَنْ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَك وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَك وَتَصِل مَنْ قَطَعَك " . فَنَظَمَهُ بَعْض الشُّعَرَاء فَقَالَ : مَكَارِم الْأَخْلَاق فِي ثَلَاثَة مَنْ كَمُلَتْ فِيهِ فَذَلِكَ الْفَتَى إِعْطَاءُ مَنْ تَحْرِمُهُ وَوَصْلُ مَنْ تَقْطَعُهُ وَالْعَفْوُ عَمَّنْ اعْتَدَى وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق فِي هَذِهِ الْآيَة , وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن آيَة أَجْمَع لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق مِنْ هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِم الْأَخْلَاق ) . وَقَالَ الشَّاعِر : كُلّ الْأُمُور تَزُول عَنْك وَتَنْقَضِي إِلَّا الثَّنَاء فَإِنَّهُ لَك بَاقِي وَلَوْ أَنَّنِي خُيِّرْت كُلّ فَضِيلَة مَا اِخْتَرْت غَيْر مَكَارِم الْأَخْلَاق وَقَالَ سَهْل بْن عَبْد اللَّه : كَلَّمَ اللَّه مُوسَى بِطُورِ سَيْنَاء . قِيلَ لَهُ : بِأَيِّ شَيْء أَوْصَاك ؟ قَالَ : بِتِسْعَةِ أَشْيَاء , الْخَشْيَة فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة , وَكَلِمَة الْحَقّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَب , وَالْقَصْد فِي الْفَقْر وَالْغِنَى , وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي , وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي , وَأَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي , وَأَنْ يَكُون نُطْقِي ذِكْرًا , وَصَمْتِي فِكْرًا , وَنَظَرِي عِبْرَة . قُلْت : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّد أَنَّهُ قَالَ ( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْعٍ الْإِخْلَاص فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالْعَدْل فِي الرِّضَا وَالْغَضَب وَالْقَصْد فِي الْغِنَى وَالْفَقْر وَأَنْ أَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَنِي وَأَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي وَأَنْ يَكُون نُطْقِي ذِكْرًا وَصَمْتِي فِكْرًا وَنَظَرِي عِبْرَة ) . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " خُذْ الْعَفْو " أَيْ الزَّكَاة ; لِأَنَّهَا يَسِير مِنْ كَثِير . وَفِيهِ بُعْد ; لِأَنَّهُ مِنْ عَفَا إِذَا دَرَسَ . وَقَدْ يُقَال : خُذْ الْعَفْو مِنْهُ , أَيْ لَا تُنْقِص عَلَيْهِ وَسَامِحْهُ . وَسَبَب النُّزُول يَرُدُّهُ , وَاَللَّه أَعْلَم . فَإِنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِمَحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ دَلَّهُ عَلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق , فَإِنَّهَا سَبَب جَرِّ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْإِيمَان . أَيْ اِقْبَلْ مِنْ النَّاس مَا عَفَا لَك مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَتَيَسَّرْ ; تَقُول : أَخَذْت حَقِّي عَفْوًا صَفْوًا , أَيْ سَهْلًا . قَوْله تَعَالَى : " وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " أَيْ بِالْمَعْرُوفِ . وَقَرَأَ عِيسَى بْن عُمَر " الْعُرُف " بِضَمَّتَيْنِ ; مِثْل الْحُلُم ; وَهُمَا لُغَتَانِ . وَالْعُرْف وَالْمَعْرُوف وَالْعَارِفَة : كُلّ خَصْلَة حَسَنَة تَرْتَضِيهَا الْعُقُول , وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا النُّفُوس . قَالَ الشَّاعِر : مَنْ يَفْعَل الْخَيْر لَا يَعْدَم جَوَازِيَهُ لَا يَذْهَب الْعُرْف بَيْن اللَّه وَالنَّاس وَقَالَ عَطَاء : " وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " يَعْنِي بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . قَوْله تَعَالَى : " وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ " أَيْ إِذَا أَقَمْت عَلَيْهِمْ الْحُجَّة وَأَمَرْتهمْ بِالْمَعْرُوفِ فَجَهِلُوا عَلَيْك فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ; صِيَانَة لَهُ عَلَيْهِمْ وَرَفْعًا لِقَدْرِهِ عَنْ مُجَاوَبَتِهِمْ . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ خِطَابًا لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام فَهُوَ تَأْدِيب لِجَمِيعِ خَلْقِهِ . وَقَالَ اِبْن زَيْد وَعَطَاء : هِيَ مَنْسُوخَة بِآيَةِ السَّيْف . وَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة : هِيَ مُحْكَمَة ; وَهُوَ الصَّحِيح لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَة بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر فَنَزَلَ عَلَى اِبْن أَخِيهِ الْحُرّ بْن قَيْس بْن حِصْن , وَكَانَ مِنْ النَّفَر الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَر , وَكَانَ الْقُرَّاء أَصْحَاب مَجَالِس عُمَر وَمُشَاوَرَته , كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا . فَقَالَ عُيَيْنَة لِابْنِ أَخِيهِ : يَا ابْن أَخِي , هَلْ لَك وَجْه عِنْد هَذَا الْأَمِير , فَتَسْتَأْذِن لِي عَلَيْهِ . قَالَ : سَأَسْتَأْذِنُ لَك عَلَيْهِ ; فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَة . فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : يَا ابْن الْخَطَّاب , وَاَللَّه مَا تُعْطِينَا الْجَزْل , وَلَا تَحْكُم بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ ! قَالَ : فَغَضِبَ عُمَر حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ . فَقَالَ الْحُرّ ; يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ اللَّه قَالَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام " خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ " وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ . فَوَاَللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَر حِين تَلَاهَا عَلَيْهِ , وَكَانَ وَقَّافًا عِنْد كِتَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . قُلْت : فَاسْتِعْمَال عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِهَذِهِ الْآيَة وَاسْتِدْلَال الْحُرّ بِهَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَة لَا مَنْسُوخَة . وَكَذَلِكَ اِسْتَعْمَلَهَا الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ; عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ . وَإِذَا كَانَ الْجَفَاء عَلَى السُّلْطَان تَعَمُّدًا وَاسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِ فَلَهُ تَعْزِيرُهُ . وَإِذَا كَانَ غَيْر ذَلِكَ فَالْإِعْرَاض وَالصَّفْح وَالْعَفْو ; كَمَا فَعَلَ الْخَلِيفَة الْعَدْل . المصدر : تفسير القرآن الكريم للإمام القرطبي . |
رقم المشاركة :5 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) } سورة فصلت . ![]() {33} وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ أَحْسَن أَيّهَا النَّاس قَوْلًا مِمَّنْ قَالَ رَبّنَا اللَّه ثُمَّ اسْتَقَامَ عَلَى الْإِيمَان بِهِ , وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْره وَنَهْيه , وَدَعَا عِبَاد اللَّه إِلَى مَا قَالَ وَعَمِلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23569 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : تَلَا الْحَسَن : { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : هَذَا حَبِيب اللَّه , هَذَا وَلِيّ اللَّه , هَذَا صَفْوَة اللَّه , هَذَا خِيرَة اللَّه , هَذَا أَحَبّ الْخَلْق إِلَى اللَّه , أَجَابَ اللَّه فِي دَعْوَته , وَدَعَا النَّاس إِلَى مَا أَجَابَ اللَّه فِيهِ مِنْ دَعْوَته , وَعَمِلَ صَالِحًا فِي إِجَابَته , وَقَالَ : إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَهَذَا خَلِيفَة اللَّه. 23570 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا عَبْد صَدَّقَ قَوْلَهُ عَمَلُهُ , وَمَوْلَجَهُ مَخْرَجُهُ , وَسِرَّهُ عَلَانِيَتُهُ , وَشَاهِدَهُ مَغِيبُهُ , وَإِنَّ الْمُنَافِق عَبْد خَالَفَ قَوْلَهُ عَمَلُهُ , وَمَوْلَجَهُ مَخْرَجُهُ , وَسِرَّهُ عَلَانِيَتُهُ , وَشَاهِدَهُ مَغِيبُهُ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّذِي أُرِيدَ بِهَذِهِ الصِّفَة مِنَ النَّاس , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23571 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه } قَالَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين دَعَا إِلَى الْإِسْلَام . 23572 - حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : هَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ الْمُؤَذِّن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23573 - حَدَّثَنِي دَاوُد بْن سُلَيْمَان بْن يَزِيد الْمُكْتِب الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن جَرِير الْبَجَلِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ قَيْس بْن أَبِي حَازِم , فِي قَوْل اللَّه : { وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه } قَالَ : الْمُؤَذِّن { وَعَمِلَ صَالِحًا } قَالَ : الصَّلَاة مَا بَيْن الْأَذَان إِلَى الْإِقَامَة . {33} وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْله : { وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } يَقُول : وَقَالَ : إِنَّنِي مِمَّنْ خَضَعَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , وَذَلَّ لَهُ بِالْعُبُودَةِ , وَخَشَعَ لَهُ بِالْإِيمَانِ بِوَحْدَانِيِّتِهِ . {34} وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَقَوْله : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَسْتَوِي حَسَنَة الَّذِينَ قَالُوا رَبّنَا اللَّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا , فَأَحْسَنُوا فِي قَوْلهمْ , وَإِجَابَتهمْ رَبّهمْ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَته , وَدَعَوْا عِبَاد اللَّه إِلَى مِثْل الَّذِي أَجَابُوا رَبّهمْ إِلَيْهِ , وَسَيِّئَة الَّذِينَ قَالُوا : { لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآن وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } فَكَذَلِكَ لَا تَسْتَوِي عِنْد اللَّه أَحْوَالهمْ وَمَنَازِلهمْ , وَلَكِنَّهَا تَخْتَلِف كَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ خَالَفَ بَيْنهمَا , وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة } فَكَرَّرَ لَا , وَالْمَعْنَى : لَا تَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة ; لِأَنَّ كُلّ مَا كَانَ غَيْر مُسَاوٍ شَيْئًا , فَالشَّيْء الَّذِي هُوَ لَهُ غَيْر مُسَاوٍ غَيْر مُسَاوِيه , كَمَا أَنَّ كُلّ مَا كَانَ مُسَاوِيًا لِشَيْءٍ فَالْآخَر الَّذِي هُوَ لَهُ مُسَاوٍ , مُسَاوٍ لَهُ , فَيُقَال : فُلَان مُسَاوٍ فُلَانًا , وَفُلَان لَهُ مُسَاوٍ , فَكَذَلِكَ فُلَان لَيْسَ مُسَاوِيًا لِفُلَانٍ , لَا فُلَان مُسَاوِيًا لَهُ , فَلِذَلِكَ كُرِّرَتْ لَا مَعَ السَّيِّئَة , وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُكَرَّرَة مَعَهَا كَانَ الْكَلَام صَحِيحًا . وَقَدْ كَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : يَجُوز أَنْ يُقَال : الثَّانِيَة زَائِدَة ; يُرِيد : لَا يَسْتَوِي عَبْد اللَّه وَزَيْد , فَزِيدَتْ لَا تَوْكِيدًا , كَمَا قَالَ { لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب أَلَّا يَقْدِرُونَ } 57 29 أَيْ لِأَنْ يَعْلَم , وَكَمَا قَالَ : { لَا أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة وَلَا أَقْسِم بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة } 75 1 : 2 وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يُنْكِر قَوْله هَذَا فِي : { لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب } , وَفِي قَوْله : { لَا أُقْسِم } فَيَقُول : لَا الثَّانِيَة فِي قَوْله : { لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب } أَنْ لَا يَقْدِرُونَ رُدَّتْ إِلَى مَوْضِعهَا ; لِأَنَّ النَّفْي إِنَّمَا لَحِقَ يَقْدِرُونَ لَا الْعِلْم , كَمَا يُقَال : لَا أَظُنّ زَيْدًا لَا يَقُوم , بِمَعْنَى : أَظُنّ زَيْدًا لَا يَقُوم ; قَالَ : وَرُبَّمَا اسْتَوْثَقُوا فَجَاءُوا بِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا , وَرُبَّمَا اكْتَفَوْا بِالْأَوَّلِ مِنَ الثَّانِي , وَحُكِيَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَب : مَا كَأَنِّي أَعْرِفهَا : أَيْ كَأَنِّي لَا أَعْرِفهَا. قَالَ : وَأَمَّا " لَا " فِي قَوْله { لَا أُقْسِم } فَإِنَّمَا هُوَ جَوَاب , وَالْقَسَم بَعْدهَا مُسْتَأْنَف , وَلَا يَكُون حَرْف الْجَحْد مُبْتَدَأ صِلَة . وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ . { وَلَا يَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة } وَلَا يَسْتَوِي الْإِيمَان بِاللَّهِ وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ وَالشِّرْك بِهِ وَالْعَمَل بِمَعْصِيَتِهِ . {34} وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَقَوْله : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْفَعْ يَا مُحَمَّد بِحِلْمِك جَهْلَ مَنْ جَهِلَ عَلَيْك , وَبِعَفْوِك عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْك إِسَاءَة الْمُسِيء , وَبِصَبْرِك عَلَيْهِمْ مَكْرُوهَ مَا تَجِد مِنْهُمْ , وَيَلْقَاك مِنْ قِبَلهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي تَأْوِيله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ. 23574 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } قَالَ : أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّبْرِ عِنْد الْغَضَب , وَالْحِلْم وَالْعَفْو عِنْد الْإِسَاءَة , فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمَهُمْ اللَّه مِنَ الشَّيْطَان , وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوّهُمْ , كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : ادْفَعْ بِالسَّلَامِ عَلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْك إِسَاءَته. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23575 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } قَالَ : بِالسَّلَامِ . 23576 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ , عَنْ مُجَاهِد { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن } قَالَ : السَّلَام عَلَيْك إِذَا لَقِيته . {34} وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَقَوْله : { فَإِذَا الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه عَدَاوَة كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : افْعَلْ هَذَا الَّذِي أَمَرْتُك بِهِ يَا مُحَمَّد مِنْ دَفْع سَيِّئَة الْمُسِيء إِلَيْك بِإِحْسَانِك الَّذِي أَمَرْتُك بِهِ إِلَيْهِ , فَيَصِير الْمُسِيء إِلَيْك الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه عَدَاوَة , كَأَنَّهُ مِنْ مُلَاطَفَته إِيَّاكَ , وَبِرّه لَك , وَلِيّ لَك مِنْ بَنِي أَعْمَامك , قَرِيب النَّسَب بِك , وَالْحَمِيم : هُوَ الْقَرِيب , كَمَا : 23577 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد . قَالَ : ثنا سَعِيد , , عَنْ قَتَادَة { كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم } : أَيْ كَأَنَّهُ وَلِيّ قَرِيب . {35} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُعْطَى دَفْع السَّيِّئَة بِالْحَسَنَةِ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا لِلَّهِ عَلَى الْمَكَارِه , وَالْأُمُور الشَّاقَّة ; وَقَالَ : { وَمَا يُلَقَّاهَا } وَلَمْ يَقُلْ : وَمَا يُلَقَّاهُ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا يُلَقَّى هَذِهِ الْفَعْلَة مِنْ دَفْع السَّيِّئَة بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن . {35} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَوْله : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم } يَقُول : وَمَا يُلَقَّى هَذِهِ إِلَّا ذُو نَصِيب وَجَدّ لَهُ سَابِق فِي الْمَبَرَّات عَظِيم , كَمَا : 23578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم } : ذُو جَدّ . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْحَظّ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْم هُوَ الْجَنَّة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23579 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } ... الْآيَة , وَالْحَظّ الْعَظِيم : الْجَنَّة . ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ شَتَمَهُ رَجُل وَنَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِد , فَعَفَا عَنْهُ سَاعَة , ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْر جَاشَ بِهِ الْغَضَب , فَرَدَّ عَلَيْهِ , فَقَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْر , فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه شَتَمَنِي الرَّجُل , فَعَفَوْت وَصَفَحْت وَأَنْتَ قَاعِد , فَلَمَّا أَخَذْت أَنْتَصِر قُمْت يَا نَبِيّ اللَّه , فَقَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ كَانَ يَرُدّ عَنْك مَلَك مِنَ الْمَلَائِكَة , فَلَمَّا قَرُبْت تَنْتَصِر ذَهَبَ الْمَلَك وَجَاءَ الشَّيْطَان , فَوَاللَّهِ مَا كُنْت لِأُجَالِس الشَّيْطَان يَا أَبَا بَكْر " . 23580 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم } يَقُول : الَّذِينَ أَعَدَّ اللَّه لَهُمُ الْجَنَّة . المصدر : تفسير الطبري . |
رقم المشاركة :6 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) } سورة الرعد . ![]() {22} وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّهمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : { وَاَلَّذِينَ صَبَرُوا } عَلَى الْوَفَاء بِعَهْدِ اللَّه وَتَرْك نَقْضِ الْمِيثَاق وَصِلَة الرَّحِم , { اِبْتِغَاء وَجْه رَبّهمْ } وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { اِبْتِغَاء وَجْه رَبّهمْ } طَلَب تَعْظِيم اللَّه , وَتَنْزِيهًا لَهُ أَنْ يُخَالِف فِي أَمْره أَوْ يَأْتِي أَمْرًا كُرِهَ إِتْيَانه فَيَعْصِيه بِهِ . { وَأَقَامُوا الصَّلَاة } يَقُول : وَأَدَّوْا الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة بِحُدُودِهَا فِي أَوْقَاتهَا . { وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة } يَقُول : وَأَدَّوْا مِنْ أَمْوَالهمْ زَكَاتهَا الْمَفْرُوضَة , وَأَنْفَقُوا مِنْهَا فِي السُّبُل الَّتِي أَمَرَهُمْ اللَّه بِالنَّفَقَةِ فِيهَا , سِرًّا فِي خَفَاء وَعَلَانِيَة فِي الظَّاهِر . كَمَا : 15435 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَقَامُوا الصَّلَاة } يَعْنِي الصَّلَوَات الْخَمْس , { وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَة } يَقُول الزَّكَاة . 15436 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد الصَّبْر : الْإِقَامَة , قَالَ : وَقَالَ الصَّبْر فِي هَاتَيْنِ , فَصَبْر لِلَّهِ عَلَى مَا أَحَبَّ وَإِنْ ثَقُلَ عَلَى الْأَنْفُس وَالْأَبْدَان , وَصَبْر عَمَّا يَكْرَه وَإِنْ نَازَعَتْ إِلَيْهِ الْأَهْوَاء , فَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مِنْ الصَّابِرِينَ . وَقَرَأَ : { سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار } / 30 . {22} وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ وَقَوْله : { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة } يَقُول : وَيَدْفَعُونَ إِسَاءَة مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّاس , بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ . كَمَا : 15437 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَة } قَالَ : يَدْفَعُونَ الشَّرّ بِالْخَيْرِ , لَا يُكَافِئُونَ الشَّرّ بِالشَّرِّ وَلَكِنْ يَدْفَعُونَهُ بِالْخَيْرِ . {22} وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ وَقَوْله : { أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْنَا صِفَتهمْ هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّار , يَقُول : هُمْ الَّذِينَ أَعْقَبَهُمْ اللَّه دَار الْجِنَان مِنْ دَارهمْ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ كَانَتْ لَهُمْ فِي النَّار , فَأَعْقَبَهُمْ اللَّه مِنْ تِلْكَ هَذِهِ . وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ عَقِيب طَاعَتهمْ رَبّهمْ فِي الدُّنْيَا دَار الْجِنَان . {23} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { جَنَّات عَدْن يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجهمْ وَذُرِّيَّاتهمْ } يَقُول تَعَالَى { جَنَّات عَدْن } تَرْجَمَة عَنْ عُقْبَى الدَّار , كَمَا يُقَال : نِعْمَ الرَّجُل عَبْد اللَّه , فَعَبْد اللَّه هُوَ الرَّجُل الْمَقُول لَهُ : نِعْمَ الرَّجُل , وَتَأْوِيل الْكَلَام : أُولَئِكَ لَهُمْ عَقِيب طَاعَتهمْ رَبّهمْ الدَّار الَّتِي هِيَ جَنَّات عَدْن . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى قَوْله : " عَدْن " , وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِقَامَة الَّتِي لَا ظَعْن مَعَهَا . وَقَوْله : { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجهمْ وَذُرِّيَّاتهمْ } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : جَنَّات عَدْن يَدْخُلهَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ , وَهُمْ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّه , وَاَلَّذِينَ يُصَلُّونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل وَيَخْشَوْنَ رَبّهمْ , وَاَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّهمْ , وَأَقَامُوا الصَّلَاة , وَفَعَلُوا الْأَفْعَال الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَات الثَّلَاث . { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجهمْ } وَهِيَ نِسَاؤُهُمْ وَأَهْلُوهُمْ وَذُرِّيَّاتهمْ . وَصَلَاحهمْ إِيمَانهمْ بِاَللَّهِ وَاتِّبَاعهمْ أَمْره وَأَمْر رَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام . كَمَا : 15438 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا شَبَّابَة , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } قَالَ : مَنْ آمَنَ فِي الدُّنْيَا . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15439 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } قَالَ : مَنْ آمَنَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجهمْ وَذُرِّيَّاتهمْ . {23} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ وَقَوْله : { وَالْمَلَائِكَة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلّ بَاب سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } يَقُول : ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : وَتَدْخُل الْمَلَائِكَة عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَات الثَّلَاث فِي جَنَّات عَدْن , مِنْ كُلّ بَاب مِنْهَا , يَقُولُونَ لَهُمْ : { سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } عَلَى طَاعَة رَبّكُمْ فِي الدُّنْيَا , { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار } . وَذُكِرَ أَنَّ لِجَنَّاتِ عَدْن خَمْسَة آلَاف بَاب . 15440 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن جَرِير , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ نَافِع بْن عَاصِم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : إِنَّ فِي الْجَنَّة قَصْرًا يُقَال لَهُ عَدْن , حَوْله الْبُرُوج وَالْمُرُوج , فِيهِ خَمْسَة آلَاف بَاب , عَلَى كُلّ بَاب خَمْسَة آلَاف حِبَرَة , لَا يَدْخُلهُ إِلَّا نَبِيّ أَوْ صِدِّيق أَوْ شَهِيد . 15441 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَغْرَاء , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { جَنَّات عَدْن } قَالَ : مَدِينَة الْجَنَّة , فِيهَا الرُّسُل وَالْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء , وَأَئِمَّة الْهُدَى , وَالنَّاس حَوْلهمْ بِعَدَدِ الْجَنَّات حَوْلهَا . وَحُذِفَ مِنْ قَوْله : { وَالْمَلَائِكَة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلّ بَاب سَلَام عَلَيْكُمْ } " يَقُولُونَ " اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , كَمَا حُذِفَ ذَلِكَ مِنْ قَوْله : { وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسهمْ عِنْد رَبّهمْ رَبّنَا أَبْصَرْنَا } . 15442 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ بَقِيَّة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثَنِي أَرْطَاة بْن الْمُنْذِر , قَالَ : سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مَشْيَخَة الْجُنْد يُقَال لَهُ أَبُو الْحَجَّاج , يَقُول : جَلَسْت إِلَى أَبِي أُمَامَة فَقَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِن لَيَكُون مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَته إِذَا دَخَلَ الْجَنَّة , وَعِنْده سِمَاطَانِ مِنْ خَدَم , وَعِنْد طَرَف السِّمَاطَيْنِ سُور , فَيُقْبِل الْمَلَك يَسْتَأْذِن , فَيَقُول الَّذِي يَلِيه : مَلَك يَسْتَأْذِن , وَيَقُول الَّذِي يَلِيه : مَلَك يَسْتَأْذِن , وَيَقُول الَّذِي يَلِيه لِلَّذِي يَلِيه : مَلَك يَسْتَأْذِن , حَتَّى يَبْلُغ الْمُؤْمِن فَيَقُول : اِئْذَنُوا ! فَيَقُول : أَقْرَبهمْ إِلَى الْمُؤْمِن اِئْذَنُوا , وَيَقُول الَّذِي يَلِيه لِلَّذِي يَلِيه : اِئْذَنُوا , فَكَذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغ أَقْصَاهُمْ الَّذِي عِنْد الْبَاب , فَيُفْتَح لَهُ , فَيَدْخُل فَيُسَلِّم ثُمَّ يَنْصَرِف . 15443 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد , عَنْ سَهْل بْن أَبِي صَالِح , عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي قُبُور الشُّهَدَاء عَلَى رَأْس كُلّ حَوْل فَيَقُول : " السَّلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار " , وَأَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان . {24} سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَأَمَّا قَوْله : { سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل قَالُوا فِي ذَلِكَ نَحْو قَوْلنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15444 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } قَالَ : عَلَى دِينكُمْ . 15445 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } قَالَ : حِين صَبَرُوا لِلَّهِ بِمَا يُحِبّهُ اللَّه فَقَدَّمُوهُ . وَقَرَأَ : { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّة وَحَرِيرًا } حَتَّى بَلَغَ : { وَكَانَ سَعْيكُمْ مَشْكُورًا } وَصَبَرُوا عَمَّا كَرِهَ اللَّه وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ , وَصَبَرُوا عَلَى مَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَأَحَبَّهُ اللَّه , فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ . وَقَرَأَ : { وَالْمَلَائِكَة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلّ بَاب سَلَام عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار } . {24} سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَأَمَّا قَوْله : { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار } فَإِنَّ مَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّه كَمَا . 15446 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ ثَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ جَعْفَر , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ فِي قَوْلهمْ { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار } قَالَ : الْجَنَّة مِنْ النَّار . المصدر : تفسير الطبري . |
رقم المشاركة :7 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() { إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْـزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) } سورة التوبة . ![]() {40} إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّه إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِي اِثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار إِذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَن إِنَّ اللَّه مَعَنَا } وَهَذَا إِعْلَام مِنْ اللَّه أَصْحَاب رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الْمُتَوَكِّل بِنَصْرِ رَسُوله عَلَى أَعْدَاء دِينه وَإِظْهَاره عَلَيْهِمْ دُونهمْ , أَعَانُوهُ أَوْ لَمْ يُعِينُوهُ , وَتَذْكِير مِنْهُ لَهُمْ فِعْل ذَلِكَ بِهِ , وَهُوَ مِنْ الْعَدَد فِي قِلَّة وَالْعَدُوّ فِي كَثْرَة , فَكَيْف بِهِ وَهُوَ مِنْ الْعَدَد فِي كَثْرَة وَالْعَدُوّ فِي قِلَّة ؟ يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِلَّا تَنْفِرُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مَعَ رَسُولِي إِذَا اِسْتَنْفَرَكُمْ فَتَنْصُرُوهُ , فَاَللَّه نَاصِره وَمُعِينه عَلَى عَدُوّهُ وَمُغْنِيه عَنْكُمْ وَعَنْ مَعُونَتكُمْ وَنُصْرَتكُمْ ; كَمَا نَصَرَهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ قُرَيْش مِنْ وَطَنه وَدَاره { ثَانِي اِثْنَيْنِ } يَقُول : أَخْرَجُوهُ وَهُوَ أَحَد الِاثْنَيْنِ : أَيْ وَاحِد مِنْ الِاثْنَيْنِ , وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب : " هُوَ ثَانِي اِثْنَيْنِ " يَعْنِي أَحَد الِاثْنَيْنِ , وَثَالِث ثَلَاثَة , وَرَابِع أَرْبَعَة , يَعْنِي : أَحَد ثَلَاثَة , وَأَحَد الْأَرْبَعَة , وَذَلِكَ خِلَاف قَوْلهمْ : هُوَ أَخُو سِتَّة وَغُلَام سَبْعَة , لِأَنَّ الْأَخ وَالْغُلَام غَيْر السِّتَّة وَالسَّبْعَة , وَثَالِث الثَّلَاثَة : أَحَد الثَّلَاثَة . وَإِنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { ثَانِي اِثْنَيْنِ } رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْر , رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , لِأَنَّهُمَا كَانَا اللَّذَيْنِ خَرَجَا هَارِبَيْنِ مِنْ قُرَيْش , إِذْ هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَفِيَا فِي الْغَار . وَقَوْله : { إِذْ هُمَا فِي الْغَار } يَقُول إِذْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ فِي الْغَار ; وَالْغَار : النَّقْب الْعَظِيم يَكُون فِي الْجَبَل. { إِذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ } يَقُول : إِذْ يَقُول رَسُول اللَّه لِصَاحِبِهِ أَبِي بَكْر : { لَا تَحْزَن } وَذَلِكَ أَنَّهُ خَافَ مِنْ الطَّلَب أَنْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِمَا , فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَحْزَن لِأَنَّ اللَّه مَعَنَا , وَاَللَّه نَاصِرنَا , فَلَنْ يَعْلَم الْمُشْرِكُونَ بِنَا , وَلَنْ يَصِلُوا إِلَيْنَا " ! يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّه عَلَى عَدُوّهُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَال مِنْ الْخَوْف وَقِلَّة الْعَدَد , فَكَيْف يَخْذُلهُ وَيَحُوجهُ إِلَيْكُمْ وَقَدْ كَثَّرَ اللَّه أَنْصَاره , وَعَدَد جُنُوده ؟ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 12995 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ } ذِكْر مَا كَانَ فِي أَوَّل شَأْنه حِين بَعَثَهُ ; يُقَوَّل اللَّه : فَأَنَا فَاعِل ذَلِكَ بِهِ وَنَاصِره كَمَا نَصَرْته إِذْ ذَاكَ وَهُوَ ثَانِي اِثْنَيْنِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّه } قَالَ : ذِكْر مَا كَانَ فِي أَوَّل شَأْنه حِين بَعَثَ , فَاَللَّه فَاعِل بِهِ كَذَلِكَ نَاصِره كَمَا نَصَرَهُ إِذْ ذَاكَ { ثَانِي اِثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار } 12996 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّه } الْآيَة , قَالَ : فَكَانَ صَاحِبه أَبُو بَكِّرْ . وَأَمَّا الْغَار : فَجَبَل بِمَكَّة يُقَال لَهُ ثَوْر . 12997 - حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : لَمَّا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , وَكَانَ لِأَبِي بَكْر مَنِيحَة مِنْ غَنَم تَرُوح عَلَى أَهْله , فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْر عَامِر بْن فُهَيْرَة فِي الْغَنَم إِلَى ثَوْر , وَكَانَ عَامِر بْن فُهَيْرَة يَرُوح بِتِلْكَ الْغَنَم عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَارِ فِي ثَوْر , وَهُوَ الْغَار الَّذِي سَمَّاهُ اللَّه فِي الْقُرْآن . 12998 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن جُبَيْر الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا عَفَّان وَحِبَّان , قَالَا : ثنا هَمَّام , عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس , أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حَدَّثَهُمْ , قَالَ : بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَار , وَأَقْدَام الْمُشْرِكِينَ فَوْق رُءُوسنَا , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , لَوْ أَنَّ أَحَدهمْ رَفَعَ قَدَمه أَبْصَرَنَا ! فَقَالَ : " يَا أَبَا بَكْر مَا ظَنّك بِاثْنَيْنِ اللَّه ثَالِثهمَا " . 12999 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : مَكَثَ أَبُو بَكْر مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَار ثَلَاثًا . 13000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ : { إِذْ هُمَا فِي الْغَار } قَالَ : فِي الْجَبَل الَّذِي يُسَمَّى ثَوْرًا , مَكَثَ فِيهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر ثَلَاث لَيَالٍ . 13001 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رَحْمَة اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ حِين خَطَبَ قَالَ : أَيّكُمْ يَقْرَأ سُورَة التَّوْبَة ؟ قَالَ رَجُل : أَنَا , قَالَ : اِقْرَأْ ! فَلَمَّا بَلَغَ : { إِذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَن } بَكَى أَبُو بَكْر وَقَالَ : أَنَا وَاَللَّه صَاحِبه . {40} إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْزَلَ اللَّه سَكِينَته عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْزَلَ اللَّه طُمَأْنِينَته وَسُكُونه عَلَى رَسُوله - وَقَدْ قِيلَ : عَلَى أَبِي بَكْر - { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا } يَقُول : وَقَوَّاهُ بِجُنُودٍ مِنْ عِنْده مِنْ الْمَلَائِكَة لَمْ تَرَوْهَا أَنْتُمْ . { وَجَعَلَ كَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا } وَهِيَ كَلِمَة الشِّرْك { السُّفْلَى } لِأَنَّهَا قَهَرَتْ وَأَذَلَّتْ وَأَبْطَلَهَا اللَّه تَعَالَى وَمُحِقَ أَهْلهَا , وَكُلّ مَقْهُور وَمَغْلُوب فَهُوَ أَسْفَل مِنْ الْغَالِب وَالْغَالِب هُوَ الْأَعْلَى . { وَكَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا } يَقُول : وَدِين اللَّه وَتَوْحِيده وَقَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَهِيَ كَلِمَته الْعُلْيَا عَلَى الشِّرْك وَأَهْله , الْغَالِبَة . كَمَا : 13002 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَجَعَلَ كَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى } وَهِيَ : الشِّرْك بِاَللَّهِ. { وَكَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا } وَهِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَوْله : { وَكَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا } خَبَر مُبْتَدَأ غَيْر مَرْدُود عَلَى قَوْله : { وَجَعَلَ كَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى } لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الْكَلِمَة الْأُولَى لَكَانَ نَصْبًا . {40} إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَأَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَاَللَّه عَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ أَهْل الْكُفْر بِهِ , لَا يَقْهَرهُ قَاهِر وَلَا يَغْلِبهُ غَالِب وَلَا يَنْصُر مَنْ عَاقَبَهُ نَاصِر , حَكِيم فِي تَدْبِيره خَلْقه وَتَصْرِيفه إِيَّاهُمْ فِي مَشِيئَته . المصدر : تفسير القرآن لابن كثير . |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
صور جمالية ، مسيحى |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 49 ( 0من الأعضاء 49 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
تأمل .. وأبشر | خادم المسلمين | القسم الإسلامي العام | 4 | 28.07.2010 00:17 |
تؤمل أنك يوما تتوب | طائر السنونو | أقسام اللغة العربية و فنون الأدب | 5 | 07.04.2010 09:26 |
وصف المسيح بأنه ديان العالم | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 1 | 13.09.2009 10:35 |
وصف المسيح بأنه صورة الله | Just asking | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 0 | 09.09.2009 12:56 |