تفريغ سلسة إصـــــلاح القلـوب

[راجية الاجابة من القيوم]

إنك تريدين أن تنامي الظهر والليل .. ليس هناك نوم وستقومين .. فتجلس الظهر تتلو القرءان وتذكر الله ، وتستغفر وتتوب ، وتعود وتؤوب وتنيب وتبكي .. ظهراً ، ثم في الليل أيضا تقوم .. نعم اتهمها على دينك وانزلنها منزلة من لا حاجة له فيها ولابد له منها..

قلنا في خطبة الجمعة .كلام محمد بن المنكدر لنفسه .. ماذا قال لنفسه ؟.. كان يعاتب نفسه في المسجد ..قال محمد بن المنكدر : إني خلفت زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش وهو يخاصم نفسه في المسجد ،فيقول لها : يقول اجلسي أين تريدين؟ .. أين تذهبين؟ .. أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد ؟.. انظري إلى ما فيه ..تريدين أن تنظري دار فلان ودار فلانة؟ ؛ يخاصم نفسه بهذه الطريقة ..

أنا أقول لكم بالله هل جرب واحد منا أن يصنع هذا ؟.. أي مثلاً بعد صلاة العصر مثلاً .. إني قلت لكم في خطبة يعتكف بين صلاة العصر والمغرب يلتمس ساعة الإجابة أليس كذلك ؟ .. أفكر أحد فيكم أن يقعد بين العصر والمغرب يلتمس ساعة الإجابة .. ماذا تقول له نفسه؟.. قم هيا لنذهب ونرجع لسنا فارغين لمثل هذا .. أستجلس؟؟ هؤلاء السنية أناس (فاضية ) .. ماذا ستجلس لتعمل بالمسجد.. هيا لدينا مشاغل .. فماذا تفعل أنت ؟ .. تقول لك هيا .. فتقول لها ماذا؟؟.. هيا تقول أنت أيضاً لها هيا لنذهب .. أما هذا الرجل فيقول لها اجلسي ..أين تريدين .. أين تذهبين ..هناك أحسن من هذا المسجد؟... تريدين أن تنظري إلى دار فلان ودار فلانة.. انظري إلى ما في المسجد .. هذه الأبواب وتلك الحيطان وهذه الشبابيك .. ماذا تريدين أكثر ...فانظري إلى مثل هذا ..وكان يقول لنفسه : مالكِ من الطعام إلا هذا الخبز والزيت ، ومالك من الثياب إلا هذين الثوبين ، وما لك من النساء إلا هذه العجوز .. أفتحبين أنت تموتي أو تصبري على هذا العيش ..

يقول :فأراها تقول بل أنا أصبر على هذا العيش ، النفس لن تقول لك أموت أبدا وإنما هي تجري بطبعها في ميدان المخالفة فلذلك لا توافقها ولا تتابعها .. إن الحكيم يزيل نفسه بالمكاره لله عز وجل حتى تعترف بالحق ، وإن الحق يخير نفسه في الأخلاف ، فما أحبت منها أحب ، وما كرهت منها كره .. النفس ..

ابن الجوزي يقول كلام لطيف جداً يقول :
يامن ضيّق على نفسه الخناق في فعل المعاصي ، فما أبغى لعذر موضعا ،
يا مقهوراً بغلبة النفس .. يا مغلوب .. يا مهزوم أمام نفسك .
. يا مقروراً بغلبة النفس ..صل عليها بسوط العزم فإنها إن علمت جِدك استأسرت لك ..
كثيراً ما أوصيكم بهذا .. أننا ينبغي لنا أن نصول .. وأن نتطاول وأن نتقاوى على أنفسنا .. أن تُظهر لنفسك أنك أقوى منها ، وأنك تستطيع ضرّها .. صل عليها بسوط العزم فإنها إن علمت جِدك .. علمت أنك جاد لست برجل .. تعلمون القصة المشهورة عندها أن تذبح لها القطة
يقولون له امسك بقطة واذبحها أمامها في ليلة الدخلة .. فتخاف على هذا أي أنها بعد ذلك إن تكلمت ستذبحها مثل ما ذبحت القطة فجلس واحد وقال أنا لم اذبح فقلنا له أنه أمامك فرصة فلتذبح؛ فجاء بقطة وبدأت تفلت من بين يديه فامسك بها وذبحها وجلس بجانبها يبكي ..

هذا حالنا مع أنفسنا أن نفوسنا لا ترى منا استئسادا .. رجولة .. قوة .. جد حتى وإن جاءت ساعة جد تجلس تبكي بجوار نفسك .. أي أنك لو مَنعت يوماً نفسك من المباحات ، وأنك هذبتها و أزعجتها بعد ذلك لن تقعد تبكي بجانبها ، أي مثلاً لو أنك صمت يوماً ، بعض الأخوة تقول له أنك تأديباً لنفسك صم يوماً ولا تفطر عند المغرب ، أي أخر الإفطار إلى السحر .. تأديب للنفس .. لا فائدة لم تقم للفجر .. ثاني يوم كذلك .. بعد ذلك يقعد شهران لا يصوم ..هذا كالذي ذبح القطة وجلس بجوارها يبكي ..
لا ينبغي أن يظل صوت عزمك يلهب ظهر نفسك .. بصفة مستمرة ..فإنها إن علمت جدك استأسرت عندك .. كيف ..يقول :
امنعها ملذوذ مباحها ليقع الصلح على ترك الحرام ، بعد ذلك عندما تتطلب ؛ تتطلب المباح أم تطلب الحرام ؟ إن كنت لا تعطيها المباح أتجرؤ هي على طلب الحرام ؟ ؟ وهذا مقصود الله في الصيام .
عندما أمرك بالصيام عن الطعام الحلال .. والماء الزلال .. والزوجة البلال منعك عنهما في النهار، فإذا منعك عن الحلال أتقع في الحرام؟؟
كل همتك أن تصل إلى الحلال فقط ، فأن تتعامل مع هذا بنفسك أشد محاسبة من الشريك الشحير لشريكه .. أنا أعلم أن أحد الإخوة لي عنده خمسون جنيها ً ولو قلت له أعطيني خمسون سيعطيني ثلاثون ، فأقوم فأقول له لي عندك خمسة وسبعون ، فيقول لم خمسة وسبعون ؟ فتقول لا هي خمسة وثمانون وأنا تركت عشرة وقلت خمسة وسبعون ، وفي النهاية نصل لكي آخذ الخمسون حقي ، وهكذا يكون حالك مع نفسك ، أنك تقول لها أنظري ليس هناك نوم الليلة ..

نحن نجلس اليوم للدرس وعلمنا بالطريق .. نوم .. ولا دقيقة لا تحاولي إذهب فتقول لك : لنذهب لتناول الطعام .. فأقول اصبري قليلاًَ على العشاء حتى نقرأ جزء قرءان ، بعد جزء القرءان أتطالبك بالنوم أو بالعشاء؟ هي الم تكن تريد العشاء؟ ، فتقول نصلي ركعتين أولا بجزأين ثم نتعشى ..صبراً صبراً يا نفس كلها سهلة وتقم هكذا .. أفعل أحدكم هذا مع نفسه ؟ .. الذي يحدث أن النفس تقول له لننام فيقول لِننام ..تقول له نتعشى فيقول لها لنتعشى .. فلنخرج نقف على الناصية .. فلنخرج نقف .. نلعب كورة؟ .. نلعب كورة ..وهكذا

نجري معها في ميدان المتابعة .. ثم لا تهلكنا !.. والله تهلكنا .. تهلكنا .

امنعها ملذوذ مباحها ليقع الصلح على ترك الحرام فإذا ضجت لطلب المباح .. فإما منَّاً بعد .. وإما فداء

تقول لها والله.. ممكن أعطيكي ولكن كم ستدفعين؟.. أي حسنا .. تتمنين أن تأكلي اليوم مثلاً جبنة وخيار .. إذن كم ركعة ستدفعين الليلة ؟ وأنا سأحضر لك .. إذن نصلي الست ركعات أولاً وسيأتي بالطعام .. هكذا .. فإما منَّاً بعد وإما فداءَ .

الدنيا والشيطان عدوان خارجيان .. خارجان عنك .. خارجان عنك ، والنفس عدو باطن ، ومن آداب الجهاد قاتلوا الذين يلوونكم ..أليس كذلك ؟ الدنيا والشيطان بعيدان .. ونفسك .. معك ، و من الأدب أن تجاهد البعيد أم القريب؟ ..قاتلوا الذين يلوونكم .. القريب منك
يتبع .......

للمزيد من مواضيعي