آخر 20 مشاركات
حنين الأفئدة : زمزم البئر المعجزة الخالدة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معالم الحرمين : مقام إبراهيم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لمحات مكيّة : الحجر الأسود (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          حدود مقدسة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أنا الفريدة لا تضرب بي المثل ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مكّة المكرّمة : أورشليم - مدينة السلام الموعودة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          حمى الرحمن مكة المكرمة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          من هو هذا العطشان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القس روفائيل حبيب يشهد بنبوة الرسول الخاتم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الحجر الأسود و عين زمزم في كتابات مفسري التوراة من اليهود (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه كان دائماً و أبداً مع إسماعيل و نسله (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه يبارك رسول الإسلام محمد (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأدفنتيست يبشّرون بالإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Prières sur le Mont Arafat :moment fort du hajj (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يعظم المسلمون الكعبة المشرفة ؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كذبوا فقالوا : بعد أيام سيحلّ يوم أكبر مذبحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Arrêtez le génocide ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Arafat : el monte de la misericordia (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          هل يشمل العهد الإبراهيمي إسماعيل و نسله ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 16.08.2010, 16:38
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي




عبد الرحمن الأوزاعي .. العالم المرابط


قال محمد بن عجلان: "لم أرَ أحداً أنصح للمسلمين من الأوزاعي.." كان إذا وعظ الناس لم يبق أحد في مجلسه إلا بكى بعينه أو قلبه، ما رؤي ضاحكاً مقهقهاً ولا باكياً في مجلسه قط، وكان إذا خلا بكى حتى يُرحَم..

أفتى وله من العمر خمس وعشرون سنة.. ولم يزل يفتي حتى مات رحمه الله، وقد أفتى في سبعين مسألة بحدثنا وأخبرنا..

حياته ومولده

هو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد، أبو عمرو الأوزاعي، نسبة إلى محلة "الأوزاع" قرية خارج باب الفراديس من قرى دمشق. ولد بمدينة بعلبك سنة ثمان وثمانين للهجرة، ونشأ بالبقاع يتيماً في حجر أمه التي كانت تنتقل به من بلد إلى بلد. تأدّب بنفسه، فلم يكن من أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع، ولا أعلم، ولا أفصح، ولا أحلم، ولا أكثر صمتاً منه. ما تكلم بكلمة إلا كان المتعين على من سمعها من جلسائه أن يكتبها عنه من حسنها، كما قال ابن كثير رحمه الله.

سكن بيروت مرابطاً إلى أن مات فيها سنة سبع وخمسين ومائة للهجرة، وعمره يومذاك سبع وستون سنة..

سمع جماعات من التابعين، كعطاء بن أبي رباح، وقتادة، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن المنكدر، والزهري..

وحدث عنه جماعات من سادات المسلمين، كمالك بن أنس، والثوري،والزهري، وهو من شيوخه، وأثنى عليه غير واحد من الأئمة. قال النووي رحمه الله: "وقد أجمع العلماء على إمامة الأوزاعي وجلالته وعلو قدره وكمال فضله..".

وقال أبو عمرو الشامي الدمشقي: "الأوزاعي إمام أهل الشام في عصره بلا مدافعة ولا مخالفة".

وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "كان الأوزاعي إماماً يقتدى به".

أما سفيان بن عيينة فقال: "كان الأوزاعي إمام أهل زمانه".

كان رحمه الله كثير العبادة، حسن الصلاة، حتى قال في حقه الوليد بن مسلم: "ما رأيت أحداً أشد اجتهاداً من الأوزاعي في العبادة". وكان رحمه الله يقول: "من أطال القيام في صلاة الليل هوّن الله عليه طول القيام يوم القيامة" أخذ ذلك من قوله تعالى: (ومن الليل فاسجدْ له وسبحه ليلاً طويلاً. إنّ هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً) [الإنسان: 26-27].

كما كان، رحمه الله، إلى جانب زهده وورعه كريماً سخياً، لم يمسك شيئاً، ولم يترك يوم مات سوى سبعة دنانير كانت جهازه، وكان ينفق كل ما يأتيه في سبيل الله، وفي الفقراء والمساكين عدا عن كونه شديد التمسك بالسنة، فهو القائل: "العلم ماجاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم.. عليك بآثار السلف وإن رفضك الناس،وإياك وأقوال الرجال وإن زخرفوه وحسنوه، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم.. اصبر على السنة، وقف حيث وقف القوم،وقل ما قالوا، وكفّ عما كفوا، وليسعك ما وسعهم..".

إلى جانب كونه قائماً بالحق لا يخشى في الله لومة لائم،وقد روي عن والي بيروت عند وفاه الأوزاعي رحمه الله قوله: "رحمك الله يا أبا عمرو، فقد كنتُ أخافك أكثر ممّن ولاّني" أي: الخليفة.

وهو القائل: " لا يجتمع حب عثمان وعلي رضي الله عنهما إلا في قلب مؤمن.. وإذا أراد الله بقوم شراً فتح عليهم باب الجدل وسدّ عنهم باب العلم والعمل..".

مواقف خالدة

"فلا تحل لك إلا بطريق شرعي"..

لما دخل عبد الله بن علي، عم السفاح العباسي، دمشق بعد القضاء على الدولة الأموية، طلب الأوزاعيَ الذي يحدثنا فيقول: دخلتُ عليه وهو على سرير وفي يده خيزرانة، والمسوّدة علي يمينه وشماله، معهم السيوف مسلطة، فسلمتُ عليه، فلم يردّ، ونكت بتلك الخيرزانة التي في يده، ثم قال: يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد، أجهاداً ورباطاً هو؟ فقلتُ: أيها الأمير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرء ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". فنكت بالخيزرانة أشد مما كان ينكت، ثم قال: يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية؟ فقلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة". فنكت بالخيزرانة أشد من ذلك وقال: ما تقول في أموالهم؟ فقلتُ: إن كانت في أيديهم حراماً، فهي حرام عليك أيضاً، وإن كانت لهم حلالاً، فلا تحل لك إلا بطريق شرعي.. فنكتَ أشد مما كان ينكت من قبل، ثم قال: ألا نولّيك القضاء؟ فقلتُ: إن أسلافك لم يكونوا يشقون علي في ذلك، وإني أحب أن يتم ما ابتدؤوني به من الإحسان. فقال: كأنك تحب الانصراف؟ قلت: إن ورائي حرماً، وهم محتاجون إلى القيام عليهن وسترهن، وقلوبهن مشغولة بسببي... فأمرَني بالانصراف..

(ألاّ تزر وازرة وزرَ أخرى)

ذكر صاحب كتاب "الأموال" أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، وكذلك صاحب "فتوح البلدان" البلاذري وغيرهما من المؤرخين، ما أقدم عليه نفر من أهل الذمة -النصارى- في جبل لبنا أيام العباسيين من نكث للعهود وحمل للسلاح وإعلان للفتنة والتمرد، وكيف قضى على فتنتهم الوالي العباسي صالح بن علي بن عبد الله بن عباس،وكيف أقر من بقي منهم على دينهم وردّهم إلى قراهم، ثم كيف شرّد أهل القرى وأجلاهم عن قراهم رغم عدم اشتراكهم جميعاً في هذه الفتنة..

ويذكرون كيف أن إمام أهل الشام، الأوزاعي رحمه الله، لم يرضَ بما حلّ بهم، ولم يسكت عن هذا الظلم، فما كان منه إلا أن أرسل رسالة إلى الوالي يقول فيها: "... وقد كان من إجلاء أهل الذمة من أهل جبل لبنان، ممن لم يكن ممالئاً لمن خرج على خروجه، ممن قتلتَ بعضهم، ورددتَ باقيهم إلى قراهم ما قد علمتَ، فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة حتى يُخرَجوا من ديارهم وأموالهم؟ وحكم الله تعالى: (ألا تزرَ وازرة وزرَ أخرى)، وهو أحق ما وقف عنده واقتدى به.. وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: "من ظلم معاهداً أو كلَّفه فوقَ طاقته فأنا حجيجه" (أي: خصمه). وأصرّ على الوالي أن يبادر برفع هذا الظلم، وإزالة الحيف عن كاهل هؤلاء المظلومين مبيناً له ضرورة التزام مبادئ الإسلام مهما كانت الظروف.. ولقد استجاب الوالي وفعل ما طلبه الأوزاعي..

هذا على الرغم من أن الذين قاموا بالفتنة من هؤلاء النصارى نكثوا العهد، وكانوا على صلة بالبيزنطيين، يعملون لحسابهم، إضافة إلى ارتكابهم عمليات النهب والقتل وقطع الطريق وترويع الآمنين. يقول فيليب حتي اللبناني المتأمرك في كتابه (تاريخ سورية 2/165): ".. لجأت جماعة من نصارى الجبل إلى السلاح تفادياً لمصادرات جديدة تنزل بهم، منتهزين فرصة وجود الأسطول البيزنطي في مياه طرابلس، وانقضوا من قاعدتهم وانتهبوا عدداً من قرى البقاع، وكان يتزعمهم فتى قروي عظيم البنية، بلغ من جرأته وتهوره أن أقام نفسه ملكاً، لكن العصابة اللبنانية قيدت بعد حين إلى كمين قرب بعلبك، نصبته لهم فرقة فرسان عباسية وفتكت بهم.."

ولقد أوردتُ في هذا الجانب رواية فيليب حتي لأنه غير متهم بمعاداة هؤلاء بل بموالاتهم وحبهم والحدب عليهم.. ومع ذلك لم يقبل الأوزاعي، رحمه الله، ما لجأ إليه الوالي لكسر شوكتهم، احتياطاً وتحسباً لأمر قد يحدث مستقبلاً، فشردهم من القرى في الجبل وأسكتهم غيرها... وأصر عليه بضرورة التزام حكم الله عز وجل وإنفاذ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. "وقد بلغنا أن حكم الله عز وجل أن يؤخذ العامة بعمل الخاصة، ولكن يؤخذ الخاصة بعمل العامة، ثم يبعثهم الله على أعمالهم، فأحق الوصايا أن تحفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم".

موعظته للمنصور العباسي

اجتمع الأوزاعي بالمنصور العباسي حين دخل الشام - وكان الاجتماع استجابة لطلب المنصور، وبعد محاولات من الأوزاعي للتهرب- فوعظه وذكّره، وكان مما قاله: "يا أمير المؤمنين، إنك تحمل أمانة هذه الأمة، وقد عرضت على السموات والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنها وأشفقن منها.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من راع يبيت غاشاً لرعيته إلا حرّم الله عليه رائحة الجنة". يا أمير المؤمنين، من كره الحق فقد كره الله، إن الله هو الحق المبين، فأعيذك يا أمير المؤمنين أن ترى قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفعك مع المخالفة لأمره، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد، استوهبا نفسيكما من الله، فإني لا أغني عنكما من الله شيئاً". إنك عند الناس لحقيق أن تقوم فيهم بالحق، وأن تكون بالقسط فيهم قائماً، ولعوراتهم ساتراً، لِمَ تُغلِق دونهم الأبواب،ولِمَ تقم عليك دونهم الحجاب؟ يا أمير المؤمنين، إن أشد الشدة القيام لله بحقه، وإن أكرم الكرم عند الله التقوى.. إنه من طلب العز بطاعةالله رفعه الله، ومن طلبه بمعصية الله أذله الله ووضعه..

ولما استأذن الأوزاعي بالانصراف، أمر له المنصور بمال يستعين به على خروجه، فرفض الأوزاعي المال، وقال: أنا في غنى عنه، وما كنت لأبيع نصيحتي بعرض من الدنيا..
للمزيد من مواضيعي

 








توقيع جادي
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون




رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 16.08.2010, 16:41
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


فاتح إفريقية عقبة بن نافع
كان والده من المسلمين الأوائل الذين جاهدوا في سبيل الله، فلم يكن غريبًا أن يشب (عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري) وحب الجهاد يجري في عروقه، وتمنى أن يكون أحد أبطال مكة وفرسانها، تعلم المبارزة، وتدرب مع الشباب المسلم على حمل السلاح، وازداد عقبة حبًّا واشتياقًا للجهاد من سماعه لقصص البطولة التي قام بها المسلمون أثناء حروبهم ضد أعداء الإسلام، حكاها له ابن خالته (عمرو بن العاص).
ولما بلغ عقبة مبلغ الشباب أصبح يجيد المبارزة وكل فنون الحرب والقتال، منتظرًا اللحظة المواتية ليدافع عن دين الله، وجاءت الفرصة عندما أسند الخليفة العادل (عمر بن الخطاب) فتح بعض بلاد الشام إلى عمرو بن العاص، وجعل عمرو (عقبة بن نافع) في مقدمة الجيش وهو لم يبلغ بعد سن العشرين، وكان عقبة عند حسن ظن عمرو بن العاص، فقد أظهر مقدرة بطولية على اختراق صفوف الأعداء، ونجح نجاحًا كبيرًا في أول امتحان له في الجهاد في سبيل الله.
وفي أثناء فتح عمرو بن العاص لمصر أظهر عقبة تفوقًا ملحوظًا، واستطاع بمهارته الحربية أن يساعد عمرو بن العاص في هزيمة الروم، وكان كل يوم يمر على عقبة يزداد حبًّا للجهاد في سبيل الله، وشغفًا بنشر دين الإسلام في كل بقاع الأرض؛ حتى ينعم الناس بالأمن والعدل والرخاء، وظل عقبة بن نافع جنديًّا في صفوف المجاهدين دون تميز عن بقية الجنود، على الرغم من براعته في القتال وشجاعته التي ليس لها حدود في مقاتلة أعدائه، إلى أن كلفه عمرو بن العاص ذات يوم أن يتولى قيادة مجموعة محدودة من الجنود يسير بهم لفتح فزان (مجموعة الواحات الواقعة في الصحراء الكبرى شمال إفريقيا) .
وانطلق عقبة إلى (فزان) وكله أمل ورجاء في النصر على أعدائه، وعندما وصل عقبة إليها دارت معارك عنيفة بين البربر والمسلمين أظهر فيها عقبة شجاعة نادرة حتى فرَّ البربر من أمامه ورفعوا راية الاستسلام، وأراد عمرو بن العاص فتح إفريقية كلها، لكنه كان في حاجة إلى عدد كبير من الجنود، فبعث إلى الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستأذنه في فتحها، لكن الخليفة عمر -رضي الله عنه- كان من رأيه الانتظار عدة سنوات حتى يرسخ المسلمون في مصر وتثبت إمارتهم ويزداد جيش المسلمين ويقوى عدةً وعتادًا.
انتقل عقبة -رضي الله عنه- إلى برقة (منطقة في ليبيا) بأمر من عمرو بن العاص رضي الله عنه ؛ لِيُعَلِّمَ المسلمين فيها أمور دينهم، وينشر الإسلام في هذه المنطقة، ومكث -رضي الله عنه- مخلصًا في نشر نور الإسلام، وتدعيم شعائره في نفوس الذين أقبلوا على تعلم لغة القرآن .. فأسلم على يديه كثير منهم، وأحبوه حتى استطاع عقبة أن يكتسب خبرة واسعة بكل أحوال البربر.
وتمر الأيام والسنون وعقبة يواصل جهاده في سبيل الله، حتى كانت سنة (40هـ) وهي السنة التي تولي فيها معاوية بن أبي سفيان الخلافة، وعاد عمرو بن العاص واليًا على مصر، وحين أراد عمرو بن العاص أن يستكمل الفتوحات الإسلامية التي كان قد بدأها في برقة رأى أن خير من يقوم بهذه الفتوحات عقبة بن نافع؛ لإقامته بين البربر لسنوات عديدة، فأصبح من أكثر الناس معرفة بحياة البربر وعاداتهم وتقاليدهم.
وبدأ عقبة الجهاد في سبيل الله، ونشر الإسلام بين قبائل البربر، وكانت برقة آنذاك قد تغيرت معالمها بعد أن اعتنق أهلها الدين الإسلامي، وانتشرت المساجد في كل مكان فيها، وظل عقبة واليًا على برقة يدعو إلى الإسلام إلى أن جاءته رسالة من الخليفة يخبره فيها بأنه قد اختاره لفتح إفريقية وأن جيشًا كبيرًا في الطريق إليه، ووصل الجيش الذي أرسله الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان يبلغ عدده عشرة آلاف جندي، وكان في انتظاره جيش آخر من البربر الذين أسلموا فحسن إسلامهم.
انطلق عقبة بجيشه المكون من العرب والبربر يفتتح البلاد، ويقاتل القبائل التي ارتدت عن الإسلام دون أن يقتل شيخًا كبيرًا، ولا طفلاً، ولا امرأة، بل كان يعاملهم معاملة طيبة، حسب تعاليم الإسلام في الحروب، واستطاع عقبة أن يستولي على منطقة (ودان) وبعدها قام بالسيطرة على (فزان) ثم اتجه ناحية مدينة (خاوار) التي كانت تقع على قمة جبل شديد الارتفاع، فكان من الصعب على الجيش
أن يتسلقه، فوصل عقبة إلى أسوار المدينة، ولكن أهلها دخلوا حصونهم فحاصرها حصارًا شديدًا.
وهنا تظهر عبقرية عقبة الحربية، فحين علم أن دخول المدينة أمر صعب، تراجع بجيشه مبتعدًا عن المدينة، حتى ظن أهلها أن جيش المسلمين قد انسحب، ففتحوا أبواب مدينتهم آمنين، ولم يكن تراجع عقبة إلا حيلة من حيله الحربية، فقد علم أن هناك طريقًا آخر للوصول إلى هذه المدينة فسار عقبة فيه، ولكنه فوجيء بأن هذا الطريق لم يسلكه أحد من قبل وليس فيه عشب ولا ماء، وكاد جيش عقبة يموت عطشًا، فاتجه إلى الله يسأله ويدعوه أن يخرجه من هذا المأزق الخطير.
فما كاد ينتهي من دعائه حتى رأى فرسه يضرب الأرض برجليه بحثًا عن الماء من شدة العطش، وحدث ما لم يكن في الحسبان، فقد استجاب الله دعاء عقبة وانفجر الماء من تحت أقدام الفرس، وكبَّر عقبةُ ومعه المسلمون، وأخذوا يشربون من هذا الماء العذب، ولما شرب الجيش وارتوى؛ أمر عقبة جنوده بأن يحفروا سبعين حفرة في هذا المكان علَّهم يجدون ماء عذبًا، وتحققت قدرة الله وأخذ الماء يتفجر من كل حفرة يحفرها المسلمون، ولما سمع البربر المقيمون بالقرب من هذه المنطقة بقصة الماء أقبلوا من كل جهة يشاهدون ما حدث، واعتنق عدد كبير منهم الإسلام.
وانطلق عقبة ومعه جنوده إلى مدينة (خاوار) ودخلوها ليلاً، ولما عاد عقبة فكر في بناء مدينة يعسكر فيها المسلمون، فاختار مكانًا كثيف الأشجار يسمي (قمونية)
جيد التربة، نقي الهواء ليبني فيه مدينته التي أسماها فيما بعد (القيروان) فقال لأصحابه: انزلوا بسم الله.
وانشغل عقبة ببناء مدينة القيروان عن الفتح الإسلامي، وطلب (مسلمة بن مخلد الأنصاري) وكان واليًا على مصر والمغرب من الخليفة معاوية بن أبي سفيان عزل عقبة وتعيين (أبي المهاجر بن دينار) وبالفعل تمَّ عزله، وفي عهد الخليفة يزيد بن معاوية عاد عقبة إلى قيادة الجيش في إفريقية وأقام عقبة عدة أيام في القيروان يعيد تنظيم الجيش حتى أصبح على أتم الاستعداد للغزو والفتح، ثم انطلق إلى مدينة الزاب (وهي المدينة التي يطلق عليها الآن اسم قسطنطينة بالجزائر) يسكنها الروم والبربر، والتحم الجيشان، وأظهر عقبة في هذه المعركة شجاعة نادرة، فكان يحصد رءوس أعدائه حصدًا، أما الجنود المسلمون فقد استبسلوا في القتال حتى تم لهم النصر بإذن الله تعالى، واستراح عقبة بن نافع وجيشه أيامًا قليلة، ثم أمر الجيش بالانطلاق إلى (طنجة) في المغرب الأقصى فدخلوها دون قتال، حيث خرج ملكها (يليان) لاستقبال جيش المسلمين وأكرمهم ووافق على كل مطالبهم.
وظل عقبة يجاهد في سبيل الله يتنقل من غزو إلى غزو ومن فتح إلى فتح حتى وصل إلى شاطئ المحيط الأطلنطي، فنزل بفرسه إلى الماء، وتطلع إلى السماء وقال:
يا رب .. لولا هذا المحيط لمضيت في البلاد مدافعًا عن دينك، ومقاتلاً من كفر بك وعَبَدَ غيرك..
وظن القائد البطل عقبة بن نافع أن البربر مالوا إلى الاستسلام وأنهم ليس لديهم استعداد للحرب مرة أخرى، فسبقه جيشه إلى القيروان، وبقي هو مع ثلاثمائة مقاتل في مدينة طنجة ليتم فتح عدد من الحاميات الرومية، ولما علم بعض أعداء الإسلام من البربر أن عقبة ليس معه إلا عدد قليل من رجاله، وجدوا الفرصة ملائمة للهجوم عليه، وكان على رأس هؤلاء البربر (الكاهنة) ملكة جبال أوراس (سلسلة جبال بالجزائر) وفوجئ البطل عقبة بن نافع عند بلدة (تهودة) بآلاف الجنود من البربر يهجمون عليه فاندفع بفرسه متقدمًا جنوده يضرب الأعداء بسيفه، متمنيًا الشهادة في سبيل الله، حتى أحاط البربر به وجنوده من كل جانب، فاستشهدوا جميعًا، واستشهد معهم (عقبة بن نافع) فرحمه الله رحمة واسعة، جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين.
وكان استشهاد عقبة في مدينة تهودة سنة 64هـ (من أرض الزاب) بعد أن خاض كثيرًا من المعارك، وذاق حلاوة النصر، ورفع راية الإسلام، ويُعَد استشهاد عقبة هزيمة عسكرية لكنه كان نصرًا رائعًا للإيمان، وتناقلت الألسن ملحمة عقبة بن نافع الفارس المؤمن الذي حمل رسالة دينه إلى أقصى المعمورة، وأبى إلا أن يستشهد بعد أن حمل راية دينه فوق الثمانية آلاف كيلو متر.





المزيد من مواضيعي
رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
والاسلامي, التاريخ, العربي, شخصيات


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
شخصيات عربية ضرب بها المثل طائر السنونو أقسام اللغة العربية و فنون الأدب 14 22.08.2010 11:36
سلسلة نقد الذات (1) شخصيات إنترنتية ابن عباس القسم الإسلامي العام 5 21.07.2010 12:55
شخصيات تستاهل الباونص sef_allah_2010 غرف البالتوك 0 05.07.2010 20:00
شخصيات لا تُنسى خادم المسلمين التاريخ والبلدان 1 30.04.2009 23:40



لوّن صفحتك :