|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() ضوابط القتال في المعركة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير على سياسة التأليف بين الناس ما أمكن التأليف، وكان يأمرجنوده وهم في القتال أن يحرصوا على التأني بدل التقتيل والفتك، وجاء في ذلك أنه قال لجنده: «إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم أدعهم إلى الإسلام».[14] هي إذن حرب رفيقة تتسم بالتأني، وتتسم بالمحافظة حتى على الأعداء، وأحب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوه بهم سالمين قد عمر الإيمان بالحق قلوبهم من أن يأتوا إليه بالنساء والذرية سبايا، فليست حربا وحشية، بل هي حرب نبوية. وإن بين أيدينا وصيتين إحداهما للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأخرى لخليفته، ومنهما يتبين قانون الحرب الإسلامية في ميدان القتال: أما الوصية الأولى: فهي قول النبي صلى الله عليه وسلم:«سيروا باسم الله في سبيل الله، وقاتلوا أعداء الله، ولا تغلوا[15]، ولا تغدروا، ولا تنفروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا».[16] ويقول لخالد بن الوليد: «لا تقتل ذرية ولا عسيفا»[17] [18]. أما الوصية الثانية: فقد جاء «عن أبي بكر الصديق أنه بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر: "إما أن تركب وإما أن أنزل"، فقال أبو بكر: "ما أنت بنازل، وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله". ثم قال له: "إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قوما فحصوا عن - أي حلقوا - أوساط رؤوسهم من الشعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف، وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن» [19]. ما يحل وما لا يحل في القتال: هذه الوصايا التي نطق بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ونطق بها خليفته وصديقه من بعده تصرح لنا بقانون الميدان، وبالقيود التي يقيد بها المقاتل في الميدان، حتى لا يكون في سيفه رهق، وحتى لا يصاب غير مقاتل. وإن الأساس في هذه الوصايا أنه لا يقتل في الميدان إلا من يقاتل بالفعل، أو يكون له رأي وتدبير في القتال، وأن الأساس في القتال هو رد الاعتداء، وكسر شوكة الأعداء، وليس القتل انتقاما، بل هو منع للظلم؛ ولذلك لا تخريب، ولا هدم، ولا إتلاف، ولا تمثيل بالقتلى، ولنذكر بعض هذه الأمور التي نهى عنها خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتباعا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - واقتداء به - صلى الله عليه وسلم - فيما أمر ونهي. منع قتل رجال الدين: أول ما نهى عنه أبو بكر هو قتل رجال الدين؛ ذلك أنه أرسل جنده إلى الشام التي كانت بها الأرض المقدسة، والتي بها المعابد التي عكف عليها العباد، فكان لا بد من أن يمنعه من أن يمتد سيفه إلى أولئك الذين انصرفوا للعبادة، فليس لهؤلاء شأن بالقتال، وقد قسم الصديق الرجال الذين يتسربلون بسربال الدين إلى قسمين: أحدهما: أولئك الذين التزموا بدور العبادة لا يقتلون ولا يقاتلون، وليس لهم رأي في القتال ولا تدبير ولا مكيدة فيه، وأولئك لا يقتلون باتفاق جمهور الفقهاء، ويقول السرخسي في تعليل ذلك: "إن المبيح للقتل شرهم من حيث المحاربة، فإذا أغلقوا الباب على أنفسهم اندفع شرهم مباشرة وتسبيبا، فأما إذا كان لهم رأي في الحرب وهم يصدرون عن رأيهم فإنهم يقتلون". والقسم الثاني: من تسربلوا بسربال الدين ظاهرا لا باطنا، وقد وصفهم الصديق بأنهم حلقوا أوساط رؤوسهم، وتركوا من شعورهم ما يشبه العصائب، وهؤلاء قرر أنهم يقتلون، وجاء أنه قال فيهم: "فاضربوا مقاعد الشيطان"، ولماذا خص الصديق هؤلاء بالقتل؟ لقد أجمع كتاب السير والفقهاء على أن هؤلاء كانوا يشتغلون فعلا بالقتال، وهم الذين كانوا يحرضون على المؤمنين، ويظهر من وصفهم أنهم كانوا من الرومان المتحكمين في رقاب أهل الشام باسم الدين، والذين كانوا يحاولون فرض المذهب الروماني على أهل المشرق، وأذاقوهم في ذلك الوبال، وهم لا يكفون عن القتال دفاعا عن الرومان. وإنه يتبين من هذا أن المؤمنين في ميدان القتال يؤمنون بحق كل متدين في القيام بعبادته، وإنهم ليحمون اعتقاده، وإن كانوا لا يؤمنون به، وإن احترام حرية التدين ليبلغ بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يزيل التراب بيده عن هيكل لليهود قد طمس الرومان معالمه، حتى أصبح لا يرى إلا أعلاه، وذلك أن عمر - رضي الله عنه - عندما ذهب إلى إيليا ليعقد الصلح مع أهلها سنة 16 من الهجرة النبوية، نظر ووراءه جيشه إلى بناء بارز قد ظهر أعلاه وطمس أكثره، فسأل ما هذا؟ قالوا: هيكل لليهود قد طمسه الرومان بالتراب، فأخذ من التراب بفضل ثوبه وألقاه بعيدا، فصنع الجيش صنيعه، ولم يلبثوا إلا قليلا حتى بدا الهيكل وظهر. منع قتل الأطفال والشيوخ والنساء: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الأطفال والشيوخ والنساء؛ لأن هؤلاء ضعفاء لا يقاتلون ولا رأي لهم في قتال، وإن ذلك منبعث من نظرية الحرب الإسلامية نفسها، وهي أن القتل ليس إلا دفعا للاعتداء ومنعا للأذى، ولقد مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد المعركة يتفحص القتلى، فرأى امرأة مقتولة فغضب وقال: «هاه، ما كانت هذه لتقاتل، أدرك خالدا فقل له لا تقتلن عسيفا ولا ذرية».[20] ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يغضب أشد الغضب، إذا علم أن جنده قتلوا صبيا أو طفلا، ولقد بلغه قتل بعض الأطفال فوقف يصيح في جنده: «ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتى قتلوا الذرية، ألا لا تقتلوا ذرية. ثلاثا»[21]. إن الاعتداء لا يتصور من الذرية الضعاف فكيف يحملون وزر اعتداء غيرهم، وليست حرب الإسلام لإفناء الأعداء، إنما هي لمنع الاعتداء، ولا يصح أن يتجاوز القتال البواعث الذي بعثت عليه. وأما الشيوخ فهم قسمان: قسم يدير الحروب ويشير بالرأي، وقسم لا يقدر على ذلك، وليس من شأنه هذا، وهذا القسم الأخير لا يباح قتله، لعدم توفر الأسباب الموجبة للقتال بالنسبة إليه، أما القسم الأول فإنه يباح قتله؛ لأنه مقاتل برأيه وتدبيره ومكايده في الحروب، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل دريد بن الصمة في حنين، وكان قد بلغ العشرين بعد المائة، ولكن كان فيه وعي وله رأي، وقد أشار عليهم فعلا في هذه الغزوة، فكان مقاتلا بهذا الرأي. منع قتل العمال: تكرر نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل العسفاء، وهم العمال الذين لا يحاربون، وليس لهم في الحروب يد ولا عمل؛ وذلك لأن هؤلاء لا يقاتلون، والحرب محصورة في دائرة من يقاتل لا تخرج عنه؛ ولأن القتال ليس قتالا للشعوب، إنما هو دفع لقوى الشر والفساد، وهي في الذين يحملون السيوف ويقاتلون، أو يدبرون ويرسمون الخطط؛ لأن العمال الذين عكفوا على الزرع أو العمل اليدوي هم بناة العمران ودعائمه، والحرب الإسلامية ليست لإزالة العمران، إنما هي لدفع الفساد في الأرض؛ ولأن هؤلاء العمال هم الذين كانوا مستضعفين تحت سلطان الملوك الغاشمين، فهم فريسة الظلم؛ فلا يصح أن يكونوا وقود الحرب، يكتوون بنارها، وليسوا من جناتها. منع التخريب: جاء النهي عن التخريب وعن قطع الشجر وعن قطع النخل وحرقه صريحا في وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومع ذلك فقد اختلف الفقهاء في جواز قطع الشجر وإحراق النخل، فالأوزاعي منع قطع الشجر والثمر والتخريب أخذا من ظاهر هذا النص، وكلام الصديق حجة؛ لأنه لا يمكن أن يقوله من غير أصل يعتمد عليه من الهدي النبوي، وهو الذي لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - طوال مدة البعثة وقبلها، فكلامه في هذا له مكانته؛وهذا إذا لم تكن هناك ضرورة حربية لذلك، أما إذا كانت هناك ضرورة حربية؛ كأن يتحصن المحاربون بحصن ولا سبيل للانتصار إلا بدكه، أو تكون الأشجار غابة كثيفة ويستتر وراءها الأعداء ويكمنون للمسلمين بها، فإنه في هذه الحال يجوز لهم قطعها ليخلص لهم وجه العدو ويدفعوا أذاه. والخلاصة التي انتهينا إليها من مراجعة الشريعة في مصادرها ومواردها هي: أن الأصل هو عدم قطع الشجر والزرع والثمر؛ لأن الغرض من القتال ليس إيذاء الرعية، ولكن دفع أذى الراعي الظالم، وبذلك وردت الآثار، ولكن إذا تبين أن قطع الشجر وهدم البناء ضرورة حربية لا مناص منها، كأن يستتر العدو به، ويتخذ منه وسيلة لإيذاء الجيش الإسلامي، فإنه لا مناص من قطعه أو هدمه على أنه ضرورة من ضرورات القتال، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في حصن ثقيف. رد الاعتداء والمعاملة بالمثل مع التقوى والتمسك بالفضيلة: انتهينا إلى أن الباعث على القتال هو دفع الاعتداء، وأن ذلك الباعث يعين من يجوز قتله ومن لا يجوز، ويعين ما يسوغ للقواد أن يفعلوه وما لا يسوغ، وما دام القتال لرد الاعتداء المسلح بمثله ولحماية الحريات الدينية، فإن القاعدة العامة في حرب المسلمين مع أعدائهم هي المعاملة بالمثل، فالجيش المسلم يعامل جيش العدو بمثل ما يعامل به، فإذا استرق العدو أسرى المسلمين استرق المسلمون أسرى العدو، وإذا استعمل العدو سلاحا معينا في الميدان، كان للجيش المسلم أن يستعمل السلاح نفسه... وهكذا. ولكن إذا كان العدو منطلقا من كل القيود الخلقية، لا ينطلق المسلمون من تلك القيود؛ ولذلك كان الأمر بالتقوى ثابتا مقررا بجوار الإذن برد الاعتداء بمثله، فقد قال عز وجل: )فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (194)( (البقرة)، وتقوى الله - عز وجل - قوامها الاستمساك بالفضيلة، فالمعاملة بالمثل يجب أن تكون في دائرة الفضيلة الإنسانية، واحترام الكرامة للإنسان لذات الإنسان، فإذا كان الأعداء يمثلون بالقتلى من المسلمين، فإنه لا يسوغ للمسلمين أن يمثلوا بالقتلى؛ ولذا جاء عن عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن النهبة والمثلة».[22] ولقد مثل المشركون في غزوة أحد بعم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة بن عبد المطلب، وقد حز في نفسه - صلى الله عليه وسلم - مقتله والتمثيل بجثته، ومع ذلك لم يفكر - صلى الله عليه وسلم - في أن يمثل بأحد من قتلاهم فيما جاء بعد ذلك من حروب. وإذا كان الأعداء يقتلون الشيوخ والضعاف، فإنه لا يباح لجيش الإيمان أن يقتلهم، وإذا كان الأعداء يعذبون الأسرى من المسلمين بالجوع والعطش، فإنه لا يباح لجيش الإسلام أن يعذب بالجوع والعطش، وإذا كان الأعداء يقتلون الأسرى، فإنه لا يجوز لجيش محمد الكريم - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل الأسرى بعد أن يثخن في الأرض. وإن الإسلام قد بالغ في إكرام الأسرى، حتى إن نصوص القرآن تعد إطعام الأسير من أكرم البر، وتذكر أنه صفة من صفات المؤمنين، فيقول سبحانه في صفات المؤمنين الأبرار: )ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8)( (الإنسان)، وكأن الأسير يكون في ضيافة، لا في أسر يؤدي إلى الرق. ولقد كان القواد الذين يأخذون بهدي الإسلام في حروبهم يكرمون الأسرى ولا يجيعونهم، وإن التاريخ قد سجل هذا لصلاح الدين الأيوبي عندما كان يحارب الصليبيين، فقد أسر عددا ضخما من جيوش الفرنجة، ولكن لم يجد عنده طعاما يكفيهم، فأطلق سراحهم جميعا، ولما تكاثفوا وكونوا من أنفسهم جيشا يقاتله، رحب بذلك، ورأى أن من الخير أن يقتلهم في الميدان محاربين، ولا يقتلهم في الأسر جائعين، وكانت المفارقة كبيرة بينه وبين قائد الفرنجة عندما استسلم له جماعة من المسلمين بشرط ألا يقتلهم، فقبل الشرط ثم قتلهم جميعا، ويقول في ذلك جوستاف لوبون: "كان أول ما بدأ به ريكارد أنه قتل صبرا أمام معسكر المسلمين ثلاثة آلاف أسير مسلم، سلموا أنفسهم إليه بعد أن أعطاهم عهدا على نفسه بحقن دمائهم، ثم أطلق لنفسه العنان باقتراف هذا القتل والسلب، وليس من الصعب أن يتمثل المرء درجة تأثير تلك الكبائر في صلاح الدين النبيل الذي رحم نصارى القدس، فلم يمسهم بأذى، والذي أمد فيليب وقلب الأسد بالمرطبات والأزواد في أثناء مرضهما، فقد أبصر الهوة السحيقة بين تفكير الرجل المتمدين وعواطفه، وتفكير الرجل المتوحش ونزواته. ولسنا نوازن بين عمل صلاح الدين هذا، وبين عمل نابليون لما أسر طائفة كبيرة من أهل الشام عند إرادته فتح عكا، ولما لم يجد لهم قوتا حصدهم جميعا حصدا بمدافعه.. لسنا نوازن بين عمل القائد الكردي المتدين النابغة الذي هزم جميع أعدائه في ميدان القتال، وبين من يعدونه نابغة الحروب في العصر الأخير؛ لأن الموازنة تقتضي قدرا مشتركا بين العملين يرجح فيه أحدهما على الآخر، ولا شيء من ذلك في هذا، فلا يوازن بين النور والظلمة، ولا بين الفضيلة والرذيلة، ولا بين البطولة والنذالة، ولا بين الإنسانية الكريمة والوحشية غير المحكومة بدين أو خلق. ومن المقررات الشرعية أنه إذا كان العدو ينتهك الأعراض، فإن جيش الفضيلة لا يعامله بمثلها؛ لأن الأعراض حرمات الله - عز وجل - لا تباح في أرضه، ولا يختلف التحريم فيها باختلاف الأشخاص أو الأجناس أو الأديان. ولقد بالغ الإسلام في الحث على الابتعاد عن المحرمات في أرض العدو، وقرر الفقهاء أن الربا كما لا يحل مع المسلمين لا يحل من المخالفين، ولا يحل مع المقاتلين، فإنه أكل لأموال الناس بالباطل، وأكل أموال الناس بالباطل غير جائز في الحرب كما هو غير جائز في السلم. وقد يقول قائل: إن هذه صور مثالية للحروب، وهي بلا شك حروب نبوة، وليست حروبا تستمد نظمها من الطبائع البشرية الأرضية.. ولكن هل كان القواد المسلمون يلتزمون ذلك في كل حروبهم؟ ونحن نقول: إن ما نقوله هو الوصايا الخالدة، والأحكام القطعية السرمدية، ولا يغض من قيمتها أن يخالفها بعض القواد من المسلمين، وليست أعمال هؤلاء القواد حاكمة على القواعد الدينية المقررة، بل إن الواجب أن تكون أعمال هؤلاء القواد خاضعة لهذه القواعد، ولا يخرج القانون عن كونه فاضلا مخالفته في قليل أو كثير. للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
الرد على إدعاء أن الإسلام دين حرب و ليس دين سلام
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
الشهاب الثاقب
المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :2 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الضوابط بعد انتهاء القتال: تكريم الإنسانية مع ما في الحرب من استباحة الأنفس وإراقة الدماء: وإنه من الغرابة أن تكون الإنسانية مكرمة في الحروب، وقد استبيحت فيها الأنفس وأريقت الدماء، ولكن لا غرابة فإنه قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان لدفع الاعتداء، والمعاملة بالمثل مع التمسك المطلق بالفضيلة، لا يحيد عنها قيد أنملة؛ ولذا كان حريصا فيه على احترام الكرامة الإنسانية، ونهى عن التمثيل بالقتلى فلا تشوه أجسامهم بعد القتل، ولا تقطع رؤوسهم وتحفظ في دور الملوك على أنها تحف إنسانية تدل على الوحشية الآدمية ممن يفعلون؛ ولذا «نهى - صلى الله عليه وسلم - عن النهبة والمثلة».[23] وقد كان المجاهدون من أصحاب النبي أتباعا لهديه لا يمثلون بالقتلى، ولو كان الأعداء يمثلون كما أشرنا، ولم يجاروهم فيما يفعلون؛ لأن الفاضل لا يعد فاضلا إذا جارى الأرذلين فيما يفعلون. وكان ينهى عن القتل بالجوع والعطش، فإن ذلك ليس من تكريم الإنسانية، ولو فعل العدو ذلك لا يجاريه؛ لأن المجاراة لا تكون في أحط الرذائل، ونهى عن تعذيب الجرحى، بل كان يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة»[24]. وإنه في سبيل احترام الكرامة الإنسانية والفضيلة كان ينهى عن سلب أموال غير المقاتلين، فإن الكرامة وصف للمقاتل في ميدان القتال، كما هي وصف له في أزمان السلم، وإذا كان السلب والنهب غير لائق من الإنسان الكريم دائما، فإنه لا يصح أن يسلب في الحرب؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا»[25]. وإنه - والحرب قائمة عنيفة - نهي عن ضرب الوجوه وتشويهها؛ ذلك لأنه ليس من حسن القتلة، وليس من المروءة، وهو اعتداء على الكرامة الإنسانية؛ إذ الوجه هو مجمع المحاسن الإنسانية، وإنه في سبيل المحافظة على الكرامة الإنسانية لا تترك جثث القتلى تنهشها السباع، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع جثث قتلى بدر في القليب، حتى لا تنهشها الذئاب، أو سباع الأرض أو الطير؛ وذلك لأنه إذا كان قد نهى عن المثلة بأيدي المحاربين أهل العدل، يجب حماية أجسامهم من أن يمثل بها حيوان مفترس، أو تنقض عليها سباع الطرق تمزقها. ولقد نهى - صلى الله عليه وسلم - احتراما لمعنى الإنسانية - عن تعذيب الجرحى؛ لأن ذلك ليس من حسن القتال في شيء كما ذكرنا، وإن قعدت قوة المجروح عن المقاومة لا يسوغ قتله، بل يبقى ليؤسر، أو يفدى أو يمن عليه، وذلك لاحترام الإنسانية؛ ولأن القتال ليس القصد منه إلا كسر شوكة العدو فلا يعتدي، هذا، وإن احترام الكرامة الإنسانية ليبدو على أكمله في معاملة الأسرى. الوصية بالأسرى خيرا والرفق بهم: ولأن الإسلام يحافظ على الكرامة الإنسانية في الحروب، ولأنه لا يريد بالحرب إلا رد الاعتداء - دعا إلى الرفق بالأسرى، ولم يعرف التاريخ محاربا رفيقا بالأسرى مثل المسلمين الأولين الذين اتبعوا أوامر دينهم، فالوصايا التي دعت إلى الرفق بالأسرى في النصوص الدينية كثيرة؛ وذلك لأن الأسرى يقبض عليهم ونيران الحرب ملتهبة في الميدان ومشبوبة في قلوب المقاتلين، والغيظ قد يتحكم فيندفعون إلى الأذى يلحقونه بأولئك الذين عنت رقابهم، ويشفون غيظهم فيهم؛ ولذا حرض - صلى الله عليه وسلم - على الرفق بالأسرى، فقال: «استوصوا بالأسارى خيرا»[26]. وقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسرى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الطعام، وكأن أولئك الأسرى لم يؤخذوا بالنواصي والأقدام في ميدان الحرب، وكأنهم لم يلقوا السلاح حتى شدوا بالوثاق، ولكنها سماحة الإسلام، واحترامه لكرامة الإنسان ودمه، لا يستبيح كرامة الإنسان، ولا يستبيح دمه إلا لرد الاعتداء. ولقد تعلم المجاهدون المسلمون بهذا نوعين من الجهاد: أولهما: جهاد في ميدان القتال، وذلك بأن يبيعوا أنفسهم لله وللحق الخالص. وثانيهما: جهاد النفس فلا تسترسل في الغضب، بل تقاتل من يقاتلها بالرفق لا بقانون الغابة، وهم في ذلك آخذون بقوله - عز وجل - في ساعة النصرة: )خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199)( (الأعراف). إعطاء الأمان لرعايا الأعداء وأموالهم: قلنا: إن الباعث على القتال في الإسلام هو رد الاعتداء، وأنه مقصور على الميدان؛ ولذلك كانت الحروب الإسلامية ليست حروبا مع الشعوب، إنما هي حروب مع المتغلبين المسيطرين عليها الذين اتخذوا من القوة المسلحة أداة للاعتداء على الحق وإرهاق رعاياهم. ولذلك لا تنقطع العلاقة بين المسلمين والرعايا إذا كان الاتصال بها في دائرة الإمكان، فلا يكون من المسلمين ما يقع الآن من غيرهم في الحروب، فإنه بمجرد أن تقوم الحرب الآن بين الدول - فأول ما تعمله الدولة المحاربة هو أن تعتقل رعايا الدولة التي تحاربها إذا كانوا في أرضها تجارا قد منحوا حق الإقامة مدة طالت أو قصرت؛ وقد أقرت قوانين هذا الزمان ذلك، كما أقرت مصادرة أموالهم واحتجازها. أما الإسلام فإنه لا يرتضي ذلك ولم يصنعه، بل إنه يقرر أن العلاقة التجارية بين الشعوب لا تقطعها الحرب؛ ولذلك يقرر أن الذين يدخلون الديار الإسلامية من التجار مستأمنين، وقد أعطوا عقد الأمان، يستمر أمانهم وإن كانوا منتمين لدولة معادية، بل لدولة نشبت بينها وبين المسلمين الحرب، فيزاولون تجارتهم وأعمالهم، وتكون أموالهم مصونة محترمة لا تمس، ما داموا قائمين بحق الأمان الذي أعطي لهم، والعهد الذي تعاهدوا عليه، فلا يقيدون بقيد إلا الشروط التي أخذت عليهم، ولقد قال السرخسي في (المبسوط) في أموالهم بعد نشوب الحرب: "أموالهم صارت مصونة بحكم الأمان، فلا يمكن أخذها بحكم الإباحة". بل إن الإسلام لحرصه على أموال التجار الذين دخلوا بعقد أمان يقرر أن مال التاجر المستأمن يستمر على ملكه، ولو عاد إلى دار الحرب وحمل السلاح محاربا المسلمين، واقرأ ما كتبه ابن قدامة في المغني، فقد قال: "إذا دخل حربي دار الإسلام بأمان، فأودع ماله مسلما أو ذميا، أو أقرضهما إياه، ثم عاد إلى دار الحرب نظرنا.. فإن دخلها تاجرا أو رسولا أو متنزها أو لحاجة يقضيها ثم يعود إلى دار الإسلام، فهو على أمانه في نفسه وماله؛ لأنه لم يخرج عن نية الإقامة بدار الإسلام، فأشبه الذمي إذا دخل لذلك، وإن دخل مستوطنا بطل الأمان في نفسه وبقي في ماله؛ لأنه بدخوله دار الإسلام بأمان ثبت الأمان لماله، فإذا بطل في نفسه بقي في ماله، لاختصاص المبطل بنفسه، فيختص البطلان به. وبهذه الأحكام وأشباهها تثبت تلك الحقيقة المقررة الثابتة، وهي أن الإسلام لا يستبيح الدماء إلا في ميدان القتال، ولا يستبيح الأموال أيضا إلا في ميدان القتال؛ لأن القتل لرد الاعتداء، فلا تتجاوز الإباحة فيه إلى غير موضع الاعتداء، وفي غير ميدان القتال، فالحرمات كلها محترمة مصونة لا يضيع حق، ولا يذهب مال، ولا يؤكل بالباطل ما دام المال لم يؤخذ في ميدان القتال. والأمن ثابت للذين لا يقاتلون، فلا يزعجون في أنفسهم ولا في أموالهم، والمتاجر تسير في طريقها فلا تجويع، ولا منع للقوت عن الشعوب التي لا رأي لها في القتال، وليس لها فيها ناقة ولا جمل. فالإسلام ما كان يحارب الرعايا، إنما كان يحارب الملوك الذين كانوا يرهقون الشعوب، ويفرضون إراداتهم الظالمة على تلك الشعوب بقوة الجند الذين كانوا ضد هذه الشعوب. تنتهي الحرب مع الدولة المحاربة كليا بعد معاهدة يتفق الطرفان فيها على إنهاء القتال؛ وذلك لأن القصد من القتال قد تحقق، وهو منع الاعتداء، وقد أمن الاعتداء بأخذ العهد، فلا قتال من بعده، وقد أمرنا بالوفاء بالعهد، فقد قال عز وجل: )وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا (34)( (الإسراء)، وقال عز وجل: )وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون (91)( (النحل). وإنه تجب العدالة عند كتابة العهد؛ ذلك لأن الإسلام يقصد في العهد إلى أمرين: الأول: حقن دماء الفريقين، ووقف المجزرة البشرية، فذلك مقصد من مقاصد الإسلام. الثاني: منع الفساد في الأرض ودفع الشر، والقتال كان على قدر هذه الضرورة، فإذا زالت، زال ما أوجب الحرب ولم يبق إلا المعاملة بالعدل، وقد أمر الإسلام بالعدل مع الأعداء كالعدل مع الأولياء، فقد قال عز وجل: )ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى( (المائدة:2). ولذلك يلاحظ عند كتابة المعاهدات في الإسلام أنها ليست بين غالب ومغلوب، تفرض فيها الغرامات الحربية التي ترهق الشعوب، وتضيق في القوت، وتفرض فيها الشروط المذلة، بل يكون الأمر فيها على قدم المساواة؛ وذلك لأن فرض الشروط المذلة نوع من الاعتداء، وقد نهى الإسلام عن الاعتداء نهيا مطلقا، فقال عز وجل: )ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190)( (البقرة)؛ ولأن المعاهدة عقد، وكل عقد في الإسلام يبنى على أساس التساوي بين الحقوق والواجبات، فيكون كل حق يوجبه العقد في مقابلة واجب يلتزمه صاحب الحق، وذلك ثابت في المعاهدات مثل سائر العقود. بل إن المعروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاهدة الحديبية أنه قبل التزامات في معاهدته لم يلتزمها المشركون مع أنه كان الغالب صاحب القوة، وكان معه من الجند والعتاد ما يستطيع أن يفرض به شروطا يلزم بها المشركين، وتكون في مصلحة المسلمين، ولكنه قبل أن يكون العهد فيه غبن عليه في نظير حقن الدماء ووقف القتال، فقد اشترطوا في هذه المعاهدة أن من خرج من مكة مسلما رد إليهم، ومن خرج من المدينة مشركا لا يرد إلى المسلمين، وقبل - صلى الله عليه وسلم - هذا الشرط، حتى إنه ليشق على المسلمين قبوله، ويقف عمر بن الخطاب غاضبا متعجبا قائلا: لماذا نقبل الدنية؟! ويتشرطون عليه في سبيل الصلح أن يعود وجيشه إلى المدينة ولا يدخلوا مكة لأداء الحج أو العمرة في هذا العام، وقد لبسوا ملابس الإحرام، فيقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ويشق هذا على المسلمين، فيأمرهم بالتحلل من الإحرام، وذبح ما ساقوه من هدي، فيمتنعون، فيغضب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فتشير عليه زوجه أم سلمة بأن يبدأ فينحر هديه، وإنهم ليتبعونه بعد ذلك، ويفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تشير به أم المؤمنين، فينقادون. ولما جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إلى مكة - وقد دانت له كثرة القبائل العربية؛ وبرها ومدرها - صاح أحد قواده: «اليوم يوم الملحمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة». [27] وعزل ذلك القائد عن قيادته، ولما أحيط بأهل مكة، ووجدوا جندا لا قبل لهم به، وصار الأمر فيها بيد النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب إليه أبو سفيان، فأشار علي بن أبي طالب عليه بوسيلة يترضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: «ائته من قبل وجهه فقل له: ما قال إخوة يوسف ليوسف عليه السلام: )قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين (91)( (يوسف)، فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه جوابا، ففعل ذلك أبو سفيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: )قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين (92)( (يوسف)»[28]. تلك هي حرب النبوة، وتلك معاهداتها، ولكن يجب أن نشير هنا إلى أمر يقع في الحرب الإسلامية قد حث عليه الإسلام، وهو إعطاء الأمان لأي مقاتل في الميدان، فإنه إذا طلب أي محارب من جند الأعداء الأمان من أي مسلم وأعطاه المسلم الأمان وحقن دمه، وصار لا يجوز لأي جندي أن يقتله وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم»[29]. وكانت إجازة هذا الأمان في ميدان القتال لمنع استمرار القتال جزئيا، كما يسعى الإسلام لمنعه كليا، وهذا الأمان يجوز لآحاد الجنود من الأعداء، كما يجوز للجماعات الكثيرة منهم، فيصح أن يعطى الأمان لجماعة، ولو كانوا في حصن قد اعتصموا به، ولهم أمانهم ما لم يعتدوا على المسلمين، ولم يخلوا بعهدهم فينقضوا بذلك حقهم في الأمان الذي أعطوه. وإن هذا ينبئ بلا ريب عن رغبة الإسلام في منع القتال ما أمكن المنع، فهو لا يقاتل إلا من يحمل السيف مقاتلا مهاجما، وهو قتال للضرورة كما قلنا، فإن ألقى سيفه وطلب الأمان أعطيه وكان ذلك عهدا له، ولا يعد بهذا الأمان أسير حرب، بل يعد ذميا إن استمر في الديار الإسلامية، له ذمة المسلمين، فله ما لهم وعليه ما عليهم. وإن إعطاء الأمان يتم ولو بالإشارة، بل اعتبروا من إعطاء الأمان كلمة: "لا تخف"، ولقد بلغ عمر بن الخطاب أن بعض المجاهدين يقول للمقاتل من الأعداء: لا تخف، ثم يقتله، فكتب إلى قائد الجيش: "إنه بلغني أن رجالا منكم يطلبون العلج،[30] حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع، فيقول له الرجل لا تخف، فإذا أدركه قتله، وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحدا فعل ذلك إلا ضربت عنقه". وإن توسيع دائرة الأمان دليل على رغبة الإسلام في الحد من دائرة القتال ما أمكن، وقد توسعوا في دائرة الأمان في نواح عدة، منها: لم يجعلوا الأمان بيد قائد الجيش وحده، ولا قائد سرية من الجيش، أو كتيبة من كتائبه، بل جعلوه بيد أي مسلم، فأي مسلم أعطى مقاتلا الأمان فهو أمان المسلمين، وليس لأحد أن ينكث بعهد ذلك المسلم إلا أن يخون ذلك ما عاهد عليه، وقد ذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم». [31] أي أن المسلمين متساوون، ويستطيع أقل واحد فيهم مقاما في الحرب أن يعقد عقد أمان". وإنه قد بلغ من التوسعة في الأمان أن العبد المسلم له أن يؤمن جيشا، ولا يكون رجال ذلك الجيش أسرى بعد هذا الأمان، ولقد حدث أن عبدا مسلما من عبيد المسلمين أعطى أمانا لأهل حصن تحصنوا به، فأرسل أمير الجيش إلى عمر يستفتيه، فكتب عمر إليهم: "إن عبد المسلمين من المسلمين، ذمته ذمتهم"، وبذلك أجاز عمر العادل الرفيق الشفيق بالناس - أمان العبد. وإنهم ليتوسعون في عبارات الأمان والإشارات التي تدل عليه، حتى إنهم ليعتبرون الإشارة إلى السماء لخائف أمانا، فإن عمر بن الخطاب يقول: "أيما رجل دعا رجلا من المشركين، وأشار إلى السماء فقد أمنه، وإنما نزل بعهد الله وميثاقه". هذه توسعة في الأمان لمنع القتل أو لمنع الإكثار منه، ونكرر هنا أن الأمان لا يوجب الاستسلام بأن يكون المؤمن أسير حرب، بل إن مقتضى الأمان أن يحقن دمه، وتحفظ رقبته من الرق، وأن يخرج بهذا الأمان من صفوف المقاتلين إلى صفوف الآمنين الذي يكونون مع المسلمين في دارهم على شروط تشترط عليهم وشروط تشترط لهم. وهذا بلا شك يشير بمرماه ومغزاه إلى أن القتال في الإسلام شرع لدفع الاعتداء، وأن القتل فيه ألجأت إليه الضرورة، فتكون هذه الضرورة في أضيق الحدود، ويفتح الباب لحماية الأنفس ما أمكن، والله ولي الصابرين[32]. خامسا. التاريخ والمنصفون من غير المسلمين خير شاهد على عدالة الفتح الإسلامي سماحته مع أهل البلاد المفتوحة: شهادة غير المسلمين على السماحة الإسلامية: أشار "جوستاف لوبون" إلى معاملة "أبي عبيدة بن الجراح" لأهل حمص، فقد رد عليهم ما جباه منهم باسم الجزية عندما بلغته حشود الروم في اليرموك قائلا: "سكتنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم على أمركم"، وغادر مدينتهم منسحبا بجيشه، مما دعا أهل حمص للقول: لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والضيم، ولندفعن جند هرقل عن المدينة - حمص - مع عاملكم. وقارن "جوستاف لوبون" بين تصرف المسلمين هذا في عدلهم ورحمتهم وسماحتهم، وبين تصرف بريطانيا واستعمارها، قال: "إن اللورد مليورن "ـ رئيس وزراء بريطانيا في عهد الملكة "فكتوريا" القريب من عصرنا هذا، سنة 1840م - خاض مع الصين "حرب الأفيون" المشهورة، فأدار عليهم المدافع من سفنه الحربية ومن النقاط التي ارتكز عليها في السواحل، فصب عليهم شواظا من النيران بلا رحمة ولا هوادة، فأحرقت المدن والمنازل والسكان بما فيها من الشيوخ والنساء والأطفال،حتى أكرههم على قبول هذه التجارة المحرمة في بلادهم. وقال جوستاف لوبون: الحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب. إن الإسلام هو الذي أعطى المسلمين هذه الرحمة وهذا التسامح، ونحن رأينا صورا مختلفة مثل حرب الأفيون، وأقسى منها حروب الاستعمار الحديث،وأشد منها ظلم الصهيونية وقسوتها، وحبها للدماء والعدوان والإبادة". ويقول "سير توماس أرنولد" عن الإسلام: "إنه الدين الذي يسمو فيه نشر الحق وهداية الكفار إلى واجب مقدس، على يد مؤسس الدين أو خلفائه من بعده.. إنها روح الحق في قلوب المؤمنين التي تستقر حتى تتجلى في الفكر والقول والعمل، ولا تقنع حتى تؤدي رسالتها إلى كل نفس إنسانية، وتعترف أفراد الجماعة الإنسانية بما تعتقد أنه الحق. وإن الذي دفع المسلمين إلى أن يحملوا رسالة الإسلام معهم إلى شعوب البلاد التي دخلوها، وجعلهم ينشدون لدينهم بحق مكانا بين الأديان، لهي حماسة من ذلك النوع، من أجل صدق عقيدتهم[33]. وفي ظل فتوحات الإسلام وسماع الناس به، لم يكن غريبا أن نجد كثيرا من البدو والمسيحيين وغيرهم ينجرفون في التيار الدافع لهذه الحركة الضخمة، وأن نجد كثيرا من القبائل العربية التي دانت بالمسيحية قرونا نبذتها في ذلك الوقت لتدين بالإسلام، ويمكننا أن نحكم من الصلات الودية التي قامت بين المسيحيين والمسلمين من العرب بأن القوة لم تكن عاملا حاسما في تحويل الناس إلى الإسلام؛فمحمد - صلى الله عليه وسلم - قد عقد حلفا مع بعض القبائل المسيحية، وأخذ على عاتقه حمايتهم، ومنحهم الحرية في إقامة شعائرهم الدينية، كما أتاح لرجال الكنيسة أن ينعموا بحقوقهم ونفوذهم القديم في أمن وطمأنينة، وقد وجد حلف مثل هذا بين أتباع النبي ومواطنيهم الذين كانوا يدينون بالوثنية دينهم القديم، والذين تقدم كثير منهم عن طواعية لمؤازرة المسلمين في حملاتهم الحربية، وأظهروا للحكومة الجديدة نفس روح الولاء التي جعلتهم يقفون بمنأى عن الردة التي رفعت لواء العصيان في كافة أرجاء بلاد العرب إثر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد زعم بعض الباحثين أن العرب المسيحيين الذين كانوا يخفرون حدود الإمبراطورية البيزنطية الواقعة على أطراف الصحراء، ألقوا بجموعهم مع جيش الفتح الإسلامي حين رفض هرقل دفع الجزية التي تعود إعطاؤهم إياها مقابل خدماتهم الحربية التي كانوا يؤدونها باعتبارهم حراسا للحدود. وبالنسبة إلى السواد الأعظم من المسيحيين، فإنهم انتهوا إلى الامتزاج بالمجتمع الإسلامي الذي كان يحيط بهم عن طريق ما يسمونه (الاندماج السلمي) الذي تم بطريقة لم يحسها أحد منهم، ولو أن المسلمين حاولوا إدخالهم في الإسلام بالقوة عندما انضموا بادئ الأمر تحت لواء الحكم الإسلامي؛ لما كان من الممكن أن يعيش المسيحيون بين ظهرانيهم حتى عصر الخلفاء العباسيين. ومن هذه الأمثلة التي قدمناها آنفا عن السماحة التي بسطها المسلمون الظافرون إلى العرب المسيحيين في القرن الأول من الهجرة، واستمر في الأجيال المتعاقبة، نستطيع أن نستخلص بحق أن هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد على هذه السماحة. "وإذا نظرنا إلى السماحة التي امتدت على هذا النحو إلى رعايا المسلمين من المسيحيين في صدر الحكم الإسلامي، ظهر أن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة التصديق، ومن ثم لم يكن بد من أن نلتمس بواعث أخرى غير الباعث الذي أوحى بالاضطهاد، وإنما الذي كان يدفع الناس إلى الإسلام بقوة ويجذبهم إليه إنما هي تلك العقيدة، وكذلك بمقدار ما كان يشتد العبء على كاهل الشعوب المغلوبة على أمرها كانت تشتد رغبتهم في تخليص أنفسهم من الشقاء، فيقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله[34]. شهادة التاريخ تدل على السماحة الإسلامية مع غير المسلمين: كثيرا ما توضع شروح حسنة، وأحكام عادلة، ومبادئ قيمة، ولكنها تظل حبرا على ورق، فلا توضع موضع التنفيذ، ولا يبالي بها الذين في أيديهم سلطة الأمر والنهي، والإبرام والنقض، ولكن ميزة المبادئ والأحكام الإسلامية أنها مبادئ ربانية الأصول، دينية الصبغة، ولهذا وجدت من القبول والاستجابة ما لم تجده أي شريعة أخرى أو قانون مما يضع البشر بعضهم لبعض، وقد حفل الواقع التاريخي للأمة الإسلامية في مختلف عصورها وشتى أفكارها بأروع مظاهر التسامح، الذي لا يزال الناس يتطلعون إليه إلى اليوم في معظم بقاع الأرض فلا يجدونه. فعن العصر الأموي: يقول ول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة": "لقد كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون - يتمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيرا في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحرارا في ممارسة شعائرهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص، وأداء ضريبة عن كل شخص تختلف باختلاف دخله، وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير، ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون البلوغ، والأرقاء والشيوخ والعجزة، وذوي العمى الشديد والفقر، وكان الذميون يعفون في نظير ذلك من الخدمة العسكرية، أو إن شئت فقل لا يقبلون فيها، ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها 2.5% من الدخل السنوي، وكان لهم على الحكومة أن تحميهم، ولم تكن تقبل شهادتهم في المحاكم الإسلامية، ولكنهم كانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانيهم. أما عن العصر العباسي: عصر ازدهار الحضارة الإسلامية ومكانة أهل الذمة فيه، فيكفينا فيه فقرات من كتاب "الإسلام وأهل الذمة" للدكتور الخربوطلي؛ لأنه يعتمد فيما يقرره على المراجع التاريخية الأساسية أو على كتابات المستشرقين أنفسهم، يقول: "اشتهر من بين أهل الذمة في العصر العباسي كثير من العظماء، مثل "جرجيس بن يختيشوع" طبيب الخليفة العباسي "أبي جعفر المنصور" وقد وثق الخليفة فيه وأكرمه، ومن هؤلاء "جبرائيل بن يختيشوع" طيبب هارون الرشيد، الذي قال الرشيد عنه: كل من كانت له حاجة إلى فليخاطب بها جبريل؛ لأني أفعل كل ما يسألني فيه ويطلبه مني، وكان مرتب الطبيب عشرة آلاف درهم شهريا، ومن هؤلاء أيضا "ماسويه" الذي كان الرشيد يجري عليه ألف درهم شهريا، ويصله كل سنة بعشرين ألفا. وأشاد "ترتون" بسماحة المسلمين، فقال: والكتاب المسلمون كريمون في تقدير فضائل هؤلاء ممن على غير ملتهم، حتى ليسمون "حنين بن إسحاق" برأس أطباء عصره، "وهبة الله بن تلميذ" بأبي قراط عصره وجالينوس دهره، وكان "بختيشوع بن جبرائيل" ينعم بعطف الخليفة المتوكل حتى إنه كاد يضاهيه في ملابسه، وفي حسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ومباراته في الطيب والجواري والعبيد. وتحدث جوستاف لوبون عن عدل الفتح الإسلامي، فقال: "إن العرب وهم أعقل من الكثيرين من أقطاب السياسة في الزمن الحديث، كانوا يعلمون جيدا أن النظم الواحدة لا تلائم شعوب الأرض قاطبة، وكان من سياستهم أن يتركوا الأمم حرة في المحافظة على قوانينها وعاداتها ومعتقداتها. كان من الممكن أن تعمى فتوح العرب الأوائل أبصارهم فيقترفوا من المظالم ما يقترفه الفاتحون عادة، وليسيئوا معاملة المغلوبين ويكرهوهم على اعتناق دينهم ونشره في أنحاء العالم، ولكن الخلفاء السابقين الذين كان عندهم من العبقرية ما ندر وجوده في دعاة الديانات الأخرى - أدركوا أن النظم والأديان ليست مما يفرض قسرا، فعاملوا كثيرا من الشعوب ومن كل قطر استولوا عليه بلطف عظيم، تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم، غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في مقابل حمايتهم لهم، وحفظ الأمن بينهم، فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ورحمة العرب الفاتحين وتسامحهم كانا من أسباب اتساع فتوحهم واعتناق كثير من الأمم لدينهم ونظمهم، ولغتهم التي رسخت وقاومت جميع الغارات وبقيت قائمة. المزيد من مواضيعي
|
رقم المشاركة :3 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() الخلاصة: روح الإسلام ومبادئه ومنهجه في التربية ترمي جميعا إلى إقرار السلام والإخاء الإنساني، وتعميق حبه في ضمير المسلم، وسيادته في المجتمع، لذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يربي المسلمين على إيثار السلام واستنفاد الحيلة في دفع العدوان بالحسنى، وعدم القتال: "لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية "، وعلى هذا الأساس يعتبر الإسلام السلام هو الأصل، ويعتبر الحرب استثناء وضرورة، لا يلجأ إليها إلا لمقاومة الظلم ودفعا للعدوان، وأما الحروب العدوانية أو الهجومية بالمفهوم الحديث، فهي حروب لا يعرفها الإسلام ولا يقرها،والدليل على ذلك المغازي الكبرى في العهد النبوي، كان المسلمون هم المعتدى عليهم فيها، وكذلك حروب التتار والصليبيين، كان المسلمون يردون الظلم والعدوان عن أرضهم ومقدساتهم، ومن ثم كان الإسلام بحق دين السلام العادل الذي يحرم الظلم والعدوان. إن المتتبع لنصوص القرآن وأحكام السنة النبوية في الحروب يرى أن الباعث على القتال هو دفع الاعتداء، وليس فرض رأي أو دين بالقوة، فالأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي السلم حتى يقع الاعتداء، فإن وقع الاعتداء عليهم كانت الحرب أمرا لا بد منه، ردا للشر بمثله، ولتحمي الفضيلة نفسها من الرذيلة، وإن ذلك الأصل ثابت بالنصوص القرآنية، وثابت بالوقائع التاريخية في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصر الخلفاء من بعده. للقتال في الإسلام ضوابط عديدة، قبله وفي أثنائه وبعده تلزم المقاتل المسلم، ولا يجوز له أن يتعداها، منها - على سبيل المثال - عدم قتل رجال الدين و الشيوخ والأطفال والنساء والعمال، وعدم التخريب. شهد المستشرقون وغيرهم من غير المسلمين بالسماحة الإسلامية وعدالة الفتح الإسلامى، وقد حفل الواقع التاريخي للأمة الإسلامية في مختلف عصورها وشتى أقطارها بأروع مظاهر التسامح الذي لا يزال الناس يتطلعون إليه إلى اليوم في معظم بقاع الأرض، فلا يجدونه، وقد رأينا صورا ناصعة من هذا التاريخ المشرق الصفحات، ورأينا روح هذه السماحة والأساس الفكري والعقائدي الذي تقوم عليه على مر العصور، وخصوصا بعد عصر الراشدين في العصرين الأموي والعباسي، وبهذا يبطل الزعم بأن الإسلام دين قتال وسفك للدماء، لا دين سلام واحترام للآخرين، وقد ثبتت عدالة الإسلام وإنصافه للآخرين من القرآن والسنة والتاريخ وشهادة الأعداء أنفسهم؛ فبأي حديث بعده يؤمنون. (*) السلام والحرب في الشريعة الإسلامية: دراسة مقارنة، محمود محمد طنطاوي، مصر، ط1، 1416هـ/ 1996م. المستشرقون والقرآن، د. إسماعيل سالم عبد العال، سلسلة دعوة الحق، تصدرها رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، السنة التاسعة، العدد 104، 1410هـ/1990م. [1]. الجهاد في الإسلام، محمد شديد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، ص119: 126. [2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب، باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم (3341)، وفي موضع آخر بطريق آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه خاتم النبيين (6101). [3]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من قيام لجنازة يهودي (1250)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (2269). [4]. ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، حرف العين، عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف (39/396)، والذهبي في تاريخ الإسلام (3/453). [5]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب هل يقول: إني صائم إذا شتم (1805)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب فضل الصيام (2762). [6]. الجهاد في الإسلام: دراسة فقهية مقارنة، د. أحمد محمود كريمة، الدار الهندسية، مصر، ط1، 2003م ، ص26:22. [7]. لسان العرب، محمد بن منظور المصري، دار الفكر، بيروت، مادة "سلم". [8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب لا تمنوا لقاء لعدو (2861)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كراهية تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء (4640). [9]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (8456)، والنسائي في المجتبى، كتاب تحريم الدم، باب ما يفعل من تعرض لماله (4082)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (4082). [10]. نظرية الحرب في الإسلام، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكرالعربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، ص12: 17. [11]. نظرية الحرب في الإسلام، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكرالعربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، ص15. [12]. نظرية الحرب في الإسلام، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكرالعربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، ص20: 23. [13]. ذكره الواقدي في المغازي، سرية علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ إلى اليمن (1/1079). [14]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو (4619). [15]. الغلول: الخيانة، ومعنى لا تغلوا أي لا تخونوا. [16]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب وصية الإمام (2858)، والنسائي في سننه الكبرى، كتاب السير، باب عدد السرية (8837)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (2858). [17]. العسيف: العامل المنصرف للزراعة أو نحوها، وكذلك العامل المنصرف لأي عمل. [18]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث حنظلة الكاتب الأسيدي رضي الله عنه (17647)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان (2842)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (2842). [19]. أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل النساء والوالدان في الغزو (1627)، وعبد الرزاق في المصنف، كتاب الجهاد، باب عقر الشجر بأرض العدو (9375). [20]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث حنظلة الكاتب الأسيدي رضي الله عنه (17647)، وابن ماجه في سننه، كتاب الجهاد، باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان (2842)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (2842). [21]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكيين، حديث الأسود بن سريع رضي الله عنه (15627)، والدارمي في سننه، كتاب السير، باب النهي عن قتل النساء والصبيان (2463)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (402). [22]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الذبائح والصيد، باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة (5197)، وفي موضع آخر. [23]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الذبائح والصيد، باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمحثمة (5197)، وفي موضع آخر. [24]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة (5167). [25]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث عمران بن حصين رضي الله عنه (20001)، والترمذي في سننه، كتاب النكاح، باب النهي عن نكاح الشغار (1123)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الترمذي (1123). [26]. إسناده حسن: أخرجه الطبراني في الكبير، مسند من يعرف بالكنى من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممن لم ينقل، أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف (977)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المغازي والسير، باب ما جاء في الأسرى (10007)، وقال: رواه الطبراني في الصغير والكبير، وإسناده حسن. [27]. أخرجه البخاري في صحيحه،كتاب المغازي، باب أين ركز النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الراية يوم الفتح (4030). [28]. حسن: أخرجه النسائي في سننه الكبرى، كتاب التفسير، سورة الإسراء (11298) بلفظ: فإني أقول كما قال أخي يوسف، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب السير، باب فتح مكة حرسها الله تعالى (1854) بنحوه، وحسنه الألباني في فقه السيرة (1/376). [29]. صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الديات، باب إن المسلمين تتكافأ دماؤهم (27969)، وابن ماجه في سننه، كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم (2683)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (2683). [30]. العلج: هو الرجل من أهل فارس، ولا يعارض قول عمر هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: « الحرب خدعة »، فإن القائد يخادع المحاربين له ـ وهم في قوتهم ـ بالخطط، فيوهمهم أنه سيجيئهم من جانب، وهو يريد جانبا آخر، فإن ذلك جائز بالاتفاق، أما هنا فالمراد القتل في أثناء الحرب بخداع الفارين، أو بتغريرهم لقتلهم؛ ولأن قول المسلم: لا تخف، أمان، والأمان لا يصح النكث فيه، ولقد اعتبروا من الأمان أن يرفع المسلمون وجوههم إلى السماء مشيرين إلى السلام، فيقول عمر: "لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى مشرك، ثم نزل إليه على ذلك، ثم قتله، لقتلته به". [31]. صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الديات، باب إن المسلمين تتكافأ دماؤهم (27969)، وابن ماجه في سننه، كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم (2683)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (2683). [32]. نظرية الحرب في الإسلام، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكرالعربي، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، ص26: 63 بتصرف. [33]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص167، 168 بتصرف، ولا يصح قوله: مؤسس، إنما هو رسول فحسب. [34]. سماحة الإسلام، د. عمر بن عبد العزيز قريشي، مكتبة الأديب، السعودية، المكتبة الذهبية للنشر والترجمة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص173،172 بتصرف. المزيد من مواضيعي
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
إدعاه, الإسلام, الرد, سلام |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
أدوات الموضوع | |
أنواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
الرد على إدعاء إلوهية المسيح فى القرآن | الشهاب الثاقب | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 4 | 03.05.2023 21:19 |
الرد على إدعاء المسيح هو الله لأنه يخلق من الطين كهيئة الطير فيكون طيرا | الشهاب الثاقب | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 2 | 27.04.2022 01:04 |
هل مريم أخت هارون !؟ | الشهاب الثاقب | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم | 6 | 26.08.2020 10:49 |
الرد على سؤال هل يوجد آية كلم الله فيها رسول الإسلام | قدوتي الصالحآت | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة | 13 | 24.01.2012 09:18 |
سؤال عن السبايا فى الإسلام | أحمــ 1990 ــد | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول الفقه و الشريعة | 8 | 06.12.2011 03:07 |