|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() و مما أعجبني أنقل هذا الإنسان الذي سخر الله له كل ما في الكون وكرَّمه على باقي المخلوقات، خلقه الله لحكم عظيمة؛ فهو تعالى منزه عن العبث والباطل، قال تعالى{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ 190 الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190- 191]، وقال تعالى عن ظن الكفار السيء {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27] ولم يخلق الله الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر، فيكون بذلك كالبهائم، لكنه تعالى قد كرَّم الإنسان وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلًا، ولكن أبى أكثر الناس إلا كفورًا؛ فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم، وصار كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا، وحياة هؤلاء كحياة البهائم، بل هم أضل، قال تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12]، وقال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179] والناس كلهم يجزمون أن جميع أعضاءهم خُلقت لحكمة، فهذه العين للنظر، وهذه الأذن للسمع، وهكذا..، وهل يُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقة لحكمة ويكون هو بذاته مخلوقًا عبثًا؟! أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه؟! إذن فلماذا خلقنا الله؟ ولماذا كرَّمنا وسخر لنا كل شيء؟ أخبرنا بذلك سبحانه؛ فقال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، وقال جل ثناؤه{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2] ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره، ولله المثل الأعلى؛ فإنه هو الذي خلق البشر، وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس، والعبادة هنا مفهوم واسع أكبر من مجرد الصلاة والصيام، بل يدخل فيها عمارة الكون كله، يقول تعالى {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 61] وحياة الإنسان كلها، قال تعالى{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163] لماذا يترك الإنسان ما خُلِقَ له؟!!. إذا كان كل هذا الكون سُخِّر من أجلك، وإذا قامت آياته وأعلامه شواهد أمام ناظريك تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وإذا علمت أن بعثك وحياتك بعد موتك أهون من خلق السماوات والأرض، وأنه سبحانه خلقك في أحسن صورة، وأكرمك أيما تكريم، وسخر الكون لك، فما الذي غرَّك بربك الكريم؟! قال جل ثناؤه{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ 6 الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ 7 فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الإنفطار:6 - 8] ، فأنت في النهاية ملاقٍ ربك، قال جل ثناؤه{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ 6 فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ 7 فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا 8 وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا 9 وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ 10 فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا 11 وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الإنشقاق:6 - 12] ، فسِرْ في طريق سعادة الدنيا والآخرة بالعيش للحكمة التي خلقت من أجلها، وعند ذلك تسعد في حياتك، وتطمأن وتسعد عند ملاقاة ربك بعد الموت. والكون كله كذلك عابد لربه؛ فكل مخلوقاته تسبح بحمد ربها، قال تعالى{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1] ، وتسجد لعظمته، قال جل ثناؤه{ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}[الحج: 18] ، بل إن هذه الكائنات تصلي لربها صلاة تناسبها، قال عز اسمه{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ }[النور: 41] فهل يليق بك أن تتخلف عن هذا المشهد المهيب؟! فتكون مهانًا، صدق الله القائل {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] خلق الإنسان وتكريمه. تكريم الإنسان رغم عظم الكون والسماوات والأرض إلا أن الله سخر كل ذلك للإنسان وجعله مذللًا له { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [الجاثية: 13]؛ وذلك تكريمًا للإنسان وتفضيلًا له عن سائر المخلوقات، قال تعالى{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70] فخلق الله الإنسان وأخبرنا تعالى بقصة خلق آدم وتكريمه، ثم إنزاله من الجنة إلى الأرض فقال سبحانه {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ 11 قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ 12 قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ 13 قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 14 قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ 15 قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ 16 ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ 17 قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ 18 وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ 19 فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ 20 وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ 21 فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ 22 قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23 قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين 24 قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الأعراف:11 25] ولقد صور الله الإنسان في أحسن صورة، ثم نفخ فيه من روحه؛ فإذا هو إنسان في أحسن تقويم؛ يسمع ويبصر ويتحرك ويتكلم{فتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]، وعلَّمه كل ما يحتاج إلى معرفته، وأودع فيه من المزايا والصفات ما لم يودع في غيره من المخلوقات من: العقل، والعلم، والبيان، والنطق، والشكل، والصورة الحسنة، والهيئة الكريمة، والجسم المعتدل، واكتساب العلوم بالاستدلال والفكر، وهداه إلى محامد الأخلاق ومحاسن الصفات، وكرَّمه وفضله على كثير من خلقه ،ومن مظاهر هذا التكريم للإنسان رجلًا كان أو امرأة: •أن الله تعالى خلق هذا الإنسان بيده منذ بدء الخليقة عند خلق آدم عليه السلام؛ وهذا تشريف وتكريم ما بعده تكريم؛ يقول تعالى{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص: 75] • أن الله تعالى خلق هذا الانسان في أحسن تقويم؛ يقول تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] ، ويقول أيضًا {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [التغابن: 3] •أن الله تعالى كرّم هذا الإنسان من خلال أمره تعالى للملائكة كلهم بالسجود لآدم أبي الإنسانية؛ فقال تعالى{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [الإسراء: 61] • أن الله تعالى أكرم هذا الإنسان وأنعم عليه بالعقل والتفكير والسمع والبصر وبقية الحواس؛ يقول تعالى{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] • أن الله تعالى قد نفخ في هذا الإنسان نفخة من روحه؛ وبذلك تحقق له السمو الروحي؛ فقال تعالى {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 72] • جعله الله تعالى خليفة في الأرض دون الملائكة أو الجنّ؛ فقال تعالى{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]وهذا شرف عظيم لم تنله الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم، والذين هم دائمًا وأبدًا مستغرقون في الذكر والتسبيح والتبجيل لله تعالى. • أن الله تعالى سخَّر لهذا الإنسان كل ما في هذا الكون بسماواته وأرضه، وما فيهما وما بينهما من شموس وأقمار ونجوم وكواكب ومجرات؛ قال تعالى{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الجاثية: 13] •أن الله تعالى قد حرر الإنسان والبشرية جمعاء من كل عبودية لأي مخلوق مهما كان فضله ومهما كانت عظمته، وفي ذلك قمة التحرر للإنسان؛ حيث نُقل من عبودية البشر والخضوع لهم إلى عبودية الله تعالى، فهذه العبودية لله هي قمة التحرر من العبودية لغيره، ولذلك رفض الله الواسطة بينه وبين عباده؛ فقد ابتدع بعض الناس وسائط بين الإنسان وربه أعطوها بعض صفات الألوهية، فكرم الله الإنسان بأنه لا واسطة بينه وبين ربه، قال تعالى{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] • تحرير الإنسان من الخوف من المستقبل ومن القلق واليأس والكآبة، من خلال الإيمان بالقضاء والقدر مع الأخذ بكل الأسباب المادية؛ فالإيمان بالقضاء والقدر يجعل الإنسان المؤمن في حالة من الأمن والأمان، وفي حالة من العزة والإحساس بالكرامة وعدم الهم أوالحزن أو الأسى على ما فاته ما دام لم يقصر في الأخذ بالأسباب؛ لأنه من عند الله تعالى، قال تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]فهذا الإيمان يجعل صاحبه في توازن نفسي واستقرار حقيقي واطمئنان كبير؛ حيث لا تؤثر فيه المصائب ولا تجعله هلعًا، كما أن النعم والمسرات لا تجعله مغرورًا بطرًا. احترام عقل الإنسان؛ فقد أعطى الله تعالى قيمة كبرى لعقل الإنسان وتفكيره؛ فأمر بالنظر والاعتبار، وجعل التفكير في خلق السماوات والأرض وإقامة الحجة والبرهان العقلي فريضة؛ فقال تعالى{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101] ، وأمر باحترام العقل والعناية به وتشغيله وتحريكه وعدم تجميده من خلال التقليد والتعصب؛ فلا تكليف إلاّ بالعقل، كما جعله دليلًا على وجوده تعالى وحجة على وحدانيته؛ بل أمر تعالى بالرجوع إليه عند الاختلاف العقلي؛ فقال تعالى{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، وحرر العقل من الخرافات والدجل والشعوذة والاستعانة بالجن وما شابه ذلك. التأكيد على أن كل إنسان مسؤول ومحاسب على فعله ولا علاقة له بفعل غيره، قال تعالى{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]، وهذه المكرمة ينسف بها القرآن فكرة الخطيئة، ويخلص البشرية من تبعاتها الثقيلة. المرأة كالرجل في الكرامة تكريم بني البشر لم يكن قاصرًا على جنس دون آخر، لكن الأصل أن المرأة كالرجل في كل التكريم والتشريف سواءً بسواء، قال تعالى{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] ، وقال سبحانه{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } [التوبة: 71]، ولا تختلف المرأة عن الرجل ألبتة حال الجزاء في الآخرة، قال تعالى{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: 195] ، وقال تعالى {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124] وقد كرم الله المرأة إنسانًا حين اعتبرها مكلفة مسؤولة كاملة المسؤولية والأهلية كالرجل مجزية بالثواب والعقاب مثله، حتى إن أول تكليف إلهي صدر للإنسان كان للرجل والمرأة معًا؛ حيث قال الله للإنسان الأول آدم وزوجته {وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35] كما أن الله تعالى لم يحمِّل المرأة معصية آدم كما جاء ذلك في بعض الأديان، بل ذكر الله أن آدم هو المسؤول الأول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115]{وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى 121 ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 121 - 122] وهكذا فالنساء والرجال في الإنسانية سواء، قال تعالى {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] وهكذا فالرجال والنساء مشتركون ومتساوون في الآتي: المسؤولية في الحقوق المادية الخاصة: فشخصية المرأة المعنوية محترمة مقدرة، وقد ساواها الله تعالى بالرجل في أهلية الوجوب والأداء، وأثبت لها حقها في التصرف ومباشرة جميع العقود؛ كحق البيع، وحق الشراء وما إلى ذلك، وكل هذه الحقوق المدنية واجبة النفاذ دون أية قيود تقيد حريتها في التصرف، سوى القيود التي تقيد الرجل نفسه، قال تبارك وتعالى{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] ، وجعل لها حق الميراث، فقال تعالى{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] ، وجعل شأنها أمام الشرع شأن الرجل تمامًا إذا أحسنت أو أساءت؛ قال جل وعلا{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] الجزاء الأُخروي؛ قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [النحل: 97]الموالاة والتناصُر؛ قال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] وقد جاء الأمر بالرفق بالنساء ورحمتها؛ فحرَّم الله قتل النساء في الحروب، وأمر بمباشرة الحائض ومواكلتها، وقد كان اليهود ينهون عن ذلك ويحتقرونها ويبتعدون عنها ولا يواكلونها حتى تطهر، وحظيت المرأة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمل تكريم حينما قال “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” [رواه الترمذي، وقال هذا حديث حسن صحيح]. ولما ضُربت امرأة على عهده صلى الله عليه وسلم غضب من ذلك، وقال" يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يعانقها آخر النهار"(رواه البخاري). ولما جاءت مجموعة من النساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للشكوى من أزواجهن؛ قال" لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم" (رواه أبو داود). وقد أُعطيت المرأة ما لم يُعط الرجل؛ فأمر الله تعالى بالبر بالأم أكثر من الأب؛ فقد جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال" يا رسول الله مَن أحق الناس بحسن صحابتي ـ وفي رواية مَن أبر ـ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك " (متفق عليه) وجعل لتربية البنات من الأجر ما ليس لتربية الذكور؛ فقال صلى الله عليه وسلم" من ابتُليَ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كُنَّ له سترا من النار" (متفق عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم" اللهم إني أُحَرِّجُ حق الضعيفين: اليتيم والمرأة"(حديث حسن، رواه النسائي بإسناد جيد) منقول الطريق الى السعادة تفكّر في خلق الكون إن التفكر في مخلوقات الله تعالى من أكثر الوسائل التي تدعو إلى الإيمان، وتزيد اليقين لدى الإنسان، وتعرِّفه بعظمة الخالق ومدى علمه وحكمته؛ فالله عز وجل خلق السماوات والأرض بالحق، ولم يخلقهما باطلًا ولا عبثًا، ولم يخلق شيئًا سُدًى، قال تعالى{خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [العنكبوت: 44] وكَم في هذا الكون من مخلوقات كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى! تُرى ما الحكمة من خلق كل منها؟! توجد في الكون آيات باهرة تتجلى فيها قدرة الله تعالى ودلائل عظمته، ولا يزال العلم المعاصر يكتشف من الآيات ما يجعل الإنسان يشعر بعظمة هذا الخالق البارئ المصور الحكيم العظيم سبحانه. ويكفي أن نتدبر في أن هذا الكون بسماواته ونجومه ومجراته، وما فيه من أرضنا وما تزخر به من بحار وأنهار وأراضين وجبال وحيوانات وأشجار قد خلقه الله سبحانه وتعالى من عدم؛ لنستشعر مدى قدرة الله وعلمه وحكمته، قال تعالى{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ 30 وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ 31 وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ 32 وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء:30- 33] وحين يتفكر العاقل في خلق الله يعلم علمًا يقينيًّا أن كل ما في هذا الكون عابد لربه؛ فكل مخلوقاته تسبح بحمده سبحانه وتعالى، قال تعالى {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }[الجمعة: 1]، وتسجد لعظمته، قال جل ثناؤه {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وهكذا فكل هذه الكائنات تسبح وتصلي لربها، قال تعالى{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [النور: 41] ؛ وبالتالي فإن المؤمن سيرى أن الكون كله يسير كقافلة واحدة في اتجاه واحد إلى الله تعالى، فيمضي بالتالي هو أيضًا متناغمًا مع هذه المسيرة المباركة الطيبة فتهنأ حياته ويستقر وجدانه. دلالة خلق الكون على وحدانية الله إن هذا الكون الفسيح وما فيه من مخلوقات ومعجزات لهي أكبر شاهد على عِظم قدرة الله تعالى وكمال إبداعه، وإن دلَّت على شيء فإنما تدل على وحدانية الله عز وجل، وأنه لا رب سواه، ولا إله غيره، قال تعالى{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ 20 وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 21 وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ 22 وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ 23 وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 24 وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ 25 وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [الروم:20- 26] وقال سبحانه {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ 59 أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ 60 أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ 61 أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ 62 أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ 63 أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل:59- 64] تسخيرا وتكريما للإنسان حرر الله الإنسان من العبودية للأشياء والماديات؛ فجعل كل شيء في هذا الوجود وجميع ما في السماوات والأرض مذللًا للإنسان ومسخرًا له فضلًا وكرمًا من الله وحده؛ بغية تحقيق عمارة الأرض وتمام خلافته فيها، وبالأحرى كمال عبوديته فيها، والتسخير هنا بمعنيين: تسخيرللتعريف بالله وكرمه وفضله وجلاله، وتسخير بمعنى التكريم للإنسان ورفع لقدره عن الأشياء المسخرة له؛ قال تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] ، وقال جل ثناؤه{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ 32 وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[إبراهيم:32 34] حتى نوقن بلقاء الله إن في خلق السماوات والأرض ـ ناهيك عن خلق بني الإنسان ـ دلالة واضحة على قضية البعث والنشور بعد الموت، أوَليست إعادة الخلق أسهل وأهون من خلقه أول مرة؟قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] بل إن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الإنسان، قال تعالى {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر: 57] وقال جل ثناؤه{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد: 2] منقول الطريق الى السعادة للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
لماذا خلقنا الله سبحانه و تعالى ؟
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
الشهاب الثاقب
المزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة الشهاب الثاقب بتاريخ
06.10.2015 الساعة 19:48 .
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
لماذا, الله, تعالى, خلقنا, سبحانه |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
أدوات الموضوع | |
أنواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
لماذا حفظ الله تعالى القرآن و لم يحفظ التوراة و الانجيل | زهرة المودة | رد الشبـهـات الـعـامـــة | 3 | 25.12.2010 22:11 |
لماذا خلقنا الله و لماذا نعبده ؟ | زهرة المودة | رد الشبـهـات الـعـامـــة | 5 | 28.11.2010 09:38 |
شبهة أن الله يحب الخطيئة ! (حاشاه سبحانه و تعالى عما يصفون ) | الفضة | إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة | 6 | 17.10.2010 00:47 |