شبهة نبوءات نبوية لم تتحقق

[د/ عبد الرحمن]

شبهة نبوءات نبوية لم تتحقق

بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسول الله

زعموا أن بعض نبوءات رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق الأمين لم تتحقق

النبوءة الأولى:

- أنَّ رجلًا من أهلِ الباديةِ أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ ، متى الساعةُ قائمةٌ ؟ قال : ( وَيلَك ، وما أَعدَدتَ لها ) . قال : ما أَعدَدتُ لها إلا أني أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ، قال : ( إنَّك معَ مَن أحبَبتَ ) . فقُلْنا : ونحن كذلك ؟ قال : ( نعمْ ) . ففَرِحْنا يومَئذٍ فرحًا شديدًا ، فمَرَّ غُلامٌ للمُغيرَةِ وكان من أقراني ، فقال : ( إن أُخِّر هذا ، فلن يُدرِكَه الهَرَمُ حتى تقومَ الساعةُ ) .

الراوي : أنس بن مالك / المحدث : البخاري / المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6167 / خلاصة حكم المحدث : صحيح

فقالوا أن النبي صلى الله عليه و سلم هنا يخبر أن غلاما يعيش في عهده لن يدركه الهرم حتى تقوم الساعةو قد مات هذا الغلام و أبناؤه و أحفاده و أحفاد أحفاده و أحفاد أحفاد أحفاد أحفاده و مضت 1400 عام و لم تقم الساعة ..
الرد:
لا شك أن كثير من آيات القرآن الكريم تؤكد أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يعلم متى الساعة و أن الساعة علمها عند الله تعالى وحده
قال تعالى :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( الأعراف 187 )

يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴿42﴾ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴿43﴾ إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ﴿44﴾ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴿45﴾ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴿46﴾ النازعات

فبنص هذه الآيات الكريمة النبي صلى الله عليه و سلم لا يعلم ميعاد الساعة ... فلا يعقل أن يعلم النبي صلى الله عليه و سلم أن الساعة تقوم قبل أن يبلغ شخص ما الهرم
و في الأحاديث ما يوحى بأن بين النبي صلى الله عليه و سلم و الساعة ما لا يقل عن مئات السنين

- إنَّ اللهَ يبعثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يُجدِّدُ لها دينَها

الراوي :أبو هريرة / المحدث : الألباني / المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم:599 / خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

فعلى رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها ... إذا هناك مئات السنين على الأقل بين النبي صلى الله عليه و سلم و الساعة .... فكيف تقوم الساعة قبل أن يبلغ شخص في زمن النبي صلى الله عليه و سلم الهرم ؟
- إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرَهم نصفَ يومٍ ؛ يعني : خمسَ مئةِ سنةٍ .

الراوي :سعد بن أبي وقاص / المحدث :الألباني/ المصدر : تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم:5445 / خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

و في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرجو أو يظن أن عمر أمته لا يقل عن خمسمائة عام على أقل تقدير

نعود للحديث محل الشبهة
- أنَّ رجلًا من أهلِ الباديةِ أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ ، متى الساعةُ قائمةٌ ؟ قال : ( وَيلَك ، وما أَعدَدتَ لها ) . قال : ما أَعدَدتُ لها إلا أني أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ، قال : ( إنَّك معَ مَن أحبَبتَ ) . فقُلْنا : ونحن كذلك ؟ قال : ( نعمْ ) . ففَرِحْنا يومَئذٍ فرحًا شديدًا ، فمَرَّ غُلامٌ للمُغيرَةِ وكان من أقراني ، فقال : ( إن أُخِّر هذا ، فلن يُدرِكَه الهَرَمُ حتى تقومَ الساعةُ ) .

الراوي :أنس بن مالك / المحدث : البخاري / المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6167 / خلاصة حكم المحدث : صحيح

و قد ورد الحديث بألفاظ أخرى
- كان الأعرابُ إذا قدِموا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سألوه عن الساعةِ : متى الساعةُ ؟ فنظر إلى أحدثِ إنسانٍ منهم فقال " إن يعِشْ هذا ، لم يُدركْه الهرمُ ، قامت عليكم ساعتُكم " .

الراوي :عائشة أم المؤمنين / المحدث : مسلم/ المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2952 / خلاصة حكم المحدث : صحيح

- كان رجالٌ من الأعرابِ جُفاةً ، يأتون النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيسألونه: متى الساعةُ ؟ فكان يَنظُرُ إلى أصغرِهم فيقولُ: إن يعشْ هذا لا يُدرِكْه الهَرِمُ حتى تقومَ عليكم ساعتُك. قال هشامٌ: يعني موتَهم .

الراوي : عائشة أم المؤمنين / المحدث : البخاري / المصدر :صحيح البخاري الصفحة أو الرقم:6511 / خلاصة حكم المحدث : صحيح

و يتبين من الأحاديث السابقة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول هذا الكلام ردا على الأعراب عندما يسألونه عن ميعاد الساعة
فكان ينظر إلى أصغرهم و يقول أنه إن عاش حتى يدركه الهرم قامت الساعة أو قامت عليهم ساعتهم

و المعنى واضح
و هو أنه قبل بلوغ هذا الغلام الهرم يكون قد مات قومه
و ما داموا قد ماتوا فقد قامت ساعتهم أي أنهم قد حوسبوا على أعمالهم عند موتهم أو أنهم منذ أن يموتوا حتى يبعثوا فلن يشعروا بمرور الزمن حتى البعث يوم القيامة و بالتالى بالفعل يكون قيام الساعة بالنسبة للسائلين أو موتهم أقرب من بلوغ أصغرهم سنا الهرم
و الله أعلى و أعلم

للمزيد من مواضيعي