ماتت فاضطجع معها ..!!
ظنوا أنّْا أقزامٌ أمثالهم ، لا نعرِف ما صح إلى نبينا مما سقِم نسبتُه إليه - الحمد لله الذى أعز هذه الأمة بعلم الحديث ، فحفظ لها دينهم برجاله ، لله درهم ، ملح العلم والعلماء ما كان قبلهم فى فنهم أمثالهم وما جاء بعدهم إلا عيال عليهم رحمهم الله وطيب ثراهم - ، فوقعوا على الرواية فتشبثوا بقوله "وَاضْطَجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا " فطاروا بها .
وأقول : من تكلم فى غير فنه أتى بالعجائب ، لسانُ حالهم ، لسانُ حالِ الذى وقف على ماء زمزم وعلى رؤوس ملايين حجاج بيت الله كشف سوءته وفى ماء زمزم قضى حاجته ، فقال له الناس فى ذلك ! فقال ، أردت أن أُذكر ولو باللعنات .!
أقول هنيئاً لكم بأن دخلتم تاريخ المدلسين والكذابين من أوسع أبوابه ، هنيئاً لكم مزبلة التاريخ ، الرواية التى بين أيدينا -لن أتكلم عنها إلا من الناحية الحديثية فقط - قد جاءت من عدة طرق ، سأوردها تِبَاعاً ، متتبعاً أحوال الرواية وطرقها ما استطعت ، ولا أدعى العصمة ، ولكن أقول وما توفيقى إلا بالله هو حسبى عليه توكلت ، هو نعم المولى ،
ونعم النصير
- أما عن الرواية الأولى فهى رواية عبد الله بن عباس رضى الله عنه
أخرجها الطبرانى فى المعجم الأوسط (7/87/6935) ، وأبونعيم فى معرفة الصحابة(1/76/289) من طريقين – أحدهما عن الطبرانى – و(6/3408/ح7782) ، و الديلمى – كما فى كنز العمال(13/610/37611) – و أبو الفرج الأصبهانى فى مقاتل الطالبين (ذكر مقتل جعفر بن أبى طالب (صـ5)) ، جميعا من طرق عن الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ، ثَنَا سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ، بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ أُمُّ عَلِيٍّ خَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ وَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ وَاضْطَجَعَ فِي قَبْرِهَا فَلَمَّا سَوَّى عَلَيْهَا التُّرَابَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَصْنَعْهُ بِأَحَدٍ، قَالَ: " إِنِّي أَلْبَسْتُهَا قَمِيصِي لِتَلْبِسَ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَاضْطَجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لِأُخَفِّفَ عَنْهَا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ، إِنَّهَا كَانَتْ أَحْسَنَ خَلْقِ اللهِ صَنِيعًا إِلَيَّ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ " .
قلت : إسنادها ضعيف جدا .
فيه سعدان بن الوليد بياع السابرى([1]) جهله الهيثمى فقال فى المجمع([2]) " ولم أعرفه " ونقلها عنها السيوطى([3]) .
قلت : ولم أقف له على ترجمته ، و لم يعرفه الهيثمى ، فهو مجهول ، فكأنما يشير إلى إعلال الحديث به - والله أعلم - ثم قال وبقية رجاله ثقات ، وقال المتقى الهندى سنده حسن ! .
قلت : وهذا فيه نظر ففيه الحسن بن بشر هو بن سلم - سَلْم بفتح المهملة وسكون اللام - بن المسيب الهمدانى البَجلى ([4]) - بفتح الموحدة نسبة إلى بجيلة رهط من سليم أبو الحسن([5]) - ، أبو على الكوفى ، ذكره ابن حبان فى ثقاته([6]) قال أحمد ماأرى به بأساً فى نفسه روى عن زهير أشياء مناكير ، قال أبو حاتم صدوق ، وقال النسائى ليس بقوى ، وقال ابن خراش منكر الحديث ، وقال الذهبى تردد فيه أحمد بن حنبل.
قلت : وسكتَ عنه .
وقال الحافظ ابن حجر صدوق يخطئ ، وقال ابن عدى بعد أن ساق له أحاديث ، وله أحاديث ليست بالكثير ، وأحاديثه يقرب بعضها من بعض ويحمل بعضها على بعض ، وليس هو بمنكر
الحديث([7]) ، وقد أورده ابن عبد البر فى الاستيعاب([8]) ، وأورده عنه الذهبى فى السير ، وقال هذا غريب([9])
قلت : ولما ظهر أنه يخطئ ، فصار تفرد مثله ليس بمحتمل وقد انفرد بهذه الرواية كما نص على ذلك الطبرانى بعد أن ساق هذا الحديث بقوله " تفرد بها الحسن بن بشر " ، ومما زاد الطين بلة ، هو تفرد سعدان بن الوليد عنه به ، كما نص المصنف عليه بقوله " لم يرو هذه الأحاديث عن عطاء إلا سعدان بن الوليد " فكيف حسنه صاحب كنز العمال !
وقد انفرد بالرواية مجهول عن ممن لا يحتمل لمثله التفرد ، وانفرد بها هو الآخر !!
يُتبع قريباً إن شاء الله
[1] السابرى هو الثياب الرقاق وهو من أجود الثياب ويُرغَبُ فيه بأدنى عرْض وفي حديث حبيب بن أَبي ثابت رأَيْت على ابن عباس ثوباً سابِرِيّاً أَسْتَشِفُّ ما وراءه .ا هـ ( لسان العرب "4/340" بتصرف يسير ) .
[2] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/210/15400) .
[3] ونقلها عنه السيوطى فى جامع الجوامع ( ويسمى بالجامع الكبير أيضاً) (1/9569/ح3353) .
[4] التاريخ الكبير للبخارى (2/287/ت2496) قال أراه بجلياً .
[5] تقريب التهذيب (1214)
[6] الثقات لابن حبان (8/169/ت12798)
[7] الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (3/3/ت10)،الكاشف(1/321/ت1013)،الكامل لابن عدى(2/320/ت451) ، المغنى (1/74/ت1382) ،ميزان الاعتدال(1/481/ت1822)،التقريب(1214)،تهذيب التهذيب(8/130/ت473)تهذيب الكمال (6/58/ت1204) .
[8] (2/112)
[9] (3/10/ت17)
للمزيد من مواضيعي
آخر تعديل بواسطة Moustafa بتاريخ
08.08.2010 الساعة 18:37 . و السبب : تكبير الخط