القسم الإسلامي العام يجب تحري الدقة والبعد عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة

آخر 20 مشاركات
الهولي بايبل و معاملة النساء زمن الحروب و الصّراعات المسلّحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إجابة عن سؤال : ماذا قدّم المسلمون للبشرية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المهتدي مويزو روتشيلد و رحلة من اليهودية إلى الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أسرار خطيرة عن التمويلات الكنَسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة الزّمر : الشيخ إبراهيم أبو حجلة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة فاطر : الشيخ القارئ إياد عوني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الخمر و الحشيش و الدعارة في كتاب النصارى ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورةالزُمَر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورة غافر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه ينادي بالحج ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إشهار إسلام الأخت مارتينا ممدوح (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مصيبة عيد القيامة في الكنائس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأضحية هي قربان لله أم للأوثان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          زاهي حواس ينفي وجود ذكر للأنبياء في الآثار (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ضربة لمعبود الكنيسة تعادل في نتائجها الآثار المرعبة لهجوم نووي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سؤال حيّر الأنبا رفائيل وجعله يهدم المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عذبة من سورة القلم : الشيخ القارئ عبدالله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان : الشيخ القارئ عبد الله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 13.04.2012, 10:44

ابو اسامه المصرى

مجموعة مقارنة الأديان

______________

ابو اسامه المصرى غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 10.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 289  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2016 (13:15)
تم شكره 20 مرة في 17 مشاركة
افتراضي محمد بن عبد الوهاب على خطى الأئمة الأربعة


محمد بن عبد الوهاب على خطى الأئمة الأربعة


( الاعتقاد عند أئمة الإسلام )
مهما يكن من أهمية للمقارنة التاريخية ، فإن الحقيقة العظمى الفاصلة تتمثل في المنهج والمضمون ، بل في العبارة ، كذلك..
والسؤال الأكبر ـ ها هنا ـ هو : هل كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب داعية الى طائفة جديدة , أو طريقة مبتدعة ، أو نزعة خارجية .. أو كان ( معبراً ) عن منهج الائمة الاربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل في أصول الاعتقاد ؟

لندع الحقائق العلمية والمنهجية ـ وحدها ـ تتحدث ، ولندع منهج المقارنة يطبق صرامته على عقيدة الشيخ مَقيسةٌ بعقيدة الأئمة الأربعة :

أولا: عقيدة الإمام أبي حنيفة التي حررها أبو جعفر الطحاوي (نسبة إلى بلدة طحا المصرية) وابتدأها بقوله :
«هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان، وأبي يوسف يعقوب بن ابراهيم الانصاري ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضي الله عنهم اجمعين وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين
نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله : إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله ، كما كان بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبديا، لا رادَّ لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا غالب لأمره , وأن محمدا رسول الله عبده المصطفى ونبيه المجتبى وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء , وأن القرآن كلام الله منه بدا بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا , ليس بمخلوق ككلام البرية , وأن العرش والكرسي حق ، وهو مستغن عن العرش وما دونه ، محيط بكل شيء وفوقه ..... ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ، نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ، ولا نقنطهم , وأهل الكبائر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يخلدون في النار إذا ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبين , ولا نرى السيف على أمة محمد – صلى الله عليه وسلم - ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحدٍ منهم ، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم ، ونؤمن بما جاء من كرامات الأولياء ، ونرى الجماعة حقا وصوابا ، والفرقة زيفا وعذابا »
.. يقول ابن تيمية: « وكذلك أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد الصحابة والتابعين لهم بإحسان ».
ثانيا: عقيدة الإمام مالك.
وقد جلاّها بن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة الرسالة ، فقال :
« هذه جمل من أصول الفقه وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته رحمه الله : الإيمان بالقلب والنطق باللسان: إن الله واحد لا إله غيره ، ولا شبيه ، ولا شريك ، على العرش استوى وله الأسماء الحسنى والصفات العلى , لم يزل بجميع أسمائه وصفاته , وأن القرآن كلام الله ليس بمخلوق , وأن الله ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا , وأن الله سبحانه ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات ، وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات ، وجعل من لم يتب من الكبائر صائرا الى مشيئته ، ومن عاقبه بناره أخرجه منها بإيمانه فأدخله جنته ، ويخرج من النار بشفاعة النبي من شفع له من أهل الكبائر من أمته , وأن الإيمان قول باللسان ، وإخلاص بالقلب ، وعمل بالجوارح , يزيد بزيادة الأعمال ، وينقص بنقصها , وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة , وأنه لا يذكر أحد من صحابة رسول الله إلا بأحسن الذكر، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب ».
ثالثا: عقيدة الإمام الشافعي وهي :
توحيد الله بأسمائه وصفاته ، وأنه يجب إثبات الأسماء والصفات على

الوجه اللائق بهِ سبحانه ، من غير تشبيه ولا تأويل ويقول في ذلك « لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه ، لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها ، وقد نفى عن نفسه الشبيه فقال جل ذكره « ليس
كمثله شيء » والقول في السنة التي أنا عليها ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما :

الإقرار بشهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأن الله عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء وينزل من السماء كيف يشاء ، وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وأن القرآن كلام الله

غير مخلوق ، وأنه لا خلود في النار للمؤمنين العصاة وإن ارتكبوا الكبائر , فمرتكب الكبيرة من أمة النبي – صلى الله عليه وسلم - إذا مات مصراً عليها فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه إلا أنه لا يخلد في النار، وأن الله تعالى قد أثنى على أصحاب رسول الله في القرآن والتوراة والانجيل ( إشارة الى الآية 29 من سورة محمد) وسبق لهم الفضل على لسان رسوله ما ليس لأحد من بعدهم فرحمهم وهنّأهم بما آتاهم من ذلك أعلى مراتب الصديقين والشهداء والصالحين ».

رابعاً : عقيدة الإمام أحمد بن حنبل وهي :
أن الله فوق سماواته ، مستوٍ على عرشه ، بائنٌ عن خلقه ، وهو وحده
لا شريك له ولا شبيه في خلقه وتدبيره وأسمائه وصفاته ، قيوم السموات والأرض لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وأنه ابتعث محمدا خاتما للنبيين ورسولا إلى الثقلين بدين الإسلام ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، فإن كلام الله منه بدا وليس منه شيء مخلوق ، وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , ومن لقي الله بذنب يجب له به النار تائبا غير مصر عليه ، فان الله عز وجل يتوب عليه ويقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ، والإيمان بشفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم - وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا , ومن مات من أهل القبلة موحدا يُصلى عليه ، ويستغفر له ، ولا نترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرا كان أو كبيرا , وصحابة رسول الله عدول نشهد بعَدَالَتِهِم كما جاءت بذلك الآثار».

محمد بن عبد الوهاب في خطى الأئمة الأربعة :

إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يبتدع شيئا جديدا في أصول الاعتقاد، بل مشى في خطى الأئمة الأربعة ، واستقى علمه ومنهجه وعبادته منهم ، وهو ـ في ذلك ـ لم يفعل سوى ( إعادة تحرير ) عقيدة هؤلاء الأئمة العظام التي آمنوا بها وجهروا بها.
والبرهان على ذلك هو: عقيدة الشيخ التي آمن بها ودعا إليها وكافح في سبيلها..
يقول : « أُشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأُشهدكم أني أعتقد ما اعتقده أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث والموت ، والإيمان بالقدر خيره وشره , ومن الإيمان بالله : الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ، بل أعتقد أن الله ( ليس كمثله شيء ) فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ، ولا أحرف الكلم عن مواضعه ، ولا أُلحد في أسمائه وآياته , وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود , وأُؤمن بأن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين والمرسلين لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته , وإذا بانت لنا سنة صحيحة من رسول الله عملنا بها ، ولا نقدم عليها قول أحد كائنا من كان ، بل نتلقاها بالقبول والتسليم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدورنا أجل وأعظم من أن نقدم عليه قول أحد , فهذا الذي نعتقده وندين الله به.
وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , وأتولى أصحاب رسول الله , وأذكر محاسنهم ، وأعتقد فضلهم ، وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء ، وأقر بكرامات الأولياء .
إن عقيدتي وديني الذي أدين الله به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل : الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة.
هذه عقيدة موجزة حررتها لتطلعوا على ماعندي والله على ما أقول شهيد ».
إنه ( تطابق) بين عقيدة الائمة الأربعة وبين عقيدة الشيخ : تطابق في المنهج والمضمون، بل تطابق في ( العبارة ) .
في ضوء هذه العقيدة المجلوّة: فإن قذف الشيخ بلقب ( الوهابية) يمكن أن يتعداه إلى الائمة الأربعة فيوصف أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بأنهم (وهابيون)! من حيث أن عقيدتهم هي نفسها عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وبالتصعيد يمكن أن يوصف التابعون فالصحابة بأنهم وهابيون من حيث إن عقيدة الائمة الاربعة هي عقيدة الصحابة والتابعين.. وهذا ظلم بواح ، ليس لمحمد بن عبد الوهاب ، ولمن هو أكبر منه من الائمة العظام ، بل هو ـ كذلك ـ: ظلم بواح لـ( الحقيقة العلمية ) التي تقوم عليها عقيدة المسلمين أجمعين.
وتمام المقال : حقائق ثلاث :
أ ـ الحقيقة الأولى :
أن الاسماء المعتبرة التي يتعلق بها المدح والذم لا تكون إلا من الأسماء الشرعية التي شرعها الله كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل والمقتصد والملحد , وليست ( الوهابية ) في شيء من ذلك ، أي ليست اسما ولا وصفا شرعيا.
ب ـ الحقيقة الثانية ـ بناء على الأولى :
إن النَبْذ بالوهابية لا يستند ـ قط ـ إلى حقيقة علمية ، ولا سند تاريخي ، ولا شهادة أمينة ، فهو ـ من ثم ـ محض افتراء ، وهو افتراء لم ينج منه سائر أهل السنة.
فقد وصفهم خصومهم الاقدمون بـ ( الحشوية ) مثلا.
ج ـ الحقيقة الثالثة هي:
إن للنبذ بالوهابية ( هدفا سياسيا ) وهو محاولة عزل الذين تأثروا بدعوة الشيخ عن سائر المسلمين ، وهي محاولة يائسة على كل حال ، إذ كيف يعزل هؤلاء وهم يحملون عقيدة الأئمة الأربعة الذين يتبعهم معظم مسلمي العالم في أصول الاعتقاد ، وفي المرجعية الفقهية ؟
والله أعلم
للمزيد من مواضيعي

 






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 13.04.2012, 10:51

ابو اسامه المصرى

مجموعة مقارنة الأديان

______________

ابو اسامه المصرى غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 10.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 289  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2016 (13:15)
تم شكره 20 مرة في 17 مشاركة
افتراضي


الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
أما بعد: أيها الإخوان الفضلاء، أيها الأبناء الأعزاء، هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار، وإيضاحا للحقائق، ونصحا لله ولعباده، وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه، وهذه المحاضرة عنوانها: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، دعوته وسيرته.
لما كان الحديث عن المصلحين والدعاة والمجددين، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة، وأعمالهم المجيدة، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم، لما كان الحديث عن هؤلاء المصلحين المشار إليهم، وعن أخلاقهم وأعمالهم وسيرتهم، مما تشتاق إليه النفوس، وترتاح له القلوب، ويود سماعه كل غيور على الدين، وكل راغب في الإصلاح، والدعوة إلى سبيل الحق، رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير، وداعية غيور، ألا وهو الشيخ المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية هو الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي.
لقد عرف الناس هذا الإمام ولاسيما علماؤهم ورؤساؤهم، وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات، حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين، وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم، وبأنه مجدد للإسلام، وبأنه على هدى ونور من ربه، وإن تعدادهم يشق كثيراً.
ومن جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الإحسائي. فقد كتب عن هذا الشيخ فأجاد وأفاد، وذكر سيرته وذكر غزواته، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله، واستنباطاته من كتاب الله عز وجل، ومنهم أيضا الشيخ عثمان بن بشر في كتابه عنوان المجد، فقد كتب عن هذا الشيخ أيضا، وعن دعوته، وعن سيرته، وعن تأريخ حياته، وعن غزواته وجهاده، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه زعماء الإصلاح، فقد كتب عنه وأنصف، ومنهم الشيخ الكبير مسعود الندوي، فقد كتب عنه وسماه: المصلح المظلوم، وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك، وكتب عنه أيضا آخرون، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته. فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها.
وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني، صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة، وكتب عنه جمع غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء وبمناسبة كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الرجل وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حال هذا الرجل، وما كان عليه من سيرة حسنة، ودعوة صالحة، وجهاد صادق، وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس، أو شيء من شك في حال هذا الرجل، ودعوته، وما كان عليه، ولد هذا الإمام في عام (1115) هجرية، هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه، وقيل في عام (1111) هجرية، والمعروف الأول: أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية.
وتعلم على أبيه في بلدة العيينة، وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد، شمال غرب مدينة الرياض، بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو متر، ولد فيها رحمة الله عليه، ونشأ نشأة صالحة، وقرأ القرآن مبكرا واجتهد في الدراسة والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان وكان فقيها كبيرا، وكان عالما قديرا، وكان قاضيا في بلدة العيينة. ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف. ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فاجتمع بعلمائها، وأقام فيها مدة، وأخذ عن عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت. وهما الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي، أصله من المجمعة، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة. هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة، ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف.
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق، فقصد البصرة واجتمع بعلمائها، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله، ودعا الناس إلى السنة، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله، وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وناقش وذاكر في ذلك، وناظر من هنالك من العلماء واشتهر من مشايخه هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة، وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى، فخرج من أجل ذلك، وكان من نيته أن يقصد الشام، فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية، فخرج من البصرة إلى الزبير، وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين، ثم توجه إلى بلدة حريملاء وذلك (والله أعلم) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر، لأن أباه كان قاضيا في العيينة، وصار بينه وبين أميرها نزاع، فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية، فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هجرية أو ما بعدها، واستقر هناك، ولم يزل مشتغلاً بالعلم والتعليم، والدعوة في حريملاء حتى مات والده عام 1153 هجرية، فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه، وهمَّ بعض السفلة بها أن يفتك به، وقيل إن بعضهم تسور عليه الجدار، فعلم بهم بعض الناس فهربوا، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه.
وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين، الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء، هؤلاء السفلة الذين يقال لهم العبيد هناك، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم، وأنه لا يرضى بأفعالهم، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم، والحد من شرهم، غضبوا عليه وهموا أن يفتكوا به، فصانه الله وحماه، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن ناصر بن معمر، فنزل عليه ورحب به الأمير، وقال: قم بالدعوة إلى الله، ونحن معك وناصروك، وأظهر له الخير، والمحبة والموافقة على ما هو عليه.
فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل، وتوجيه الناس إلى الخير، والمحبة في الله رجالهم ونسائهم، واشتهر أمره في العيينة، وعظم صيته، وجاء إليه الناس من القرى المجاورة، وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان: دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى، وإن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل، والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد، وحصل بها الشرك فيجب هدمها، فقال الأمير: لا مانع من ذلك، فقال الشيخ: إني أخشى أن يثور أهل الجبيلة، والجبيلة قرية هنالك قريبة من القبر، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة. ومعهم الشيخ رحمة الله عليه، فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها. فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك. فباشر الشيخ هدمها وإزالتها، فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه. ولنذكر نبذة عن حال نجد قبل قيام الشيخ رحمة الله عليه، وعن أسباب قيامه، ودعوته.
كان أهل نجد قبل دعوة الشيخ على حالة لا يرضاها مؤمن، كان الشرك الأكبر قد نشأ وانتشر، حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي بالولاية. وهو من المعتوهين، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، واشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها، وقل القائم لله والناصر لدين الله، وهكذا في الحرمين الشريفين، وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك، وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم، وذبح الذبائح لهم، وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس، وعدم وجود منكر لذلك، وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك، شمر عن ساعد الجد، وصبر على الدعوة، وعرف أنه لا بد من جهاد، وصبر وتحمل للأذى، فجد في التعليم والتوجيه والإرشاد وهو في العيينة، وفي مكاتبة العلماء في ذلك، والمذاكرة معهم رجاء أن يقوموا معه في نصر دين الله، والمجاهدة في هذا الشرك وهذه الخرافات، فأجاب دعوته كثيرون من علماء نجد وعلماء الحرمين، وعلماء اليمن، وغيرهم وكتبوا إليه بالموافقة، وخالف آخرون وعابوا ما دعا إليه وذموه، ونفروا عنه وهم بين أمرين، ما بين جاهل خرافي لا يعرف دين الله ولا يعرف توحيد الله، وإنما يعرف ما هو عليه آباؤه وأجداده من الجهل والضلال والشرك، والبدع، والخرافات، كما قال الله عز وجل عن أمثال أولئك: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[1]، وطائفة أخرى ممن ينسبون إلى العلم ردوا عليه عنادا وحسدا، لئلا يقول العامة: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟ لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق، وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟!. فحسدوه وخجلوا من العامة، وأظهروا العناد للحق، إيثارا للعاجل على الآجل، واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الآخرة، نسأل الله العافية والسلامة.
أما الشيخ فقد صبر وجد في الدعوة، وشجعه من شجعه من العلماء والأعيان في داخل الجزيرة، وفي خارجها، فعزم على ذلك واستعان بربه عز وجل، وعكف قبل ذلك على كتاب الله، وكانت له اليد الطولى في تفسير كتاب الله، والاستنباط منه، وعكف على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، وجد في ذلك وتبصر فيه، حتى أدرك من ذلك ما أعانه وثبته على الحق، فشمر عن ساعد الجد، وصمم على الدعوة وعلى أن ينشرها بين الناس، ويكاتب الأمراء والعلماء في ذلك، وليكن في ذلك ما يكون.
فحقق الله له الآمال الطيبة، ونشر به الدعوة، وأيد به الحق، وهيأ الله له أنصارا ومساعدين وأعوانا، حتى ظهر دين الله، وعلت كلمة الله فاستمر الشيخ في الدعوة في العيينة بالتعليم والإرشاد، ثم شمر عن ساعد الجد إلى العمل وإزالة آثار الشرك بالفعل، لما رأى الدعوة لم تؤثر، باشر الدعوة عمليا ليزيل بيده ما تيسر، وما أمكن من آثار الشرك، قال الشيخ للأمير عثمان بن معمر: لا بد من هدم هذه القبة التي على قبر زيد. وزيد بن الخطاب رضي الله عنه





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 13.04.2012, 10:52

ابو اسامه المصرى

مجموعة مقارنة الأديان

______________

ابو اسامه المصرى غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 10.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 289  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2016 (13:15)
تم شكره 20 مرة في 17 مشاركة
افتراضي


هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع. وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية، فكان ممن قتل هناك، وبني على قبره قبة فيما يذكرون، وقد يكون قبر غيره، لكنه فيما يذكرون أنه قبره، فوافقه عثمان كما تقدم، وهدمت القبة بحمد الله، وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة، وقصد مستقيم ونصر للحق، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال إنه قبر ضرار بن الأزور، كانت عليه قبة هدمت أيضا، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا، فأزيلت وقضي عليها وحذر الناس عنها.
والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة، قولاً وعملاً كما تقدم، ثم إن الشيخ أتته امرأة، واعترفت عنده بالزنا عدة مرات، وسأل عن عقلها فقيل إنها عاقلة ولا بأس بها، فلما صممت على الاعتراف، ولم ترجع عن اعترافها، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره، حالة كونه قاضيا بالعيينة، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة، وبرجم المرأة، وبالدعوة العظيمة إلى الله، وهجرة المهاجرين إلى العيينة.
وبلغ أمير الأحساء وتوابعها من بني خالد سليمان ابن عريعر الخالدي أمر الشيخ، وأنه يدعو إلى الله، وأنه يهدم القباب، وأنه يقيم الحدود، فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ، لأن من عادة البادية -إلا من هدى الله- الإقدام على الظلم، وسفك الدماء، ونهب الأموال، وانتهاك الحرمات، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره، ويزيل سلطان الأمير البدوي، فكتب إلى عثمان يتوعده، ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة، وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا، وكذا!! فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا.!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه، فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا، وإنه لا يحسن منا أن نقتلك، وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت، فقال الشيخ: إن الذي أدعو إليه هو دين الله، وتحقيق كلمة لا إله إلا الله وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، فمن تمسك بهذا الدين، ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرت واستقمت، وقبلت هذا الخير فأبشر، فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته. فقال: أيها الشيخ إنا لا نستطيع محاربته، ولا صبر لنا على مخالفته. فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية، جاء إليها ماشياً فيما ذكروا، حتى وصل إليها في آخر النهار، وقد خرج من العيينة في أول النهار مشيا على الأقدام، لم يرحله عثمان، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له محمد بن سويلم العريني، فنزل عليه ويقال إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه، وضاقت به الأرض بما رحبت، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له: أبشر بخير وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله، وسوف يظهره الله. فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال إن الذي أخبره زوجته، جاء إليها بعض الصالحين، وقال لها: أخبري محمدا بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته، وحرضيه على مؤازرته ومساعدته، وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها، قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، يدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبدا، فقبل الأمير مشورتها، ثم تردد هل يذهب إليه أم يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله وأن تقصده أنت، وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه، وأكرم مثواه، فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم وقصده وسلم عليه وتحدث معه، وقال له يا شيخ محمد: أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة فقال له الشيخ: وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة، هذا دين الله من نصره نصره الله، ومن أيده أيده الله، وسوف تجد آثار ذلك سريعا، فقال: يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله، وعلى الجهاد في سبيل الله، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على أعداء الإسلام أن تبتغي غير أرضنا، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى، فقال: لا؛ أبايعك على هذا، أبايعك على أن الدم بالدم، والهدم بالهدم، لا أخرج عن بلادك أبداً، فبايعه على النصرة، وعلى البقاء في البلد، وأنه يبقى عند الأمير يساعده، ويجاهد معه في سبيل الله، حتى يظهر دين الله، وتمت البيعة على ذلك. وتوافد الناس إلى الدرعية من كل مكان، من العيينة، وعرقة، ومنفوحة والرياض وغير ذلك من البلدان المجاورة، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان، وتسامع الناس بأخبار الشيخ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه، فأتوا زرافات ووحدانا، فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا، ورتب الدروس في الدرعية في العقائد، وفي القرآن الكريم، وفي التفسير، وفي الفقه، والحديث، ومصطلحه، والعلوم العربية، والتاريخية، وغير ذلك من العلوم النافعة.
وتوافد الناس عليه من كل مكان، وتعلم عليه في الدرعية الشباب وغيرهم، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة والخاصة، ونشر العلم في الدرعية، واستمر على الدعوة، ثم بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان، وإزالة الشرك الذي في بلادهم، وبدأ بأهل نجد، وكاتب أمراءها وعلماءها، كاتب علماء الرياض، وأميرها دهام بن دواس، وكاتب علماء الخرج وأمراءها، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم، وحائل، والوشم، وسدير، وغير ذلك. ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم، وهكذا علماء الأحساء وعلماء الحرمين الشريفين، وهكذا علماء الخارج في مصر، والشام والعراق، والهند، واليمن، وغير ذلك، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج، ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين، بل هناك أنصار، والله جل وعلا ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر، ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة، ولكن الحديث الآن عن نجد، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، مع أن فيها علماء فيهم خير، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي.
وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق، وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم من النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة، منها: عدم تيسر الناصر المساعد لهم، ومنها: عدم الصبر لكثير من الدعاة، وتحمل الأذى في سبيل الله.
ومنها: قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة، والعبارات اللائقة، والحكمة والموعظة الحسنة. ومنها: أسباب أخرى غير هذه الأسباب، وبسبب هذا المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد، اشتهر أمر الشيخ، وظهر أمر الدعوة، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة وفي خارجها، وتأثر بدعوته جم غفير من الناس، في الهند وفي أندونيسيا وفي أفغانستان وفي أفريقيا وفي المغرب وهكذا في مصر، والشام والعراق، وكان هناك دعاة كثيرون، عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم وزادت قوتهم، واشتهروا بالدعوة، ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه، ورسائله، وكتب أبنائه وأحفاده، وأنصاره، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها، وكذلك طبعت الكتب المؤلفة في دعوته، وترجمته، وأحوال أنصاره، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا، وأن لكل داع أعداء كثيرين كما قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[2]، فلما اشتهر الشيخ بالدعوة، وكتب الكتابات الكثيرة، وألف المؤلفات القيمة، ونشرها في الناس، وكاتبه العلماء، ظهر جماعة كثيرون من حساده ومن مخالفيه، وظهر أيضا أعداء آخرون.
وصار أعداؤه وخصومه قسمين: قسم عادوه باسم العلم والدين، وقسم: عادوه باسم السياسة لكن تستروا بالعلم، وتستروا باسم الدين، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء، الذين أظهروا عداوته وقالوا إنه على غير الحق، وإنه كيت وكيت، والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه، ويوضح الدليل، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي عليه من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وطورا يقولون: إنه من الخوارج، وتارة يقولون: يخرق الإجماع ويدعي الاجتهاد المطلق، ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى، وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منهم، وطائفة أخرى قلدت غيرها، واعتمدت على غيرها، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة، وتسترت باسم الإسلام والدين، واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين.
والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام: علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا، ويعتقدون أن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دينٌ وهدى، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين، وأبغض الأولياء، وهو عدو يجب جهاده.
وقسم آخر: من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه، بل قلدوا غيرهم، وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء، ومن معاداتهم وإنكار كراماتهم. فذموا الشيخ، وعابوا دعوته ونفروا عنه.
وقسم آخر: خافوا على المناصب والمراتب، فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم، فتزيلهم عن مراكزهم، وتستولي على بلادهم، واستمرت الحرب الكلامية والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه، يكاتبهم ويكاتبونه، ويجادلهم ويرد عليهم ويردون عليه، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره، وبين خصوم الدعوة، حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة، وردود جمة، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات، وقد طبع أكثرها والحمد لله، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد، وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية، وجد الأسرة السعودية على ذلك؛ ورفعت راية الجهاد، وبدأ الجهاد من عام 1158هـ، بدأ الجهاد بالسيف وبالكلام، وبالحجة والبرهان، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق، وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفئ شهرته، ثم يقل أنصاره، ومعلوم ما للسلاح من الأثر العظيم في نشر الدعوة، وقمع المعارضين، ونصر الحق وقمع الباطل، ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل، وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[3] فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات، وهي الحجج والبراهين الساطعة، التي يوضح الله بها الحق، ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان، والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق وينشر به الهدى، ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد، فيه قوة، وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة، وتؤثر فيه البينة، فهو القامع.
ولقد أحسن من قال في مثل هذا:
وما هو إلا الوحي أو حد مرهف *** تزيل ظباه أخدعي كل مائل
فهذا دواء الداء من كل جاهل *** وهذا دواء الداء من كل عادل
فالعاقل ذو الفطرة السليمة، ينتفع بالبينة، ويقبل الحق بدليله، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد، وساعده أنصاره من آل سعود طيب الله ثراهم على ذلك، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158 هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206 هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريباً من خمسين عاماً، جهاد، ودعوة ونضال، وجدال في الحق، وإيضاح لما قال الله ورسوله، ودعوة إلى دين الله، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى التزم الناس بالطاعة، ودخلوا في دين الله، وهدموا ما عندهم من القباب، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور، وحكموا الشريعة، ودانوا بها وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد، وقوانينهم ورجعوا إلى الحق وعمرت المساجد بالصلوات، وحلقات العلم وأديت الزكوات، وصام الناس رمضان كما شرع الله عز وجل، وأُمِر بالمعروف، ونُهي عن المنكر، وساد الأمن في الأمصار والقرى والطرق والبوادي، ووقف البادية عند حدهم، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق، ونشر الشيخ فيهم الدعوة، وأرسل الشيخ إليهم المرشدين، والدعاة في الصحراء والبوادي، كما أرسل المعلمين، والمرشدين، والقضاة إلى البلدان والقرى، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها، وانتشر فيها الحق، وظهر فيها دين الله عز وجل.
ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه، استمر أبناؤه وأحفاده، وتلاميذه، وأنصاره، في الدعوة والجهاد، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد، والشيخ حسين بن محمد، والشيخ علي بن محمد، والشيخ إبراهيم بن محمد، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ علي بن حسين والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد، وجماعة آخرون، ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، وجمع غفير من علماء الدرعية، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشروا دين الله تعالى، وكتابة الرسائل وتأليف المؤلفات، وجهاد أعداء الدين، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء، إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل، والاستقامة على ذلك، وهدم المساجد، والقباب التي على القبور، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها، ودعوا إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود الشرعية، هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس. والخلاصة: أنهم أرشدوا إلى توحيد الله، وأمروهم بذلك، وحذروا الناس من الشرك بالله، ومن وسائله وذرائعه، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان، والإيضاح والحجة، جاهدوه في الله عز وجل، وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق، وينيب إليه، أو يلزموه به بالقوة والسيف حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك، وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات، التي ما أنزل الله بها من سلطان، كالبناء على القبور، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت، وسؤال السحرة والكهنة، وتصديقهم وغير ذلك، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعاً.





المزيد من مواضيعي
رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 13.04.2012, 10:53

ابو اسامه المصرى

مجموعة مقارنة الأديان

______________

ابو اسامه المصرى غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 10.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 289  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2016 (13:15)
تم شكره 20 مرة في 17 مشاركة
افتراضي


وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة، والتأريخ الإسلامي، والعلوم العربية النافعة، وصار الناس في مذاكرة، وعلم، وهدى، ودعوة، وإرشاد، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك، علم، وعمل، ودعوة، وإرشاد، ودنيا ودين، فهو يتعلم ويذاكر، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك، فتارة لدينه، وتارة لدنياه، دعاة إلى الله وموجهون إلى سبيله، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم. وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين، وجنوب الجزيرة، وكاتبوا علماء الحرمين سابقا ولاحقا، فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب، واتخاذها على القبور، ووجود الشرك عندها، والسؤال لأربابها، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة متوجها إلى جهة الحجاز، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة، وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي، ونازلهم بقوة أرسلها إليه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم، وساعدوه حتى استولى على الطائف، وأخرج منها أمراء الشريف، وأظهر فيه الدعوة إلى الله وأرشد إلى الحق، ونهى فيها عن الشرك وعبادة ابن عباس وغيره مما كان يعبده هناك الجهال، والسفهاء من أهل الطائف. ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز، وجمعت الجيوش حول مكة.
فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة، ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال، واستولوا على مكة في فجر يوم السبت ثامن محرم من عام 1218 هـ وأظهروا الدعوة إلى دين الله وهدموا ما فيها من القباب التي بنيت على قبر خديجة وغيره، فأزالوا القباب كلها، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وعينوا فيها العلماء المدرسين، والموجهين، والمرشدين، والقضاة الحاكمين بالشريعة، ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220 هـ بعد مكة بنحو سنتين، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقراؤهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال، وواسوهم وعلموهم كتاب الله، وأرشدوهم إلى الخير، وعظموا العلماء وشجعوهم على التعليم والإرشاد، ولم يزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226 هـ، ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز، لجهاد آل سعود وإخراجهم من الحرمين، لأسباب كثيرة تقدم بعضها، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم، وحسادهم، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم، وأن تقضي على أطماعهم، كذبوا على الشيخ وأتباعه وأنصاره، وقالوا: إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنهم يبغضون الأولياء، وينكرون كراماتهم وقالوا إنهم أيضا يقولون كيت وكيت، مما يزعمون أنهم يتنقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وصدق هذا بعض الجهال، وبعض المغرضين، وجعلوه سلما للنيل منهم والجهاد لهم، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم، فجرى ما جرى من الفتن والقتال، وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم، وبين آل سعود في نجد، والحجاز، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل.
والخلاصة أن هذا هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، إنما قام لإظهار دين الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق، وزجرهم عن الباطل، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.
هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه وصفاته، ويؤمن بملائكته، ورسله، وكتبه، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله، وإخلاص العبادة له جل وعلا، وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه، لا يعطل صفات الله، ولا يشبه الله بخلقه، وفي الإيمان بالبعث والنشور، والجزاء والحساب، والجنة والنار، وغير ذلك ويقول في الإيمان ما قاله السلف إنه قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كل هذا من عقيدته رحمة الله عليه، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم، قولا وعملا، لم يخرج عن طريقتهم تلك البتة، وليس له في ذلك مذهب خاص، ولا طريقة خاصة، بل هو على طريقة السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان. رضي الله عن الجميع.
وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها، ودعا إلى ذلك، ثم جاهد عليه من أباه، وعانده، وقاتلهم، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله، وإنكار الباطل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق، ويلزمونهم به، وينهونهم عن الباطل، وينكرونه عليهم، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه، وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته، فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة والنزاع بينه وبين الناس وهي:
أولا: إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص. ثانيا: إنكار البدع، والخرافات، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة. ثالثا: إنه يأمر الناس بالمعروف، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه، ألزم به وعزر عليه إذا تركه، وينهى الناس عن المنكرات، ويزجرهم عنها، ويقيم حدودها، ويلزم الناس بالحق، ويزجرهم عن الباطل وبذلك ظهر الحق وانتشر، وكبت الباطل وانقمع، وصار الناس في سيرة حسنة، ومنهج قويم في أسواقهم، وفي مساجدهم، وفي سائر أحوالهم.
لا تعرف البدع بينهم، ولا يوجد في بلادهم الشرك، ولا تظهر المنكرات بينهم. بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وزمن أصحابه، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم. فالقوم ساروا سيرتهم. ونهجوا منهجهم، وصبروا على ذلك، وجدوا فيه، وجاهدوا عليه، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة، ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية، والدولة المصرية، مصداق قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[4] نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب، ورفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم. ولم تزل دعوتهم بحمد الله قائمة منتشرة إلى يومنا هذا فإن الجنود المصرية لما عثت في نجد، وقتلت من قتلت، وخربت ما خربت، لم يمض على ذلك إلا سنوات قليلة ثم قامت الدعوة بعد ذلك وانتشرت، ونهض بالدعوة بعد ذلك بنحو خمس سنين الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمة الله عليه فنشر الدعوة في نجد وما حولها، وانتشر العلماء في نجد وأخرج من كان هناك من الأتراك، والمصريين، أخرجهم من نجد وقراها، وبلدانها، وانتشرت الدعوة بعد ذلك في نجد في عام 1240 هـ.
وكان تخريب الدرعية والقضاء على دولة آل سعود في عام 1233 هـ. فمكث الناس في نجد في فوضى، وقتال، وفتن نحو خمس سنين من أربع وثلاثين إلى عام 1239 هـ ثم في عام أربعين بعد المائتين وألف اجتمع شمل المسلمين في نجد على الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، وظهر الحق وكتب العلماء الرسائل، إلى القرى والبلدان، وشجعوا الناس ودعوهم إلى دين الله وانطفأت الفتن التي بينهم بعد الحروب الطويلة التي حصلت على أيدي المصريين وأعوانهم، وهكذا انطفأت الحروب والفتن التي وقعت بينهم على إثر تلك الحروب وخمدت نارها، وظهر دين الله، واشتغل الناس بعد ذلك بالتعليم والإرشاد، والدعوة، والتوجيه، حتى عادت المياه إلى مجاريها، وعاد الناس إلى أحوالهم، وما كانوا عليه في عهد الشيخ، وعهد تلامذته، وأبنائه، وأنصاره، رضي الله عن الجميع ورحمهم، واستمرت الدعوة من عام 1240 هـ إلى يومنا هذا بحمد الله، ولم يزل يخلف آل سعود بعضهم بعضا، وآل الشيخ وعلماء نجد بعضهم بعضا، فآل سعود يخلف بعضهم بعضا في الإمامة والدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله.
وهكذا العلماء يخلف بعضهم بعضا في الدعوة إلى الله والإرشاد إليه، والتوجيه إلى الحق. إلا أن الحرمين الشريفين بقيا مفصولين عن الدولة السعودية دهراً طويلاً ثم عادا إليهم في عام 1343 هـ واستولى على الحرمين الشريفين الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد ابن سعود رحمة الله عليه، ولم يزالا بحمد الله تحت ولاية هذه الدولة إلى يومنا هذا.
فلله الحمد، ونسأل الله عز وجل أن يصلح البقية الباقية من آل سعود، ومن آل الشيخ، ومن علماء المسلمين جميعا في هذه البلاد وغيرها وأن يوفقهم جميعا لما يرضيه، أن يصلح علماء المسلمين أينما كانوا، وأن ينصر بالجميع الحق، ويخذل بهم الباطل، وأن يوفق دعاة الهدى أينما كانوا للقيام بما أوجب الله عليهم، وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم، وأن يعمر الحرمين الشريفين، وملحقاتهما، وسائر بلاد المسلمين بالهدى، ودين الحق، وبتعظيم كتاب الله، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن يمن على الجميع بالفقه فيهما، والتمسك بهما، والصبر على ذلك، والثبات عليه، والتحاكم إليهما، حتى يلقوا ربهم عز وجل، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. وهذا آخر ما تيسر بيانه، والتعريف به، من حال الشيخ، ودعوته وأنصاره، وخصومه، والله المستعان، وعليه الاتكال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه والحمد لله رب العالمين.
نقلته من كلام
اهل العلم والفضل دفاعا عن هذا الامام الجليل ومحبة فيه لبيان عظيم فضله وشرفه على هذه الامه لانه مجدد الدين وقامع البدعه ومقيم السنه وعلامة زمانه وامام عصره فجزاه الله عنا خير الجزاء وجمعنا به مع امام الانبياء والمرسلين فى جنات النعيم
ابو اسامه المصرى





رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
أحمد, الأئمة, الأربعة, الوهاب


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
متن الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كلمة سواء العقيدة و الفقه 3 21.12.2015 23:04
خواطر حول ( كتاب التوحيد ) للإمام محمد بن عبد الوهاب .. ابوحازم السلفي العقيدة و الفقه 13 29.09.2010 22:51
دعوة الامام محمد عبد الوهاب سلفيه سنيه وليست مذهب جديد ام البراء الاندلسيه العقيدة و الفقه 1 29.09.2010 13:09
محمد بن عبد الوهاب مُصْلِحٌ مفترى عليه . نور عمر القسم الإسلامي العام 7 27.09.2010 15:45
ترجمة الإمام محمد بن عبد الوهاب نور عمر القسم الإسلامي العام 4 24.01.2010 01:43



لوّن صفحتك :