الموريسكيون ( بداية التهجير والاضطهاد ) كي لا ننسى القسم الثاني

[جادي]

الموريسكيون ( بداية التهجير والاضطهاد ) كي لا ننسى القسم الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم



استكمالا لما سبق وبيناه في مقدمتنا عن الموريسكيون المسلمون الذين اظهروا التنصر واخفوا سلامهم خوفا من الاضطهاد والتصفية والقتل على يد محاكم التفتيش الاسبانية .

التي مارست ضدهم كل ألوان العذاب و فرضوا عليهم التنصّر و اعتناق النصرانية و منعوهم من إبداء أي مظهر من مظاهر الإسلام : فالزي الإسلامي استبدل بالقشتالي, و الأسماء العربية استبدلت بالإسبانية, و الوجوه المؤمنة المحتشمة أكرهت على السفور , و مُنعوا من الصلاة و الصيام و التطهُر وكافة العبادات الاخرى كما منعوا الاحتفال بالأعياد الإسلامية و بدل ذلك و بصفتهم مسيحيين جدد وجب عليهم التوجّه كل يوم أحد إلى الكنيسة لسماع الكاهن الذي يمجّد الصليب والاقانيم الثلاثة والصلاة لربهم يسوع , و من خالف هذه الأوامر المقدّسة فالموت مصيره المؤكد حرقا أو شنقا بعد تعذيبه بكل الوان العذاب , و لو أبدت محاكم التفتيش رأفة بالمتهم فستصادر كل ممتلكاته أو تسجنه أو ترسله لأداء الأعمال الشاقة في الجبال او البناء بالسخرة او ترسله للعمل في المناجم او العمل في السفن بالتجذيف او التنظيف او العتالة .

تقول المؤلفة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينال في كتابها الموريسكيون الأندلسيون

"في عام 1567 أذيعت في غرناطة سلسلة بنود و أوامر أهمها ما يلي :

-حظر اللباس المورسكي على الرجال و النساء و إلزام النساء-بالإضافة إلى ذلك- بكشف الوجه.



- يجب أن تظل أبواب البيوت مفتوحة و تمنع النساء من التخضيب بالحناء و يحظر استعمال الأسماء و الألقاب الإسلامية.

- حظر استعمال الحمامات.

- يحظر على المورسكيين أن يكون لهم عبيد من المقاتلين الغرباء, وعلى الأحرار من هؤلاء المقاتلين مغادرة غرناطة في غضون ستة أشهر.

- يحظر على المورسكيين كذلك أن يكون لهم عبيد من السود. (انتهى )

و لم تتوقف جرائم محاكم التفتيش عند هذا الحد بل رأت هذه المحاكم أن هذه الإجراءات لم تزد الأندلسيين إلا تمسّكا بدينهم الحنيف واتباعة والذوذ عنه حتى وان كان القتل هو المصير فقررت منع استعمال اللغة العربية بين الأندلسيين نهائيا لهذه اللغة التي كانت تزودهم من خلال الكتابات التي يحفظونها من القرآن الكريم وسيرة سيد المرسلين وكتب التاريخ الإسلامي بالعزيمة و الصبر والقوة والإيمان و أكثر من ذلك تمكّنهم من حفظ الإسلام في القلوب.

وفعلا صدرت هذه القوانين التي حرّمت عليهم التخاطب أو الكتابة باللغة العربية و أمرتهم بتسليم جميع الكتب المكتوبة بها للمحكمة ومندوبيها ليتم احراقها ومن لم يستجب لتلك الاوامر فمصيره القتل حرقا.

ورغم ان محاكم التفتيش الاسبانية بخطوتها هذه نجحت الى حدٍ ما في نيل مبتغاها وهدفها الرامي لفصل الأندلسي عن مصدر عقيدته وربما نجحت في انهاء اللغة العربية بالأندلس لكن الأندلسيين كانوا برحمة الله وفضله أذكى من رهبان وقساوسة المحاكم فقد استطاعوا ابتكار لغة بين العربية و القشتالية تسمى الألخميادو ( كلمة اسبانية معناها أعجمي ) و هذه اللغة هي القشتالية مكتوبة بالحروف العربية و لها قواعد و علوم وأصول خاصة بها. و قد استخدم الأندلسيون هذه اللغة في مخاطباتهم و كتاباتهم و تعليمهم وكانت لغة لم يكتشف الاسبان وجودها إلا في القرن الثامن عشر أي بعد 200 سنة على وضعها.

و قد عمل الأندلسيون على حفظ الدين الإسلامي من الاندثار والنسيان بواسطة اللغة الألخميادو فقد ترجموا القرآن العظيم و السنة النبوية والتفسير و الفقه و السيرة و الشعر و الأدب و التاريخ الى هذه اللغة ، وهذه عكس ما ضمنته لهم معاهدة التنازل عن غرناطة اخر معاقل الاسلام .

للمزيد من مواضيعي