اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 20.01.2011, 18:29
صور المشتاقه لرضي ربها الرمزية

المشتاقه لرضي ربها

عضو

______________

المشتاقه لرضي ربها غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.07.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 528  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
10.01.2012 (09:43)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


والمقصود أنه لما آل أمر البحر إلى هذه الحال بإذن الرَّبِّ العظيم الشَّديد المحال أمر موسى - عليه السلام - أن يجوزه ببني إسرائيل، فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين وقد شاهدوا من الأمر العظيم ما يحيِّر النَّاظرين ويهدي قلوبَ المؤمنين؛ فلمَّا جاوزوه وخرج آخرهم منه وانفصلوا عنه - كان ذلك عند قدوم أوَّل جيش فرعون إليه ووفودهم عليه - فأراد موسى - عليه السلام - أن يضربَ البحرَ بعصاه ليرجع كما كان عليه؛ لئلَّا يكون لفرعون وجنوده وصولٌ إليه ولا سبيل عليه؛ فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحرَ على هذه الحال؛ كما قال وهو الصَّادق في المقال:

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ * وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ * فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ * كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ * وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ. [الدُّخان: آية 17 وما بعدها].

فقوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا: أي ساكناً على هيئته لا تغيِّره عن هذه الصِّفة.

قاله عبد الله بن عبَّاس ومجاهد وعكرمة والرَّبيع والضَّحَّاك وقتادة وكعب الأحبار وسماك بن حرب وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم.
فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى وعاين ما عاين هاله هذا المنظر العظيم وتحقَّق ما كان يتحقَّقه قبل ذلك من أنَّ هذا من فعل ربِّ العرش الكريم؛ فأحجم ولم يتقدَّم وندم في نفسه على خروجه في طلبهم والحالة هذه؛ حيث لا ينفعه النَّدم؛ لكنه أظهر لجنوده تجلُّداً وعاملهم معاملة العدا وحملته النفس الكافرة والسجية الفاجرة على أن قال لمن استخفَّهم فأعطوه وعلى باطله تابعوه: انظروا كيف انحسر البحر لي لأدرك عبيدي الآبقين من يدي الخارجين عن طاعتي وبلدي. وجعل يوري في نفسه أن يذهب خلفهم ويرجو أن ينجو، وهيهات، ويقدم تارة ويحجم تارات.
فذكروا أنَّ جبريل - عليه السلام - تبدَّى في صورة فارس راكب على رمكة حايل؛ فمرَّ بين يدي فحل فرعون - لعنه الله - فحمحم وأقبل عليها، وأسرع جبريل بين يديه فاقتحم البحرَ واستبق الجواد وقد أجاد فبادر مسرعا، هذا وفرعون لا يملك من نفسه ضرًّا ولا نفعاً؛ فلمَّا رأتْه الجنودُ قد سلك البحر اقتحموا وراءه مسرعين فحصلوا في البحر أجمعين أكتعين أبصعين حتى همَّ أوَّلُهم بالخروج منه، فعند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه، فارتفع عليهم البحر كما كان، فلم ينجُ منهم إنسان؛

قال الله

وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء: آية 65]؛

أي في إنجائه أولياءه؛ فلم يغرق منهم أحد، وإغراقه أعداءه فلم يخلص منهم أحد.

آية عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة وصدق رسوله فيما جاء به عن ربِّه من الشَّريعة الكريمة والمناهج المستقيمة،

وقال تعالى

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس: آية 90]؛

يخبرُ تعالى عن كيفية غرق فرعون زعيم الكفرة القبط، وأنه لما جعلت الأمواج تخفضه تارةً وترفعه أخرى وبنو إسرائيل يَنظرون إليه وإلى جنوده: ماذا أحلَّ اللهُ به وبهم من البأس العظيم والخطب الجسيم؛ ليكون أقر لأعين بني إسرائيل وأشفى لنفوسهم!

فلما عاين فرعون الهلكةَ وأحيط به وباشر سكرات الموت أناب حينئذ وتاب وآمن حين لا ينفع نفساً إيمانُها؛

كما قال تعالى

إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس: آية 96]،

وقال تعالى

فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [غافر: آية 84].

وهكذا دعا موسى على فرعون وملئه أن يطمس على أموالهم ويَشْدُدَ على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذابَ الأليم؛ أي حين لا ينفعهم ذلك، ويكون حسرة عليهم، وقد قال تعالى لهما - أي لموسى وهارون - حين دعوا بهذا: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس: 89]؛ فهذا من إجابة الله تعالى دعوةَ كليمه وأخيه هارون - عليهما السلام.

ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدَّثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم لما قال فرعون: آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ [يونس: 89]، قال: قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسسته في فيه مخافةَ أن تنالَه الرَّحمة.
ورواه الترمذيُّ وابن جرير وابن أبي حاتم عند هذه الآية من حديث حمَّاد بن سلمة. وقال التِّرْمذيُّ: حديث حسن.

وقال أبو داود الطَّيالسيّ: حدَّثنا شعبةُ عن عديِّ بن ثابت وعطاء بن السَّائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم «قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسّه في فم فرعون مخافةَ أن ينالَه الرَّحمة». ورواه التِّرمذيُّ وابن جرير من حديث شعبة، وقال التِّرمذيُّ: حسن غريب صحيح. وأشار ابنُ جرير في رواية إلى وَقْفه، وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبو سعيد الأَشَجُّ، حدَّثنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن عبد الله بن يعلى الثَّقَفيّ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أغرق اللهُ فرعونَ أشار بإصبعه ورفع صوته: آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. قال: فخاف جبريل أن تسبقَ رحمة الله فيه غضبه فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه، ورواه ابن جرير من حديث أبي خالد به، وقد رواه ابن جرير من طريق كثير بن زاذان وليس بمعروف، وعن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم «قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له». يعني فرعون.

وقد أرسله غيرُ واحد من السَّلَف؛ كإبراهيم التَّيميّ وقتادة وميمون بن مهران، ويقال أنَّ الضَّحَّاكَ بن قيس خطب به الناس، وفي بعض الرِّوايات: «إن جبريل قال: ما بغضت أحدا بغضي لفرعون حين قال أنا ربكم الأعلى ولقد جعلت أدس في فيه الطين حين قال ما قال».

وقولُه تعالى

آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ: استفهامُ إنكار ونص على عدم قبوله تعالى منه ذلك؛ لأنَّه - والله أعلم - لو ردَّ إلى الدُّنيا كما كان لعاد إلى ما كان عليه كما أخبر – تعالى - عن الكفار إذا عاينوا النار وشاهدوها أنَّهم يقولون: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام: 27]؛ قال الله تعالى: بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الأنعام: 28]، وقوله: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً [يونس: 92].

قال ابنُ عبَّاس وغيرُ واحد: شَكَّ بعضُ بني إسرائيل في موت فرعون حتى قال بعضهم: إنه لا يموت. فأمر اللهُ البحرَ فرفعه على مرتفع – قيل: على وجه الماء، وقيل: على نجوة من الأرض - وعليه درعُه التي يعرفونها من ملابسه؛ ليتحقَّقوا بذلك هلاكَه ويعلموا قدرةَ الله عليه؛ ولهذا قال: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ؛ أي مصاحباً درعَك المعروفة بك؛ (لتكون) - أي أنت - آية (لمن خلفك)؛ أي من بني إسرائيل، دليلًا على قدرة الله الذي أهلكه. ولهذا قرأ بعض السَّلَف: لتكون لمن خلفك آية.

ويُحْتَمَلُ أن يكون المرادُ: ننجِّيك مصاحباً لتكون درعك لمن خلفك آية. ويُحتمل أن يكون المرادُ: ننجيك مصاحباً لتكون درعُك علامةً لمن وراءك من بني إسرائيل على معرفتك وأنَّك هلكتَ. والله أعلم.

وقد كان هلاكُه وجنودُه في يوم عاشوراء كما قال الإمام البخاريُّ في صحيحه: حدَّثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم النبيُّ عليه الصلاة والسلام المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقالوا: هذا يوم ظَهَرَ فيه موسى على فرعون. قال النبى صل الله عليه وسلم «أنتم أحق بموسى منهم فصوموا». وأصلُ هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما، والله أعلم.








توقيع المشتاقه لرضي ربها
شبكة ومنتديات طريقنا للجنة

يشرفنا تواصلكم معنا


رد باقتباس