ثالثًا : أسبابُ الفوضويّة :-
للفوضويّةِ في حياتِنا أسبابٌ عدة ، منها :
1-التهاونُ في استغلالِ الوقتِ وتضييعُهُ في توافِهِ الأمور :
فليس أرخصَ من الأوقاتِ في حياةِ الفوضويّين .
2-انعدامُ فقهِ الأولويّات :
فالفوضويُّ يشتغل بالكمالياتِ عن الضروريّات ، وبالثّانويّاتِ عن الكليّات ، ولا يُفَرِّقُ بين الأهمِّ والأقلِّ أهمية .
·فائدة :
إنَّ عدمَ إدراكِ فقهِ الأولويّاتِ يجعلُ المرءَ في حيرةٍ من أمرِه ، حيث تتزاحمُ أمامَهُ مجموعةٌ من المصالِحِ والأهدافِ يصعب القيامُ بها جميعَها ، فيُقدّمُ هذا ويُؤخّرُ ذاك دون ضابطٍ أو قيد ، ومن ثَمَّ تنشأُ مجموعةٌ من المشكلاتِ ينوءُ بحَمْلِها ، من أعظمِها الفوضويّة ، بسبب تقديم المهمِّ على الأهم .
3-عدمُ وضوحُ الهدف :
حيث يسيرُ في الحياةِ دون هدفٍ واضحٍ محدّد ، فخطواتُهُ غيرُ مدروسة ، وتحرُّكاتُهُ غيرُ معلومةِ الهدف ، وأعمالُهُ ردودُ أفعال ، فهو لا يعرفُ لماذا يسير ، ولا كيف يسير ، والجهلُ بهذين الأمرينِ مصيبة ، قال الشاعر :
إن كنتَ لا تدري فتلكَ مصيبةٌ
وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
4-تنفيذُ الأعمالِ بصورةٍ ارتجاليةٍ بدونِ تخطيطٍ مسبق :
إذ بدونِ التخطيطِ يسيرُ الإنسانُ في ظلامٍ لا تُعرَفُ نهايَتُه ، ويكون نصيبُهُ الاضطرابُ والفشل .
5-عدم ترتيبِ الأعمالِ عند تنفيذِها :
فلا تُنْجَزُ بترتيبٍ منطقِيٍّ منظم .
6-وجودُ الإنسانِ في وسطٍ فوضوِي :
فقد ينشأُ الإنسانُ في أسرةٍ فوضويّةٍ لا تراعي للوقت حرمة ، وقد يبتَلَىٰ بصُحبَةٍ سيّئَةٍ دأبُها وديدَنُها تضييعُ الأوقات .
7-الذنوب والمعاصي :
وهذا سببٌ عام ، يشملُ كلَّ ما مضىٰ ، حيث إنَّ العبدَ إذا أعرضَ عن اللهِ تعالىٰ واشتغلَ بالذنوبِ والمعاصي ، ضاعَ عليْهِ عُمرُهُ كُلُّه ، وذهبت حياتُهُ باطلا ، قال تعالى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) } [ الزخرف ] .
رابعًا : آثارُ الفوضويّة :-
للفوضويّةِ آثارٌ مُهلِكَة ، وعواقِبَ خطيرة ، منها :
1-ضياعُ العمرِ بلا فائدة :
وهذا هو الغبنُ الذي نَبَّهَ عليه المصطفىٰ صلى الله عليه وسلم في قولِهِ : « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ » [ رواه البخاري ] .
2-الحسرةُ والنّدامة :
قال تعالىٰ : { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) } [ الزمر ] ، ويتمنّى العودةَ إلى الدنيا ليتدارَكَ أمرَهُ ويُصلِحَ ما أفسدَه ، قال تعالىٰ : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } [ المؤمنون ] ، ولكن دونَ جدوىٰ فقد انتهىٰ وقتُ العمل .
3-التَّشَتُّتُ الذِّهنيُّ والقلقُ والاضطِرابُ النّفسِي :
ذلك أنَّ الفوضويَّ ليست لديه القدرةُ على اتخاذِ قرارٍ صحيحٍ لحلِّ المشكلاتِ التي تواجِهُه ، كما أنَّهُ ينسىٰ نفسَهُ من التّزكيةِ أو يُزَكّيها بما لا يُشبِعُها ولا يَشفيِها ، فيَمرَضُ قلبُهُ أو يموت ؛ الله المستعان .
4-فقدانُ الحِكْمَةِ في التعامُلِ مع الأمور :
فالفوضويُّ آنِيُّ التفكيرِ موسِمِيُّ العمل ، لا يُحدّدُ أهدافَهُ ولا يُنظّمُ وقتَهُ ، ينظُرُ إلى الأمورِ نظرةً سطحِيّة ، ويقِفُ عندَ ظواهِرِ الأحداثِ دون النّظَرِ في أسبابِها وآثارِها ونتائِجِها ، فيتّخِذُ قراراتٍ لا تتّفِقُ مع طبيعةِ الحدثِ ولا تُناسِبُه ، وهذا خلافُ الحكمة ، فالحِكْمَةُ هيَ : وضعُ كُلِّ شيْءٍ في موضِعِهِ الصحيح .
5-الفشلُ والضّياع :
فالفوضويُّ واقفٌ في مَكانِهِ أو يتحرّكُ حركةً بطيئةً لا تُسمِنُ ولا تُغني من جوع ، وبالتّالي لا يُمكِنُ أن يُحَقّقَ نجاحًا أو يَحدُثَ لَهُ تطوّرٌ ورُقِي ، فالعملُ المنظَّمُ يتطوَّرُ ويرتقي ، والعملُ الفوضويُّ يُخفِقُ ويتدهور .
توقيع خادم المسلمين |
نحن -المسلمين- بفضل الله تعالى بنينا مجدَ الأكارم وبكتابه الكريم أضأنا وجهَ العوالم وبسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم أقَمنا عهدَ الحواسم وكلّ من تُسوّلُ له نفسُه التطاولَ سُقناه سوقَ السوائم وليصبر -إنِ استطاع- على حَزّ الغلاصِم وقطع الحلاقِم ونكز الأراقِم ونهش الضراغِم والبلاء المتراكم المتلاطم ومتون الطوارِم |