الموضوع
:
حوار بين الأخ "الإشبيلي" والضيف "تنوير" حول "حقيقة وجود إله للكون"
اعرض مشاركة منفردة
Tweet
Share
رقم المشاركة :
11
(رابط المشاركة)
23.11.2010, 18:33
تنوير
عضو
______________
الملف الشخصي
التسجيـــــل:
09.11.2010
الجــــنـــــس:
ذكر
الــديــــانــة:
الإلحاد
المشاركات:
11
[
عرض
]
آخــــر نــشــاط
29.11.2010 (22:35)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
أحب أن أعتذر للزملاء في البداية لتأخر الرد حيث عدت إلى الجامعة بعد انتهاء إجازة العيد و لم يعد لدي الكثير من الوقت لفتح المنتدى، و قد جعلت هذه المداخلة طويلة و دسمة بعض الشيء حيث لا أعرف متى يسنح لي الوقت للقدوم ثانية، فأرجو منك زميلي الفاضل طائر السنونو أن تتأنى و تأخذ و قتك فلا حاجة بك للاستعجال.
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
{ لأحظ انت أن كُل ما يصنعهُ الإنسان من
Robot
[ إنسان آلي ] هو محاولة لفهم الإنسان ذاتهُ
وتقليده لتطوير الروبوت ليصبح عاملاً مساعدًا في حياة الإنسان وبرغم الأبحاث المضنية والمليارات المنفقة لا يزال الإنسان غير قادر على صناعة يد آدمية وتركيبها مكان أُخرى مبتورة لإنسان لتقوم بنفس الكفاءة والوظائف لليد السليمة ولازالت الأبحاث التعويضية والمشروعات مثل سيبورج
cyborg
عاجزة عن ذلك }
اليد البشرية كبقية الجسد الإنساني، و كبقية أجساد الكائنات الأخرى، هي حصيلة آلاف ملايين السنين من التطور. فلا يوجد أدنى شك في أن صناعة ما يشبهها على ما هي عليه من التعقيد أمر شديد الصعوبة، و أمام الإنسان الكثير ليتعلمه حتى يستطيع أن يقلد الطبيعة.
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
والسؤال الذي يطرح نفسهُ
{
لو أغمضت لك عيناك ووضعتك في غرفة مليئة بالأساس وطلبت منك الخروج فكم فرصتك في عدم لمس أو التعثر بإحدى قطع الأساس
؟؟؟؟؟ }
{
و
كم من الفرص تملكها سفينة تُبحر بغير ربان في مضيق ملئ بالصخور والجزر للنجاة
}
والإجابة
لا توجد
الفرصة
صفر
فكم من الفرص لنجاة أرضنا من كُل ما قُلت أنت وغيرها من كوارث لا نعلمُها ولا يحصيها إلا الله
الفرصة أيضًا
صفر
وبقاء الحياة حتى هذه اللحظة لمن أشد الأدلة على القُدرةِ العُلية التي تسير بنا وبالحياة في مأمن من كُل هذا ..
وتظهر بعض لمحات تلك القدرة في سقوط النيازك الكُبرى القادرة على محو الحياة خارج المناطق المأهولة
كمثال نيزك تنجوسكا وصخرة الشهاب بصحراء أريزونا الأمريكية ..
فالأرض أشبه بالراكب الأعمى داخل حافلة مزدحمة ..
الفرصة ليست صفراً بالطبع، فكما ذكرت قبلاً أن الأحداث على المستوى الكوني تحتاج إلى أزمنة هائلة، و عمر الإنسان شديد القصر ليستطيع استيعاب مثل هذه المواقيت. فمثلاً حادث اصطدام مجرتين من بدايته و حتى نهاية الصدام و اندماج المجرتين قد يأخذ ما يقارب بليونين من الأعوام، فحتى أثناء صدام المجرات سيظل بعض النظام موجوداً، و هذا راجع إلى الأحجام و الأزمنة الكونية. و لو كانت الفرصة صفراً ما كانت الحياة قد ظهرت و لا استمرت. و الأرض في الفلك تختلف اختلافاً جذرياً عن الراكب الأعمى في الحافلة المزدحمة، فركاب الحافلة لا تخضع حركتهم لمدارات دائرية ثابتة لأن قوى الجاذبية التي تربط الواحد منهم بالآخر ليس لها أي اعتبار، و هم لهذا يتحركون بشكل أكثر فوضوية بكثير من حركة الأجرام التي يمكن مراقبتها و توقع أماكنها في المستقبل، أما مع ركاب الحافلة فأنت لا تعرف ما يمكن أن يحدث. و عدم سقوط نيزك مدمر على الأرض يفضي بالحياة كلها حتى الآن لا يعني استحالة حدوث ذلك، و هناك ما يحدث بالفعل من الكوارث الطبيعية الأخرى التي لا يبدو عليها أنها تعبأ كثيراً بالحياة. و لكن بالطبع الحوادث هائلة التدمير أقل احتمالاً من الحوادث الأقل تدميراً.
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
شعر البشّر دومًا أن هُناكَ قوىً علويةً ترعاهم وأدركت فطرتهم لما رأت الموتَ يتوفاهم ..
و لا قدرةَ لهم على دفعهُ أو تجنبهُ او حتى الإختباء منه
و لما لا حظوه من ضعف البشر ونقص قدرتهم حتى عن جلب الطعام لأنفسهم { بدون رعاية هذه القدرة } أو توفير الحماية لهم ولذويهم ..
فترى على مرّ الأزمان حاجة البشر الفطرية إلى وجود رب معبود يرعاهُم ..
وأجاب أهل العلّم بتعريف الفطرة
أنها هي العهد والميثاق الذي أخذهُ الله تعالى على عبادهِ بعبادتهِ ..
كل هذا تقريباً صحيح. فخوف البشر من الموت و كراهتهم للعبثية التي ينهي بها حيواتهم، بالإضافة إلى رغبتهم في الشعور بالانتماء و الاستناد إلى كيان أكبر يحبهم و يعتني بهم، أضف على ذلك رغبتهم في تفسير الظواهر الغير مفهومة من الكون، كل هذا جعلهم يقولون بوجود الله و يتمسكون به تمسكاً شديداً، على أن هذا لا يعني أن الله موجود فعلاً و إنما يدلنا فقط على ضعف النفس البشرية و سهولة استسلامها لما يكفل لها راحة البال حتى مع غياب الأدلة على صحته. و تعريف الفطرة هذا من العلوم الشرعية، و في الحقيقة لا يوجد أي ما يدل على أن الإنسان يولد معتقداً بشيء أو بآخر، و لكنه فيما أرى يكتسب اعتقاداته كما يكتسب كل أنواع المعرفة الأخرى.
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
فما دليلك القوي أن الله جل في عُلاه ..
غير موجود .. ؟؟؟
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
على أن بداية الكون كانت في زمن ما ، وفي لحظة خاصة من الزمن ، وعليه لا يمكن
بالضرورة أن يكون بدون موجد وخالق قدّير أول ، عالم قادر على كل شيء
هو الذي صنع الكون وخلق الخلائق ..
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبها
طائر السنونو
فما دليلك المُسلم به على هذا
{ الدليل البيّن الواضح ألا وجودَ لله }
نعم بداية الكون كانت في زمن ما، و نستدل من ذلك أن:
الكون حادث إذاً فله سبب
، فقط. لا يوجد أي ما يؤهلنا لاستدلال أن يكون هذا السبب عاقلاً قديراً عالماً بكل شيء قادر على كل شيء، فكل هذه افتراضات زائدة و لا داعي لها. أما قضية عدم وجود الله هذه، فهي كقضية وجوده مستحيلة الإثبات، و لكن ما سأحاول توضيحه من خلال نظرة سريعة على المنهج العلمي هو أن فكرة وجود الله لا ترقى لمستوى النظرية التي تقبل أن يعتد بها.
المنهج العلمي في التفكير
كل ما لدى الإنسان من علم هو نظريات لتفسير مختلف الظواهر التي يقابلها في حياته، و النظرية و مدى مصداقيتها هو ما سأحاول عرضه هنا و نقد فكرة وجود الله عن طريقه.
أولاً: ما هي النظرية؟
النظرية هي محاولة لتفسير ظاهرة ما، عن طريق افتراض معين. بعد وضع الافتراض يقوم المنظر بتوقع بعض المشاهدات التي قد ينتظرها في حال صحة افتراضه و المشاهدات التي لا يتوقعها، ثم يبدأ بإجراء التجارب ليرى هل تصدق توقعاته أم لا. و كلما صدقت توقعاته كان هذا دليلاً على أن نظريته أقرب للصواب. لاحظ أن أقرب للصواب تختلف كثيراً عن كون النظرية صواباً فعلاً فهذا لا يمكن إثباته بأي شكل كان، فالعلم يؤهلنا للقول بأن شيء ما محتمل بنسبة مرتفعة و لكن لا يؤهلنا للقول بأن شيء ما
حقيقة مطلقة لا تقبل الشك
.
مثال:
الظاهرة المراد تفسيرها:
الجاذبية.
التفسير:
قوة تربط كل جسمين ببعض و تتناسب مع حاصل ضرب كتلتيهما مقسوماً على مربع المسافة بينهما.
التوقعات:
مثلاً، مدار المريخ يجب أن يأخذ شكل كذا و كذا لو كانت فرضيتنا صحيحة، و مدار عطارد يأخذ شكل كذا، و لو قذفت جسماً من على سطح الأرض بسرعة كذا سيرتفع لهذا الارتفاع المعين ثم يسقط.
التحقق من صحة التوقعات:
و في حالتنا هذه، أي نظرية نيوتن للجاذبية، تصدق التوقعات كلها تقريباً ما عدا مدار عطارد الذي ينحرف عن المتوقع بعض الشيء، فنستدل من هذا على وجود خطأ ما في النظرية، و يبدأ البحث عن افتراض آخر.
فهذا مثال لنظرية علمية، قامت أولاً بتفسير الظاهرة و ثانياً بإعطائنا بعض التوقعات التي تؤهلنا لإجراء المشاهدات حتى نرى هل هناك مشاهدة تتعارض مع الافتراض أم لا. فإن لم تتعارض المشاهدات مع النظرية فنسلم بصحتها حتى نجد ما يعارضها.
ثاني خصائص النظرية أنها يجب أن تكوِّن مع النظريات الأخرى نموذجاً كاملاً مفهوماً للكون، فلو وضعنا افتراضاً و وجدناه يعارض نظرية أخرى يجب ترك أحد النظريتين.
ثانياً: الله في العلم.
الآن سنحاول تقييم فكرة وجود الله كنظرية لتفسير أي ظاهرة.
الظاهرة:
التعقيد الشديد للكائنات الحية.
التفسير:
قام ”إله“ بخلق الكائنات و وضعها في العالم.
التوقعات:
لا شيء، فالإله من تعريفه قادر على كل شيء، إذاً لا يوجد مشاهدات متوقعة بشكل خاص حيث هو يقدر على كل شيء و يفعل ما يريد، و بالتالي لا يوجد بالطبع لدينا أي وسيلة للتحقق من مدى مصداقية نظريتنا.
التحقق من صحة التوقعات:
...
لفهم ما أقصد بصورة أفضل، نأخذ مثالاً آخر.
الظاهرة:
التعقيد الشديد للكائنات الحية.
التفسير:
المادة التي في الكون ليست ميتة إلا عندما ننظر إليها، و لكن بينما لا نراها قد تقوم بعمل أشياء سحرية كتجميع أجزاء كائن حي مثلاً، فهي شديدة الذكاء و لكنها تدعي عكس ذلك أمامنا.
التوقعات:
لا شيء، لأنه و من النظرية، المادة لا تقوم بإظهار ذكائها المزعوم هذا في حضرة أحد، أو بينما يشاهدها أحد، و لذلك فالتحقق منه مستحيل.
التحقق من صحة التوقعات:
...
قبل أن يبدأ أحد بالاعتراض قائلاً ”
ما هذه الخزعبلات و كيف تكون المادة حية؟
“ عليه أن يقارن بين التفسيرين أولاً فلا يجد بينهما فرقاً، و لنعقد مقارنة صغيرة بينهما حتى تتضح الأمور أكثر.
نظرية الإله:
هل يمكن نفيها:
لا.
هل تفترض مكونات لا نعرفها بالحس:
نعم، إله خارج الكون لا يراه أو يسمعه أحد.
هل تكون مع النظريات الأخرى نموذجاً متكاملاً:
لا فرق، فالنظرية لا تضع بين أيدينا أي توقعات حتى تخالف نظرية أخرى.
نظرية المادة الحية:
هل يمكن نفيها:
لا.
هل تفترض مكونات لا نعرفها بالحس:
نعم، عقل للمادة و سلوك شاذ بينما لا يشاهدها أحد.
هل تكون مع النظريات الأخرى نموذجاً متكاملاً:
لا فرق، فالنظرية لا تضع بين أيدينا أي توقعات حتى تخالف نظرية أخرى.
الآن لدينا نظريتان يفسران نفس الظاهرة تفسيراً لا غبار عليه، فكيف نختار واحدة؟ بالطبع ما يمكن أن يفسر الظاهرة ليس هاتين النظريتين فقط، و إنما يمكن ببعض الجهد العقلي أن نخترع آلاف التفاسير المشابهة، و لا يمكن أن نقرر أي منهم هو التفسير الصحيح إلا رجماً بالغيب. فهذه أمثلة لتفسيرات سيئة، ليس بمعنى أنه من غير الممكن أن يكون واحد منهم صحيحاً، و لكن من الممكن وضع العشرات غيره للقيام بنفس الوظيفة فيصبح التحقق من أيهم في عداد المستحيلات، حيث أن هناك ما يماثله تماماً. و بالطبع لا يبقى لنا إلا الاستحسان العاطفي، فيأخذ الناس نظرية وجود الله لأنها
أجمل
، و هذا طبعاً ليس من العلم في شيء.
الآن نقارن التفسيرين السابقين بنظرية التطور التي تحاول تفسير نفس الظاهرة.
الظاهرة:
التعقيد الشديد للكائنات الحية.
التفسير:
تطورت كل الكائنات الحية من كائن أول بسيط أحادي الخلية عن طريق الطفر العشوائي ثم اقتلاع الطفرات الضارة بآلية الانتخاب الطبيعي، فلم يتبقى إلا الكائنات القادرة على التكيف مع بيئتها تكيفاً تاماً.
التوقعات:
تشابه الكائنات على المستوى الجيني و التشريحي و الذي يقل كلما تباعدت الكائنات على السلم التطوري، عدم إمكانية العثور على حفريات للقرود مثلاً ترجع إلى تاريخ يسبق تاريخ ظهور الفئران الذي تتوقعه النظرية، إلخ.
التحقق من التوقعات:
كل المشاهدات على المستويات الجينية و التشريحية و الحفريات تؤيد التوقعات، كما أظهرت برامج الكمبيوتر إمكانية حدوث التطور، و هناك الكائنات التي تمر بتطور شديد السرعة بحيث يشهده الإنسان، و أشهر مثال على ذلك بالطبع
سحلية إسطنبول
التي تطورت تطوراً كبيراً في فترة شديدة القصر.
فهذا مثال لتفسير آخر لنفس الظاهرة، و لكنه تفسير جيد لأن لديه قدرة توقعية نستطيع من خلالها البحث عما يؤيده أو يعارضه في العالم. لاحظ أن النظرية الجيدة
دائماً
ما تكون قابلة للنفي. و هذا هو مبدأ
كارل بوبر
ل
لتخطئة (Falsifiability)
، و الذي ينص على أن النظرية العلمية
يجب
أن تكون قابلة للدحض، و إلا فهي مجرد تفسير مهلهل لا سبيل للتحقق منه، و يمكن وضع المئات غيره على نفس وتيرته فلا نعرف وسيلة لاستحسان أيهم على أسس علمية موضوعية.
* * * * *
ثم علاوة على أن تفسير الكون عن طريق وجود الله لا يمكن التحقق منه بأي شكل كان، فهو حتى لم يعطي الإنسان تفسيراً مرضياً للحياة، بل ترك كثيراً من الأسئلة بدون إي إجابة أو بإجابات متعارضة. و لأن هذا منتدى إسلامي و لأني نشأت في أسرة مسلمة، سأطرح بعض الأمثلة من العقيدة الإسلامية على الإجابات التي يعتورها الخلل.
أولاً: غاية الوجود.
من أول الأسئلة التي يقوم الإنسان بطرحها على نفسه و تجبره طبيعته على سؤالها ”
لماذا أنا هنا؟
“ و طبعاً يقوم الناس دائماً بادعاء أنه لا غاية للوجود الإنساني في الإلحاد و أنه يؤدي لا محالة إلى العدمية. و لكن ما هي غاية الوجود في الإسلام؟
جاء في القرآن: ”
ربنا ما خلقت هذا باطلاً
“ مما يعني أن للوجود غاية، إذاً ما هي؟ إن سألت لماذا نحن في الدنيا، يرد المسلم ”ليختبرنا الله“ فإذا سألت فلم يختبرنا الله، قال لحكمة لا يعلمها إلاه. لنبدأ بالتحليل المتأني لهذه الجملة.
الله فقط هو من يعرف الحكمة من خلقه لنا.
أي أن هناك حكمة من الخلق بمعنى نتيجة مرتقبة مثلاً أو غاية.
بصيغة أخرى نقول أن الله قبل الخلق قرر أن يخلق الكون لتحصل النتيجة أ مثلاً.
إذاً عندما يخلق الله الكون تحصل النتيجة أ، لاحظ أن هذه صيغة لقاعدة سببية.
لو كانت هذه القاعدة مفروضة على الله سقطت عنه القدرة المطلقة حيث توجد قاعدة لا يستطيع الفعل إلا بمقتضاها.
لو لم تكن مفروضة عليه فهو مبتدعها، فنقول لم ابتدعها؟ فإن كان لغاية قيل نفس ما قيل، و إن لم يكن فليس للوجود غاية، حيث هو قائم على أساس بلا غاية.
إذاً وجود غاية من الخلق يتعارض مع إطلاق القدرة.
ثانياً: الثواب و العقاب.
افترض أن من يسرق يدخل النار و من لا يسرق يدخل الجنة. ثم افترض شخصين
أ
و
ب
، كل منهما أمامه فرصة للسرقة، فيقوم
أ
بالسرقة و يعرض
ب
عنها.
الآن لم سرق
أ
و لم يسرق
ب
؟
نتخيل أولاً موقفاً فيه
أ
و
ب
شخصين متماثلين تماماً و كل منهما لا يشعر بالاكتراث تجاه السرقة أو عدمها. فأخرج كل واحد منهما عملة معدنية و ألقاها فإن نزلت على وجهها سرق و إن نزلت على ظهرها لم يسرق، فنزلت عملة
أ
على وجهها فسرق، و نزلت عملة
ب
على ظهرها فلم يسرق.
فإن قلت يدخل
أ
النار و
ب
الجنة كان هذا ظلماً لأن الصدفة فقط هي من جعلت هذا يسرق و هذا لا.
الآن هذا في حالة شخصين متماثلين تماماً، لكن في حالة اختلاف
أ
عن
ب
، مثلاً
أ
لديه استعداد للسرقة و
ب
لا. فمن أين جاء هذا الاستعداد؟ لو قلت
أ
مثلاً كثير الذنوب أما
ب
فيتقي الله، فمن أين جاء هذا الاختلاف؟ فإن قلت هذا استسلم للشيطان و هذا لا، جاز نفس السؤال. ما الذي جعل هذا يستسلم للشيطان و هذا لا؟ و هكذا، كل
سبب في صيغة فعل إنساني
آخر يجوز فيه نفس السؤال ”
لماذا فعل هذا و هذا لم يفعل؟
“ حتى نصل لما لا يجوز فيه السؤال و هو ما بين فطرة أو صدفة.
فإما أن الله خلق
أ
و
ب
متساويين تماماً و في هذه الحالة لم توجههم إلا الصدف و الظروف فتجعل هذا يسرق و هذا لا، و إما أنه خلق هذا باستعداد للسرقة أو باستعداد للانجراف وراء الهوى أو الشيطان أو خلافه و الآخر لا، و الحالتين فيهما ظلم واضح.
ثالثاً: العقاب الأبدي.
تؤكدون دائماً على أن الجزاء من جنس العمل فماذا يعني ذلك؟ هو يعني فيما أرى أن الجزاء يكون من نوع و مقدار الفعل المجزي عليه. إذاً فلماذا العقاب الأبدي؟ الإنسان كائن محدود في الزمان و المكان و كذلك كل أفعاله محدودة لا يمكن أن يصدر عنه ما لا نهاية له، فمهما ارتكب من أخطاء و إن كبر حجمها و استوجبت العقاب، سيكون العقاب الأبدي بزيادة في المقدار على الفعل الإنساني أياً كان هذا الفعل. ثم إن عقاب من هذا النوع لا يسمى عقاباً أصلاً لأن العقاب يكون بغرض الإصلاح و التهذيب، أما العذاب الأبدي فيجب أن يدخل تحت بند الانتقام لا العقاب. و الانتقام هو فعل سيء لا يأتي من إله كامل، فهو يدل على الندية، لأن الشخص ينتقم بإيذاء من آذاه، فلم ينتقم الله إلا لو كانت أفعال البشر قادرة على أذيته؟
رابعاً: رحمة الله.
جاء في القرآن:
”
يوم يعض الظالم على يديه و يقول الكافر ياليتني كنت تراباً
“
”
ربنا وسعت كل شيء رحمة و علماً
“
”
و هو على كل شيء قدير
“
”
و لا يظلم ربك أحداً
“
من الآية الأولى و التي تصور موقف الكافر يوم القيامة، يتضح لنا أنه يتمنى كونه معدوماً على خلوده في النار، و طالما هو يرى هذا أفضل له، و أي عاقل بالطبع يرى مثله، فقد كان من رحمة الله به ألا يخلقه من البداية، فلم خلقه؟
لو لم يكن يعلم أنه سيدخل النار يسقط عنه العلم المطلق.
لو خلقه مضطراً سقطت عنه القدرة المطلقة.
لو خلقه مريداً و هو يعلم أنه سيخلد في النار سقطت عنه الرحمة المطلقة.
لو قيل أن الله يختص المؤمنين فقط برحمته سقط عنه العدل المطلق، لأن أي فرق بين المؤمن و الكافر قبل الخلق لا يمكن لأي منهما أن يكون له يد فيه، حيث هو لم يخلق بعد.
و هذه الأمثلة بالطبع أنا لا آخذها بشكل شديد الجدية، فبها أو بدونها أنا لا أرى الإيمان بالله مبرَّرَاً، و سبب هذا هو ما ذهبت إليه في البداية عن الطريقة العلمية و الأسلوب الصحيح في التفكير و التنظير. و لكني أعرضها كأمثلة لتوضيح أن الدين لم يقدم إجابات مرضية كما يدعي البعض، و لم يجعل الوجود مفهوماً أكثر من ذي قبل، فقط جعله أكثر إرضاءاً من وجهة نظر بشرية خالصة تبحث عن سعادة أبدية و تؤلمها عبثية الحياة.
آخر تعديل بواسطة تنوير بتاريخ 23.11.2010 الساعة
18:52
.
تنوير
اعرض الملف الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى تنوير
إيجاد كل مشاركات تنوير
إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع
0
عدد الـــــردود
11
المجمــــــــوع
11