نظرية التطور هي فلسفة ومفهوم ينتج عنه فرضياتظنية كاذبة، واعتقادات ونصوص خيالية من أجل البرهنة على أن وجود الحياة وأصلها ليساإلا مجموعة مصادفات. وتعود جذور هذه الفلسفة إلى ماض بعيد حيث الإغريقالقدامى.
يعتنق كل الملحدين الذين ينكرون الخلق نظريةالتطور ويدافعون عنها. ينطبق ذات الشيء على المذاهب والأنظمة التي تناصب الدينالعداء.
تخفت نظرية التطور تحت عباءة العلم طوال قرنونصف القرن لتعطي لنفسها حق التواجد على الساحة. وبالرغم من إحرازها تقدما كنظريةعلمية خلال منتصف القرن التاسع عشر إلا أنه، ومع كل الجهود التي بذلها المدافعونعنها، لم تثبت التجارب أو المكتشفات العلمية صحتها.. في الحقيقة تُعرّفنا "الحقيقةالعلمية جدا" التي تقوم عليها النظرية، وتستمر في تعريفنا، بأن نظرية التطور ليسلها أي امتياز في عالم الحقيقة.
لقد أوضحت الحسابات الافتراضية والتجاربالمخبرية أن الحمض الأميني الذي تنشأ عنه الحياة لا يمكن أن يكون قد تشكل عن طريقالصدفة.حتى الآن لم يتمكن أحد من تركيب الخلية، التي افترض أنها نشأت مصادفة تحتشروط بدائية أرضية غير محكمة، كما يقول التطوريون، حتى في أعقد وأرقى المخابرالعالمية في القرن العشرين. ولم يتم العثور على أي مخلوق "بشكل تحولي" كما يقولالخلق المتدرج للأعضاء من عضو بدائي جدا، حسب ما تدعيه النظرية الداروينية، في أيمكان من العالم بالرغم من البحث الكثيف والطويل ضمن سجل المستحاثات.
ومن خلال المحاولات المستميتة التي جاهد بهاالتطوريون لإيجاد دليل على نظريتهم، أثبتوا بأيديهم أن التطور لا يمكن أن يحدث علىالإطلاق!
واضع هذه النظرية بالصيغة التي يتم الدفاع عنهافي عصرنا هذا هو عالم أحياء انجليزي غض يدعى تشارلز داروين Charles Robert Darwin.وضع داروين أفكاره في البداية ضمن كتاب أسماه "أصل الأنواع عن طريق الاختيارالطبيعي" عام 1859. يدعي داروين في كتابه أن كل الأحياء لها سلف واحد وأنها تطورتعن بعضها بطريق الانتقاء الطبيعي. والذين يتم قبولهم في المحيط الذي يعيشون فيه،تنتقل صفاتهم إلى الأجيال التالية، ومن خلال التراكم عبر الأزمنة تقوم هذه الصفاتالجيدة بتحويل الأفراد إلى أنواع مختلفة تماما. وبهذا يكون الإنسان أكثر منتجاتالانتقاء الطبيعي تطورا. باختصار يكون أصل كل نوع من الأنواع نوع آخر.
تم التقاط أفكار داروين الباهرة من قبل دوائرمذهبية وسياسية معينة وتم الترويج لها لتصبح شائعة بين أوساط العامة. والسبب وراءذلك يعود إلى أنه في ذلك الحين لم يكن المستوى العلمي كافيا للكشف عن خداع وزيفالمخططات الخيالية الداروينية. فعندما وضع داروين افتراضاته لم تكن علوم المورثاتوالأحياء والكيمياء الحيوية موجودة. ولوكانت موجودة، لعرف داروين أن نظريته لا أساسفي عالم العلوم ولما تمادى فيها بدون معنى: حيث تثبت المعلومات التي تقول بتحديدالأنواع، والتي وجدت حديثا، أنه من المستحيل على الانتقاء الطبيعي أن ينتج أنواعاًجديدة بتغيير المورثات.
لم تكن أصداء كتاب داروين لتقبل ببساطة. فقداكتشف العالم الاسترالي النباتي ماندل قوانين الوراثة عام 1865. وبالرغم من أنالمعلومات التي تواجدت حتى نهاية القرن لم تكن وافرة، إلا أن اكتشافات ماندل لاقتاهتماماً كبيراً في بداية القرن العشرين مع ولادة علم المورثات. بعد ذلك بوقت قصيرتم اكتشاف بنيات المورثات والصبغيات. وسبب اكتشاف جزيء DNA ،الذي يحوي علىالمعلومات الجينية، عام 1950 أزمة كبيرة لنظرية التطور، لأن كمية المعلومات الكبيرةالتي يحملها هذا الجزيء لا يمكن أن تفسر على ضوء الأحداث التصادفية. بالإضافة إلىكل هذه التطورات العلمية، فإنه لم يتم العثور على أي نوع من أنواع الأشكال المتحولةالتي يفترض أن تدل على تطور العضويات التدريجي من حالة بدائية إلى أنواع متطورةبالرغم من سنوات طويلة من البحث والاكتشاف.
وانضمت هذه التطورات التي نتجت في نظرية داروينإلى نفايات التاريخ. إلا أن هذه النظرية لا تكتسب أهميتها من خلال إصرار بعضالدوائر على مراجعتها وإعادة صياغتها والصعود بها إلى منصة العلم، بل من المآربالمذهبية التي تكمن وراءها.
قامت الدوائر التي اعتقدت بضرورة استمرار نظريةوصلت إلى طريق مسدود بإنشاء صيغة جديدة لها. هذه الطريقة الجديدة هي "الداروينيةالجديدة" وحسب هذه النظرية فإن الأنواع تتطور كنتيجة عن حدوث الطفرة، أي تغير بسيطفي المورثات، ويبقى على قيد الحياة أكثرها ملائمة حسب قانون الانتخابالطبيعي.وعندما ثبت أن الآلية التي تقول بها الداروينية الحديثة غير صالحة، وأنتغيرات بسيطة غير كافية لتشكيل كائنات حية، ، راح التطوريون يبحثون عن طرق جديدة. خرجوا بادعاء جديد أطلقوا عليه مصطلح "التوازن المتقاطع" لا يستند إلى أي أسس علميةأو عقلية. يقول هذا المبدأ ان الكائنات الحية قد تطورت فجأة إلى أنواع أخرى دونأشكال تحولية. بتعبير آخر ظهرت أنواع دون جدود تطورية. هذه طريقة وصف الخلق. وبالرغم من أن التطوريين كانوا ينفرون من هذا المبدأ إلا أنهم حاولوا أن يغطوهباعتبارات غير مفهومة. مثلا قالوا بأن الطير الأول الذي عرفه التاريخ ظهر فجأة منبيضة أحد الزواحف. نفس النظرية تقول بأن اللواحم الأرضية قد تحولت إلى حيتان عملاقةبعد تحول مفاجئ وشامل.
الحس العلمي لهذه الإدعاءات التي تعارض كافةقواعد علم المورثات والفيزياء العضوية والكيمياء العضوية، مثل الحس الواقعي للقصصالخيالية التي يتحول فيها الضفدع إلى أمير. وبالرغم من ذلك، وبعد خيبة الأمل التيسببتها الأزمة التي وقعت فيها الداروينية الحديثة، اعتنق بعض علماء الأحياء القديمةالتطوريون هذه النظرية مع كونها أكثر شذوذا من الداروينية الحديثة نفسها. الهدفالوحيد لهذا النموذج هو تقديم تفسير للثغرات الموجودة في السجل الإحاثي الذي عجزتالداروينية الحديثة عن تفسيرها. ولكن من غير المقبول عقليا محاولة تفسير الثغرةالموجودة في سجل مستحاثات تطور الطيور بالادعاء "بخروج الطير فجأة من بيضة أحدالزواحف"، لأن تطور نوع عن نوع أخر، وحسب قول التطوريين أنفسهم، يحتاج إلى تغيركبير وواسع في المعلومات الجينية. على كل حال لا يمكن للطفرة أن تحدث تطوراً فيالمعلومات الجينية أو تزيد عليها شيئا، هي فقط تقوم بتشويش المعلومات الجينية. لذلكفإن الطفرة الكبيرة التي يتخيلها نموذج "التوازن المتقاطع" هي إنقاص أو إفساد "كبير" في المعلومات الجينية.
هذه النظرية ما هي إلا محض خيال. وبالرغم منهذه الحقيقة إلا أن المدافعين عن التطور لم يترددوا في مديحها. أجبرهم على ذلك عدمإمكانية تفسير نموذج التطور الذي اقترحه دارون على أساس السجل الإحاثي. يدعي داروينأن الأنواع تمر عبر تغير متدرج، الذي يتطلب وجود استثناءات نصف طائر/نصف زاحف أونصف سمكة/نصف زاحف. على كل حال لم يمكن العثور على أي من هذه "الأشكال المتطورة" بالرغم من الدراسات المكثفة التي أجراها التطوريون وآلاف المستحاثات التي تماستخراجها.
تعلق التطوريون بهذا النموذج "التوازنالمتقاطع" على أمل تمكنهم من إخفاء الإخفاق الكبير الذي حصل من خلال السجل الإحاثي. وكما أسلفنا، فإن هذه النظرية هي خيال محض لذلك لم تلبث أن استهلكت نفسها. لم يصمدنموذج "التوازن المتقاطع" كنموذج دائم، ولكنه استخدم كنوع من الهروب في الحالاتالتي لا تتوافق مع نموذج التطور التدريجي. فقد أدرك التطوريون اليوم أنه ليسبإمكانهم تفسير الأعضاء المعقدة مثل الأعين والأجنحة والرئتين والدماغ على أساسالتطور المتدرج، لذلك هم مضطرون إلى الاستراحة مع التفسيرات الخيالية لنموذجالتوازن المتقاطع.
هل هناكأي سجل إحاثي يثبت نظرية التطور؟
تزعم نظرية التطور أن تطور نوع إلى نوع آخريحدث بشكل تدريجي خطوة خطوة عبر ملايين السنين. الاستدلال المنطقي من هذا الادعاءيقول بوجود عدد ضخم جدا من العضويات الني تسمى "الأشكال التحولية" عاشت خلال فتراتالتحول هذه. وحيث يدعي التطوريون أن كافة الأنواع قد تطورت عن بعضها خطوة خطوة ،فلا بد من وجود الملايين من الأشكال التحولية المتنوعة .
ولو كانت مخلوقات كهذه عاشت فعلا، فلا بد وأننجد بقاياها في كل مكان. في الحقيقة، لو كانت هذه النظرية صحيحة ، فسيكون عددالأشكال التحولية الوسيطة أكبر بكثير من عدد الحيوانات التي تعيش اليوم ولامتلأالعالم ببقاياها الإحاثية.
منذ زمن دارون والتطوريون جادون في البحث عنمستحاثات والنتيجة خيبة أمل ذريعة. لم يتمكنوا من العثور على الأشكال التحوليةالوسيطة التي قالوا بحدوثها بين نوعين في أي مكان سواء على الأرض أو في أعماقالبحار.
داروين نفسه كان يعلم أن هذه الأشكال غيرموجودة ويأمل في العثور عليها في المستقبل. وبالرغم من يأسه، فقد كان يرى أن أكبرحجر عثرة في طريق نظريته هو غياب الأشكال التحولية. لهذا السبب كتب في كتابه "أصلالأنواع":
"إذا كانت الأنواع قد انحدرت من أنواع أخرىبتدرج هادئ، فلماذا لا نجد عدد لا يحصى من الأشكال التحولية في كل مكان؟ لماذا لاتعيش الطبيعة باضطراب وفوضى، على عكس ما نرى من وجود الأنواع بشكل منظم؟... ولكنحسب هذه النظرية لا بد من وجود عدد لا يحصى من الأشكال التحولية ، لماذا لا نجدهامدفونة بأعداد كبيرة في القشرة الأرضية؟... ولكن في المنطقة الوسيطة ظروف وسيطة منالحياة، لماذا لا نجد الآن تنوعات وسيطة قريبة الصلة؟ هذه المشكلة أربكتني لوقتطويل."1
كان داروين محقا في قلقه. فقد أربكت هذهالمشكلة غيره من التطوريين مثل عالم الأحياء القديمة الانجليزي المشهور "ديريك آغر" Derek V. Ager الذي أقر بهذه الحقيقة المربكة:
"النقطة المثارة هي أننا إذا أمعنا النظر فيالسجل الإحاثي- المرة تلو المرة - فإننا لا نجد، على مستوى نظام الأنواع تطوراتدريجيا بل ظهورا مفاجئا لأحدى المجموعات على حساب الأخرى.2
لا يمكن لثغرات السجل الإحاثي أن تفسر بطريقةالتمني والقول بأنه لم يتم استخراج مستحاثات كافية بعد وأن هذه المستحاثات الضائعةيمكن أن توجد في يوم من الأيام. ويشرح عالم الأحياء القديمة نيفيل جورج Neville George السبب:
"لا حاجة لإيجاد أعذار لفقر السجل الإحاثي بعدالآن. فقد أصبح غنيا والبحث فيه متكاملٌ... وفي جميع الأحوال يستمر السجل الإحاثيبتشكله مع الكثير من الثغرات.3
نشأت الحياة على الأرض فجأة وبأشكال معقدة
عند دراسة الطبقات الأرضية والسجل الإحاثي نرىأن الكائنات قد تواجدت بشكل متزامن. تعود أقدم طبقة أرضية احتوت على مستحاثاتلكائنات حية إلى العصر "الكامبري" أي إلى حوالي530-520 مليون سنة. ظهرت الكائناتالحية في الطبقات التي تعود إلى العصر الكامبري في السجل الإحاثي فجأة ودون أسلافسابقة. نشأت الأنواع الكثيرة من الكائنات الحية، والتي تتضمن عدداً كبيراً منالأحياء ذات البنيات المعقد، بشكل مفاجئ تماما حتى أن هذا الحادث المعجز أطلق عليهاسم "الانفجار الكامبري" في المصطلح العلمي.
أغلب هذه الأحياء التي وجدت في الطبقة الأرضيةلها أعضاء متطورة مثل الأعين، أو الأنظمة التي يمكن ملا حظتها في الأحياء المتطورةمثل الغلاصم، والأنظمة الدورانية، وما إلى ذلك. ليس هناك في السجل الإحاثي ما يشيرإلى أن هذه الأحياء لها أي أجداد. يقول ريتشارد مونستارسكي Richard Monestaresky،محرر مجلة علوم الأرض، حول النشوء المفاجئ للأنواع الحية:
"منذ نصف مليون سنة ظهرت أشكال معقدة منالحيوانات التي يمكننا رؤيتها. اللحظة التي شهدت بداية العصر الكامبري أي منذ 550مليون سنة هي العلامة على الانفجار التطوري الذي ملأ البحار بأول الكائنات المعقدة. لقد كانت قبيلة الحيوانات الكبيرة الموجودة اليوم متواجدة أيضا في العصر الكامبريالمبكر وكانت مختلفة كل عن الآخر تماما كما هي عليه اليوم.4
عندما وجد التطوريون أنفسهم غير قادرين علىالإجابة عن سؤال كيف فاضت الأرض بالآلاف من أنواع الحيوانات المختلفة، اختلقوا فترةزمنية تعود إلى 20 مليون سنة قبل الفترة الكامبرية لتفسير كيف نشأت الحياة وأطلقواعليها اسم "الثغرة التطورية". لا يوجد أي دليل على هذا حتى اليوم ومازال هذاالمفهوم ضبابيا وغير محدد.
في عام 1984 تم اكتشاف الكثير من الفقارياتالمعقدة في تشينجيانغ، الموجودة في مرتفع يونّان في المنطقة المرتفعة من جنوبالصين. من بينها ثلاثيات الفصوص، فقاريات منقرضة، إلا انها لا تقل تعقيدا عن أيفقاري في عصرنا هذا.
يصف التطوري عالم الأحياء القديمة السويديستيفان بينغستون Stefan Bengston الحالة كالتالي:
"إذا كان هناك ما يوازي أساطير خلق الإنسان،فسيكون التنوع المفاجئ للحياة البحرية عندما سادت الأحياء المتعددة الخلايا كعواملمهيمنة في علم التبيؤ والتطور. لا زالت هذه الحادثة التي أربكت داروينتحيرنا.5
لم يكن التطوريون أقل حيرة بشأن الظهور المفاجئلهذه الأحياء المعقدة بدون أي سلف من داروين قبل 135 سنة. لم يتقدموا خلال قرن ونصفأي خطوة أبعد من النقطة الحرجة التي وقف عندها داروين.
كما تبين لدينا لا يقدم السجل الإحاثي دليلاعلى أن أيا من الكائنات الحية قد تطور من الأشكال البدائية إلى أشكال متطورة، بليثبت أنها نشأت سويا فجأة وفي شكل متكامل. إن غياب الأشكال التطورية ليس حكرا علىالعصر الكامبري ، إذ لم يتم العثور على أي شكل تطوري يثبت الزعم التطوري للفقاريات "المتقدمة" -من السمك إلى البرمائيات إلى الزواحف إلى الطيور والثدييات- في أيمكان. كل الأحياء خلقت في وقت واحد وبشكلها المتكامل والتام كما في السجلالإحاثي.
وبتعبير آخر لم تأت الأحياء إلى الوجود من خلالالتطور. الأحياء خلقت خلقا.
للمزيد من مواضيعي