***********************************
وكلام الله لا يُنزع من سياقه ، ليتم أخذ آيه من ضمن آيات وتفسيرها لوحدها ، بناءً على كلماتٍ فيها " ننسخ " " آيه " ، فحتى لو تم ذلك فالله يتكلم عن آيه بأكملها ونسخه لآيات ونسيانها ، والإتيان بمثلها وبما هو خير منها ، فكلام الله سبحانه وتعالى يُفسر بعضه بعضاً ، فهذه الآيه من سورة البقرة 106 ، تُفسرها الآيه التي سبقتها مُباشرةً ، وهي الآيه 105 من سورة البقرة ، لنعرف ما هذا الذي يتحدث رب العزه عنهُ من الآيات التي سينسخها ، والتي منها ما أنساهُ للبشر ، حتى أتي بمثله في هذا القُرآن ، بل وبخير وأخير منهُ ، في قوله تعالى : -
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِوَلاَ الْمُشْرِكِينَأَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍمِّن رَّبِّكُمْوَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105
ما هو الخير الذي يتنزل من الله على سيدنا مُحمد وأُمته ، وهذه الرحمه غير هذا " القُرآن العظيم " وآياته الكريمه ، وهذه الشريعة السمحاء ، شريعة الرحمه والمحبه والتسامح ، والآيات والبينات الأُخرى التي سيُعطيها لنبيه .
من هو الذي ومن هُم الذين أختصهم الله بهذه الرحمه التي تتنزل ، وشاء الله وأختارهم من دون أُمم الأرض ، غير سيدنا مُحمد صلى اللهُ عليه وسلم ، وأُمته " أُمة العرب في حينها وأُمة الإسلام ككُل إلى يوم يُبعثون .
من هُم المزعوجون من هذا الخير الذي يتنزل من الله ، ولا يودون ذلك ويموتون من القهر والحسد ، والذي أختص الله به مُحمداً ومن تبعه من دونهم ، هُم الذين كفروا من أهل الكتاب بالإضافه للمُشركين .
فالله يُبين في هذه الآيه الكريمه ، عدم رغبة ومودة ، بل وحسد وغضب اليهود بالذات والذين أشركوا ، وهُم الكُفار والمُشركون بإلإضافه للمسيحيون في وقتها ، لانهم التحقوا بالمُشركين في شركهم بالله وأصبحوا في مقامهم .
هؤلاء كُلهم لا يودون أن يتنزل هذا الخير وهذه الرحمه ، على نبيه ورسوله وأُمته ، والله يوضح أنه هو الذي أختص هذا النبي والرسول الكريم وأُمته بهذا الخير وهذه الرحمه ، وهذه مشيئته وإرادته ، وهو صاحب الفضل العظيم في ذلك .
فالله يُخبر اليهود بأنهم لا يودون ولا يُحبون بل ويحسدون مُحمد وأُمته والمُسلمونعلى هذا الخير وهذه الرحمه ، التي تتنزل عليهم ، وهو هذا القُرآن العظيمبما فيه من خير ورحمه ، والآيات التي أيد بها نبيه ، والله يُخبرهم بأنهأختص مُحمد وأُمته ومن تبعه بهذه الرحمه وهذا الخير ، وهو صاحب الفضلالعظيم في ذلك .
ومُباشرةً يتبعهم الله بالرد القاصم نتيجة حسدهم وعدم رضاهم عن ذلك ،بالآيه التي تليها ، ليُعرف هذا الخير وهذه الرحمه ما هي ، وبأن هذه الرحمه وهذا الخير الذي يتنزل ، وأختص به مُحمداً وأمته ، هو ما نُسخمن شرائع السابقين ، وكُتبهم ، بما فيها شريعتهم وكُتبهم بالذات والتي منهاالتوراة والزبور والإنجيل وحتى شاملاً لما نُسي ولا ذكر لهُ الآن فيالكُتب أو ذاكرة الناس ، بل وأن هذا الخير وهذه الرحمه التي تتنزل هي على مثلوعلى أخير من شرائع وكُتب السابقين ، أي أن هذا الخير وهذه الرحمه التيتتنزل هي على مثل بل وبأخير مما سبق .
............
بعد ذلك يأتي رد الله سُبحانه وتعالى على هؤلاء الحاسدين ، ليوضح وليُعرف ما هو هذا الخير وما هذه الرحمه التي تتنزل ، واختص بها نبيه ورسوله وأُمته من دونهم ، وبالذات اليهود ، لأن الخطاب لا زال مُوجه لهم ، وهذا واضح في نص الآيه التي تليها
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَانَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة106
والتي وردت بين الآيات 105- 108، والتي تُعطي تفسيرها الواضح الذي لا يقبل الشك .
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }{مَا نَنسَخْمِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَاأَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }{أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }{وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109
ولذلك جاءت هذه الآيه بين الآيتين
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ......} .
" وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم....}
ولذلك اليهود أهل كُتب وعرفوا ما عنته هذه الآيات ، وبأنها عنتهم وعنتكُتبهم وشرائعهم فلم يعترفوا بالنسخ بل وأنكروه ، وأداروا فيما بعد رأسهذه السكين التي بهتهم الله بها وأن عهدهم إنتهى ، أداروا رأس هذه السكينللقُرآن ولفقوا الكثير من الروايات الكاذبه والإسرائيليلت ليس عن ناسخومنسوخ ، بل عن قُرآن منسي ، وقُرآن مُسقط أسقطهم الله ، وقُرآن مرفوع ،وبالتالي عن قُرآن مفقود وضائع ولا يُدرى أين هو ، وحُمل ذلك على الناسخوالمنسوخ ، وأخطأ عالم وتلاه من بعده وأخذ عنهُ من بعده أو عاصره ، وكُل واحد ممن قال بهذه أخذ عن من بدأها أو ممن سبقه أو تبعه .
ولذلك عند التفسير لهذه الآيه الكريمه ، لو ظن شخص أن قصد الله " ما ننسخ من آيه " نسخ للحُكم للآيه القُرآنيه ، لكن الكلمه التي بعدها " نُنسها " تجعله يتوقف ويُلغي ما فهمه ، وأن الحديث ليس عن آيه أو آيات كتابه العزيز .
لأنه لا يوجد مُسلم برأسه عقل يعتقد أن هذا القُرآن ، أُنسي منهُ ولو حرف ولا حتى سكون ، فكيف القول بآيه ، وكيف سيكون القول وفحشه عند الحديث عن آيات كثيره أو سور .
..............................................
ثُم نأتي إلى " نأت بخير منها " ، أي ان هذه الآيه التي نَسخت أكثر في الخيريه ، من التي نُسخت أو أُنسيت والعياذُ بالله ، وتلك خيريتها أقل في كُل شيء ، هل يُعقل أن في كلام الله كلام أخير من كلام ، وهل في كلام الله والعياذُ بالله ، كلام أخير وأجود من كلام .
ثُم نأتي " ما ننسخ من آيه أو نُنسها " نأت " بمثلها " أي الشبيهه لها تماماً ، أي الآيه مثل الآيه تماماً في كُل حرف وكلمه وتشكيل فيها ، وما يخص ذلك من معنى أو بيان أو حكم أو تفصيل ، هل يُعقل هذا وما الفائده وما هذه العبثيه .
ما الفائده من ذلك وما الجدوى ، أن تُنسخ آيه أو تُنسى ويؤتى بخيرٍ منها ، أو أن ينسخ أو يُنسي الله آيه ويأتي بمثلها ، إلا إذا ضاع الأصل ، ولا بُد من الإتيان بالمثل ، وهل كلام الله يضيع في القُرآن والعياذُ بالله .
وهل الله عاجز عن أن يأتي بما هو المثل والأخير منذُ البدايه ، حتى ينسخ من هذا القُرآن ويأتي بالمث والأخير فيما بعد .
ولذلك الكلام من الله سُبحانه وتعالى موجه لليود " يا بني إسرائيل " ما نسخنا من آيةٍ أو أُنسيت بأمر منا " كتابيه أو غيرها " ، إلا وآتينا وأعطينا مُحمداً في هذا القُرآن وهذه الشريعه بمثلها وبخيرٍ منها .
...................
يتبع ما بعده