بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
بيان الشرك :
الشرك ضد التوحيد ، فإذا كان معنى التوحيد : إفراد الله تعالى بالعبادة . فالشرك هو صرف شيء من العبادة لغير الله ، والشرك أعظم الذنوب ؛ لأن الله سبحانه أخبر أنه لا يغفر لمن لم يتب منه مع أنه كتب على نفسه الرحمة ، أما غيره من الذنوب فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عذب صاحبه وإن شاء غفر له ، كما قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ .
والشرك يحبط جميع الأعمال ، كما قال تعالى : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، وقال تعالى : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
والشرك هبوط وسقوط من أوج العز والكرامة إلى حضيض السفول والقلق وعدم الاستقرار والرذيلة ، قال تعالى : وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ .
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 197)
وقد حرم الله الجنة على المشرك وحكم عليه بالخلود في النار كما قال تعالى : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ .
والشرك أعظم الظلم كما قال تعالى : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ؛ لأنه تنقص لرب العالمين ، وتسوية لغيره به سبحانه .
والشرك ضلال مبين ولذلك يعترف المشركون بضلالهم فيقولون : تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
وإذا كان الشرك في هذا المستوى من القبح والخطورة فهذا مما يوجب شدة الحذر من الوقوع فيه ، ويوجب على المسلم أن يعرفه ليتجنبه ، ويوجب على المسلمين مقاومته والقضاء عليه ، وقد كانت مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام في الدرجة الأولى مقاومة الشرك والنهي عنه والتحذير منه وجهاد المشرك باليد واللسان - كما قال تعالى :
(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 198)
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .
وكل رسول يقول لقومه : اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ؛ لأن الشرك هو أعظم الفساد الذي تصاب به الأمم وهو يناقض الخلق والأمر ، ولا فائدة في جميع الأعمال مع وجود الشرك ، وهذا يؤكد على جميع أتباع الرسل من الدعاة والمصلحين أن تتجه دعواتهم وإصلاحهم إلى مكافحة الشرك وإصلاح العقائد أولا وقبل كل شيء - أما أن تتجه دعواتهم وإصلاحهم إلى أمور جانبية ، ويتركون الشرك يعج في عقائد المسلمين بما يمارس حول الأضرحة وبين أرباب الطرق الصوفية المنحرفة فهذا انحراف بالدعوة عن منهجها الصحيح الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسمه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قبله ولن تأتي هذه الدعوات بنتيجة ولا فائدة ؛ لأنها بدأت من حيث النهاية .
منقول بتصرف _ مجلة البحوث الإسلاميةتصفح برقم المجلد > العدد العشرون - الإصدار : من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1407هـ 1408هـ > البحوث > بيان التوحيد والتحذير من الشرك > بيان الشرك