اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :8  (رابط المشاركة)
قديم 06.06.2013, 17:17

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

[ إعجاز القرآن عند الجرجاني رحمه الله تعالى]

الجرجاني رحمه الله تعالى متكلم أشعري توفي سنة 471 هـ ... ولم يكن غزير الإنتاج من حيث التآليف ...لكن القليل الذي ألفه رحمه الله تعالى يغني عن كثير ... وكانت كتبه أساسا لمن جاء بعده من علماء البلاغة .. ومن مؤلفاته الرسالة الشافية وكتابه الفذ دلائل الإعجاز وهو الذي ضمنه نظرية النظم المشهورة ..
ويرى الجرجاني أن الكلام الذي يؤدي الغرض عند المتكلم ويكون مقبولا عند المخاطبين لا بد له من ثلاثة عناصر: اللفظ والمعنى والنظم ..
فاللفظ هو الحروف والكلمات التي تنطق بها ألسنتنا والمعنى هو تلك الأمور التي نجدها في نفوسنا ونود أن نعبر عنها لكي يدركها المخاطبون .. فالمعنى هو المعبر عنه واللفظ هو المعبر به ..
معنى النظم: هو توخي معاني النحو ... وبيان ذلك أننا حينما ننطق بالكلمات والجمل فلا بد من أن تكون مرتبة ترتيبا معقولا مقبولا ..
مثال ذلك: لديك صديق اسمه سعيد وتريد زيارته ...لكن لديك مشاغل .. فينكر عليك والدك زيارته أثناء انشغالك فيقول لك : "أتزور سعيدا؟" ويمكن أن يقال: "أسعيدا تزور؟"
فالجملتان من حيث اللفظ سواء لكن اختلفتا في التقديم والتأخير فأصبح لكل منهما معنى مختلف ..
فالأولى: "أتزور سعيدا" معناها = كيف تزوره وأنت منشغل إذ لا يجب أن تضيع وقتك ..
والثانية: "أسعيدا تزور" معناها = أن سعيدا ليس حريّا بالزيارة ...

فلا بد إذا للنظم من عمليتين اثنتين:
1-ترتيب المعاني في النفس
2-ترتيب الألفاظ في النطق


وهكذا يطبق الجرجاني رحمه الله تعالى نظرية النظم على القرآن الكريم ... فيخرج لنا بنفائس لا تقدر بثمن وإليكم بعض الأمثلة ...

1-قوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيم} [الأنبياء: 62] ... حيث قدم "أنت" على الفعل ... ولم يقدم الفعل فيقال: "أفعلت هذا" ... والسر في ذلك أننا نقدم ما هو مشكوك فيه أما الأمر المتيقن فلا يجوز أن نقدمه
2-في التعريف والتنكير وقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] ... يقول الجرجاني: ومما يُنظرُ إِلى مثلِ ذلكَ، قولُه تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] إِذا أنتَ راجعتَ نفسَك وأذكيتَ حسَّك، وجدتَ لهذا التنكيرِ وأنْ قِيلَ: "على حياةٍ"، ولم يُقَلْ: "على الحياةِ"، حُسْناً وروعةً ولطفَ موقعٍ لا يقادره قدرُه، وتَجِدُكَ تَعْدَمُ ذلكَ مع التعريفِ، وتخرجُ عن الأريحيةِ والأُنْس إِلى خلافِهما. والسببُ في ذلك أنَّ المعنى على الازدِياد منَ الحياةِ لا الحياة من أصلها، وذلك أنه لا يَحْرِصُ عليه إِلاّ الحيُّ، فأمَّا العادِمُ للحياة فلا يصحُّ منه الحرْصُ على الحياةِ ولا على غيرها3. وإِذا كانَ كذلكَ، صارَ كأنه قيلَ: "ولتجدنَّهُمْ أحْرَصَ الناسِ، ولو عاشوا ما عاشوا، على أن يزدادوا إِلى حياتِهم في ماضي الوقت وراهِنِه، حياةً في الذي يَستقْبِل".
3-الاستعارة في قوله تعالى: " واشتعل الرأسُ شيباً" مريم 4 ... فالاشتعال للنار ولكنه هنا شبه انتشار الشيب بالاشتعال ... ويرى الجرجاني أن الفضل للنظم وليس للاستعارة وحدها ... فلو قيل "اشتعل شيب الرأس" لم يكن للكلام هذا الفضل وتلك المزية ... وإنما المزية أنه أسند الاشتعال إلى الرأس .. وجعل الشيب تمييزا .. ويتضح الفرق لو تأملنا هاتين الجملتين: " اشتعلت النار في البيت" و "اشتعل البيت نارا" .. فالأولى تبين اشتعال النار في جزء من البيت والثانية تفيد اشتعال البيت كله ..

فالإعجاز عند الجرجاني رحمه الله تعالى يتمثل في نظم القرآن الفريد الذي لم يستطع أحد أن ينسج على منواله .. وقد استعرض في كتابه دلال الإعجاز بعض الأمور التي أوردت على سبيل أنها سبب الإعجاز وقد ردها جميعا نذكر منها:
1-قالوا أنه من الممكن أن يكون الذي أعجزهم كلمات القرآن وألفاظه المفردة .. ويرد الجرجاني هذا القول لأن معناه أن القرآن جاء بألفاظ لم يعرفها العرب وهذا باطل
2-أنه من الممكن أن يكون الذي أعجزهم معاني الكلمات ... وهذا باطل أيضا لأنه يقتضي أن يكون للكلمة معنى قبل نزول القرآن وأن هذا المعنى قد تغير بنزول القرآن وهذا غير صحيح
3-أن تكون خفة الكلمة وعدم ثقلها هو الإعجاز ... ويرد الجرجاني هذا القول لأن للعرب كلاما خاليا من الثقل ومتلائم في حروفه ولم يوصف بأنه معجز
ومن أكثر المستفيدين من نظرية النظم والأشد تطبيقا لها هو الزمخشري في تفسيره الكشاف ... وقد أطنب في بيان بلاغة الآيات وتوضيح التقديم والتأخير فيها والحذف والوصل والاستعارات ...وغير ذلك من علوم البلاغة أيما إطناب







توقيع ابو علي الفلسطيني
تتسامى أرواحُنا للمعالي = قد حَدَاها عزم كحد الظَّــباتِ


هَـمُّــنا بعد الموت عيشُ خلود = لا نرى الموتَ غاية للحياةِ


رد باقتباس