مَنْ تَدَخَّلَ فِيَما لَا يَعْنِيهِ لقي مَا لَا يرْضِيه !
يحكى انه كان لأحد التجار الأغنياء في غابر الأزمان مسكن في الريف ،
وكان عنده في داره ثور وحمار .
الحمار كان يركبه التاجر في بعض الأحيان ، ويخرج به لقضاء حاجات له في السوق ،
ثم يعيده إلى حظيرته . وأما الثور فكان يخرج إلى الحقل صباح كل يوم ليربطوا في عنقه المحراث ،
ويستمر في أعمال الحراثة هذه طوال اليوم إلى أن يعود في المساء إلى الحظيرة منهك البدن خائر القوى .
وفي احد الأيام ، قال الثور للحمار:
هنيئاً لك ، أنا تعبان ، وأنت مستريح ، تأكل الشعير وتحظى بعناية صاحبنا الذي لا يركبك إلا قليلاً ،
ولا يلبث أن يعود بك إلى الحظيرة . أما أنا فأقوم بأعمال الحرث والطحن ،
وما إليها من أعمال مرهقة من الصباح إلى المساء .
فقال له الحمار :
عندما تخرج إلى الحقل ، ويضعون على رقبتك المحراث فما عليك إلا أن ترقد وتُضرب عن العمل ،
ولو ضربوك لا تقم أو قم وارقد ثانية حتى إذا عادوا بك إلى الحظيرة ، وقدموا لك العلف فلا تأكله
وتظاهر بالمرض وامتنع عن الأكل والشرب يوما أو يومين أو ثلاثة ،
فتستريح وتقي نفسك العناء والتعب .
وفي مساء تلك الليلة جاء احد العمال للثور بعشائه ، فلم يأكل إلا قليلاً جداً منه
عملاً بنصيحة صديقه الحمار . فظن العامل أن الثور لابد مريض .
وفي صباح اليوم التالي بدا على الثور الهزال والضعف ، عندما حضر العامل ليأخذه إلى الحقل كعادته .
فجرى إلى سيده التاجر ، وقص عليه ما حدث للثور ، فقال له التاجر
( اذهب وخذ الحمار بدل الثور ليقوم بأعماله اليوم كله ......! ) .
فلما رجع الحمار آخر النهار تَعباً مرهقاً ، شكره الثور على نصيحته ،
نظراً لأنه أراحه وتحمل عنه المشقة والتعب . فلم يردَّ عليه الحمار بكلمة .
ولما كان اليوم التالي جاء العامل واخذ الحمار وحرث عليه من الصباح إلى المساء .
فلما عاد الحمار ، كان مسلوخ الرقبة ويكاد يموت من شدة التعب ،
ويردد بينه وبين نفسه ( كنت قاعداً بطولي ، فما خلاني فضولي ) .
وتأمله الثور ، وشكره ، وامتدح صنعه . فقال له الحمار الماكر :
( اعلم إني لك ناصح ، لقد سمعت صاحبنا يقول للعامل :
إن لم ينهض الثور ويذهب إلى الحقل فسلموه إلى الجزار ليذبحه . وأنا خائف عليك ... ) .
فلما سمع الثور كلام صديقه جزع وخاف كثيراً .
وفي صباح اليوم التالي عندما جاء العامل ليأخذ الحمار ، وجد الثور يضحك ويهز ذيله
دلالة على ما كان يشعر به من نشاط وقوة ، بينما الحمار يئن من الألم والتعب والإرهاق .
مَنْ تَدَخَّلَ فِيَما لَا يَعْنِيهِ لقي مَا لَا يرْضِيه !
منقول