الموضوع
:
ملاحظات حول ترجمة معاني القرآن للمستشرق الفرنسي جاك بيرك - دكتور حسن عزوزي
اعرض مشاركة منفردة
Tweet
Share
رقم المشاركة :
4
(رابط المشاركة)
27.11.2011, 00:23
د/مسلمة
مديرة المنتدى
______________
الملف الشخصي
التسجيـــــل:
04.01.2010
الجــــنـــــس:
أنثى
الــديــــانــة:
الإسلام
المشاركات:
5.627
[
عرض
]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (11:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
تابع: حول مقدمة الترجمة
ومن أجل تسويغ ما يسعى إلى تأكيده يحاول بيرك أن يدعم نظريته الهادفة إلى اكتشاف الخلل والتناقض في القرآن الكريم بسَوق المؤثرات والعوامل الظرفية والبيئية والاجتماعية التي من شأنها أن تكون قد أسهمت في ذلك.
ولاشك أن مجرد الحديث عن وجود مثل هذه المؤثرات والظروف المزعومة كفيل بأن يخلق لدى القارئ الغربي إحساسا وشعورا كبيرين بأن هذا القرآن من إنتاج بشري أثرت فيه - بشكل طبيعي - عوامل عدة.
ويمكن أن نوجز أبرز هذه المؤثرات في النقاط التالية :
تأثير الفكر اليوناني القديم:
سواء عن طريق أصداء فلاسفة الماضي أو أصداء القانون المدني وتقنين الكنيسة السورية، يقول بيرك :" لقد أخذ الإسلام على عاتقـه جزءا من الميراث الجاهلي ثم تَحَمَّل طرفا من ميراث اليونان بعد أن أضفى على كل منهما تعديلات استعلائية صارمة" ولقد حاول بيرك في أكثر من موضع عقد نوع من التوازي بين الفكر اليوناني والإسلام، واستنتاج نوع من اللقاء بين الهيلينية القديمة وحكمة الإسلام.
تأثير الشعر الجاهلي:
يقول بعدما تحدث عن دعوى التناقض الحاصل في القرآن والذي يمكن للقارئ العربي ملاحظته بسهولة: ( في الواقع إن هذا الملمح كان ملاحظا قبل ذلك في الشعر العربي القديم…. ) ثم يدعو بيرك إلى المقارنة بين قصيدة للشاعر الجاهلي لبيد بن أبى ربيعة وسورة من القرآن.
تأثير مصادر متنوعة ومنها الإنجيل:
وهو ما سماه بيرك عدوى مصادر مختلفة أثرت في القرآن وبخاصة في مجال القصص القرآني.
ومما اهتم به جاك بيرك في مقدمته مسألة القراءات القرآنية، وقد بدا تطفـُّل المستشرق الفرنسي على هذا العلم الجليل واضحا عندما أبدى جهلا تاما بحقيقة
" القراءات القرآنية" فخلط بينها وبين الأحرف السبعة تارة وبين القراءة القرآنية والترتيل القرآني تارة أخرى، حيث أخذ يخبط خبـط عشواء بمـا لا يدع مجالا للشك في أن الرجل لم يفكر بتاتا في الرجوع إلى الكتب المتخصصة في هذا الميدان من أجل استيعاب أصول وقواعد علم القراءات القرآنية؛ لحل الإشكالات التي يثيرها المترجم الذي يوضح للقارئ طبيعة الإشكالات التي يضعها أمام مترجم القرآن.
لقد تحدث بيرك عن القراءات ضمن المبحث الثاني من مقدمته، ويبـدو مـن الصفحة الأولى من المبحث جهل الرجل المطبق بهذا العلم، فهو عندما أراد أن يحيل القارئ على مصدر يفيده في معرفة المهم من علم القراءات القرآنية لم يجد أفضل من الإحالة على كتاب هشام جعيط التونسي" الفتنة الكبرى" الذي تعرض لحركة القُراء التي برزت في العصر الأموي المبكر، وليس ثمة علاقة بينها وبين موضوع القراء السبعة المقصودين في كلام بيرك، فهل هو حقيقة جهل منه بمصادر القراءات أو هو محاولة ماكرة للتمويه على القارئ حتى لا يعرف حقيقة هذا العلم الذي لا تشوبه شائبة ولا يعتريه أي خلل أو اضطراب كما حاول بيرك إيهام القارئ الغربي بذلك؟
والذي يظهر من كلام بيرك تحت عنوان :" تساؤلات استباقية " أنه لم يع جيدا الفرق بين القراءة والترتيل، فالقراءات القرآنية التي هي علم قائم بذاته يسميه فن القراءات، وعندما يريد أن يبسط القول فيه يستشهد بأحاديث وروايات تتحدث عن ترتيل القرآن وهي الروايات التي يرى أن اختلافها وعدم دقتها تثير نوعا من التشويش.
وهكذا يتبين أن جاك بيرك قد أساء فهم القراءات وأضل بذلك قراء مقدمته الذين لا يمكن إلا أن يستنتجوا من كلام المترجم أفكارا مشوشة ومثيرة للبلبلة، وهو ما يبدو أنه كان غرض بيرك.
وعندما انتقل جاك بيرك للحديث عن مدى استيعاب القرآن الكريم للأحكام التشريعية أو ما يسميه القوانين أراد أن يبرز للقارئ كيف أن مجموع الفقـه الإسلامي ليس إلا تراكمات قضائية لا صلة لها بالقرآن: "إن أقل ما يمكن أن يقال هو أن القرآن لا يتضمن أية قوانين بالمعنى المفهوم لا في العبارات ولا في روحها … إن القوانين أو الإصلاح القانوني الذي أجراه جوستنيان قد انتقل بفضل التجار المكيين، وإن القانون الروماني كان يدرس في بيروت وأنطاكية وكان معروفا في المنطقة، وإنه من المستبعد أن لا يكون العرب قد تلقوا أصداءه العديدة سواء على مستوى القانون المدني أو تنظيمات الكنيسة الشامية".
هكذا إذن يحاول بيرك أن يجرد القرآن الكريم من أن يكون مصدرا للأحكام الشرعية وكأن الفقهاء المسلمين أخذوا قواعد الفقه الإسلامي من القانون الروماني عن طريق المدارس المنتشرة في بيروت وأنطاكية والشام بصفة عامة ثم أضافوا إليه اجتهاداتهم مما عُدَّ تراكمات قانونية لا صلة لها بالقرآن الكريم.
ولا يخفى أن هذا الادعاء بكون الفقه الإسلامي قد أخذ عن القانون الروماني يعد شبهة قديمة طالما رددها المستشرقون قديما ونفخ فيها على وجـه الخصوص كل من كولدزيهر ( ت1921م ) وجوزيف شاخت ( ت1959م ) اللذين ذهبا إلى أن فقهاء المسلمين قد تعرفوا بصورة واسعة على آراء فقهاء مدارس القانون الروماني.
(الرد)
واليقين الذي لا شك فيه أن هذه الدعوى تجافي الحقيقة، فالواقع أن هناك اختلافا كليا وجزئيا بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني. ثم إن المدارس الرومانية المشار إليها قد ألغيت في 16 ديسمبر 533م أما مدرسة بيروت فقد اندثرت قبل الفتح الإسلامي بثلاثة أرباع القـرن.
ويقول الدكتور السنهوري رحمه الله: "لم تسلك الشريعة الإسلامية في نموها الطريق الذي سلكه الفقه الروماني، فإن هذا القانون بدأ عادات ونما وازدهـر عـن طريق الدعوى والإجراءات الشكلية، أما الشريعة الإسلامية فقد بدأت كتابا منزلا ووحيا من عند الله ونمت وازدهرت عن طريق القياس المنطقي والأحكام الموضوعية" ، وإذا كان الأمر كذلك فإن الفقه الإسلامي لا يمكنه أن يستمد قوانينه وقواعده إلا من القرآن الكريم وأحكامه من خلال توظيف قواعد أصول الفقه ومبادئه.
ويواصل بيرك تهجمه على الأحكام الشرعية الممثلة للفقه الإسلامي منتقدا غموض تعبير الأحكام-على حد زعمه- "مما يسمح للمفسرين القدامى بحريات من التصرف المقبولة من مذاهب أخرى".
هكذا يلقي بيرك الكلام على عواهنه
من غير دليل أو برهان
، وإذا كان قد رجع إلى كثير من التفاسير القرآنية للاستئناس بها في ترجمة معاني القرآن الكريم -كما ذكر في كثير من المناسبات- فهو يعلم جيدا أن المفسرين قد عقدوا مباحث مطولة لاستعراض الأحكام الفقهية انطلاقـا من الآيـات القرآنيـة، ويكفي الرجوع إلى كتب الشافعي ( ت204هـ ) والقرطبي ( ت671هـ ) وابن العربي ( ت544هـ ) والجصاص ( ت370هـ ) وغيرهم وكلها تحمل اسم "أحكام القرآن" وتقع في مجلدات عديدة ليتم التأكد من مدى سعة مجال الأحكام الشرعية المنبثقة من الآيات القرآنية والمرتبطة بكل مجالات الحياة المدنية والجنائية والقضائية وغيرها.
وإن جاك بيرك الذي ولد بالجزائر وعاش بين جبال الأطلس بالمغرب كان على اطلاع واسع بمدى تأثير أحكام القرآن وتشريعاته في حياة الناس والمجتمع الإسلامي وبخاصة في مجال القضاء الشرعي وقانون الأحوال الشخصية على وجه الخصوص. وكما أكدنا ذلك في البداية فليس غرضنا هنا الرد على ما ادعاه جاك بيرك في مقدمته من مزاعم وشبهات بقدر ما نريد الاقتصار على إيراد شذرات من كلامه المرتبط بالقرآن الكريم لاطلاع القارئ على حقيقة موقفه من كتاب الله تعالى بعيدا عن تلك المواقف المتأرجحة التي كان يعبر بها لوسائل الإعلام المختلفة، حيث تبدو تلك المواقف إيجابية إذا تعلق الأمر بالإعلام العربي، في حين تبدو سلبيتها واضحة عندما يتوجه بيرك بالحديث إلى وسائل الإعلام الغربية، وأمام هذا الواقع المتناقض لا يسعنا إلا أن نؤكد مرة أخرى أن ما عبر عنه بيرك في مقدمة ترجمته يعد المعيار الحقيقي لطبيعة مواقف الرجل من القرآن الكريم الذي أراد ترجمة معانيه والإسلام بصفة عامة.
وهو ما يتأكد بوضوح من خلال المنهج الخاطئ الذي سلكه المترجم في ترجمته لمعاني القرآن الكريم والذي سنبين معالمه وخطوطه العريضة من خلال المباحث التالية المتضمنة لنماذج مختلفة تؤكد انحراف طريقة بيرك في ترجمة كثير من الألفاظ والمعاني القرآنية فضلا عن كثير من المحاولات المغرضة لتشويه صورة القرآن وحقائقه الناصعة.
المزيد من مواضيعي
فضح المتنصرة النصرانية جيسي في غرفة وسام عبد الله
إسلام ١٨٣ شخصا بالبطحاء خلال ذي القعدة مع إحصائية لأسباب إسلامهم
أسلمت حديثاً ولا تستطيع إظهار إسلامها فكيف تصلي بين أهلها
المضمضة للوضوء في الصيام
لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس ؟
الإحباط قوة دافعة للنجاح
أسلمت قبل زوجها بنحو أسبوعين ، فهل ينفسخ نكاحهما
العبادة وقت الهرج كهجرة إلي
توقيع
د/مسلمة
اللهم اغفر لنا
د/مسلمة
اعرض الملف الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى د/مسلمة
إيجاد كل مشاركات د/مسلمة
إحصائيات المشاركات
عدد المواضيع
603
عدد الـــــردود
5024
المجمــــــــوع
5.627