نقض اسس الماركسية
مقدمة
ان الاسلام لم يهزم في حوار مفتوح ولا في نقاش , ويود كل مفكر اسلامي ان تقوم ندوات عالمية , يطرح فيها كل مذهب ودين فلسفته وتشريعه , ويأخذ الحوار المفتوح مداه في النقاش بين ممثلي المذاهب والاديانابتغاء الحقيقة , ولظروف معينة اصبحت الاشتراكية ينادى بها فوق ارضنا ولكن لا يجب ان يغيب عنالمفكرين الامناء ان اساتذة الاشتراكية في العالم يعتبرونها مرحلة بين عصرين وهذاما دعا الول الشيوعية (سابقا) الى ان تحتفظ لاحزابها السياسية باسم الحزب الشيوعيدلالة على صفة المستقبل الذي سينتهون اليه ( والذ انتهى) واود ان اؤكد ان عطاءنالهذا العلم الحائر هو نفس عطاء الصدر الاول , فهم لم يخرجزا للعالم ليطورواالصناعات واساليب الزراعة , بل خرجوا ليغيروا النفوس وليقدموا للبشرية المنهجالرباني القويم في علاج كل قضايا الانسان , قدوا لها التوحيد بدل الشرك والحب بدلالصراعات والاخوة بدل العصبيات والعدالة والكرامة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكرواحلوا لهم الطيبات وحرموا عليهم الخبائث ووضعوا عنهم اصرهم والاغلال التي كانت . والمبدأ عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام اما العقيدة فهي فكرة كلية عن الكونوالانسان والحياة وعما قبل الحياة وعما بعدها , وهذا هو طريق النهضة , فكان لا بدمن تغيير فكر الانسان الحاضر تغييرا اساسيا شاملا وايجاد فكر اخر له حتى ينهض لأنالفكر هو الذي يوجد المفاهيم عن الاشياء ويكز هذه الفاهيم والانسان يكيف سلوكه فيالحياة بحسب مفاهيمه عنها , فمفاهيم الانسان عن شخص يحبه تكيف سلوكه نحوه علىالنقيض من سلوكه مع شخص يبغضه , وعلى خلاف سلوكه مع شخص يبغضه , فالسلوك الانسانيمربوط بمفاهيم الانسان وعند ارادتنا ان نغير سلوك الانسان المنخفض ونجعله راقيا لابد من تغيير مفاهيمه , والطريق الوحيد لتغغير المفاهيم هو ايجاد الفكر عن الحياةالدنيا حتى توجد بواسطته المفاهيم الصحيحة عنه , والفكر عن الحياة الدنيا لا يتركزتركزا منتجا الا بعد ان يوجد الفكر عن الكون والانسان والحياة وعما قبل الحياة وعمابعدها وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها وذلك باعطاء الفكرة الكلية عما وراء هذاالكون والانسان والحياة لأنها القاعدة الفكرية التي تبنى عليها جميع الافكار عنالحياة واعطاء الفكرة الكلية هو حل العقدة الكبرى عند الانسان ومتى حلت هذه العقدةحلت باقي العقد لأنها جزئية بالنسبة لها لكن هذا الحل لا يوصل الى النهضة الصحيحةالا اذا كان حلا يوافق العجز الطبيعي عند الانسان ويقنع العقل , والنهضة هيالارتفاع الفكري , ولا يمكن ان يوجد هذا الحل الا بالفكر المستنير عن الكونوالانسان والحياة , ولذلك كان على مريدي النهضة والسير في طريق الرقي ان يحلوا هذهالعقدة اولا حلا صحيحا بواسطة الفكر المستنير وهذا الحل هو العقيدة ( تعريفها اعلى) , وهو القاعدة الفكرية التي يبنى عليها كل فكر فرعي عن السلوك وعن انظمةالحياة. والاشتراكية ومنها الشيوعية ترى ان الانسان والكون والحياة مادة فقط وانالمادة هي اصل الاشياء ومن تطورها صار وجود الاشياء ولا يوجد وراء هذه المادة شيءمطلقا وان هذه المادة أزلية قديمة لم يوجدها احد اي انها واجبة الوجود , ولذلكينكرون كون الاشياء مخلوقة لخاق اي ينكرون الناحية الروحية في الاشياء ويعتبرونالاعتراف بوجودها , خطرا على الحياة , ولا وجود لشيء سوى المادة , حتى ان الفكرعندهم انما هو انعكاس المادة على الدماغ وعليه فالمادة اصل الفكر واصل كل شيء ومنتطورها المادي توجد الاشياء , ولذلك فهم ينكرون وجود الخالق ويعتبرون المادة ازليةفهم ينكرون ما قبل الحياة وما بعدها ولا يعترفون الا بالحياة فقط. |
توطئة
تشتمل الماركسية على ثلاث قضايارئيسية المادية الجدلية المادية التاريخية فائض القيمة مترابطة عضوياومشدودة الى بعضها البعض بخلايا بينية من مختلف الفروع والقضايا العلمية التي يحظىكل فرع منها بدراسة مستقلة على ايدي مختصين وبتشابك هذه الخلايا مع محاورهاالاساسية على ايدي المنظرين او فلاسفة الماركسية يتكون نسيج الماركسية , ذلك النسيجالذي وضع اسسه ماركس وطورته اضافات لينين وستالين وخروشوف ومن بعدهم , ومن ثم فانالدراسة تقتضي الماما ومتابعة لما يسمى بالماركسية اللينينية الستالينية الخروشوفيةالماوية .... ومع هذا فان تركيزنا على الاطار النظري الذي تركه ماركس سببه انهذا الاطار السابق على كل الاضافات ما زال هو الفعال في مجال الاقناع بالماركسية . لقد عاصر ماركس نهاية عصرمملوء بالاسى وبداية عصر متفتح بالامل واختار اسلحةالعصر التقليدية وعلى رأسها المادية وقد تأثر بمادية فيورباخ وجدل هيجل وصاغ منهمافلسفة مادية متماسكة ولذلك فلو لم يوجد هيجل وفيورباخ لما وجد ماركس , ومن ثمفلسفته المادية لم تخرج عن الصورة الفكرية الشائعة في عصره , ورغم ان ماركس حاول فيبادىء الامر ان يطرح عن الفلسفة مهمة التفسير اي مهمتها كمذهب يعالج مجموعة منالقضايا حول الانسان والعالم والمصير وان يقصر وظيفتها على التغيير اي على قيامهابمهمتها كمنهج يرسم طريقا للتفكير والعمل فقط الا انه لم يستطع وراح يدلي بفلسفةقائمة على التفسير حيث ادلى بمجموعة اقول عن الانسان والعالم والمصير , وهذا يؤكدبان الانسان لا يملك ان ينعزل عن ان يكون له نوع اعتقاد في الحياة من حوله , وكونماركس لم يخرج في مجموع فلسفته عن الصورة الفكرية الشائعة في عصره يكشف عن نقطة ضعفكامنة في شخصيته لأنه لم يبعد في نظرته للامور عن الفهم الجزئي , وكان في استطاعتهان يكون اكبر من ذلك واكثر عمقا لو تخير الصواب أنى وجده سواءا أكان في جانبالمثالية ام في جانب المادية . ولكن ماركس لم يفعل بل لم يستطع ان يفعل فكان فيمجموعه ممثلا لروح العوام الساخطة لا لروح العلماء المدققة المنصفة المرتفعة علىالظروف الوقتية ( ولذلك فان علة الامر تكمن في وجوب دراسة نفسيته التي دفعته الىهذا الاختيار الابتر - وها ما لن نفعله) وموضوعنا الاول هل الوجود مادة فقط ؟وكيف بدأت الحياة؟ |
المادة واشكال وجودها
" لقد اعطى لينين تعريفا علمياحقيقيا شاملا للمادة في كاتبه " المادية والنقد التجريبي : حيث كتب يقول" المادةمفهوم فلسفي اساسي يعني الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن حواس الانسان , هذاهو الواقع الوضوعي الذي تعكسه وتصوره وتنسخه حواسنا" "ويعكس التعريف اللينينيللمادة التضاد الجذري بين المادية الديالكتيكية والمثالية واللاادرية ( وللتعريفاللينيني مغزي إلحادي عميق فهو يقوّض من الاساس الاوهام الغيبية عن خلق العالم , وفي الواقع اذا كانت المادة هي الاولى ووجدت منذ الازل فهذا يعني انها لم تخلق ولنتزول وانها السبب الداخلي النهائي لكل ما هو موجود , .... ولهذا فالعالم المحيط بناهو عالم مادي موحد , .... ان الاشياء الحسية تتبدل وتتحول من واحد الى آخر غير انالمادة لا تفنى ولا تستحجث" منقول من اسس الفلسفة الماركسية , ق. افاناسييف , ترجمةعبد الرزاق الصافي , دار الفارابي ولكن هذا التعريف السطحي تنبه له الاتباع فيالقرن العشرين , فاعدوا صياغة التعريف بانه : الوجود الموضوعي خارج الذهن . ومنالمعروف ان الحواس هي ابطأ ادوات المعرفة ولذلك يشترك فيها الانسان والحيوان فيادراك البيئة المحيطة به ,ثم لم يكن مفر من العقل كأداة ارقى في المعرفة حتى انتهتبه رؤيته للمادة الى حافى الاثير عندما خرج عن كل صفة معروفة من صفات المادة ولميبق الا حسبة رياضية لها دلالة كبرى وهي ان الانسان ليس من صنع المادة لان المصنوعلا يحيط بصانعه , والانسان احاط بصور المادة وخرج بها الى دائرة اوسع منها هي دائرةالاثير , بل الى عمليات فكرية رياضية في قدرة الانسان ان يحتويها , وهذا لا يتأتىالا اذا كان في طبيعة الانسان شيء يعلو على مكونات المادة . واذا تحولت المادة الىحسبة رياضية يحتويها الفكر , فان ذلك يجعل المنطق القائل بان المادة اسبق في الوجودعلى الفكر في مأزق شديد , " ورد في كتاب اسس الماركسية اللينينية " ان النشاطالذهني او الفكر خاصة ميزة للمادة , ولكنها ليست شكلا من اشكال المادة , " ثم يأتيالتناقض في نفس الكتاب " ان الجدلية المادية ترفض اي فصل بين الفكروالمادة" وهذا تراجع[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/AAD44%7E1.ALW/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG] قلنا ان مفهوم المادة تطور من مفهوم ما يقع عليه الحسالى مفهوم الوجود الموضوعي خارج الذهن , وهذا طوره اتباع الفكرة الماركسية في القرنالعشرين واعتبرنا ذلك تراجع , هم يسمون ذلك تطور ولكن حقيقة الامر ان ذلك ليس تطورابل امر خارج عن الصراع القائم الذي يدّعونه داخل المادة , فلم تكن كل اشكال المادةمكتشفة , وعندما تم اكتشافها تباعا بدء ما يسمى يالتطور لتعريف المادة, وان تفجيرالمادة في القرن العشرين قد فتح الباب امام تعريفات جديدة للمادة محاولات اعمق فيفهمها قال اوستوالد" المادة صورة من الطاقة فحسب"وقال ليبون" المادة صور مختلفة منالطاقة" وقال ادنجتون" ان المادة مركبة من بروتونات والكترونات اي شحنات موجبةوسالبة من الكهرباء, فاللوح هو في الحقيقة مكان فارغ مشتمل على شحنات كهربية مبعثرةهنا وهناك " , ومع الاقرار بان الشيوعية ومنها الاشتراكية مبدأ اي عقيدة عقليةينبثق عنها نظام الا انه من الخطورة ان تكون اسس الفكرة مستندة على العلم , وعلىاتباع كل منهج ان يثبتوا عقيدتهم بالطريقة العقلية لا بالطريقة العلمية , لأنالطريقة العقلية توصل الى القطعية في الاثبات , لاستنادها على التلقي والاخباروالاستنباط اما الطريقة العلمية فتحتاج الى التجربة والاستنتاج , يقول الاستاذالعقاد في كتاب عقائد المفكرين " حدثت في السنوات الاخيرة من القرن التاسع عشرحوادث علمية غيرت كل صورة من صور المادة عرفها الاقدمون" , اذن ليست المادة في تطوروانما اكتشاف اشكال المادة في تطور |
تقوم الفكرة الاشتراكية الماركسية على ما يسمى بالماديةالديالكتيكية والمادية التاريخية . ام المادية الديالكتيكية فهي النظرية العامةللاشتراكية ومنها الشيوعية وقد سميت بالمادية الديالكتيكية لان اسلوبها في النظرالى حوادث الطبيعة جدلي اي ان طريقتها في البحث والمعرفة هي اكتشاف تنافضات الفكروالمصادمة بين الاراء بالنقاش اي هي جدلية . ولأن تعليلها حوادث الطبيعة وتصورهالهذه الحوادث , مادي اي نظرتها مادية واما المادية التاريخية فهي توسع افكارالمادية الديالكتيكية حتى تشمل دراسة الحياة في المجتمع اي تطبق افكار الماديةالديالكتيكية على درس المجتمع ودرس تاريخ المجتمع .
والمادية الديالكتيكية تعنيالنظرية المادية وهي ان الكون والحياة والانسان مادة تتطور من نفسها تطورا ذاتيافلا يوجد خالق ولا مخلوق وانما تطور ذاتي في المادة وتسير هذه المادية اي ماديةماركس من الفكرة القائلة بان العالم بطبيعته مادي وان حوادث العالم المتعددة هيمظاهر مختلفة للمادة المتحركة وان العلاقات المتبادلة بين الحوادث وتكييف بعضهالبعض بصورة متبادلة كما تقررها الطريقة الديالكتيكية هي قوانين ضرورية لتطور المادةالمتحركة وان العالم يتطور تبعا لتطور المادة المتحركة وهو ليس بحاجة الى عقل كلي , فهذا الاسلوب الديالكتيكي في التفكير الذي طبق فيما بعد على حوادث الطبيعة اصبحالطريقة الديالكتيكية لمعرفة الطبيعة, وان حوادث الطبيعة بموجب هذه الطريقة هيمتحركة متغيرة دائما وابدا وتطور الطبيعة هو نتيجة تطور تناقضات الطبيعة نتيجةالفعل المتبادل بين القوى المتضادة في الطبيعة فالمادية الديالكتيكية تقول انالعالم يتطور تبعا لقوانين حركة المادة وانه ليس بحاجة لأي عقل كلي وانه واحد لميخلقه اله وهذا باطل قطعا. لماذا قبل البحث في خطأ كون الوجود لا يحتاج الى عقل كلي احبان اوضح امر سنعود اليه لاحقا , وهو ان القول بقانون التناقض _ خطأ علمي يطبعالسلوك بالتمزق , فهو خطأ من الناحية العلمية لان ظواهر الوجود قائمة على التوازنالناتج من الحركة حول محور ثابت , فالتوازن هو الاصل والصراع يحجث عند الاخلال بهذاالتوازن , ومن ثمّ كان الصراع معطلا للحركة ومعوقا للتقدم , وليس عاملا في الحركةوباعثا على التقدم , واشتداد الصراع قد ينجم عنه التدمير الكامل للظاهرة محل الصراع , هذا المفهوم البسيط كان غائبا كان غائبا عن الماركسيين امام سيطرة الرغبة العارمةوالهوى الجامح في سبيل البحث عن فلسفة مادية تكون بديلا للمذاهب المثالية , وانكانت الفلسفة المادية هي رد فعل الفلسفة المثالية وتعبير عن ازمتها , فهي في الوقتنفسه تعبير عن ازمة صاحبها النفسية , لأنه تحت سيطرة هذه الرغبة القوية غابت عنهالحقائق البسيطة,. نعود الى موضوع العقل الكلي , فنقول ان كون الاشياء المدركةالمحسوسة موجودة امر قطعي لأنها مشاهدة بالحس , وكونها محتاجة لغيرها امر قطعي , لانها لا تستطيع التصرف والانتقال من حال الى حال الا بغيرها , فالنار تحرق اذاكانت المادة الاخرى فيها قابلية الاحتراق , واذا لم تكن فيها قابلية الاحتراق لاتحترق , وكذلك التفاعلات الكيماوية , فلا تتم الا بان تكون امكانية التفاعل واردة , فهذه المواد لا تستطيع ان تتصرف ولا ان تنتقل من حال الى حال الاضمن وضع قاصر علىحالات معينة. فهي اذن محتاجة جتى لو فرض انها محتاجة الى هذه العوامل وهذه الحالات , وهذا دليل قطعي على ان الاشياء المدركة المحسوسة محتاجة الى غيرها ولا يقال انالاشياء المدركة المحسوسة احتاجت لبعضها ولكنها في مجموعها مستغنية غن غيرها لايقال ذلك لأن الحاجة انما توضع للشيء الواحد , فالحاجة والاستغناء متمثلة في الشيءالواحد ولا يوجد شيء يتكون من مجموع ما في الكون حتى يوصف بانه مستغن او محتاج , ولا يقال ان الاشياء احتاجت لبعضها , فلا يكون دليلا على انها محتاجة لخالق , فانالبرهان على اثبات مجرد الاحتياج , لا الاحتياج لخالق , فمجرد وجود الاحتياج في كلشيء يثبت الاحتياج فك كل شيء, ولا يقال بان كل جزء محتاج الى جزء آخر فالاجزاءجميعها محتاج بعضها الى بعض , فالثابت هو ان كل شيء محتاج الى شيء آخر وهذا لا يثبتان الاشياء محتاجة مطلقا , لا يقال ذلك لان احتياج الشيء ولو الى شيء واحد فيالدنيا يثبت انه لا يوجد في الكون شيء يستغني الاستغناء المطلق, فمجرد ثبوتالاحتياج الى شيء واحد والاحتياج مما يدل على الجنس , اي على الماهية يثبت وصفالاحتياج لكل شيء في الكون , ولذلك فان احتياج كل جزء الى جزء آخر يثبت قطعا وصفالاحتياج وهذا كله ملموس محسوس بالنسبة الى جميع الاشياء الموجودة على سطح الارض , اما بالنسبة الى الكون والانسان والحياة |
واما الحياة فان احتياجها الى الماء والى الهواء والىالغذاء ملمومس ومحسوس واما الانسان فان احتياجه الى الحياة ثم الى الطعام وغير ذلكملموس ومحسوس , اما الكون فانه مجموعة اجرام وكل جرم منها يسير بنظام معين لا يملكغيره وهذا النظام اما ان يكون جزء منه او خاصية من خواصه او شيئا آخر غيره ولا يمكنان يكون واحد من غير هذه الثلاثة مطلقا
اما كونه جزء منه فباطل لان سير الكواكبيكون في مدار معين لا يتعداه والمدار هو كالطريق غير السائر فيه , والنظام الذييسير به ليس مجرد سيره فقط بل تقييده في هذا المدار ولذلك لا يمكن ان يكون هذاالنظام جزء منه , وايضا فان السير ليس جزءا من ماهية الكوكب بل هو عمل له , واماكونه خاصية من خواصه فباطل لأن النظام ليس هو سير الكوكب فحسب بل سيره في مدار معين , فالموضوع ليس السير بل السير في وضع معين , فهو ليس كالرؤية في العين من خواصهابل هو كون الرؤية في العين لا تكون الا بوضع مخصوص , ومثل كون الماء لا يتحول الىبخار الا بنسبة معينة , هذا الوضع المفروض على الكوكب وعلى العين وعلى الماء هوالنظام , فانه وان كان السير من خواص الكوكب من خواصه الا ان السير بوضع مخصوص ليسمن خواصه , والا لكان من خواصه ان ينظم سيره بنفسه , وحينئذ يستطيع ان ينظم نظاماآخر ما دام من خواصه التنظيم , ولا يستطيع ذلك , وما دام ليس من خواصه وليس جزءامنه فيكون قد احتاج لغيره اي احتاج الكون الى نظام , قلنا ان احتياج الشيء الى شيء آخر يثبت ان هذا الشيءمخلوق لأنه لم يستطع ان يوجد الشيءومدلول كلمة احتياج يعنيانها مخلوقة لان مجرد حاجته تعني انه عاجز عن ايجاد شيء ما من العدم اي عاجز عنايجاد ما احتاج اليه فهو ليس خالقا وما دام ليس خالقا فهو مخلوق لان الوجود لا يخرجعن خالق ومخلوق ولا ثالث لهما الذي احتاجه , وكما قلنا فان مدلول كلمة محتاجاي مخلوق , وما دام ان الشيء محتاج فلا يمكن ان يكون ازليا , لأن مدلول الازلي انهلا يستند الى شيء , اذا لو احتاج في تصرفه وتحوله الى شيء لكان محتاجا الى شيء فيوجوده , ولو احتاج في وجوده الى شيء لكان هذا الشيء موجودا قبله فلا يكون ازليافالازلي لا يحتاج الى شيء ولا يستند الى شيء في وجوده وتصرفه , وما دام المحتاج ليسازليا فهو مخلوق قطعا , وكون الاشياء التي يحسها الانسان محتاحة يعني ذلك قطعا انهامخلوقة لخالق وهذا الخالق لا بد ان يكون غير مخلوق اذا كيف يكون خالقا لنفسهوخالقا لغيره , والخالق لا بدان يكون ازليا لا اول له لانه لو كان له اول لكانمخلوقا , والازلي تستند اليه الاشياء ولا يستند الى شيء , وهذا الازلي هو مدلولكلمة الله اي هو الله تعالى . اما ما يحسه الانسان فهو الكون والانسان والحياة , ونستطيع ان نثبت كونها مخلوقة بعدة طرق منها : براهين العقل المحض ومنهاالانتقال من النظام الى المنظم او الانتقال من المتحرك الى الثابت او برهانالمحدودية وهو من اسهل براهين اثبات ان الكون والانسان والحياة مخلوقة لخالق براهين النظر والتي يشتمل عليها القران برهان التواتر اما الانسان فهومحدود لان له بداية وله نهاية ويصل الى حد لا يتجاوزه وما ينطبق على الانسان ينطبقعلى كل فرد من افراده فالفرد الانساني يموت اذن جنس الانسان يموت , وقد يعترض معترضبان الفرد يموت اما الجنس الانساني فانه يكثر وبالتالي فان الجنس الانساني غيرمحدود , لا يقال ذلك لان جنس الانسان ليس مركبا من مجموع افراد حتى يقال بانالانسان يموت اما الجنس فانه لا يموت بل الانسان ماهية معينة تتمثل في افراد والحكملا يجوز ان ينصب على مجموعه وانما الحكم ينصب على الماهية فمظهر الحياة في الانسانفردي , فاذا نظرنا الى مجموعه نراه لا ينفذ اما اذا نظرنا الى جنسه نراه ينفذوالجنس المتمثل في الفرد الواحد يموت معناه ان حنس الانسان من حيث هو يموت وعليهفان الانسان محدود والحياة كذلك محدودة لان مظهرها فردي فقط والحياة مرتبطةبالفرد والفرد محدود اذن الحياة محدودة سواءا في الانسان او الحيوان اوالنبات اما الكون فهو مجموعة اجرام وكل جرم محدود وكل جرم له اول وآخر ومجموعالمحدودات محدود بشكل بدهي اذن الكون والانسان والحياة محدودة قطعا والمحدودمحتاج وليس ازلي اذن الكون والانسان والحياة مخلوقة لغيرها وهذا الخالق هو اللهتعالى , والقول بان الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق ليس فرضية وانما هو حقيقة حتمية |
قلنا إن عجز الشيء عن خلق ما يحتاج إليه يثبت انه مخلوقفلو خلق الشيء كل ما حوله وعجز عن خلق ما يحتاج إليه فهو مخلوق, فالماء حتى يصل إلىدرجة الغليان يحتاج إلى 100 درجة مئوية فالماء لا يستطيع أن يوفر هذه الدرجة إلاوفق ظروف معينة من حرارة وضغط جوي
وهذا النسب هي ليست جزءا من الماء ولا يمكن للماءتوفيرها ولكن هل هذه النسبة هي شرط لتحول الماء إلى درجة الغليان أم أن الماء يحتاجإلى هذه النسبة وما الفرق بين مفهوم الاحتياج ومفهوم الشرطية كما يراه الماركسيون, وما هو مفهوم الشرطية الماركسية إن مفهوم الشرطية الماركسية تعني أن كل شيءتكتنفه شروط من حوادث وأشياء تحيط به ولا يمكن فصل الشيء عما يحيط به فأي حادث منحوادث الطبيعة لا يمكن فهمه إذا نظر إليه منفردا أي بمعزل عن الحوادث المحيطة به أيأن أي حادث في أي ميدان يمكن أن ينقلب إلى عبث فارغ لا معنى له إذا نظر إليه بمعزلعن الشروط التي تكتنفه وإذا فصل عن هذه الشروط , فأي حادث من حوادث الطبيعة يجب إنينظر أليه كما تحدده وتكيفه الحوادث المحيطة به فالشرطية في الفكر الماركسي تعنيارتباط الأشياء ببعضها البعض ارتباطا لا ينفصم بحيث تكون جميعها وكل واحد منها شرطافي وجود ما تكتنفه وفي إنتاجه وفي إدراك حقيقته , أي أن كل حوادث الطبيعة يكيفبعضها بعضا بصورة متبادلة وهذا معنى كونها شروطا أي هذا هو معنى الشرطية فهي شرحلارتباط الأشياء بعضها ببعض بحيث يتأثر بعضها بالآخر ويؤثر فيه وليس شرحا لمعنىالاحتياج وما يترتب عليه ليس هو ما يترتب على الاحتياج فان ما يترتب عليه هو انهإذا كانت الأشياء في الطبيعة مرتبطا بعضها ببعض بصورة متقابلة واحدها شرطا للآخرفانه لا يحكم على النظام إلا ببناء هذا الحكم على أساس الظروف التي ولدت هذا النظامولا يمكن الحكم على شيء إلا على أساس ما يحيط بذلك الشيء ولكن إذا كانت الأشياء فيالطبيعة منفصل بعضها عن بعض فانه يمكن فهم النظام دون نظر لظروف أي دون نظر للمكانوالزمان , إذن مفهوم الاشتراط أو الشرطية الماركسية مفهوم يتعلق بارتباط الأشياءبعضها ببعض وليس باحتياج الأشياء ولذلك كان مفهوم الاحتياج غير مفهوم الشرطيةالماركسية لان مفهوم الاحتياج متعلق بعدم الاستغناء ومفهوم الشرطية متعلق بعدم فصلالأشياء بعضها عن بعض قد يقال أن معنى كون الشيء مرتبطا بالآخر بصورة متقابلةواحدهما شرط للآخر معناه انه محتاج إليه وهذا يعني أن الاحتياج هو نفس الاشتراط , والجواب هو أن هذا ليس المراد من الشرطية وان كان يترتب على القول بالشرطية القولبالاحتياج أي أن الشيوعيين لم يقولوا بان كل شيء محتاج للآخر بل قالوا إن كل شيءمرتبط بالآخر بصورة متقابلة فهو شرط له وأرادوا إثبات تأثير الأشياء ببعضها ولميريدوا احتياج الأشياء لبعضها البعض ولكن يترتب على قولهم هذا القول بالاحتياج وليسقولهم هذا هو الاحتياج وهذا يمكن أن يتخذ دليلا على الشيوعيين بان الحوادث والأشياءفي الطبيعة ليست أزلية لان ارتباطها ببعضها بصورة متقابلة بحيث يكون احدها شرطاللآخر يعني أن كل واحد منها محتاج فكل واحد منها ليس أزليا لأنه محتاج ولان الأزليمستغن عن غيره إذ لا أول له ولا آخر فإذا احتاج كان له أول أي يوجد غيره قبله فلايكون أزليا فتكون الشرطية الماركسية دليلا على أن الحوادث والأشياء في الطبيعة ليستأزلية لأنها محتاجة باعترافهم والمحتاج لا يمكن أن يكون أزليا . وبهذا يظهر أنمفهوم الشرطية الماركسية غير مفهوم الاحتياج ولكن يترتب على القول بالشرطية القولبالاحتياج وهذا يعني انه ليس أزليا قطعا مما دامت الماركسية تسلّم بان كل شيءفي الطبيعة محتاج فانه لا يبقى لإثبات كون الأشياء مخلوقة لخالق سوى أثبات أناحتياجها إنما هو لغيرها وليس لنفسها فحسب فالاعتراف بكونها محتاجة اعتراف بأنهاليست أزلية أي هو اعتراف بأنها مخلوقة لخالق قلت إن القول بان الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق ليسفرضية وإنما هو حقيقة قطعية , وكذلك أن مفهوم الاحتياج في الأشياء المدركة المحسوسةهو غير مفهوم الشرطية الماركسية وان مفهوم الشرطية سيصل بنا إلى الاحتياج ونقواأيضا أن ما قيل عن محدودبة الكون وانه ليس أزليا ليس مبنيا على التعاريف وليس بحثالغويا ولا هو بيان لقاموسية اللغة وإنما هو شرح لواقع محسوس , فليست المحدوديةوالأزلية اصطلاحا وضع له تعريف لغوي ولا مدلولا لكلمة وضع لها من اللغة لفظ يدلعليها وإنما هو واقع معين , فنحن حين نقول إن الكون محدود إنما نشير إلى واقع معينوهو انه له بداية وله نهاية فالبحث في الواقع وليس في كلمة محدود وكونه له بدايةوله نهاية قد قام البرهان الحسي عليها فيكون البرهان على واقع معين لا على معنىالكلمة لغويا أي انه حين يقال إن الكون مجموع أجرام مهما تعددت فالكون يتكون من هذهالأجرام وكل جرم منها مهما بلغ عددها محدود ومجموع المحدودات محدود , حين يقال ذلكلا يقام البرهان على كلمة محدود وإنما يقام البرهان على أن الكون له أول وله آخر , وكذلك القول بان الكون ليس أزليا وان الأشياء المدركة المحسوسة ليست أزلية كذلكيقام البرهان على آن الكون له أول وله آخر , فالبحث إذن هو في الواقع والبرهان يقامعلى أساس الواقع , تلك هي الأمور التي أود لفت النظر لها لان كزن الكون والإنسانوالحياة محدودة وليست أزلية أمر قطعي والرهان عليه برهان مسكت لا يترك جوابا لأحد , فقد يلجأ بعضهم إلى القول بان هذا بحث لغوي لمدلولات الكلمات فلا يصح أن يكونبرهانا على وجود الخالق , فلا بد من بيان انه بحث لواقع يثبت أن الكون والإنسانوالحياة لها هذا الواقع وهو أن لها أولا وان لها آخر وأنها ليست مما لا أول له فهيإذن مخلوقة , ولأن كون الأشياء المدركة المحسوسة محتاجة كذلك أمر قطعي والبرهانعليه مسكت لا يترك جوابا عند احد فقد يلجأ بعضهم إلى القول أن احتياجها أمر صحيحوالشيوعيون يسلمون به حين يقولون بالشرطية ولكنها محتاجة لبعضها فلا يصح أن يكوناحتياجها لبعضها برهانا على وجود الخالق , فلا بد من بيان أن الشرطية التي يقول بهاالشيوعيون غير الاحتياج بدليل قولهم إن العالم يتطور تبعا لقوانين حركة المادة وهوليس بحاجة إلى عقل كلي فهم مع قولهم بالاشتراط ينفون عن العالم انه محتاج فالشرطيةالتي |
يقولون بها غير الاحتياج ولكن يترتب على القول بها القول بالاحتياج ومجردالقول بالاحتياج معناه اعتراف بأنه مخلوق لان كونه محتاجا انه ليس أزليا فهو مخلوقوفوق ذلك فان قوله إن العالم يتطور تبعا لقوانين حركة المادة معناه انه محتاج لهذهالقوانين وهذه القوانين لم تأت من المادة نفسها لان المادة خاضعة لهذه القوانين ولاتستطيع الخروج عنها ويستحيل عليها تغييرها فهي مفروضة عليها فرضا لا تملك الخروجعنه أو تغييره فهو مفروض من غيرها فتكون المادة قد احتاجت من يضع لها هذه القوانينفاحتاجت إلى غيرها فهي محتاجة ومحتاجة إلى غيرها فهي مخلوقة وهذا اعتراف بان العالممخلوق لخالق , أي أن القول بالشرطية يترتب عليه الاعتراف بان العالم مخلوق لخالقوأيضا لما كان العالم محتاجا وعاجزا عن إيجاد ما احتاج إليه أمرا قطعيا وكانالبرهان عليه مسكتا لا يترك جوابا عند احد فقد يلجأ بعضهم إلى القول أن كون العالممخلوقا لا يعني أن هناك خالقا , فان الوجود كله لا يخرج عن خالق ومخلوق فرض نظريفلا يصح أن يكون برهانا على وجود الخالق لذلك كان لا بد من بيان أن كون الوجود لايخرج عن خالق ومخلوق ليس فرضية وإنما هي حقيقة قطعية لان البرهان قام على أن العالممخلوق لخالق فيكون قد قام على وجود خالق لهذه المخلوقات وبذلك كان البرهان برهاناعلى أن الوجود الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق ولذلك كان لا بد من لفت النظر إلىالنقاط الثلاثة في بداية هذه الكلمات
يذكر كتاب أسس الفلسفة الماركسية أن الفلسفة الماركسيةتمثل نظاما متناسقا من وجهات النظر عن العالم كلل عن قوانين تطوره وعن طرق معرفته , ولذلك فهم يرون أن دراسة الفلسفة الماركسية تجعل الدارس يحصل على تصور متكامللماهية العالم وكيفية تطوره ومكانة الإنسان في هذا العالم وهل بامكانه معرفة الواقعولماذا تتبدل الحياة الاجتماعية وكيف يكمن أن تنظم بشكل أفضل ويقول نفس الكتاب أنمن يبني الشيوعية وسيعيش في ظلها ويحب الحقيقة ويسعى نحوها ويريد أن يتغلغل فيأسرار الكون والحياة البشرية يتوجب عليه أن يستوعب التعاليم الماركسية التي لا تغلبوفلسفتها القهارة التي أثبتت الحياة صحتها , ولذلك فان الفلسفة الماركسية بأفكارهاالقهارة والتي لا تغلب قررت حقائق معينة فقالت بان المادية عدو لا يعرف المهادنةللأفكار الغيبية ففي العالم الذي لا وجود فيه لغير المادة المتحركة لا مكان لأي روحغيبية , وتقول إن الأفكار الغيبية إذ تبشر بالخضوع والاستسلام وتبشر الناس بالجنةفي العالم الآخر فإنها تحرف الشغيّلة ( طبقة العمال) عن حل أهم المسائل الاجتماعيةوعن النضال ضد الاستغلال ومن اجل السلم والديمقراطية , وبالتالي فان الفلسفةالماركسية قدمت فكرة كلية عن الإنسان والكون والحياة وقامت بحل العقدة الكبرى حسبوجهة نظرها والعقدة الكبرى هي من أين أتيت والى أين سأذهب أي من خلقني ولماذا وكيفسأعيش وأين مصيري بعد الموت تلك كانت هي العقدة الكبرى فالماركسية حلت هذه العقدةعن طريق أن الحياة كلها مادة ولا وجود للغيبيات والرأسمالية حلتها حلا وسطا بحيثاعترفوا بالخالق ولكن فصلوا الدين عن الحياة فقالوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله أمالإسلام فقام بالحل بطريقة مختلفة تماما أم شروط حل العقدة الكبرى فشرطان الاتفاق مع العقل الموافقة للفطرة وحل العقدة الكبرى عند الرأسماليينأو الشيوعيين قد تم ولكن بطرق مختلفة والحل عند الرأسماليين أو الشيوعيين لا يعنيانه حل صحيح ولا يعني صحة العقيدة بل هو حل مجرد الحل وما لم يكن الحل موافقاللفطرة ومتفقا مع العقل فلا قيمة له . وحتى نحل العقدة الكبرى لا بد أن نحل أساسهذه العقدة وهو من أين أتينا وبعد أن نعرف من أين أتينا نعرف إلى أين نذهب . أماوجود الخالق فحقيقة ملموسة محسوسة , فالوجود للخالق يوضع الإصبع عليه بالحس وإدراكهإدراك حسي مباشر وليس إدراكا من قضايا منطقية بل الحس بهذا الوجود للخالق هو الذييعطي هذا الإدراك كادراك أي شيء محسوس . وليس معنى هذا أن الخالق محسوس ملموس بلوجود الخالق هو المحسوس الملموس . والبرهان عليه في منتهى البساطة وان كان أيضا فيمنتهى التعقيد , وسنتكلم اليوم عن البساطة في البرهان على وجود الخالق فان الإنسانيحيا في الكون فهو يشاهد في نفسه وفي الحياة التي يحباها الأحياء وفي كل شيء فيالكون تغيرا دائما وانتقالا من حال إلى حال ويشاهد وجود أشياء وانعدام أشياء أخرىويشاهد دقة وتنظيما في كل ما يرى ويسمع فيصل من هذا الإدراك الحسي إلى أن هناك موجدلهذا الوجود المدرك المحسوس وهذا أمر طبيعي جدا فان الإنسان يسمع دويا فيظن انه دويطائرة أو سيارة أو أي شيء ولكن يوقن انه دوي ناتج عن شيء فيوقن بوجود شيء خرج منههذا الدوى , فكان وجود الشيء الذي نتج عنه الدوى أمرا قطعيا عند من سمعه , فقد قامالبرهان الحسي على وجوده وهو برهان في منتهى البساطة فيكون الاعتقاد بوجود شيء نتجعنه الدوى اعتقادا جازما قام البرهان القطعي عليه ويكون هذا الاعتقاد أمرا طبيعياما دام البرهان الحسي قد قام عليه , وكذلك فان الإنسان يشاهد التغير في الأشياءويشاهد انعدام بعضها ووجود غيرها ويشاهد الدقة والتنظيم فيها ويشاهد أن كل ذلك ليسمنها وأنها عاجزة عن دفعه فيوقن أن هذا كله صادر عن غير هذه الأشياء وهو الذييغيرها ويعدمها وينظمها فكان وجود هذا الخالق الذي دل عليه وجود الأشياء وتغيرهاوتنظيمها أمرا قطعيا عند من شاهد تغيرها ووجودها وانعدامها ودقة تنظيمها فقد قامالبرهان الحسي المباشر على وجوده وهو برهان في منتهى البساطة فيكون الاعتقاد بوجودخالق لهذه الأشياء المخلوقة والتي تعدم وتتغير ولا تملك إيجاد 1لك لها ولا دفعهعنها اعتقادا جازما قام البرهان القطي عليه , ولذلك كان من الطبيعي أن من يشاهدالأشياء المدركة المحسوسة وما يحصل فيها مما لا تستطيع دفعه عنها ولا إيجاده لها أنيصل عن طريق الإدراك الحسي إلى أن هناك موجدا لهذا الوجود المدرك المحسوس وهذا أمرعام يشمل جميع البشر ولا يستثنى منه احد مطلقا , ولذلك كان الإقرار بوجود الخالقعاما عند جميع بني الإنسان وفي جميع العصور والخلاف بينهم إنما كان بتعدد الآلهة أوتوحيدها ولكنهم مجمعون على وجود الخالق لأن أدنى أعمال للعقل فيما يحسه منالموجودات يرى أنها مخلوقة لخالق وان هناك خالقا .ولذلك جاءت آيات النظر في القرآنتلفت النظر إلى ما يقع عليه حس الإنسان للاستدلال بذلك على وجود الخالق “ أفلاينظرون..." " فرأيتم ما تمنون..." " إن في خلق السموات ..." وغيرها كثير |
قلنا إن البرهان على وجود الله في منتهى البساطة , وذكرنا أن آيات القرآن أو آيات النظر في القرآن تلفت النظر إلى بداية الوجود وكيفيةالخلق حتى لو كان الشخص غير مسلم فهناك آيات النظر في كتاب الله تلفت نظر الإنسانإلى أمور يجب أن يلتفت إليها كل مخلوق عاقل ولكن الشيوعيون يعتبرون أن الفلسفةالمثالية هي التي محورها الاعتقاد بوجود خالق يعتبر مصدر الوجود ومصيره وهذهالفلسفة تستند إلى القوى الغيبية في تفسير الظواهر المادية أو ترى وجود الفكرمتقدما على وجود المادة وهي في إيغالها في التصورات الخيالية قد بعدت عن الواقع حتىأفسدته , أما الفلسفة المادية فهي التي تبدأ من المادة بدراستها ومعرفة قوانينهامعتمدة في ذلك على المنهج التجريبي فكانت وحدها القادرة على تفسير جميع ظواهرالوجود تفسيرا علميا صحيحا وبالتالي فهي بحق الجديرة بوصف الفلسفة العلمية , والفلاسفة الماديون يذهبون إلى أن المادة وجدت أولا وان الفكر وجد تاليا وأنهاأزلية لم يخلقها احد وأنها أبدية ولا توجد أي قوة فوق الطبيعة أو خارج العالم , وهناك فلسفات ثنائية لا تقول بأولية المادة أو أولية الفكر وإنما تثبت للعالمأساسين منفصلين ومختلفين في طبيعتهما المادة والروح والطبيعة والفكر الجسم والعقلوتلك كانت نظرية ديكارت وهناك الفلسفة الوضعية التي تكتفي ببحث الحقائق التي تصلحأن تكزون موضوعا للملاحظة دون البحث فيما وراءها سواء كان ماديا أو روحيا , أمافيورباخ والذي استفاد منه ماركس وانجلز فقد رفض المثالية والدين واشار إلى أنالفلسفة يجب أن لا تظل رهينة الفكر المجرد وان مهمتها دراسة الطبيعة والإنسان , وانالطبيعة توجد خارج الإنسان وأنها أولى أولية وجوهر لم يخلق أما الإنسان فانه جزء منالطبيعة ونتاج تطورها الطويل .
تلك ترهات الفكر المادي أحببت الإشارة إليه , لألفت النظر إلى أن البرهان على وجود الخالق يمكن أن يكون بسيطا ويمكن أن يكون فيمنتهى التعقيد , فذلك أن هناك أناسا من البشر يأبون البساطة ويعقدون على أنفسهمالأمور فيبحثون في هذا الأمر البسيط بشكل معقد فيصلون إلى أشياء جديدة تعقد عليهمالأمور , ولذلك صار لا بد لهم من براهين على هذه الأمور الجديدة التي وصلوا إليها . وبالنسبة للشيوعيين فإننا نجد أن موضع إنكارهم للخالق هو أنهم يقولون إنالعلاقات المتبادلة بين الحوادث وتكييف بعضها بعض بصورة متقابلة هي قوانين ضروريةلتطور المادة المتحركة , وان العالم يتطور تبعا لقوانين حركة المادة . هذا هو موضعالإنكار عندهم, فالتعقيد جاء إليهم من تفسير ما في العالم من تغير وانتقال من حالإلى حال, وما فيه من وجود بعض الأشياء بعد |
أن لم تكن وانعدام بعض الأشياء بعد أنكانت أو على حد تعبيرهم من تشكل المادة بأشكال مختلفة , من تفسير ذلك بأنه يحدث منقوانين المادة وليس من شيء غيرها فقوانين حركة المادة هي التي تؤثر في العالم .
فإذا ثبت أن هذه القوانين لم تأت من المادة ولا هي خاصة من خواصها , وإنما هيمفروضة عليها فرضا من غيرها ومن خارجها فانه يكون هناك غير المادة هو الذي يؤثرفيها وبذلك تبطل نظريتهم وتحل العقدة الكبرى , لأنه يكون العالم ليس سائرا تبعالقوانين حركة المادة , بل سائرا بتسيير من أوجد له هذه القوانين وفرضها عليه فرضاواجبره على أن يسير بحسبها فتنتقض النظرية وتحل العقدة أما كون هذه القوانين لمتأت من المادة فلان القوانين هي عبارة عن جعل المادة في نسبة معينة أو وضع معينفالماء حتى يتحول إلى بخار أو إلى جليد إنما يتحول حسب قوانين معينة أي حسب نسبةمعينة من الحرارة , فان حرارة الماء ليس لها في بادىء الأمر تأثير في حالته من حيثهو سائل , لكن إذا زيدت أو أنقصت حرارة الماء جاءت لحظة تعدلت فيها حالة التماسكالتي هو فيها وتحول الماء إلى بخار والى جليد في الحالة الأخرى , فهذه النسبةالمعينة من الحرارة هي القانون الذي بحسبه يجري تحول الماء إلى بخار والى جليد , وهذه النسبة أي كون الحرارة بمقدار معين لمقدار معين لم تأت من الماء لأنه لو كانتمنه لكان بامكانه أن يغيرها لكن الواقع انه لا يستطيع تغييرها , ولا الخروج عنهاوإنما هي مفروضة عليه فرضا , فدل ذلك على أنها ليست منه قطعا , وكذلك لم تأت منالحرارة , بدليل أنها لا تستطيع أن تغير هذه النسبة أو تخرج عنها , وأنها مفروضةعليها فرضا , فهي ليست منها قطعا , فتكون هذه القوانين ليست من المادة , وقد يقولشخص إن المادة لا تريد أن تغير النسبة , فنقول حتى الماركسيين قد قالوا إن الوعينتاج التطور التاريخي للمادة وخاصية جسم مادي معقد غير عادي هو دماغ الإنسان , وبالتالي اعتبروا الوعي خاصية للدماغ وليس للحرارة . أما كون هذه القوانين ليستخاصية من خواص المادة فلأن القوانين ليست أثرا من آثار المادة الناتجة عنها حتىيقال أنها خاصية من خواصها وإنما هي شيء مفروض عليها من خارجها ففي الماء تحولالماء ليست القوانين فيه من خواص الماء ولا من خواص الحرارة , لان القانون ليس تحولالماء إلى بخار والى جليد بل القانون تحوله بنسبة معينة من الحرارة لنسبة معينة منالحرارة لنسبة معينة من الماء فالموضوع ليس التحول وإنما التحول بنسبة معينة منالحرارة لنسبة معينة من الماء , فهو ليس كالرؤية في العين من خواصها , بل هو كونالرؤية لا تكون إلا بوضع مخصوص , هذا هو القانون فكون العين ترى خاصية من خواصها , ولكن كونها لا ترى إلا في وضع مخصوص ليس خاصية من خواصها وإنما هو أمر خارج عنها , وكالنار من خواصها الإحراق , ولكن كونها لا تحرق إلا بأحوال مخصوصة ليس خاصية منخواصها بل هو أمر خارج عنها . وبهذا يثبت أن قوانين المادة ليست خاصية من خواصهاوإنما هي أمر خارج عنها , وبما انه ثبت أن هذه القوانين ليست خاصية من خواص المادةوليست من المادة , فتكون آتية من غيرها ومفروضة عليها فرضا من غيرها ومن خارجها , وبذلك يثبت أن غير المادة هو الذي يؤثر فيها , وبذلك يثبت بطلان نظرية الشيوعيين ,لأنه ثبت أن العالم ليس سائرا تبعا لقوانين حركة المادة بل هو سائر بتسيير من أوجدهذه القوانين وفرضها عليه فرضا . هذه هي البراهين على وجود الخالق لإثبات وجودهلاؤلئك الذين عقّدوا على أنفسهم فتعقدت نظرتهم للعالم , وهي براهين مسكتة كافيةلنقض نظريتهم .فالمادة لا تملك إلا أن تسير بهذه القوانين , وبالتالي فان المادةمحتاجة , فهي مخلوقة وليست أزلية , وبذلك يبطل أساس المادية الديلكتيكية وهوالعقيدة الأساسية . |
اما الطريقة الديلكتيكية فاننا سننظر اليها ابتداءا كمايراها اصحابها , فالماركسيون يرون ان الفلسفة الماركسية مادية ديالكتيكية , فهيمادية لانها تنطلق عند حل المسألة الاساسية في الفلسفة من نقطة انطلاق تقول انالمادة - الوجود- هي الاولى وان الوعي ثانوي , كما تؤكد ايضا ان العالم مادي ويمكنمعرفته , وتنظر اليه كما هو في الواقع , والفلسفة الماركسية ديالكتيكية لانها تنظرالى العالم المادي باعتباره في حركة دائمة وتطور وتجدد مستمرين , وانطلاقا من الحلالصحيح للمسألة الاساسية في الفلسفة تكشف المادية الديالكتيكية اعم قوانين تطورالعالم المادي التي هي موضوعها ايضا , وخلافا للعلوم الخاصة فان الماديةالديلكتيكية تدرس القوانين العامة التي تخضع لها جميع ميادين الواقع : مثلا: انجميع الاشياء في الطبيعة الحية وغير الحية وجميع الظواهر في الحياة الاجتماعيةوالفكر تتطور وفقا لقانون وحدة وصراع الاضداد , ووفقا لقانون تحول التغيرات الكميةالى تغيرات كيفية , هذا وان موضوع المادية الديالكتيكية يشمل ايضا قوانين عمليةالمعرفة التي تمثل انعكاس الواقع الموضوعي .
بشكل مبسط ما سبق خطوط عريضةللمادية الديالكتيكية وهذه المادية الديالكتيكية من حيث هي تأخذ ناحيتين فيالبحث احداهما من ناحية البحث في الفكر والثانية من ناحية البحث في الطبيعة واقع فاذا وجد الواقع(المادة) وجد الفكر اي ان وجود الواقع هو الذياوجد الفكر , ونرى ان ماركس يصرح عن ذلك فيقول " ان طريقتي لا تختلف تماما عن طريقةهيجل بل ضدها تماما , وهيجل يرى ان الفكرة هي التي خلقت الواقع , ولكن ماركس يرى انالواقع هو الذي اوجد الفكرة , اذن هيجل يرى الفكرة قبل الواقع ولكن ماركس يرىالواقع قبل الفكرة , , ويرى مفكروا الشيوعية ان المادة والطبيعة والكائن الحي هيحقيقة موضوعية موجودة خارج الوعي , وان المادة منبع الاحساسات والتصورات والادراك , ويرى انجلز ان مسألة علاقة الفكر بالكائن وعلاقة العقل بالطبيعة هي المسألة العليافي كل فلسفة , , وبالتالي فان العقل ليس سوى نتاج المادة ولكنه النتاج الارقىوالاعلى , , ويؤكد لينين ان المادية تقبل ان الكائن الموضوعي (المادة) هو مستقل عنالادراك , عن الاحساس , عن التجربة , فالادراك ليس الا انعكاس الكائن , اي انالمادة والطبيعة والكائن هو الموجود الفيزيائي الاول بينما العقل والاحساس هيالعنصر الثاني , ولكن هذا التعريف للعقل باطل وذلك لسببين اول : انه لا يوجدانعكاس بين الواقع وبين الدماغ فلا الواقع ينعكس على الدماغ ولا الدماغ ينكس علىالواقع , فالانعكاس هو ارتداد المادة المنعكسة عما انعكست عليه , فاذا جاءت اشعةالشمس على الجدار ارتطمت به وانعكست عنه , هذا هو الانعكاس فكيف ينعكس الدماغ علىالواقع او الواقع على الدماغ فلو احضرنا كتابا باللغة الصينية او صفحة من عشر كلماتوثبتناها مكان كلمة منتدى التوحيد , فبمجرد ان يفتح الشخص المنتدى يلاحظها امامه , اذن هي واقع وبمجرد ملاحظتها يجب ان تنعكس على الدماغ وبالتالي يتولد الفكر بمعنىان كل من يراها يتولد عنده الفكر اي يفهمها فهل يحصل ذلك , طبعا لا يحصل ذلك قطعا , عند شخص مثلي برغم اني امتلك دماع ولا تحصل عند اي شخص لا يعرف اللغة الصينية , اذنالمسألة ان عملية الفكر لم تحصل لماذا لان الواقع لا ينعكس على الدماغ ولا الدماغينعكس على الواقع , اي ان هناك شروط حتى تتم العملية الفكرية , العملية الفكرية فيالمثال اعلاه لم تتم عند شخص مثلي ولكنها تتم عند شخص يفهم اللغة الصينية , كيف ذلك , ثم ما نقول في الشخص الاعمى كيف تتم عنده العملية الفكرية , وكيف تتم العمليةالفكرية في الظلام . الطبيعة , وبدأت الحديث عن ناحية البحث فيالفكر وقلنا ان مفكري الماركسية ماركس وانجلز قد قالوا ان الفكر نتاج المادة وانالعملية الفكرية تحصل نتيجة انعكاس الواقع على الدماغ , وضربت لذلك مثالا عن اللغةالصينية , وعرفت الانعكاس انه هو ارتداد المنعكس عما انعكس عنه , وهذا غير موجود لافي الواقع ولا في الدماغ , وقبل ان اتكلم عن كيفية القيام بالعملية الفكرية , اتكلمعن ما يحصل في العين من الابصار , فالابصار ليس انعكاسا وانما هو انكسار , فانالضوء ينكسر في العين وتستقر صورة المادة على الشبكية ولا ترتد الى الخارج فالذييحصل هو انكسار وليس انعكاس , وفرق بينهما , فالانعكاس ارتداد الصورة الى الخارجوالانكسار استقرار الصورة في الداخل , فالصورة التي تظهر في المرآة هي عملية انعكاسوهي انما تظهر حين ينعكس عليها الضوء , فتستقر الصورة وحين لا يكون ضوء لا تظهرالصورة , فالانعكاس في هذه العملية هو للضوء على جسم غير قابل لاختراق الضوء اليه , ولذلك لا تظهر الصورة اذا لم ينعكس الضوء , فالوضع في هذه الحالة انعكاس للضوء وليسللصورة اما الصورة فتستقر , ولذلك حين تظهر صورة الشخص او المادة في عين آخر تظهرمن انعكاس الضوء ولذلك لا تظهر في الظلام وهذا ليس انعكاسا للشخص او المادة وانماهو انعكاس للضوء ولذلك لا تظهر في الظلام اما وقد رفضنا تعريف العملية الفكريةاي كيف يتم التفكير كما يراه الماركسيون , فاننا سنطرح الان كيف تتم العمليةالفكرية نجيب بطرح سؤال قلنا في المثال اننا لووضعنا كلام باللغة الصينيةمكان كلمة منتدى التوحيد , فمن سيعرف معنى هذه الكلمات , ولكن لو وضعنا صورة تفاحة , وعرضناها امام كل من سيدخل المنتدى فمن سيعرفها , الكل سيقول انا سأعرفها , ولكنالسؤال لماذا لم نعرف معنى الكلام الصيني وعرفنا صورة التفاحة ؟ وارجو من الاخوةان يسألوا انفسهم لماذا نلتقي بشخص فنعرفة وشخص آخر لا نعرفه ان اجبنا على هذاالسؤال عرفنا كيف تتم العملية الفكرية , حتى تتم العملية الفكرية لا بد من توفر شروط مجتمعة والالا يتم اي فكر او عقل او ادراك وهذه الشروط هي : 1 - دماغ صالح 2 - واقع 3 - حواس 4 - معلومات سابقة فالعملية الفكرية هي نقل الواقع الى الدماغ عنطريق الحواس مع وجود معلومات سابقة , فمثال اللغة الصينية الذي ذكرت لا يمكن انيفهمه الا شخص لديه معلومات عن اللغة الصينية , والطفل ان وضعت له قطعة حجر وقطعةذهب لا يمكن ان يميز بينهما , وسيدنا آدم عليه السلام عندما خلقه سبحانه قال عز وجل " وعلّم آدم الاسماء كلها " اذن الحق سبحانه اعطى آدم المعلومات السابقة , التياستطاع ان ان يتعامل بها مع سؤال الله سبحانه " يا آدم انبئهم باسمائهم , وبغم انهذه الايات قطعية الدلالة , الا اننا في الفكر لا نقيس الحاضر على الغائب بل نقيسالغائب على الحاضر اي ندرس واقع الفكر في زماننا هذا فلا يصح ان نقيس الانسان الذيامامنا والمعلوم لدينا على الانسان الاول الغائب والمجهول , وبامعان النظر في كيفيةاتمام العملية الفكرية , نجد ان الشروط التي ذكرناها لا تخرج عن شروطها اية عمليةفكرية ابدا , فهذا التعريف للفكر لا بد وان يكون قطعيا , والعملية الفكرية لا علاقةلها بدين ولا بمذهب بل هي تعريف للفكر عند كل البشر , وهي خاصة بالبشر اماالحيوانات فيتم عندها ما يسمى بالرجع للغرائز والحاجات العضوية, وبالتالي يكونتعريف الماركسيين قد سقط , ولا قيمة لأي انعكاس للواقع على الدماغ ولا للدماغ علىالواقع , اضافة الى ان الفكر لا يمكن ان يتم بمجرد الاحساس , فلا بد من المعلوماتالسابقة , وقد يقال ان الانسان قد يرى شخصا ولا يكلمه وليس لديه اية معلوماتعنه ثم يغيب سنوات فيراه فيعرفه حالا , فهنا استعاد الانسان الاحساس وباستعادتهللاحساس اصدر حكما بان هذا الشخص هو عينه الذي رآه قبل سنوات , والجواب على ذلك هوان الاحساس بالشيء يحصل في الدماغ ويحدث انطباعا فيه فاذا عرض الشيء مرة اخرىبواسطة نفس الاحساس يسترجع الانسان احساسه الاول فيعرف انه هو عينه ويحدث تصرفابناءا على هذا الاسترجاع فمثلا الطفل ضع امامه مصباحا زجاجته ساخنة سخونة شديدةواجعل الطفل يلمسه فيحرق يده ثم بعد مدة ادن زجاجة المصباح من الطفل واطلب منه انيلمسها فانه يرفض . لأنه يسترجع احساسه للزجاجة فيجد انها تحرق فيرفض ان يلمسها , وكذلك الشخص الذي رأيته تسترجع احساسك الاول فتعرفه وهذه المعرفة ليست فكرا وانماهي استرجاع للاحساس فقط , فحسب الحاسة التي احست به يحصل الاسترجاع ولا يرد هناالحديث الفكر قبل المادة او بعد المادة اي ليس فيمن يسبق الآخر , وانما البحث فيتعريف الفكر ما هو واذا قيل ان الفكر موجود قبل الواقع وان الفكر هو خالق الواقعوصانعه كما يقول هيجل فان ذلك خطأ من حيث ان الفكر هو الحكم على الواقع فلا بد انيكون الواقع موجودا حين التفكير فيه , واذا قيل ان الواقع قبل الفكر وان العقل ليسسوى نتاج المادة الاعلى كما يقول انجلز فان ذلك خطأ من حيث ان الفكر هو الحكم علىالواقع ولا يتأتى الحكم الابوجود معلومات سابقة عن الواقع , وهذه المعلومات هي جزءجوهري في الفكر حتى يوجد فيكون وجوده متوقفا على وجود المعلومات |
كان حديثنا السابق عن المعلومات السابقة , وقلنا بانالمعلومات السابقة ركن اساسي لاتمام العملية الفكرية , اذ لا يمكن للعملية الفكريةان تتم الا بوجود المعلومات السابقة , واقول بان المعلومات السابقة ليس حتما انتكون بعد وجود الواقع فقد تكون قبل وجوده , لأنه اذا ثبت ان المادة ازلية فيجب انتكون المعلومات قد وجدت بعدها حتما , فتكون حينئذ المعلومات وجدت بعد المادةوبالتالي يكون الفكر او العقل من حيث هو قد وجد بعد المادة , اما اذا ثبت ان المادةليست ازلية وانها مخلوقة لخالق فانه حينئذ يجب ان تكون اول معلومات سابقة عن اولفكر موجودة قبل المادة , فيجب ان تكون ممن خلق المادة , فالله الخالق هو الذي انزلاول معلومات وهي سابقة اول فكر حصل في الوجود , والفكر حتى يحصل لا بد له منمعلومات فاول فكر حصل لا بد له من معلومات قبله , ولم يحصل قبله فكر حتى توجدمعلومات عن الواقع , فيتحتم ان تكون اول معلومات عن اول فكر موجودة قبل الواقع , اذلو وجدت بعده لحصل فكر فلا يكون اول فكر قد حصل بمعلومات بل حصل من الواقع وحده , وبالتالي لا يكون يكون الفكر محتاجا لمعلومات حتى يحصل وهذا باطل اذ لا يمكن انيوجد فكر الا بمعلومات سابقة , ولذلك كان لا بد ان تكون اول معلومات لأول فكرموجودة قبل المادة , لان القول بوجود اول معلومات لاول فكر بعد المادة نفي الحاجةلسبق الفكر لاول فكرة حصلت , وعليه فان ثبوت ان المادة مخلوقة لخالق يوجب ان تكوناول معلومات لاول فكر قد حصلت قبل المادة وثبوت ان الفكر لا يوجد الا بمعلوماتسابقة يوجب كذلك ان تكون اول معلومات لاول فكر قد حصلت قبل المادة قلنا فيما سبق انالماركسية تأخذ ناحيتين في البحث
الاولى وهي البحث في الفكر وقد بيناه والثانيةفي الطبيعة قلنا ان الماركسية تبحث في ناحيتين الاولى دراسةالفكر والثانية دراسة الطبيعة وقد تحدثنا فيما سبق عن دراسة الفكر ونبدأاليوم بدراسة الجزء الثاني وهو درس الطبيعة , فنجد ان الماركسيين يطبقون دراستهم فيالفكر على دراسة الطبيعة , ويقولون اذا ثبت ان الطبيعة هي العنصر الاول والفكر هوالعنصر الثاني , واذا ثبت ان العالم المادي واقع موضوعي مستقل عن الادراك , بينماالادراك او الفكر هو انعكاس الواقع الموضوعي على الذهن اذا ثبت ذلك نتج عنه : انحياة المجتمع المادية او كيان المجتمع هو العنصر الاول , وبالتالي فان حياة المجتمعالعقلية تكون عنصر ثاني مشتق , وان حياة المجتمع المادية هي واقع موضوعي موجودموجود بصورة مستقلة عن ارادة الانسان , اما حياة المجتمع العقلية فهي انعكاس هذاالواقع الموضوعي , او انعكاس الموجود , وبالتالي يجب البحث عن منشأ حياة المجتمع , وعن اصل الافكار التي تبحث في تنظيم المجتمع , وعن النظريات التي تبحث في تنظيمالمجتمع وعن الاراء السياسية والاوضاع السياسية لا في الافكار والنظريات , بل فيشروط الحياة المادية للمجتمع مقدمة لا بد منها ويتبع التفصيل نبدأ الحديث عن درس المجتمع ورد في اسس الفلسفةالماركسية " ان الديالكتيك المادي الماركسي هو تعاليم عامة عن التطور والرابطةالشاملة , وانه اذ يعطي صورة عن العمليات المادية فانه يمثل اسلوبا علميا لمعرفةالعالم , ... ان الديالكتيك الماركسي هو في اساسه انتقادي ثوري , فهو لا يعترف بشيءغير قابل للتبدل , خالد , خلق ليبقى الى الابد على ما هو عليه , ولا يوجد ما هوخالد في الديالكتيك الماركسي عدا التقدمالذي لا نهاية له والحركة الخالدة المتواصلةالى امام " موضوع المادية التاريخية ترى الماركسية ان موضوع الماديةالتاريخية هو دراسة المجتمع وقوانين تطوره , وهذه القوانين موضوعية كقوانين تطورالطبيعة , كما ان المادية التاريخية تعطينا تفسيرا علميا ماديا ديالكتيكيا لظواهرالحياة الاجتماعية , وانها تحل قضايا التطور التاريخي العامة الهامة من مثل قضاياالعلاقة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي واهمية الانتاج المادي في حياةالناس , ان المادية التاريخية تعطي الامكانية لفهم دور الشعب والافراد في التاريخوكيف ظهرت الطبقات والصراع الطبقي وكيف ظهرت الدولة ولماذا تحدث الثورات الاجتماعية , ثم تقول الماركسية .... ان المادية التاريخية هي التظرية العلمية الوحيدة عنالتطور الاجتماعي استكمالا لرأيهم الحديث القادم عن اسلوب الانتاج |
فلنا ان حديثنا سيكون عن المادية التاريخية - اسلوبالانتاج او اساليب الانتاج يقول الماركسيون ان ماركس وانجلز هما اللذان تمكنامن ان يكشفا كل تعقيد وتناقض في تطور المجتمع , وان يتغلغلا عميقا في جوهره , واوجدا نظرية جديدة من التطور الاجتماعي هي المادية التاريخية , ماذا عملا - لقدطرد ماركس وانجلز المثالية من علم الاجتماع وصاغ الموضوعة الرئيسية للماديةالتاريخية : الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي فما هو الوجودالاجتماعي وما هو الوعي الاجتماعي الوجود الاجتماعي : هو الحياة الماديةللمجتمع وقبل كل شيء نشاط الناس الانتاجي والعلاقات الاقتصادية التي تنشأ بين الناسفي عملية الانتاج اما الوعي الاجتماعي : فهو حياة الناس الفكرية والافكاروالنظريات والآراء التي يسترشدون بها في نشاطهم العملي , وقد اكد الاثنين اولويةالوجود الاجتماعي وثانوية الوعي الاجتماعي تاريخ المجتمع كتاريخ للتطور والتبدل القانوني لاساليبالانتاج فان تاريخ المجتمع يجب ان يبحث قبل كل شيء كتاريخللتبدل القانوني لاساليب الانتاج ويعرف التاريخ خمسة اساليب انتاج متتابعةهي 1 - اسلوب الانتاج المشاعي البدائي 2 - اسلوب الانتاج القائم علىالرق 3 - الاقطاعي 4 - الراسمالي 5 - الاشتراكي وهذه الاساليب كما ترىالفلسفة الماركسية , ليست مراحل اختيارية للامم والشعوب شعب يختار الاقطاع وشخصيختار الرأسمالية انما هي مراحل مرتبة بنفس التسلسل , والانتقال من مرحلة الى مرحلةاخرى هو انتقال حتمي وليس اختياري زيتم الانتقال نتيجة تطور قوى الانتاج , ليلاحظ الاخوة انني في هذا اللقاء والذي سبقه ما زلت اعرض الفكرة الماركسية عنالمادية التاريخية كما هي ولم ارد عليها لقد بنى كارل ماركس مذهبه على اساس مبدأ فلسفي يعرفبالمادية التاريخية اي ما يسمى بالنظرية الديالكتيكية , وراى ان قيام النظام الجديدسيتم بمجرد عمل القوانين الاقتصادية وبمقتضى قوانين التطور , من غير تدخّل ادارةمتشرّع او مصلح وقد اطلق على نظرية كارل ماركس اسم الاشتراكية العلمية تمييزا لهاعن الطرق الاشتراكية التي تقدمتها وتتلخص نظرية كارل ماركس في المادية التاريخيةبما يلي : ان نظام المجتمع الذي يقوم في عصر ما هو نتيجة للحالة الاقتصادية وانالتقلبات التي تصيب هذا النظام انما ترجع كلها الى سبب واحد هو كفاح الطبقات من اجلتحسين حالتها المادية كما ان التاريخ يحدثنا بان هذا الكفاح انما ينتهي على صورةواحدة هي انتصار الطبقة الاوفر عددا والاسوأ حالا وهذا ما يسميه بقانون التطورالاجتماعي وهو ينطبق على المستقبل كما ينطبق على الماضي , ففي العصور الماضية كانالكفاح موجودا بين الاحرار والارقاء ثم بين الاشراف والعامة ثم بين الاشرافوالفلاحين , وكذلك بين لرؤوساء والعرفاء في نظام الطوائف وقد كان ينتهي دائمابانتصار الطبقة المظلومة الكثيرة العدد على الطبقة الظالمة القليلة العدد ولكن بعدانتصارها تنقلب الطبقة المظلومة الى طبقة ظالمة محافظة . ومنذ الثورة الفرنسية اصبحهذا الكفاح قائما بين الطبقة المتوسطة (البرجوازية) زطبقة العمال فقد صارت الاولىسيدة المشروعات الاقتصادية ومالكة رؤوس الاموال كما صارت طبقة محافظة , وفي وجههاتقوم طبقة العمال , وهي لا تملك شيئا من رأس المال ولكنها الاوفرعددا فهناك تناقضبين مصالح هاتين الطبقتين وهو يرجع الى اسباب اقتصادية وتعتبر نظريات كارلماركس اشهر النظريات الاشتراكية واكثرها تاثيرا فقد سادت هذه النظريات العالمالاشتراكي وقام على اساسها الحزب الشيوعي السوفييتي والتي عمرت نحو سبعين سنة قبلان تزول منذ عقدين من السنين ومن نظريات كارل ماركس نظرية القيمة قانونالتركز المنافسة الحرة الازمات الاقتصادية |
ويرى كارل ماركس ان نظام الانتاج اليوم (في عهده) اصبحلا يتمشى مع نظام الملكية فالانتاج لم يعد فرديا اي يقوم به الشخص بمفرده كما كانفي الازمنة الماضية , بل اصبح اشتراكيا اي يشترك فيه الافراد , بينما نظامالملكيةلم يتغير تبعا لذلك فظلت الملكية قائمة ولا تزال هي اساس النظام في المجتمعالحالي فكان من نتيجة ذلك ان طبقة العمال وهي تشترك في الانتاج لا تشترك في ملكيةراس المال واصبحت تحت رحمة اصحاب راس المال الذين لا يشتركون في الانتاج , في حينانهم يستغلون العمال اذ لا يدفعون اليهم من الاجر الا ما يعادل الكفاف والعامل مضطرلقبوله اذ لا يملك غير عمله , فالفرق بين قيمة الناتج واجر العامل - وهو ما يسميهماركس بالقيمة الفائضة - يتكون منه الربح الذي يستإثر به الراسمالي , مع ان العدليقضي ان يكون من نصيب العامل , فالحرب ستظل معلنه بين هاتين الطبقتين حتى يتلاءمنظام الملكية مع نظام الانتاج اي حتى تصير الملكية اشتراكية , وسنتهي هذا النضالبانتصار طبقة العمال تبعا لقانون
التطور في المجتمع , لأنها هي الطبقة الاسوأ حالاوالاوفر عددا , اما كيف تنتصر طبقة العمال واسباب انتصارها فذلك ما ينبىء به قانونالتطور للمجتمع , فنظام الحياة الاقتصادية الحاضرة يحمل في نفسه بذور الجماعةالمستقبلة وهو مقضيّ عليه بالزوال بفعل القوانين الاقتصادية التي يخضع لها , فقدجاء وقت انتصرت فيه الطبقة المتوسطة على طبقة الاشراف فلعبت دورا مهما في الحياةالاقتصادية اذ كانت هي مالكة رؤوس الاموال ولكنها اليوم انتهت مهمتها , وحان الوقتالذي تتخلى فيه عن مكانتها لطبقة العمال , ويحتّم عليها ذلك قانون التركّز وفعلالمنافسة الحرّة , فبفعل قانون التركز اخذ يتناقص عدد اصحاب رأس المال ويتزايد عددالعمال الاجراء , كما انه بفعل المنافسة الحرة تجاوز الانتاج كل حد فاصبحت كميةالانتاج تزيد عما يستطيع المستهلكون من طبقة العمال شراءه منها وهو يتناولون اجوراغير كافية , فادى ذلك الى وقوع الازمات التي من نتائجها ان يفقد بعض الناس رؤوساموالهم فيدخلون طبقة العمال , وكلما تقدّم النظام الحاضر كلما اشتدت وطأة الازماتوتقاربت اوقات وقوعها وكلما تناقص اصحاب رأس المال تزايد العمال , ثمّ لا يلبث انياتي يوم تقع فيه ازمة اكبر من كل ما تقدمها فتكون هي النكبة الكبرى , اذ تقوّضاركان النظام الراسمالي فيقوم على انقاضه نظام الاشتراكية . ويرى ماركس في قيامالاشتراكية آخر دور للتطور التاريخي , لانها تهدم الملكية الخاصة فلا يكون هناك مايدعو الى تطاحن الطبقات في المجتمع , وذلك لاختفاء ما بينها من فروق يتبع قانونالتركز المنافسة الحرة الازمات الاقتصادية |
اما قانون التركز الذي تكلم عنه ماركس فهو من النظامالرأسمالي , وخلاصته ان هناك حركة تنقل في العمل وراس المال من بعض المشروعات نحوبعضها , اذ يكبر بعضها في حين يصغر بعضها الاخر , فهذه كلها حالات تدل على حدوثتركز في الانتاج , فاذا بحثت في عدد من المشروعات في فرع واحد تجد ان عدد المشروعاتقد صار الى التناقص في حين زاد متوسط ما يستخدم في كل مشروع من قوى الانتاج وفي هذادليل على انه قد حدث تركّز في هذا الفرع من الانتاج , اذ اخذ الانتاج الكبير يحلفيه محل الصغير فلو كان عدد المصانع 10 فانها تصبع اربعة كبيرة وتنقرض باقي المصانع , واما المنافسة الحرة فهي تعني قاعدة حرية العمل وهي ان يكون لكل شخص في ان ينتجما يشاء كما يشاء.
واما الازمات الاقتصادية فهي تطلق على كل اضطراب فجائي يطرأعلى التوازن الاقتصادي , والازمة الخاصة تشمل كل انواع الازمات التي تحل بفرع منفروع الانتاج بسبب ما يحدث من فقدان التوازن بين الانتاج والاستهلاك , وهذا الحادثينجم اما عن افراط في الانتاج او قلة فيه او افراط في الاستهلاك او قلة فيه واما الازمة الدورية فهي تطرأ على شكل هزّة عنيفة تزعزع اركان النظام الاقتصاديكله وتكون هي النقطة التي تفصل بين عهد النشاط وعهد الكساد , وعهد النشاط يتراوحبين ثلاث وخمس سنين وعهد الكساد يتراوح بين تلك المدة , والازمة الدورية العامة لهاصفات خاصة تتميز بها : هي صفة العموم , فهي تصيب في البلد الواحد كل نواحي النشاطالاقتصادي او على الاقل اكثرها , ثم هي تظهر اولا في احد البلاد وتعم فيه ثم تسريمنه الى البلاد الاخرى , التي احرزت نصيبا من التقدم الاقتصادي وكان يربط بعضهاببعض علاقات مستمرة , والصفة الثانية صفة الدورية وهي انها تحدث كل مدة بصفة دوريةوالدورة التي تفصل بين ازمة واخرى تتراوح بين 7 - 11 سنة , الا ان حدوثها ليس فيمواعيد ثابتة ولكنها تحث دوريا , اما الصفة الثالثة فهي افراط الانتاج اذ يصادفاصحاب المشروعات صعوبة كبيرة في تصريف منتجاتهم فيزيد العرض على الطلب في كثير منالمنتجات فتحصل الازمة , فكارل ماركس يرى ان هذه الازمات تؤدي الى ان يفقد بعضالناس رؤوس اموالهم فيتناقص عدد اصحاب رؤوس الاموال ويتزايد عدد العمال وهذا يؤديالى حصول ازمة كبرى في المجتمع تقوّض النظام القديم |
تلك بعض النقاط عن تطبيق التطور في الحياة الاقتصاديةللمجتمع ونبدأ اليوم في البحث في الطبيعة من النظرية الديالكتيكية واقول ان اراءالماركسيين تتلخص في اربع نقاط :
1_ الطبيعة كل واحد متماسك ترتبط فيه الاشياءوالحوادث فيما بينها 2 - الطبيعة ليست في حالة سكون بل هي في تطور وتغيردائمين 3 - ان حركة التطور هي تطور ينتقل من تغيرات كمية الى تغيرات كيفية بشكلسريع وفجائي 4 - ان كل الاشياء وحوادثها تحوي تناقضات داخلية اما النقطةالاولى وهي ان الطبيعة كل واحد متماسك ترتبط فيها الاشياء والحوادث فيما بينهاارتباطا تاما , فهم يقولون ان الديلكتيك لا يعتبر الطبيعة تراكما عرضيا للاشياء , او حوادث بعضها منفصل عن بعض او احدها منعزل مستقل عن الاخر بل يعتبر الطبيعة كلاواحدا متماسكا ترتبط فيه الاشياء والحوادث ارتباطا عضويا ويتعلق احدها بالاخر ويكونبعضها شرطا للبعض الاخر بصورة متقابلة , ولذلك يعتبرون ان اي حادث من حوادث الطبيعةلا يمكن فهمه اذا نظر اليه منفردا بمعزل عن الحوادث المحيطة به. اذ ان اي حادث فياي ميدان من ميادين الطبيعة يمكن ان ينقلب الى عبث فارغ لا معنى له اذا نظر اليهبمعزل عن الشروط التي تكتنفه واذا فصل عن هذه الشروط , وعلى العكس يمكن فهم اي حادثمن الحوادث وتبريره اذا نظر اليه من حيث ارتباطه ارتباطا لا ينفصم بالحوادث المحيطة , اي اذا نظر اليه كما تحدده وتكيّفه الحوادث التي تحيط به , وهذا يعني ان الشمسمرتبطة ارتباطا لا ينفصم بحركتها وبحركة الكواكب المحيطة بها , ويعني ان الانسانمرتبط بالبلد الذي يعيش فيه ارتباطا لا ينفصم ويعني ان الحياة الموجودة في الكائنالحي مرتبطة بحلولها في الكائن الحي ان انسانا او حيوانا او شجرة ارتباطا لا ينفصموانه لا يمكن فهم الشيء الا بالحادثة التي تكتنفه كما لا يمكن فهم الحادثة الابالشيء والاشياء التي تكتنفها فيكون الشيء او الحادثة كما تحدده الحوادث او الاشياءالتي تحيط به وليس كما تحدده ماهيته . يتبع النقطة الثانية " الطبيعة ليستفي حالة سكون قبل ان ننتقل الى النقطة الثانية من ان الطبيعة في حالةسكون , وحتى لا ينسي الكلام بعضه بعضا نرد على النقطة الاولى , وهي ان الطبيعة كلواحد متماسك , فهذه النقطة ان هي الا مجرد فروض فالطبيعة هي مجموع الاجرام ومجموعالنظام الذي تسير عليه , وبالنسبة لكوكب الارض التي نعيش عليها هي عبارة عنالقوانين التي تسير الارض وما فيها من قابليات الحياة مع الارض والاشياء التي عليها , فهذه الطبيعة اي الاشياء وقوانينها كل متماسك الاجزاء من حيث الكون كله ومن حيثالارض كلها ومن حيث كل كوكب بوصفه كلا اما من كل كوكب ومن حيث الارض بالذات فانهافي اشيائها الخاصة بها وقوانينها الخاصة غير مرتبطة بغيرها بل هي من هذه الجهةمنعزلة عن غيرها وتعيش في وسط يتعلق بها وحدها من اشياء وقوانين وان كان ذلك يجريضمن الاطار العام الجامع للكون , وكذلك الاشياء التي على الارض مع قوانينها فانهامن حيث كل شيء فيما يتعلق به منفردة عن غيرها ولكل شيء قوانينه الخاصة به وغيرمرتبط بغيره , وان كان ذلك يجري ضمن قوانين الكون , وهذا فيما يتعلق بالكوكبوبالارض بالذات قد ظهر جليا بشكل ملموس بعد رحلات الفضاء , حيث ثبت انقطاع الوزنعند وصول الشخص الى مكان تعادل الجاذبيات فلم تعد جاذبية الارض تؤثر عليه , اذ فيالنقاط التي تتعادل فيها جاذبية كوكبين او اكثر تنعدم الجاذبية فيكون الشخص كأنهخرج من جاذبية الارض فلم تعد قوانينها تؤثر عليه , وهذا يعني ان للارض قوانين خاصةبها غير مرتبطة بغيرها من الكواكب وتجري بشكل منفرد , وان كان لها قوانين اخرىمرتبطة بغيرها من الكواكب , فالزلازل في ايران لا تؤثر على العراق , وزلزال الجزائرلم يؤثر على ليبيا , والراكين في جهة لا تؤثر على الجهة الاخرى , وما يجري علىالانسان لا يجري على الحيوان , فالحيوان يمشي على اربع , ويفقد الادراك العقلي , ويعيش حسب الطاقة الحيوية من غرائز وحاجات عضوية والانسان يمشي على رجلين ويستعمليديه على خلاف استعماله لرجليه ويملك الادراك العقلي وسلوكه في الحياه حسب مفاهيمهوليس حسب غرائزه وحاجاته العضوية , وما عليه الجمادات غير ما عليه الكائن الحيفالجمادات لا تحتاج الى غذاء والكائن الحي يحتاج الى غذاء وعلى هذا يكون منالخطأ القول بان الشيء او الحادثة انما يكون كما تحدده الحوادث والاشياء التي تحيطبه , لان الواقع ان الاشياء والحوادث انما تحدد ماهيتها وليس الاشياء المحيطةبها |
تعريف الديكلتيكية
فالديالكتيك:كلمة يونانية تعني المجادلة او المحادثة , وتم بعث (الديالكتيك) بعثا جديدا على يد الفيلسوف الالماني الشهير جورج هيغل (1770- 1831) , وخلاصة راي هيغل ان الديالكتيك نظام كل من الفكر والروح والطبيعة معا ويقولالماركسيون ان هيغل وضع الديالكتيك على رأسه فجاة الماركسية واقامته منتصبا علىقدميه حيث تطورت الجدلية الهيغلية تطورا سريعا على يد ثلاثة هم: 1- كارل ماركس ( 1818- 1883). 2- فريدريك انجلس (1820-1895). 3- فلاديمير لينين (1870- 1924). والذين وضعوا فلسفتهم المادية والمسماة (المادية الجدلية) ضمن مفاهيمصراع الاضداد ونظرية نفي النفي او سلب السلب والتحولات من الكم الى الكيف وانالمادة هي اساس الوجود وحركتها دائمة وان العالم ابدى والوعي موجود المادة وعكسوهاعلى التاريخ فيما اصبح يعرف في التراث الماركسي اللينيني (بالماديةالتاريخية). يدَّعي الماديون أن الفكر صورة من صور المادة أو أثر من آثارها (فالعقل صفحة بيضاء تتراكم عليها المعطيات الحسية وتتحول إلى أفكار كلية بطريقةآلية). وهي مقولة لا تبدو معقولة وتخلق من المشاكل أكثر مما تحل. والسؤال هو: لماذايأخذ الفكر هذه الصورة بالذات؟ ولماذا تختلف أفكار شخص عن أفكار شخص آخر يعيش فينفس الظروف؟ وهل الأفكار عصارات وأنزيمات تتحرك أم أنها شيء آخر؟ وما علاقة المؤثرالمادي بالاستجابة الفكرية أو العاطفية؟ والفلسفات المادية تدور في إطارالمرجعية المادية، ولذا فإنها ترسم صورة واحدية للإنسان إما باعتباره شخصية صراعيةدموية أو باعتباره شخصية قادرة على التكيف . وهذه صور ساذجة غير حقيقية.فالإنسانالمادي لا يزال قلقاً وغير راض الإنسان تتنازعه نزعتان كامنتان فيه: النزعةالجنينية نحو إزالة الحدود والحيز الإنساني والهوية الإنسانية والذات المتعينة ومحوالذاكرة التاريخية والذوبان في الطبيعة/المادة والهرب من المسئولية الأخلاقيةوالمقدرة على التجاوز من ناحية، ومن ناحية أخرى، النزعة الربانية نحو تجاوزالطبيعة/المادة وتقبُّل الحدود والمسئولية وعبء الوعي وتأكيد الهوية الإنسانيةوتركيبيتها. والنزعة الربانية تعبير عن وجود عنصر غير مادي غير طبيعي داخل الإنسان،وهو عنصر لا يمكن رده إلى الطبيعة/المادة نسميه «القبس الإلهي»، وهو ذلك النور الذييبثه الإله الواحد المتجاوز في صدور الناس (بل في الكون بأسره)، فيمنحه تركيبيتهاللامتناهية،ويولِّد في الإنسـان العـقل الذي يدرك من خـلاله أنه ليـس بإله، وأنهليـس بالكل، وأنه مكلف بحمل الأمانة، وأن عليه أعباء أخلاقية وإنسانية تشكل حدوداًوإطاراً له. ولكن هذه الحدود هي نفسـها مصدر تميزه، فهي تفصله عن كل من الإلهوالكائنات الطبيعية، وتميِّزه عن هذه الكائنات بعقله ووعيه والمسئولية المناطة به. فكأن الحدود هي حيزه الإنساني الذي يمكن للإنسان أن يحقق فيه إمكانياته أو يجهضها. وهو الحيز الذي يتحول فيه الإنسان إلى كائن اجتماعي قادر على أن يرجئ رغباته ويُعليغرائزه ولا يطلق لشهواته العنان حتى يمكنه أن يعيش مع الآخرين ويتواصل معهم، وأنينتج أشـكالاً حضارية إنسـانية تتجاوز عالم الطبيعة/المادة وعـالم المثيراتوالاستجابات العصبية والجسدية المباشرة. والإنسان الإنسان، ثمرة النزعةالربانية، يقف على طرف النقيض من الإنسان الطبيعي/المادي ثمرة النزعة الجنينية، فهوذو هوية محدَّدة يكتسبها من خلال الحدود المفروضة عليه فالعقل (حسب الرؤيةالموضوعية المادية) جزء لا يتجزأ من الطبيعة/المادة خاضع لقوانينها لا يتجاوزها،فهو صفحة سلبية بيضاء تسجل الواقع بشكل شبه فوتوغرافي. ولكن العقل ليس صفحةبيضاء، وإنما هو أداة نشيطة مبدعة في أثناء أبسط عمليات الإدراك والتلقي، ولذا فهوقادر على تجاوز الطبيعة/المادة. وهذا النقد يضرب بجذوره في الرؤية المتمركزة حولالذات والإنسان التي تجعل عقل الإنسان هو موضع الكمون ومن ثم تؤكد فعاليتهواستقلاليته عن الطبيعة/المادة (وبالتالي حريته ومقدرته على الاختيار). والحقيقةليست نتيجة تراكم معطيات حسية على صفحة العقل المادية وعمليات التجريب، فليست كلالمعرفة مكتسبة، إذ أن ثمة جزءاً هاماً من المعرفة الإنسانية يُولَد من داخل عقلالإنسان نفسه (ومن هنا تسمية هذا النموذج «النموذج التوليدي»)، وهذا الجزء هو الذييجعل المعرفة الإنسانية إنسانية ومركبة وجوانية ومستعصية للرصد السلوكي البراني منخلال نماذج العلوم الطبيعية والكمية. والأفكار المركبة ليست نتيجة ترابط آلية تتمبشكل تلقائي بين المعطيات المادية وإنما هو نتيجة لجهد إبداعي من جانب البشر. فالطفل يستخدم بعض قواعد القياس ويقوم بعمليات تجريد لم يعلِّمها له أحد، ولا يمكنهاكتسابها بشكل تدريجي عن طريق التعلم منقول بتصرف |
جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 05:30. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.