العودة   شبكة كلمة سواء للحوار الإسلامي المسيحي العودة المنتدى أقسام دراسة النصرانية كشف أكاذيب المنصرين و المواقع التنصيرية

كشف أكاذيب المنصرين و المواقع التنصيرية يُمنع ذكر أسماء المواقع و المنتديات التنصيرية أو المشرفين عليها.

آخر 20 مشاركات
الهولي بايبل و معاملة النساء زمن الحروب و الصّراعات المسلّحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إجابة عن سؤال : ماذا قدّم المسلمون للبشرية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المهتدي مويزو روتشيلد و رحلة من اليهودية إلى الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أسرار خطيرة عن التمويلات الكنَسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة الزّمر : الشيخ إبراهيم أبو حجلة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة فاطر : الشيخ القارئ إياد عوني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الخمر و الحشيش و الدعارة في كتاب النصارى ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورةالزُمَر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورة غافر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه ينادي بالحج ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إشهار إسلام الأخت مارتينا ممدوح (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مصيبة عيد القيامة في الكنائس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأضحية هي قربان لله أم للأوثان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          زاهي حواس ينفي وجود ذكر للأنبياء في الآثار (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ضربة لمعبود الكنيسة تعادل في نتائجها الآثار المرعبة لهجوم نووي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سؤال حيّر الأنبا رفائيل وجعله يهدم المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عذبة من سورة القلم : الشيخ القارئ عبدالله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان : الشيخ القارئ عبد الله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 09.08.2013, 14:08

فيصل

عضو

______________

فيصل غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.12.2011
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 29  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
22.08.2014 (15:37)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي أرجو رد على هذه المزاعم التي تقول بأن مسلمين و علماؤهم لم يفهموا عقيدة الثالوث


[/CENTER]
بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة و السلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين :

السلام عليكم ورحمة اله وبركاته وأما بعد:

لا أدري إن كان هذا الموضوع في قسمه المناسب أم لا فإن لم يكن فلينقل إلى قسمه

وأرجو الرد :

الثالوث … والعقل (1)
الرد على حراس الفقيدة
مقدمة
يتعامل الكثير من المسلمين مع حقيقة الثالوث بسطحية منقطعة النظير ، بعضهم ينكره ويكتفي باتهام المسيحيين بالكفر والشرك ، وآخرون يمتد رد فعلهم إلى السخرة والاستهزاء ، مما يجعلنا نتساءل : هل يكفي عدم إمكانية رؤية الشمس مباشرة إلى إنكار وجودها والاستهزاء بتأثيرها ؟
وهل تكفي السخرية – أيا كانت – لنفي الحقيقة ؟ .. هيهات
هناك دائما فرق بين أن يعقل الإنسان وجود شئ ما وبين أن يستوعبه استيعابا كاملا ، ولأن العقل البشري هو المنظار الذي نرى من خلاله الحقائق المختلفة ، فكان لابد من معرفة حدود العقل (1) ، العقل البشري له قوالب تأسس عليها ، فمثلا العقل لا يرى إلا من منظار الزمان والمكان ، ولا يمكن أن يتخيل اللا-مكان او اللا-زمان ، فأي خبرة عقلية للوجود خاضعة بسلطان العقل للقولبة المكانية الزمانية ، ومع هذا يعتقد الكثير من البشر -بما فيهم المسلمون- بوجود إله فوق الزمان والمكان بل وخالق لهم ، لأنه لو كان محدودا بزمان ومكان ، لسبقه الزمان والمكان في الوجود ، ولأصبح الزمان والمكان آلهة تتفوق على الإله وتتحكم فيه
فهل عقلانية الاعتقاد بوجود إله يسبق الزمان والمكان ، يمكن أن يتعارض مع عدم قدرتنا على تخيله كائن في لا-زمان ولا-مكان ؟
لا ، لأن الاستنتاج المنطقي يشير إلى وجود كون بدأ بالانفجار الاعظم (Big Bang) منذ ما يقرب من 13.7 بليون عام ، ومع هذا الانفجار تحددت خواص المادة والطاقة والزمان والمكان ، ولأنه من المنطقي والعقلاني أن نفترض أن كل شئ له بداية وجود لابد له من سبب للوجود ، فكان من المنطقي أن نستنتج أن سبب وجود الكون بزمانه ومكانه هو كائن يتخطى الزمان والمكان والمادة والطاقة .
كيف يمكننا أن نتخيل هذا الخالق ، وكيف يمكننا أن نتخيل وجوده الدائم الأزلي الأبدي خارج حدود الزمان والمكان ؟
لا يمكن … وعجزنا عن فهم واستيعاب هذا الوجود ناتج بالاساس لمحدودية عقلنا ووجودنا … ولكن هذا العجز لا يمكن أن يثبت أو ينفي وجوده !!
فعقلنا قادر على استنتاج وجود إله منطقيا ، ولكنه لا يستطيع أن يستوعب أبسط خصائص وجود هذا الإله بالتخيل العقلي المجرد …
ولهذا أتفقت اليهودية والمسيحية على ضرورة أن يعلن الإله عن نفسه وصفاته ولو جزئيا (2) ، ليمكن للإنسان بقدر طاقته أن يدخل معه في عهد وعلاقة … ولكن يبقى الإنسان عاجزا عن أن يستوعب الإله بملئه وكماله ، فالإنسان مثله مثل النقطة التي تسكن عالم احادي الأبعاد ، وتريد أن تفهم الكرة في عالمها ثلاثي الأبعاد … وهذا مستحيل .
أما المسيحية لأنها عقلانية ، فهي تدعو الإنسان إلى أن يضع عقله في ملكوت السماء ويستمتع بحضرة الإله ، ولكنها بكل تأكيد لا تدعوه إلى حشر السماوات كلها داخل عقله ، التصرف الأول هو مثال للرومانسية والروحانية والعقلانية في آن واحد ، أما الثاني فهو من علامات الجنون … (3)
بالمثل يمكن أن نعلق على الثالوث ، فالثالوث يمكن إعلانه بالوحي ويمكن استنتاجه منطقيا ، ولكن لا يمكن تخيله أواستيعابه كاملا …
لهذا كان الثالوث دائما بسيط ومعقد في آن واحد
بسيط في إعلانه ، ومعقد في شرحه
بسيط في جوهره ، ومعقد في تفسيره وتخيله
هذه الثنائية الجدلية بين الثالوث والعقل هي نفسها التي ظهرت في التفاسير والشروحات المسيحية ، فمرة يؤكد المسيحي أن الثالوث مفهوم بسيط يمكن إعلانه في قانون للايمان أن الإله واحد له ثلاثة أقانيم في طبيعة واحدة ، ولكن أن نستوعب العلاقة الكاملة بين الطبيعة والأقانيم في الذات الإلهية هذه هي المهمة المستحيلة التي جعلت الكثيرين من الشرّاح يعلن عجز اللغة والمنطق البشري عن تخيل هذه العلاقة ، وأن المحاولات اللغوية البشرية لوصف العلاقة بين الطبيعة والأقانيم تجرِّح الثالوث لأنها لا تفيه حقه ، ولهذا يذكر القس منسى يوحنا العديد من أقوال الآباء واللاهوتين التي توضح هذا العجز ويلخصها في قول القديس اغسطينوس (عندما يراد البحث عن كلمة للإعراب بها عن الثلاثة في الله تعجز اللغة البشرية عن ذلك عجزًا أليمًا) (4)
وهذا العجز اللغوي ما يؤكده أيضا إسكندر جديد حيث يقول “ولا يعني المسيحيّون بتعدُّد الأقانيم أن الله ثلاثة جواهر؛ لأن لفظ (أقنوم) لا يعني (جوهر). فالمراد هنا بالجوهر الذات الواحدة. أي أنه الوحدة اللاهوتية. والمراد بالأقنوم واحد من الآب والابن والروح القدس. ومع ذلك فكلمة أقنوم كسائر الألفاظ البشرية قاصرة عن إيضاح حقيقة إلهية وهي أن الله ثالوث في الأقنومية، وواحد في الجوهر” (5)
العجز هنا في إيجاد وصف كامل للعلاقة بين الطبيعة الإلهية والأقانيم وليس في الإعلان عن وجودهم الحقيقي ولا عن منطقيتهم ، التي يمكن استنتاجها – وسيتم توضيح هذا لاحقا .
______________________

عقلانية الأمثلة التوضيحية للثالوث
دائما ما يحاول المسيحيون تبسيط فهم الثالوث للآخر ولأنفسهم ، فيستعملون الكثير من التشبيهات والرسومات التوضيحية ، ولكنهم يعلمون تماما أن علاقة التشبيه لا تعني علاقة مساواة ، لأن التشبيه دائما ملتزم دائما بوجه واحد -أو اثنين على الأكثر – للشبه بين المشبَّه والمشبَّه به (6)، ولكنه لا يمثل تساوي بين طرفي معادلة ، فعندما نشبه الإنسان بالأسد لابد أن نحدد وجه الشبه في الشجاعة مثلا ، وبهذا تبقى علاقة التشبيه محدودة ولا تعني بأي حال المساواة الكاملة والتطابق بين الإنسان والأسد .
وكم بالاولى عندما نحاول ان نشبه الإله الحقيقي ، فالتشبيه على محدوديته المعتادة يواجه عجزا كيفيا هائلا أمام وجود إلهي خارج الزمن والمكان ، وبين وجود زماني – مكاني محدود ، ويظل عاجز تماما عن الإلمام بملء الجوهر الإلهي ، لأن المشبه هو الإله والمشبه به مخلوق (كالإنسان أو الشمس أو ….) أو علاقة منطقية أو علاقة رياضية أو رسم بياني أو هندسي (كالمثلث مثلا) ، ولا يمكن بأي حال أن نضع الإله في طرف معادلة تساوي طرفها الأخر مجرد مثلث ، ونقول بأن الإله = مثلث رياضي هندسي … ولا يدعي المسيحيون هذا أبدًا. لهذا يؤكدالفكر المسيحي أن كل من يحاول أن يحوّل التشبيهات المسيحية للثالوث إلى معادلات تساوي رياضية يعاني إما من عته واضح أو من عيب أخلاقي يمنعه من الاعتراف بالحقيقة ، وهي أن تشبيهات المسيحية للثالوث لا تزيد عن محاولات لتقريب العلاقة المنطقية الإلزامية بين التثليث الاقنومي والوجود الإلهي إلى أذهاننا البشرية … فالطبيعة الإلهية لا تقوم ولا توجد إلا بالأقانيم ، وهذا هو خلاصة كل الرسومات التوضيحية ، ولكن هذه الرسومات لا تصف تفصيلا ماهية الوجود الإلهي ولا ماهية الطبيعة الأقنومية ، ولا تحاول أن تبرهن أو تثبت هذه العقيدة بمجرد رسومات … فالتشبيهات تحاول فقط رسم وتقريب علاقة ولا تحاول رسم الجوهر الإلهي نفسه بأقانيمه .
فعندما يستشهد احد المسلمين المدلسين برسومات توضيحية للعلاقة الثالوثية ، ويتعامل معها على أنها تصوير كامل لهذه العلاقة أو انها توضيح كامل لماهية الإله ، فهو بهذا يخدع نفسه ، وهو بهذا مثل المجنون الذي قرر أن يحشر السماء كلها في رأسه … و عندما يحاول المسلمون مهاجمة هذه التشبيهات والرسومات ، هم يفضحون أنفسهم ، ويبينون ضعف تفكيرهم الذي طابق بين المشبه والمشبه به … فلا يحاربون عندها إلا طواحين الهواء ..
بل يمكننا أن نؤكد أن الرسومات المسيحية التي توضح الثالوث اكثر عقلانية من اعتراضات المعترضين عليها ، لأنها تحترم محدودية الإنسان وقدراته بقدر ما تحترم رغبته المحمومة فيفهم هذا الإله العظيم … لأن المسيحية لا تمنع الإنسان من التخيل العقلاني ، وفي الوقت نفسه تترك الأفق مفتوحا لمزيد من النمو والمعرفة والاكتشاف …
وفي المقابل عندما يطلب المعترض رسما شاملا مانعا لفهم الإله كاملا ، ووصف الطبيعة الإلهية بمعادلات رياضية ، فهو عندها بلا شك يطالب بصنع صنم لهذا الإله بقوالب عقله (7)، ويريد أن يغلق على عقله الفرصة في رحلة اكتشاف ابدية لهذا الإله الرائع ، يستمتع بها العقل في النمو في المعرفة والتطور . (8)
______________________

الثالوث … والأرقام
عندما نستعمل الأرقام والرياضيات في وصف الثالوث ، لابد أن نضع في الأذهان أن الوجود الإلهي يسبق الأرقام والرياضيات ، والتي هي أيضا قوالب عقلية تحكم التفكير العقلي المحدود ، فلو استعملنا الرقم “1″ أو الرقم “3″ في وصف الجوهر الإلهي ، لابد أن نستوعب أن الأرقام لا وجود لها حقيقي خارج العقل (9) … وأن استعمال الأرقام مجرد أداة عقلية للوصف … وهذا يتضح أكثر عندما نصف الإله بأنه واحد “1”
فهل هذا يعني أن الإله = 1 كرقم حسابي ؟
لا يمكن ، وإلا كان الاستنتاج المنطقي أن الإله أقل من الأرقام “2″ ، “3″ ، “4″ ، “∞ ….
ولأصبحت الواحدية الإلهية صفة نقص لا نهائية … لأنها لا تتخطى الحساب والأرقام بل تقف دون كل الأرقام إلى مالانهاية ، ولو فهمنا الواحدية على أنها مجرد تمييز كما يفعل القرآن في قول “قل هو الله أحد” لتبع بالتالي تحقير للوجود الإلهي كواحد بين كثيرين من نفس النوع
فهو “أحد” الآلهة
أو “أحد” الأسماك
أو “أحد” الطغاة
أو حتى “أحد” الصفات
إذن مصطلح الثالوث في الفكر المسيحي لا ينبغي أن يُفهم على انه مجرد رقم حسابي “3″ يخضع لمعادلات الرياضيات ، ليس لأننا ضد العقل والمنطق والرياضيات ، بل لأننا نحترم العقل والمنطق والرياضيات ونفهم حدودهم …. فأول خطوة لفهم الثالوث المسيحي هو بادراكمحدودية اللغة الرقمية للعقل البشري التي تريد أن تجزء كل شئ ، وتعدد كل شئ ، لتضعه في قالب العقل .
ولهذا تعمد الوحي الإلهي أن يعلن عن آب وابن وروح قدس في طبيعة الإله ، ولكن الوحي تباعد عن ذكر أرقام أو معادلات لتوضيح الثالوث … وترك هذا الوصف الرياضي لعقول البشر
لهذا نجد أن تساؤل المسلم
(متى وأين قال الله تعالى لكم إنه واحد في ثالوث؟ بل متى وأين قال لكم المسيح هذا؟!.)
تساؤل بدون مضمون حقيقي ، لأن الوحي المسيحي يقود العقل البشري إلى الحقيقة تدريجيا بقدر ما تسمح حدوده ، ولكنه يتجنب دائما التحديد الكامل والرياضي والنهائي للطبيعة الإلهية وإلا تحول الإله الحقيقي إلى مجرد معادلة رياضية يقف فيها الإله على أول درجات السلم الرقمي ، يعلوه كل الأرقام إلى مالانهاية … أو لفظ لغوي تحده قواعد اللغة البشرية … الوحي الإلهي في المسيحية يُخضِع اللغة للوصول إلى الإنسان ولكنه لا يَخضَع إلى لغة الإنسان ويتقولب بها.
وفي ايجاز يمكننا أن نقول أن مصطلح الثالوث (Trinity) المسيحي ، صاغه البشر منالقديسين عندما رأوه عقليا أنسب ما يصف وحدانية الأقانيم ، لأنه لغويا يجمع ثلاثة في واحد(Tri + unity = Trinity) وهذا هو جوهر الوحي المسيحي بقدر ما استوعبه العقل البشري .
وفي المقابل لابد وان نسأل المسلم : إذا كنت تعترض على مصطلح “ثالوث” … وتريده ملفوظا في كتابنا المقدس ، فأين تجد في قرآنك لفظة “التوحيد” وهي جزء من عقيدتك … يمكنك أن تستنتجها من بعض نصوص القرآن ، ولكنك لن تجد اللفظة بعينها
بالمثل يمكننا عقليا أن نستنتج مفهوم الثالوث من كتابنا المقدس ولا نستطيع أن نجد اللفظة بعينها (10)
الفارق هو في مستوى الفكرة ، بينما فكرة التوحيد مسطحة لا تملك أبعادا فكرية حقيقية ويكفيها نص واحد ليعلنها ، ففكرة الثالوث يلزم لاستنتاجها إعلان لاهوت الآب ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس ، ثم أخيرا وحدانيتهم في طبيعة إلهية واحدة … وهو ما يملا كتابنا المقدس بعديه لكل من ينصت بتواضع إلى الوحي اليهودي والمسيحي .
سهولة وصف التوحيد إذن تجعلنا نتأكد على أنها أبسط درجات الإعلان الإلهي للإنسان … فهي فكرة أحادية الأبعاد عن الإله وهي التي بدأ بها الوحي في اليهودية
بينما صعوبة وصف الثالوث ، تجعلنا نزداد يقينا بأنها اعلى درجات الإعلان الإلهي لأنها تحاول ان تصف لنا فكرة ثلاثية الأبعاد عن الإله الحقيقي … وهي بهذا تنقل الإنسان إلى تحدي اعظم ، ورحلة أعمق في فهم الإله كما أعلن ذاته .
لهذا عندما يذكر المسلم أن دائرة المعارف الكتابية تعلن أن الثالوث لا يمكن إثباته عقليا (11)
فنحن لا نرى في هذا عيبا بل حقيقة ناصعة … لأن إثبات فرضية ما يفترض شيئين
أولا أن هذه الفرضية مازلت نظرية التي تحتاج إلى إثبات: كالنظرية الهندسية
وثانيا أنه قبل الإثبات لا وجود حقيقي ثابت لهذه النظرية ، وإثباتها يحتاج إلى العقل البشري المخلوق
والثالوث لا يمكن أن يخضع لأي من القياسين
اولا لأن عقيدة الثالوث هي وصف لعلاقة بين والطبيعة والأقانيم في الوجود الإلهي ، وليس مجرد نظرية رياضية أو هندسية
ثانيا لأن الآب والابن والروح قائمون في الطبيعة الإلهية قبل وجود الإنسان ولا يلزمهم إثبات العقل الإنساني من عدمه
كل ما يمكن أن يفعله العقل هو رؤية الأفق (الاستنتاج العقلي المبني على إعلان الوحي) ، ولكنه لا يستطيع أن أبدا يصل للأفق ويحتويه (أي أن يثبت أو ينفي الثالوث)
هذه العلاقة الجدلية بين الثالوث والعقل هي ما يغفلها المسلم -واحيانا الملحد- عمدًا … القدرة على الاستنتاج والعجز عن الاحتواء .
والخلاصة أن الأرقام هي جزء من التركيب اللغوي للعقل البشري … يمكن استعماله لوصفحقيقة الثالوث ومراقبة الأفق اللانهائي للطبيعة الإلهية ، ولكنه يعجز عن إثباتها أو نفيها ، لأن الطبيعة الإلهية هي التي تملك أن تثبته وتثبت وجوده لا العكس
______________________

الثالوث بين الحياة المعاشة وتطور العقيدة
يقف الكثير من المسمين عند عائق آخر في فهم الثالوث ، وهو تطور فكرة الثالوث عبر الزمن ، ويتساءلون ، كيف يمكن لعقيدة إلهية أن تتطور ؟
وهنا يظهر فشل المسلمين في الفهم جلياً ، فهم يخلطون بين العقيدة والحقيقة المعاشة ،الحقيقة الإلهية لا تتغير ولا تتبدل ، ولكن العقيدة كقالب لغوي يصور استيعابنا للحقيقة الإلهية يمكن أن يتطور (12) ، لهذا كانت الحقائق الإلهية الموجودة في الكتاب المقدس غير متغيرة ، ولكن قولبتها في أنظمة عقيدية يتطور بمقدار نمو الإنسان وتطوره (13) ، وللتوضيح يمكننا أن نشبه هذه الفكرة بحقيقة مادية مثل الماء ، فالماء يمثل حقيقة يومية معاشة لكل الكائنات الحية على الكرة الأرضية لها ، ولكن صياغة خواص الماء ومعرفه تركيبه الكيميائي لم يحدث إلا بعقول بشرية في عصور متأخرة جداً ، وإزدياد معرفتنا بخواص الماء وتركيبه لا ينفي وجوده ومعرفتنا به من قبل … خبرتنا المعاشة سبقت تحليلنا لهذا الخبرة بقرون وآلاف السنين.
بالمثل ، الكنيسة الأولى لم تكن تملك مصطلحات دقيقة او مفردات فلسفية كافية لصياغة عقيدة واضحة عن الثالوث ، ولكن هذا لا ينفي أن الثالوث كان حقيقة معاشة لكل تلاميذ المسيح ، فقد عاينوا الابن في تجسده وعبدوه وسجدوا له وامتلأوا بالروح القدس وأحسوا به حضورا إلهيا داخلهم ، وأحسوا بحضور الآب في صلواتهم واجتماعتهم وأصوامهم وحياتهم الليتورجية كاملة ، وأدركوا تماما أن الأب والابن والروح إله واحد ، لأنهم لم يتنازلوا عن ايمانهم اليهوديبواحدانية الإله … ولكن الكنيسة احتاجت بعد هذه الخبرة المعاشة أربعة قرون كاملة حتى تضع حقيقة الثالوث المعاشة في إطار لغوي عقيدي … وتصوغه في قانون واضح للإيمان
وهذا ما أعلنته الموسوعة الكاثوليكية الجديدة عندما ذكرت (14):
وهناك إدراك بين مؤرخي العقيدة ، وعلماء اللاهوت النظامي ، أن من يتكلم عن عقيدةالثالوث تامة وكاملة ، يكون كمن انتقل من حقبة الأصول المسيحية الأولى إلى الربع الاخير من القرن الرابع م ، في ذاك الوقت فقط تحدد ما يمكن وصفه بـ”عقيدة محددة للثالوث : إله واحد في ثلاث أشخاص” ، وانصهرت هذه العقيدة في الفكر والحياة المسيحية … لقد كانت “عقيدة الثالوث” نتاج ثلاث قرون من التطور العقيدي.
هنا تحدد الموسوعة التطور بأنه تطور في صياغة العقيدة ، وليس تطور في حقيقة الثالوث المعاشة
وبالمثل قد يستعين بعض المسلمين بأقوال متفرقة يقتطعونها من سياقها ليوهموا القارئ بأن وحدة الأقانيم في إله واحد حقيقة محدثة … فيذكرون مثلا أقوال لعالم النقد النصي بروس متزجر (15) مقتطعة من سياقها
” لأن الثالوث يمثل جزءا هام من العقيدة المسيحية المتأخرة ، من الغريب أن المصطلح (أي الثالوث) لا يظهر في العهد الجديد . بالمثل فإن مفهوم ثلاث شركاء متساويين في الإلوهية ، والموجود في صيغ الايمان المتأخرة ، لا يمكن رصده في قانون (العهد الجديد)”
فيبدو من اقتابس المسلم وكأن بروس متزجر ينكر أي وجود لحقيقة الثالوث في العهد الجديد ، لكن النص الكامل (الملون بالأزرق هو بقية الفقرة التي لم ينقلها المسلم) يوضح الحقيقة كاملة
“لأن الثالوث يمثل جزءا هام من العقيدة المسيحية المتأخرة ، من الغريب أن المصطلح (أي الثالوث) لا يظهر في العهد الجديد . بالمثل فإن مفهوم ثلاث شركاء متساويين في الإلوهية ، والموجود في صيغ الايمان المتأخرة ، لا يمكن رصده في قانون (العهد الجديد). لاحقا ،كوّن المؤمنون (عقيدة تجمع) الاشارات المتفرقة إلى الإله ويسوع والروح الموجودة في العهد الجديد ليحاربوا الميول الهرطقية في وصف العلاقة بين الثلاثة . تفصيل وتوضيح مفهوم الثالوث خدم الكنيسة في دفاعها ضد الاتهامات بثنائية أو ثلاثية الآلهة . ولأن المسيحيين قد عبدو المسيح كإله (رسائل بليني 967 من القرن الأول الميلادي) كيف يمكنهم أن يعلنوا أنهم يعبدون إلها واحدا كإسرائيل. أُقترحت إجابات عديدة ، ونوقشت ، ورفضت كهرطقات ، أما عقيدة الثالوث :إله واحد مؤسس في ثلاثة أقانيم أو شخوص وله طبيعة واحدة سادت نهائيا“(15)
ومن هذا يتضح -كما يقول متزجر- أن العهد الجديد كوحي إلهي لم يترك مجالا لإنكار لاهوت المسيح أو لاهوت الروح القدس أو لاهوت الآب ، ولكنه ترك وصف العلاقة بينهم مفتوحة ، وكانت عقيدة الثالوث هي التي احتفظت بمفهوم الوحدانية الإلهية في الطبيعة وتعددية الأقانيم.
فمرة أخرى نرى أن عقيدة الثالوث كانت عقلانية تماما في استنتاجها …
فهي لا تحاول الخروج عن الفكر الإلهي المعلن في العهد الجديد ، ولكن سهولة الاستنتاج أن الثلاثة أقانيم هم إله واحد يتبعه صعوبة وصف العلاقة بين الأقانيم والطبيعة الإلهية … وهذه الصعوبة العقلية نجدها في حياتنا اليومية وفي أبسط أمور هذه الحياة …
فلو نظرنا مثلا إلى الألوان ، سنرى الألوان في حياتنا اليومية حقيقة لا يمكن أن ننكر وجودها ، ولكننا لا نستطيع وصفها ، وحتي نستوعب صعوبة وصف الألوان كخبرة أولية تسبق الوصف ، دعنا نتساءل : هل يمكن أن نصف اللون الأخضر مثلا إلى شخص مولود أعمي لم ير أي لون في حياته قبلا ؟
يستحيل ، لأن اللون الأخضر لا يمكن وصفه دونما خبرة أولية ناتجة عن رؤيته …
وفي المقابل لا يمكن للمولود أعمي أن ينكر وجود الألوان لأنه لم يرها… وإلا كان غير عقلاني!!
وما فعله الكتاب المقدس هو أن نقل لنا خبرة إلهية لا مثيل لها في حياتنا البشرية ، يمكن استنتاجها بسهولة من الوحي ، ولكن لا يمكن تحديدها أو وصفها بكاملها على الإطلاق ، لأنها خبرة تنتمي إلى العالم الإلهي حيث لا زمان ولا مكان ولا حدود ولا نهاية ولا مادة ولا طاقة ، إنها خبرة الإله الحقيقي نفسه عن شخصيته ثلاثية الأبعاد آب وابن وروح قدس ، وأبعادها اللا نهائية ، ليعرضها في نص بشري على شخصيات بشرية أحادية البعد … فكيف للنقطة احادية البعد أن تفهم الكرة ثلاثية الابعاد بكمالها … وهناك فارق كيفي هائل بين العالمين؟
لذلك عندما يكذب أحد المسلمين ويفتري على ايماننا فيقول
لقد عاش حواريو عيسى وماتوا ولم يسمعوا بحياتهم عن أي «ثالوث مقدس» فهل ترك عيسى5أتباعه في حيرة وضياع حتى إنهم لم يتمكنوا من التعرف على الطبيعة«الحقيقية» لله؟! وهل تركهم في مثل هذه الظلمة حتى إنهم لم يستطيعوا التعرف على الطبيعة«الحقيقية» للذي يعبدونه؟! وهل عيسى5لم يكن على مستوى الكفاءة المطلوبة لأداء واجباته حيث ترك أتباعه في مثل هذه الفوضى العارمة، فاستلزمهم ثلاثة قرون بأكملها بعد رحيله ليجمعوا الأشلاء المتناثرة لفهم التصوّر الخاص بطبيعة الذي يعبدونه؟! ولماذا لم يقل عيسى بوضوح و لو لمرة واحدة فقط: (أنا والله والروح القدس ثلاثة أقانيم في ثالوث واحد، اعبدونا جميعًا على أننا واحد)؟!
نجيبه بأنه كاذب فيما يدعيه ، لأن الرسل والتلاميذ هم من كتبوا لنا كتب العهد الجديد ، وهم الذين أعلنوا بوحي الروح القدس حقيقة لاهوت الآب والابن والروح القدس ، وآمنوا بوحدانيتهم في الطبيعة (16)، ونقلوا لنا خبرتهم المعاشة ، أما صياغة العقيدة كنص مقنن فكان يحتاج إلى مزيد من التطور البشري (اللغوي والفلسفي) لوصف هذه الخبرة العميقة …. وهذا لم يتبلور إلا في القرن الرابع
أما محاولات بعض المسلمين الاستعانة بكتابات لمنشقين عن المسيحية – مثل توم هاربر(Tom Harpur) والذي أنكر وجود المسيح التاريخي من الأساس وأنه شخصية وهمية اخترعها المسيحيون – لينكروا بها عقيدة الثالوث ، لن يجدي شيئا إلا أن يفقدهم مصداقياتهم أمام كل من يملك ولو ذرة من الصدق وتحري الحقيقة
_______________________

أوهام إسلامية حول الثالوث والرد عليها
(أ) يدعي أحد المسلمين أن المسحيين يصفون الثالوث كالأتي
أ = ع
ب = ع
ج = ع
ولكن أ لا يساوي ب ولا يساوي ج .
مع ان كل واحد منهم يساوي ع . ويرى هذا غير منطقي

وهنا نعلن له أن وصفه هو المخل وغير المنطقي … فلا يمكن استعمال التشبيهات كمطابقات للحقيقة ، بل أن وصفه أ و ب و ج بالأقانيم الثلاثة و ع بالطبيعة الإلهية مخل ، ولكن لو أردنا التبسيط الرياضي – وإن عجز عن احتواء الفكر الثالوثي- لكان أقرب وصف هو تعيين وصف “لوني” للأقانيم وتعيين “∞” للطبيعة الإلهية
وبعد التعديل يمكن أن نقول
الآب يمكن أن نرمز له بـ ∞
الابن يمكن أن نرمز له بـ ∞
الروح القدس يمكن أن نرمز له بـ ∞
في اتحادهم لم تتغير الطبيعة ∞ ، وفي أقانيمهم تميزت الألوان
…. فهو تساوي في الطبيعة واختلاف في العلاقة الأقنومية (17)
وهنا كان لابد من استعمال لغتين مغايرتين لغة الأرقام ولغة الالوان ، لأن الكلام عن الطبيعة الإلهية وأقانيم لا يمكن أن تبسطه لغة واحدة بسيطة ، أو معادلة رياضية مهما بلغت تعقيدها
وعلى الرغم من هذا يبقى هذا الوصف التجريدي مجرد تشبيه ، يلقي ضوءا ضيئلا علىمنطقية حقيقة أعلى من الوصف الكامل ، فلا يشرح هذا الوصف كيفية اتحادهم ، ولا يصف أي قياس كمي أو كيفي لماهيتهم … فالوصف يقف فقط عن توضيح منطقية العلاقة الثالوثية ولا يخدم في تحديدها كميا أو كيفيا .
ولهذا كان ترجمة الشكل

على شكل معادلة رياضية مخل بالطبيعة الأقنومية تماما ، فهو وصف لغوي وهندسي يخدم توضيح فكرة التمايز والتساوي بين الأقانيم في الجوهر الإلهي ، ولكنه لا يحدد أيا منهم ولا ماهية الأقنوم ، ولا يساوي بين الأقانيم والمثلث على الإطلاق.
_______________________
(ب) يعترض المسلم على الكثير من الأمثلة البسيطة التي يستعملها المسيحيون لنقل فكرة العلاقة بين الطبيعة والاقانيم ومنها مثال الشمس
(الشمس لها جسم ولها ضوء ولها حرارة فهي ثلاثة في واحد).
ويرد المسلم ردا واهيا متهافتا يشير إلى عجزه الفكري فيقول
تنقسم الأشياء كلها إلى قسمين:
الأول: شيء قائم بذاته مثل السيارة أو الدولاب أو المكتب أو حيوان ويسمى جوهرًا أو عينًا.
الثاني: خواص أو صفات، وهي تحتاج للأول ليقيمها حتى تكون مفهومة، وتسمى أعراضًامثل (رائحة طعم طول وزن ضوء صوت حرارة سرعة حركة رحمة كلمة… إلخ).
فلا يمكن أن نقول الوزن 50 كيلو جرام ونسكت؛ بل يجب أن تقول وزن شيء ما يساوي50 كيلو جرام، فالوزن عَرَض أو خاصية تختص بشيء قائم بذاته مثل (صندوق أو دولاب أو إنسان أو….إلخ)، ووزن الشيء ليس هو الشيء نفسه.
كذلك الصوت فلا نقول سمعت صوتًا ونسكت, بل يجب أن نصف الصوت؛لأن الصوت لا يأتيبمفرده، فنقول سمعت صوت شيء يصدر منه أصوات (مثل: قطار سيارة حيوان), بمعنىسمعت صوت شيء قائم بنفسه (جوهر أو عين), لأن الصوت عَرَض أو خاصية لشيء فلا يقوم الصوت بنفسه ولكنه يصدره شيء قائم بذاته (جوهر أو عين).
فالصوت يجب أن ينسب لشيء يُصدر أصواتًا. والضوء ينسب لشيء يُصدر الضوء، والحركة تنسب لشيء من خواصه الحركة.
وبهذا لو نظرنا للمثال السابق الخاص بالشمس سنجد أن الشمس نجم له جسم ويتميز هذا الجسم بالضوء والحرارة.
وبتعبيرآخر النجم جوهر والباقي خواص (أعراض) له؛ فلا يعتمد وجود النجم على الحرارةوالضوء، في حين أن الحرارة والضوء (الخواص) هما من خواص الشمس أو أعراضها ويعتمد وجودهما عليه.
بذلك لا توجد مساواة بينهم (مثل أقانيم الثالوث).

وقع المسلم في رده في ثلاث أخطاء
الأول أنه ساوى بين الشمس كمثال والإله كحقيقة واعتقد أنه بتفنيد الوصف قد فند الموصوف ، وهو تماما كمن يمزق صورة كاركاتورية لأبيه ثم يبكى ظنا أنه قد قتل أبيه … فالصورة وإن كانت تحمل شبها كبيرا بالأصل إلا أنها لا تملك وعيا ولا تتحرك إراديا كالأصل ولا تملك فكرا أو حياة … هي فقط وصف محدود بطبيعة الصورة ثنائية الأبعاد المصنوعة من الورق … وتمزيقها لن يغير من حقيقة الأصل أو يطعن في وجوده أو يقتله
والثاني أنه خلط خلطا سافرا بين الخواص الأساسية لأي شئ وبين أعراضه المتغيره (18)
فأي جسم مادي مثلا له كتلة تمثل خاصية أساسية وله وزن يمثل عرضا يتغير … لا وجود للجسم المادي بدون كتلة ولا وجود للكتلة بدون الجسم المادي ، فالجسم المادى وكتلته أساس لطبيعة واحدة مادية ، بينما وزنه يختلف ويتغير باختلاف بيئة الجسم وحقل الجاذبية الخاضع له، فالوزن على سطح القمر أقل منه على الأرض لنفس الجسم المادي ، وفي حالة إنعدام الجاذبية يصبح الوزن صفرا ، وهنا يظهر جليا أن هناك خواص أساسية لا يقوم بدونها الشئ ، وهناك أعراض متغيرة قد تظهر أو تختفي بتغير العوامل الخارجية
وما وقع فيه المسلم أنه ساوي بين الإثنين الخاصية الأساسية والعرض
وبهذا لو نظرنا إلى الشمس كمثال -مع تعديله قليلا لنزيد من كفائته الوصفية كمثال – فهيكيان يسمى الشمس له كتلة وله طاقة كامنة هي مصدر طاقة احتراقه … وينتفي وجود الشمس باختفاء احد الخاصيتين (الكتلة والطاقة) ، لو فقدت كامل طاقتها لفقدت وجودها النجمي، ولو فقدت كتلتها لتلاشت من الوجود …
بل أن الأوقع هو المثال الذي أتي به القديس يوحنا الدمشقي وهو مثال النار بضوئها وحرارتها … والنار مثال جيد لبساطة تركيبها
فلا يمكن فصل النار عن ضوءها أو حرارتها … وهما من الخصائص الأساسية للنار … لأن وجود النار يعتمد على انبعاث ضوء وحرارة ، يمكن التمييز بينهم ، ولا يمكن الفصل بينهم … ويبقى الفارق الجوهري بين هذا التشبيه والأقانيم ، أنه في عالم المادة المفكك يمكن استيعاب ضوء بدون حرارة أو حرارة بدون ضوء وتلازمهما مرتبط بوجود النار ، أما التلازم بين الأقانيم سرمدي أبدي أزلي فلا وجود للآب دون الابن والروح ، ولا وجود للروح دون الآب والابن ، ولا وجود للابن دون الآب والروح.
لهذا يبقى الوجود المادي عاجزا عن تصوير الوجود الإلهي عجزا رهيبا ، لأن الوجود المادي كله وجود عرضي طارئ (contingent-existence) لا يقوم بذاته ، بين الوجود الإلهي هو وجود قائم بذاته (self-existence) وهذا فارق رهيب يجعل أي تشبيه للثالوث محدود تماما .
أما الخطأ الثالث الذي وقع فيه المسلم ، فقد ترتب على الخطأ الثاني ، فلو جعلنا الخصائصالأساسية مجرد أعراض ، لأصبح الوجود أو جوهر الشئ كما يسميه غير معتمد على الخواص الأساسية ، لكن -على النقيض من كلام المسلم – الوجود أو جوهر الشئ لا يقوم إلا بخائصه الأساسية ، كما أن خصائصه الأساسية لا تقوم إلا بوجوده … وبالتالي فالمساواة بينهما حتمية … التمايز بينهما هو في الترتيب المنطقي (logical) فالوجود يسبق منطقيا الخواص ، ولكن من الناحية الوجودية (ontological) هناك مساواة تامة بين : الجوهر وخصائصه الأساسية .
ولأن المسلم اعتمد على منطق مغلوط ، وفشل فشلا ذريعا في السباحة في عالم الفسلفة والفكر واللاهوت فهو يكمل ما بدأه من سلسلة أخطاء فيقول
فإن قلنا إن الابن (المسيح) يعتمد في وجوده على الآب، أو هو خاصية من خواصه إذًا فالابن ليس إلهًا ؛ لأنه يعتمد على وجود غيره.
لذلك لا يصلح هذا المثال للثالوث وبالمثل مثال التفاحة والشمعة.
فحسب قانون الإيمان «المسيح إله حق من إله حق» ولا يمكن أن يكون إله حق يعتمد على إله حق آخر أو أن يكون إله حق هو من خواص إله حق آخر!..

والحقيقة أنه فشل مرة أخرى في ألفاظه وتعبيراته ، ثم رأي فشله فظنه فشل الآخر … وهذا ما نسميه بالإسقاط ، وإليكم الأسباب
السبب الأول : أنه بنى استنباطه كله مرة أخرى على التساوي بين الصورة الفوتوغرافية وبينالأصل .. والتشابه بينهم لا يتعدى وظيفة التوضيح ، ولا يحتوي كل جوهر الثالوث … فمثلا الطبيعة الإلهية تخالف الطبيعة المادية (وهي الخامة التي نستعملها في الوصف) في طبيعة الوجود ..
فالوجود الإلهي غير مركب ، بينما الوجود المادي مركب … فمن الممكن أن نصف اعتمادخواص أي جسم مادي على وجوده أو وجوده على خواصه ، ونصف العلاقة بعلاقة احتياج أو اعتماد أو نقص …
أما الوجود الإلهي لأنه ليس مركبا ، فلا وجود لفصل أو انفصال بين الأب والابن والروح القدس ، وهذا يجعل العلاقة الاقنومية أكثر روعة وكمالا بلا لا يقاس … ولأن علاقة الاعتماد هي علاقة احتياج ، لن نجد أي علاقة مثلها بين الأقانيم ، فالابن لا يطلب من الآب وجودا أومن الروح القدس إرادة وقدرة وحياة ، ولكن يمنح كل ملئه الأقنومي للآب وللروح ، وبالمثل الروح القدس يمنح ملئه للآب والابن ، والآب يمنح ملئه للابن والروح ، فلا نستطيع أن نقف على أي علاقة احتياج أو اعتماد ، بل علاقة بذل وعطاء لا نهائي .. فقط عندما نستعمل لغة المنطق بحدود عالمنا ، ساعتها يتهيأ لنا علاقة اعتماد … لأننا لا نتخيل إلا عالما ماديا تقوم فيه الأشياء على أكتاف أشياء أخرى ، وتقوم فيه الأشياء بخصائصها الأساسية ، وتعتمد الخصائص الأساسية للأشياء على جوهرها
أما السبب الثاني : فهو أنه حاول أن يصف ما نعتقد به ففشل فشلا ذريعا ، وكانت النتيجة أنه فند ما لا نؤمن به
فهو يقول :
فحسب قانون الإيمان «المسيح إله حق من إله حق» ولا يمكن أن يكون إله حق يعتمد على إله حق آخر أو أن يكون إله حق هو من خواص إله حق آخر…!
والحقيقة أننا لا نقول بأن الابن إله آخر ، ولكنه أقنوم آخر (والآخرية لا تعني الإنفصال بل التمايز) ، بل أن قانون الايمان لم يذكر على الإطلاق كلمة “آخر” … بل قال “إله حق من إله حق”
وهي تقترب من -ولا تساوي- التعبير القرآني … (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَه)(19) ولا يمكن للمسلم أن يقول بوجود إلهين واحد في السماء والآخر في الأرض … هذا يوضح عجز اللغة البشرية ، وإن كانت تؤدي غرضها في حدود امكانيتها
ثم يحاول المسلم تفنيد مثال آخر للثالوث وهو مثال الإنسان :
(الإنسان يتكون من ذات وعقل وروح وهو واحد).!
فيرد ويقول :
الإنسان مكون من جزئين هما الجسد والروح وكل منهما قائم بذاته, ركّب الله تعالى الإنسان بهذه الصورة وأخبرنا بذلك في قصة خلق آدم 5، وفي الإنسان لا نستطيع القول إن الروح ذهبت لمكان آخر غير الجسد، والعقل ذهب ليحضرها, كما يشير العهد الجديد للأقانيم الثلاثة فيقال: إن الآب (الذات), أرسل الكلمة (المسيح) لتتجسد على الأرض، وأرسل لها الروح (الروح القدس) لتقويها, فهل كان الآب بدون كلمة, أو عقل أو روح ؟!.
كما أن الإنسان لا يصنع حوارًا بين روحه وعقله وذاته, كما كان الحوار بين المسيح والآب.
أما بالنسبة للعقل فذات الإنسان لا تفنى إن ذهب العقل عنها، ولكن تتغير خواصها فيصبح إنسانًا بلا عقل, فالأصل هو ذات الإنسان ويتميز بخصائص العقل والحركة والإحساس والوزن والطول.
لذلك لا يليق المثال السابق ولا يصلح لإثبات الثالوث، فالله تعالى منزَّه عن التركيب وعن التجزئة أو أن يعتمد على شيء في أمر من الأمور.

وبهذا الرد سقط المسلم في نفس أخطائه السابقة ثم أضاف عليها
أولا: استعمل المسلم في كلامه المساواة الكاملة بين الصورة والأصل (وبين الوصفوالموصوف) ، وهذا ناقشناه تفصيلا في السابق ، ولكننا نوضح أن المثال يركز على وجه واحد للشبه وهو التعددية الداخلية للإنسان الواحد … ولا يدعي المسيحي أكثر من هذا في هذا التشبيه ، فلا يوجد مسيحي يساوي بين الطبيعة البشرية المخلوقة والطبيعة الإلهية الخالقة والغير مخلوقة ..
ثانيا : وقع في خطأ التحديد المكاني للإله ، ونحن في عقيدتنا نؤمن بعدم محدودية الإله مكانيا أو زمانيا ، ولا نعتقد بما يقوله القرآن بحرفيته ونصه عندما يعلن بأن (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) … ولهذا كل تخيلاته المادية عن أن الأرسال يلزم المفارقة لا يمكن أن تنطبق على الإله أو الطبيعة الإلهية ، فالابن وإن تجسد في مكان وزمان ، يبقى كائنا فوق المكان والزمان ومالئ للزمان والمكان بجوهر لاهوته (20) ينتفي وجوده الإلهي بتجسده ، وبالمثل الآب أو الروح القدس … وهذا بكل تاكيد ما لا يقوله المثال أو التشبيه … ولكننا ندرك تماما ازمةالمسلم في تخيلاته المادية لإلهه
فإلهه في جوهره ينزل إلى السماء الدنيا كما قال محمد» يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْيَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ «(21)
مما يتبع بمشكل كبير طبقا للمنظومة الإسلامية التي لا يمكن أن تجيب عن نزول الإله ومفارقته للسماء السابعة ، ويظل دائرا حول الكرة الأرضية حيثما وجد الليل ، ليسمع دعوات الداعين !!! وكأنه يلتزم الاقتراب المكاني من مسلميه ليسهل عمليه السمع بدلا عن السماء السابعة البعيدة
فلا نجد الاحتجاج الإسلامي على المثال المسيحي إلا فرقعات فارغة لا تحوي أي مضمون فكري
ثالثا : يخلط المسلم بين العقل البشري (كجزء من المثال) وبين العقل الإلهي ، ويساوي بينهما … وهذا جزء من الخلل المذكور في البند “أولا” ، لأن المثل لا يمكن أن يساوي بين العقل الإلهي دائم الوجود وبين العقل البشري المحدود … ثم يعود ويخلط بين العقل البشري والمخ المادي ، فالعقل البشري خاصية أساسية من خصائص الجوهر الإنساني ، بينما المخ البشري كأداه مادية للعقل تمثل مجرد عرض … أما أعراض المرض النفسي أو العقلي التي تظهر على هيئة خلل في التفكير أو لحظات من الجنون ، فهي ترجع في أغلبها إلى أمراض عضوية في العضو المادي (المخ) ، أو اعتلال مخي أو عقلي عام ، وليس إلى تلاشي العقل من الوجود … فهناك فرق بين الانحراف عن المسار الطبيعي ، وبين تلاشي الوجود ، بلا عقل لا وجود للطبيعة البشرية ، فقط الطبيعة الحيوانية هي التي تفتقد للعقل
وعندما يستعمل المسلم مثال المثلث (المثلث ثلاثة أضلاع ولو حذفنا أي ضلع لن يصبح مثلثًا).
يصيبه المزيد من العته ، ويقع في نفس الأزمة ، بأن يساوي المثلث بالطبيعة الإلهية فيقول :
كل ضلع ليس مثلثًا بمفرده بل إنَّ تجمعهم أو افتراقهم يغير في الشكل النهائي.
فحسب قانون الإيمان الآب إله والابن إله والروح القدس إله ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد.
وهذا لا ينطبق على المثلث فهو ثلاثة أضلاع يكوّنون مثلثًا وليسوا ثلاثة مثلثات يكوّنون مثلثًا.

وهو هنا يتجاهل تماما محدودية التشبيه ، ووجه الشبه الذي يقف فقط عند التلازم بين وجود المثلث ووجود أضلاعه (كما تتلازم الطبيعة الإلهية بوجود الأقانيم) ، ولكن المثل لا يدعي التساوي بين الأضلاع على فرديتها وبين المثلث ككل … لأنه تشبيه له حدود …ولكن لو فتارضنا أن المثلث بمحدوديته مصنوع من الذهب ، فبكل تأكيد المثلث لا يقوم إلا بوجود أضلاعه ، وجميعهم (المثلث ككل أو أضلاعه) لهم نفس الطبيعة ، وهي طبيعة الذهب … ويبقى الفارق أن المثلث قابل للتجزئة والتفكيك ، والإضافة والنقص والجمع والطرح ، بينما كل هذه العمليات لا تنطبق على الطبيعة الإلهية ، لأن الأقانيم لا تجمع ولا تطرح .
ولكن هيات للمسلم أن يستوعب أبسط قواعد التفكير المنطقي ، وابسط قواعد لغة التشبيه … وكأننا لو قلنا له أنه غبي كالحمار ، سيعود ويتهمنا بأنه ليس حمار لأنه ليس له ذيل مثل الحمار ..
ثم نأتي لمثال يصوغه المسلم كما يلي (الله تعالى موجود بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه فهو ثالوث).
اقتباس:
القس: هل الله موجود؟…………نعم !
القس: هل الله متكلم ؟………….نعم!
القس: هل الله حي ؟……………نعم !
القس: هذا هو الثالوث إن الله موجود بذاته وهو(الآب)، ومتكلم بكلمته (المسيح)، وحي بروحه (الروح القدس).

ثم يرد المسلم ليفند هذا المثال فيقول
أ- القول أن الله يتكون من الآب والابن والروح القدس وكل منهم إله كامل, ومجموعهم معًا إله كامل واحد غير مقبول ولا مفهوم باعتراف علماء النصارى.
وهذا ما لم يقله أي من المسيحيين ، فلم يقل أحدنا أن الطبيعة الإلهية مركبة أو تتكون منمجموع الأقانيم ، أو أن الأقانيم يمكن أن تجمع ، بل هي طبيعه واحدة قائمة في الأقانيم
واستعمال الجمع والطرح يشير إلى عقلية إسلامية يحكمها التصور المادي البحت للّاهوت ، فالجمع والطرح يلزمه التحدد في مكان وزمان ، ويلزمه القابلية للزيادة والنقصان ، ونحن لم نقل بأن الأقانيم محدودة لا بزمان ولا بمكان ، ولا هي قابلة للزيادة والنقصان … وكما قلنا سابقا هذا نستطيع ان نستنجه منطقيا ولكن عقلنا قاصر عن تخيله كما يقصر عقل المولود أعمي عن تخيل الألوان التي لم يرها في حياته ..
ب -إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حي بما يليق به أن يحيا، فلا نقول إنه حي بروحه أو يعتمد على شيء ما ليحيا أو يعتمد على الكلمة ليتكلم أو يدبر.
ج -حسب المثال السابق: ذات الله (الإله) يحتاج إلى روح الله (الروح القدس الإله الآخر)ليحيا به, كما أنه يحتاج كلمة الله أو العقل (الكلمة أو «اللوجوس» وهو الإله الآخر) ليتكلم أو ليعقل، فبحسب هذا المنطق لا يصير أي منهم إلهًا لأنه يحتاج الآخَريْن ويعتمد عليهما, فهذا نقص والنقص ليس من الألوهية, وقانون الإيمان يقول: إن كل من الثلاثة منفردًا إله حق ومجموعهم إله حق واحد.!

هذا الكلام يقوم على تصور المفارقة والانفصال بين الآب وروحه وابنه، وهذا لم نقله ، فالروح القدس واحد مع الآب والإبن ، فلا نتكلم هنا عن آخر مفارق …
ويقوم على فكرة أن الروح إله آخر أو الابن إله آخر … وهذا ما لم نقله أيضا … بل نقول أنه إله واحد
أما الرد على فكرة اعتماد الأقنوم على الآخر فقد ناقشناه قبلا ، ولنساعد عقله على الفهم نكرر ونقول أن فكرة الاعتماد قائمة على تصور عقلي لوجودنا المادي المحدود ، حيث تعتمد الأشياء والمخلوقات على بعضها البعض ، وهذا لا يمكن أن ينطبق على الوجود الإلهي ، لأن الأقانيم لا تحتاج بل يبذل كل منهم ملئه للاقنومين الآخرين .
وبالمثل لو توقفنا عن اعتراض المسلم ، فسنجد أن إله القرآن لا يقوم بدون كلمته ، فلو فقد كلمته صار ناقصا أخرسا ولا يليق بإله … وبنفس المنطق يمكننا أن نقول بأنه ليس إله لأنه يحتاج إلى كلمته ليصير إلها
د – صفات الله تعالى أكثر من الحياة والكلام، فبنفس المنطق (الله قادر) ومع ذلك من غير المعقول أن نقول إن «قدرة الله» هي أقنوم لله مثلها مثل «كلام الله» حسب المثال السابق.
هنا يخلط المسلم بين الصفات والأقانيم … فالأقانيم هي مصدر الصفات الإلهية وليس العكس ، فهي مصدر الكلام والفكر والذكاء والقدرة…الخ ، ،والصفات مفاهيم مجردة ، بينما الأقانيملاهوت مشخصن حي متفاعل ، بل أن بعض الصفات الإلهية غير لازمة ولا تقوم ولا تظهر إلا بوجود الموصوف (الإله في هذه الحالة) والواصف (الإنسان) و لغة الوصف (لغة البشر)
مثلا: العدل الإلهي ، صفة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود من يقع عليه العدل ، والخلق الإلهيصفة لا تتحقق إلا بوجود مخلوق ، ولا وجود لها قبل أن يخلق الإله… قبلها لا يمكن أن توجد مثل هذه الصفات لعدم وجود واصف أو لغة وصف …
بينما الوجود والعقل والحياة تمثل أقانيم شخصية قائمة بذاتها لا ترتبط بحدث تاريخي زمني أو مكاني أو بشري أو لغوي … ولا يمكن أن نتخيل صفات إلهية لا تنبع من الوجود والعقلوالحياة
ففي الوقت الذي يمكن أن نصف الإله بمئات وآلاف الصفات المجردة ، هو أعلن لنا عن حضوره في الآب والابن والروح القدس … الأقانيم إذن هي الموصوفة وليست مجرد صفات
هـ – الصفات مثل صفة الحياة أو صفة الكلام لا ينفصلان فيكونان قائمين بمفردهما فلا نقول إن الكلمة (أو العقل) ذهبت إلى مكان ما وتصرفت بمفردها وخلقت وأحيت؛ لأن الصفات لا تصبح كيانات مستقلة.
مرة أخرى يخلط المسلم بين الصفات والأقانيم ، ثم يزيد عليها بتحديد الطبيعة الإلهية وتفكيكها… أما الأقانيم فتتمايز ولكنها لا تنفصل ، تمتلك ملء الحرية في التصرف ، الحرية اللانهائية التي تبلغ حتي البذل الكامل … أما الصفات فهي أعراض ومفاهيم لغوية لوصف الطبيعة الإلهية… تعبير عن إحساس حقيقي بما هو كامن في الإله ولكنها تعجز في الكثير من الاحيان عن منحه كامل الوصف ، لذلك تظل الصفات مهما عظمت تجريدية لا شخصية ، ولا نقول عليها بأنها آلهه منفصلة أبدًا ولا نساويها بالأقانيم .
و – إن كان الكلمة (الابن) إلهًا حقًا كما يزعمون, فهل هو كامل بمعنى أن له كلمة أيضًا؟ أي هل للكلمة كلمة؟
والآب بخروج الكلمة منه, هل أصبح بدون كلمة, مع أنه إله حق أيضًا؟ ثم إن كان كل واحد منهم إلهًا حقًا (الآب إله حق الكلمة إله حق الروح القدس إله حق)، هل كل منهما حي أم لا؟. إن كان كل منهم حيًا كما هو مفهوم من أن كلًّا منهم إله حق، فهذا يعني أن صفة الحياة غير مرتبطة بالروح القدس، وهذا يعني أن كلًّا منهم لا يحتاج للآخر، فلا نقول إن الروح القدس سبب الحياة أو أن الكلمة هي كلمة الله أو نطقه (بذلك يكون عندنا ثلاثة آلهة كاملين منفصلين) وإن كان كل منهم يحتاج للآخر، لن يصبح كل منهم إلهًا كاملًا بل كل منهم أصبح جزءًا من الإله، وأصبح الإله له ثلاثة أجزاء وهذا لا يليق ولا يتوافق مع قانون الإيمان.

هذا السؤال لا يحمل أكثر من سفسطة مسلم مترنح ، لأنه يتعامل مرة أخرى بمفهوم الجمع والطرح في الطبيعة الإلهية ، فيظن أن الإله يكتمل بجمع مكوناته الثلاثة ، ولأنه يخلط بين مفاهيم الطبيعة الإلهية والأقانيم ويتعامل مع الأقانيم كصفات … فالألوهة طبيعة بينما البنوة والأبوة والروح أقانيم … وسؤاله مثل من يسأل
ما هو الأكبر اللون الأحمر أم اللون الأخضر ؟
أو ما كتلة الرقم ثلاثة ؟
أو هل يحتاج الضوء إلى إضاءة ؟
فلو كنا أعلنا أن الإله الكامل مركب من مجموع آب وابن وروح قدس لكان له أن يسأل هذا السؤال!!!
ز – بالنسبة لعمل الثالوث إن كان لكل أقنوم دور خاص به ومتميز عن الأقنومين الآخرين فلا يقومان بعمله فإن هذا نقص ولا يصبح كل من الأقنومين الآخرين إلهًا كاملًا. وعلى أيّ من هذه الأقوال فالتثليث باطل ولا سبيل لتبريره.
التمايز في الأقانيم هو تمايز داخل الطبيعة الإلهية ، وليس في الأعمال الإلهية ، فالإله المثلث الأقانيم قام بالخلق عندما أرسل روحه وتكلم بكلمته ليخلق الكون في أول سفر التكوين (22) … فعلى الرغم أننا نميز بينهم إلا أننا لا نستطيع أن نحدد فعلا خاصا لكل اقنوم ، التمايز هو في العلاقة بينهم ، فالابن مولود من الآب والروح منبثق من الآب والآب معلن بابنه وروحه (17،23) … كلهم يشتركون في أعمال الألوهة ويحملون صفاتها ، ويتميزون فقط في علاقتهم الاقنومية ببعضهم وهي علاقة تخص الطبيعة الإلهية ..
لمن السيطرة من أقانيم الثالوث؟
لو كانت الأقانيم متساوية القدرة حسب قوانين الإيمان, فلن يحتاج بعضهم إلى الآخر ولن يرسل واحد منهم الآخر، ولن يَعْلم أحدهم علمًا يجهله البقية ولكننا نجد:
أ- أقنومًا أرسل الآخر! قال المسيح: (يوحنا 8: 18): «أنا هو الشاهد لنفسى ويشهد لي الآب الذي أرسلني».
ب- أقنومًا لا يستطيع إلا بمساعدة الآخر! قال المسيح (يوحنا 5: 30): «أنا لا أقدر أن أفعل من نفسى شيئًا…).
ج-أقنومًا يعلم الساعة والآخرلا يعلم! (مرقس 13: 32): «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين فى السماء ولا الابن إلا الآب».
فالتفاوت في المنزلة بين أقنوم وبين الأقنومين الآخرين يبين أن الإله واحد وينفي الألوهية عن الباقيين وينفي بكل وضوح وجود الثالوث ووحدة الأقانيم وألوهية المسيح.

فكرة السيطرة التي يطرحها المسلم فكرة مادية تنتمى لعالم الأرض ، نعيشها في عالمنا ، فمثلا دائما ما نخضع الأفراد إلى مقارنات ، أكثرهم قوة هو أكثرهم سيطرة ، ودائما ما نقارن بين الماديات ، فهذا أغنى ، وذاك أثقل … كلها تصورات وقوالب عقلية تجزء العالم إلى أجزاء ، ثم تقارن بين الأجزاء ، وهذا بالطبيعة لا ينطبق على الإله الحقيقي ، فهو لا يتجزأ ولا يمكن قياسه ، وبالتالي فالأقانيم لا تمثل أجزاء في الطبيعة الإلهية ، ولا تمثل كميات معلومة من السلطان أو القدرة ، بل الطبيعة الإلهية بكاملها لا نهائية وبلا حدود ، وإن كان يصعب على العقل تخيل اللامحدود ، لكن يمكن استنتاجه منطقيا كما سبق واوضحنا .
ولعل أبسط مثال لتشبيه موضوع السؤال ، هو كمن يتساءل : من له السلطان واليد العليا الإنسان أم عقله ؟
هذا السؤال غير منطقي ، لأن سلطان الإنسان في عقله ، فكيف يكون الإنسان متسلطا على عقله ، وهو الذي يعقل به ويمارس به سلطانه ، ثم كيف يكون العقل متسلطا على الإنسان وهو به كائن وموجود …
بل بالمثل يمكننا أن نتساءل سؤلا غير منطقي آخر : من هو الأكثر وزنا الجسم أم كتلته ؟
يمكن ان نتساءل هذه الأسئلة الغير منطقية إلى ما لا نهاية ، ولكنها لن تفصل بين الجسم وكتلته ، أو بين الإنسان وعقله ، ولن تضع الآخر دون الاول أو فوقه .
أما ما يقوله المسلم عن أن الإرسال يتضمن الدونية ، فهذا بكل تأكيد فاشل ، لأن الأرسال يشير للطاعة وليس للدونية ، والطاعة والبذل اللانهائي من صفات الأقانيم ، فالآب مثلا يبذل نفسه ويمنح كل سلطانه للإبن (24) فهل يصبح فقيرا من سلطانه ؟ حاشا
ثم أنه من الجهة المقابلة ، هل يعتقد المسلم إن إلهه فقير يحتاج إلى قرض ؟ وأنه أدنى من المقترض في قول القرآن {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } ؟(25) لا نظن!!
أما قول المسيح (لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا) فهو يكتمل في المعنى بذكر الفقرة كاملة
(انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا كما اسمع ادين و دينونتي عادلة لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الاب الذي ارسلني.)
والابن هنا يتكلم عن الدينونة تحديدا ، والقاضي العادل لا يدين إلا طبقا للشهادة (كما أسمع أدين) ، لأن دينونته مقيدة بالعدل ، وهو العدل المبني على مشيئته المتوافقة مع مشئية الآب ، وهل العدل يعد قيدا للإله ؟ أم هو جزء من طبيعته ؟ … أليس هذا أكثر -بما لا يقاس – قداسة وخلقا من إله يحدد مسبقا من يدخل الجنة أو النار بناء على مشيئته وليس على العدل (… فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ… ) (26)
أما فكرة المسلم أن اقنوم يعلم والآخر لا يعلم ، فهذا خلط بين اللاهوت والناسوت في شخص المسيح ، فالمسيح في طبيعته الاقنومية اللاهوتية يعرف كل شئ ، لأنه يقول تصريحا ” كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي ” (27) ، و قال مخاطبًا الآب ” وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي “(28) ، مما يتبع منطقيا أن العلم هنا يختص بعلم الإخبار ، فهو لن يخبر التلاميذ بتاريخ محدد في ناسوته ، وهو حقا يعلم به في لاهوته … ولأن الشئ بالشئ يذكر ، يمكننا أن نساءل نفس السؤال في القرآن عندما يتكلم إله القرآن ويقول : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ……..) البقرة143
وهو علم ناقص مرتبط بامتحان تغيير القبلة (29)
أخيرا يختم المسلم بتساؤل
هل من المطلوب حتى نفهم وجود الله تعالى أن نتناسى النصوص الخاصة بالوحدانية ،ونلهث وراء ما لا نفهمه، ونحاول أن نشرح مالا نفهمه بطريقة فلسفية تخدع العامة، وعندما نشعر بالفشل في الفهم، نقول إن هذا التعليم أكبر من عقولنا؟ فمن الذي قال هذا التعليم؟ ومن الذي ابتكره؟ ومن الذي أخبركم عنه؟
ونجيبه بأن من أخبرنا عن الثالوث هو كتابنا المقدس في إجماله وتفصيله دونما اقتطاع أو تحايلات على النص، فالذي تكلم عن لاهوت الآب ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس ، وعن الوحدانية ، فاعلن عقيدة الثالوث هو الوحي المقدس ، اما من جهة التوحيد فالمسيحية لم تناد يوما بإنكار الوحدانية ، ولكنها أكدت على أن الوحدانية المجردة غير منطقية ولا عقلانية
لأن التوحيد المجرد يعني ذات دون أي ملامح ، وهي ذات ينتفي وجودها ، كان نذكر جسما ماديا ونؤكد أنه واحد مطلق ، ولهذا لا كتلة أو خواص له !!!
من غير صفات أو أفعال أو اسماء أو عقل أو حياة أو شخصية لا وجود للإله ، وبالتالي لا وجود لما يسمى بالوحدانية المطلقة المجردة
فعلى سبيل المثال ، لو هذه الذات المجردة خلقت شيئا ما ، لنتج أن لها قدرة ، وعندها يظهر السؤال : هل القدرة مصاحبة للذات أم جزء منها ؟
ومنها المعضلة الاكبر ، فلو هي مصاحبة للذات لصارا كائنين مستقلين أو إلهين (ذات + قدرة) ، ولو هي جزء من الذات ، فالنتيجة تركيب داخل الذات الإلهي
وبالمثل كل صفة أو فعل أو اسم أو ملمح شخصية سوف يخلق مشكلة في “الذات” المجردة
فصفة الكلام مثلا سوف تجعل الذات متكلمة
عندها يبرز السؤال : هل الكلام صفة مصاحبة للذات وخارجة عنها؟ أو هي جزء من الذات ؟
لو الكلام جزء من الذات ، يصبح تركيبا في الذات الإلهية ، ولو الكلام صفة ملحقة بالذات ، تصبح شركا وتعدد آلهة ، بل انتفاء للآلهة ، لان الذات في حاجة الكلام وطبقا لكلام المسلم الحاجة تنتفي مع الإلوهية
ولهذا أصبحت مشكلة الذات المجردة مشكلة مركبة في عقيدة المسلم
يضاف عليها الخلل الذي أدخله صلعم بتجميع آلهة العربان في إله واحد ، وجعل له أسماء الآلهة السابقة مثل رحمن اليمن وسين إله العراق وصمودا معبود الجنوب وهذا ما جعل اللفظة المستعملة في العقيدة الإسلامية هي “التوحيد” والتي تعني تجميع لتعدد سابق في الآلهة … مما يشير ضمنيا إلى تعدد وتركيب في الإله الإسلامي
نتج عن هذه اللخبطة في العقيدة أن اختلف المسلمون في معنى التوحيد
فالشيعة قالوا: ومعنى نفي المعاني والصفات عنه أن صفاته ليست مغايرة لذاته بل هي عين ذاته لئلا يلزم تعدد القدماء . ( أي ضمنيا نفوا الصفات والاسماء وجعلوا الإله كله ذات) وهذا يطرح عبئا ثقيلا على القرآن ، فلو الذات هي عينها الصفات ، فما الحاجة إلى الصفات ، وما الفرق بين صفة الكلام أو صفة السمع؟
أم فئة المتكلمين أنكروا الصفات والاسماء تصريحا لتثبيت التوحيد المجرد
ثم انشقت المزيد من الفرق منهم الغلاة، الذين لا يثبتون أي صفة ولا اسم، وهم القرامطة والفلاسفة ، وهم الطبقة الأولى من المنكرين، ولا يثبتون إلا الوجود المطلق، لا صفة له عَلَىالإطلاق، فكل من أثبت شيئاً من صفات هذا الموجود المطلق قالوا: هذا مشبه ومجسم.
ومنهم الجهمية ، الذين قالوا: هذه الأسماء الموجودة مجازات لا حقيقة لها، فمن قَالَ: إن هذه الأسماء حقيقة، قالوا عنه: مشبه.
ومنهم المعتزلة ، الذين قالوا: هذه أسماء وليس له صفة تشتق منها، فمن قَالَ: إن له صفات فهو مشبه.
ومنهم الأشعرية ، الذين يثبتون العلم والإرادة والكلام (3 فقط ) عَلَى معنى يفهمونهويفسرونه، لكن ينفون الصفات الخبرية -كما يسمونها – مثل اليد، والنزول، والاستواء ونحو ذلك، فهَؤُلاءِ يقولون: من أثبت له اليد، أو النزول، أو الغضب، أو الرضا، أو الضحك، أو العجب ونحو ذلك، فإنه مشبه. وهكذا …
ولكي يهرب السنة من كل هذا قالوا : الصفة معلومة والكيف مجهول والسؤال عنها بدعة

فلا ندري على أي توحيد يتكلم هذا المسلم … وهل ينكر تعددية الصفات والسماء والأفعال ليثبت التوحيد … واين هي العقلانية المزعومة ؟
أخيرا نختم بدعوة المسلم إلى التخلي عن العناد والتسطيح ، وان ينظر إلى الثالوث بحيادية عقلية وبقلب مفتوح ، سيجد حقا لا يضاهيه حق ، سيجدا إلها محبا حكيما مصدرا للحياة ، سيجد خلاصا في تجسد الابن ، ونعمة في شركة الروح القدس ، وعلاقة حية مع الآب … سيجد نفسه خارج حدود النص والكتب في مواجهة حقيقية مع الإله الحقيقي ، أما لهاثه وراء شهوته ومتع النكاح والغلمان في الجنة ، وثقته في رسول شيطاني أتي بكل حزن وألم وشر إلى العالم ، سوف يختم حياته إلى نهاية حزينة حيث لا ينفع مال ولا بنون ولا نكاح ولا غلمان ولا حتى محمد الذي أكد انه ليس شفيعا لأحد (30) … بل سيجد محمد معه في الجحيم ،وعندما يشتهي ان يجلس في أحضان الآب والابن والروح لن يسمح له ، لأنه رفض الإعلان الحقيقي عن الإله في يسوع المسيح .
_______________________
الهوامش والمراجع
(1) Discussed in details in: Immanuel Kant “Critique of Pure Reason”
(2) Luther H. Harshbarger, John Arthur Mourant, 1968 “Judaism and Christianity; perspectives and traditions”, P22
(3) C. K. Chesterton, 2008 “Orthodoxy”, P23
(4) كما في كتاب شمس البر للقس منسى يوحنا من ص 118-121 والتي يذكر فيها قول القديس أوغسطينوس: عندما يراد البحث عن كلمة للإعراب بها عن الثلاثة في الله تعجز اللغة البشرية عن ذلك عجزًا أليمًا ، ثم يختم القمص منسي يوحنا فيقول: نعود فنكرر القول أن سر التثليث عقيدة كتابية لا تفهم بدون الكتاب المقدس, وأنه من الضروري أن لا يفهمها البشر, لأننا لو قدرنا أن نفهم الله لأصبحنا في مصاف الآلهة.
(5) في كتابه «وحدانية الثالوث في المسيحيّة والإسلام»
(6) فهد بن عبد الله الحزمي (قواعد البلاغة ص47)
(7) راجع كتاب إله الإلحاد المعاصر ل”كوستي بندلي”
(8) (وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي ارسلته) يوحنا 17 : 3 ، وفيها إعلان للثالوث … فالمؤمن سيقضي الأبدية كلها في معرفة الآب والابن بالروح القدس الساكن فيه
(9) Simon Blackburn, 1996 “The Oxford Dictionary of Philosophy: Conceptualism”.
(10) جاء نفس المفهوم بأن لفظة الثالوث غير موجودة لفظيا في الكتاب المقدس في بعض المراجع ولكن لم ينكر أحدهم وجود لاهوت الابن والآب والروح ، مثل:
الكتاب المقدس التوضيحي :
Illustrated Bible Dictionary, Intervarsity Press, Tyndale House Publishers, 1980, part 3, p. 1 “The word Trinity is not found in the Bible…. It did not find a place formally in the theology of the church until the fourth century”
(11) دائرة المعارف الكتابية -دار الثقافة – الجزء الثاني – ص 429
(12) وأبسط دليل على هذا هو ظهور مذاهب الفقه الأربعة (الحنفي والشافعي والحنبلي والمالكي) عند السنة ، ومذاهب اليزيدية والاباضية والجعفرية عن الشيعة والتي حددت كثير من أمور العبادات والمعاملات الإسلامية … وهذا تطور واضح للعقيدة الإسلامية
(13) John Henry Newman, “An Essay on the Development of Christian Doctrine”
(14) There is also the closely parallel recognition on the part of historians of dogma and systematic theologians that when one does speak of an unqualified Trinitarianism, one has moved from the period of Christian origins to, say, the last quadrant of the 4th century. It was only then that what might be called the definitive Trinitarian dogma ‘One God in three Persons’ became thoroughly assimilated into Christian life and thought … it was the product of 3 centuries of doctrinal development”. “The New Catholic Encyclopedia” Volume XIV, p. 295.
(15) Oxford Companion to the Bible, ed. Bruce Metzger, OUP, 1993, p. 782: “Because the Trinity is such an important part of later Christian doctrine, it is striking that the term does not appear in the New Testament. Likewise, the developed concept of three coequal partners in the Godhead found in later creedal formulations cannot be clearly detected within the confines of the canon. Later believers systematized the diverse references to God, Jesus, and the Spirit found in the New Testament in order to fight against heretical tendencies of how the three are related. Elaboration on the concept of a Trinity also serves to defend the church against charges of di or tritheism. Since the Christians have come to worship Jesus as a god (Pliny, Epistles 967), how can they claim to be continuing the rnonotheistic tradition of the God of Israel) Various answers are suggested, debated, and rejected as heretical, but the idea of a Trinity one God subsisting in three persons and one substance ultimately prevails.”
(16) وحدانية الإله مذكورة في الكتاب المقدس بعهديه ، ولاهوت الابن معلن في (يوحنا 1: 1، 14) (يوحنا 20: 28 ) (تيطس2: 13) (عبرانين 1: 8)، ولاهوت الروح القدس معلن في (أعمال 5: 3-4) (يوحنا 4: 2 ،3) (عبرانيين 10: 15، 16) ولاهوت الآب معلن في (غلاطية 1: 1) (تيطس 1: 4) ، والوحدانية بينهم معلنة بوضوح في متى (28: 19)
(17) كما يقول القديس أثناسيوس : كما أن النهر الخارج من الينبوع لا ينفصل عنه، وبالرغم من ذلك فإن هناك بالفعل شيئين مرئيين واسمين. لأن الآب ليس هو الابن، كما أن الابن ليس هو الآب، فالآب هو أب الابن، والابن هو ابن الآب. وكما أن الينبوع ليس هو النهر، والنهر ليس هو الينبوع، ولكن لكليهما نفس الماء الواحد الذى يسرى فى مجرى من الينبوع إلى النهر، وهكذا فإن لاهوت الآب ينتقل فى الابن بلا تدفق أو انقسام. لأن السيد المسيح يقول “خرجت من الآب” وأتيتُ من عند الآب. ولكنه دائماً أبداً مع الآب، وهو فى حضن الآب. وحضن الآب لا يَخْلُ أبداً من الابن بحسب ألوهيته
But just as a river, produced from a well, is not separate, and yet there are in fact two visible objects and two names, For neither is the Father the Son, nor the Son the Father. For the Father is Father of the Son, and the Son, Son of the Father, For like as the well is not a river, nor the river a well, but both are one and the same water which is conveyed in a channel from the well to the river, so the Father’s deity passes into the Son without flow and without division. For the Lord says, ‘I came out from the Father and am come’ (John 16: 28). But He is ever with the Father, for He is in the bosom of the Father, nor was ever the bosom of the Father void of the deity of the Son (P. Schaff & H. Wace, N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. IV, Eerdmans Pub. Company, Sep. 1978, St. Athanasius, Expositio Fidei (Statement of Faith) P. 84,85.)
(18) Stanford Encyclopedia of Philosophy: Essential vs. Accidental Properties
(19) الزخرف 84
(20) في المفهوم المسيحي الطبيعة الإلهية تتخطى المكان والزمان ، ولكنها لا تختفي من المكان والزمان
(هوذا السماوات و سماء السماوات لا تسعك) ملوك أول 8: 27
ويوضح توماس أكويناس هذه الفكرة قائلا
God is in all things by his power, inasmuch as all things are subject to his power; he is by his presence in all things, inasmuch as all things are bare and open to his eyes; he is in all things by his essence, inasmuch as he is present to all as the cause of their being” (Summa Theologica I, 8, 3)
(21) كما جاء في البخاري كتاب التهجد 1145 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ وَأَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » . طرفاه 6321 ، 7494 – تحفة 13463 ، 15241
(22) سفر التكوين 1: 1-3 ، ومزامير 104: 30 ، أمثال 8: 30
(23) وهو ما يقوله الأنبا بيشوي في مقالته عن الثالوث : “الأقانيم تشترك معاً فى جميع خواص الجوهر الإلهى الواحد وتتمايز فيما بينها بالخواص الأقنومية. فالآب : هو الأصل أو الينبوع فى الثالوث، هو أصل الجوهر وأصل الكينونة بالنسبة للأقنومين الآخرين. والابن : هو مولود من الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل أقنوم له كينونة حقيقية، وغير منفصل عن الآب لأنه كلمة الله. والروح القدس : هو ينبثق من الآب ولكنه ليس مجرد صفة بل أقنوم له كينونة حقيقية وغير منفصل عن الآب لأنه روح الله.“
(24) (لان الاب لا يدين احدا بل قد اعطى كل الدينونة للابن) يوحنا 5: 22، فهل يعني هذا أن الآب قد فقد سلطانه ؟
(25) الحديد11
(26) فاطر 8
(27) يو16: 15
(28) يو17: 10
(29) للمزيد يمكن الرجوع لمقالة : هل آلهة القرآن تعلم أو لا تعلم ؟
(30) صحيح مسلم كتاب الايمان 522 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالاَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ « يَا بَنِى كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِى نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا ».

الثالوث … والعقل (2)

الرد على حراس الفقيدة

قد يبدو لأول وهلة أن اعتراضات المسلمين على حقيقة الثالوث تنبع من عقلانية ومنطق ، ولكن بقليل من الفحص نرى أنها تنبع من عقيدة ألّفها نبيهم من كوكتيل من العقائد المسيحية واليهودية والذرادشتية والعربية المحلية في القرنين السادس والسابع ، ولا علاقة لها بالعقلانية ، بل بنقصان العقلانية ، فأصول اعتراضهم ترجع بالاساس إلى قول محمد في قرآنه :

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَرَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } (1)



ولو تعمقنا أكثر في ماهية “الثلاثة” التي يتكلم عنها القرآن لوجدنا أزمة حقيقية في النص القرآني

فالقرآن المحمدي يصرح بعلاقة بين رب القرآن ومريم نتج عنها عيسى فيقول

{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }(2)

هذه النفخة الرحمانية في فرج مريم حاول الكثير من المفسرين تأويلها بكثير من الخدع واساليب الحواة (3) فلم يفلحوا ، فالقرآن بوصفه نفخ الرحمن في فرج مريم أعلن ضمنيا وبقوة علاقة جنسية بين مريم ورب القرآن ، ولأن المفهوم خاطئ وشاذ قرر محمد تعديله في سور لاحقة (4) مثل سورة المائدة ، فحاول محمد في القرآن أن ينفي الثالوث المكون من عيسى ومريم والله بحوار خيالي بين عيسى القرآني وإله القرآن (5) مضمونه

إله القرآن يقول لعيسى : أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ

فيجيب عيسى : سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ

إذن فالثالوث القرآني الذي يستنكره محمد ومن بعده المسلمون الأوائل هو ثالوث وهمي مكون من أب (الله) وأم (مريم) وولدهما (عيسى) ، ولم يتطرق القرآن ولا أي من احاديث محمد المنسوبة إليه إلى فكرة الثالوث المسيحي الحقيقية من آب وابن وروح قدس (6) ، على النقيض تطرق القرآن لمصطلحات لم يستطع أحد تفسيرها ، فذكر القرآن ألفاظ مثل روح الله (7) وروح القدس (8) دون أن يصرح معناهما على الإطلاق (9) مما جعل الكثير من التفسيرات القرآنية تتطرق إلى أقوال الصحابة مثل ابن عباس وابن مسعود وغيرهم عن روح القدس ، لأنهم لم يجدوا حديثا صحيحا مرفوعا لمحمد يوضح ماهية روح القدس أو روح الله … ، ثم كانت الطامة الكبرى على أدمغة المسلمين عندما ذكر القرآن لفظة (كلمة الله) ونسبها إلى عيسى القرآني :

{إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }(10)

، وكذا ذكرها صحيح الحديث المرفوع لمحمد عن يوم القيامة يذكر فيه لفظا عيسى كلمة الله ويخصها به (11)

ولكن مع هذا بقت الكلمة بلا مدلول إسلامي عقيدي واضح إلا لاحقا ، بتسلل مزيد الفكر والعقلانية

———————-


كلمة الله ومحنة القرآن العقلانية

بدأت مشكلة الثالوث تُظهِر منطقيتها وفلسفتها وتحديها أكثر للفكر الإسلامي بعد غزو المسلمين للكثير من البلدان والأمصار التي أغلب شعوبها مسيحية ، فبدأت مصلحات مثل روح الله ، وروح القدس ، وكلمة الله تمثل مشكلة للعقيدة الإسلامية ، وتتعارض مع ما يسمونه التوحيد الخالص .

أول أعراض هذه الأزمة الإسلامية بدأت تظهر بوضوح في عهد الخليفة المأمون عام 218 هـ (833م) ، أي ما يسمونه المسلمون بمحنة “خلق القرآن” والتي ينقلها لنا ابن الجوزي في كتابه المنتظم في التاريخ (12) وتحكي قصة الخليفة المأمون واعتقاده بخلق القرآن كما يلي:

“كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم في إشخاص سبعة نفر، منهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وزهير بن حرب أبو خيثمة، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن مسعود، وأحمد الدورقي؛ فأشخصوا إليه، فامتحنهم وسألهم جميعاً عن خلق القرآن، فأجابوا جميعاً أن القرآن مخلوق، فأشخصهم إلى مدينة السلام، وأحضرهم إسحاق بن إبراهيم داره فشهر أمرهم وقولهم بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث، وأقروا بمثل ما أجابوا به المأمون، فخلى سبيلهم، وذلك بأمر المأمون.

ثم كتب المأمون بعد ذلك لإسحاق بن إبراهيم: أما بعد؛ فإن حق الله على خلفائه في أرضه، وأمنائه على عباده، الذين ارتضاهم لإقامة دينه، وحملهم رعاية خلقه وإمضاء حكمه وسننه، الائتمام بعدله في بريته أن يجهدوا لله أنفسهم، وينصحوا له فيما استحفظهم وقلدهم، ويدلوا عليه – تبارك وتعالى – بفضل العلم الذي أودعهم، والمعرفة التي جعلها فيهم، ويهدوا إليه من زاغ عنه، ويردوا من أدبر عن أمره، وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله وحده وحسبه الله، وكفى، ومما تبينه أمير المؤمنين برويته، وطالعه بفكره، فتبين عظيم خطره، وجليل ما يرجع في الدين من ضرره ما ينال المسلمين من القول في القرآن، فقد تزين في عقول أقوام أنه ليس بمخلوق، فضاهوا قول النصارى في عيسى إنه ليس بمخلوق …..وقد عظم هؤلاء الجهلة بقولهم في القرآن الثلم في دينهم، وسهلوا السبيل لعدو الإسلام، واعترفوا بالتبديل والإلحاد على أنفسهم، حتى وصفوا خلق الله وأفعاله بالصفة التي هي لله عز وجل وحده، وشبهوه به والاشتباه أولى بخلقه، … وأعلمهما أن أمير المؤمنين لا يستعين على شيء من أمور المسلمين إلا بمن وثق بإخلاصه وتوحيده، وأنه لا توحيد لمن لا يقر بأن القرآن مخلوق فإن قالا بقول أمير المؤمنين في ذلك، فتقدم إليهما في امتحان من يحضر مجالسهما بالشهادات على الحقوق، ونصهم عن قولهم في القرآن؛ فمن لم يقل منهم إنه مخلوق أبطلا شهادته، ولم يقطعا حكماً بقوله؛ وإن ثبت عفافه في أمره. وافعل ذلك بمن في سائر عملك من القضاة، وأشرف عليهم إشرافاً يمنع المرتاب من إغفال دينه واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون منك في ذلك إن شاء الله.”.



وبمثله جاء في تاريخ الطبري باب خبر المحنة بالقرآن(13)

حيث يقول المأمون في رسالته

” وتزين في عقولهم ألا يكون مخلوقاً، فتعرضوا بذلك لدفع خلق الله الذي بان به عن خلقه، وتفرد بجلالته؛ من ابتداع الأشياء كلها بحكمته وإنشائها بقدرته، والتقدم عليها بأوليته التي لا يبلغ أولاها، ولا يدرك مداها؛ وكان كل شيء دونه خلقاً من خلقه، وحدثاً هو المحدث له؛ وإن كان القرآن ناطقاً به ودالاً عليه، وقاطعاً للإختلاف فيه، وضاهوا به قول النصارى في دعائهم في عيسى بن مريم: إنه ليس بمخلوق؛ إذ كان كلمة الله، “



مما سبق يتضح أن الوعي الإسلامي بأول مظاهر الثالوث المسيحي الحقيقي بدأ في أوائل القرن الثالث الهجري ، عندما بدأ المسلمون في الربط بين كون القرآن كلمة الله وبأن عيسى كلمة الله ، ولأن الكلام من صفات الإلوهة ، تبع أنه أزلى أبدي وغير مخلوق ، لأن الإله -كمفهوم تشترك فيه إلى درجة كبيرة الأديان الابراهيمية- لا يمكن أن يخلق صفاته ، فتبع بالمنطق أن القرآن غير مخلوق ، ولكن في الجهة المقابلة ، من يدعي بأزلية كلام الله -أي القرآن (وعيسى) – فهو يشرك القرآن (وعيسى) مع الله في السرمدية ، وهذا اشراك في الالوهة ولأن المعتزلة في ذلك الزمان بدأوا يدخلون العقل وعلم الكلام في المنظومة الإسلامية ، تبع ذلك استنكارهم ورفضهم بأن كلمة الله غير مخلوقة ، فنفوا صفة الكلام وبقية الصفات وأعلنوا التوحيد التجريدي المطلق ، وكان منهم الخليفة المأمون

رأى الخليفة المأمون المشكلة معقدة ، لأن القرآن والسنة يصرحان بأن عيسى هو أيضا كلمة الله ، ولهذا كان رفضه لفكرة أن القرآن غير مخلوق أساسها خشيته من التشبه بالنصارى “في دعائهم في عيسى بن مريم: إنه ليس بمخلوق؛ إذ كان كلمة الله” أ. هـ.

من هذه القصة التاريخية نفهم الأزمة التي أحدثها التفكير العقلاني في عقيدة المسلم ، والتي قسمت المسلمين إلى فريقين

فريق أول يقول بخلق القرآن – كلام إلههم بحسب عقيدتهم – وظنوا أنهم لو أقروا بأن القرآن (كلام الله عند المسلمين) غيرمخلوق فهم يضاهون به قول المسيحيين بأن المسيح كلمة الله أزلي معه … ويهذا يقعون في الشرك ويشركون القرآن مع الله

وفريق آخر يستنكر أن يكون القرآن مخلوق ، لأنه كلام إلههم ، ولو كلام إلههم مخلوق ، يتبع بالتالي أن أوامر الإله “كن فيكون” مخلوقة ، فكيف يخلق المخلوق (كلام الله وأوامره بالخلق) مخلوقا آخر (بقية المخلوقات)؟

وهل الإله في حاجة إلى مخلوق (أي كلامه) ليخلق به كائنا آخر ؟

امتد هذا النزاع إلى تفسيرات القرآن فالتزم أهل السنة بالفريق الثاني على إجماعهم ، واعلنوا بعدم خلق القرآن أو كلام إلههم ، ومن قال بخلق القرآن فهو كافر (14) ،وكان من أبطال أهل السنة في الصراع على محنة خلق القرآن ضد المأمون هو أحمد بن حنبل صاحب المسند الذي قال :”من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر لأن القرآن من علم الله وفيه أسماء الله وقال إذا قال الرجل العلم مخلوق فهو كافر لأنه يزعم أنه لم يكن لله علم حتى خلقه وقال رحمه الله تعالى من قال أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر لأن القرآن من علم الله ” (15)

أما الشيعة فعلى النقيض من السنة التزموا بالجانب الآخر (الفريق الأول) فقالوا بخلق القرآن فيقولون :

” الله عز وجل ذكر في كتابه المجيد {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الأنعام/102) ….. والفرض أن القرآن كلام الله المعجز الذي أنزل بواسطة جبريل عليه السلام على قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فهو شيء من الأشياء غير الله فلابد أن يكون مخلوقا … ،فلو لم يكن القرآن مخلوقا لكان خالقا” (16)



مما سبق يتضح لنا أن أزمة الإسلام لم تكن في عقلانيته في مواجهة لا عقلانية الثالوث المسيحي، بل في جوهرها لا عقلانيته ، لهروب المسلمين الدائم من الفلسفة والفكر والمنطق ، وعند أول دخول للفكر الإسلامي في معترك العقلانية نتج عنها محنة ضخمة تصارع فيها المسلمون وكفروا بعضهم بعضا .

ولهذا لن نجد أي رد شافي عقلاني على الثالوث المسيحي من الائمة المتأخرين (من القرون 6-7 هجرية) الذين يستشهد بهم بعض المسلمين حاليا :

+ فالرازي (ت 606 هـ) يقول عن الثالوث

” والذي يتحصل منه أنهم أثبتوا ذاتًا موصوفة بصفات ثلاثة ، إلا أنهم وإن سموها صفات فهي في الحقيقة ذوات ، بدليل أنهم يجوزون عليها الحلول في عيسى وفي مريم” (17)



وهذا ما استشهد به أحد المسلمين في تفنيد الثالوث ، ولكنه دلس فلم يكمل كلام الرازي ، ووضع مكانه نقاط (…) فبماذا يكمل الرازي وماذا أخفى المسلم ؟

ما أخفاه المسلم المدلس وما أكمله الرازي هو قوله :

“فأما إن حملنا الثلاثة على أنهم يثبتون صفات ثلاثة ، فهذا لا يمكن إنكاره ، وكيف لا نقول ذلك وإنا نقول : هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام العالم الحي القادر المريد ، ونفهم من كل واحد من هذه الألفاظ غير ما نفهمه من اللفظ الآخر، ولا معنى لتعدد الصفات إلا ذلك ، فلو كان القول بتعدد الصفات كفراً لزم رد جميع القرآن ولزم رد العقل من حيث إنا نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالى عالماً غير المفهوم من كونه تعالى قادراً أو حياً ” .(17)



ولهذا فند الرازي- على قدر فهمه – ما يقول به المسلم المعاصر من نفي للثالوث ، وعندما نقل المسلم عن الرازي وصفه للثالوث بالركاكة ، اخفى ودلس لأن الرازي خصص وصف الركاكة بثالوث القرآن (الله ومريم وعيسى) المنسوب للنصارى فقال : ” قال الزجاج : ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة ، وذلك لأن القرآن يدل على أن النصارى يقولون : إن لله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة ” وهذا بالفعل ثالوث ركيك لم تجتمع عليه ولم تؤمن به الكنائس المسيحية سواء الارثوذوكسية أو الكاثوليكية أو البروتستانتية .

فلو تساءلنا ما هي أسباب أزمة الرازي ومعاصروه في فهم الثالوث ؟

لأجبنا أن الرازي وقع بين شقي رحي هل الثالوث : ثلاث صفات أم ثلاث ذوات ؟ لأن الفكر الإسلامي ثنائي النزعة : إما ذات أو صفات

أما عن الأقانيم كصفات فالرازي لم يتحرج في تأييده ، لأنه يؤمن بتعددية الصفات والاسماء في الذات الإلهية ، وفي هذا لا يتفق معه المسلمون المعاصرون … ولهذا دلس المسلم وأخفى هذه الفقرة من تفسير الرازي…

وأما في الأقانيم كذوات فاستنكره الرازي ونحن نؤيده في استنكاره ، أما ما افتقده الرازي هو هو مصطلح ثالث في أن الأقانيم شخوص إلهية Personal Beings متحدة متمايزة .

لهذا نجد أن عقيدة الرازي الإسلامية المسطحة هي التي أدخلته في محنة فهم الثالوث ، كما أدخل الفكر العقلاني المسلمين في محنة خلق القرآن قبله بثلاث قرون … فنحن لم نحدد الأقانيم أنها صفات ، بل نقول بأن الأقانيم هي الموصوفة وليست الصفات ، ولم نحدد بأنها ثلاث ذوات منفصلة ، بل ثلاث شخوص اقنومية محققة في إله واحد ، وطبيعة إلهية واحدة معلنة في ثلاث شخوص إقنومية …

وبالمثل يقف كلا من القرطبي (ت 671هـ ) وابن تيمية (ت 728 هـ) موقف الرافضين من الثالوث دون تحديد الاسباب … فيصف أحدهم الكلام عن الثالوث بالتخبط (19) ، وهذا وصف العاجز لا الناقد ، والآخر بالغلو في الدين (20) ، وكلاهما لا يدري أنه قد وصف نفسه قبل أن يصف الثالوث ، وكلهم يستعملون نفس النص القرآني (ولا تقولوا ثلاثة) ، دون أن يتفكروا ولو لحظة أن القرآن لا يناقش ثالوث المسيحيين آب وابن وروح قدس ، بل ثالوث قرآني خاص من الله ومريم والمسيح . ولكنهم اسقطوا ما يعلموه عن الثالوث المسيحي على ما صرح به القرآن قبلهم بستة قرون عن الثالوث الوهمي ، فكل ما تقوَّلوه ، لم يكن إلا محاولات متهافتة في استنطاق القرآن بما ليس فيه ، ولكن بما يظنونه فيه ، وأيضا خلط ابن تيمية في كلامه بين الأقانيم الثلاثة والطبيعة الواحدة فظن بأن قول المسيحيين (إله حق من إله حق) في قانون إيمانهم هو تعدد آلهة ، بينما الحقيقة هو تعدد أقانيم في اللاهوت الواحد (21)… وقد سبق أن ناقشنا ان تعدد لفظة (إله) لا تعني تعدد آلهة بأي حال من الأحوال ، وإلا لزم اعتبار قول القرآن {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ } (22) أنه قول بتعدد آلهة واحد للسماء وواحد للأرض ، كما أن استحالة تصور عقيدة الثالوث عند ابن تيمية لا ينفي أو يثبت صحتها ، وإلا كان استحالة تصور الرحمن طبقا للعقيدة الإسلامية انتفاءا لوجوده



—————-


المسلمون والمسلمات حائرون بين الذات والصفات

عندما يتطرق المسلمون المعاصرون لفكرة التثليت دائما ما ينزلقون إلى مساواة الأقانيم بالصفات ، ثم يعودون فيساوون الأقانيم بالذوات المنفصلة

أما بالنسبة لمساواة الأقانيم بالصفات ، فالرازي أيده (17) ، ولكن أحد المسلمين المعاصرين يرفضه فيقول

” بالنسبة لمقولة النصارى أن الله موجود بذاته ناطق بعقله حي بروحه , إن كان بطرس (يعني القمص زكريا بطرس) يقصد بها أن الأقانيم عبارة عن صفات لله ، فهي مقولة ساقطة من وجوه عديدة أذكر بعضها فقط :

* أولاً : أن الصفة لا تكون إلهًا يخلق ويرزق ويحيي ويميت , والأقنوم الثاني والثالث عندكم إله يخلق ويرزق ويحيي ويميت . وكيف تكون الصفة إله حق من إله حق و من نفس الجوهر ؟

* ثانيًا : أن الصفة قائمة بالموصوف فلا تفارقه ولا يعقل أن يكون زيد في القاهرة وعلمه أو كرمه في الأسكندرية ، وعندكم في قانون الإيمان أن الإبن نزل إلى الأرض وتألم وصلب وقبر ثم قام وصعد ليجلس عن يمين الآب ، فهل هذا الكلام يليق بصفة لله أم بإله آخر مع الله ؟! كما أن الصفة ليست جوهرًا قائمًا بنفسه , وأنتم أثبتم ثلاثة جواهر , آب وإبن وروح قدس !

* ثالثًا : معلوم أن الله محيط بعلمه وقادر بقوته ورؤوف برحمته وسيد بهيمنته وسيطرته … إلخ ، فلماذا تخص يا بطرس صفاته بثلاثة فقط ، أم أنه التحزب الأعمى لإثبات عقيدة لا يمكن إثباتها.

* رابعًا : أن لله تبارك وتعالى كلمات كثيرة لا نهاية لها , وفي الكتب الإلهية كالتوراة أنه خلق الأشياء بكلامه وأومره ( راجع رسالتنا ” قال إني عبد الله ” – فصل : في قولهم “كلمة الله” ) , ومعلوم أن المسيح ليس هو كلمات كثيرة بل غايته أن يكون كلمة واحدة إذ هو مخلوق بكلمة من كلمات الله عز وجل ولهذا سمي كلمة الله . ولو كان المسيح يمثل نطق الله وكلمته الذاتية الداخلية , إذًا فالله قد فقد النطق حين نزلت كلمته على الأرض , وإذا كان الأمر كذلك فمن الذي قال : ” هذا هو ابني الحبيب والروح الذي سررت به” (متَّى 3/16-17) ؟ هل يعقل أن يكون المسيح هو الذي قال هذا وهو الذي قيل فيه هذا؟! وهل فقد الله نطقه عندما ماتت كلمته على الصليب ؟! وقبل ولادة هذه الكلمة هل كان الله يعجز عن النطق ؟!

* خامسًا : حياة الله صفة له وليست منبثقة منه , بل هى قائمة به لا تخرج عنه البتة , وهى صفة لازمة له لا تتعلق بغيره , وأنتم جعلتم روح القدس التي ادعيتم أنها حياته ناطقًا في الأنبياء وحياة الله صفة قائمة به لا تحل في غيره .



وقد ناقشنا هذا الكلام في المقال السابق ، فالأقانيم ليست صفات مما يتبع تساقط كل اعتقاداته وتحليلاته هباءا منثورا ، بل نقول أن الأقانيم هي الموصوفة بالصفات لأنها شخوص كيانيةpersonal beings كما يقول الأنبا بيشوي في وصفه الدقيق (23)، وإن كانت شخوص غير منفصلة أو مفردة ، فالعقيدة المسيحية تفرق إصطلاحا في تعريف الشخص بين الفرد (كشخص إنساني person) والأقنوم (كشخص إلهي ὑπόστᾰσις ) ، فالفردindividual مستقل منفصل وشخصيته (personality) تعبر عن استقلاله الذاتي كفرد ، لهذا يقابل في فكر المعاصرين بمعنى ذات مستقلة ، أما الشخص الإلهي إصطلاحا (كأقنومὑπόστᾰσις) فهو متمايز لا منفصل ، تقوم فيه كل الطبيعة الإلهية الكاملة ، دونما إنفصال أو تركيب ، فتعدد الأقانيم ليست تعدد صفات وليس تعدد ذوات بل تعدد شخوص كيانية إلهية متميزة في الذات الإلهية الواحدة .

——————

ولكن لابد من بعض التعليقات الجزئية على ما أتى به المسلم لتوضيح جهله باللاهوت المسيحي جهلا مطبقا ، وهذا الجهل هو معذور فيه ، لأنه جهل نابع من محمد وقرآنه ، فالمسلم يسبح في تيار لم يؤهله له دينه ولا ثقافته

يهرف المسلم فيقول

:” أن الصفة قائمة بالموصوف فلا تفارقه ولا يعقل أن يكون زيد في القاهرة وعلمه أو كرمه في الأسكندرية”



والحقيقة أن هذا يتعارض مع عقيدته التي تقول بأن

(أ) النقطة الأولى: الرحمن كإله إسلامي ليس موجودا في كل مكان بل هو في السماء ، فأهل السنة ينكرون ما نسمية Omnipresence

كما يقول ابن العثيمين عندما سئل عن قول بعض الناس إذا سئل : ( أين الله ) ؟ قال : ( الله في كل مكان ) . أو ( موجود ) . فهل هذه الإجابة صحيحة على إطلاقها ؟

فأجاب : هذه إجابة باطلة لا على إطلاقها ولا تقييدها ، فإذا سئل : أين الله ؟ فليقل : ( في السماء ) ، كما أجابت بذلك المرأة التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . وأما من قال : ( موجود ) فقط . فهذا حَيْدة عن الجواب ومراوغة منه . وأما من قال : ( إن الله في كل مكان ) وأراد بذاته ، فهذا كفر ، لأنه تكذيب لما دلت عليه النصوص ، بل الأدلة السمعية ، والعقلية ، والفطرية من أن الله – تعالى – علي على كل شيء ، وأنه فوق السماوات مستو على عرشه .(24)





إذن طبقا لعقيدة السنة: الذات الإلهية في السماء مستوية على العرش

(ب) النقطة الثانية: أن محمد يقول في قرآنه على النقيض من هذا ، بل يصرح بوجود الله الإسلامي في كل مكان

{… وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (25)

{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }(26)

{… إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }(27)

فصريح النص يشير إلى وجود رب القرآن مع مؤمنيه في كل مكان … وليس فقط في السماء على العرش

(ج) لأن (أ) تناقض (ب) حاول أهل السنة للتغلب على هذه المعضلة بتأويل نصوص القرآن لتصبح معيه الرحمن ووجوده في كل مكان بعلمه فقط ، فهو معهم بعلمه لا بذاته كما يقول تفسير الجلالين

” (وهو معكم) بعلمــــه”



النتيجة الحتمية لهذا أن إله القرآن موجود في كل مكان بعلمه ، وعلى العرش بذاته ، مما يتبع الفصل المكاني والزماني بين علمه وذاته ، والعلم من صفات الذات كما يقول المسلمين

فمن أين جاء المسلم بأن الصفات قائمة بالموصوف ولا تفارقه ؟

لو كانت الصفات مثل العلم لا تفارق الذات ، لتبع وجود رب القرآن في كل مكان ، وهذا ضد عقيدتهم وضد تنزيههم المزعوم ، ولو كانت الصفات مفارقة للذات كالعلم الإلهي الكائن في كل مكان بينما الذات مفارقة فوق العرش ، يسقط كلام المسلم صريعا …

هذا مجرد مثال لما يدعيه المسلم من ردود عقلانية لا ترقى حتى إلى مبادئ علم المنطق والفلسفة ، وتفتقر إلى أي دليل من القرآن أو السنة

——————

ثم يتبع المسلم بقوله:

أن لله تبارك وتعالى كلمات كثيرة لا نهاية لها , وفي الكتب الإلهية كالتوراة أنه خلق الأشياء بكلامه وأومره ( راجع رسالتنا ” قال إني عبد الله ”

فصل : في قولهم “كلمة الله” ) , ومعلوم أن المسيح ليس هو كلمات كثيرة بل غايته أن يكون كلمة واحدة ، إذ هو مخلوق بكلمة من كلمات الله عز وجل ولهذا سمي كلمة الله



هنا سقط المسلم في خطأين

الأول أنه لم يميز بين الكلمة كصفة إلهية -كما يعتبرها المسلمون – وبين ظاهر الكلام كلفظ ، وعيسى لم يكن لفظة مكتوبة أو مسموعة ، لهذا فكلام القرآن محمول على أن عيسى هو كلمة الله القرآني كصفة له ، ولا يوجد دليل من القرآن والسنة يناقض هذا ، وهو ما يقترب من الكلمة الإلهية التي نعنيها كمسيحيين وهي اللوجوس أو الكلمة الكامنة في الذات أو المنطق او العقل وليس الكلمة الملفوظ بها ، لهذا وصف عيسى بأنه كلمة الله تمثل أزمة شائكة له ، لأن كلمة الله لابد وأن تكون غير مخلوقة ، مما يتبع أن يكون المسيح غير مخلوق ، والغير مخلوق هو الخالق لا شك في ذلك .. مما يتبع ضمنيا ألوهية المسيح كأقنوم الكلمة اللوجوس ، لهذا تعمد المسلم ان يتحايل فسقط في الخطأ الثاني

أما الخطا الثاني فهو محاولة تصويره أن عيسى القرآني ككلمة الرحمن ، تعني عيسى المخلوق بكلمة الرحمن فيقول

“ إذ هو مخلوق بكلمة من كلمات الله عز وجل ولهذا سمي كلمة الله”



وهذا قمة الكذب والتضليل ، لأنه لو كان المقصود بمصطلح “كلمة الله” المنسوب لعيسى أنه إشاره إلى خلقه بالكلمة ، لتبع بهذا أننا جميعا من أول آدم كلمات إلهية ، لأننا مخلوقين بكلمة الله ، ولتبع أن محمد نفسه كلمة الله … وهذا ما لا نجد عليه دليل لا في القرآن او السنة ، ولهذا نكتفي بسؤاله “لماذا لم يعمم القرآن لفظة كلمة الله لكل المخلوقات ، فهي كلها مخلوقة بكلمة منه ؟”

وننتظر الإجابة … وسننتظر طويلا

——————

ومن أزمة المسلم في المساواة بين الأقانيم والصفات ينتقل إلى المساواة بين الأقنوم والذات ، فيقوم المسلم بشرح قانون ايماننا ثم ينقد شرحه لا ايماننا ، وهو بهذا يهدم بيتا من القش هو الذى بناه ، ثم يعلن نصره المزيف ، لأنه ينبغي أن يلتزم بالمصطلحات اللاهوتية التي وضعها المسيحيين ثم يفندها لا أن يخترع مصطلحات ثم يفندها … وحتى نوضع خواءه سوف نستعرض أمثلة

يقول المسلم عن قانون ايماننا

” ذكرتم الإيمان بثلاث ذوات تمايزت بالأعمال والصفات”

ويقول عن الأقانيم

“ فهؤلاء أشخاص متعددون , والفرق بين تعدد الذات وتعدد الصفات واضح لا يحتاج إلى دليل , وأنتم قد أقررتم أن المسيح ذات وأن الروح القدس ذات والآب ذات , ثلاث ذوات متميزة بالأعمال والصفات , وذلك في معنى كلمة ” أقنوم ” , فكيف يقال عنهم بعد ذلك بأنهم وحدة واحدة ؟!

وهذا ما لم ندعيه … فلم نقل بأن الشخوص الإلهية (الأقانيم) ذوات منفصلة ، وإلا فليأت لنا بلفظ قالته عقيدة الكنيسة بطوائفها الثلاث على أن الأقانيم ذوات أو جواهر منفصلة ، (28) بل نقول أن الإله جوهر واحد وثلاث أقانيم ، والاقانيم تتمايز في علاقتها ببعضها ولا تنفصل ، فهي ليست ذوات منفصلة ، ولكنها في المقابل تشترك في كل الاعمال والصفات الإلهية ،فالخلق فعل الآب بالابن (اللوجوس) في الروح القدس ، والتجسد هو فعل الابن بمشيئة الآب ونعمة الروح القدس … فلا يوجد فعل واحد منسوب للطبيعة الإلهية لا نجد فيه الأقانيم المتمايزة ومشتركة فيه ، إلا فيما يختص بعلاقتها الإقنومية ، فالآب والد للابن وباثق للروح القدس ، والابن مولود من الآب وعامل بالروح ، والروح منبثق من الآب وناطق بالابن دون مفارقة أو تعطيل أو اعتماد ، بل بذل وعطاء سرمدي لا نهائي .

ثم يقول :

“ثم قلتم : ( وبالرب الواحد يسوع ….. ) فصرحتم بالإيمان مع خالق السموات والأرض برب واحد مخلوق ، وهذا تصريح بالإيمان بإلهين أحدهما من الآخر وصفة له”



وهذا قمة الكذب والبهتان ، لأننا لم نقل ، ولم تقل أحد الطوائف المسيحية بأن الابن مخلوق ، بل هو بكر الخليقة أي بداية وجودها ، لأن الآب عمل به العالمين أي كل الخليقة (29) ، وفيه خلق الكل ، ما في السماوت وما على الارض (30) ، ثم أننا لم نصرح بإلهين ، والابن لا نجعله صفة للآب ، بل هو وحيد الآب ، وعقل الآب ، والعقل كينونة شخصية وليس صفة .

ثم يقول

:” ثم قلتم : ( وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب قبل كل الدهور ) وهذا تصريح بإثبات ثلاثة آلهة ثم يقولون مع ذلك : إنما نثبت جوهرًا واحدًا وإلهًا واحدًا وهذا جمع بين النقيضين”

ونحن لم نقع في تناقض كما يدعي بأن هناك ثلاث آلهة هم إله واحد، أو ثلاثة أقانيم هم اقنوم واحد ، بل ثلاث شخوص أقنومية (أقانيم) هم إله واحد ، كل منهم له طبيعة إلهية كاملة ، ولهم طبيعة وجوهر لاهوتي واحد . فلا وجود لأي تناقض منطقي

ثم يقول مخترعا لنا عقيدتنا :

وهكذا نرى أن كلمة ” أقنوم ” في معناها تشير إلى أن النصارى يتعبدون إلى ثلاثة ذواتوأشخاص لهم طبائع مختلفة ووظائف محددة وكيانات مستقلة ، فكيف يزعم النصارى بعد كل هذا أن الثلاثة واحد ،وهل يمكن الجمع بين المشرق والمغرب ؟!

وهنا تظهر سقطة المسلم بوضوح ، فهو يستمر بإعلان أخطائه ويظن أن الاقنوم = الذاتبقوله

“ إلى ثلاثة ذوات وأشخاص ”

، وهذا ما لم يقله أحد المسيحيين ، على النقيض ، فالأب بولا هنرى في تعريفه للأقنوم لم يقل بأن الاقنوم ذاتا مستقلة ، بل شخصا إلهيا متميزا ، وهذا نص ما قاله

” في اللاهوت المسيحيّ نقول إنَّ ” الله واحد في ثلاثة أقانيم “. فما معنى ” أقنوم “؟ إن كلمة ” أقـنوم ” تعني شخصًا. فنقول إنَّ الآب أقنوم والإبن أقنوم والروح القدس أقنوم” (31)

وهذا ما يؤيده العديد من اللاهوتين فيعرفون الاقنوم بانه مصطلح يشير إلى التميز الشخصي مع عدم الانفصال ، واهم ما يميز الذوات المختلفة هو الاستقلال والتفرد والانفصال ، وهذا ليس ما نعرف به الأقنوم ، فالاقنوم إذن ليس ذات منفصلة (32)

——————


الثالوث والتركيب بين الإسلام والمسيحية

يحاول بعض المسلمين في الكثير من الأحيان في معرض هجومهم على الثالوث ، أن يصوروه على أنه تركيب في الطبيعة الإلهية ، وقد فندنا قبلا فكرة الجمع والطرح في الطبيعة الإلهية (33) ، وبينّا أن لغة الرياضيات لها حدودها وأن استعمال الواحد الحسابي يفترض أن الإله أقل من 2، 3 ، 4 ، … إلى مالانهاية (33، 34) ، وأكدنا أن الرياضيات لغة تخضع لقوالب عقلية بشرية ، وبأن الطبيعة الإلهية تسبق الفكر الرياضي لا العكس (33) ولكنهم في أحيان أخرى يستعملون بعض الكتابات المسيحية لإثارة شبهات حول ما يظنونه اعتقادتنا في التركيب الإلهي

فيستشهد بعض المسلمين بقول كتاب مسيحيين بأن الوحدة الإلهية أو الوحدانية الإلهيةوحدانية جامعة وليست تجريدية كالواحد الحسابي الإسلامي ، وقد فندنا سابقا فكرة الواحد الحسابي وانه صفة نقص لا نهائية (33) ، ولكن ماذا نعني حقا بفكرة الوحدانية الجامعة ؟

الوحدانية الجامعة هو تعبير لغوي بسيط يشير إلى التعددية الداخلية في الطبيعة الإلهية ، وهي ما يقابل تعدد الصفات والأسماء في الذات الإلهية طبقا للعقيدة الإسلامية . فالتعددية نفسها لا يجد فيها المسلم (السني تحديدا) أي غضاضة ، فهو يعدد الصفات والاسماء الإلهية ، بل ويتعبد للاسماء وكأنها ذوات إلهية تستحق العبادة

فالمسلمون يسمون أبناءهم بعبد الرحمن أو عبد الرحيم أو عبد السميع أو عبد المتجلي … فلو نظرنا إليها من الزواية العقلية وبطريقة تفكير المسلم في الثالوث المسيحي ، لاعتبرنا هذا شركا لأن المسلم يساوي بين الرحمن والله (عبد الرحمن = عبد الله) وبين السميع والله (عبد السميع = عبد الله) وبين الرحيم والله (عبد الرحيم = عبد الله) ويتعبد لهم جميعا ، ولكنه أيضا لا يظن بالتساوي بين الاسماء ، فلا يقول أن الرحمن يتساوى مع القادر مع السميع مع المتجلي مع البصير مع الله لا لغة ولا معنى ولا عقيدةَ

هنا وطبقا لما يقوله المسلم

(أ) الاسماء لا تتساوى في معناها اللغوي والاصطلاحي فهي مختلفة

(ب) ولكنها معبودة وكأنها الذات فهي تساوي الذات

من (أ) و (ب) نستنتج شركية الاسماء مع الذات ، لأنها مختلفة عن بعضها ومعبودة في نفس الوقت

فكيف يهرب المسلم من هذه التعددية ؟

هل يمكنه أن يفترض أن الاسماء محدثة وليست أزلية ؟

لا … فهذا كفر لأن نص القرآن يصرح

{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (35)

ولو هي أزلية هل هي نفسها الذات ؟ فما الحاجة إليها ؟

أم هي أزلية مصاحبة للذات ؟ وهذا شرك مع الذات

ام هي جزء من الذات ؟ وهذا تركيب في الذات يعد كفرا

وهكذا يعيش المسلم في تعددية لا يجد لها تفسيرا ولا يفكر فيها لأنه غير مسموح له التفكر في الله ، ولذا عندما يسقط المسلم أزمته العقلية على الثالوث ويتساءل عن الأقانيم

إذا كانوا صفات فهل يمكن التبديل بينهم ؟!

وكأن الصفات او الاسماء الإلهية في الإسلام يمكن التبديل فيما بينها ، فنحن نجيبه بسؤال

لو أمكن تبديل الأسماء والصفات ببعضها في العقيدة الإسلامية ، فهو يعني تساويها في المعنى والدلالة ، فلماذا إذن تحتاجون إليها كلها ، هي صفات وأسماء زائدة ، فلتحذفوها من قرآنكم وتكتفوا باسم واحد فقط ؟

أما في المسيحية فقد ميزت بين الطبيعة الإلهية الواحدة وبين ثالوثية الأقانيم ، وقالت بأن التعددية ليست في الطبيعة أو الجوهر الإلهي فهي ليست شركا بل هي تعددية وتمايز في الأقانيم كما قال القديس اوغسطينوس

“الآب ليس ابنًا ، والإبن ليس أبًا ، والروح القدس ليس أبًا ولا ابنًا” (36)

، وما يجعل الأقانيم طبيعة واحدة هو وحدانيتهم الجامعة ، وما هية هذه الوحدانية لا يمكننا وصفها كما لا يمكننا وصف الذات الإلهية ولكن يمكننا استنتاج وجودها (33) بينما المسلم لا يجرؤ على قولها للخروج من أزمته ، بل يظنها شركا .

هل هذه الوحدانية الجامعة نقول بأنها غير مركبة ، لأسباب كثيرة أهمها

أولا لأن التركيب من صفات عالم الكم والجزئيات والكواركات ، أي عالم المادة ، لا من صفات الروح التي تتميز بالكيفيات وليس بالكميات ، والطبيعة الإلهية هي طبيعة روحية (37)، وهي أصل الوجود كله الروحي والمادي كما يقول الوحي الإلهي في المسيحية

وثانيا لأن التركيب يلزمه قالبية التفكيك ، بينما الأقانيم بطبيعتها اللاهوتية لا تنفصل ولا تستقل بذوات منفصلة ولا تتفكك ، ومالا يمكن تفكيكه أو تجزئته ، لا يكون مركبا.

لهذا عندما يتهم احد المسلمين أحد الكتاب المسيحيين بأنه يدعو إلى تركيب الطبيعة الإلهية (38) ، نقول له كذبت ، الكاتب المسيحي الذي استشهدت به كما نقلت أنت عنه قوله :

(كل شيء حولنا مركب حتى الذرة في ذاتها عالم مستقل والإنسان نفسه كائن مركب له جسد يأكل وينام وله نفس مكونة من فكر وإرادة وعاطفة وله روحح تتصل بخالقها . إن الواقع الذي حولنا يقودنا إلى وجود إله خالق صاحب وحدانية جامعة وليست بسيطة كما أن كل خلائقه مركبة وليست بسيطة)



هو هنا لم يصرح بأي تركيب في الطبيعة الإلهية بل اتخذ التركيب في الكائنات المخلوقة (كمثال للتعددية) ، على أنها إشارة ضمنية إلى أن هناك تعددية في الطبيعة الإلهية ، ولكنها ضمنيا وبحسب العقيدة المسيحية تختلف كيفيا كما تختلف طبيعة اللاهوت الكائن بذاته عن طبيعة المخلوق العرضية .. فالتركيب في المخلوقات هو صورة مفارقة لأصل أعظم هو الوحدانية الجامعة في الطبيعة الإلهية ، وهو ما صرح به الرازي وجعله حكرا على تعدد الصفات ويعني بها الاسماء كما ذكرنا سابقا

” فلو كان القول بتعدد الصفات كفراً لزم رد جميع القرآن ولزم رد العقل” (17)

وايضا عندما يدعي المسلم أننا نركب الإله فيقول

” وعلى اعتبار التقسيم المذكور يكون لكل أقنوم وظيفة خاصة به وصفة تلازمه لا يتصف بها غيره . ولا يكون لأيهم صفة الألوهية منفردًا ، بل يكون كل منهم ناقصًا حتى ينضم إليه الأقنومان الآخران ، والتركيب في ذات الله محال “.



نرده على أعقابه ونؤكد بأننا نرفض تركيب الإله ، فلم نقل أن الإله هو المجموع الحسابي للأقانيم ، لأن طبيعة الإله تسبق وجود لغة الرياضيات ، ولأن التقسيم والتفكيك من خصائص عالم المادة لا عالم الروح ، ولأننا لم نقل بوجود صفات أو خصائص أو اعمال مستقلة للأقانيم ، فقط تميز في علاقتهم الأقنومية ، لكنهم يشتركون في الصفات والاعمال والقدرات الإلهية ،فالخلاص تم بالابن من الآب في الروح القدس ، والحياة تقوم بالروح القدس من الآب في الابن ، والوجود مصدره الآب بقوة الروح في الابن ، وأخيرا لأن العلاقة بينهم ليست علاقة إحتياج واعتماد ، بل علاقة حرة مبنية على البذل الكامل ، فالآب يمنح ملئه للابن والروح ، والروح يمنح ملئه للابن والآب ، والابن يمنح ملئه للأب والروح ، فلا يحتاج أي منهم للآخر ، بل يعطي كل منهما ملء لاهوته للآخر … والعطاء والبذل لا يشير إلى اعتماد أو احتياج أو نقص ، بل قمة الكمال . الوحدانية الكاملة بين الآب والابن والروح القدس لا تسمح بأي مساحة ولو ضئيلة لأى احتياج أو اعتماد أو تركيب.

وبهذه المقابلة السريعة أوضحنا مدى عقلانية الفكر المسيحي في شرح الثالوث ، ومدى فقر الفكر الإسلامي في شرح عقيدته ، وتهافت اعتراضاته على الثالوث ، ولهذا يختبئ المسلمون وراء نقد عقائد الآخرين دنوما تمحيص لعقائدهم … لأنه من الغريب ألا يُسمح للمسلم بالتفكر في الذات الإلهية (39)، ولكنه يسمح لنفسه بنقد الفكر اللاهوتي لعقائد الآخرين …

اما كان بالأولى أن يتفكر في إلهه المستوي على العرش بلا كيفية معلومة قبل أن يحاول تشريح عقيدة الثالوث بركاكة يظنها عقلانية



————————-


أخطاء إسلامية حول الثالوث

كلما قرأنا اعتراضات المسلمين على الثالوث وجدناها تتكرر بصيغ مختلفة ، فالاعتراضات الإسلامية محدودة لأن المسلم ينقل و زملائه نفس الأخطاء التي سقط فيها القرآن قبلا عن الثالوث ، ويظلّون يجترونها دونما وعي ، ومن الاخطاء المتكررة :



الخطأ الاول : عدم التمييز بين الخصائص الأساسية للشئ وصفاته العرضية في عالم المادة ، وبين الأقنوم والصفة والطبيعة في الجوهر الإلهي

فيقول :

ويبرر تثليث النصرانية أيضًا بالإنسان له ذات وعقل وروح ونقول : الإنسان أيضًا له سمع وبصر

ورغبة وشهوة وصفات كثيرة متعددة تشكل في النهاية شيئًا واحدًا هو الإنسان فلماذا التثليث فحسب ؟!



ولكن الطبيعة الإنسانية لا تقوم إلا بالعقل والذات والحياة هي خصائصها الأساسية ، وبتلاشي أحدهم تزول الطبيعة الإنسانية ، والانسان مثلا لا يمكن أن يفقد العقل ، ولكن أن ينحرف عقله ويختل فيصير مجنونا ، ولكن العقل الإنساني لا يتلاشى من الوجود ، لكن السمع والبصر والشهوات من الاعراض التي يمكن أن تزول ويظل الإنسان إنسانا (وقد ناقشتُ هذا في المقال الأول)

ثم أن التشبيه لا يهدف إلى إعلان المساواة في عدد الأقانيم الإلهية مع الخصائص البشرية (اي تساوي الرقم 3)، ولكنه يحصر وجه الشبه في التعددية والتميز والتساوي في القيمة داخل الخصائص الأساسية للطبيعة البشرية الواحدة وما يقابلها مع الفارق من تعددية وتميز بين الأقانيم في الطبيعة الإلهية … ولا يشمل هذا التشبية شرح ماهية الاقنوم أو المساواة بين الإنسان والإله (33)

ويقول :

كما أننا يمكننا أن نقول : البابا شنودة هو رئيس تحرير مجلة الكرازة وهو رئيس الأقباط في مصر وهو المولود باسم نظير جيد وكل هذه الأشياء صفات لشخص واحد وهى غير مجسمة أو منظورة أو مستقلة



وهذا بالفعل صحيح فالصفات تصف الأشخاص ، ولهذا فنحن لا نقول بأن صفات الإله هي أقانيمه بل هي وصف لأقانيمه ، بينما أقانيمه هي كينونات شخصية لا تنفصل إلى ذوات مستقلة وبهذا تختلف عن الشخوص البشرية

ويقول :”

أن وظيفة البابا في الكنيسة ليست شخصًا ضرب وصُلب وتألم وقبر , أو أن رئاسته لمجلة الكرازة لا تعد شخصية تحل على الأنبياء ويتعمد بها الناس !

وبالتالي نحن لا يمكننا أن نقول : أن البابا شنودة وبولس الرسول والبابا يوحنا بولس بطريارك الكاثوليك السابق كل ذلك شخص واحد !



وهذا ما نقوله ايضا ، فهناك تمايز بين الأشخاص البشرية (البابا شنودة والبابا يوحنا) وتساوي في الطبيعة (الإنسانية) ، ولكن الاختلاف في أن الأشخاص البشرية مفككة الطبيعة ومستقلة فكل جوهر محدود له شخصية مستقلة ، بينما الأقانيم الإلهية شخوص إلهية غير محدودة متحدة في كائن واحد لا تنفصل ولا تتجزء ولا تُطرح ولا تجُمع ولكن تتمايز ، فالجوهر الإلهي قائم في ثلاث كيانات شخصية متحدة .



الخطا الثاني الارتجال واسقاط مفاهيمه الخاطئة على عقائد الآخرين

يقول المسلم :

والذي يقوله البابا والنصارى من خلفه خلط عجيب بين تعدد الذات وتعدد الصفات !

فالنار بصفاتها شيء واحد , والإنسان بصفاته شيء واحد , لكن ذلك لا يعني أن النار والإنسان شيء واحد !

وهو هنا يسقط خلطه وتعثره على الآخر ، فنحن نقول ايضا بأن الإله في أقانيمه إله واحد ، لم يساو أحد المسيحيين بين طبيعة الإله والإنسان مثلا ، ولهذا فخلطه بين طبيعة النار وطبيعة الإنسان لا مغزى له ، ولكننا نقول أن أي طبيعة واحدة لها خصائص أساسية تقوم بها ولا تقوم بدونها ، ونقول أن الأقانيم ليست صفات بل موصوفات ، وليست ذوات منفصلة لأنها ليست جواهر مستقلة أو منفصله

ويقول احدهم :

“إن الناظر لعقيدة الثالوث عند النصارى يتساءل دائمًا : كيف يتفق أن يكون الإبن ابنًا لنفسه . وفي الوقت ذاته أبًا لنفسه هذا عين المحال .”



وهذا أيضا ما لم نقله ، بل هو قمة التخبط والعشوائية في الطرح. فأين قلنا بأن الابن إبنا لنفسه ؟

أو في نفس الوقت أبا لنفسه ؟

وماذا يعني بكلمة “نفسه” ؟

هل هي الذات أم الجوهر أم الطبيعة أم الاقنوم …. الخ ؟

هذه هي مشكلة المسلم الكبرى، انه حتى لا يتقن الحديث عما يحاول أن يفنده ، فما فائدة اعتراضاته إذا كانت لا تنقل حقا عقيدة الآخر لتعترض عليها ؟

ولهذا مرة أخرى يفشل المسلم حتى في وصف عقيدتنا ليعترض عليها ، ثم نجده يختم اعتراضه بقول مبهم غير منطقي ولا عقلاني

“هذا عين المحال”

… وبالطبع المحال هو أنه ينقد ويعترض ما ليس موجودا إلا في مخيلته .

ويقوم المسلم أيضا بخلط عجيب بين الافخارستيا كإعلان معاش لسر التجسد ، وبين عقيدة الثالوث فيقول:

” إن المسيحيين لم يكفهم كذلك أن يجعلوا الله ثلاثة فجعلوه ملايين عدة من قطع الخبز تقسم كل منها إلى أجزاء بعدد الحاضرين في كل كنيسة ويصبح كل جزء كذلك مسيجًا كاملاً إي إلهًا وإنسانًا وثلاثة أقانيم . بل ويصبح كل مسيحي تناول هذا القربان إلهًا وأقنومًا آخر !وتصور قُداسًا يحصل في وقت واحد في جميع بقاع العالم فيتحول الله في وقت واحد إلى ملايين مضاعفة في أمكنة متعددة . إن التثليث لهو بإزاء ذلك شيء حقير جدًا ومن الغريب أن تحتم الكنيسة على أتباعها أن يأكلوا الله مرة كل شهر على الأقل إن لم يكن عشرات بل مئات المرات فكم يكون بذلك عدد آلهتهم؟ بل أين مصير هذه الآلهة بعد هضمها في الأحشاء والأمعاء ؟!”



وهذا مرة اخرى فشل كبير حتى في استيعاب ما نقوله في عقيدتنا ، فما ينقله المسلم في أحيان كثيرة يتبعه بشرحه هو الشخصي دون حتى ان يحاول أن يفهم ما قرأه ونقله .

عندما نتكلم عن الثالوث ، نتكلم عن الإله في ذاته ، وعن علاقة داخلية داخل طبيعته المقدسة ، أما عندما نتكلم عن الافخارستيا فنحن نتكلم عن التجسد الإلهي كسِر معاش في الكنيسة منذ قيامة المسيح وحتى يومنا هذا ، لأننا نؤمن تماما بقدرة الإله على التجسد وإعلان ذاته في عالمنا ، هذا الإعلان اللاهوتي لا يحد الإله بالمكان ، طبقا للفكر المسيحي المكان والزمان لا يحكمان الإله ولايحدانه ، بل هو من يحكم الزمان والمكان ، لأن الإله الحقيقي يمكن أن يُستعلن في المكان والزمان وهو أيضا مفارق للمكان والزمان (40) ، وهذا الاستعلان في عالمنا المادي هو استعلان نوعي كيفي وليس كمي ، فالهنا الحقيقي يتخلل كل زمان ومكان ليهب للمادة الوجود ، وللحيوان والنبات الحياة فوق الوجود ، وللإنسان العقل والإدراك فوق الوجود والحياة (41) ، وهذا الإله عينه قادر على الحضور/الظهور divine manifestationوالاعلان عن نفسه للإنسان في قلب مكان أو زمان معين دون أن يفارق وجوده الغير المحدود ، وفي هذا تتفق المسيحية واليهودية ، كما أكده الوحي اليهودي مرارا ، ففي قدس أقداس خيمة الاجتماع أو الهيكل السليماني أعلن الإله يهوه حضوره الذاتي שכינה shekhinahوسكناه في وسط شعبه (42) ، ولهذا أعلن المسيح نفسه شاكيناه שכינה أي الهيكل الحقيقي الأسمى والدائم المتحد بالطبيعة اللاهوتية ، فشبّه طبيعة بشريته وهيكل تجسده بهيكل سليمان قائلا لليهود :(انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة ايام اقيمه. فقال اليهود في ست واربعين سنة بني هذا الهيكل أفانت في ثلاثة ايام تقيمه. واما هو فكان يقول عن هيكل جسده.) (42) ، في كل هذه الظهورات والاعلانات الإلهية لم تفارق الذات الإلهية –طبقا للفكر المسيحي- وجودها الغير محدود الكائن في والمفارق لكل مكان وزمان . أما سر الافخارستيا هو يمثل حضور المسيح كإله متجسد وسط كنيسته ، لأن كنيسته بعد القيامة أصبحت جسده وهيكل حضوره (43) ، وما يقال على التجسد يماثل مع يقال مع الخبز والخمر في الافخارستيا ، لأن الافخارستيا هي سر التجسد معاش في الكنيسة ، فالمادة لا تحكم الإله ولا تقسمه كما يظن المسلم ولكن إلهنا ومسيحنا يستعملها ليعلن ذاته لكل فرد مسيحي ويدخل معه في علاقة حية ، ويصبح هو مصدر حياته الكامن في جسده وروحه، فلم يقل أي مسيحي بأن اللاهوت ينقسم بانقسام المادة، ، بل أن أبسط الأمثلة على هذا هو حلول الروح الإنسانية في الجسد الإنساني ، فهل نستطيع أن نقسم الروح إلى أرواح مستقلة : روح اليد أو روح القدم أو روح المعدة ؟ وهل تنقسم الروح بتعدد الأعضاء في الجسد الواحد ؟

بالمثل (مع الفارق الكيفي) شركة الخبز والخمر هي شركة في خبز الحياة كما أعلن المسيح نفسه قائلا :” انا هو خبز الحياة من يقبل الي فلا يجوع و من يؤمن بي فلا يعطش ابدا” ، ويكمل المسيح :” انا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء ان اكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد و الخبز الذي انا اعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم.” (44) ، ، وبسر الافخارستيا يصير كل مؤمن مشارك في هذا الخبز والخمر متحدا بالمسيح الإله المتجسد … وهذا هو غاية التجسد الأسمى ، ولهذا قول المسلم

“ بل ويصبح كل مسيحي تناول هذا القربان إلهًا وأقنومًا آخر !”

هو قول مفبرك وينم عن كذب فاضح ، فاين سمع في عقيدة المسيحيين أنهم يدعون أن البشر اصبحوا أقانيم للإله ؟ أو أنهم صاروا آلهة مفردة مستقلة ، بل غاية المسيحي هو الاتحاد بالمسيح الإله المتجسد ليصبح حجرا حيا في هيكل الإله الحي أو عضوا عاملا في جسد الإله الحقيقي وهو يسوع المسيح (45)

ولهذا عندما يقول المسلم في تعليقه على حلول الروح القدس على التلاميذ (46):

” تكون هذه الألسنة المنقسمة هى الآب والإبن والروح القدس فهل حلت أقانيم الآب والإبن والروح القدس في التلاميذ سواء بسواء من حيث بشريتهم المحضة فصاروا ألهة وأقانيم أخرى ؟!”



نجيبه بأن الروح القدس بحلوله على التلاميذ ، ثم حلوله على كل مؤمن بالمسيح عبر التاريخ ، هو إستعلان أنهم صاروا جسد المسيح الحقيقي والمسيح رأس الجسد وهم أعضاؤه أفرادا ، وأنهم صاروا هيكل الإله الحقيقي ، ولكن لم تتحول طبيعتهم البشرية إلى لاهوت أو أقانيم ، بل تقدست طبيعتهم البشرية بحلول الروح القدس فيهم ككنيسة … والانقسام الظاهر للألسنة الشبيهة بالنار لا يعني إنقسام الطبيعة الإلهية ، بل يعني حضور الإله فيهم وفي وسطهم لكي يقدسهم كأفراد ، وهو حضور كيفي لأنه روحي ، وليس كمي لأنه اللاهوت ليس مادة تخضع للتقسيم ، بهذا الحضور الإلهي يمنح الروح القدس للكنيسة أفرادا البنوة للآب وعضوية جسد المسيح ، ويعلن مرحلة جديدة في تاريخ البشرية ، فبعد خلق الإله الوجود في عالم المادة والطاقة ، وبعد منح حياة النفس في عالم النبات والحيوان ، ثم حياة العقل في عالم الإنسان ، أعلن حضوره الشخصي في عالم الكنيسة ، وسوف أناقش لاحقا سبب مشكلة المسلم في فهم هذا الإعلان ،والتي ترجع إلى عقيدته التي حددت الرحمن بطبيعته في مكان وزمان . فلا يفهم الفرق بين الظهور الإلهي في الزمان والمكان ، وبين تحديده على العرش أو في السماء الدنيا .



الخطأ الثالث: عدم التمييز بين صعوبة رسم أو وصف الثالوث ، وسهولة استعلانه منطقيا وعقليا ومن خلال الكتاب المقدس

فيستشهد أحدهم بأقوال لمسيحيين يعلنون فيها صعوبة تصور أو تخيل الثالوث (47) ، ويتبع هذا بقوله:

” إن الأمر بالفعل يدعو للحيرة , ترى إذا كان الفلاسفة والعلماء قد عجزوا عن فهم هذا الثالوث فمن يا ترى يستطيع فهمه ؟ وما هو موقف البسطاء والعامة إذا ما حاولوا الفهم؟وإذا لم نستطع إدراك عقائدنا الدينية بعقولنا وأفهامنا فبماذا يا ترى يمكننا إدراكها ؟ هل يطلب منا دعاة التثليث أن نتخلى عن عقولنا ونسلم بالثالوث ؟!وإذا كنا جميعًا نحن وهم , لا ندرك هذا الثالوث , فكيف يمكن لأي منا أن يتبعه ويسير عليه … ؟

إن العقائد الربانية – من المفترض – أن تكون سهلة وواضحة , صافية ونقية ومفهومه في صدور معتنقيها , لأن اعتناق العقائد لا بد أن يكون عن فهم واقتناع , فالعقائد مسائل أساسية , وهى مداخل الأديان , فكيف لا تُفهم ؟ ,فهل يدعونا النصارى أن نؤمن بعقيدة غير مفهومة ؟!

فكيف إذًا تدعون الناس إلى عقيدة لا تفهمونها ؟”



وعلى الرغم أنني ناقشت هذه الجزئية في الجزء الأول بمزيد من التفصيل (33) ، ولكن أردت العودة إليها لوضعها تحت المجهر طبقا للعقيدة الإسلامية ، ولنرى هل تصمد إدعاءاته .

أولا : نحن لا ندعو الناس لتحليل الطبيعة الإلهية ، بل في الدخول في علاقة حية مع الثالوث ، وكما لا يحتاج الإنسان أن يحلل الماء ويعرف مكوناته ليشربه ، فالدعوة المسيحية أساسها دعوة للإختبار ، دعوة لعلاقة حب تجمع بين الإنسان وخالقه ، وفي المقابل لا تمنع العقيدة المسيحية من محاولة فهم الطبيعة الإلهية لمن يريد .

ثانيا : يظن المسلم أن العقائد الربانية لابد أن تكون سهلة وواضحة ومفهومة ، ويستنكر كيف تكون العقائد صعبة الإدراك والاستيعاب الكامل ؟

دعونا إذن نسأله عدة أسئلة بسيطة :

+ من أسس عقيدة المسلم أن إلهه ليس كمثله شئ؟

فكيف يمكن أن يفهم المسلم هذا الإله ؟ وهل يمكن أن يتخيله؟ ولو فشل في فهمه وتخيله هل يمكن أن يحذف وجوده من عقيدته ويكتفي بما هو واضح مثل محمد وقرآنه ؟

+ إله المسلم المسمى الرحمن في عقيدة المسلم يستوي على عرشه .

كيف يحدث هذا الإستواء؟ وهل يمكن رسم صورة واضحة لكيفية الاستواء، ولو امتنع الرسم او الوصف أو الفهم كيف يمكن أن يعتقد به المسلم طبقا لفكر المعترض؟

+ القرآن يتكلم عن وجه ربه ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) (48) ،ما هو وجه ربه ؟

هل هو ذاته ؟ فلماذا لم يخصصه القرآن بلفظ “ذات ربك” ، وإذا كان وجه الرب ليس ذاته فهل هو ملحق بالذات أم مفارق له أم جزء منه ؟ ثم هل وجه رب المسلم باق بينما ذاته تفنى ؟ وما العلاقة بين الإثنين ؟ هل الذات تحتاج للوجه أم الوجه يحتاج للذات ؟

يمكننا أن نسأل مئات الأسئلة ، ولن نجد إلا إجابة : الله اعلم أو هذا كفر

فهل جهل المسلم بماهية معاني النصوص في قرآنه تنفي عقيدته أو ايمانه بوجود رحمن مستوي على العرش

لو طبقنا طريقة تفكيره على نصوص قرآنه لألقينا بالكثير من قرآنه في سلة قمامة طبقا لتفكير المعترض ، لأنها أشياء غير مفهومة ، مع أنها من صميم عقيدته ونصوص قرآنه

وهنا نعيده إلى الفكرة البسيطة التي أوضحنا بها أن الثالوث يمكن استنتاجه منطقيا كإله عاقل حي ، ومن كتابنا المقدس ، أما تصوره الكامل وتصويره الكامل فهو كمن يريد وضع السماء في رأسه وهذا جنون ، لإن الإله الذي يمكن استيعابه كاملا في العقل البشري هو مجرد صنم صنعه العقل بقوالبه ، أما المسيحية تدعونا إلى الاستمتاع بعلاقتنا مع الإله المثلث الأقانيم لا أن نحشر هذا الإله كاملا في عقولنا ، هذه الثنائية بين قابلية الاستنتاج العقلاني والاستمتاع من جهة وبين صعوبة التخيل والتصور من جهة اخرى هي ما تدعو له المسيحية وهي عقلانية إلى أعلى الدرجات ، لأنها تفتح أمامنا الأبدية بكاملها في محاولة معرفته أكثر وأكثر ، في رحلة لا نهائية ، اما إلهه يدعوه لنكاح الحور والغلمان وشرب الخمر ، ويبقى إلهه مجرد مفترج على حفلات الجنس الجماعي التي أعدها ، فهنيئا له بماخوره وجحيمه الذي صنعه له الرحمن.

وأخيرا حتى نستوفي هذه النقطة تماما نتطرق إلى النقطة الأخيرة في كلام المسلم ، وهي في معرض رده على فكرة أن صعوبة تصور الثالوث دليلا على مصدره الإلهي ، فيقول :

” إذًا على هذا المنهج وجب عليكم تصديق الفلاسفة والهراطقة وأصحاب الديانات الوثنية كالهندوسية والبوذية واعتقاد عقائدهم لأنها غير مفهومة أيضًا : ” أليس بتعقيدها دليل على صدقها ” ؟!”



أولا كما أكدنا مرارا وتكرارا أن صعوبة تصور الثالوث لا ينفي سهولة منطقيته وعقلانيته ، والصعوبة فقط في تصوره ، الصعوبة في الأساس ليست ناتجة من التعقيد بل على النقيض من البساطة المتناهية ، فالثالوث هو إعلان إله واحد في ثلاثة أقانيم ، كمن يعلن في بساطة وجود اللون الأصفر ، والإدراك يتوقف تماما على إمكانية الرؤية ، فلو كان الشخص أعمي لن تفلح كل محاولات أعظم العظماء وأشهر العلماء في جعله يستوعب أو يفهم اللون الأصفر ، ما لم تُفتح عيونه أولا ، ولهذا نحن لا نأخذ التعقيد دليلا على الصحة لأن عقيدة الثالوث ليست معقدة ، بل نستنتج من قوة الإعلان ومستواه العقلي أن فكرة الثالوث مصدرها ليس من الأرض .

ثانيا العقائد الأخرى كالهندوسية والبوذية وحتى الإسلام يدل تعقيدها في الحقيقة على بشريتها لا على إلوهيتها ، لأن العقل البشري يميل إلى اختراع ما يمكن قولبته عقليا ، ثم تعقيد العلاقات بين القوالب المخترعة ، فتعدد الآلهة والشعائر الدينية ومستويات الآلهة والصراعات بينها في هذه الديانات البدائية يشير إلى محاولات بشرية تريد أن ترسم عالم السماء بقوانين الأرض بما فيها من مقاييس وأوزان ومستويات اجتماعية وألقاب، وما فعله الإسلام لاحقا عندما قام بتوحيد آلهة العرب في إله واحد هجين مركب من آلهة مختلفة وصفات ، فجمع رحمن اليمن (49) مع ملك و مالك مع هادي و ستّار (50) مع كريم (51) وصمودا (الصمد) (52) مع سين (إله القمر) السومرى (53) مع بتاح (فتاح) المصري (54) ، هو ما أعلن وبوضوح بشرية القرآن وبصمات محمد ، وقد نقل محمد في قرآنه اعتراض العرب الأذكياء عليه ، وعلى تركيباته في قولهم {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }(55) ، وهذا التركيب البشري ما قاومته الكنيسة المسيحية باستماتة ، لقد أرادت أن تحتفظ بقوانين السماء على الأرض ، فوضعت قانونا للإيمان يستبعد وبشدة أي قانون بشري من عالم السماء … وهذا ما سيتم توضيحه لاحقا في مقال مستقل للرد على الفكرة المتهافتة بوجود جذور وثنية للثالوث المسيحي.



الخطأ الرابع : تحديد الطبيعة الإلهية مكانيا وزمانيا

وهذا نعذره فيه ، فمحمده هو من حدد مكان إلهه فوق العرش في قرآنه بقوله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (56) ، ومحمده هو من حدد الإله زمانيا ومكانيا بقوله « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » (57)

لهذا يقول المسلم وبمنتهى الغباء

” وإن زعم النصارى أن الأقانيم ليست منفصلة فهو مردود عليهم لأن كل أقنوم تميز واستقل بذاته بأعمال وصفات مختلفة في أماكن مختلفة وفي أزمنة مختلفة أيضًا فالجمع بينهم متعذر .”



ويتجاهل أننا لم نقل في عقيدتنا بتحدد الإله في أقانيمه بزمان ومكان ، بل نقول أن الإله الحقيقي يمكنه الحضور في كل زمان ومكان ويبقى حاضرا خارج الزمان والمكان مؤثرا فيهما وغير متأثرا بهما … هذه صفة إلهية نعرفها ونؤمن بها ولا يمكننا تخيلها لأن عقلنا يخضع لقوالب الزمان والمكان (33)

ومن أحد الاعتراضات المسلية التي قالها أحد المسلمين في معرض هجومه على عقلانية الثالوث هو أنه استعمل مثال القديس اغسطينوس عن صعوبة تصور وتخيل الثالوث ليقارنها بالتجسد في طريقة توحي بمنطقيتها ولنرى ماذا قال:

“ يحكي بولاد عن أغسطينوس قصة غريبة .. برغم سذاجتِها إلا أنها والله .. تحمِل بين ثناياها حقاً و عقلاً .. لمن هباه الله العقل … فيقول بولاد :

“ولعلّ بعضنا يذكر قصة القديس أوغسطينس، الفيلسوف الكبير الذي عاش في القرن الخامس الميلادي، وهو من أعظم شخصيّات تاريخ الكنيسة. كان يتمشّى في أحد الأيّام على شاطئ البحر ذهابًا وإيابًا، يتأمّل في الثالوث الأقدس، ويحاول أنْ يحلّ مشاكله، ليرى كيف يمكن أن يكون ثلاثة في واحد، وواحدًا في ثلاثة. وبينما هو كذلك، رأى طفلاً وقد حفر حفرة صغيرة على الشاطئ وراح يملأ هذه الحفرة من ماء البحر بواسطة صدفة صغيرة.

إبتسم له أوغسطينس وقال له: ماذا تفعل؟

أجاب : أريد أنْ أضع البحر في هذه الحفرة.

قال له أوغسطينس: هذا مستحيل، يا حبيبي، لأنّ الحفرة صغيرة جدًا.

فردّ عليه الطفل: كذلك أنت عندما تحاول أنْ تضع الثالوث الأقدس، وهو أعمق الأسرار فى عقلك المحدود. واختفى الطفل من أمام أوغسطينس.”

من يقرأ و يستمِع لهذه القِصة الساذِجة , سيُدْرِك في الحال سذاجتها و ضمور فِكْر قائِلِها , لأن في هذه القصة منطق فِطْري يُحارب به واضعيها أنفُسهُم …

فالحفرة الصغيرة لا ولن تستوعِب هذا الماء , وكما قال أغسطينوس يستحيل ….” مستحيل، يا حبيبي، لأنّ الحفرة صغيرة جدًا ” , وكأنه يرد على نفسِه …

ودعونا نُجرِّب بعض المنطق على نفْس مقياس هذه القِصة :

- منطقياً فإنه يستحيل أيضاً أن يستوعِب الرحِم الأنثوي الذي اختلط بدماء فاسِدة و خلايا ميِّتة , وأغذية أرضية , يستحيل أن يحمِل إله الأكوان داخِلَه …

- منطقياً فإنه كما استحال أن يدخُل ماء البحر في الحُفرة , فيستحيل أن يكون الخارِج من مخرج البول إله الاكوان … و منطقياً يستحيل أن يخرُج من عزّ وجلّ من مكان يخرُج منه أردأ الفضلات , فلن يكون أبدا الخارِج من هذا المكان عزّ أو جلّ .. يستحيل أن يخرج من هذا المخرج إله الاكوان ..

- منطقياً يستحيل للجسد البشري (جسد الإنسان يسوع ) الضعيف الدودة المولود من المرأة , يستحيل أن يحمِل هذا الجسد خالِق الوجود و إله الاكوان و مليكه فيه … و كما قال الطفل ..لا يُمكِن أن تحمِل الحُفرة الصغيرة ماء البحر …!!!

منطقي أم لا يا سادة؟!!

منطقي أم لا يا صديقي المسيحي ؟!!!

منطقي أم لا يا هنري بولاد؟!!“



فهل ما يقوله المسلم فعلا منطقي ؟ وهل قياسه صحيح ؟

على النقيض تماما ، فهو قياس فاشل وخادع بشكل كبير وإليكم الأسباب :

أولا: أن المسلم كما العادة افترض علاقة تساوي بدلا من علاقة التشبيه ، فالقديس اغسطينوس لم يساو عالم الروح (العقل/اللاهوت) بعالم المادة (الحفرة/ البحر) ، بل شبهصعوبة محاولة تخيل الثالوث أو تصوره عقليا بحسب قوالب العقل وحدوده ، بصعوبة تخيل وضع ماء البحر في حفرة صغيرة ، ولكن هذا لا يعني أن الثالوث هو مقدار كمي يقاس بالحجم مثل المحيط ، ولا يعني أيضا أن العقل إناء صغير له محتوى مادي محدود كما الحفرة ، بل هناك مفارقة واضحة ، فالعقل والطبيعة الإلهية غير ماديين ولا يخضعون لمقاييس الحجم ، بل مقاييس الكيف ، والفارق الضخم بين العقل البشري والطبيعة الإلهية ليس فارق الحجم أو السعة Volume بل فارق الكيف Quality، فالطبيعة الإلهية تتفوق كيفيا بما لا يقاس عن العقل البشري الذي لا يمكنه استيعابها ، فهو فارق يشبه (ولا يساوي) بين محاولة الصورة الفوتوغرافية فهم الإنسان المصوَّر داخلها ، وكيف يفكر ، وهذا مستحيل ، لأن الصورة لا تملك عقلا ومستوى وجودها يختلف عن الوجود الإنساني كيفيا. فالتشبيه الاغسطيني إذن يستعمل توازي بين مشبة من ثنائية روحية كيفية (عقل/طبيعة إلهية) يقابله مشبه به من ثنايئة ماديةكمية (الحفرة /المحيط)

ولم يحاول المثال الاغسطيني أن يخلط الماديات بالروحيات في التشبيه ، فلم يقل باستحالة ملء العقل بماء البحر ، أو باستحالة ملء الحفرة باللاهوت ، لأنهما عالمان مختلفان ، وهذا ماحاوله المسلم.

ثانيا : المسلم عندما حاول أن يقارن بين مثال الحفرة والمحيط ومنطقيتها ، حاول أن يمدها إلى فكرة التجسد ، وكيف للجسد البشري المحدود أن يحمل خالق الأكوان ، وهنا افترق المثل والتشبيه عما يدعيه ، لأن الناسوت البشري طبيعته مادية بشرية ، بينما اللاهوت طبيعته لاهوتية ، والعلاقة بينهما علاقة اتحاد بين طبيعتين مختلفتين ومن عالمين مختلفيتين ،عالم الروح وعالم المادة البشري ، فالتشبيه الاغسطيني لا يصلح ، ولا ينطبق ، لأننا نتكلم عن حلول واتحاد كيفي للاهوت في الناسوت ، ولا نتكلم عن أحجام Volumes ، فاللاهوت لا وزن او حجم له أو مساحة أو محيط أو كتلة ، حتى نستنكر حلوله واتحاده الكيفي qualitative في الناسوت البشري ، لأن التجسد هو تلاقي بين عالمين ، السماء حيث عالم الكيف والروحانيات ، والأرض حيث عالم الكم والماديات ، والتلاقي بينهما لا يكون بقياس الحجوم والمساحات ، بل بالكيفيات.

ثالثا: أن المسلم سقط في خطأ آخر هام جدا ، وهو أن الاستحالة في المثل الاغسيطيني هو استحالة تنبع من حدود قدرة البشر ، فلو العقل البشري أراد (فعل إرادة بشرية) لن يقدر لأنه محدود في أن يصف أو يتخيل ما هو أعلى منه في المستوى والوجود بما لا يقاس ، بينما التجسد في العقيدة المسيحية هو فعل إرادة إلهى ، و الإله لا يستحيل شئ عليه ، فالتجسد لم نقل يومنا أنه رغبتنا أو مشيئتنا في وضع اللاهوت في جسد إنساني ، فنحن بكل تأكيد لا ولن نستطيع ، ولكننا نؤمن بأن التجسد هو مشيئة إلهية في أن يعلن لنا نفسه في طبيعتنا، وهو يقدر عندما نعجز نحن كما قال المسيح نفسه (غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله) (58)

رابعا وأخيرا : أن المسلم لابد أن يسمح لنفسه بسؤال من نفس النوع مثل :

هل من المنطقي طبقا لما يقوله أن يمكن للعرش المخلوق أن يحمِل الرحمن خالِقه (لأن الرحمن الخالق طبقا للقرآن يستوي على العرش المخلوق)؟

وهل من المنطقي أن يتكلم الإله الإسلامي من شجرة مخلوقة ليحدث منها موسى ؟

وهل من المنطقي أن يتجلى الإله الإسلامي لجبل مخلوق ؟ (59)

لهذا كما نرى ، فعقيدة المسلم التي أفقدته الرغبة في معرفة الإله والتفكر فيه (39) جعلته يسقط لاعقلانية الإسلام على عقيدتنا ، على الرغم من محاولاته المستميتة في الهروب من مناقشة استواء الرحمن أو تجلي ربه للجبل ، أو تكلم ربه من الشجر (59) أو التطرق لمناقشة كون القرآن مخلوق أو لا .

لهذا عندما يقول أحد المسلمين

” وهكذا نرى مدى التضارب الصارخ بين عقيدة الثالوث والعقل وأن الأمر كله محمول على الإيمان اللاعقلي”

نقول له كذبت ، لأن ايماننا المبصر هو الامتداد الطبيعي للعقل ، وليس نقيضه في الفكر المسيحي ، ولهذا ظهر عندنا علم اللاهوت ، والمحاولات التي تتقدم دائما في فهم الوحي ومعرفة الرب بنعمة الروح القدس ، أما الإيمان الأعمى هو ما جعل المسلمين عبر تاريخهم يكفّرون من اشتغل بالمنطق أو الفلسفة ويحكمون بذندقتهم ، ولم يحتملوا علوم الكلام وأقوال المعتزلة ، واكتفوا بالتخبط بين دهاليز شريعتهم ظانين أنها سوف تخلصهم .

ويمكننا أن نختم بالقول أن كل الطوائف المسيحية الثلاث (الارثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية) تعترف بالثالوث وتتعبد للإله الواحد المثلث الأقانيم ، وهذا هو إجماع الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية على أعمق وأبسط حقيقة ، الإله الواحد المثلث الأقانيم ، فلم تكن عقيدة الثالوث مصدرا للاختلاف أو الإنشقاق بين المسيحيين في العالم ، بينما على النقيض ، هرب المسلمون مناقشة خلق القرآن أو عدم خلقه خوفا من الفتنة ، والتي لازالت تسري بين الفرق المسلمة في تخبط واضح ، وهربوا من تفسير الاستواء أو معاني مثل وجه الله ، أو علم الله الموجود في كل مكان بينما ذاته مستوية على العرش.

فبعضهم يؤيد خلق القرآن كالشيعة الامامية ، وآخرون يكفرون من يقول به كالسنة السلفية

وبعضهم ينكر الصفات والاسماء ويعطلها ليحتفظ بتوحيد مجرد ،وآخرون يكفرون من ينكر الصفات والأسماء ، لأنه إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة

وبعضهم يؤكد وجود الله في كل مكان ، وآخرون يكفرون من يقول بذلك

وكلهم يقف عاجزا عن توضيح استواء الرحمن على العرش لأن الكيفية مجهولة والسؤال عنها بدعة

ترى من هو الأكثر عقلانية ، من لا يكف عن التساؤل والبحث ومحاولة الفهم ، ولا يهرب من إعلانات الرب والإله الحقيقي ؟

أم من يغلق باب السؤال من أساسه لأنه بدعة وكفر وضلال؟

أخيرا ندعو المسلمين إلى التفكر بحيادية القلب والفكر ، وأن يخرجوا خارج شرنقة الإسلام ليروا صورة أعمق وعقلانية أوسع وأجمل … فدعوتنا هي دعوة حب تسلمناها من الآب في ابنه يسوع المسيح ونحيا فيها بروحه القدوس ، هي دعوة خلاص أبدي ، وعشرة أبدية مع الأب والابن والروح القدس إله واحد …

لن ينفعك محمدكم ، ولن ينفعكم اللف حول الكعبة ، ولن يفيدكم كثرة الأصوام ، ، ولن يفيدكم إنكار البنوة والابوة والروح في الطبيعة الإلهية ، انتم في حاجة إلى نعمة المسيح المجانية التي منحها لنا بصليبه وقيامته . أنتم في حاجة إلى الايمان بالابن لكي تعرفوا الإله الحقيقي

(الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية و الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله) (60)

لو اعتقدتم أن ايمانكم بالمسيح نبيا كافيا ، هذا لن يخلصكم ، بل الايمان به إبنا للآب هو ما يخلصكم لكي تقبلوا عطية الروح القدس، أي ان خلاصكم لن يتم إلا بالايمان بالثالوث والمعمودية على اسم الثالوث (فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس) (61)



نصلي من أجلكم لكي يستعلن لكم الخلاص الحقيقي المعطى لنا من الآب في المسيح ابنه الوحيد بواسطة شركة الروح القدس المتكلم في الأنبياء والقديسين … آمين




______________________

الهوامش والمراجع:

(1) النساء171. وقد حاول المسلمون في ترجمتهم التحايل فبدلا من ترجمة (و لا تقولوا ثلاثة)

Don’t say three ترجموها Do Not Say Trinity أي ولا تقولوا ثالوث

وهم بهذا استعملوا مصطلح مسيحي هو “ثالوث” Trinity لم يستعمله القرآن ولم يعنيه ، فالقرآن لم يصرح بـ “ثالوث” ، بل بـ “ثـلاثة ” three… والهدف من هذه الترجمة إيهام القارئ الغربي بأن القرآن يهاجم عقيدة الثالوث ،بينما الحقيقة أنه يهاجم فكرة تعدد آلهة مكون من الله ومريم وعيسى

(2) التحريم12

(3) يفسر الجلالين هذا النص : واذكر مريم (والتي أحصنت فرجها) حفظته من أن ينال (فنفخنا فيها من روحنا) أي جبريل حيث نفخ في جييب درعها فحملت بعيسى (وجعلناها وابنها آية للعالمين) الإنس والجن والملائكة حيث ولدته من غير فحل

والتفسير هنا يحاول الهروب من صريح النص إلى تفسير وهمي ، فالنص القرآني لم يصرح بأي جبريل ، ولم يذكر جيب درعها ، فالهروب الإسلامي مزدوج ، هروب من أن النفخة هي نفخية رحمانية لا علاقة لها بجبريل ، وهروب من أن الفنخة جاءت في الفرج (العضو الجنسي لمريم) ولاعلاقة لها بجيب أو بدرع

(4) تعديلات محمد المستمرة في قرآنه وتعديلات صحابته هي التي أنتجت فكرة الناسخ والمنسوخ والتي عاد فبررها بأن رب القرآن هو الذي ينسخ وليس محمد (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة {106}

(5) {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة116

(6) فلو طبقنا قاعدة المسلمين التشريعية بأنه “لا تحريم إلا بنص” ، نجد أن عقيدة الثالوث الحقيقية التي لا تنفي وحدانية الإله لا يمكن تحريمها أو الحكم بكفرها إسلاميا

(7) راجع موضوعي السابق (سؤال جرئ (2): من هو روح الله في الإسلام ؟)

(8) راجع موضوعي السابق (سؤال جرئ : من هو روح القدس في الإسلام؟)

(9) لأن محمد نقل الكثير والكثير من أفكار اليهود والمسيحيين المعاصرين إلى قرآنه دونما تمحيص كاف فتسربت مصطلحات عجز المسلمون عن أيجاد تفسير لها ، أو أن البديل أن محمد احتفظ بمسيحيته ثم تم طمسها من بعدها بالتلاعب في السنة والقرآن

(10) آل عمران45

(11) مسلم كتاب الايمان ح503 – … اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللَّهِ وَرُوحِهِ. فَيَقُولُ عِيسَى …

(12) المنتظم ج 3 ص307

(13) تاريخ الرسل والملوك للطبري (ج5 ص173-174)

(14) فالطبري فسر نص القرآن (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ) (الأنعام 73) بقوله :”معنى ذلك: خلق السماوات والأرضبكلامه وقوله لهما: اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ، [سورة فصلت: 11] . قالوا: فالحق، في هذا الموضع معنيّ به: كلامه. واستشهدوا لقيلهم ذلك بقوله:”ويوم يقول كن فيكون قوله الحق”،”الحق” هو قوله وكلامه. (1) قالوا: والله خلق الأشياء بكلامه وقيله، فما خلق به الأشياء فغير الأشياء المخلوقة. (2) قالوا: فإذْ كان ذلك كذلك، وجب أن يكون كلام الله الذي خلق به الخلق غيرَ مخلوق.”

(15) معارج القبول ج1 ص 272

(16) http://************/portal/index.php...article&id=176

الله عز وجل ذكر في كتابه المجيد {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الأنعام/102).

وقال عز من قائل { قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}(الرعد/16). وقال تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(الزمر/62).

وقال تعالى {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ}(غافر/62). وقال تعالى { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}(الأنبياء/2).

والفرض أن القرآن كلام الله المعجز الذي أنزل بواسطة جبريل عليه السلام على قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فهو شيء من الأشياء غير الله فلابد أن يكون مخلوقا كما بينت الآيات الشريفة وكذا نص الله على أن القرآن محدث ، والقضية واضحة من الناحية العقلية أيضا فلا موجود إلا وهو خالق أو مخلوق ، فلو لم يكن القرآن مخلوقا لكان خالقا وهو باطل .

(17) يقول الرازي ( التفسير الكبير للرازي- سورة النساء 171) ( ولا تقولوا إن الله سبحانه واحد بالجواهر ثلاثة بالأقانيم. واعلم أن مذهب النصارى مجهول جدًا ، والذي يتحصل منه أنهم أثبتوا ذاتًا موصوفة بصفات ثلاثة ، إلا أنهم وإن سموها صفات فهي في الحقيقة ذوات ، بدليل أنهم يجوزون عليها الحلول في عيسى وفي مريم بأنفسها وإلا لما جوزوا عليها أن تحل في الغير وأن تفارق ذلك الغير مرة أخرى ، فهم وإن كانوا يسمونها بالصفات إلا أنهم في الحقيقة يثبتون ذوات متعددة قائمة بأنفسها ، وذلك محض الكفر ، فلهذا المعنى قال تعالى {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا} فأما إن حملنا الثلاثة على أنهم يثبتون صفات ثلاثة ، فهذا لا يمكن إنكاره ، وكيف لا نقول ذلك وإنا نقول : هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام العالم الحي القادر المريد ، ونفهم من كل واحد من هذه الألفاظ غير ما نفهمه من اللفظ الآخر ، ولا معنى لتعدد الصفات إلا ذلك ، فلو كان القول بتعدد الصفات كفراً لزم رد جميع القرآن ولزم رد العقل من حيث إنا نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالى عالماً غير المفهوم من كونه تعالى قادراً أو حياً .)

(18) ثم يكمل الرازي قائلا ( التفسير الكبير للرازي- سورة النساء 171) : المسألة الثانية : قوله { ثلاثة } خبر مبتدأ محذوف ، ثم اختلفوا في تعيين ذلك المبتدأ على وجوه الأول : ما ذكرناه ، أي ولا تقولوا الأقانيم ثلاثة . الثاني : قال الزجاج : ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة ، وذلك لأن القرآن يدل على أن النصارى يقولون : إن لله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة ، والدليل عليه قوله تعالى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } [ المائدة : 116 ] الثالث : قال الفراء ولا تقولوا هم ثلاثة كقوله { سَيَقُولُونَ ثلاثة } [ الكهف : 22 ] وذلك لأن ذكر عيسى ومريم مع الله تعالى بهذه العبرة يوهم كونهما إلهين ، وبالجملة فلا نرى مذهباً في الدنيا أشد ركاكة وبعداً عن العقل من/ مذهب النصارى .

(19) قال القرطبي في تفسيره للنساء 171 : ( والنصارى مع فِرقهم مجمعون على التثليث ويقولون: إن الله جوهر واحد وله ثلاثة أقانيم فيجعلون كل أُقنُوم إلهاً ويعنون بالأقانيم الوجود والحياة والعلم, وربما يعبّرون عن الأقانيم بالأب والإبن ورُوح القُدُس فيعنون بالأب الوجود, وبالروح الحياة , وبالإبن المسيح, في كلام لهم فيه تخبط بيانه في أصول الدين ) .

(20) قال ابن تيمية في تفسيره للنساء 171 : ( فقد نهى النصارى عن الغلو في دينهم , وأن يقولوا على الله غير الحق …. وأمرهم أن يؤمنوا بالله ورسله . فبين أنه رسوله ( أي المسيح عليه السلام ) , ونهاهم أن يقولوا ثلاثة , وقال : انتهوا خيرًا لكم إنما الله إله واحد ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 2 / 251 ) .

(21) قال ابن تيمية : ( وقولهم – أي النصارى – : فالإله واحد , خالق واحد , رب واحد , هو حق في نفسه , لكن قد نقضوه بقولهم في عقيدة إيمانهم : ” نؤمن برب واحد , يسوع المسيح ابن الله الوحيد , إله حق من إله حق , من جوهر أبيه , مساو الأب في الجوهر ” . فأثبتوا هنا إلهين , ثم أثبتوا روح القدس إلهًا ثالثًا , وقالوا إنه مسجود له , فصاروا يثبتون ثلاثة آلهة , ويقولون : إنما نثبت إلهًا واحدًا , وهو تناقض ظاهر , وجمع بين النقيضين : بين الإثبات والنفي . ولهذا قال طائفة من العقلاء : إن عامة مقالات الناس يمكن تصورها إلا مقالة النصارى , وذلك أن الذين وضعوها لم يتصوروا ما قالوا , بل تكلموا بجهل , وجمعوا كلامهم بين النقيضين , ولهذا قال بعضهم : لو اجتمع عشرة نصارى لتفرقوا عن أحد عشر قولاً . وقال آخر : لو سألت بعض النصارى وامرأته وابنه عن توحيدهم لقال الرجل قولاً , وامرأته قولاً أخر , وابنه قولاً ثالثًا ) ( الجواب الصحيح 2 / 27 ) .

(22) الزخرف84

(23) في مقالته عن إنبثاق الروح القدس ص 8

(24) كتاب ألفاظ ومفاهيم للشيح ابن العثيمين ص81

(25) الحديد4

(26) محمد35

(27) المجادلة7

(28) كما يقول القديس أثناسيوس (يجب علينا ألا نتصور وجود ثلاثة جواهر منفصلة عن بعضها البعض فى الله -كما ينتج عن الطبيعة البشرية بالنسبة للبشر- لئلا نصير كالوثنيين الذين يملكون عديداً من الآلهة) نقلا عن كتيب شرح عقيدة الثالوث للأنبا بيشوي ص3

وكما جاء في قانون الإيمان الأثناسي :

“We worship one God in Trinity, and Trinity in Unity; Neither confounding the Persons; nor dividing the Essence.” (Philip Schaff, “Creeds of Christendom, with a History and Critical notes. Volume II. The History of Creeds”, Harper & Brothers. 1877. pp. 66–71)

الترجمة: نحن نعبد إله واحد في ثالوث ، وثالوث في وحدة ، بدون خلط للشخوص الإلهية ، ولا تقسيم للجوهر (الإلهي).

(29) بالايمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر (عبرانيين 11: 3)

(30) (فانه فيه خلق الكل ما في السماوات و ما على الارض ما يرى و ما لا يرى سواء كان عروشا ام سيادات ام رياسات ام سلاطين الكل به و له قد خلق. الذي هو قبل كل شيء و فيه يقوم الكل.” (كولوسي 1: 16-17)

(31) الأب / هنري بولاد اليسوعي في كتابه ” منطق الثالوث ” ص 43

(32) ( كلمة ” أقنوم ” كلمة سيريانية ” وهى الوحيدة في كل لغات العالم التي تستطيع أن تعطي هذا المعنى : تميز مع عدم الانفصال أو الإستقلال بما أن الله لا شبيه له , وبما أن لغات البشر إنما تصف الكائنات المحدودة فلا توجد كلمة تعطينا وصفًا دقيقًا للذات الإلهية بحسب الإعلان الإلهي ) ( ما معنى المسيح ابن الله ؟ ص 2 ) .

(33) (راجع المقالة الأولى عن الثالوث والعقل)

(34) هذا يؤيده ما جاء نقلا عن المسلم في كتاب (إله واحد رب واحد روح واحد .. تفسير معاصر للإيمان الرسولي ص53) كتبه / هانز جورج لينك وترجمه بهيج يوسف يعقوب :

( و هذه الوحدة تسمو فوق كل وحدة أخرى ذات شكل حسابي أو منطقي خالص – إنها وحدة الـ( koinonia) ( الشركة ) فإن كلاً من وحدة واختلاف الأقانيم الإلهية لها نفس القيمة في كل من مظهر و كيان الـ( koinonia) , فكل أقنوم من الأقانيم الإلهية يحيا حياة الأقنومين الآخرين ، وهو لا يحيا مع الأقنومين الآخرين فقط ، بل أيضًا من أجلهما ، و الكنائس المحلية المتحدة أيضًا على نفس هذه الصورة ستعيش حياة الكنائس الأخرى ، و تعيش كل الكنائس حياة بعضها ، بينما تحتفظ كل كنيسة بمواهبها الخاصة )

(35) الأعراف180

(36) the Father is not the Son, He who is the Son is not the Father; and the Holy Spirit, the Spirit of the Father and of the Son, is neither the Father nor the Son. (Tractates on the Gospel of John (St. Augustine), Tractate 39.2)

(37) (الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا) يوحنا 4: 24

(38) نقلا عن المسلم أن د. هاني رزق الله قال في كتابه ( ما معنى أن يسوع المسيح هو ابن الله ؟ ) ص 6 : (إن فكرة الإله الواحد المثلث الأقانيم تتمشى مع كل شيء حولنا , وإن كل شيء حولنا مركب , حتى الذرة في ذاتها عالم مستقل والإنسان نفسه كائن مركب له جسد يأكل وينام وله نفس مكونة من فكر وإرادة وعاطفة وله روحح تتصل بخالقها . إن الواقع الذي حولنا يقودنا إلى وجود إله خالق صاحب وحدانية جامعة وليست بسيطة , كما أن كل خلائقه مركبة وليست بسيطة ) .

(39) قال محمد “تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله” . رواه الطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن ابن عمر وحسنه الألباني في الجامع، وفي رواية عند أبي نعيم في الحلية: “تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله“. حسنه الألباني أيضاً.

وبمثله قال قال ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس: ومن ذلك أن الشيطان يأتي إلى العامي فيحمله على التفكر في ذات الله وصفاته فيتشكك، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسألون حتى تقولوا هذا الله خلقنا فمن خلق الله؟ قال أبو هريرة: فوالله إني لجالس يوماً إذ قال رجل من أهل العراق هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ قال أبو هريرة: فجعلت أصبعي في أذني ثم صحت: صدق رسول الله، الله الواحد الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم له كفوا أحد. انتهى.

(40) كما يقول سليمان الملك والنبي في صلاته (هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك فكم بالاقل هذا البيت الذي بنيت.) ملوك الأول 8: 27

(41) “لكي يطلبوا الله لعلهم يتلمسونه فيجدوه مع انه عن كل واحد منا ليس بعيدا. لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد” (أعمال 17 : 26- 27)

(42) Shekhinah (- alternative transliterations Shekinah, Shechinah, Shekina, Shechina, Schechinah, שכינה) is the English spelling of a feminine Hebrew language word that means the dwelling or settling, and is used to denote the dwelling or settling presence of God, especially in the Temple in Jerusalem.

http://en.wikipedia.org/wiki/Shekinah#Where_manifest

(42) يوحنا 2: 19-21

(43) كما يعلن الوحي “اما تعلمون انكم هيكل الله و روح الله يسكن فيكم” كورونثوس الأولى 3: 16 ويعلن أيضا “ .. اكمل نقائص شدائد المسيح في جسمي لاجل جسده الذي هو الكنيسة” كولوسي 1: 24

(44) “(يوحنا 6: 35 ،51)

(45) يفشل المسلم في فهم الفرق بين الاتحاد والتحول ، أن نتحد بالمسيح الإله ولا نتحول إلى لاهوت ، نحن في سر الافخارستيا هيكل الله المبني بحجارة حية ولكننا لسنا أقانيم أو لاهوت كما يقول الوحي اليهودي والمسيحي “ فانكم انتم هيكل الله الحي كما قال الله اني ساسكن فيهم و اسير بينهم و اكون لهم الها و هم يكونون لي شعبا” (كورونثوس الثانية 6: 16)

(46) في سفر الأعمال الإصحاح الثاني : ( ولما حضر يوم الخمسين , كان الجميع بنفس واحدة , وصار بغتة من السماء صوت , كما من هبوب ريح عاصفة , وملأ كلا البيت حيث كانوا جالسين , وظهر لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار , واستقرت في كل واحد منهم , وامتلأ الجميع من الروح القدس , وابتدءوا يتكلمون بألسنة أخرى , كما أعطاهم الروح أن ينطقوا )

(47) نقلا عن المسلم: يقول القس توفيق جيد في كتابه ” سر الأزل ” ص 11 : ( إن الثالوث سر يصعب فهمه وإدراكه , وإن من يحاول إدراك سر الثالوث تمام الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه ) .

ويقول الأستاذ يس منصور في كتابه ” التثليث والتوحيد ” ص 22 : ( إن من الصعب أن نحاول فهم هذا الأمر بعقولنا القاصرة ) .

ويقول الأستاذ عوض سمعان في كتابه ” الله ذاته ونوع وحدانيته ” ص 4 : ( إننا لا ننكر أن التثليث يفوق العقل والإدراك ولكنه يتوافق مع كمال الله كل التوافق ) , ويستطرد فيقول : ( لقد حاول كثيرون من رجال الفلسفة توضيح إعلانات الكتاب المقدس عن ذات الله , أو بالحري عن ثالوث وحدانيته فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً , لأنهم انحرفوا عن أقواله واعتمدوا على عقولهم وحدها ) .

يقول الدكتور / هاني رزق الله : ( إن حقيقة الله المثلث الأقانيم حقيقة لا يستطيع العقل البشري بمحدودويته أن يستوعبها أو أن يفهمها تمامًا ولكنها في نفس الوقت ليست ضد الإستيعاب أو الفهم ) ( ما معنى أن يسوع المسيح ابن الله ؟ ص 5-6)

(48) سورة الرحمن 26-27

(49) المفصل في تاريخ العرب لجواد علي (ج1 ص50)

(50) المرجع السابق (ج 1 ص331)

(51) المرجع السابق (ج1 ص161)

(52) المرجع السابق (ج1 ص 282) :وهناك أسماء أصنام أخرى لم ترد في كتاب الأصنام، إنما وردت في كتب أخرى. وقد ذكرها “ابن الكلبي” نفسه في بعض مؤلفاته. ومن هذه الأصنام: الأسحم، والأشهل، وأوال، والبجة، وبلج، والجبهة، وجريش، وجهار، والدار، وذو الرجل، والشارق، وصدا، وصمودا، والضمار .

(53) موسوعة ويكي :http://en.wikipedia.org/wiki/Sin_%28mythology%29

(54) بتاح أو فتاح الإله المصري :S. Rappoport, “History of Egypt” P22

(55) سورة ص5

(56) سورة طه 5

(57) صحيح البخاري كتاب التهجد ح1145

(58) لوقا 18: 27

(59) {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }طه5 ، وتكلم الرحمن من الشجرة {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }القصص30 ، وتجلي الرحمن للجبل {… فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً … }الأعراف143

(60) (يوحنا 3: 36)

(61) متى 28 : 19

[/CENTER]
للمزيد من مواضيعي

 






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 10.08.2013, 00:50
صور إبراهيم قندلفت (يحيى أبو صبيح الإلياسي) الرمزية

عضو شرف المنتدى

______________

إبراهيم قندلفت (يحيى أبو صبيح الإلياسي) غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 15.03.2012
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 358  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.07.2014 (18:53)
تم شكره 216 مرة في 117 مشاركة
افتراضي


في الحقيقة لم يتسن لي أن أقرأ المقال كاملاً

ولكن لدي بعض التعليقات:
المسيحيون هم أصلاً لا يعرفون معنى الثالوث هم يلهجون دائماً بجملة باسم الآب والابن والروح القدس دون أن يعوا ما يقولون
إن كان معتقد الثالوث يقتضي أن يسوع هو الله فإن هذا المعتقد ينافي كتابهم المقدس

بالمناسبة أهم عقائد المسيحيين هي مناقضة لما يكدسونه في كتابهم







توقيع إبراهيم قندلفت (يحيى أبو صبيح الإلياسي)
18 فلا يَخدَعْ أحدٌ مِنكُم نَفسَهُ. مَنْ كانَ مِنكُم يَعتَقِدُ أنَّهُ رَجُلٌ حكيمٌ بِمقاييسِ هذِهِ الدُّنيا، فلْيكُنْ أحمَقَ لِيَصيرَ في الحقيقَةِ حكيمًا،
من رسالة *بولس* الأولى إلى أهل قورنتوس الفصل 3 ــ (الترجمة المشتركة (GNA))


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 10.08.2013, 01:10
صور العائد لربى الرمزية

العائد لربى

عضو

______________

العائد لربى غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 09.12.2012
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 161  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.05.2020 (14:19)
تم شكره 58 مرة في 42 مشاركة
افتراضي













توقيع العائد لربى


رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
نرجو, مسلمين, المزاعم, الثالوث, التي, تقول, يفهموا, علماؤهم, عقيدة


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
بالفيديو :حاخام يهودى يعترف بأن المصادر اليهودية تقول بأن الاسلام هو دين أدم و نوح !! د. نيو الإعجاز فى القرآن و السنة 13 20.05.2014 19:11
هذه الروابط لمن أراد نشر الخير والدعوة إلى الله أرجو ألتثبيت ابوعلى قسم الدعوة والدورات والمشاريع الدعوية 5 15.07.2013 05:01
ما وجه انتفاع المسلم العاصي والكافر بأن يختم لهم بقول لا إله إلا الله قبل موتهم ؟ نور عمر القسم الإسلامي العام 6 19.10.2012 22:23
عاجل: أرجو رد هذه الشبهة بسرعة سيف الحتف كشف أكاذيب المنصرين و المواقع التنصيرية 6 19.09.2011 21:36
هذه هي عقيدة الأمام المجدد محمد بن عبدالوهاب ردا على المشككين الاشبيلي العقيدة و الفقه 1 22.07.2010 09:53



لوّن صفحتك :