القسم الإسلامي العام يجب تحري الدقة والبعد عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة

آخر 20 مشاركات
الهولي بايبل و معاملة النساء زمن الحروب و الصّراعات المسلّحة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إجابة عن سؤال : ماذا قدّم المسلمون للبشرية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          المهتدي مويزو روتشيلد و رحلة من اليهودية إلى الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أسرار خطيرة عن التمويلات الكنَسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة الزّمر : الشيخ إبراهيم أبو حجلة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة مُباركة من سورة فاطر : الشيخ القارئ إياد عوني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الخمر و الحشيش و الدعارة في كتاب النصارى ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورةالزُمَر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سورة غافر : الشيخ القارئ خالد بن محمد الرَّيَّاعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          يهوه ينادي بالحج ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          إشهار إسلام الأخت مارتينا ممدوح (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مصيبة عيد القيامة في الكنائس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الأضحية هي قربان لله أم للأوثان ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الكنيسة الأرثوذكسية تصــرخ : هننقرض بعد 300 سنة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          زاهي حواس ينفي وجود ذكر للأنبياء في الآثار (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ضربة لمعبود الكنيسة تعادل في نتائجها الآثار المرعبة لهجوم نووي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سؤال حيّر الأنبا رفائيل وجعله يهدم المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عذبة من سورة القلم : الشيخ القارئ عبدالله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان : الشيخ القارئ عبد الله الجهني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )

عدالة السماء

القسم الإسلامي العام


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 23:04

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي عدالة السماء


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،

فهذه مجموعة من القصص الحقيقية التي رواها لنا اللواء محمود شيث خطاب رحمه الله تعالى في كتابه القيم الماتع ( عدالة السماء) ... وقد ارتأيتُ أن أنقل لكم هذه القصص ... فنتفكر جميعاً في عظيم تدبير الله تعالى لخلقه سبحانه ...

وسأنقل كل يوم قصة باذن الله تعالى ... والله الموفق سبحانه ....
للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : عدالة السماء     -||-     المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة     -||-     الكاتب : ابو علي الفلسطيني







توقيع ابو علي الفلسطيني
تتسامى أرواحُنا للمعالي = قد حَدَاها عزم كحد الظَّــباتِ


هَـمُّــنا بعد الموت عيشُ خلود = لا نرى الموتَ غاية للحياةِ


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 23:14

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


(1)


كان رجلاً معدماَ، ولكنه كان سعيداً.
وكانت له عائلة مؤلفة من زوجة وخمسة أولاد وأختين ووالدة طاعنة في السن، له حانوت يبيع فيه الخضروات.. اليقطين والباذنجان والسلق والفجل والطماطم.... إلخ. حانوته هذا في طريق فرعية، يبيع فيه سلعته لجيرانه من الفقراء، فلم يكن له من المال ما يؤجر به حانوتاَ في موقع متميز أو يشتري به سلعة متميزة. أما داره الخربهَ فتسمى من باب المجاز داراً، وهي في حقيقتها غرفة واحدة حولها ركام من الأنقاض، وفي هذه الغرفة ينام أفراد العائلة، ويطبخون، ويستحمون، ولهم فيها ماَرب أخرى. وإذا عاد الرجل إلى داره بعد غروب الشمس، ومعه الخضرة واللحم والخبز، تستقبله العائلة كلها بالفرح والتصفيق والأغاني والأهازيج، ويتناولون منه ما بيده من طعام، ويهرعون إلى القدر لإعداد العشاء.
ولم يكن يحضر اللحم لأهله كُل يوم، فإذا كان مبيعه اليومي رابحاً استطاع أن يشتري لحماً، وإلا فعشاء عائلته من بقايا ما كسد من خضروات حانوته. كانت تلك العائلة تسكن إلى جوار حاكم في المحكمة العليا، وكان ذلك الحاكم يعطف على تلك العائلة ويزورها بين حين وآخر. وهذا الحاكم كثيراً ما حدثني عن عائلة جاره قائلاً: "لم أرَ في حياتي عائلة سعيدة مثل هذه العائلة، ولم أرَ فرحاً غامراً كالفرح الذي يشيع في العائلة عندما يعود رجلها من عمله مساء، وكنت كثيرا ما أحب أن أعيشِ وقتا سعيدا بينها حين يصل جاري إلى داره فتستقبله العالْلة كلها بالفرح والامان، ثم يبداْ عملها الدائب في إعداد العشاء، فإذا نضج الطعام بدأوا بتناوله من إناء كبير، فإذا انتهوا من عشائهم حمدوا الله وشكروه، وأكثروا من حمده
وشكره، ثم آووا إلى فراشهم الخلق البسيط فرحين قانعين، لا يتمنون على الله غير الستر والعافية وألا يجعلهم يحتاجون إلى إنسان. وفي يوم من أيام الخريف، كانت العائلة تنتظر رجلها مساءَ على باب الدار، فإذا بهم يرون بعض الشرطة يحملون نعشاً، فلما تبينت العائلة الأمر وجدت معيلها الوحيد هو المحمول على النعش. كان قد أغلق حانوته، وقصد القصاب فاشترى لحماً. وقصد الخباز القريب فاشترى خبزاَ، وحمل بقايا خضرته من
دكانه، فلما أراد عبور الشارع دهسته سيارة طائشة، فمات الرجل فورا، وتبعثر ما كان معه من زاد. وتجمع الجيران حول النعش، وجمعوا من سراتهم بعض المال، وأنفقوا على تجهيز الجثة الهامدة بعض ما جمعوه، وقدموا ما تبقى من مال زهيد إلى العائلة، وفي صباح اليوم التالي حملوا
فقيدهم الغالي إلى مثواه الأخير وواروه في التراب. وكان أكبر أولاده في سن الخامسة عشرة، يدرس في الصف الثاني في المدرسة المتوسطة الشرقية، يعد نفسه ليكون موظفا صغيرا بعد تخرجه من الإعدادية فيعاون أهله بمرتبه الضئيل. وبعد يومين من موت والده، نفد آخر ما جمعه الجيران من مال العائلة، وفي اليوم الثالث قصد أكبر أولاد الفقيد حانوت والده وأخذ يزاول مهنة أبيه. بدأ يعمل ليعول أمه وأخوته الصغار وعمتيه وجدته... وودع المدرسة لآخر مرة. وكان يعود كل ليوم بعد غروب الشمس كما كان يفعل والده. ولكن الابتسامات غاضت إلى غير رجعة... والفرح مات إلى الأبد.. وكان الطعام الذي تتناوله العائلة ممزوجاً بالدموع. لقد دفنت العائلة سعادتها مع فقيدها الحبيب.

(2)


ومرت الأيام ثقيلة بطيئة، ودار الزمن دورته، فانقضت ثلاث سنوات، ودعي الولد الكبير إلى الخدمة في الجندية بعد أن استكمل الثامنة عشرة من عمره.. واجتمعت العائلة تتداول الرأي، هل يترك الابن الثاني مدرسته ليتولى حانوت أبيه، وحانوت أخيه من بعده، وهو قد أصبح في الصف الرابع الإعدادي لم تبقَ له غير سنة ليتخرج من الإعدادية؟؟!! و إذا لم يفعل فمن يعيل أهله؟. استقر رأي العائلة على بيع الدار، ولو أن الخروج منها كخروج الشاة من جلدها، لا يسمى إلا موتا أو سلخاَ. ! والتحقَ الابن الكبير بالجندية في بلد مجاور يتدرب على استعمال السلاح، وكان معلم التدريب العسكري يلاحظه فيجد فيه ذهولاً وانصرافاً عن التدريب، فكان ينصحه تارة، ويعاقبه بالتعليم الإضافي تارة أخرى.. دون جدوى... لقد كان حاضرا كالغائب، أو غائباَ كالحاضر، وكان جسمه فقط مع إخوانه الجنود في التدريب، ولكن عقله كان بعيدا... بعيدا.. هناك عند عائلته. واستدعاه ضابطه يوما، وسأله عن مشكلته، ففتح له قلبه وأخبره بأمره، فبادله الضابط الإنسان حزنا بحزن وأسى بأسى، وكف عن ملاحقته في أمر إتقان التدريب. وعرض ضابطه مشكلته على آمر سريته، فأمر بتعيينه في مطبخ الجنود يغسل القدور، ويقطع اللحم، ويوقد النار ويوزع الطعام. أما أمه... فكانت هي ايضاَ حاضرة كالغائبة.. استقرضت بعض المال هن أحد سماسرة بيع الدور لتطعم العائلة به، ورهنت سند الدار عند السمسار، وعرضت الدار للبيع. واستمر عرض الدار على الراغبين بشرائه أياماَ، وأخيراَ وبعد مرور عشرين يوما، باعت الدار بأربعمائة دينار، ثم قضت تسعة أيام في معاملات حكومية رتيبة لنقل ملكيتها إلى المالك الجديد. والموعد شهر كامل، قضت منه تسعة وعشرين يوما في البيع ونقل ملكية الدار إلى المشتري الجديد، وبقي يوم واحد على موعد إعطاء البدل النقدي عن ولدها، وكان عليها أن تسافر إلى المدينة التي استقر فيها ولدها في الجندية مساء اليوم التالسع والعشرين، لتسلم البدل النقدي صباح اليوم الثلاثين، فإذا تأخرت عن الموعد ساعة فلن يُقبل من ابنها البدل النقدي، وعليه أن يتم خدمة العلم كاملة وهي سنتان.

(3)


وقصدت الأم مأوى السيارات التي تنقل الركاب من بلدتها إلى بلدة ولدها، فوجدت السيارات ولم تجد الركاب. كان الوقت قبيل الغروب في يوم من أيام الصيف،. وانتظرت ساعة في مأوى السيارات دون أن يحضر مسافر واحد، وانتظرت على أحرّ من الجمر، وقد غابت الشمس، والمسافة بين المدينتين حوالي أربعين ومئتي كيلو متر، تقطع بالسيارات في ساعتين ونصف الساعة فإذا لم تسافر ليلا ضاع عليها الوقت ولن تصل مدينة ولدها إلا بعد ساعات من صباح اليوم التالي. وعرضت على سائق إحدى السيارات أن تستأجر- وحدها- سيارته على أن يسافر بها فوراً، وقبض السائق أجرة سيارته كاملة من المرأة، وتحركت السيارة في طريق جبلية وعرة، وفي الطريق تحدّث السائق إلى المرأة، فعلم منها قصة بيع الدار، وقصة دفع البدل النقدي عن ولدها. وتدخل الشيطان بينهما، فلعب دوره في تخريب ضمير السائق، فعزم على تنفيذ خطة لاغتصاب المال من المرأة المسكينة. وفى إحدى منعطفات الطريق، حيث يستقر إلى جانب الطريق الأيمن واد صخري سحيق، أوقف السائق سيارته فجأة، وسحب المرأة قسراَ من السيارة إلى خارجها، وسحبها سحبا إلى مسافة عشرين متراً في الوادي السحيق، وهناك طعن المرأة بخنجره عدة طعنات، فلما تراخت وظن أنها فارقت الحياة، سلبها مالها، ثم عاد إلى سيارته تاركا المرأة وحيدة فريدة في مكانها تنزف الدماء من جروحها، وتخبط في بركة من الدم. وقصد المدينة التي كان متجها إليها، فقد خشي أن يعود إلى المدينة التي خلَّفها وراءه، لئلا ينكشف أمره، إذ يعود إليها بدون مسافرين، وقبل الوقت المعقول لذهابه و إيابه...! وعندما وصل إلى المدينة أوى إلى مأوى السيارات، فزعم لأصحابه أن المسافرين الذين كانوا معه غادروا سيارته بعد عبور الجسر. ووجد ركاباَ ينتظرون السفر إلى البلدة التي غادرها مساءَ، فسافر بهم عاثداَ من نفس الطريق. وحين وصل إلى المكان الذي ارتكب فيه جريمته الشنعاء، أوقف سيارته، وأدعى لركابها الذين كانوا معه أنه يريد أن يقضي حاجته ثم يعود إليهم فورا...!. وانحدر إلى الوادي السحيق، متجها إلى مستقر المرأة فسمع أنيناَ خافتاَ صادرا من المرأة الجريح التي كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياةَ.. وقصد المرأة السابحة ببركة من الدم، وقال لها "ملعونة! ألا تزالين على قيد الحياة حمَى الآن،. وجمدت المرأة في مكانها، وانتظرت مزيدا من الطعنات...!. وانحنى السائق إلى صخرة ضخمة ليحطم بها رأس المرأة الجريح، وما كان يضع يديه تحت الصخرة إلا وصرخ صرخة مدوية هزت الوادي الصخري السحيق، ورددتها جنباته الخالية إلا من الوحوش والأفاعي والهوام، وسمعها ركاب السيارة، فهرعوا لنجدته. كاتب تحت تلك الصخرة الضخمة التي أراد السائق المجرم رفعها ليقذف بها رأس المرأة الجريح، حية سامة لدغته حين كان يهم بحمل الصخرهَ العاتية، فسقط إلى جانب المرأة يسمَغيث ويتألم...!. وحمل المسافرين السائق، وحملوا المرأة، وانتظروا على قارعة الطريق حتى قدمت سيارة أخرى، فاستوقفوها وطلبوا من سائقها حمل المرأة والسائق إلى المستشفى التىِ كانت في المدينة التي يستقر فيها ولد المرأة الجريح. وفي الطريق فارق ذلك السائق المجرم الحياة متأثرا بالسم الزعاف القاتل. وفي المستشفى، قدم الشرطة والمحققون العدليون، فعرفوا القصة كاملة، وانتزعوا مال المرأة من طيات جيوب السائق اللعين. وطلبت المرأة حضور ولدها، فحضر في الهزيع الأخير من الليل... وراحت المرأة في غيبوبة عميقهَ، فظن الأطباء والممرضون أنها تعاني سكرات الموت. !. وعمل الطبيب على نقل الدم إليها. وفى ضحى اليوم التالي فتحت عينيهما لتقول لولدها: "ادفع البدل الّنقدي سريعاً " ثم أغمضت عينيها وراحت في سبات عميق. ودفع الولد بدله النقدي، وسرح من الجيش.. وتحسنت صحة أمه يوما بعد يوم، حتى تماثلت للشفاء، حيث غادرت المستشفى إلى أهلها.. وذهبت قصة" نجاتها، وقصة موت السائق، وقصة الحية المنقذة، شرقا وغربا، وأصبح حديث الناس جميعا.. ولقد كان الوادي الذي ارتكب السائق فيه جريمته، والذي قذف بين صخوره المرأة الجريح، من الوديان الموحشة الخالية من الماء والكلأ، كما كانت سفوحه منحدرة انحدارا شديدا، فلا يسلكه الناس ولا يطرقونه، حتى الرعاة لا يجدون فيه ما يفيد ماشيتهم فأصبح موطناَ آمنا للذئاب والأفاعي. وما كانت المرأهَ الجريح لتسلم من الموت الأكيد، لو لم يعد إليها الجاني مدفوعا بغريزهَ حب الاستطلاع، وبالقوة الخفية التي
هي القدر. وما كان المسافرون مع الجانىِ ليعرفوا موضع المرأة، لو لم يصرخ الجاني صرخة مدوية بدون شعور ولا تفكير متألماَ من لدغة الأفعى السامة، ولو لم يسقط إلى جانب المرأة، فقد كان الظلام دامساَ. وما كان ولدها ليدفع البدل النقدي لو قدمت أول سيارة غير متجهة إلى المدينة التي كان فيها. ولو أن أول سيارة قدمت من الجهة المعاكسة، لنقلت والدلَه إليها بعيدا عن مدينته التي يقضي عسكريته فيها، ولضاع الوقت المحدد لدفع البدل النقدي في قوانين التجنيد. وكان البدل النقدي في حينه مئة دينار. لقد كان ذلك كله من تدبير العلي القدير.

(4)

قال الحاكم الذي هو جار لتلك العائلة: "سمعت لقصة جارتنا كما سمعها الناس، فاشتركت مع الجيران الاخرين في جمع ثمن دارها، حىَ تستعيدها من صاحبها الجديد. وسمع صاحب الدار الجديد هو الآخر بقصتها، فأعاد إليها سند الدار وملكيتها. وبقي المبلغ الذي جمعه لها الجيران مع ثلاثمائة دينار من أصل ثمن الدار، فجددت بذلك المبلغ بناء الدار، وأقبل الناس على حانوت ولدها، يشترون سلعته، ويتسابقون على معاونته.. وفي خلال سنة واحدة تضخم عمله، وأقبلت عليه الدنيا، فانتقل إلى حانوت كبير في شارع عام في موقع مرموق. ومرّت السنون، وفي كل عام كان في الدار بناء جديد.. وتخرج الأولاد من مدارسهم واحد بعد الآخر، فأصبح أحدهم مهندساً والآخر طبيبا والثالث ضابط في الجيش.... ولم يعد
طعامهم اليومي من الشاي والخبز أو من الخبز والخضرة، بل كان لهم لحم في كُل يوم مع ألوان شهية أخرى من الطعام، وفتح الله عليهم باب بركاته، وأغدق عليهم رعايته، وجعلهم مثالا للخلق الكريم بين الناس متعاونين في السراء والضراء. وعلى ضفاف دجلة قرب الجسر الكبير في بغداد، دار عامرة بالخير والوفاق والسعادة هي الدار الجديدة التي انتقلت إليها العائلة الصابرة المحتسبة عام (1385 هـ)، وقد تضاعف عدد العائلة فأصبحت أربع عائلات، فقد تزوج الأولاد الكبار الثلاثة وأخصبوا، ولكن رباط العائلة ما زال قويا، وأم الأولاد لا تزال سيدة البيت بدون استثارة أو إزعاج ". لقد سمعت قصة هذه العائلة من صديقي الحاكم الكبير، فأردت أن أسمعها من أحد أفرادها. وسألت الابن الكبير الذي كان خضرياً فقيرا فأصبح تاجرا كبيراَ، أن يحدثني حديث أمه، فقال: "ولماذا لا تسمع حديثها منها؟ ". وكنت ذات مساء في دارهم العامرة على ضفاف دجلة أسرح النظر في انعكاس نور القمر على الماء الرائق المتدفق، وأنا أصغي إلى أهازيج ملاحي السفن الشراعيهَ والسفن التجارية وترديد ركابها، منتظرا انقضاء صلاة الوالدة. وجاءت الأم وقد أحاطت شعرها الأبيض بغلالة بيضاء، وفي وجهها نور، وعلى قسماته ابتسامة، وعلى لسانها ذكر الله... وروت لي قصتها كاملة، فقلت لها: "وماذا كان شعورك حين تركك الجاني وحيدة لتنزف جروحك دماً في بطن الوادي السحيق؟ ". فقالت والإيمان الصادق يشع من كلماتها: "كنت أخاطب الله عز وجل قائلة يا جبار السموات والأرض أنت أعلم بحالي.... فهيء لي بقدرتك القادرة أسباب دفع البدل النقدي عن ولدي، ليعود إلى أهله ويعينهم.. يا رب... ". واستجاب الله دعائها وأعاد إليها مالها وولدها، وانتقم لها من خصمها، وبدل حال العائلة كلها إلى أحسن حال. تلك قصة من الواقع... ولكن حوادثها أغرب من الخيال... وسيقول بعض الناس: أن ما حدث صدفة... وليقل هؤلاء ما يقولون... ولكننىِ لا أشك في أن ما حدث من تدبير العلي القدير... فليس من المعقول أن يحدث كل ذلك صدفة... ولو أراد الإنسان أن يوقت حوادث هذه القصة مثل هذا التوقيت الدقيق، لعجز. إن الناس يغفلون وينامون، والله وحده لا يغفل ولا ينام، وما من دابة إلا على الله رزقها... والله لا ينسى رزق النملة في الصخرة القاسية وسط عباب المحيط، فكيف ينسى أرزاق الأرامل واليتامى؟! والناس يخشون الناس، والله أحق أن يخشوه... والله يمهل... ولكن لا يهمل.. ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.






آخر تعديل بواسطة ابو علي الفلسطيني بتاريخ 20.11.2010 الساعة 23:27 .
رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 23:20
صور نوران الرمزية

نوران

مديرة المنتدى

______________

نوران غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 13.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 4.608  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
30.06.2014 (14:52)
تم شكره 92 مرة في 54 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه مجموعة رائعة حقا ولن يكتفي قارئها بقراءتها مرة واحدة

والكاتب مسلم محترم وكتاباته كلها شيقة وأسلوب عرضه للمواضيع رائع وسهل ممتنع

أحييك يابني لتبرعك بنشر هذه المجموعة وأسأل الله تعالى أن ينفع بها وبما تحمله من دروس وعظات

كما أسأله أن يجعل جهدك في موازيين حسناتك وموازيين حسنات الكاتب الكريم رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى

آمين







توقيع نوران






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 23:40

مجد الإسلام

عضو

______________

مجد الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 440  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.01.2024 (12:22)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا كثيرا

هذه هى آثار البيئة الصالحة والعمل الصالح
أليس الله قد قال (وكان أبوهما صالحا) ويكاد يجمع المفسرون على أن أبوهما هنا هو الجد السابع

بارك الله فيكم أخى







توقيع مجد الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
اضغط هنا لزيارة صفحة مقالاتى فى الألوكه
اضغط هنا لزيارة صفحة مقالاتى فى عرب تايم
اضغط هنا لزيارة مدونتى
اضغط هنا لزيارة صفحتى فى جوجل نول


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :5  (رابط المشاركة)
قديم 21.11.2010, 00:34
صور سامح الرمزية

سامح

عضو

______________

سامح غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 20.07.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 203  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
20.01.2013 (22:56)
تم شكره 6 مرة في 4 مشاركة
افتراضي


جزاكم الله خيرا

وبارك الله فيكم





المزيد من مواضيعي


توقيع سامح


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 21.11.2010, 22:15

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

اما القصة التالية فهي:

بشر القاتل بالقتل
(1)
كان ثلاثة رجال من الفلاحين يسيرون ليلاء من قرية على نهر (الخازر) الذي يقع في منتصف الطريق بين (الموصل) و (عقرة) متجهين نحو قرية في منطقة (عقرة)، وكان معهم بعض الدواب
والماشية وبعض المال. كان أهلهم في قريتهم الجبلية ينتظرون وصولهم إلى القرية في
منتصف الليل، ولكنهم لم يصلوا إليها في الوقت المعين. وأصبح الصباح ولم يصل الرجال الثلاثة إلى القرية، فأخبر أهلهم مختار تلك القرية، فركب حصانه ويمم شطر (عقرة)، وأخبر الشرطة هناك بالحادث. وامتطى مفوض الشرطة، ومعه بعض رجاله في سيارة مسلحة، وساروا على طريق عقرة نهر الخازن المبلطة، وكانوا يتوقفون في القرى يسألون عن الرجال المفقودين. واستمر تفتيش الشرطة خمس ساعات، ثم عثروا على الجثث الثلاث للرجال الثلاثة، محروقة في جوف واد سحيق، ولم يجدوا أثر لدوابهم وماشيتهم ونقودهم. وابتدأت الشرطهَ تطارد الجناة، وبعد أيام عثروا على قسم من دواب وماشية الثلاثة المقتولين في حوزة أخوين شقيقين فألقوا القبض عليهما.
(2)
وجرى التحقيق مع المتهمين، وكانا معروفين بارتكاب جرائم القتل والسرقة والسلب، وبعد التحقيق الدقيق قدما إلى المحكمة العسكرية العرفية. كانت سوابق (هذين) المتهمين تشير إلى أنهما اللذان ارتكبا تلك الجريمة الشنعاء. وكان عثور الشرطة على قسم من دواب وماشية القتلى عند المتهمين دليلا ماديا على ارتكابهما جريمة القتل... وعندما وقعا في فخ الشرطة، تكاثر عليهما الشهود، فاعترف أحدهما وهو الصغير بأنه ارتكب جريمة القتل، بينما أصر الثاني على الإنكار. وتداول قضاة المحكمة العسكرية العرفية بأمر المتهمين، فكان من رأي الأكثرية أن الاْخ الصغير اعترف بعد أن رأى أن الأدلة على ارتكابه الجريمة متواترة لا سبيل إلى التخلص منها، لذلك أراد أن يتحمل العقاب وحده باعترافه ويخلص شقيقه من العقاب. وأخيرحكمت المحكمة على الشقيقين بالإعدام علناً شنقاً حتى الموت، ثم أرسلت بالدعوى إلى المراجع العليا للتصديق.

(3)
كانت جريمة بشعة حقاً، استفزت الرأي العام، فكانت حديث المجالس، وقد وصلت إلى أسماع الناس في كل مكان، وكانت السلطة العليا تحرص على تطمين الناس وادخال الأمن إلى نفوسهم وتهدئة روعهم، فصدقت على الحكم بسرعة، وأقرت تنفيذ الحكم على الشقيقين في ميدان عام مزدحم بالسكان. ونشرت الصحف تصديق الحكم على الأخوين، وأذاعت محطة الإذاعة الخبر، وتسامع الناس بموعد تنفيذ الحكم بهما ومكانه، فأقبلوا زرافات ووحدانا ليشهدوا مصرع الجانبين. وفي عصر يوم من أيام أواخر الخريف من عام 1952، كان المسؤولون عن السجن يقيمون مشنقة خشبية في ساحة (باب الطوب) في مدينة الموصل، فانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم، وسمع من لم يسمع بخبر العزم على تنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين صباح يوم غد، وسمعت بالخبر كما سمعه الناس. وعزمت على أن أشهد تنفيذ حكم الإعدام بهما، وحرصت ألا تفوتني تلك الفرصة، فقد كان وقع الجريمة في نفسي شديداً. وكنت أسهر في ليلة التنفيذ مع بعض الضباط في النادي
العسكري، وإذا بجندي من جنود الانضباط العسكري (الشرطة العسكرية) يسلمني رسالة رسمية من آمر موقع الموصل، فلما قرأت الرسالة علمت منها رغبة آمر الموقع أن أحضر إلى السجن ممثلاً
للجهة العسكرية لأبلغ المجرمين موعد تنفيذ حكم الإعدام ومكانه.
( 4)
وفي السجن حين حضرت لتبليغ المجرمين، وجدت ممثلاً عن المحكمة العسكرية العرفية، ومدير السجن، وطبيبا، وممثلاً عن المحاكم المدنية، وممثلاَ عن الإدارة المحلية، ووجدت ملفا ضخما للدعوى فيها أوراق بيضاء وحمراء وصفوان.... الخ. وكانت الأصول المتبعة أن يحضر ممثلون عن الجهات العسكرية والمحاكم المدنية والإدارة المحلية وطبيب عسكري، ليوقع كل واحد منهم على تلك الأوراق بعد تبليغ المزمع تنفيذ حكم الإعدام بهما، والإجراءات الشكلية كانت تجري كالمعتاد. وقد ذهب كل ممثلي تلك الدوائر الرسمية ومعهم ملف الدعوى الضخم إلى زنزانة المجرمين، وهاك وجدوا شيخا من شيوخ الدين ينتظرهم. وفتح السجان باب الزنزانة، فإذا بالمجرمين شابين قويين مفتولي العضل متمالكين أعصابهما إلى أقصى الحدود. ودخلنا الزنزانة، فاستقبلنا المجرمان بترحاب وأريحية كأنهما أصحاب الدار، وكأننا ضيوف عليهما. كانا هاشين باشين هادئين غير متذمرين، وكانا مؤدبين غاية الأدب، غير مكترثين بالأمر كله، وكانا (طبيعيين) حتى لقد تحرجنا من قراءة الحكم عليهما وبقينا واجمين صامتين مدة من الزمن لا ندري كيف نبدأ الحديث. وأخيراً قرأنا عليهم الحكم، وأخبرناهما بان الإعدام سينفذ بهما صباح غد علناَ في ساحة(باب الطوب)... فاستمعا إلى كل ذلك بشجاعة وصبر عجيبين. سالناهما كالمعاد: ماذا تريدان؟ وهل لديكما ما تقولان؟.
(5)
قالا: لا نريد شيئا غير الشاي وعلبتين من الدخائن .. وقالا: نريد رحمة الله وغفرانه، ولا نريد من البشر شيئا. وتَضاحكا، وأخذ كل واحد منهما يشجع أخاه. قال الصغير للكبير: "لقد ارتكبت أنا الجريمة، فشاركتني أنت في العقاب، وما كنت أريد لك هذا المصير ظلما وعدواناَ!!". وقال الكبير للصغير: "لاتحزن..! صحيح أنني لم اشترك معك في قتل الرجال الثلاثة، ولكنني قتلت غيرهم كثيراَ، فأنا اليوم أؤدي ما في عنقي من ديون ". وسرد الأخ الصغير قصته كاملة على الحاضرين، فكان مجمل ما قاله: أنني اليوم أقرب ما أكون إلى الله، وسأكون غدا ضيفه، إن أخي هذا لم يشارك في قتل الرجال الثلاثة ولم يشهد قتلهم. .. لقد كنت وحدي ومعي بندقيتي في حفرة بالقرب من قارعة
الطريق، فلما مرَّ بي الرجال الثلاثة مع دوابهم ومواشيهم انتهزتها فرصة سانحة وقررت ألا يفلت من يدي هذا الصيد الثمين. كنت أراهم ولا يرونني فصوبت بندقيتي على رأس أحدهم، ثم أطلقت النار فأرديته قتيلا، وارتبك الاثنان الباقيان وامتدا على الأرض بالقرب من مكمني، فأطلقت النار على الثاني، فأرديته قتيلا، ونهض الثالث من مكانه وهرب متعثراَ، فعاجلته برصاصة استقرت في رأسه فمات على الفور. وجمعت الدواب والماشية وفتحت جيوب القتلى، وسلبت ما كان عندهم من نقود، ثم قدتُ الدواب والماشية إلى بطن الوادي القريب من الطريق، ثم ربطتهم بالحبال، وعدت إلى الجثث في محاولة إبعادهم عن الطريق. وسحبت الجثث إلى بطن الوادي، لأنني خفت أن يراهم عابر سبيل فيخبر أهل القرى بالحادث، فيتنادى سكانها فيلقوا القبض على الدواب والماشية قبل أن أستطيع الفرار بها وتدبير أمرها. وحين استقرت الجثث في بطن الوادي، جمعت بعض الأخشاب والأعشاب اليابسة، ووضعتها فوق الجثث، وأوقدت فيها النيران لإخفاء معالم الجريمة إلى الأبد. وكان وادي الموت سحيقاَ، وكانت النيران تلتهم الجثث فلا يراها أحد، وكانت أقرب القرى إلى ذلك الوادي تبعد ثلاثة أميال. وسقت الدواب والمواشي إلى قريتي آمنا مطمئناً، فوصلت إليها في منتصف الليل، فربطتها بالقرب من القرية، وذهبت إلى شقيقي هذا، وأخبرته بالحادث، فأسرع معي إلى مكان الدواب والماشية، فاستقناها بعيدا وأخفيناها في شعاب الجبال. ولما علم رجال الشرطة بالحادث، تعقبوا آثار الدماء، فعثروا على بقايا الجثث، ثم استطاعوا بقدرة من السماء أن يعثروا عليها
في أعماق الوديان. وحين ألقى رجال الشرطة القبض علينا، كنا نائمين بالقرب من عين من عيون الماء تحت شجرة ضخمة من أشجار البلوط، ولو كنا يقظين لما استطاعت أي قوة في الدنيا إلقاء القبض علينا. وفي المحاكمة، شهد الشهود بسماع طلقات نارية في ليلة الجريمة، كما شهد أهل القرية بأنهم افتقدوني وشقيقي منذ تلك الليلة حتى إلقاء القبض علينا. واقتنع قضاة المحكمة بأنني وشقيقي قتلنا الرجال الثلاثة، ولم يفد معهم اعترافي بالجريمة واصرار شققي على الإنكار. لقد ظنوا أنني أضحي بنفسي من أجل شقيقي، وأنني أريد أن أنقذه من حبل المشنقة، وما علموا أن اعترافي هو الحق، وأن إنكاره هو الحق ايضاَ... ". وتنهد الأخ الكبير، وقال:" إن ما قاله شقيقي حق، ولست في معرض الدفاع عن نفسي، لأنني أعلم أن وقت الدفاع عن النفس قد فات، ولكنني أعترف بأنني قتلت غير هؤلاء الرجال الثلاثة الذين قتلوا في تلك الليلة، وكنت أقتل القتيل وأمشي في جنازته أشد ما أكون تظاهرا بالحزن عليه، وقد ستر الله علي مرات كثيرة، ولكن الله يمهل ولا يهمل. وغدا سأشنق من أجل قتلاي الكثيرين لا من أجل القتلى الثلاثة، وإذا استطعت أن أتهرب من عقاب البشر، فإنني لم أستطع أن أتهرب من عقاب الله.

في صباح اليوم التالي، كان شابان يتسابقان بخطوات ثابتة رصينة لصعود سلم المشنقة، وعلى السطح تحت حبلين يتمرجحان تعانق الأخوان، وقال الصغير للكبير: "أطلب منك العفو"، فأجابه
الكبير: "إنك لم تقترف ذنبا بحقي، فأنا المذنب بحق نفسي". وبعد لحظات كانت جثتان هامدتان يتلاعب بهما الريح، وكانت تحتهما امرأة عجوز تنهل الدموع من عينيها غزيرة مدرارة. وكان الذين شهدوا تنفيذ حكم الإعدام يزيدون على عشرة آلاف نسمة: رجالا ونساءَ، وشيوخاَ واطفالا. ولم يكن بين الحاضرين من يشاركها اْساها، ولم يكن بينهم من يشاطرها الحزن، ولا شماتة في الموت، ولكن الجريمة كانت أفظع من مقابلتها بغير الشماتة القاسية. وتحلق بعض الناس حولها يصبون لعناتهم على المصلوبين، ولكن المرأة العجوز- وكانت أم المجرمين اللذين لا تزال تتأرجح جثتاهما على حبال المشنقة، ويعبث بهما الريح بعنف وقسوة- تسربت من بين الحشود الشامتة الغاضبة، بعد أن ألقت عليهم درسا لا يزالون يذكرونه حتى اليوم ولا أخال أنهم سينسونه في يوم من الأيام.
قالت الأم الثكلى: أنني لا أملك إلا الحزن عليهما، فهما فلذتا كبدي، ولكنني كنت متيقنة منذ زمن بعيد أن مصيرهما سيكون القتل بالرصاص أو الصلب على أعمدة المشانق. وكم كنت أتمنى أن يموتا شهيدين دفاعا عن بلادهما أو في أرض فلسطين، إذاً لرفعت رأسي عالياَ بهما.. لقد كنت أقول لهما: أن الموت مصير كل حي، ولكن شتان بين أن يموت المرء شريفا، وبين أن يموت مجللاَ بالخزي والعار!!. لقد كنت أقول لهما: بشر القاتل بالقتل... واليوم أرى مصرعهما بعيني، فإذا كانت الحدود مطهرات، فليكونا عبرة لغيرهما من الناس.... ومضت المرأة العجوز هائمة على وجهها... فهل من معتبر؟، أم على قلوب أقفالها؟!.





رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
السلام, عدالة


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
ينزل عيسى عليه السلام آخر الزمان حاكما بالشريعة المحمدية نور عمر العقيدة و الفقه 10 13.10.2011 21:14
عدالة قاضي مع السلطان محمد الفاتح جادي التاريخ والبلدان 4 16.12.2010 12:24
و ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء asd_el_islam_2 التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء 3 08.12.2010 07:24
النصارى زعلانين علشان ربنا بينزل الى السماء الدنيا , الرد على شبهة كيف ينزل الله الى السماء ؟ حجة الاسلام إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة 6 29.09.2010 09:31
قصة شمويل عليه السلام وفيها بدء أمر داود عليه السلام أم جهاد القرآن الكـريــم و علـومـه 2 10.06.2009 10:46



لوّن صفحتك :