من الكنايات في القرآن الكريم

[البتول]

من الكنايات في القرآن الكريم

الكناية في القرآن ..
قبل أن نتناول أمثلة من الكناية في القرآن سنعرض لها بمفهوم بسيط..

الكناية:

لغة: ما يتكلم الإنسان به ويريد غيره..
إصطلاحا: لها تعريفات كثيرة نأخذ أقربها للتعريف اللغوي..
"أن تذكر لفظة وتريد بمعناها معنى ثاني هو المقصود"
ولا مانع في الكناية من إرادة المعنى الأصلي..

نأخذ مثال توضيحي على الكناية..

قول أبي المتنبي يمدح سيف الدولة..
فمساهم وبسطهم حرير .... وصبحهم وبسطهم تراب
بسطهم حرير: كناية عن الترف والنعمة
بسطهم تراب: كناية عن الهزيمة وسوء الحال
نرى هناأنه لا مانع من إرادة المعنى الأصلي..
ففي المساء قبل المعركة كانو في نعمة وترف يفترشون الحرير..أما في الصباح أصبحوا قتلى مجندلين فوق التراب

نأتي إلى الأمثلة في القرآن الكريم..


قول الله:
"وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ"
هنا نلحظ التطابق بين المكنى "ذات ألواح ودسر" وبين المكنى عنه"السفينة"
يقول فخر الرازي: أن الكناية بالألواح والدسر في هذا السياق إشارة أن نجاة نوح ومن معه إنما هي بعناية الله وحدها لا بتلك السفينة إذ ما هي إلا مجرد ألواح ركبت فيها دسر..


"وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)"
كناية عن النساء لأنهن ينشأن في الترف والتزين ..
والمعنى: أومن كان كذلك جعلتموه جزءاً لله من خلقه، وزعمتم أنه نصيبه منهم...
يقول الشيخ عثمان خميس:وموقفهم معيب إذن لأنه يدل على أنهم اختاروا لأنفسهم ما تبيض له وجوههم واختاروا لربهم ما تسود له وجوههم


قول الله "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"
تصعير الخد: كناية عن التبرم من الناس وعدم الإقبال عليهم بل التعالي عليهم..
لا تمشي في الأرض مرحا: كناية عن الكبر..
وللنظر إلى جمال التعبير القرآني "لا تمشي في الأرض " فالمشي لا يكون إلا في الأرض
ولكن هناإيماء إلى أن المشي في مكان يمشي فيه الناس كلهم قويهم وضعيفهم ، ففي ذلك موعظة للماشي مرحا أنه مساو لسائر الناس ..


"وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا"
اليد عادة تستخدم في العطاء أو في المنع..
"مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ" أي مقيدة واليد عندما تقيد لا تستطيع الإنفاق.. فهي كناية عن البخل والإمساك..
"وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ" بسط اليد كناية عن البذل والعطاء
والنهي هنا عن"كُلَّ الْبَسْطِ" فيباح بعض البسط وهو الإنفاق في صدد الحاجة والضرورة..

للمزيد من مواضيعي