الرد على الإلحاد و الأديان الوثنية قسم مخصص للرد على الملحدين و اللادينيين و أتباع الأديان الوثنية

آخر 20 مشاركات
The Indian Act : وصمة عار على جبين الكنيسة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          فضح الكنيسة ببلاد العم سام و ممارساتها ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أفئدة تهوي وقلوب تنوي لبيك رحمة وغفرانا شاكرون ولربهم حامدون (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          دليل الحاج و المعتمر (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ما السرّ وراء إستهداف الأطفال و النّساء ؟؟!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الرد على الزعم أن تقديس المسلمون للكعبة و الحجر الأسود عبادة وثنية (الكاتـب : الشهاب الثاقب - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          معجزات كنيسة مغارة الحليب في بيت لحم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          شبهة حول شهادة الحجر الأسود لمن قبّله أو إستلمه (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          بابا الفاتيكان يبرئ الإسلام من تهمة الإرهاب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كاهن مسيحي و شهادة مُنصفة في حق الإسلام العظيم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يعظم المسلمون الكعبة المشرفة ؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          رد شبهات حول الحج - الكعبة - الحجر الأسود (الكاتـب : د/مسلمة - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          رد على كهنة المنتديات : العبرة من رمي الجمرات (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          كاتب كندي : أريد أن يحكمنا المسلمون ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          هل يشمل العهد الإبراهيمي إسماعيل و نسله ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          هل الإسلام يدعو إلى الميز على أساس العرق او اللون ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الشيخ القارئ عبد الله الجهني : تلاوة من سورتي السجدة و الإنسان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الشيخ القارئ عبد الله الجهني : تلاوة من سورتي الصف و التكوير (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القس باسيلي سمير يعترف بتعدّد الآلهة في المسيحية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )

دلائل النبوة العقلية

الرد على الإلحاد و الأديان الوثنية


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 14.07.2012, 13:50

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي دلائل النبوة العقلية


عدة مواضيع منقولة وقد دمجتها مع بعض

فى هذا المقال أتناول تعليقا للمستشرق الإنجليزى مونتجمرى وات على مسالة صحة النبوة من عدمها وكلامه عن الوحى وحقيقته من وجهة نظره وذلك تتمة الكلام على دلائل النبوة لكن قبل الشروع فى ذلك نلخص دلائل صدق النبى صلى الله عليه وسلم العقلية فى النقاط التالية :

1- أن أحدا لا يستطيع خداع الناس لفترة تربو على العشرين عام فإنه لو قُدِّر لشخص أن يُظهر خلاف ما يبطن لبعض الوقت فإنه لن ينجح فى ذلك لفترة طويلة وستظهر أمارات كذبه لاسيما لو كان فى المتبعين لدعوته ذوو نظر ثاقب وكياسه و حنكة كأبى بكر وعمر بن الخطاب ـ الذى وضعه مايكل هارت فى قائمة المئة شخص الأكثر تأثيرا فى تاريخ البشرية ـ وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص و أبو سفيان بن حرب وغيرهم وقد كانوا ـ عدا أبا بكر ـ يناصبونه العداء وحملهم استبانتهم لصدقه وإخلاصه على اتباعه والإيمان به وكما قيل ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه فسريعا ما سيفتضح أمره ويتضح كذبه من وجوه لاسيما للخواص والمقربين منه ومن ذلك مخالفة فعله قوله والفجور وخسة الطبع وهذا شأن الكذابين والمحتالين فى كل زمان ومكان مثل ما ظهر من أمر مدعى النبوة كمسيلمة حتى قال له أحد أنصاره والذى يقال له طلحة النُميرى كما أورده الطبرى فى تاريخه : أشهد أنك كذاب وأن محمداً صادق. ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر. أى أنه آثر اتباعه ، مع استبانته لكذبه ، على اتباع النبى صلى الله عليه وسلم مع علمه بصدقه من باب العصبية . ومن ذلك أيضا أن خواصه صلى الله عليه وسلم والمقربين منه كأزواجه وأكابر أصحابه كانوا أشد الناس موالاة له فى الظاهر والباطن فى حياته وبعد موته ولو بدا منه ما يدعوهم إلى تكذيبه لبادروا إلى ذلك ولانفضوا عنه ذلك أن خاصة المرأ يكونون على اضطلاع على حقيقة أمره وفى مثل هذا يقول شيخ الإسلام بن تيمية فى كتاب الإيمان الاوسط :

وهذا شبيه بما تقول " الملاحدة " المتفلسفة والقرامطة ونحوهم: من أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم: خاطبوا الناس بإظهار أمور من الوعد والوعيد لا حقيقة لها في الباطن وإنما هي أمثال مضروبة لتفهم حال النفس بعد المفارقة وما أظهروه لهم من الوعد والوعيد وإن كان لا حقيقة له فإنما يعلق لمصلحتهم في الدنيا إذ كان لا يمكن تقويمهم إلا بهذه الطريقة. و " هذا القول " مع أنه معلوم الفساد بالضرورة من دين الرسل ؛ فلو كان الأمر كذلك لكان خواص الرسل الأذكياء يعلمون ذلك وإذا علموه زالت محافظتهم على الأمر والنهي كما يصيب خواص ملاحدة المتفلسفة والقرامطة: من الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم فإن البارع منهم في العلم والمعرفة يزول عنه عندهم الأمر والنهي وتباح له المحظورات وتسقط عنه الواجبات فتظهر أضغانهم وتنكشف أسرارهم ويعرف عموم الناس حقيقة دينهم الباطن حتى سموهم باطنية ؛ لإبطانهم خلاف ما يظهرون. فلو كان - والعياذ بالله - دين الرسل كذلك لكان خواصه قد عرفوه وأظهروا باطنه. وكان عند أهل المعرفة والتحقيق من جنس دين الباطنية ومن المعلوم بالاضطرار أن الصحابة الذين كانوا أعلم الناس بباطن الرسول وظاهره وأخبر الناس بمقاصده ومراداته كانوا أعظم الأمة لزوما لطاعة أمره - سرا وعلانية - ومحافظة على ذلك إلى الموت وكل من كان منهم إليه وبه أخص وبباطنه أعلم - كأبي بكر وعمر - كانوا أعظمهم لزوما للطاعة سرا وعلانية ومحافظة على أداء الواجب واجتناب المحرم باطنا وظاهرا . انتهى

2 - أن ايمانه الراسخ بنبوته وحده هو الذى يفسر مثابرته فى وجه الطغيان والاضطهاد اللذين واجههما فى الفترة المكية حيث من وجهة النظر المنطقية لم يكن ثمَّ أمل للنجاح كما ذكر وليام مونتجمرى وات (1).

3- أن ايمانه الذى لا يتزعزع منذ بداية دعوته هو المفتاح لنجاحه الخارق للعادة والذى شهدت به مصادر غير إسلامية غربية كالإصدار 11 من الموسوعة البريطانية تحت مادة " القرآن " حيث ذكرت : من بين الأنبياء والشخصيات الدينية جميعها فإن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) كان أوفرهم حظا من النجاح.

4- أن ايمانه بأنه مرسل من قبل الله وبعدالة القضية التى ينافح من أجلها هو الذى له الأثر البالغ فى القدرة على التأثير فى الآخرين وحملهم على التصديق برسالته كما ذكر المؤرخ " ولش " فى دائرة معارف الإسلام تحت مادة " محمد " . ومن ذلك أن علماء الأخلاق والحكماء والآباء والمربين يعجزون أن يربوا فرداً واحداً تربية متكاملة، وأما هذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد ربى أمة عظيمة، كانت أعظم الأمم جهلاً وأكثرها انحطاطاً في الحضارة، ثُمَّ أصبحت خير الأمم، وأصلحها، وأعدلها وأقومها بتمسكها بهديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم

ويؤكد توماس كارليل على هذا المعنى فى كتابه الأبطال وعبادة البطل بقوله : كيف يمكن لرجل بساعده المجرد أن يؤلف من قبائل متناحرة وبدو رُحَّل أمة كانت فى وقت من الأوقات أعظم الأمم تحضرا وأشدها بأسا خلال عقدين من الزمن. ( نقلا عن الموسوعة الحرة ) *

5- أنه أنشأ دينا قويا وصاغ منظومة فكرية و أخلاقية واجتماعية واقتصادية وسياسية عظيمة ومثل هذا لا يتأتى لدجال أو محتال كما ذكر غير واحد من المفكرين و المؤرخين ومنهم برنارد لويس حتى أنه قال أن المؤرخ العصرى لن يقبل بأن مثل هذا يتأتى لدجال (2). ذلك أن الدجال والمحتال لا يلجأ إلى الكذب والإحتيال إلا لضعف فى شخصيته ووهن امكاناته وهُزال قدراته فيستعيض عن ذلك بالكذب والاحتيال لأجل تحقيق ذاته . ومن ذلك ايضا الأثر العميق الذى تركه فى تاريخ البشر حتى عده العقلاء من غير المسلمين أعظم الشخصيات تأثيرا أو من أعظمها تأثيرا وقدرا .

وتوضح ذلك الموسوعة البريطانية تحت مادة محمد بقولها :

خلال فترة نبوته التى امتدت لثلاثة وعشرين عام لقد أنجز محمد ما لا بد أن يُعَد ـ بكافة المعايير ـ ضمن أعظم الإنجازات فى التاريخ البشرى .فأولا لقد قام بتبليغ القرآن وتأويله الخاص للكلمة الإلهية والذى أصبح أساس كل التفاسير القرآنية اللاحقة . ثانيا لقد ترك مجموعة من الأحاديث والسنن والتى تعد ثانى أهم مصدر بعد القرآن لكل ما يتعلق بالإسلام . ثالثا لقد أرسى دعائم دين جديد وجماعة روحية جديدة وعلّم الكثير من الأتباع وأوجد الوسائل التى تضمن استمرارية وانتقال التقليد الإسلامى وأخيرا فلقد أنشأ مجتمعا جديدا مُوحِّداً جزيرة العرب إلى بنية اجتماعية سياسية مُقامة على أساس من القرآن ومؤسسا لإمبراطورية إيمان فى عقول وقلوب أتباعه والذين من ثمَّ حملوا رسالته إلى أقاصى الأرض . وبالتالى يمكن القول بأن أثر محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فى التاريخ كان بدرجه من العمق والبقاء بحيث لا يفوقه شىء آخر مدون فى صفحات التاريخ البشرى (3).

6 – أن الناس يميزون بين الصادق والمدعى فى المهن والحرف كالحائك والصائغ والطبيب فكيف بمن ادعى مقام النبوة فإنه لابد لمقام النبوة من معارف وقدرات وامكانات تؤهل النبى للقيام بهذا الدور ولذا يسهل التمييز بين المدعى والصادق فى ذلك وقد أشار كارليل أيضا إلى ذلك بقوله : هل رأيتم قط .. أن رجلاً كاذبًا يستطيع أن يوجد دينًا عجبًا.. إنه لا يقدر أن يبني بيتًا من الطوب! فهو إذًا لم يكن عليمًا بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت وإنما هو تل من الأنقاض وكثيب من أخلاط المواد، وليس جديرًا أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرنًا يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن.

7- اجتهاده فى العبادة كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن والدعاء والمناجاة وخشوعه فى ذلك وكان يقوم نصف الليل حتى قالت عائشة رضى الله عنها أنه كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه .فهذا النشاط والاجتهاد لا يتأتى نظيره إلا للمخلصين فى العبادة بخلاف المنافقين الذين قال الله فيهم : وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا . وكذلك حسن خلقه وجمال طباعه وطيب معشره وجلال طلعته وعظم هيبته وحسن هيئته وفصاحته وهذا فى حد ذاته من مقومات نجاحه فى دعوته وانفتاح القلوب وانشراح الصدور له وهذا ما يطول وصفه ومن دلائل صدقه زهده فى المال والسلطان حتى قال إن الله خيرنى بين أن أكون عبدا رسولا أو ملكا نبيا فاخترت أن أكون عبدا رسولا ومن ذلك عدهم استجابته لإغراء قريش له بالمال والسلطان حتى قالوا له إن أردت مالا جمعنا لك من اموالنا حتى تصبح أوفرنا مالا وإن أردت ملكا ملكناك علينا . فالمال والسلطان هما بغية الدعى والمحتال وبحصوله عليها يكون قد حقق أماله فكيف يعدل عن هذا لو كان حقا مدعيا إلى استمرار المواجهة مع قريش ومناصبة العداء لها وما جره ذلك عليه من الشقاء والمعاناة والخروج من دياره هو وأصحابه وما لقوه من البأس.



أما محاولة مونتجمرى وات لتقديم تفسير للوحى على أنه " الخيال المبدع " وأنه إنما فاض على عقل النبى من اللاشعور الجمعى collective unconscious وهو وفقا لنظرية عالم النفس السويسرى Carl Jung كارل يونغ جزء من العقل الباطن و الذى تختزن فيه الخبرات السابقة لعرق معين أو على نطاق أوسع للجنس البشرى ككل والتى تكون ذات تعلق بمفاهيم مثل الدين والأخلاق والعلم ويعد هو المصدر للأنماط البدائية archetypes أو الرموز ذات الطابع الكونى والتى توجد فى الأساطير والأشعار والأحلام .

وهى نظرية تفتقد للسند العلمى وفحواها أشبه بمفهوم العقل الفعال عند الفلاسفة كابن سينا والفرابى وهم فى ذلك متأثرين بأرسطو والفلسفة الرواقية والأفلاطونية الحديثة.

فمحاولة مونتجمرى وات ربط الوحى بالخيال المبدع والذى يشترك فيه الفلاسفة والشعراء والأدباء والرسامين المبدعين وزعمه أن الأمر اختلط على النبى حتى ظن ما يفيض على عقله من الخيال المبدع وحيا ، هذا كله ما هو إلا بهدف التملص من الإعتراف بنبوته وأنه مرسل من قبل الله ولذا فإن مونتجمرى ساق هذا الكلام بعد أن طرح سؤاله : هل كان محمد نبياً ؟

وردا على ذلك لو افترضنا جدلا صحة هذا الزعم فإن هذا الخلط يمكن أن يقع فقط فيما يمكن أن يعد انتاجا ذهنيا مثل ما يخص ذات الله وأسمائه وصفاته وأحداث الساعة ونعيم الجنة وعذاب النار والجوانب التشريعية والأخلاقية فى الوحى لكن كيف ذلك فيما يتعلق بالحقائق التاريخية والتى يشير إليها القرآن بقوله : تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا . الآية

وكذلك بعد أن ساق قصة كفالة زكريا لمريم عليهما السلام يقول المولى عز وجل : وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ..الآية

ونحو ذلك من قصص الأولين التى يزعم المستشرقون أنفسهم أن النبى تعلمها من أهل الكتاب

فكيف له أن يخلط بين ما تعلمه من طريق السماع أو حتى القرآءة وبين ما يفيض من مخيلته ؟!!

فضلا عن ذلك صوت الملاك الذى كان يسمعه وصورته التى كان يراها وهو يخاطبه دون غيره وقد قال تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذا يغشى السدرة ما يغشى . الآية وفى ذلك إشارة للمعراج ورؤية النبى لجبريل على صورته الحقيقية للمرة الثانية بعد أن رآه للمرة الأولى فى غار حراء .

فهل هذا أيضا من الخيال المبدع؟ أم من الجنون ؟!!! فمع تسليمهم أنه يعتقد فى نفسه صدق ما يخبر به وأنه وحى من الله كما ذكر تاريخ الإسلام لجامعة كامبردج (4) فإن اخباره عن رؤية الملك وسماعه وهو يخاطبه والإسراء به إلى الأقصى والعروج به إلى السماء يدخل فى ذلك وعليه يلزمهم إن لم يقولوا بأنه مرسل من قبل الله أن يرموه بالجنون ، فمن حاله كذلك ليس إلا مجنون عرضه لهلاوس سمعية وبصرية .

وقد سبق وأن ذكرنا أن نسبته صلى الله عليه وسلم إلى الجنون غير واردة عند العقلاء من الأولين والآخرين

فإن كان الدعى الكذاب يعجز عن أن يأتى بمثل ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم فالمجنون أعجز . وقد وقفت على كلام لمونتجمرى وات فى موسوعة كامبردج لتاريخ الإسلام يرى فيه أن الخوض فى مسألة كون ما بلغه النبى دلائل النبوة العقلية لأتباعه كان من العقل الباطن الجمعى أو من مصدر الهى ما هو خارج نطاق امكانات المؤرخ مع تأكيده على أن المؤرخ العصرى لابد أن يقبل بكونه كان مخلصا وأنه كان فى نفسه يعتقد صدق نفسه





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ



1 – Watt, Muhammad the prophet and the statesman, p.232

2- The Arabs in History, Lewis,p.45-46

3 – Muhammad, Assessment , Encyclopædia Britannica. 2008

4- Cambridge History of Islam, p.31

* Carlyle declared his admiration with a passionate championship of Muhammad as a Hegelian agent of reform, insisting on his sincerity and commenting ‘how one man single-handedly, could weld warring tribes and wandering Bedouins into a most powerful and civilized nation in less than two decades.
http://en.wikipedia.org/wiki/Thomas_...d_Hero_Worship

** His sincerity in this belief must be accepted by the modern historian, for this alone makes credible the development of a great religion. The further question, however, whether the messages came from Muhammad's unconscious, or the collective unconscious functioning in him, or from some divine source, is beyond the competence of the historian
The Cambridge History of Islam (1970), Cambrdige University Press, p.30

ملحوظة : بعض النقول عن المراجع الأجنبية مصدرها الموسوعة الحرة

للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : دلائل النبوة العقلية     -||-     المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة     -||-     الكاتب : الاشبيلي





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 14.07.2012, 13:51

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


كيف يخفى صدقه - صلى الله عليه وسلم ؟!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

( المدعين للصناعات والمقالات كالفلاحة والنساجة والكتابة وعلم النحو والطب والفقه وغير ذلك،
فما من أحدٍ يدعي العلم بصناعةٍ أو مقالةٍ إلا والتفريق في ذلك بين الصادق والكاذب له وجوه كثيرة، وكذلك من أظهر قصدًا وعملًا كمن يُظهر الديانة والأمانة والنصيحة والمحبة وأمثال ذلك من الأخلاق فإنه لا بد أن يتبين صدقه وكذبه من وجوهٍ متعددة، والنبوة مشتملة على علومٍ وأعمالٍ لا بد أن يتصف الرسول بها، وهي أشرف العلوم وأشرف الأعمال، فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب؟!!ولا يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب من وجوهٍ كثيرة؟!! لا سيما والعالم لا يخلو من آثار نبيٍّ من لدن آدم إلى زماننا، وقد علم جنس ما جاءت به الأنبياء والمرسلون وما كانوا يدعون إليه، ويأمرون به، ولم تزل آثار المرسلين في الأرض، ولم يزل عند الناس من آثار الرسل ما يعرفون به جنس ما جاءت به الرسل ويفرقون به بين الرسل وغير الرسل.

فلو قُدر أن رجلًا جاء في زمان إمكان بعث الرسل، وأمر بالشرك وعبادة الأوثان وإباحة الفواحش والظلم والكذب، ولم يأمر بعبادة الله ولا بالإيمان باليوم الآخر،
هل كان مثل هذا يحتاج أن يُطالَب بمعجزة ؟! أو يشك في كذبه أنه نبي؟!
ولو قدر أنه أتى بما يظن أنه معجزة، لعُلِم أنه من جنس المخاريق أو الفتن والمحنة؛
ولهذا لما كان الدجال يدعي الإلهية لم يكن ما يأتي به دالًّا على صدقه، للعلم بأن دعواه ممتنعة في نفسها، وإنه كذاب.
وكذلك من نشأ في بني إسرائيل معروفًا بينهم بالصدق والبر والتقوى، بحيث قد خبر خبرة باطنة يعلم منها تمام عقله ودينه، ثم أخبر بأن الله نبأه وأرسله إليهم، فإن هذا لا يكون أولى بالرد من أن يخبرنا الرجل الذي لا يشك في عقله ودينه وصدقه أنه رأى رؤيا.

وهذا المقام يشبه من بعض الوجوه تنازع الناس في أن خبر الواحد هل يجوز أن يقترن به من القرائن والضمائم ما يفيد معه العلم، ولا ريب أن المحققين من كل طائفةٍ على أن خبر الواحد والاثنين والثلاثة
قد يقترن به من القرائن ما يحصل معه الضروري بخبر المخبر، بل القرائن وحدها قد تفيد العلم الضروري، كما يعرف الرجل رضاء الرجل وغضبه وحبه وبغضه وفرحه وحزنه وغير ذلك مما في نفسه بأمور تظهر على وجهه قد لا يمكنه التعبير عنها.
كما قال تعالى (
وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) ثم قال (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، فأقسم أنه لا بد أن يعرف المنافقين في لحن القول، وعلق معرفتهم بالسيما على المشيئة، لأن ظهور ما في نفس الإنسان من كلامه أبين من ظهوره على صفحات وجهه، وقد قيل "ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه"، فإذا كان مثل هذا يعلم به ما في نفس الإنسان من غير إخبار، فإذا اقترن بذلك إخباره كان أولى بحصول العلم، ولا يقول عاقل من العقلاء إن مجرد خبر الواحد أو خبر كل واحد يفيد العلم، بل ولا خبر كل خمسة أو عشرة، بل قد يخبر ألف أو أكثر من ألف ويكونون كاذبين إذا كانوا متواطئين.

وإذا كان صدق المخبر أو كذبه يعلم بما يقترن به من القرائن، بل في لحن قوله وصفحات وجهه، ويحصل بذلك علم ضروري لا يمكن المرء أن يدفعه عن نفسه، فكيف بدعوى المدعي إنه رسول الله؟! كيف يخفي صدقه وكذبه؟! أم كيف لا يتميز الصادق في ذلك من الكاذب بوجوه من الأدلة لا تعد ولا تحصى؟!

وإذا كان الكاذب إنما يأتي من وجهين :
إما أن يتعمد الكذب، وإما أن يُلبَّس عليه كمن يأتيه الشيطان، فمن المعلوم الذي لا ريب فيه إن من الناس من يُعلم منه إنه لا يتعمد الكذب، بل كثير ممن خبره الناس وجربوه من شيوخهم ومعامليهم يعلمون منهم علمًا قاطعًا إنهم لا يتعمدون الكذب، وإن كانوا يعلمون أن ذلك ممكن، فليس كل ما علم إمكانه جُوِّزَ وقوعه، فإنا نعلم أن الله قادرٌ على قلب الجبال ياقوتًا والبحار دمًا، ونعلم إنه لا يفعل ذلك، ونعلم من حال البشر من حيث الجملة إنه يجوز أن يكون أحدهم يهوديا ونصرانيا ونحو ذلك، ونعلم مع هذا أن هذا لم يقع بل ولا يقع من أشخاص وإن من أخبرنا بوقوعه منهم كذبناه قطعًا، ونحن لا ننكر أن الرجل قد يتغير ويصير متعمد الكذب بعد أن لم يكن كذلك، لكن إذا استحال وتغير ظهر ذلك لمن يخبره ويطلع على أموره .


ولهذا لما كانت خديجة رضي الله عنها تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم إنه الصادق البار، قال لها لما جاءه الوحي (إني قد خشيت على عقلي)، فقالت (كلا !! والله لا يخزيك الله ! إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتُكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق)، فهو
لم يخف من تعمد الكذب، فإنه يعلم من نفسه - صلى الله عليه وسلم - إنه لم يكذب، لكن خاف في أول الأمر أن يكون قد عرض له عارض سوء، وهو المقام الثاني، فذكرت خديجة ما ينفي هذا، وهو ما كان مجبولًا عليه من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والأعمال، وهو الصدق المستلزم للعدل والإحسان إلى الخلق، ومن جمع فيه الصدق والعدل والإحسان لم يكن ممن يخزيه الله، وصلة الرحم وقرى الضيف وحمل الكل وإعطاء المعدوم والإعانة على نوائب الحق هي من أعظم أنواع البر والإحسان، وقد علم من سنة الله أن من جبله الله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإنه لا يخزيه.


وأيضًا
: فالنبوة في الآدميين هي من عهد آدم عليه السلام، فإنه كان نبيًّا وكان بنوه يعلمون نبوته وأحواله بالاضطرار، وقد عُلم جنس ما يدعو إليه الرسول، وجنس أحوالهم، فالمدعي للرسالة في زمن الإمكان إذا أتى بما ظهر به مخالفته للرسل علم أنه ليس منهم، وإذا أتى بما هو من خصائص الرسل علم إنه منهم، لا سيما إذا علم أنه لا بد من رسول منتظر، وعلم أن لذلك الرسول صفات متعددة تميزه عمن سواه، فهذا قد يبلغ بصاحبه إلى العلم الضروري بأن هذا هو الرسول المنتظر، ولهذا قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

والمسلك الأول النوعي هو:

مما استدل به
النجاشي على نبوته، فإنه لما استخبرهم عما يخبر به واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه قال (إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة).

وكذلك قبله
ورقة بن نوفل لما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما رآه، وكان ورقة قد تنصر، وكان يكتب الإنجيل بالعبرانية، فقالت له خديجة (يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك ما يقول!)، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بخبره، فقال (هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى، وإن قومك سيخرجونك)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أو مُخرِجيّ هم؟!)، فقال (نعم! لم يأت أحدٌ بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا)، ثم لم ينشب ورقة أن توفي.

والمسلك الثاني الشخصي :

استدل به
هرقل ملك الروم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إليه كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام، طلب هرقل من كان هنا من العرب، وكان أبو سفيان قد قدم في طائفةٍ من قريشٍ في تجارةٍ إلى غزة، فطلبهم وسألهم عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل أبا سفيان وأمر الباقين إن كذب أن يكذبوه، فصار يجدهم موافقين له في الأخبار.

فسألهم : هل كان في آبائه ملك ؟! قالوا : لا .

وهل قال هذا القول أحدٌ قبله ؟! قالوا : لا .
وسألهم : أهو ذو نسبٍ فيكم ؟! قالوا : نعم.
وسألهم : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟! فقالوا : لا جربنا عليه كذبًا.
وسألهم : هل اتبعه ضعفاء الناس أم أشرافهم ؟! فذكروا : أن الضعفاء اتبعوه.
وسألهم : هل يزيدون أم ينقصون ؟! فذكروا : إنهم يزيدون .
وسألهم : هل يرجع أحدٌ منهم عن دينه سخطةً لـه بعد أن يدخل فيه ؟! فقالوا : لا .
وسألهم : هل قاتلتموه ؟! قالوا : نعم .
وسألهم عن الحرب بينهم وبينه، فقالوا : يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى.
وسألهم : هل يغدر!؟ فذكروا : أنه لا يغدر.
وسألهم : بماذا يأمركم ؟! فقالوا : يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.

فهذه أكثر من عشر مسائل، ثم بين لهم ما في هذه المسائل من الدلالة،
وإنه سألهم عن أسباب الكذب وعلاماته، فرآها منتفية، وسألهم عن علامات الصدق، فوجدها ثابتة.

فسألهم : هل كان في آبائه ملك ؟! فقالوا : لا .

قال : قلت فلو كان في آبائه ملك، لقلت رجلٌ يطلب ملك أبيه.

وسألتكَ : هل قال هذا القول فيكم أحدٌ قبله؟! فقلتَ : لا.

فقلتُ : لو قال هذا القول أحدٌ قبله، لقلت رجلٌ ائتم بقول قيل قبله.

ولا ريب أن اتباع الرجل لعادة آبائه واقتدائه بمن كان قبله كثيرًا ما يكون في الآدميين، بخلاف الابتداء بقول لم يعرف في تلك الأمة قبله، وطلب أمرٍ لا يناسب حال أهل بيته فإن هذا قليل في العادة لكنه قد يقع، ولهذا أردفه بقوله :

فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟! فقالوا :لا.

قال : فقد علمت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله.

وذلك أن مثل هذا يكون كذبًا محضًا يكذبه لغير عادةٍ جرت، وهذا لا يفعله إلا من يكون من شأنه أن يكذب، فإذا لم يكن من خلقه الكذب قط بل لم يعرف منه إلا الصدق وهو يتورع أن يكذب على الناس كان تورعه عن أن يكذب على الله أولى وأحق، والإنسان قد يخرج عن عادته في نفسه إلى عادة بني جنسه، فإذا انتفى هذا وهذا كان هذا أبعد عن الكذب وأقرب إلى الصدق .


ثم أردف ذلك بالسؤال عن علامات الصدق فقال :

وسألتكم أضعفاء الناس يتبعونه أم أشرافهم ؟! فقلتم : ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل.

قال فهذه علامة من علامات الرسل، وهو اتباع الضعفاء له ابتداء، قال الله تعالى حكاية عن قوم نوح (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)، وقالوا (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْي)، وقال تعالى في قصة صالح (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)، وقال تعالى في قصة شعيب (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ).


ثم قال هرقل : وسألتكم أيزيدون أم ينقصون ؟! فقلتم : بل يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم.

وسألتكم : هل يرتد أحدٌ منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه؟! فقلتم : لا، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد.

فسألهم عن زيادة أتباعه ودوامهم على اتباعه، فأخبروه أنهم يزيدون ويدومون، وهذا من علامات الصدق والحق، فإن الكذب والباطل لا بد أن ينكشف في آخر الأمر، فيرجع عنه أصحابه ويمتنع عنه من لم يدخل فيه، ولهذا أخبرت الأنبياء المتقدمون أن المتنبىء الكذاب لا يدوم إلا مدة يسيرة، وهذه من بعض حجج ملوك النصارى الذين يقال إنهم من ولد قيصر هذا أو غيرهم، حيث رأى رجلًا يسب النبي صلى الله عليه وسلم من رؤوس النصارى، ويرميه بالكذب، فجمع علماء النصارى وسألهم عن المتنبىء الكذاب، كم تبقى نبوته فأخبروه بما عندهم من النقل عن الأنبياء إن الكذاب المفتري لا يبقى إلا كذا وكذا سنة، لمدة قريبة إما ثلاثين سنة أو نحوها، فقال لهم : هذا دين محمد له أكثر من خمسمائة سنة أو ستمائة سنة وهو ظاهر مقبول متبوع، فكيف يكون هذا كذابًا ؟! ثم ضرب عنق ذلك الرجل.


وسألهم هرقل عن محاربته، فأخبروه أنه في الحرب تارة يغلِب كما غلب يوم بدر وتارة يغلَب كما غلب يوم أحد، وإنه إذا عاهد لا يغدر، فقال لهم : وسألتكم كيف الحرب بينكم وبينه؟! فقلتم إنها دوال يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى، وكذلك الرسل تبتلى وتكون العاقبة لها، قال : وسألتكم هل يغدر؟! فقلتم : إنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر.


فهو لما كان عنده من علمه بعادة الرسل وسنة الله، فيهم أنه تارة ينصرهم وتارة يبتليهم، وأنهم لا يغدرون، علم أن هذا من علامات الرسل.

فإن سنة الله في الأنبياء والمؤمنين أنه يبتليهم بالسراء والضراء:

لينالوا درجة الشكر والصبر، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا لـه، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).

والله تعالى قد بين في القرآن ما في إدالة العدو عليهم يوم أُحد من الحكمة، فقال (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) فمن الحكم تمييز المؤمن عن غيره، فإنهم إذا كانوا دائمًا منصورين لم يظهر لهم وليهم وعدوهم، إذ الجميع يظهرون الموالاة فإذا غُلبوا ظهر عدوهم، قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)، وقال تعالى (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) وأمثال ذلك.

ومن الحكم أن يتخذ منكم شهداء، فإن منزلة الشهادة منزلة علية في الجنة، ولا بد من الموت، فموت العبد شهيدًا أكمل له وأعظم لأجره وثوابه ويكفر عنه بالشهادة ذنوبه وظلمه لنفسه والله لا يحب الظالمين.

ومن ذلك : أن يمحص الله الذين آمنوا فيخلصهم من الذنوب، فإنهم إذا انتصروا دائمًا حصل للنفوس من الطغيان وضعف الإيمان ما يوجب لها العقوبة والهوان، قال تعالى (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ)، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تقيمها الرياح تقومها تارة وتمليها أخرى، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تزال ثابتة على أصلها حتى يكون انجفافها مرة واحدة)، وسئل صلى الله عليه وسلم "أي الناس أشد بلاء؟!" فقال (الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلي الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه رقة خفف عنه وإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، ولا يزال البلاء بالمؤمن في نفسه وأهله وماله حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة، وقد قال تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، وقال تعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، وفي الأثر فيما روي عن الله تعالى ( يا ابن آدم !! البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك )، وفي الأثر أيضًا إنهم إذا قالوا للمريض اللهم ارحمه يقول الله (كيف أرحمه من شيء به أرحمه).

وقد شهدنا أن العسكر إذا انكسر خشع لله، وذل وتاب إلى الله من الذنوب، وطلب النصر من الله، وبرىء من حوله وقوته متوكلًا على الله، ولهذا ذكرهم الله بحالهم يوم بدر وبحالهم يوم حنين فقال (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقال تعالى (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) وشواهد هذا الأصل كثيرة، وهو أمر يجده الناس بقلوبهم ويحسونه ويعرفونه من أنفسهم ومن غيرهم وهو من المعارف الضرورية الحاصلة بالتجربة لمن جربها والأخبار المتواترة لمن سمعها.

ثم ذكر حكمة أخرى فقال (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) وذلك أن الله سبحانه إنما يعاقب الناس بأعمالهم، والكافر إذا كانت له حسنات أطعمه الله بحسناته في الدنيا، فإذا لم تبق لـه حسنة عاقبه بكفره، والكفار إذا أديلوا يحصل لهم من الطغيان والعدوان وشدة الكفر والتكذيب ما يستحقون به المحق، ففي إدالتهم ما يمحقهم الله به.

وأما الغدر :
فإن الرسل لا تغدر أصلا، إذ الغدر قرين الكذب، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، وفي الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم (أربعٌ من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر).

قلت : الغدر ونحوه داخل في الكذب كما قال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ)، فالغدر يتضمن كذبًا في المستقبل، والرسل صلوات الله عليهم منزهون عن ذلك فكان هذا من العلامات.



قال وسألتك : بم يأمركم ؟! فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والصلة، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، وهذه صفة نبي، وقد كنت أعلم أن نبيًّا يُبعث، ولم أكن أظن أنه منكم، ولوددت أني أخلص إليه، ولولا ما أنا فيه من الملك لذهبت إليه، وإن يكن ما يقول حقًّا فسيملك موضع قدمي هاتين.


وكان المخاطب بذلك أبو سفيان بن حرب، وهو حينئذ كافر، من أشد الناس بغضًا وعداوةً للنبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو سفيان: ( فقلت لأصحابي ونحن خروج : لقد أَمِر أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، وما زلت موقنًا بأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام وأنا كاره) .


قلت فمثل هذا السؤال والبحث أفاد هذا العاقل اللبيب علمًا جازمًا بأن هذا هو النبي الذي ينتظره .


وقد اعترض على هذا بعض من لم يدرك غور كلامه وسؤاله كالماوردي ونحوه، وقال إنه بمثل هذا لا تعلم النبوة وإنما تعلم بالمعجزة، وليس الأمر على ما قال،
بل كل عاقلٍ سليمُ الفطرة إذا سمع هذا السؤال والبحث علم أنه من أدل الأمور على عقل السائل وخبرته واستنباطه ما يتميز به هل هو صادق أو كاذب، وأنه بهذه الأمور تميز له ذلك.

ومما ينبغي أن يعرف أن ما يحصل في القلب لمجموع أمور قد لا يستقل بعضها به، بل كل ما يحصل للإنسان من شبعٍ وريٍّ وسكرٍ وفرحٍ وغمٍّ بأمورٍ مجتمعةٍ لا يحصل ببعضها، لكن بعضها قد يحصل بعض العلم، وكذلك العلم بمجرد الأخبار وبما جربه من المجربات وبما في نفس الإنسان من الأمور، فإن الخبر الواحد يحصل في القلب نوع ظن، ثم الآخر يقويه إلى أن ينتهي إلى العلم، حتى يتزايد فيقوى، وكذلك ما يجربه الإنسان من الأمور وما يراه من أحوال الشخص، وكذلك ما يستدل به على كذبه وصدقه.) انتهى من شرح العقيدة الأصفهانية.





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 24.07.2012, 10:46

الاشبيلي

مشرف أقسام النصرانية و رد الشبهات

______________

الاشبيلي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.798  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.01.2024 (10:38)
تم شكره 157 مرة في 101 مشاركة
افتراضي


للرفع.......




رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
النبوة, العقلية, دلائل


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
دلائل صحة نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم العقلية والنقلية د/مسلمة إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة 25 20.04.2014 21:09
دلائل صحة نبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم العقلية والنقلية د/مسلمة تعرف على الإسلام من أهله 28 31.05.2013 06:23
اخترت لك من دلائل النبوة 9 مجدي فوزي الإعجاز فى القرآن و السنة 2 16.03.2012 03:07
سلسلة اخترت لكم من دلائل النبوة مجدي فوزي الإعجاز فى القرآن و السنة 11 12.03.2012 23:56
من دلائل النبوة .. د. منقذ السقار ابو الياسمين والفل الحديث و السيرة 12 02.05.2011 05:41



لوّن صفحتك :