تفسير الآيات الثلاث الأخيرة من سورة الحشر
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.gamr15.org/up//uploads/im...14ef6f7cd5.gif http://www5.0zz0.com/2010/08/22/02/972897299.gif يَقُوْل ابْن الْقَيِّم رَحِمَه الْلَّه : لَو عَلِم الْنَّاس مَا فِي قَرَأَة الْقُرْآَن بِالْتَّدَبُّر لَا اشْتَغَلُوا بِهَا عَن كُل مَا سِوَاهَا ، فَإِذَا قَرَأَة بِتْفَكِّر حَتَّى مَر بِآَيَة هُو مُحْتَاج إِلَيْهَا فِي شِفَاء قَلْبِه كَرَّرَهَا وَلَو مَائَة مَرَّة ، وَلَو لَيْلَة ، فَقِرَاءَة آَيَة بِتَفَكُّر وَتَفَهُّم خَيْر مِن قِرَاءَة خَتْمَة بِغَيْر تَدَبُّر و تَفَهَّم ، و أَنْفَع لِلْقَلْب ، و ادَّعَى إِلَى حُصُوْل الْإِيْمَان و ذَوْق حَلَاوَة الْقُرْآَن . تَفْسِيْر الْأَيَّات الثَّلَاث الْأَخِيرَه مِن سُوْرَة الْحَشْر ( الْآَيَات ) قَال تَبَارَك وَتَعَالَى: {هُو الْلَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُو عَالِم الْغَيْب وَالَشَّهَادَة هُو الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم} (22) {هُو الْلَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُو الْمَلِك الْقُدُّوْس الْسَّلَام الْمُؤْمِن الْمُهَيْمِن الْعَزِيْز الْجَبَّار الْمُتَكَبِّر سُبْحَان الْلَّه عَمَّا يُشْرِكُوْن } (23) {هُو الْلَّه الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر لَه الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّح لَه مَا فِي الْسَّمَاوَات وَالْأَّرْض وَهُو الْعَزِيْز الْحَكِيْم} (24) سُوْرَة الْحَشْر ( الْتَّفْسِيْر ) قَال تَعَالَى : { هُو الْلَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُو عَالِم الْغَيْب وَالَشَّهَادَة هُو الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم } أَخْبَر تَعَالَى أَنَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُو فَلَا رَب غَيْرِه ، وَلَا إِلَه لِلْوُجُوْد سِوَاه ، وَكُل مَا يَعْبُد مِن دُوْنِه فَبَاطِل ، وَأَنَّه عَالِم الْغَيْب وَالَشَّهَادَة أَي : يَعْلَم جَمِيْع الْكَائِنَات الْمُشَاهَدَات لَنَا وَالْغَائِبَات عَنَّا فَلَا يَخْفَى عَلَيْه شَيْء فِي الْأَرْض ، وِلَا فِي الْسَّمَاء مِن جَلِيْل وَحَقِيْر وَصَغِيْر وَكَبِيْر ، حَتَّى الذَّر فِي الْظُّلُمَات. ________________________ وَقَوْلُه : { هُو الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم } وَالْمُرَاد أَنَّه ذُو الْرَّحْمَة الْوَاسِعَة الْشَّامِلَة لِجَمِيْع الْمَخْلُوْقَات فَهُو رَحْمَن الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة وَرَحِيِمَهُمَا وَقَد قَال تَعَالَى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَت كُل شَيْء } [الْأَعْرَاف : 156] وَقَال { كَتَب رَبُّكُم عَلَى نَفْسِه الْرَّحْمَة } [الْأَنْعَام : 54] وَقَال { قُل بِفَضْل الْلَّه وَبِرَحْمَتِه فَبِذَلِك فَلْيَفْرَحُوْا هُو خَيْر مِمَّا يَجْمَعُوْن } [يُوْنُس : 58]. وَقَوْلُه : { هُو الْلَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُو الْمَلِك } أَي : الْمَالِك لِجَمِيْع الْأَشْيَاء الْمُتَصَرِّف فِيْهَا بِلَا مُمَانَعَة وَلَا مُدَافَعَة. وَقَوْلُه : { الْقُدُّوْس } قَال وَهْب بْن مُنَبِّه : أَي الْطَّاهِر وَقَال مُجَاهِد ، وَقَتَادَة : أَي الْمُبَارَك وَقَال ابْن جُرَيْج : تُقَدِّسُه الْمَلَائِكَة الْكِرَام { الْسَّلَام } أَي : مِن جَمِيْع الْعُيُوْب وَالْنَّقَائِص ؛ بِكَمَالِه فِي ذَاتِه وَصِفَاتِه وَأَفْعَالِه. وَقَوْلُه : { الْمُؤْمِن } قَال الْضَّحَّاك ، عَن ابْن عَبَّاس : أَي أَمَّن خَلَقَه مِن أَن يَظْلِمَهُم. وَقَال قَتَادَة : أَمَّن بِقَوْلِه : إِنَّه حَق. وَقَال ابْن زَيْد : صَدَّق عِبَادَه الْمُؤْمِنِيْن فِي أَيْمَانِهِم بِه. وَقَوْلُه : { الْمُهَيْمِن } قَال ابْن عَبَّاس وَغَيْر وَاحِد : أَي الْشَّاهِد عَلَى خَلْقِه بِأَعْمَالِهِم بِمَعْنَى : هُو رَقِيْب عَلَيْهِم ، كَقَوْلِه : { وَاللَّه عَلَى كُل شَيْء شَهِيْد } [الْبُرُوْج : 9] وَقَوْلُه { ثُم الْلَّه شَهِيْد عَلَى مَا يَفْعَلُوْن } [يُوْنُس : 46]. وَقَوْلُه : { أَفَمَن هُو قَائِم عَلَى كُل نَفْس بِمَا كَسَبَت } [الْرَّعْد : 33]. وَقَوْلُه : { الْعَزِيْز } أَي : الَّذِي قَد عَز كُل شَيْء فَقَهَرَه ، وَغَلَب الْأَشْيَاء فَلَا يُنَال جَنَابِه ؛ لِعِزَّتِه وَعَظَمَتِه وَجَبَرُوْتِه وَكِبْرِيَائِه ؛ وَلِهَذَا قَال : { الْجَبَّار الْمُتَكَبِّر } أَي : الَّذِي لَا تَلِيْق الْجَبْرِّية إِلَا لَه ، وَلَا التَّكَبُّر إِلَّا لِعَظَمَتِه ، كَمَا تَقَدَّم فِي الْصَّحِيْح : "الْعَظَمَة إِزَارِي ، وَالْكِبْرِيَاء رِدَائِي ، فَمَن نَازَعَنِي وَاحِدا مِنْهُمَا عَذَّبْتُه". وَقَال قَتَادَة : الْجَبَّار : الَّذِي جَبَر خَلْقِه عَلَى مَا يَشَاء. وَقَال ابْن جَرِيْر : الْجَبَّار : الْمُصْلِح أُمُوْر خَلْقِه ، الْمُتَصَرِّف فِيْهِم بِمَا فِيْه صَلَاحُهُم. وَقَال قَتَادَة : الْمُتَكَبِّر : يَعْنِي عَن كُل سُوَء. ثُم قَال : { سُبْحَان الْلَّه عَمَّا يُشْرِكُوْن } وَقَوْلُه : { هُو الْلَّه الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر } الْخَلْق : الْتَّقْدِيْر ، وَالْبَرَاء : هُو الْفَرْي ، وَهُو الْتَّنْفِيْذ وَإِبْرَاز مَا قَدَّرَه وَقَرَّرَه إِلَى الْوُجُوْد ، وَلَيْس كُل مَن قَدَر شَيْئا وَرَتَّبَه يَقْدِر عَلَى تَنْفِيذِه وَإِيْجَادِه سِوَى الْلَّه ، عَز وَجَل. ________________________ قَال الْشَّاعِر يَمْدَح آَخَر وَلَأَنْت تَفْرِي مَا خَلَقْت وَبَعْض الْقَوْم يَخْلُق ثُم لَا يَفْرِي أَي : أَنْت تَنْفُذ مَا خَلَقْت ، أَي : قُدِّرَت ، بِخِلَاف غَيْرِك فَإِنَّه لَا يَسْتَطِيْع مَا يُرِيْد. فَالَخَلْق : الْتَّقْدِيْر. وَالْفَرْي : الْتَّنْفِيْذ. وَمِنْه يُقَال : قَدَّر الْجَلَّاد ثُم فَرَى ، أَي : قِطَع عَلَى مَا قَدَّرَه بِحَسَب مَا يُرِيْدُه. وَقَوْلُه تَعَالَى : { الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر } أَي : الَّذِي إِذَا أَرَاد شَيْئا قَال لَه : كُن ، فَيَكُوْن عَلَى الْصِّفَة الَّتِي يُرِيْد ، وَالْصُوْرَة الَّتِي يَخْتَار. كَقَوْلِه : { فِي أَي صُوْرَة مَا شَاء رَكَّبَك } [الْإِنْفِطَار : 8] وَلِهَذَا قَال : { الْمُصَوِّر } أَي : الَّذِي يُنْفِذ مَا يُرِيْد إِيْجَادَه عَلَى الْصِّفَة الَّتِي يُرِيْدُهَا. وَقَوْلُه : { لَه الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } ذَكَر الْحَدِيْث الْمَرْوِي فِي الْصَّحِيْحَيْن عَن أَبِي هُرَيْرَة ، عَن رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : "إِن لِلَّه تَعَالَى تِسْعَة وَتِسْعِيْن اسْما ، مِائَة إِلَا وَاحِدا ، مَن أَحْصَاهَا دَخَل الْجَنَّة ، وَهُو وِتْر يُحِب الْوِتْر". وَقَوْلُه : { يُسَبِّح لَه مَا فِي الْسَّمَاوَات وَالْأَرْض } كَقَوْلِه { تُسَبِّح لَه الْسَّمَاوَات الْسَّبْع وَالْأَرْض وَمَن فِيْهِن وَإِن مِن شَيْء إِلَّا يُسَبِّح بِحَمْدِه وَلَكِن لَا تَفْقَهُوْن تَسْبِيْحَهُم إِنَّه كَان حَلِيْما غَفُوْرا } [الْإِسْرَاء : 44] وَقَوْلُه : { وَهُو الْعَزِيْز } أَي : فَلَا يُرَام جَنَابِه { الْحَكِيْم } فِي شَرْعِه وَقَدَّرَه. وَقَد قَال الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الْزُّبَيْرِي ، حَدَّثَنَا خَالِد - يَعْنِي : ابْن طَهْمَان ، أَبُو الْعَلَاء الْخَفَّاف - حَدَّثَنَا نَافِع ابْن أَبِي نَافِع ، عَن مَعْقِل بْن يَسَار عَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال : "مَن قَال حِيْن يُصْبِح ثَلَاث مَرَّات : أَعُوْذ بِاللَّه الْسَّمِيْع الْعَلِيْم مِن الْشَّيْطَان الْرَّجِيْم ، ثُم قَرَأ ثَلَاث آَيَات مِن آَخِر سُوْرَة الْحَشْر ، وَكَّل الْلَّه بِه سَبْعِيْن أَلْف مَلَك يُصَلُّوْن عَلَيْه حَتَّى يُمْسِي ، وَإِن مَات فِي ذَلِك الْيَوْم مَات شَهِيْدا ، وَمَن قَالَهَا حِيْن يُمْسِي كَان بِتِلْك الْمَنْزِلَة". وَرَوَاه الْتِّرْمِذِي عَن مَحْمُوْد بْن غَيْلَان ، عَن أَبِي أَحْمَد الْزُّبَيْرِي ، وَقَال : غَرِيْب لَا نَعْرِفُه إِلَّا مِن هَذَا الْوَجْه. مِن تَفْسِيْر ابْن كَثِيْر رَحِمَه الْلَّه تَعَالَى |
جزاك الله خيرا الفاضلة هبة الرحمن
مقدمة بن القيم مفيدة جدا وتفسير الايات مختصر وجميل نفع الله بك |
اقتباس:
وجزاكِ خيرا أختى الكريمة بارك الله فيكِ وأسعدكِ فى الدارين |
جميع الأوقات حسب التوقيت الدولي +2. الساعة الآن 06:31. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.