السجود ونص " أتؤمن بابن الله " هل يدلان على ألوهية يسوع ؟

[حارس الحدود (أستاذ باحث)]

السجود ونص " أتؤمن بابن الله " هل يدلان على ألوهية يسوع ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
في يوحنا 9 / 35 :
٣٥فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجًا، فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ:"أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟"‏٣٦أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: "مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟"‏٣٧فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: "قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!".‏٣٨فَقَالَ: "أُومِنُ يَا سَيِّدُ!". وَسَجَدَ لَهُ.
السجود هنا بمعنى الإنحناء وهذا السجود يكون للإحترام والتقدير مثل ما سجد يَايْرس رئيس المجمع ليسوع كما ورد في متى 9/18 ، والذي قال أن هذا سجود احترام هو قاموس الكتاب المقدس تحت كلمة " سجد " قالوا :" السجود يدل على تقديم الاحترام والإكرام والتحية المتواضعة (تك٣٧: ١٠ و١ مل ١: ٥٣ ومت٩: ١٨) " .
ولم يضرب قاموس الكتاب المقدس أي مثال للسجود ليسوع في العهد الجديد على أنه سجود عبادة .
وجاء في قاموس الكتاب المقدس الذي ألفه جورج بوست المجلد الأول ص549 يقول :
" سجد يسجد سجود .. السجود دلالة على الوقار والإتضاع من غير أن يتضمن شعُورا دينيا ".
ولكن للأسف الترجمات الغير الأمينة قالت سجد له للدلالة على أن الأعمى بعدما أعلن له يسوع أنه ابن الله سجد له على أنه رب أو ابناً لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وسأتكلم عن قضية " أتؤمن بابن الله " في الأخير.
أما قصد يسوع عندما قال للأعمى أتؤمن بابن الله الذي هو أنا يعني أتؤمن بأني عبد من عباد الله الذين أطلق عليهم ابنَاء الله ، ومعنى ابن الله واضح لا يحتاج لتفسير ، وندما جاء اليهود يحاجون يسوع في أنه يقول عن نفسه أنه ابن الله قال لهم وايه يعني ما هو الله قال في ناموسكم أنا قلت أنكم آلهة .. ولو رجعنا للمزمور 82 العدد 6 نقرأ أن الله قال لقضاة بني إسرائيل ٦‏أنا قلت: إنكم آلهة وبنو العلي كلكم.
يقول علماء التفسير التطبيقي على هذا النص " يقول المرنم عن قضاة بني إسرائيل، إنهم "آلهة"، "وبنو العلي". فيدعوهم "آلهة" لأنهم يمثلون الله في تنفيذ الحكم استخدم الرب يسوع هذه العبارات للدفاع عن دعواه بأنه الله. وكان دفاعه هو : إذا كان الله يدعو البشر "آلهة"، فلماذا يكون من التجديف أن يقول هو، ابن الله، عن نفسه إنه معادل لله؟ ".
بمعنى أن من ينفذ ما أمره الله به يُدعى ابناً لله أو يُدعى الله ، بل أكثر من هذا لو شخص يريد أن يسأل الله بالدعاء أو يستفسر عن مسألة فإنه يذهب للنبي كما في صموئيل الأول 9/9 ٩‏سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ هكَذَا كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ اللهَ: "هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى الرَّائِي". لأَنَّ النَّبِيَّ الْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقًا الرَّائِيَ.
فكان من يذهب ليسأل النبي أو الرائي كان كمن سأل الله ، وهذا الإنتساب لله هو تشريف له لأنه يبلغ عن ربه ، فيسوع خرج من عند الله كرسول وكمُرسل كما قال في يوحنا ٨:‏٤٢ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:"لَوْ كَانَ اللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لأَنِّي ‍خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي.
وكذلك الرسل والأنبياء خرجُوا من عند الله كما ورد في حزقيال ٣٠:‏٩ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَ‍خْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ، فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ، لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي.
خرجوا من قبل الله كناية على أن الله أرسلهم من عند وكلف إليهم رسالة لابد لهم أن يكملوها كما أكملها يسوع عندما قال في يوحنا ١٧:‏٤ أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. ‍الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.
فابن الله إذن لا تعني أنه مسَاو لله أو أنه يساوي نفسه لله ، ولو استقرأنا النصوص التي وردت في مناظرة يسوع لليهود في يوحنا 10/ 30-36 ٣٠أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ".‏٣١فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ.‏٣٢أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:"أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟"‏٣٣أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:"لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا"‏٣٤أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: "أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟‏٣٥إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ،‏٣٦فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ .
عندما قالوا له أنت تجدف وتقول بأنك ابن الله وتساوي نفسك بالإله .. طبعا هذا فهم اليهود .. رد عليهم وصحح لهم فهمهم وقال " "أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟‏٣٥إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ،‏٣٦فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ".
كأنه يقول " الله قال أنكم آلهة فهل هذا يعني أنكم آلهة في الحقيقة أم أنه المعنى المتبدر عندكم من أن الإله هو السيد على الشيء ؟ والله قال أنكم أبناؤه فهل الرب ساواكم به عندما قال أنكم بنو العلي كلكم ؟
فهو يرد على فهم الأعوج السقيم .. لأنهم كانوا يبحثون على أي شيء ليدينوه به كما في حنا ٨:‏٦ قَالُوا هذَا لِ‍يُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ.
فصحح لهم يسوع فهمهم بأن ابن الله تعني كذا وكذا وليس مساواةً لله .
وقد دُعي يسوع ابن العلي كما في لوقا 1/32 كما دعي قضاة بني إسرائيل أبناء العلي في المزمور 82 /6 .
وإذا اردت أن تكون ابناً لله اصنع السلام وهتسمع شوبيك لوبيك لقب ابن الله عليك .. في نص متى ٥:‏٩ طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ ‍أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ.
أو بارك لاعنك أحسن لمبغضِك وأحبِب عدوك ستكون ابن الله في متى ٥ : ٤٤ -45 ٤٤وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،‏٤٥لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ .
وبما أن المسيحي يقول أن في الروح القدس وممتلئ بالروح القدس فخلاص أنت ابن الله .. من قال ذلك يالباحث ؟ قاله بولس في رسالته لرومية 8/14 لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ ‍أَبْنَاءُ اللهِ.
هلليلويا يا مسيحي مبروك عليك بالُبنوة والعُقبة للأبوة ..
تعالوا الآن نشوف النصوص اليونانية وحالها مع موضوع السجود ..
في يوحنا 9/38 نقرأ ‏٣٨فَقَالَ: "أُومِنُ يَا سَيِّدُ!". وَسَجَدَ لَهُ.
ما معنى السجود هنا ؟ وهل السجود في هذا الموضع استعمل في مواضع أخرى .
لو أردنا أن نعرف نص يوحنا 9/38 في اليوناني عامل إزاي نجده هكذا :
Joh 9:38 ο δε εφη πιστευω κυριε και προσεκυνησεν αυτω
ويقرأ :
Pistévo kýrios kaih proskynisey afto
الكلمة المُرادة هي = προσεκυνησεν وتنطق proskynisey وتعني الإنحناء أو السجود .
لو تتبعنا أماكن وجود هذه الكلمة في الكتاب المقدس نجدها وردت في نص التكوين ١٨ : ٢ ٢فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ .
النص في اليوناني يكتب هكذا :
Σκηνης αυτου και προσεκυνησεν επι την γην .
ويقرأ هكذا :
Skinis aftoo kaih proskynise epi tin gheh
سكينيس " خيمة " أفتو كيه " و " بروسكينيسي " سجد أو انحنى " إبي " على " تين " هذه أداة تعريف أل " غيه الأرض "
نلاحظ في هذا النص أنهم استعملوا نفس اللفظة التي استعملت في السجود ليسوع ، فإما السجود يعني سجود عبادة أو سجُود احترام .
وعندما رأى بنو الأنبياء ما صنع إليشع كما في الملوك الثاني 2 /15 قالوا قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ". فَجَاءُوا لِلِقَائِهِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى الأَرْضِ.
لو فحصنا النص اليوناني " greek old testament " نجد أنهم استعملوا نفس اللفظة " προσεκυνησαν " proskynise والتي تعني السجُود .
مع أنهم سجدوا لإليشع الذي استقرت عليه روح إيليا .. وبينت أن كل من أرسل من الله أو جاء بمعجزات فهو ابن الله خصوصا إن كان اليشع خليفة إيليا في العمل النبوي .. ومكملا لعمل إيليا بعدما رفع إلى السماء بمركبة نارية .
فلماذا لا نعتبر هذا سجُود عبادة ؟ أم أنهم يتفنون في اللفظة كيفما شاؤوا ؟ إذا استعملت اللفظة في يسوع قالوا سجُ,د عبادة لا يمكن أن يكون سجود احترام .. ولكن لما استعملت في أنبياء آخرين قالوا هي سجود احترام .. وقد قالها ربُّنا تبارك وتعالى " يحرفون الكلم من بعد مواضعه " .. وقالها كتابهم في المزامير ٥٦:‏٥ الْيَوْمَ كُلَّهُ ‍يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.
وهذه كلها أدلة على التحريف بالمعنى أما الأدلة على التحريف اللفظي والنصي فأدلته تترى يا إخوة في القرآن والكتاب المقدس .
ومن جهة أخرى .. أريد أن اعرف لماذا ترجمة الفاندايك تتلاعب بالنصوص ؟ لما النص فيه " أتؤمن بابن الإنسان " ماذا غيرتها ترجمة الفاندايك إلى أتؤمن بابن الإنسان ؟؟
الترجمة اليسوعية قالت في يوحنا 9/35 فسَمِعَ يسوع أَنَّهم طَردوه. فلَقِيَه وقالَ له:

«أَتُؤمِنُ أَنتَ بِابنِ الإِنسان ؟» 36أَجاب: «ومَن هو. يا ربّ، فأُومِنَ به؟» 37قالَ له يسوع: «قد رَأَيتَه،هو الَّذي يكَلِّمُكَ». 38فقال: «آمنتُ، يا ربّ» وسجَدَ له.

وترجمة الأخبار السارة المعروفة بالترجمة العربية المُشتركة والتي هي نتاج عمل ضخم بين الطوائف المسيحية تقول 35فسَمِعَ يَسوعُ أنَّهُم طَرَدوهُ، فقالَ لَه عِندَما لَقِـيَهُ: «أتُؤمِنُ أنتَ باَبنِ الإنسانِ؟« 36أجابَ: «ومَنْ هوَ، يا سيِّدي، فأُوْمِنَ بهِ! «.
وفي الترجمة البولسية تقول وسَمعَ يَسوعُ أَنَّهم طَرَدوهُ، فَلَقِيَهُ وقالَ لَهُ: "أَتُؤْمِنُ بابْنِ البَشر!" 36 فأَجابَ ذلكَ، وقال: "ومَنْ هُوَ، يا سَيِّدي، حتَّى أُؤْمِنَ بِه؟" 37 فقالَ لَهُ يَسوع: "إِنَّكَ تَرَاه؛ فَهُوَ الذَّي يُكَلِّمُكَ". 38 فَقال: "أَنا أُؤْمِنُ، يا رَبّ"؛ وسَجَدَ لَه .
في الترجمة اليونانية المُسماة westcott-hort greek new tastement تقول :
ηκουσεν ιησους οτι εξεβαλον αυτον εξω και ευρων αυτον ειπεν συ πιστευεις εις τον υιον του ανθρωπου .
ويقرأ :
إِيكُوسَّانْ إيسُوسْ أُوتِي إِيكْزِيفَالُونْ آفْتُونْ إيكْسُو كِيهْ إيفْرُو آفْتُونْ إييْبَّنْ سِي بِيسْتَافِيسْ إيْسْ تُونْ إِييُونْ تُوو آنْتْرُوبُو .
الشاهد من هذا النص هي هذه العبارة " υιον του ανθρωπου " إِييُونْ تُوو آنْتْرُوبُو والتي تعني ابن الإنسان في قاموس سترونج تترجم كلمة آنتْرُوبُو إلى a human being و man اي على الكائن البشري أو الرجل كلا الكلمتين تترادفان في كلمة واحدة وهي " الإنسان ".
في ترجمة أخرى بدل أن تكون الكلمة آنتروبو .. وضعوا مكانها theos والتي تعني God or lord كما استعملت في متى 3/16 في روح الله .. فقد استعملوا لفظة ثيوس .
فالسؤال هل يسوع قال أتؤمن بابن الله أم بابن الإنسان ؟

للمزيد من مواضيعي