آخر 20 مشاركات
خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القرآن الكريم يعرض لظاهرة عَمَى الفضاء (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أفلا أكون عبداً شكوراً (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 17 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يُربط زوراً و بهتاناً الإرهاب و التطرف بإسم الإسلام ؟؟!! (الكاتـب : د/ عبد الرحمن - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          كتاب ( خلاصة الترجيح في نجاة المسيح ) أخر ما كتبت في نقد عقيدة الصلب والفداء (الكاتـب : ENG MAGDY - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :21  (رابط المشاركة)
قديم 26.10.2010, 11:28
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


الاجتياح التتري الثالث

مقدمة

منذ تولى "منكوخان" زعامة دولة التتار وهو يفكر في إسقاط الخلافة العباسية، واجتياح العراق، ثم بعد ذلك اجتياح الشام ومصر.. وكان منكوخان قائداً قوياً حازماً، لكن ساعده بصورة أكبر إخوته الثلاثة الذين كانوا عوناً له في تحقيق أحلامه.. فأحد إخوته وهو "أريق بوقا" ظل معه في "قراقورم" العاصمة؛ ليدير معه الإمبراطورية الواسعة.. وأما الأخ الثاني "قبيلاي" فقد أوكل إليه إدارة الأقاليم الشرقية، والتي تضم الصين وكوريا وما حولها من أقاليم.. وأما الأخ الثالث "هولاكو" فقد أصبح مسئولاً عن إدارة إقليم فارس وما حوله، مما يجعله في مواجهة الخلافة الإسلامية مباشرة.. ولا شك أن الجميع قد سمع عن اسم "هولاكو" قبل ذلك!!..
هولاكو هو الزعيم التتري السفاح.. الذي لا يمتلك أية نزعة إنسانية.. الرجل الذي كان لا يرتوي إلا بدماء البشر.. تماماً كسلفه جنكيزخان، لعنهما الله..
هولاكو.. شخصية من أبشع الشخصيات في تاريخ الأرض!!..
ولأنه كان موكلاً بقيادة إقليم فارس، فإن مجال عمله الرئيسي كان البلاد الإسلامية.. وكانت معظم الدماء التي أراقها دماءً إسلامية.. ومعظم الآلام التي زرعها في قلوب البشر كانت في قلوب المسلمين.. وسبحان الله!.. كأن الحقد الذي كان في قلب هولاكو لم يكن كافياً لتدمير الأرض، فقد تزوج امرأة لا تقل عنه حقداً وبطشاً وظلماً.. لقد تزوج من الأميرة المغولية "طقزخاتون"، وكانت امرأة قوية ذات نفوذ في البلاط المغولي، وكانت فوق ذلك قد انتقلت إلى النصرانية، وكانت شديدة التعصب لديانتها، وشديدة الكراهية للإسلام..
وهكذا اجتمع هولاكو مع زوجته "طقزخاتون" ليصبا جام غضبهما على الأمة الإسلامية.. وكان الهدف واضحاً في ذهن هولاكو.. إنه كان يريد بوضوح أن يُسقط "بغداد" عاصمة الخلافة العباسية، ثم يتجاوزها إلى ما بعدها..
ومنذ تسلم هولاكو قيادة قطاع فارس وهو يعد العدة لإسقاط الخلافة العباسية.. والحق أن إعداده كان مبهراً عظيماً.. بقدر ما كان رد فعل المسلمين لهذا الإعداد تافهاً حقيراً.. وإذا كان الوضع كذلك فلابد أن ينتصر هولاكو على مناوئيه وإن كانوا مسلمين؛ ذلك لأن لله عز وجل سننًا لا تتبدل ولا تتغير، والذي يأخذ بأسباب النصر من أهل الدنيا يعطيه الله عز وجل وإن كان كافراً، والذي لا يُعد نفسه ليوم اللقاء لابد أن ينهزم وإن كان مسلماً..
[من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها، وهم فيها لا يبخسون]..
وهكذا أراد هولاكو حياته الدنيا، وأعد لها إعداداً جيداً، فأخذ نصيبه من الدنيا ولم يُبخس منه شيئاً..





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :22  (رابط المشاركة)
قديم 26.10.2010, 11:30
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


ماذا فعل هولاكو لكي يسقط الخلافة العباسية؟

لقد بدأ هولاكو عمله في سنة 649 هجرية بحمية شديدة وسرعة فائقة، ومع ذلك فإنه كان يتحلى بالصبر والأناة والإتقان في كل خطوة.. فمع حقده الشديد ورغبته الملحة في تدمير الخلافة الإسلامية، واشتياقه الكامل لكنوز العباسيين، ومع كثرة جنوده وتفوقه العسكري الظاهر، إلا أنه ـ برغم كل هذا ـ لم يتسرع في اتخاذ قرار الحرب ضد الخلافة العباسية.. بل ظل يعد العدة في صبر حتى مرت خمس سنوات كاملة من سنة 649 هجرية إلى سنة 654 هجرية، وهو يعمل في نشاط لكي يكون جاهزاً تماماً..

وتعالوا نتابع - كما كان المسلمون آنذاك يتابعون! - خطوات هولاكو في إعداده: لقد عمل هولاكو في أربعة محاور رئيسية، وبصورة متناسقة.. هذه المحاور الأربعة تزيد جداً من فرصة انتصاره على الخلافة العباسية، وكل هذا العمل يتم قبل حركة الجيوش، وقبل النزول الفعلي إلى ساحة المعركة في بغداد.. والجدير بالذكر أن هذا الإعداد -في معظمه - كان يتم علناً على مرأى ومسمع من المسلمين وغير المسلمين..!! والتاريخ يتكرر!!...

المحور الأول

الاهتمام بالبنية التحتية، وتجهيز مسرح العمليات، وضمان استمرارية وسيولة الإمداد والتموين:

1ـ بدأ هولاكو في إصلاح كافة الطرق المتجهة من الصين إلى العراق، وهي مسافات رهيبة، لكنه عمل على تهيئتها لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة الجبلية لمنطقة طاجيكستان وأفغانستان وفارس، والموانع الطبيعية الصعبة..

2ـ أقام هولاكو الجسور الكثيرة والكبيرة على الأنهار التي تعترض طريق الجيوش، وبالذات نهري سيحون وجيحون، ووضع قوات كافية تحمي هذه الجسور، وبذلك ضمن استمرار عمليات التموين، وفي ذات الوقت تفتح هذه الجسور الطريق لخط رجعة لجيوش التتار في حال الهزيمة..

3ـ جهز هولاكو مجموعة ضخمة من الناقلات العملاقة صنعت خصيصاً لحمل أدوات الحصار الكبيرة من الصين إلى بغداد، وبذلك لا يأخذ وقتاً طويلاً في نقل المعدات الثقيلة عبر هذه المسافة الطويلة..

4ـ بدأ هولاكو في السيطرة على كل المدن والمراكز التي تتحكم في محاور الطرق، وبذلك تجنب حدوث أي مباغتة أو قطع لطرق جيشه أثناء سيرها..

5ـ قام هولاكو بشيء عجيب فيه ذكاء شديد، وهو إخلاء كل الطرق من الصين إلى بغداد من قطعان الماشية سواء البرية أو المملوكة للسكان، وذلك لترك الحشائش والأعشاب لتكفي لطعام الأعداد الهائلة جداً من الخيول الخاصة بالفرسان، والدواب المكلفة بحمل العتاد الحربي والغذاء والخيام وغير ذلك.. وبذلك لا يحتاج أن يحمل معه طعاماً للحيوانات.. ولا يتعرض لمفاجأة غياب الطعام، وهو كفقد البنزين بالنسبة للسيارات، بل أشد؛ فالسيارة تظل بحالتها إذا غاب البنزين حتى يؤتى به، أما الحيوانات فلا تصبر على غياب الطعام..

المحور الثاني

الاستعداد السياسي والدبلوماسي:

بدأ التتار في محاولة عقد بعض الأحلاف السياسية مع بعض الأطراف وموازين القوى المختلفة، وذلك لضمان نجاح المهمة الكبيرة، وهو تغير كبير في السياسة التترية التي ما عرفت قبل ذلك تحالفاً ولا دبلوماسية..

ولما كانت هذه نقطة تحول في السياسة التترية، وفي ذات الوقت كانت هذه الأحلاف في منتهى الخطورة، فقد تكفل بالقيام بهذه المعاهدات الخاقان الكبير "منكوخان" شخصياً، ولم يترك فيها حرية التصرف "لهولاكو"، وإن كان هولاكو من أكثر الناس الذين يعتبر برأيهم في هذا المجال..

1ـ استقبل "منكوخان" زعيم التتار سفارة صليبية أرسلت في سنة 651 هجرية من قبل "لويس التاسع" ملك فرنسا.. الذي ما يئس من إمكانية التعاون مع التتار، وكان بالطبع يُكِنّ حقداً كبيراً على المسلمين لهزيمته في موقعة المنصورة سنة648 هجرية، (منذ ثلاث سنوات فقط)، وكان يتزعم السفارة راهب دومينيكاني اسمه "وليم روبروك"، ومَثُل فعلاً بين يدي "منكوخان"، وبدأت المفاوضات للتعاون، ولكن سرعان ما فشلت هذه المفاوضات، والسبب أن "منكوخان" كان رجلاً صريحاً للغاية؛ فلم يكن دبلوماسيًّا بما يكفي لإبرام معاهدات أو عقد أحلاف, ولم يكن يعرف السياسة من وجهة نظر الغرب، ولم يكن يعرف الطرق الغربية الملتوية، وتنميق الألفاظ، واختيار العبارات، والحصول على ما تريد دون أن يشعر الطرف الآخر أنه يفرط، ولم يكن يعرف شيئاً عن النفاق الأوروبي، أو عن الابتسامة الأوروبية التي تخفي وراءها كل الحقد... لم يكن يعرف كل ذلك.. إنما كان رجلاً بسيطاً واضحاً، مباشراً في كلامه، محدداً في رغباته..

لقد قال "منكوخان" في بداية مفاوضاته: إنه لا يقبل أن يكون في العالم سيد سواه!! وإنه لا يعرف كلمة "صديق" إنما يعرف كلمة "تابع"!!.. فأصدقاؤه هم من يتبعونه.. ويعلنون الولاء له والطاعة، وأعداؤه هم الذين يحاربونه، أو الذين لا يقبلون طاعته، وهؤلاء ليست بينه وبينهم مفاوضات، إنما لهم السيف والإبادة..

سياسة بسيطة جداً!!.. سياسة "القطب الواحد" في العالم!!..

يقسم العالم إلى دولة "صديقة" أي: تابعة.. ودولة "مارقة" أي: معادية!..

وبالطبع رفض ملك فرنسا أن يتحالف على أساس هذا الشرط، ومن ثم فشلت المفاوضات الأولى بين التتار وبين نصارى غرب أوروبا..

2ـ وإذا كان نصارى غرب أوروبا وملوكها القدماء يرفضون التعاون مع "منكوخان" على أساس التبعية فهناك من الملوك الآخرين من يقبل بذلك، ويعتبره نوعاً من الواقعية..

لقد فكر "هيثوم" ملك أرمينيا النصرانية في التحالف مع التتار على أساس التبعية كما يريد "منكوخان"؛ فملك أرمينيا يعلم قوة التتار؛ إن بلاده قد دُمِّرت من قبل على أيديهم في عهد جنكيزخان ثم في عهد أوكيتاي.. كما يعلم أن دولته ضعيفة هزيلة لا تقارن بأي حال من الأحوال مع دولة التتار؛ فمساحة أرمينيا أقل من 30 ألف كيلومتر مربع.. ويعلم ملك أرمينيا - أخيرًا - أنه محصور بين قوات التتار من جهة وقوات المسلمين من جهة أخرى، والعداء قديم جداً بينه وبين المسلمين، وهو يتحرق شوقاً لغزو بلاد المسلمين وإسقاط الخلافة العباسية، وإن لم يقبل الآن بالتبعية للتتار فسيرغم عليها غداً، وساعتها سيفقد ملكه بلا ثمن..

كل هذا دفع "هيثوم" ملك أرمينيا أن يذهب بنفسه لمقابلة "منكوخان" في قراقورم عاصمة المغول.. ويبدو أن منكوخان قد بدأ يتعلم طرق السياسة، وبدأ يتعلم الاعتماد على المظاهر والكلمات المنمقة المختارة، فقد أقام "منكوخان" احتفالاً كبيراً، واستقبالاً رسمياً مهيباً "لهيثوم" ملك أرمينيا، وعامله كملك لا كتابع، وإن كانت كل بنود الاتفاق بينهما لا تصلح إلا بين سيد وتابع، لا ملك وملك..

فبعد الاستقبال الحافل لملك أرمينيا (الذي قدم نفسه على أنه من رعايا "منكوخان").. بدأ منكوخان يعطي وعوداً كبيرة وهدايا عظيمة إلى هذا الملك، وهو يشتري بذلك ولاءه وتبعيته.. فماذا أعطاه "منكوخان"؟..

لقد أعطاه ما يلي:

1ـ ضمان سلامة الممتلكات الشخصية للملك "هيثوم" ..

2ـ إعفاء كل الكنائس المسيحية والأديرة من الضرائب..

3ـ مساعدة الأرمن في استرداد المدن التي أخذها السلاجقة المسلمون منهم خلال الحروب التي دارت بينهم..

4ـ اعتبار ملك أرمينيا هو كبير مستشاري الخاقان الكبير "منكوخان" فيما يختص بشئون غرب آسيا..

وهكذا سعد ملك أرمينيا "هيثوم" بقربه من ملك التتار..

ولكن يجب أن نتساءل: في مقابل ماذا كان هذا العطف التتري على ملك أرمينيا النصراني؟! إن الناظر للقوى العسكرية في ذلك الوقت يجد أن القوة العسكرية لأرمينيا لا تقارن بالمرة بقوة التتار، وقد لا تضيف إليها عدداً مؤثراً، فلماذا يتواضع ملك التتار ويعقد معاهدة مع ملك أرمينيا؟

الناظر والمحلل لهذا الحدث يجد ما يلي:

ـ أولاً: ملك التتار سيستفيد من خبرة ملك أرمينيا في حرب المسلمين.. فالعلاقة بين الأرمن والمسلمين قديمة، وقد خبر الأرمن بلاد المسلمين وطبائعهم، ولا شك أن المعلومات الصادقة التي سيحملها ملك أرمينيا إلى ملك التتار سيكون لها أبلغ الأثر في حرب المسلمين.. (تمامًا كما تحالفت أمريكا القوية مع إنجلترا الضعيفة فقط لأن عندها الخبرة في أرض المسلمين والخبرة في أرض العراق بالتحديد..)

ـ ثانياً: سيحتاج ملك التتار إلى أعوان لإدارة هذه الأملاك الواسعة، فإذا كان المدير من أهل البلد، وله ولاء ووفاء له فهو أفضل من الإدارة الخارجية، وأقدر على التحكم في الموقف، وأقوى على تهدئة غضب الشعوب..

ـ ثالثاً: بهذه الخطوة يفتح ملك التتار "منكوخان" باب المعاملات مع النصارى من جديد, الذين قد يحتاجهم بعد ذلك عند استكمال فتوحاته في داخل الشام ومصر، وقد يحتاج إلى ملك أرمينيا في استئناف المفاوضات مع ملوك أوروبا، هذا بالإضافة إلى أنه يعلم أن في قلوب النصارى كراهية شديدة للتتار، وذلك بسبب المذابح البشعة التي قام بها التتار في روسيا وشرق أوروبا.. وقد تكون فرصة المعاهدة مع ملك أرمينيا داعية إلى شيء من التعاون لرعاية المصالح المشتركة..

ـ رابعاً: الاتحاد مع مملكة أرمينيا سيكون له عامل نفسي عند المسلمين؛ فالحرب مع التتار شيء، والحرب مع قوات "التحالف" شيء آخر!.. نعم القوات المتحالفة مع التتار لا تمثل شيئاً يذكر في الجيش التتري.. ولكن كلمة "التحالف" لها وقع خاص في نفوس الناس..

ـ خامساً: قد توكل إلى القوات الأرمينية المتحالفة مع التتار بعض المهام الخطرة، والتي قد يرغب ملك التتار في تجنبها، وبذلك تكون الخسارة البشرية في جانب الأرمن بدلاً من التتار..

وهكذا فالناظر إلى هذه المفاوضات بين التتار والأرمن يجد أن التتار لم يخسروا شيئاً مطلقاً، وأن المفاوضات بين سيد يملك كل شيء، وتابع لا يملك أي شيء، وهكذا يفعل الزعماء الكبار في العالم، فإنهم يعقدون معاهدات مع ملوك صغار لا يحملون من صفات الملك إلا الاسم فقط، ويوكلون إليهم القيام بمهام كثيرة، ولا يكون المقابل أكثر من السماح لهم بمجرد العيش إلى جوارهم في الأرض، مع إمكانية منحهم بعض الألقاب الفخرية مثل: "كبير مستشاري ملك التتار لشئون غرب آسيا" أو لقب: "الملك الصديق" أو "الدولة الصديقة" أو "العلاقات الحميمة بين البلدين" أو "فخامة الرئيس" أو "جلالة الملك"....

مجرد ألقاب لا تسمن ولا تغني من جوع، والواقع الحقيقي أن القوة التي بيد التتار هي التي فرضت بنود المعاهدة، وهذا يحدث ويتكرر في كل الأزمان والأمكنة.. فالحقوق لا تُحمى إلا بالقوة..

وهكذا عاد ملك أرمينيا "هيثوم" منتشياً بمعاهدته، فخوراً بعلاقته مع ملك التتار، معظماً في شعبه؛ لأنه استطاع بسياسته التي يسمونها "حكيمة" أن يجنب مملكته ويلات الحروب!!..

3ـ كان من رغبات "منكوخان" أيضاً أن يعقد تحالفات مع أمراء الممالك الصليبية في الشام، وكان لهم أكثر من مملكة في أنطاكية وطرابلس وصيدا وحيفا وعكا، وذلك لشغل المسلمين في منطقة الشام فلا يدافعون عن الخلافة العباسية إذا هوجمت..

ولتشجيع هؤلاء الأمراء فقد أوصل لهم ملك التتار طلب التحالف مع "صديقه" الجديد ملك أرمينيا، والذي بدأ يقوم بدور السفير التتري في هذه المنطقة.. ولزيادة التشجيع فإن ملك التتار وعد الأمراء الصليبيين في الشام بأن يعطيهم بيت المقدس "هدية" لهم في حال اتفاقهم معه.. (وكان بيت المقدس قد حُرِّر مرة ثانية على يد الملك الصالح أيوب سنة 643 هجرية بعد أن أهداه أمراء الشام الأيوبيون إلى الصليبيين سنة 626 هـ).. وكأن منكوخان يملك بيت المقدس، وله الحق في إهدائه!! وهكذا وعد من لا يملك بإعطاء من لا يستحق.. والتاريخ يتكرر بحذافيره!!..

ومع كل هذا التشجيع إلا أن أمراء الممالك الصليبية بالشام ترددوا كثيراً في قبول هذه الاتفاقيات، باستثناء أمير أنطاكية "بوهمند" الذي استحسن هذا الأمر، وانضم فعلاً إلى ملك التتار..

أما لماذا لم يستحسن بقية الأمراء الصليبيين في الشام هذه الفكرة فذلك لأنهم أولاً: يعلمون أن التتار لا عهد لهم، وقد يبيعونهم دون ثمن، أو يضحون بهم في مقابل أي شيء.. أو ربما دون مقابل..

وثانياً: لأنهم في قلب العالم الإسلامي، وخطورة المسلمين عليهم كخطورة التتار، بل لعلها خطورة أقرب.. ومن ثم لم يتحمس هؤلاء الأمراء للتحالف المعلن مع التتار، وإن كانوا لم يرفضوا الأمر صراحة، وتعاملوا مع الطلب بالطريقة السياسية النفاقية المعروفة، مع شيء من الابتسامة وبعض كلمات التبجيل، واختاروا أن يقفوا على الحياد بصورة مؤقتة إلى أن ترجح إحدى الكفتين: التتارية أو الإسلامية، وهنا سوف يسارعون في الفئة المنتصرة: يصافحون ويباركون ويهنئون ويؤيدون.. ويعتذرون أنه لولا "الظروف القاسية" التي كانت تمر بها بلادهم لهان عليهم كل شيء في سبيل راحة المنتصر.. وهذا ما يسميه البعض "السياسة"..!!

4ـ سعى "منكوخان" أيضاً إلى عقد بعض الاتفاقات مع نصارى الشام والعراق، وهؤلاء ليسوا من الأمراء أو الملوك، ولكنهم من النصارى الذين يعيشون في كنف الإمارات الإسلامية في الشام، أو في الخلافة العباسية في العراق.. وهذه بالطبع لم تكن اتفاقات رسمية ولا معلنة، وإنما كانت اتفاقات سرية مع بعض رؤوس النصارى، ومع بعض القساوسة، وذلك لتسهيل مهمة دخول التتار إلى هذه البلاد، ولنقل الأخبار من وإلى التتار.. وقد نجح "منكوخان" فعلاً في الوصول إلى عدد كبير من هؤلاء النصارى، وعلى رأسهم بطريرك بغداد شخصياً وكان اسمه "ماكيكا"، وكان عاملاً مساعداً هاماً في دخول بغداد..

5ـ عقد "منكوخان" أيضاً معاهدات مع مملكة الكرج النصرانية (في جورجيا الآن).. ومع أن تاريخ التتار مع مملكة الكرج كان تاريخاً أسود، إلا أن تاريخ الكرج مع المسلمين لم يكن أقل سواداً؛ ومن ثم فضل نصارى الكرج التعاون مع عدوهم الجديد التتار ضد عدوهم القديم المسلمين؛ وذلك لأمرين.. الأول: هو أن التتار لهم القوة الأعلى، ويغلب على الظن جداً أن ينتصروا، وثانياً: لأن الحرب بين النصارى والمسلمين حرب عقائدية أبدية كما ذكرنا من قبل، والكراهية أصيلة بين الطرفين، ولا تغير في العقيدة، ولذلك لا تغير في الكراهية.. وغياب الكراهية لن يكون إلا بغياب العقيدة.. قال تعالى: [ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا]

أما الحرب مع التتار فهي حرب مصالح.. فإذا تعارضت المصالح حدثت الحرب، وإذا اتفقت المصالح حدث الوئام والألفة والصداقة.. وقد اتفقت مصالح مملكة الكرج النصرانية مع مصالح التتار الوثنية، فلا مانع من السير معاً في طريق واحد.. وهذا أيضاً مما يسمونه: "سياسة"!!..

6ـ وإذا كانت كل هذه المفاوضات والمعاهدات في كفة، فالمفاوضات التي سأذكرها الآن في كفة أخرى.. ليس لأهميتها فقط ولكن لغرابتها.. أو قل: لبشاعتها!!..

فهذه المعاهدات عقدت مع بعض "أمراء المسلمين" لتسهيل ضرب "بلاد المسلمين"..!!

ولم يعقد "منكوخان" هذه المعاهدات بنفسه؛ لأنه استهان جداً بهؤلاء الأمراء؛ فقد كان كل واحد منهم لا يملك سوى بضعة كيلومترات، ومع ذلك يسمي نفسه أميراً، بل ويلقب نفسه بالألقاب الفاخرة مثل المعظم والأشرف والعزيز والسعيد وغير ذلك..

وكّل "منكوخان" أخاه هولاكو في عقد هذه الاتفاقيات المخزية.. فجاء أمراء المسلمين الضعفاء يسارعون في التتار الأقوياء..

]فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين[..

ـ فجاء إلى هولاكو "بدر الدين لؤلؤ" أمير الموصل ليتحالف معه..

ـ وجاء سلطانا السلاجقة وهما "كيكاوس الثاني"، و"قلج أرسلان الرابع" ليتحالفا أيضاً مع هولاكو، وكانا في مكان حساس جداً، فهما في شمال العراق (تركيا الآن)، وتحالفهما يؤدي إلى حصار العراق من الشمال، وقد كان أسلوب كيكاوس الثاني في التزلف إلى التتار مخزياً جداً إلى الدرجة التي صدمت التتار أنفسهم!..

ـ ورضخ أيضاً "الناصر يوسف" أمير حلب ودمشق، ومع كونه حفيد "الناصر صلاح الدين الأيوبي" رحمه الله، بل شبيهه في الاسم واللقب.. إلا أنه لم يكن يشبهه في شيء من الأخلاق أوالروح، بل كان مهيناً إلى الدرجة التي أرسل ابنه "العزيز" لا ليقدم إلى هولاكو فروض الطاعة فقط، بل ليبقى معه في جيشه كأحد أمرائه!!..

ـ وكذلك جاء "الأشرف الأيوبي" أمير حمص ليقدم ولاءه لزعيم التتار..

لقد كانت هذه التحالفات في منتهى الخطورة.. فهي - بالإضافة إلى مهانتها وحقارتها - قد زادت جداً من قوة التتار الذين أصبحوا يحاصرون العراق من كل مكان، ويعرفون أخبار البلاد من داخلها، وفوق ذلك فإن هذه التحالفات أدت إلى إحباط شديد عند الشعوب التي رأت حكامها على هذه الصورة المخزية؛ فضعفت الهمم، وفترت العزائم، وانعدمت الثقة في القادة، ومن ثم لم يعد لهم طاقة بالوقوف في وجه التتار..

لقد كانت هذه الاتفاقيات جريمة بكل المقاييس!!..

7ـ ووصل هولاكو أيضاً في مجهوده السياسي والدبلوماسي إلى شخصية خطيرة في البلاط العباسي نفسه.. فقد وصل إلى كبير الوزراء في الخلافة العباسية، وهو الشخصية الثانية في الدولة بعد الخليفة.. وهو الوزير "مؤيد الدين العلقمي الشيعي"..!!

كان مؤيد الدين رجلاً فاسداً خبيثاً رافضياً (يرفض خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما)، وكان شديد التشيع، كارهاً للسنة ولأهل السنة، ومن العجب أنه يصل إلى هذا المنصب المرموق وهو على هذه الصفة، وفي دولة سنية تحمل اسم الخلافة، ولا شك أن هذا كان قلة رأي، وضحالة فكر، وسوء تخطيط من الخليفة المستعصم بالله الذي ترك هذا الوزير المفسد في هذا المكان الخطير..

وهذا الوزير هو ممن ينطبق عليهم وصف "بطانة السوء".. ولا يخفى على عاقل كيف يكون دور بطانة السوء في فساد البلاد، وهلاك العباد..

روى البخارى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما استخلف خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله"..

والأسوأ من ذلك أن هذا الوزير لم يبق في مكانه شهراً أو شهرين أو عاماً أو عامين، وإنما بقي في مكانه أربعة عشر سنة كاملة، من سنة 642 هجرية إلى سنة 656 هجرية عندما سقطت بغداد.. وإذا مرت كل هذه الفترة دون أن يدرك الخليفة خطورته، فلاشك أن هذا دليل واضح على خفة عقل الخليفة..

لقد اتصل هولاكو بمؤيد الدين العلقمي الشيعي، مستغلاً فساده وتشيعه وكراهيته للسنة، واتفق معه على تسهيل دخول الجيوش التترية إلى بغداد، والمساعدة بالآراء الفاسدة، والاقتراحات المضللة التي يقدمها للخليفة العباسي المستعصم بالله، وذلك في مقابل أن يكون له شأن في "مجلس الحكم" الذي سيدير بغداد بعد سقوط الخلافة، والتخلص من الخليفة.. وقد قام الوزير الفاسد بدوره على أكمل ما يكون.. وكان له أثر بارز على قرارات الخليفة، وعلى الأحداث التي مرت بالمنطقة في تلك الأوقات..

بالاطلاع على هذه الجهود الدبلوماسية التي قام بها "منكوخان" و"هولاكو" يتبين أنهما بذلا جهداً كبيراً ضخماً للإعداد لهذه الحملة الرهيبة، والتي تهدف إلى أمر خطير لم يحدث قبل ذلك في الدنيا.. ولو مرة واحدة، وهو إسقاط عاصمة الخلافة الإسلامية..

وخلاصة الجهود الدبلوماسية التترية أنهم تعاونوا تعاوناً قوياً مهماً مع ملوك أرمينيا والكرج وأنطاكية النصارى، وحيّدوا إلى حد كبير جانب حكام الإمارات الصليبية بالشام، وأقاموا تحالفات سرية مع نصارى الشام والعراق، وكذلك تحالفوا مع بعض أمراء المسلمين، ومع الوزير الفاسد مؤيد الدين العلقمي الشيعي.

ولا شك أن هذه الجهود الدبلوماسية كان لها دور ملموس في إنجاح الخطة التترية لإسقاط الخلافة الإسلامية..

ويجدر القول هنا: إن المسلمين بصفة عامة ـ إلا من ندر ـ كانوا يراقبون الموقف عن بعد وكأنه لا يعنيهم.. أو وهم يشعرون بإحباط قاتل يمنع أي متحمس من القيام أو الحركة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :23  (رابط المشاركة)
قديم 26.10.2010, 11:37
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي




المحور الثالث
الحرب النفسية على المسلمين:

بالإضافة إلى إعداد الطرق، وتهيئة الوسائل اللازمة لضمان الإمداد والتموين للحملة التترية، وبالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية الهائلة التي قام بها التتار لإنجاح خطتهم في إسقاط الخلافة الإسلامية، فإن هولاكو لجأ أيضاً إلى سلاح رهيب، وهو الحرب النفسية على المسلمين..

وقد كانت لهولاكو أكثر من وسيلة لشن هذه الحرب المهولة على المسلمين..

من هذه الوسائل مثلاً:
1 ـ القيام ببعض الحملات الإرهابية في المناطق المحيطة بالعراق والتي لم يكن لها غرض إلا بث الرعب، وإحياء ذكرى الحملات التترية الرهيبة التي تمت في السابق في عهود "جنكيزخان" و"أوكيتاي".. فالحملة التترية الأولى والتي كانت في عهد جنكيزخان مر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وهناك أجيال من المسلمين لم تر هذه الأحداث أصلاً، وإنما سمعت بها فقط من آبائها وأجدادها.. وليس من سمع كمن شاهد.. والحملة التترية الثانية في عهد أوكيتاي لم يكن من همها التدمير والإبادة في بلاد المسلمين، وإنما كانت موجهة في الأساس لروسيا وشرق أوروبا، ومن ثم لم يتأثر بها المسلمون بصورة كبيرة..

ولذلك أراد هولاكو أن يقوم ببعض النشاط العسكري التدميري والإرهابي بغرض إعلام المسلمين أن حروب التتار ما زالت لا تقاوم.. وأن جيوش التتار ما زالت قوية ومنتشرة..

من ذلك مثلاً ما حدث في سنة 650 هجرية عندما قامت فرقة تترية بمهاجمة مناطق الجزيرة وسروج وسنجار، وهي مناطق في شمال العراق، فقتلوا ونهبوا وسبوا، ومما فعلوه في هذه الهجمة أنهم استولوا على أموال ضخمة كانت في قافلة تجارية، وقد بلغت هذه الأموال أكثر من ستمائة ألف دينار، (وما أشبه هذا بما يحدث اليوم تحت مسميات مثل: تجميد الأموال..)

ولا شك أنها كانت خسارة كبيرة للخلافة العباسية، وفي ذات الوقت كانت نوعاً من تجهيز الجيش التتري بالمال والعتاد، وفوق ذلك كانت هذه الحملات تقوم بدور الاستطلاع والمراقبة والدراسة لطرق العراق وجغرافيتها.. هذا كله إلى جانب بث الرعب في قلوب المسلمين.. فكانت هذه الحروب بمثابة حروب الاستنزاف، فأضعفت من قوة الخلافة والمسلمين كثيراً، وهيأت المناخ للحرب الكبيرة القادمة.. وأمثال هذه الحروب يتكرر في التاريخ كثيراً.. وما مذبحة دير ياسين- وما أحدثته من آثار- منا ببعيد..

2 ـ ومن وسائل التتار الخطيرة في حربهم النفسية ضد المسلمين الحرب الإعلامية القذرة التي كان يقودها بعض من أتباع التتار في بلاد المسلمين يتحدثون فيها عن قدرات التتار الهائلة، واستعداداتهم الخرافية، ويوسعون الفجوة جداً بين إمكانيات التتار وإمكانيات المسلمين.. وتسربت هذه الأفكار إلى وسائل الإعلام في زمانهم.. ووسائل الإعلام في ذلك الوقت هم الشعراء والأدباء والقصاصون والمؤرخون.. وقد ظهر في كتاباتهم ما يجعل المسلمين يحبطون تماماً من قتال التتار وذلك مثل:

ـ التتار تصل إليهم أخبار الأمم، ولا تصل أخبارهم إلى الأمم.. (كناية عن قوة وبأس المخابرات التترية، وحسن التمويه والتخفي عندهم، بالإضافة إلى ضعف المخابرات الإسلامية وهوانها)..

ـ التتار إذا أرادوا جهة كتموا أمرهم، ونهضوا دفعة واحدة، فلا يعلم بهم أهل بلد حتى يدخلوه..
ـ التتار نساؤهم يقاتلن كرجالهم.. (فأصبح رجال المسلمين يخافون من نساء التتار)..!!
ـ التتار خيولهم تحفر الأرض بحوافرها، وتأكل عروق النبات، ولا تحتاج إلى الشعير!..

ـ التتار لا يحتاجون إلى الإمداد والتموين والمؤن؛ فإنهم يتحركون بالأغنام والبقر والخيول ولا يحتاجون مدداً..
ـ التتار يأكلون جميع اللحوم.. ويأكلون ..... بني آدم!!!..

ولا شك أن مثل هذه الكتابات كانت ترعب العوام.. وأحياناً تؤثر في نفوس الخواص.. وهذا من البلاء الذي جنته الأمة على نفسها.. وما جناه عليها أحد..

3 ـ وكان أيضاً من وسائل التتار المشهورة لشن حرب نفسية على المسلمين كتابة الرسائل التهددية الخطيرة، وإرسالها إلى ملوك وأمراء المسلمين، وكان من حماقة هؤلاء الأمراء أنهم يكشفون مثل هذه الرسائل على الناس، فتحدث الرهبة من التتار، وكان التتار من الذكاء بحيث إنهم كانوا يستخدمون بعض الوصوليين والمنافقين من الأدباء المسلمين ليكتبوا لهم هذه الرسائل، وليصوغوها بالطريقة التي يفهمها المسلمون في ذلك الزمان، وبأسلوب السجع المشهور آنذاك، وهذا ولا شك يصل إلى قلوب الناس أكثر من الكلام المترجم الذي قد يفهم بأكثر من صورة، كما أن التتار حاولوا في رسائلهم أن يخدعوا الناس بأنهم من المسلمين، وليسوا من الكفار، وأنهم يؤمنون بكتاب الله القرآن، وأن جذورهم إسلامية، وأنهم ما جاءوا إلى هذه البلاد إلا ليرفعوا ظلم ولاة المسلمين عن كاهل الشعوب البسيطة المسكينة (ما جاءوا إلا لتحرير العراق!!)، ومع أن بطش التتار وظلمهم قد انتشر واشتهر، إلا أن هذا الكلام كان يدخل في القلوب المريضة الخائفة المرتعبة، فيعطي لها المبرر لقبول اجتياح التتار، ويعطي لها المبرر لإلقاء السيف، ولاستقبال التتار استقبال الفاتحين المحررين بدلاً من استقبالهم كغزاة محتلين..

لقد كانت هذه الرسائل التترية تخالف الواقع كثيراً، ولكنها عندما تقع في يد من أحبط نفسياً وهزم داخلياً، فإنها يكون لها أثر ما بعده أثر..

وكمثال على هذه الرسائل أذكر هنا الرسالة التي أرسلها هولاكو إلى أحد أمراء المسلمين وقال فيها:
"نحن جنود الله..

بنا ينتقم ممن عتا وتجبر، وطغى وتكبر، وبأمر الله ما ائتمر..
نحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النساء والأولاد..
فيا أيها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون..
ويا أيها الغافلون، أنتم إليهم تساقون..
مقصدنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يضام..
وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أين المفر؟
دمرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب..
وجعلنا عظيمهم صغيراً، وأميرهم أسيراً..

تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون، وعن قليل تعلمون على ما تقدمون
وقد أعذر من أنذر"..
ولا شك أن مثل هذه الرسالة إذا وقعت في يد خائف أو جبان، فإنه لن يقوى على الحراك أبداً بعد قراءتها، وكان هذا هو عين المرجو من وراء مثل هذه الرسائل!!..

4 ـ ومن وسائل التتار أيضاً لشن الحرب النفسية على المسلمين إعلان التحالفات بين التتار وبين الأرمن والكرج وغيرهم، وإبراز رغبة الملوك الصليبيين في أوروبا في التعاون مع ملك التتار، وتضخيم هذه التحالفات جداً، حتى يعتقد المسلمون أنهم يقاتلون أهل الأرض جميعاً، وأنهم لا طاقة لهم بحربهم، مع أن الأيام السابقة في تاريخ المسلمين حملت الكثير من الانتصارات على هؤلاء أنفسهم، وعلى أضعافهم، ولكن نسي المسلمون تاريخهم، وانبهروا بقوة عدوهم وحلفائه..

5 ـ ومن وسائل التتار أيضاً في حربهم النفسية التعاون مع أمراء المسلمين كما ذكرنا عند الحديث عن الجهود الدبلوماسية للتتار، فلا شك أن الشعب المسلم إذا وجد قائده الذي من المفروض أن يتولى أموره، ويدافع عنه، ويبذل روحه في سبيل تأمين بلده، هو الذي يتمنى أن يصالح هؤلاء التتار ويتعاون معهم، بل ويعد ذلك إنجازاً من إنجازاته..!! لا شك أن الشعب المسلم إذا وجد ذلك فإنه يحبط إحباطاً شديداً، ويفقد كل حماسة للدفاع عن أرضه وعن وطنه..

بهذه الوسائل وبغيرها استطاع التتار أن يبثوا الرعب والهلع في قلوب المسلمين، وبذلك أصبح المناخ مناسباً جداً لدخول القوات التترية الغازية..







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :24  (رابط المشاركة)
قديم 26.10.2010, 11:38
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


المحور الرابع
إضعاف جيوش الخلافة العباسية:
وقد عمد هولاكو إلى أن يطلب من الوزير الفاسد "مؤيد الدين العلقمي" أن يقنع الخليفة العباسي "المستعصم بالله" أن يخفض من ميزانية الجيش، وأن يقلل من أعداد الجنود، وأن لا يصرف أذهان الدولة إلى قضايا التسليح والحرب.. بل يُحول الجيش إلى الأعمال المدنية من زراعة وصناعة وغيرها.. والجميع يرى اليوم اشتغال الجند في بعض بلاد المسلمين بزراعة الخضراوات وبناء الجسور.. وأعمال المخابز والنوادي...!! دون كبير اهتمام بالتدريب والقتال والسلاح والجهاد..! وقد قام بذلك فعلاً الوزير العميل مؤيد الدين العلقمي، وهذا لا يستغرب من مثله، ولكن الذي يستغرب فعلاً أن الخليفة قبل هذه الأفكار المخجلة، وذلك كما أشار عليه الوزير الفاسد حتى لا يثير حفيظة التتار، وليثبت لهم أنه رجل سلام ولا يريد الحروب!.. لقد قام الخليفة فعلاً بخفض ميزانية التسليح، وقام أيضاً بتقليل عدد الجنود، حتى أصبح الجيش العباسي المسلم الذي كان يبلغ عدده مائة ألف فارس في آخر أيام المستنصر بالله والد المستعصم بالله وذلك في سنة 640 هجرية، أصبح هذا الجيش لا يزيد على عشرة آلاف فارس فقط في سنة 654 هجرية!!!.. وهذا يعني هبوط مروع في الإمكانيات العسكرية للخلافة.. ليس هذا فقط بل أصبح الجنود في حالة مزرية من الفقر والضياع، حتى إنهم كانوا يسألون الناس في الأسواق!.. وأهملت التدريبات العسكرية، وفقد قواد الجيش أي مكانة لهم، ولم يعد يذكر من بينهم من له القدرة على التخطيط والإدارة والقيادة، ونسي المسلمون فنون القتال والنزال، وغابت عن أذهانهم معاني الجهاد!!..

وهذه والله الخيانة الكبرى.. والجريمة العظمى!!..

ويلقي ابن كثير ـ رحمه الله ـ باللوم الكامل على مؤيد الدين العلقمي في نصائحه للخليفة المستعصم بالله، ولكني ألقي باللوم الأكبر على الخليفة ذاته، الذي قبل بهذا الهوان، ورضي بهذا الذل، وغاب عن ذهنه أن من أهم واجباته كحاكم أن يضمن لشعبه الأمن والأمان، وأن يدافع عن ترابه وأرضه ضد أي غزو أو احتلال، وأن يبذل قصارى جهده لتقوية جيشه، وتسليح جنده، وأن يربي الشعب بكامله ـ لا الجيش فقط ـ على حب الجهاد والموت في سبيل الله..

لم يفعل الخليفة المستعصم بالله كل ذلك، ولا عذر له عندي؛ فقد كان يملك من السلطان ما يجعله قادراً على اتخاذ القرار.. لكن النفوس الضعيفة لا تقوى على اتخاذ القرارات الحاسمة..

ولابد أن نقف الآن وقفة مع هولاكو في سنة 654 هجرية بعد خمس سنوات كاملة من الإعداد والتجهيز للحرب الكبيرة القادمة:

ـ أولاً: أصبحت كل الطرق الواصلة بين الصين والعراق قادرة على استيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، وصنعت العربات اللازمة لنقل المعدات الثقيلة، وفرغت السهول والطرق من المواشي لترك الأعشاب لخيول التتار..

ـ ثانياً: سيطر التتار على كل المحاور المهمة في المساحات الشاسعة التي تقع بين الصين والعراق، وبذلك تحققت مهمة تأمين الجيوش التترية أثناء سيرها واختراقها لهذه الأراضي..

ـ ثالثاً: توفرت لدى هولاكو المعلومات الكافية عن أرض العراق، وتحصينات بغداد، وأعداد الجنود العباسيين وحالتهم العسكرية، واطلع اطلاعاً كاملاً على خبايا الاقتصاد الإسلامي، وتوفرت له أيضاً المعلومات عن عناصر القوة والضعف في الخلافة العباسية، وعن الأسماء التي لها دور في تغيير مسار الأحداث، وكذلك جمع المعلومات عن حالة الناس النفسية، وعن طموحاتهم ورغباتهم..

كل هذه المعلومات توفرت له عن طريق عيونه الكثيرة، ومخابراته الماهرة، واتصالاته مع بعض الرموز الهامة في البلاد الإسلامية، والتي وصلت أحياناً إلى الاتصالات مع الأمراء والوزراء كما وضحنا..

ـ رابعاً: عقد التتار معاهدات وتحالفات مع نصارى الأرمن والكرج وأنطاكية، وأخذوا الوعود منهم بالمساعدة العسكرية والمخابراتية في المعركة القادمة..

ـ خامساً: تم تحييد ملوك أوروبا الغربية، ولم يكن هذا التحييد سياسياً في المقام الأول، إنما كان عن طريق السلطان، وفرض الكلمة بقوة الرأي والسلاح..

ـ سادساً: تم الاتفاق مع معظم أمراء الممالك الإسلامية المحيطة بشمال وغرب العراق (تركيا وسوريا) على أن يعطوا الولاء الكامل، والمساعدة غير المشروطة لهولاكو، وذلك في حال حربه مع الخلافة العباسية، وللأسف فمعظم هؤلاء الأمراء كانوا من الأكراد من أحفاد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله!..

ـ سابعاً: تأكد هولاكو من انهيار الروح المعنوية عند المسلمين في العراق وما حولها، واستوى في ذلك الحكام والمحكومون..

ـ ثامناً: أقام هولاكو علاقات وثيقة مع وزير الدولة الأول مؤيد الدين العلقمي الشيعي، وضمن ولاءه التام له..

ـ تاسعاً: تيقن هولاكو من ضعف جيش الخلافة العباسية وقلة حيلته، وأدرك أنه لا يستطيع بأي حال أن يدافع عن نفسه فضلاً عن بغداد!..

ـ عاشراً: أدرك هولاكو كل شيء عن الخليفة "المستعصم بالله" خليفة المسلمين، وعرف إمكانياته، وقدّر طاقته، وعلم نقاط ضعفه..

تمت كل هذه الأمور واكتملت لهولاكو في سنة 654 هجرية..

وهنا - وبعد خمس سنوات من الإعداد - أدرك هولاكو أن المناخ العام أصبح ملائماً للهجوم المباشر على الخلافة العباسية, وإسقاط بغداد.. فبدأ عملية حشد هائلة للجنود التتار؛ ليجمع بذلك أكبر جيوش التتار على الإطلاق منذ قامت دولة جنكيزخان.. بحيث كان الجنود المكلفون بحصار بغداد فقط أكثر من مائتي ألف جندي، هذا بخلاف الأعداد الهائلة من الجنود المنتشرة في شمال العراق وشرقه، والقوات المكلفة بحماية الطرق وتأمين الإمداد والتموين، هذا غير الفرق المساعدة للجيش سواء فرق الإمداد والتموين، أو فرق الاستطلاع والمراقبة..

ونستطيع أن نتبين تركيبة الجيش التتري كما يلي:

ـ أولاً: الجيش التتري الأصلي، والذي كان يتمركز منذ سنوات في منطقة فارس وأذربيجان شرق العراق..

ـ ثانياً: استدعى هولاكو فرقة من جيش التتار المتمركزة في حوض نهر الفولجا الروسي، والتي كانت تحت زعامة القائد التتري الشهير "باتو" (فاتح أوروبا)، ولكن باتو لم يأت بنفسه وإنما أرسل ثلاثة من أبناء أخيه، وكان "باتو" وعائلته قد كونوا دولة مستقرة في منطقة حوض نهر الفولجا، وأطلقوا على أنفسهم اسم "القبيلة الذهبية"، ومع استقلالهم النسبي في إدارة أمورهم إلا إنهم كانوا في النهاية يتبعون زعيم التتار "منكوخان"..

ـ ثالثاً: أرسل هولاكو في طلب فرقة من جيش التتار المكلف بفتح أوروبا، والذي كان يتمركز على أطراف الأناضول (شمال تركيا)، فجاءت الفرقة وعلى رأسها القائد المغولي الكبير "بيجو"، وقد جاءت هذه الفرقة مخترقة الأناضول وشمال العراق ومتجهة إلى بغداد، ولم تلق أي نوع من المقاومة أثناء هذا الطريق الطويل؛ لأن حكام هذه المناطق المسلمة كانوا قد أفرغوا المجال الأرضي لقوات التتار، فسارت في أمان وسط إمارات الأناضول والموصل وحلب وحمص!..

ـ رابعاً: أرسل هولاكو إلى "صديقه" ملك أرمينيا يطلب المساعدة، فجاءه "هيثوم" ملك أرمينيا بنفسه على رأس فرقة من جيشه..

ـ خامساً: طلب هولاكو أيضاً من ملك الكرج أن يرسل فرقة للمساعدة في حصار العراق فاستجاب فوراً..

ـ سادساً: استدعى هولاكو ألفاً من الرماة الصينيين المهرة الذين اشتهروا بتسديد السهام المحملة بالنيران..

ـ سابعاً : وضع هولاكو على رأس جيوشه أفضل قواده، وكان اسمه "كتبغا نوين" وفوق إمكانياته القيادية والمهارية فإنه كان نصرانياً، وبذلك يستطيع التعامل مع الأعداد الكبيرة النصرانية المشاركة في الجيش.. وبذلك ضم الجيش التتري بين صفوفه ثلاثة من أمهر القادة العسكريين في تاريخ التتار، وهم هولاكو وكتبغا وبيجو.

ـ ثامناً: راسل هولاكو أمير أنطاكية "بوهمند"، ولكن تعذر عليه أن يخترق الشام كله للذهاب إلى العراق، ولكنه كان على استعداد تام للحرب، فإذا سقطت العراق شارك في إسقاط الشام..

ـ تاسعاً: أرسل الناصر يوسف أمير دمشق ابنه العزيز ليكون في جيش هولاكو..

ـ عاشراً: أرسل أمير الموصل بدر الدين لؤلؤ فرقة مساعدة لجيش التتار.. وهاتان الفرقتان وإن كانتا هزيلتين إلا إنهما كانتا تحملان معاني كثيرة.. فهناك في جيش التتار مسلمون يشتركون مع التتار في حرب المسلمين!! بل قد يشارك في عملية "تحرير العراق" عراقيون متحالفون مع التتار!!.. عراقيون باعوا كل شيء في مقابل كرسي صغير أو إمارة تافهة أو دارهم معدودات.. أو مجرد حياة.. أي حياة..

وبهذا الإعداد رفيع المستوى اكتمل الجيش التتري، وبدأ في الزحف من فارس في اتجاه الغرب إلى العراق، وبدأ هولاكو يضع خطة المعركة..

وبدراسة مسرح العمليات وجد هولاكو أن طائفة الإسماعيلية الشيعية التي تتمركز في الجبال في غرب فارس وشرق العراق سوف تمثل خطورة على الجيش التتري.. فطائفة الإسماعيلية مشهورة بقوة القتال، وبالحصون المنيعة، وهي طائفة لا عهد لها ولا أمان.. ومع أن التتار يعلمون أن الإسماعيلية كانوا على خلاف شديد مع الخلافة العباسية، ومع أنهم راسلوا قبل ذلك التتار ليدلوهم على ضعف جلال الدين بن خوارزم قبل مقتله في سنة 629 هجرية، ومع أنهم من المنافقين الذين يتزلفون لأصحاب القوة.. مع كل هذه الاعتبارات إلا أن التتار لم يكونوا يأمنون أن تتحرك الجيوش التترية إلى العراق، ويتركون في ظهرهم قوات عسكرية للإسماعيلية.. هذا بالإضافة إلى ثأر قديم كان بين التتار والإسماعيلية، فقد قتلت الإسماعيلية ابناً من أبناء جنكيزخان اسمه "جغتاي"، وذلك أيام حملة جنكيزخان على فارس، منذ أكثر من ثلاثين سنة..! ولم ينس التتار هذا الثأر لأنه يخص ابن الزعيم الأكبر لهم، والذي جعل منهم مملكة لها شأن في الدنيا، كما أن حكام التتار من نفس عائلة جنكيزخان، ويعتبرون الثأر من الإسماعيلية مسألة شخصية بحتة، حتى إن الجيوش التترية كانوا يصحبون معهم في حربهم ابنة "جغتاي" القتيل القديم، وذلك لزيادة حماستهم في القتال، ولكي تقوم بنفسها بالثأر لأبيها..

كل هذا دفع التتار إلى العزم على التخلص من الإسماعيلية نهائياً.. وصدرت الأوامر من قراقورم بمنغوليا بإبادة هذه الطائفة من على الوجود..

وتحركت الجيوش الهائلة صوب معاقل الإسماعيلية، واقتربت من أقوى حصونهم على الإطلاق وهو حصن "آلموت" في غرب فارس، وما هي إلا أيام حتى تم تطويق الحصن المنيع، ولما شاهد زعيم الإسماعيلية "ركن الدين خورشاه" هذه الأعداد التي لا تحصى طلب أن يقابل هولاكو، وقبل هولاكو ليختصر الوقت؛ فالإسماعيلية ليست إلا محطة صغيرة قبل الوصول إلى بغداد.. والتقى هولاكو بركن الدين خورشاه الذي أعلن خضوعه الكامل لهولاكو، وتسليمه للقلعة الحصينة، ولكن قائد القلعة رفض التسليم، وصمم على القتال عاصياً بذلك أمر قائده ركن الدين خورشاه، ففتح التتار القلعة عنوة بعد ذلك بأيام، وذبحوا كل من فيها، وطلب ركن الدين خورشاه من هولاكو أن يرسله إلى "منكوخان" ليتفاوض معه شخصياً في تسليم كل قلاع الإسماعيلية في مقابل بعض الوعود، وقد أرسله فعلاً هولاكو إلى منكوخان محاطاً بفرقة تترية، ولكن منكوخان رفض أن يقابله واستحقره جداً وقال: "إن هولاكو قد أخطأ بإرهاق الخيول التترية الجيدة في هذه الرحلة الطويلة من أجل هذه السفارة التافهة.." ثم أمر جنوده بإعادة ركن الدين خورشاه إلى فارس، وفي الطريق قتل ركن الدين خورشاه كما يقولون "في ظروف غامضة"، وإن كانت الظروف ليست بغامضة فمن الواضح أن "منكوخان" قد أوصى بقتله، ولكن خارج البلاط المغولي لئلا يتهم البلاط بالغدر!..

وبعد قتل ركن الدين خورشاه قام" هولاكو" بخدعة خبيثة قذرة في مناطق الإسماعيلية، فقد أظهر لهم أنه على استعداد للاتفاق معهم، والتعاون سوياً لدخول بغداد، وطلب من قواد الإسماعيلية أن يقوموا باستدعاء الإسماعيلية من كل مكان حتى يقوم التتار بعملية إحصاء لأعداد الإسماعيلية، وعلى ضوء هذا الإحصاء سيكون الاتفاق، فإن هولاكو - كما يزعم - يخشى أن يضخم الإسماعيلية أنفسهم للحصول على مكاسب أكبر، وبهذه الحيلة بدأ الإسماعيلية في جمع كل أعوانهم حتى جاء رجال من العراق ومن الشام، وعندما اجتمع هذا العدد الكبير قام هولاكو بمذبحة بشعة فيهم، وقتل كل من أمسكه في يده، ولم ينس أن يأخذ مجموعة من الرجال إلى "سالقان خاتون" ابنة "جغتاي" وحفيدة جنكيزخان لتقتلهم بيدها لتأخذ بثأر أبيها "جغتاي" المقتول على يد الإسماعيلية قبل ذلك..

وهكذا تم في خلال سنة 655 هجرية استئصال شأفة الإسماعيلية في هذه المنطقة كلها تقريباً، ولم ينج منهم إلا الشريد الذي كان يعيش في الشام أو العراق، ولم يأت في عملية الإحصاء المزعومة..

وبذلك أصبح الطريق آمناً مفتوحاً إلى بغداد .. وبدأت الجيوش المغولية الرابضة في فارس تزحف ببطء - ولكن بنظام - في اتجاه عاصمة الخلافة، ووضح للجميع أن اللحظات المتبقية في عمر العاصمة الإسلامية أصبحت قليلة.. بل قليلة جداً!!..

وقبل التحدث عن حصار بغداد وسقوطها، فإنني أود أن أشير إلى أن هذا الإسهاب النسبي في شرح إعداد هولاكو للحرب مع الخلافة لم يُقصد منه إبراز الانبهار "بهولاكو"، أو إبراز الاحتقار للمسلمين، إنما هو محاولة للبحث عن مبرر واضح للنتائج الرهيبة التي حدثت عند سقوط بغداد، فالناظر إلى الأحداث دون تعمق، والدارس للأمر دراسة سطحية قد يتساءل: لماذا يسمح الله عز وجل للتتار وهم من أخس أهل الأرض، ومن الوثنيين الظالمين السفاكين للدماء المستبيحين للحرمات بأن يفعلوا كل هذا الذي فعلوه بالمسلمين.. والمسلمون مهما كانوا فهم من الموحدين لله المقيمين للصلاة والقارئين لكتاب الله؟!

فأحببت أن أتجول معكم في هذا الإعداد الطويل المرتب الذي لم يقابل بأقل درجات الاهتمام من جانب المسلمين لتحدث المأساة الكبرى.. والبلية العظمى..

إن الذي يعتمد فقط على كونه من الموحدين المسلمين، ولا يعد العدة ولا يأخذ بالأسباب واهم في إمكانية تحقيق النصر.. إن التتار لم ينتصروا على المسلمين لكرامة لهم عند الله عز وجل، فهم من أقبح شعوب الأرض فعلاً، ومن أسوأهم أخلاقاً، ولكنهم أعدوا العدة.. وأخذوا بالأسباب فتحققت على أيديهم النتائج التي خططوا لها..

وهذه سنة مطردة.. وكثيراً ما رأينا اليهود أو النصارى أو البوذيين أو الهندوس ينتصرون على المسلمين، ويكثرون من إهانتهم، إذا أخذ هؤلاء بالأسباب المادية، وتركها المسلمون..

وليس المقصود من وراء ذلك أن يعتمد المسلمون على الأسباب المادية فقط ويتركوا مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.. إنما المقصود هو العمل الجاد الدءوب المتواصل مع رفع الأيدي إلى الله طلبًا للتوفيق والنصر.. وإذا تم النصر علمنا أنه من عند الله، ولم نتكبر أو نتجبر أو نعتقد في خروجنا عن دائرة حكم الله عز وجل..

والتاريخ ـ يا إخواني ـ يتكرر..

وما فعله التتار من إعداد ضد المسلمين فعله غيرهم بعد ذلك..

وما فعله المسلمون من تهاون وإهمال فعله المسلمون بعد ذلك أيضاً..

وإذا كانت النتائج التي حدثت في أيام التتار قد جاءت على تلك الصورة، فلا شك أن النتائج في عصرنا ستأتي على نفس الصورة إذا لم يفقه المسلمون الأمر فيعيدوا ترتيب أوراقهم وفقاً للفهم الصحيح..

ولذلك نقص التاريخ..

فهل من مدكر!!..





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :25  (رابط المشاركة)
قديم 26.10.2010, 13:01
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


جزاكِ الله خيرا اختنا الكريمة ماشاء الله بحث قيم جزى الله الكاتب والناقل خير الجزاء

متابع







توقيع جادي
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون




رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :26  (رابط المشاركة)
قديم 29.10.2010, 16:23
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


تابع المصورات



لوحة تصور زحف جيش التتار نحو بغداد


التتار كلما مروا على مدينة او قرية ابادوا اهلها وحرقوابيوتها




موقع المعركة



مقاتل من التتار بزيه الحربي الكامل


هجوم التتار




مجازر التتار في كل مدينة دخلوها


جنكيز خان




هولاكو وجيشه

















رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :27  (رابط المشاركة)
قديم 29.10.2010, 17:41
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


ما شاء الله
جزاك الله الجنة أخي جادي على إضافة الصور
أثريت الموضوع سلمت يمناك
تشرفت بمرورك الكريم والمفيد والطيب





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :28  (رابط المشاركة)
قديم 29.10.2010, 17:45
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


سقوط بغداد


د. راغب السرجاني
مقدمة

اجتمع هولاكو مع كبار مستشاريه في مجلس حرب يعد من أهم مجالس الحرب في تاريخ التتار، لقد أخذ القرار بغزو العاصمة "بغداد"، وكان هولاكو قلقاً من أي مفاجئات، وبالذات من الأمراء المسلمين الذين انضموا إلى جيشه، ولذلك وضع على الفرق الإسلامية التي معه مراقبة شديدة، ولكن مخاوفه لم تمنعه من التقدم، كما أنها لم تكن حقيقية؛ لأن الأمراء المسلمين الذين انضموا إليه لم يكن في نيتهم أبداً الغدر "بهولاكو"، إنما كان العزم - كل العزم - أن يغدروا "ببغداد"!!!!..
كان مجلس الحرب معقوداً في مدينة "همدان" الفارسية (في إيران حالياً) وهي تقع على مسافة حوالي450 كيلو مترًا من بغداد إلى الشمال الشرقي.. وقرر هولاكو في هذا المجلس أن يقسم جيشه إلى ثلاثة أقسام:
ـ الجيش الأول: هو القلب، وهو القسم الرئيسي من الجيش، وسيقوده هولاكو بنفسه، وستلحق به الإمدادات التي سيرسلها "باتو" زعيم القبيلة الذهبية التترية، وكذلك ستلحق به الفرق المساعدة من مملكتي أرمينيا والكرج، وهذا القسم من الجيش سيخترق الجبال الواقعة في غرب فارس صوب بغداد مباشرة مروراً بمدينة كرمان شاه، وستكون مهمة هذا الجيش حصار بغداد من الجهة الشرقية..
ـ الجيش الثاني: هو الجناح الأيسر لجيش التتار، وهذا سيقوده "كتبغا" أفضل قواد هولاكو، وسيتحرك هذا الجيش بمفرده في اتجاه بغداد أيضاً، ولكن إلى الجنوب من الجيش الأول، وقد تم فصل الجيشين حتى لا تستطيع المخابرات الإسلامية ـ إن وجدت ـ أن تقدر العدد الصحيح للجيش التتري، بالإضافة إلى أن الطرق لا تستوعب هذه الأعداد الهائلة من الجنود، فضلاً على أن هذا الجيش ستكون له مهمة اختراق سهول العراق، والتوجه إلى بغداد من جهة الجنوب، وحصارها من جهتها الجنوبية الشرقية..

ومع أن المسافة تبلغ 450 كيلومترًا إلا أن هولاكو كان من الحذر الكافي بحيث استطاع أن يخفي هذا الجيش عن عيون العباسيين ـ إن كانت هناك عيون ـ فلم يكتشف العباسيون الجيش إلا وهو على بعد كيلومترات معدودة من بغداد!!..
ـ أما الجيش الثالث: فكان هو الجيش التتري الرابض على أطراف الأناضول (في شمال تركيا الآن) والذي كان مكلفاً بفتح أوروبا قبل ذلك، وعلى رأس هذا الجيش الزعيم التتري الكبير "بيجو"، وكان على هذا الجيش أن يأتي من هذه المناطق الشمالية في اتجاه الجنوب حتى يصل بغداد من شمالها، ثم يلتف حولها ليحاصرها من جهة الغرب، وبذلك تحصر بغداد بين هولاكو شرقاً وكتبغا من الجنوب الشرقي وبيجو من الغرب..
لكن هناك مشكلتين كبيرتين أمام هذا الجيش الثالث:

أما المشكلة الأولى: فإن عليه أن يضبط توقيته حتى يأتي بغداد في نفس الوقت الذي يأتي فيه جيش هولاكو، وإلا وجد نفسه وحيداً أمام العباسيين إن جاء مبكراً، أو ترك هولاكو وحيداً إن كان متأخراً.. فإذا أخذنا في الاعتبار أن هذه التحركات تدور في زمان ليست فيه وسائل انتقال معلومة السرعة بدقة.. وليست فيه وسائل الاتصال إلا عن طريق الخيول، وليست هناك طرق ممهدة علمنا صعوبة هذه النقطة.. ومع ذلك فقد وصل بيجو في التوقيت المناسب إلى بغداد، دلالة على دقة حساباته، ومهارته في التحرك بهذا الجيش الكبير..

المشكلة الثانية: من المفروض أنها أكبر بكثير من المشكلة الأولى.. وهي أن هذا الجيش الثالث - لكي يصل إلى بغداد - عليه أن يخترق مسافة خمسمائة كيلومتر في الأراضي التركية، ثم خمسمائة كيلومتر أخرى في الأراضي العراقية.. وهذه كلها أراضٍ إسلامية..!! أي أنه يجب أن يسير مسافة ألف كيلومتر في أعماق العالم الإسلامي حتى يصل إلى بغداد.. وتذكر أننا نتحدث عن زمن ليس فيه طائرات.. أي أنه ليس هناك غطاء جوي يكفل له الحركة في أمان، أو يضمن له تدمير ما يقابله من معوقات.. لقد كانت أقل المخاطر التي تواجه هذا الجيش أن يُكتشف أمره، فيفقد - على الأقل- عنصر المباغتة، ويستعد له الجيش العباسي قبل وصوله، أما المخاطر الأكبر التي كانت في انتظاره فهي أن يجد مقاومة شرسة في طريقه المليء بالتجمعات السكنية الهائلة.. وكلها تجمعات إسلامية، أو أن تُنصب له الكمائن، وتوضع له الشراك.. وتذكر أنه يخوض في أرض يدخلها للمرة الأولى في حياته، لكن ـ سبحان الله! ـ كل هذا لم يحدث.. لقد قطع "بيجو" بجيشه 95% من الطريق (أي حوالي950 كيلومترًا) دون أن تدري الخلافة العباسية عنه شيئاً..!! لقد باغت "بيجو" الخلافة العباسية على بعد خمسين كيلومترًا فقط شمال غرب بغداد!! لقد اكتشف العباسيون جيش "بيجو" تماماً كما اكتشفوا جيش هولاكو، عندما كان كلا الجيشين على مسيرة يوم واحد من بغداد!!..
وإن كنا نقول: إن جيش هولاكو كان يتخفى بالجبال، ويسير في أراضٍ غالبها تحت سيطرة التتار، فكيف نفسر مباغتة بيجو لبغداد بهذه الصورة؟!!
إن تبرير اختراق "بيجو" للأراضي الإسلامية يحمل معه مصيبتين عظيمتين:
أما المصيبة الأولى: فهي غياب المخابرات الإسلامية عن الساحة تماماً، وواضح أن الجيش العباسي كان لا علم له ولا دراية بإدارة الحروب أو فنونها..
أما المصيبة الثانية والأعظم: فهي أن هناك خيانة كبرى من أمراء الأناضول والموصل المسلمين... هذه الخيانة فتحت الأبواب لجيش التتار، ولم يحدث أي نوع من المقاومة، وسار الجيش التتري في هدوء وكأنه في نزهة، وبالطبع لم يرتكب في طريقه مذابح لكي لا يلفت أنظار الخلافة في بغداد، ورضي الناس منه بتجنب شره، وخافوا أن يدلوا عليه لكي لا ينتقم منهم بعد ذلك..
خيانة عظمى من كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع أمراء الأناضول..
وخيانة أعظم من بدر الدين لؤلؤ أمير الموصل..
فبدر الدين لؤلؤ لم يكتف بتسهيل مهمة التتار، وبالسماح لهم باستخدام أراضيه للانتقال والعبور، بل أرسل مع التتار فرقة مساعدة تعينهم على عملية "تحرير العراق" من حكم الخلافة العباسية!!..
ومن الجدير بالذكر أن بدر الدين لؤلؤ قام بهذه الخيانة وهو يبلغ من العمر ثمانين عاماً! وقيل: مائة..!!! وجدير بالذكر أيضاً أنه مات بعد هذه الخيانة بشهور معدودات!!!..
ونسأل الله حسن الخاتمة..
كانت هذه هي تحركات الجيش التتري..






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :29  (رابط المشاركة)
قديم 29.10.2010, 17:49
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي


الوضع في بغداد قبل السقوط


كانت بغداد في ذلك الوقت من أشد مدن الأرض حصانة.. وكانت أسوارها من أقوى الأسوار..
فهي عاصمة الخلافة الإسلامية لأكثر من خمسة قرون، وأنفق على تحصينها مبالغ طائلة وجهود هائلة.. لكن وا أسفاه على المدينة الحصينة!!..

لقد كانت الحصون تحتاج إلى رجال.. ولكن ندر الرجال في ذلك الزمن!.
من على رأس الدولة في الخلافة العباسية؟
إنه الخليفة السابع والثلاثون والأخير من خلفاء بني العباس في بغداد..

إنه "المستعصم بالله"..
اسم كبير "المستعصم بالله".. ولقب كبير أيضاً: "خليفة المسلمين"..
ولكن أين مقومات الخلافة في "المستعصم بالله"؟..
عندما تقرأ عن صفات الخليفة الذاتية في كتب السير مثل تاريخ الخلفاء للسيوطي، أو البداية والنهاية لابن كثير أو غيرها من الكتب تجد أمراً عجباً..
تجد أنهم يصفون رجلاً فاضلاً في حياته الشخصية وفي معاملاته مع الناس.. (رجل يتميز بالطيبة.. مثلما يقولون)..
يقول ابن كثير مثلاً:

(كان حسن الصورة جيد السريرة، صحيح العقيدة، مقتدياً بأبيه "المستنصر بالله" في العدل, وكثرة الصدقات، وإكرام العلماء والعباد.. وكان سنياً على مذهب السلف..)
ولا أدري في الحقيقة ماذا يقصد بأنه كان على مذهب السلف؟!
ألم يكن في مذهب السلف جهاد؟!
ألم يكن في مذهب السلف إعداد للقتال؟!
ألم يكن في مذهب السلف دراسة لأحوال الأرض ولموازين القوى؟!
ألم يكن في مذهب السلف حمية ونخوة لدماء المسلمين التي سالت على مقربة من العراق في فارس وأذربيجان وغيرها؟!

ألم يكن في مذهب السلف وحدة وألفة وترابط؟!
لقد كان الخليفة المستعصم صالحًا في ذاته.. كان رجلاً طيباً.. لكنه افتقر إلى أمور لا يصح أن يفتقر إليها حاكم مسلم..
ـ لقد افتقر إلى القدرة على إدارة الأمور والأزمات..
ـ افتقر إلى كفاءة القيادة..
ـ افتقر إلى علو الهمة، والأمل في سيادة الأرض والنصر على الأعداء، ونشر دين الله..
ـ افتقر إلى الشجاعة التي تمكنه من أخذ قرار الحرب في الوقت المناسب..
ـ افتقر إلى القدرة على تجميع الصفوف، وتوحيد القلوب، ونبذ الفرقة، ورفع راية الوحدة الإسلامية..
ـ افتقر إلى حسن اختيار أعوانه، فتجمعت من حوله بطانة السوء.. الوزراء يسرقون, والشرطة يظلمون, وقواد الجيش متخاذلون..!!

ـ افتقر إلى محاربة الفساد، فعم الفساد وطغى.. وكثرت الاختلاسات من أموال الدولة، وعمت الرشاوى، وطغت الوساطة.. وانتشرت اماكن اللهو ولفساد والإباحية والمجون.. بل وأعلن عنها صراحة!! ودعي إليها على رءوس الأشهاد!! الراقصات الخليعات ما كنَّ يختفين في هذا البلد الإسلامي بل يعلنَّ عن أنفسهن صراحة!!..

نعم كان الخليفة محسنًا في أداء شعائر الدين من صلاة وصيام وزكاة.. نعم كان لسانه نظيفاً.. وكان محباً للفقراء والعلماء.. وكل ذلك جميل في مسؤوليته أمام نفسه، لكن أين مسؤوليته أمام مجتمعه وأمته؟

لقد ضعف الخليفة تماماً عن حمل مسؤولية الشعب..
لقد كان باستطاعة الخليفة أن يدبر من داخل العراق مائة وعشرين ألف فارس فضلاً عن المشاة والمتطوعين.. وكان الجيش التتري المحاصر لبغداد مائتي ألف مقاتل، وكان هناك أمل كبير في رد الغزاة، لكن الخليفة كان مهزوماً من داخله.. وكان فاقداً للروح التي تمكنه من المقاومة، كما أنه لم يربّ شعبه على الجهاد، ولم يعلمهم فنون القتال..

وإلا.. فأين معسكرات التدريب التي تعد شباب الأمة ليوم كيوم التتار؟!
أين الاهتمام بالسباحة والرماية وركوب الخيل؟!
أين التجهيز المعنوي للأمة لتعيش حياة الجد والنضال؟!
أنا لست متحاملاً على الخليفة!!..
لقد حكم هذا الخليفة بلاده ما يقرب من ستة عشر عاماً..
إنه لم يفاجأ بالحكم.. ولم يأته الأمر على عجل..
لقد رُبّي ليكون خليفة، وتولى الحكم وهو في سن الحادية والثلاثين.. وكان شاباً ناضجاً واعياً.. وأعطي الفرصة كاملة لإدارة البلاد.. وظل في كرسي حكمه ستة عشر عاماً كاملة.. فإن كان كفئاً فكان عليه أن يعد العدة، ويقوي من شأن البلاد، ويرفع من هيبتها، ويعلي من شأنها، ويجهز جيشها، ويعز رأيها.. وإن كان غير ذلك فكان عليه ـ إن كان صادقا ـ أن يتنحى عن الحكم.. ويترك الأمر لمن يستطيع.. فهذه ليست مسؤولية أسرة أو قبيلة.. إنما هي مسؤولية أمة.. وأمة عظيمة كبيرة جليلة.. أمة هي خير أمة أخرجت للناس..

لكن الخليفة لم يفعل أياً من الأمرين.. لا هو قام بالإعداد، ولا هو قام بالتنحي.. فكان لابد أن يدفع الثمن، وكان لابد لشعبه الذي رضي به أن يدفع الثمن معه..

وعلى قدر عظم الأمانة التي ضاعت، سيكون الثمن الذي يدفعه الخليفة ومعه الشعب.. وسترون كيف كان ثمنًا باهظاً!!..

والبلاد لم يكن ينقصها المال اللازم لشراء السلاح أو تصنيعه، بل كانت خزائن الدولة ملأى بالسلاح، لكنه إما سلاح قديم بالٍ أكل عليه الدهر وشرب، وإما سلاح جديد عظيم لم يستخدم من قبل.. ولكن - للأسف الشديد - لم يتدرب عليه أحد..

والنتيجة: جيش الخلافة العباسية جيش هزيل ضعيف، لا يصلح أن يكون جيشاً لإمارة صغيرة، فضلاً عن خلافة عظيمة..

كان هذا شأن الخليفة في بغداد!!
أما حكومة بغداد.. فكيف كان حالها؟!... لقد كانت البطانة كالحاكم، وكان الحاكم كالبطانة.. كانت الحكومة - كالجيش - هزيلة ضعيفة مريضة.. مكونة من "أشباح" وزراء! ليس من همهم إلا جمع المال والثروات، وتوسيع نطاق السلطة، والتحكم في رقاب العباد، والتنافس الشريف وغير الشريف فيما بينهم, والتصارع المرير من أجل دار أو منصب أو حتى جارية...! وكان على رأس هذه الوزارة الساقطة رئيس وزراء خائن باع البلاد والعباد، ووالى أعداء الأمة، وعادى أبناءها!!.. لقد كانت تلك الوزارة سيفًا مسلطًا على رقاب وأموال المسلمين.. ولم تكن علاقاتهم بالمسلمين الذين يحمونهم علاقة الإخوة بإخوانهم.. وإنما كانت علاقة السادة بعبيدهم..

وماذا عن الشعب في بغداد؟
كيف كانت طبيعته؟ وكيف كانت طموحاته؟!
لا تتوقعوا أنه شعب قد ظُلم بخليفة ضعيف أو هزيل.. فالحكام إفراز طبيعي جداً جداً للشعوب..وكما تكونوا يُوَلَّ عليكم.

الشعب في بغداد آنذاك كان شعباً كبيراً ضخماً.. كان يبلغ ثلاثة ملايين نسمة على الأقل، وبذلك تعد بغداد أكثر مدن العالم ازدحاماً في ذلك الوقت، هذا إلى جانب السكان في المدن والقرى المحيطة.. فلم تكن تنقصهم الطاقة البشرية، ولكنهم كانوا شعباً مترفاً.. ألِف حياة الدعة والهدوء والراحة.. الملتزم فيهم بدينه اكتفى بتحصيل العلم النظري، وحضور الصلوات في المساجد، وقراءة القرآن، ونسي الفريضة التي جعلها رسول الله صلى الله عليه سلم ذروة سنام الإسلام وهي فريضة الجهاد، وغير الملتزم منهم بدينه ـ وهم كثير ـ عاشوا لشهواتهم وملذاتهم، وتنافسوا في ألوان الطعام والثياب، وفي أعداد الجواري والغلمان، وفي أنواع الديار والحدائق والبساتين والدواب، ومنهم من التهى بسماع الأغاني والألحان عن سماع القرآن والحديث، ومنهم من شرب الخمر، ومنهم من سرق المال، ومنهم من ظلم العباد.. وفوق ذلك فإنهم ظلوا قرابة الأربعين سنة يسمعون عن المذابح البشعة التي تتم في إخوانهم المسلمين في أفغانستان وأوزبكستان والتركمنستان وفارس وأذربيجان والشيشان.. سمعوا عن كل هذه المذابح ولم يتحركوا.. وسمعوا عن سبي النساء المسلمات ولم يتحركوا.. وسمعوا عن خطف الأطفال المسلمين ولم يتحركوا.. وسمعوا عن اغتصاب بنات المسلمين ولم يتحركوا.. وسمعوا عن سرقة الأموال، وتدمير الديار، وحرق المساجد، ولم يتحركوا.. بل سمعوا أن خليفتهم "الناصر لدين الله" جد "المستعصم بالله" كان يساعد التتار ضد المسلمين الخوارزمية ولم يتحركوا!!..

سمعوا بكل ذلك وأضعافه ولم يتحركوا..
فلابد أن يكون الجزاء من جنس العمل!!..
"كما تدين تدان"
سيأتي يوم يذوق فيه هذا الشعب كل ما كان يُفعل في الشعوب المسلمة الأخرى، ولن يتحرك له أحد من المسلمين
بل سيساعدون التتار عليهم كما ساعدوهم على إخوانهم من قبل.. وهكذا تدور الدوائر..
ولا يقولن قائل: إن الشعب مغلوب على أمره..
فالشعوب التي تقبل بكل هذا الانحراف عن نهج الشريعة شعوب لا تستحق الحياة..
الشعوب التي لا تثور إلا من أجل لقمة عيشها شعوب ليس لها أن ترفع رأسها..

ثم أين العلماء؟ وأين الرجال؟ وأين الشباب؟ وأين المجاهدون؟
أين الآمرون بالمعروف؟ وأين الناهون عن المنكر؟
أين الحركات الإصلاحية في هذا المجتمع الفاسد؟
أين الفهم الصحيح لمقاصد الشريعة، ولأصول الدين؟
أليس في بغداد رجل رشيد؟!

لقد كان هذا هو الوضع في بغداد..
أما خارج بغداد فالوضع كما تعملون.. فهناك جيوش التتار تتحرق شوقاً لتعذيب المسلمين، والمسلمون في استكانة ينتظرون التعذيب!..

وبدأ الحصار!!
وبينما المسلمون على هذه الحالة إذ ظهر فجأة جيش هولاكو قبالة الأسوار الشرقية للمدينة العظيمة "بغداد"، وكان ذلك في يوم 12 محرم من سنة 656 هجرية.. وبدأ هولاكو في نصب معدات الحصار الثقيلة حول المدينة، وجاء كذلك "كتبغا" بالجناح الأيسر من الجيش ليحيط بالمدينة من الناحية الجنوبية الشرقية..

وارتاع خليفة المسلمين.. وعقد اجتماعاً عاجلاً طارئاً، جمع فيه كبار مستشاريه، وعلى رأسهم بالطبع الوزير الخائن مؤيد الدين العلقمي!..
ماذا نفعل في هذه المصيبة؟ كيف النجاة؟ أين المهرب؟
[ونادوا ولات حين مناص]
وبطبيعة الحال فإن مؤيد الدين العلقمي وبطانته كانوا يؤيدون مهادنة التتار وإقامة "مباحثات سلام" معهم، ولا مانع من بعض التنازلات، أو كثير من التنازلات، وكان مؤيد الدين يوسع الفجوة جداً بين إمكانيات التتار وإمكانيات المسلمين، كي لا يبقى هناك أمل في المقاومة.

كان هذا هو الرأي السائد في الاجتماع.. السلام غير المشروط!
لكن الخير لا ينعدم في هذه الأمة..
لقد قام رجلان من الوزراء وأشارا على الخليفة بحتمية الجهاد.. والجهاد كلمة جديدة على هذا الجيل من أجيال الدولة العباسية.. لكن لا مانع من طرح كل الأفكار وإن كانت "غريبة"!.. قام "مجاهد الدين أيبك" و"سليمان شاه" يحضان على المقاومة.. نعم جاءت الإشارة متأخرة.. بل متأخرة جداً.. لأن زمن الإعداد انتهى منذ فترة، وحان وقت الاختبار، ولكن لعلهما كانا يشيران منذ زمن بأمر الجهاد ولا يسمع لهما أحد.. ومع العلم أن العلاقات كانت متوترة جداً بين مؤيد الدين العلقمي ومجاهد الدين أيبك، وذلك منذ زمن طويل.. ولابد للعلاقات بين رجل خائن ورجل أمين أن تتوتر.. لكن - للأسف - لطالما استمع الخليفة لكلام الخائنين!..

واحتار الخليفة!!..
هواه مع كلام مؤيد الدين العلقمي .. فقلبه لا يقوى على الحروب..
وعقله مع كلام مجاهد الدين أيبك؛ لأن تاريخ التتار لا يشير بأي فرصة للسلام، كما أنه كان يسمع أن الحقوق لا "توهب" وإنما "تؤخذ"..
احتار الخليفة، ثم استقر أخيراً..
لقد استمع - والحمد لله- لكلام العقل.. لقد قرر أن يجاهد.. لكنه متردد.. ضعيف.. لين.. هين ..
والجهاد لا ينفع مع هذه الصفات..
الجهاد ليس قراراً عشوائياً..
لا يوجد مجاهد "بالصدفة"!!..
الجهاد إعداد.. وتربية.. وتضحية.. . ومشوار طويل في طريق الإيمان..

الجهاد ارتقاء إلى أعلى.. إلى أعلى.. إلى أعلى.. إلى أن تصل إلى ذروة سنام الإسلام.. ولكن على كل حال "فلنجاهد.." (على سبيل التجربة..!) وسمح الخليفة - للمرة الأولى تقريباً في حياته - باستخدام الجيش!..

وخرجت فرقة هزيلة من الجيش العباسي يقودها "مجاهد الدين أيبك" لتلاقي جيش هولاكو المهول.. وبمجرد خروج الجيش العباسي واستعداده لملاقاة هولاكو جاءت الأخبار إلى "مجاهد الدين أيبك" أن هناك جيشاً تترياً آخر يأتي من جهة الشمال، وهو جيش "بيجو" القادم من أوروبا عبر أراضي تركيا وشمال العراق، وكان ذلك الجيش قد عبر الأراضي العراقية شرق نهر دجلة، حتى إذا وصل إلى الموصل عبر نهر دجلة إلى الناحية الغربية منه، وسار في الأراضي المحصورة بين نهري دجلة والفرات حتى اقترب من بغداد، وأصبح على بعد خمسين كيلومترًا فقط منها، وعند هذه المنطقة في شمال بغداد وصلت الأخبار إلى "مجاهد الدين أيبك"..

أدرك "مجاهد الدين أيبك" أن هذا الجيش لو وصل إلى بغداد فسوف يطوقها من الناحية الشمالية والغربية، وبذلك سيطبق الحصار تماماً على العاصمة الإسلامية، ومن هنا فكر "مجاهد الدين أيبك" بسرعة أن يتجه بجيشه شمالاً بين نهري دجلة والفرات لمقابلة جيش "بيجو"، والتقى فعلاً بجيش التتار عند منطقة "الأنبار"، وهي المنطقة التي شهدت انتصاراً خالداً قبل ذلك بأكثر من ستمائة سنة على يد البطل الخالد "خالد بن الوليد" رضي الله عنه، ولكن في هذه المرة - للأسف - لم يكن الانتصار حليف المسلمين.. لقد بدا "بيجو" وكأنه أعرف بالمنطقة من أهلها، فبدأ يُظهر الانسحاب، ويستدرج خلفه جيش المسلمين، حتى أتى به إلى منطقة مستنقعات قريبة من نهر الفرات، ثم أرسل المهندسين التتر لقطع السدود المقامة على نهر الفرات في هذه المنطقة، وذلك ليقطع خط الهروب على الجيش العباسي، ثم حاصر "بيجو" الجيش العراقي، وبدأ في عملية إبادة واسعة النطاق، واستطاع "مجاهد الدين أيبك" بفرقة صغيرة جداً من الجيش العباسي أن ينسحب بحذاء النهر جنوباً حتى عاد إلى بغداد، ولكن - للأسف - هلك معظم الجيش العباسي في منطقة الأنبار!..

تمت هذه الموقعة الأليمة غير المتكافئة في التاسع عشر من المحرم، أي بعد أسبوع من ظهور هولاكو أمام الأسوار الشرقية لبغداد، وتقدم "بيجو" مباشرة ولم يضيع وقتاً حتى وصل إلى بغداد من ناحيتها الشمالية في اليوم التالي مباشرة، ثم التف حول بغداد ليضرب عليها الحصار من جهتها الغربية، وبذلك وضعت بغداد بين فكي كماشة: "هولاكو" من الشرق، و"بيجو" من الغرب.. وازدادت حراجة الموقف جداً، واستحكم الحصار حول عاصمة الخلافة!..

والخليفة ـ ابن الخلفاء والسلاطين ـ ما تخيل أنه يحصر هذا الحصار أبداً.. وشل عقله تماماً عن التفكير!!..
وجاء مؤيد الدين العلقمي ليستغل الفرصة..
أيها الخليفة.. لابد أن نجلس مع التتار على "طاولة المفاوضات"..

ولكن الخليفة يدرك أنه إذا جلس قوي شديد القوة مع ضعيف شديد الضعف فإن هذا لا يعني "مفاوضات" أبداً، وإنما يعني "استسلامًا".. وفي الاستسلام عادة يقبل المهزوم بشروط المنتصر دون تعديل أو اعتراض..
ومع ذلك وافق الخليفة المسكين- وهو مطأطئ الرأس - على الاستسلام.. أقصد على "المفاوضات!"..

رسولا الخليفة
قرر أن يرسل رجلين ليقوما عنه بالمفاوضات.. فمن أرسل؟!
لقد أرسل "مؤيد الدين العلقمي الشيعي" والذي يُكن في قلبه كل الحقد للخلافة العباسية!!..
وأرسل معه "ماكيكا.." البطريرك النصراني في بغداد!!!!..
وهكذا، فالوفد الرسمي الممثل للخلافة "الإسلامية" العباسية العريقة في المفاوضات مع التتار لا يضم إلا رجلين فقط:
أحدهما شيعي والآخر نصراني!!!..
ولا تعليق!!..
ودارت المفاوضات السرية جداً بين هولاكو وبين ممثلي الخلافة العباسية..
وأعطيت الوعود الفخمة من هولاكو لكليهما إن ساعداه على إسقاط بغداد، وأهم هذه الوعود أنهما سيكونان أعضاء في "مجلس الحكم" الجديد، والذي سيحكم العراق بعد احتلالها من التتار.. أقصد بعد "تحريرها" من الخليفة!!!

وبالطبع كان رد فعل ممثلي الخلافة العباسية معروفاً..
إن كليهما يتحرق شوقاً لإسقاط الخلافة العباسية الإسلامية ولو بدون ثمن، فما بالك لو كانت هناك وعود فخمة بمناصب وسيطرة وأموال.. ومن الذي يعد؟ إنه "هولاكو" سيد الموقف في كل المنطقة..

وعاد المبعوثان الساميان من عند هولاكو إلى الخليفة يحملان له طلباً عجيباً من الزعيم التتري.. لقد سمع هولاكو بأمر المسلمين المتشددين "المتطرفين" في داخل بغداد، والذين ينادون بشيء خطير.. ينادون "بالجهاد".. هذه الدعوة إلى الجهاد ستنسف كل مباحثات "السلام".. فعلى خليفة المسلمين أن يسلم إلى هولاكو رؤوس الحركة الإسلامية في بغداد.. وعليه أن يسلم - على وجه التحديد - "مجاهد الدين أيبك" و "سليمان شاه" اللذين كانا يتزعمان فكرة الجهاد والمقاومة..

وهنا تتضارب الروايات.. ولا ندري إن كان سلمهما فعلاً أم لم يسلمهما.. لكن وضح للجميع الغرض التتري.. ووضحت رغبة أعداء الإسلام دائماً في قمع أي دعوة للمقاومة باسم الدين..

الموقف يزداد صعوبة.. والأزمة تزداد شدة..
والرسل لا تنقطع بين هولاكو والخليفة..
والرسل طبعاً هم أهل الثقة عند الخليفة: "مؤيد الدين العلقمي الشيعي"، والبطريرك النصراني "ماكيكا".. !!!

وجاءت نتائج المفاوضات "مرضية جداً" كما صور ابن العلقمي للخليفة.. فلقد جاء ابن العلقمي ببعض الوعود من هولاكو، واعتبر هذه الوعود نصراً سياسياً كبيراً، وفي نفس الوقت كانت هناك بعض الشروط "البسيطة" التي على الخليفة أن ينفذها..

أما الوعود فكانت:
1ـ إنهاء حالة الحرب بين الدولتين وإقامة علاقة سلام دائم..
2ـ يتم الزواج بين ابنة هولاكو الزعيم التتري الذي سفك دماء مئات الآلاف من المسلمين بابن الخليفة المسلم "المستعصم بالله"..
3ـ يبقى "المستعصم بالله" على كرسي الحكم..
4ـ يعطي الأمان لأهل بغداد جميعاً..
هذه هي الوعود، على أن تكون هذه الوعود في مقابل الشروط الآتية:

1ـ تدمير الحصون العراقية..

2ـ ردم الخنادق..
3ـ تسليم الأسلحة..
4ـ الموافقة على أن يكون حكم بغداد تحت رعاية أو مراقبة تترية..
وختم هولاكو مباحثاته مع المبعوثين الساميين بأنه ما جاء إلى هذه البلاد إلا لإرساء قواعد العدل والحرية والأمان.. وبمجرد أن تستقر هذه الأمور ـ وفق الرؤية التترية ـ فإنه سيعود إلى بلاده، ويترك العراقيين يضعون دستورهم، ويديرون شئون بلادهم بأنفسهم!..

وتجددت الآمال في نفس الخليفة!!..
هل يصدق هولاكو في وعوده؟!
إن هناك شكاً كبيراً في قلبه..
ثم إن الشروط قاسية جداً، فهو سيتخلص تقريباً من كل إمكانية للمقاومة.. ولكنه - على الجانب الآخر - قد يظل حاكماً للبلاد.. نعم تحت رعاية تترية.. أو تحت قهر تتري.. لكنه - في النهاية - سيظل جالساً على كرسي الحكم، هذا طبعاً إن صدق هولاكو السفاح!..

ولكن هذا احتلال!.. أيقبل به؟
ولماذا لا يقبل به؟! إن مقربيه يقولون له: إن هذا في السياسة يسمونه: "واقعية"..!! وهو لو رفض التسليم، وفتحت أبواب بغداد بالقوة فإنه حتماً سيموت.. أما إذا سلم نفسه إلى هولاكو السفاح فهناك احتمال ـ ولو بسيط ـ للنجاة بالروح!!..

نعم سيعيش ذليلاً.. ولكنه في النهاية قد يعيش..
نعم سيعيش وضيعاً.. لكنه في النهاية قد يعيش..
نعم سيبيع كل شيء بثمن بخس.. لكنه في النهاية قد يعيش..
الخليفة ما زال متردداً..
والشعب الضخم من ورائه يعيش نفس التردد..
نداء الجهاد لا ينبعث إلا من بعض الأفواه القليلة جداً.. أما عامة الناس فقد انخلعت قلوبهم لحصار التتار..
لقد عظمت الدنيا جداً في عيونهم فاستحال في تقديرهم أن يضحوا بها..
لقد كثر الخبث فعلاً في بغداد.. وإذا كثر الخبث فالهلكة قريبة جداً!!..

واحتاج الخليفة لبعض الوقت للتفكير.. فالقرار صعب جداً.. ويحتاج إلى الاستشارة وقد يستخير!! لكن - على الناحية الأخرى - فإن هولاكو ليس عنده وقت يضيعه.. لأن الجيوش التترية الرابضة حول بغداد تتكلف كل يوم آلاف الدنانير.. والحصار في شهر محرم سنة 656 هجرية، وهذا يوافق شهر يناير من سنة 1258 ميلادية.. والجو شديد البرودة.. هذا فوق أنه يتشوق لرؤية بغداد الجميلة من الداخل!..





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :30  (رابط المشاركة)
قديم 29.10.2010, 17:54
صور أمــة الله الرمزية

أمــة الله

مديرة المنتدى

______________

أمــة الله غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 24.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.944  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
29.08.2013 (18:25)
تم شكره 30 مرة في 26 مشاركة
افتراضي



مصرع عرفة!!



لم ينتظر هولاكو وقتاً طويلاً.. ولم يعط "لصديقه" الخليفة ما يريده من الوقت للتفكير المتعمق، ولكنه قرر أن يجبره على سرعة التفكير، وذلك عن طريق بدأ إطلاق القذائف النارية والحجرية على بغداد، مستخدماً في ذلك أحدث التقنيات العسكرية في ذلك الزمان.. وبدأ القصف التتري المروع لأسوار وحصون وقصور وديار بغداد، وبدأت المدينة الآمنة تُروع للمرة الأولى تقريباًً في تاريخها..


بدأ القصف التتري في الأول من صفر سنة 656 هجرية ، واستمر أربعة أيام متصلة.. ولم تكن هناك مقاومة تذكر..

ويذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ في البداية والنهاية موقفاً "بسيطاً" لا يعلق عليه، ولكنه حمل بالنسبة لي معاني كثيرة..

يقول ابن كثير:

"وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب، حتى أصيبت جارية كانت "تلعب" بين يدي الخليفة وتضحكه، وكانت من جملة حظاياه، وكانت تسمى "عرفة"، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي "ترقص" بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك، وفزع فزعاً شديداً، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه، فإذا عليه مكتوب: "إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوي العقول عقولهم"، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز، وكثرت الستائر على دار الخلافة!!"..

وعجيب أن يذكر ابن كثير هذا الخبر دون تعليق!!..

والحدث - وإن كان ظاهره بسيطاً عابراً ـ إلا أنه يحمل معانٍ هائلة..

لقد تمكنت الدنيا تماماً من قلوب الناس في بغداد، وأولهم الخليفة.. فها هو الخليفة الموكل إليه حماية هذه الأمة في هذا الموقف الخطير يسهر هذه السهرة اللاهية.. نعم قد تكون الجارية ملك يمينه.. وقد تكون حلالاً له.. وإذا لم يكن هناك من يشاهدها غيره فلا حرج من أن يشاهدها الخليفة وهي ترقص.. لكن أين العقل في رأس الخليفة؟! العاصمة الإسلامية للخلافة محاصرة، والموت على بعد خطوات، والمدفعية المغولية تقصف، والسهام النارية تحرق، والناس في ضنك شديد، والخليفة يستمتع برقص الجواري!!..

أين العقل؟ وأين الحكمة؟!

لقد أصبح رقص الجواري في الدماء، فصار كالطعام والشراب.. لابد منه حتى في وقت الحروب.. ولا أدري حقيقة كيف كانت نفسه تقبل أن ينشغل بمثل هذه الأمور، والبلاد والشعب وهو شخصياً في مثل هذه الضائقة..

وما أبلغ العبارة التي كتبها التتار على السهم الذي أطلق على دار الخلافة وقتل الراقصة المسكينة إذ قالوا: "إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره، أذهب من ذوي العقول عقولهم"، فالله عز وجل قد قضى على بغداد بالهلكة في ذلك الوقت، وأذهب فعلاً عقل الخليفة وعقول أعوانه وشعبه، ولا شك أن هذه العبارات المنتقاة بدقة كانت نوعاً من الحرب النفسية المدروسة التي كان يمارسها التتار بمهارة على أهل بغداد..

ويكفي كدليل على قلة عقل الخليفة أنه بعد هذه "الكارثة" (كارثة قتل الراقصة) لم يأمر الشعب بالتجهز للقتال، فقد وصل الخطر إلى داخل دار الخلافة، وإنما أمر فقط بزيادة الاحتراز، ولذلك كثرت الستائر حول دار الخلافة لحجب الرؤية ولزيادة الوقاية وستر الراقصات!..

ولا حول ولا قوة إلا بالله..



مفاوضات النهاية

ظل التتار على قصفهم مدة أربعة أيام من أول صفر إلى الرابع منه سنة 656 هجرية، وفي يوم الرابع من صفر بدأت الأسوار الشرقية تنهار.. ومع انهيار الأسوار الشرقية انهار الخليفة تماماً..


لقد بقيت لحظات قليلة جداً في العمر..

هنا لجأ الخليفة إلى صديقه الخائن مؤيد الدين العلقمي، وسأله ماذا يفعل؟ وأشار عليه الوزير أن يخرج لمقابلة هولاكو بنفسه لكي يجري معه المفاوضات..

وذهبت الرسل إلى هولاكو تخبره بقدوم الخليفة، فأمر هولاكو أن يأتي الخليفة، ولكن ليس وحده، بل عليه أن يأتي معه بكبار رجال دولته، ووزرائه، وفقهاء المدينة، وعلماء الإسلام، وأمراء الناس والأعيان، حتى يحضروا جميعاً المفاوضات، وبذلك تصبح المفاوضات ـ كما يزعم هولاكو ـ ملزمة للجميع..

ولم يكن أمام الخليفة الضعيف أي رأي آخر..

وجمع الخليفة كبار قومه، وخرج بنفسه في وفد مهيب إلى خيمة هولاكو خارج الأسوار الشرقية لبغداد.. خرج وقد تحجرت الدموع في عينيه، وتجمدت الدماء في عروقه، وتسارعت ضربات قلبه، وتلاحقت أنفاسه..

لقد خرج الخليفة ذليلاً مهيناً، وهو الذي كان يستقبل في قصره وفود الأمراء والملوك، وكان أجداده الأقدمون يقودون الدنيا من تلك الدار التي خرج منها الخليفة الآن..

وكان الوفد كبيراً يضم سبعمائة من أكابر بغداد، وكان فيه بالطبع وزيره مؤيد الدين بن العلقمي، واقترب الوفد من خيمة هولاكو، ولكن قبل الدخول على زعيم التتار اعترض الوفد فرقة من الحرس الملكي التتري، ولم يسمحوا لكل الوفد بالدخول على هولاكو، بل قالوا: إن الخليفة سيدخل ومعه سبعة عشر رجلاً فقط، أما الباقون فسيخضعون - كما يقول الحرس - للتفتيش الدقيق.. ودخل الخليفة ومعه رجاله، وحجب عنه بقية الوفد.. ولكنهم لم يخضعوا لتفتيش أو غيره.. بل أخذوا جميعاً....... للقتل!!!..

قُتل الوفد بكامله إلا الخليفة والذين كانوا معه.. قُتل كبراء القوم، ووزراء الخلافة، وأعيان البلد، وأصحاب الرأي، وفقهاء وعلماء الخلافة العباسية..

ولم يُقتل الخليفة؛ لأن هولاكو كان يريد استخدامه في أشياء أخرى..

وبدأ هلاكو يصدر الأوامر في عنف وتكبر..

واكتشف الخليفة أن وفده قد قتل بكامله..

اكتشف الخليفة ما كان واضحاً لكل الخلق.. ولكنه لم يره إلا الآن.. لقد اكتشف أن التتار وأمثالهم لا عهد لهم ولا أمان [لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة]

واكتشف أيضاً أن الحق لابد له من قوة تحميه.. فإن تركت حقك دون حماية فلا تلومن إلا نفسك.. لكن - وللأسف - جاء هذا الاكتشاف متأخراً جداً..

وبدأت الأوامر الصارمة تخرج من السفاح هولاكو:

1ـ على الخليفة أن يصدر أوامره لأهل بغداد بإلقاء أي سلاح، والامتناع عن أي مقاومة .. وقد كان ذلك أمراً سهلاً؛ لأن معظم سكان المدينة لا يستطيعون حمل السلاح، ولا يرغبون في ذلك أصلاً..

2ـ يقيد الخليفة المسلم، ويساق إلى المدينة يرسف في أغلاله، وذلك لكي يدل التتار على كنوز العباسيين، وعلى أماكن الذهب والفضة والتحف الثمينة، وكل ما له قيمة نفيسة في قصور الخلافة وفي بيت المال..

3ـ يتم قتل ولدي الخليفة أمام عينه!! فقُتل الولد الأكبر "أحمد أبو العباس"، وكذلك قُتل الولد الأوسط "عبد الرحمن أبو الفضائل".. ويتم أسر الثالث مبارك أبو المناقب، كما يتم أسر أخوات الخليفة الثلاث: فاطمة وخديجة ومريم..

4ـ أن يستدعى من بغداد بعض الرجال بعينهم، وهؤلاء هم الرجال الذين ذكر ابن العلقمي أسماءهم لهولاكو، وكانوا من علماء السنة، وكان ابن العلقمي يكن لهم كراهية شديدة، وبالفعل تم استدعاؤهم جميعاً، فكان الرجل منهم يخرج من بيته ومعه أولاده ونساؤه فيذهب إلى مكان خارج بغداد عينه التتار بجوار المقابر، فيذبح العالم كما تذبح الشياه، وتؤخذ نساؤه وأولاده إما للسبي أو للقتل.!!. لقد كان الأمر مأساة بكل المقاييس!!

ذُبح على هذه الصورة أستاذ دار الخلافة الشيخ محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي (العالم الإسلامي المعروف)، وذبح أولاده الثلاثة عبد الله وعبد الرحمن وعبد الكريم، وذُبح المجاهد مجاهد الدين أيبك وزميله سليمان شاه، واللذان قادا الدعوة إلى الجهاد في بغداد، وذُبح شيخ الشيوخ ومؤدب الخليفة ومربيه "صدر الدين علي بن النيار"، ثم ذُبح بعد هؤلاء خطباء المساجد والأئمة وحملة القرآن!!..

كل هذا والخليفة حي يشاهد، وأنا لا أتخيل كمّ الألم والندم والخزي والرعب الذي كان يشعر به الخليفة، ولا شك أن أداء الخليفة في إدارته للبلاد كان سيختلف جذرياً لو أنه تخيل - ولو للحظات - أن العاقبة ستكون بهذه الصورة، ولكن ليس من سنة الله عز وجل أن تعود الأيام، ثم إن الخليفة رأى أن هولاكو يتعامل تعاملاً ودياً مع ابن العلقمي الوزير الخائن، وأدرك بوضوح العلاقة بينهما، وانكشفت أمامه الحقائق بكاملها، وعلم النتائج المترتبة على توسيد الأمر لغير أهله، ولكن كل هذه الاكتشافات كانت متأخرة جداً..






رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
البتار, السرجاني, راغب, ظهور


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
قصة الفتنة د.راغب السرجاني noha التاريخ والبلدان 3 08.11.2010 17:41
أهمية الفتوح الإسلامية .. الدكتور راغب السرجانى كلمة سواء التاريخ والبلدان 2 17.10.2010 08:15
ظهور الشيطان ام ظهور العذراء بالادله والبراهين ابو يونس كشف أكاذيب المنصرين و المواقع التنصيرية 3 05.07.2010 01:40
الدكتور, راغب السرجانى, يكتب"رسالة, الى أستاذى أردوغان" أم جهاد قسم الحوار العام 0 22.06.2010 17:05
المسلمون والكشوف الجغرافية بقلم د. راغب السرجاني أمــة الله التاريخ والبلدان 4 31.05.2010 15:35



لوّن صفحتك :