آخر 20 مشاركات
خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القرآن الكريم يعرض لظاهرة عَمَى الفضاء (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أفلا أكون عبداً شكوراً (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 17 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يُربط زوراً و بهتاناً الإرهاب و التطرف بإسم الإسلام ؟؟!! (الكاتـب : د/ عبد الرحمن - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          كتاب ( خلاصة الترجيح في نجاة المسيح ) أخر ما كتبت في نقد عقيدة الصلب والفداء (الكاتـب : ENG MAGDY - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 19.07.2010, 17:24
صور أبو السائب أكرم المصري الرمزية

أبو السائب أكرم المصري

عضو

______________

أبو السائب أكرم المصري غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 26.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.222  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.10.2015 (14:30)
تم شكره 9 مرة في 8 مشاركة
افتراضي الدروس الخاصة بدورة من الاسعافات الايمانية الاولية


الدروس الخاصة بدورة الاسعافات الايمانية الاولية


اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله
واليك يرجع الأمر كله علانيته وسره
ثم أما بعد
حياكم الله اخوانى الافاضل .. واخواتنا الفاضلات
باذن الله جل وعلا سوف تكون هذه الصفحة خاصة بعرض دروس
لدورة سميت بدورة الاسعافات الأولية الايمانية
ويدّرسها الشيخ الحبيب أبو معاذ أحمد المصرى
احد تلامذة الشيخ محمد حسان ومن مشايخ المنوفيه
وسوف اكون مجرد ناقل لتلك الدروس دون تدخل منى
بأى شكل من الاشكال
واسأل الله العظيم ان ينفعنا بهذه الدروس
وان يجعلها فى ميزان حسنات شيخى الحبيب
وجزاكم الله خيرا
للمزيد من مواضيعي

 








توقيع أبو السائب أكرم المصري


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 19.07.2010, 17:27
صور أبو السائب أكرم المصري الرمزية

أبو السائب أكرم المصري

عضو

______________

أبو السائب أكرم المصري غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 26.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.222  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.10.2015 (14:30)
تم شكره 9 مرة في 8 مشاركة
افتراضي


(( 1 ))

مقدمة لقلبى وقلوبكم


تأملتُ في حالي وحال المقصرين أمثالي ... فوجدتنا في حال يرثى لها ... ونسأل الله أن يسترنا واياكم .

لن أطيل ... فمثلكم لا يخفى عليه ما سأقول .

المعاصى الخفية - غالبا - ... هي التي تؤثر في قلوبنا ...
وتفضحها فلتات ألسنتنا
... وتصدقها فضائح جوارحنا ...

تقصيرٌ في الطاعات ...
وابتلاء بالمعاصي الخفيات ...

خَورٌ في طلب الحسنات ...
وتفننٌ في اقتراف السيئات ...

تأملتُ في كتاب الله تعالى ... فوجدت العلاج النافع ، الناجح ، الرافع ، الرائع ... في صرف العبد عن ...المعاصى وتبغيضها له ... وتحبيبه إلى الطاعات ... وتقريبها له ...

فسألتُ نفسي ... بعد قراءتي لهذه الآية ... ولكأني أسمعها ... لأول مرة !! :

الله تعالى في كتابه العظيم ... يدعونا ، ويحثنا ، ويعلمنا ، ويوجهنا إلى اللجوء إليه ... وطلب العون منه تعالى ... في أن يصرف عنا ما نبتلى به من معاصي خفيات وظاهرات !!.... ثم لا نلجأ إليه !!.


عجيبٌ أمرُنا ... أصلح الله أمرَنا .

قال تعالى :
(وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) .

أقول:
إن ابتليت بمعصية خفية أو ظاهرة ...
وعجزت عن التخلص منها
وتخشى أن يعاقبك الله تعالى على اقترافها ...
فالجأ إلى الله تعالى ... وابكِ بين يديه ... وألحّ في دعائه ... بأن يكرّهها لك ، ويصرفها عنك ، ويبغضها إليك ... وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك ...

ثم لا تسأل عن فضله تعالى ، ونعمه ، وتوفيقه ... في أن يبغّض إليك ما كنت تحبه ... أو قد ابتليت باقترافه من المعاصي ...

ووالله إنك لتتعجب من فضل الله تعالى عليك ... في صرفه المعصية عنك ... فتقول : أين كنت عن هذا من قبل ؟!.

قل:
يارب بغّض إليّ الكفر والفسوق والعصيان .
يارب بغّض إليّ الرياء .
يارب بغّض إليّ الغيبة .
يارب بغّض إليّ النميمة .
يارب بغّض إليّ النظر إلى الحرام .
يارب بغّض إليّ سماع الحرام .
يارب بغّض إليّ الحسد والحقد والغل .
يارب بغّض إليّ النظر في المواقع المحرمة .

قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس".

وقال بعضهم : ( كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ) .

" إن الحسرةكل الحسرة ، والمصيبة كل المصيبة : أن نجد راحتناحين نعصي الله تعالى ".

قال تعالى: ( قَالَ رَب السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ )

لجأ يوسف عليه السلام إلى الله تعالى ودعاه واعتصم به ... في أن يصرف عنه كيد النسوة ومكرهن ... فجاءه كرم الكريم ... ورحمة الرحمن الرحيم ...

( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

فهل لجأنا إلى الله تعالى في مايعرض لنا من معاصي ... وما ابتُلينا به من ذنوب ... لينجينا الكريم بفضله ورحمته ... منها ...
ومن آثارها ... وتبعاتها ؟!.

( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ) ...

أي موعظة هذه ... ؟!

التي تقول للمرائي قف !.

وللزاني عف !.

وللسارق كف !.

ولكل عاص أف ثم أف ! ...

أما تستشعر نظر الرب ؟!

وأخيراً أخي الكريم:

هل تشتكي من تقصير في أداء الفرائض ؟!.

هل تشتكي من تقصير في قراءة كتاب الله تعالى ؟!.

هل تشتكي من تقصير في أداء الرواتب ؟!.

هل تشتكي من تقصير في قيام الليل أو الشفع أو حتى الوتر فقط ؟!.

هل تشتكي من تقصير في الصدقات ؟!.

هل تشتكي من تقصير في صيام التطوع ؟!.

هل تشتكي من تقصير في صلة الأرحام ؟!.

هل تشتكي - إجمالا - من تقصيرك في الطاعات ؟!.

الله تعالى قال : ( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) .

فهل لجأنا إلى الله تعالى بأن يحبب إلينا الإيمان ... وأن يزينه في قلوبنا ؟!.

هل سألنا الله بصدق بأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ؟!.

هل دعونا الله بإلحاح بأن يذيقنا حلاوة الإيمان ... وبرد العفو ؟!.

لو سألناه تعالى لأجابنا ... فهو الرحيم الرحمن الودود ... سبحانه وتعالى .

فلندعُ ... ولنكثر ... ولنلحُّ ... ثم لنرى نعم الله تعالى علينا ... وتيسيره العبادات لنا .

اخى الحبيب
اذكر بين يديك هذا الموقف
لنرى الايمان
لدى الصحابة
ثم
لننظر الى ايماننا

فهب أنك - أخي - قد عُدت إلى منزلك في يوم من الأيام فوجدت رجلًا في انتظارك وبصحبته زوجته وأولاده،
ومعه رسالة من أحد أصدقائك الذين لا يمكنك أن ترد لهم طلبًا،
يُخبرك فيها بأن حامل رسالته أخٌ لك في الله،
قد تعَرَّض لمحن وابتلاءات كثيرة، وهو الآن بلا مال ولا مأوى،
وعليك أن تستضيفه وعائلته في منزلك،
وأن تقتسم معه مالك،
وطعامك،
فضلًا عن مسكنك،
وليس لهذه الاستضافة مدة معلومة،
فقد تمتد شهورًا أو سنين ...

فماذا تتوقع أن يكون رد فعلك تجاه هذا الأمر ؟!

هل ستكون سعيدًا بهذه الرسالة وما تحتويه ؟

أم سيضيق صدرك ويشتدّ غمك، فالراتب لا يكفي إلا بالكَاد، والمسكن يضيق بأفراد الأسرة، فكيف سيكون الحال لو تم اقتسام الراتب والمسكن بينك وبين أخيك ؟

وحتى إن كنت موسرًا ؛ فمن يتحمل أن يتعايش مع أُناس لا يعرفهم ولا يعرف طباعهم وأسلوب حياتهم ؟

.. لا أكتُمك القول – أخي – بأنني قد تخيلت نفسي في هذا الموقف، فتوقعت مقدار الحرج الذي سيُصيبني، ومدى الضيق الذي قد يتولد في صدري والذي قد يزيد بطول مدة الاستضافة، ومن المتوقع أن تدور أمنيتي وقتها حول إمكانية كون هذا الرجل قد أخطأ في العنوان، وأن المقصود شخص آخر غيري، وقد أُسارع بالاتصال بمن كتب الرسالة محاولًا التملص من هذا العمل، وأتعلل بظروف كثيرة تَحُول بيني وبين استضافة هذه الأسرة، وإن وافقت على استضافتها فستكون موقوتة بمدة محددة، وسأجتهد في أن تكون هذه المدة قصيرة قدر الإمكان...

هذا الموقف - الذي نتمنى ألَّا نتعرض له - قد تَعرَّض له الأنصار في صدر الدعوة، فلقد خرج المهاجرون فارِّين بدينهم من مكة تاركين فيها ديارهم وأموالهم،
وتوجهوا إلى يثرب تنفيذًا لأمر الله ورسوله صل الله عليه وسلم .
. هاجروا إليها دون أن يكون لهم فيها مأوى، ولم يكن معهم من الأموال ما يُمكِّنهم من الإنفاق على أنفسهم،
أو اقتناء مساكن تؤيهم،

وفي المقابل كان أهل المكان من الأنصار فقراء،
فضلًا عن أنهم لم يكن بينهم وبين المهاجرين سابق صلة أو معرفة،
ومع ذلك كان عليهم أن يستضيفوا إخوانهم المهاجرين استضافة كاملة ..

فماذا كان تصرفهم تجاه هذا الأمر ؟!

تُجيبنا كتب السيرة بأنهم كانوا في سعادة غامرة بتلك الاستضافة إلى حد تَسابقهم وتَنافسهم فيما بينهم للفوز بكل مهاجريّ يصل إلى المدينة ..
هذا التسابق والتنافس الذي كان على أشُده جعلهم يلجأون إلى إجراء القرعة لتحديد الفائز باستضافة الوافد الجديد ..
نعم،
لقد حدث هذا،

حتى قيل : ما نزل مهاجري على أنصاري إلا بقرعة.

ولعلك - أخي الحبيب –
تعجب من هذا التصرف الذي نعجز عن القيام به،
ولعلك كذلك تتساءل معي:

ما الذي جعلهم يصلون إلى هذا المستوى، وهذا السلوك الذي يفوق طاقات احتمال البشر؟

يُجيب القرآن على تساؤلاتنا،
ويُبيِّن لنا السبب الذي دفع هؤلاء الأنصار لهذا الإيثار العظيم مع فقرهم وشدة حاجتهم وذلك في قوله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ... ﴾ [الحشر/9] .

فالآية الكريمة تصف هؤلاء بأنهم تَبوَّءوا الدار : أي استوطنوا يثرب قبل مجيء المهاجرين، وتقول عنهم الآية كذلك بأنهم استوطنوا الإيمان ..

ولكن كيف يُستوطن الإيمان ؟!

أليس من المعلوم أن الإيمان هو الذي يدخل القلب ؟!

.. نعم هو كذلك،
ولكن من شدة تمكُّن الإيمان منهم : فكأنهم هم الذين دخلوا فيه واستوطنوه، والدليل على ذلك هو هذا الفعل العجيب : الإيثار مع الحاجة ..

الأمر إذن واضح ؛
إن أردنا سلوكًا صحيحًا، واستقامة جادة، وأخلاقًا حسنة، فعلينا بالإيمان، فكلما ازداد الإيمان انصلح القلب، فتحسنت الأفعال .

ولكي يصبح الإيمان راسخًا في القلب ومهيمنا عليه لابد من ممارسة أسباب زيادته، وتعاهد شجرته حتى تنمو في القلب وتزهر وتثمر ثمارًا طيبة بصورة دائمة .

أو بعبارة أخرى : نحتاج ممارسة « التربية الإيمانية » مع أنفسنا، ومع كل من نتولى أمر تربيته إن أردنا الإصلاح الحقيقي لأنفسنا وأمتنا .

فإن قلت : وكيف لنا أن نفعل ذلك ؟!

كانت الإجابة بأن هذه الدورة سنضع من خلالها – بإذن الله - ما قد يساعدنا على ذلك،

فهى تتناول – بمشيئة الله - مبادئ وإشارات حول التربية الإيمانية من حيث: ثمارها، وأهدافها، وحقيقتها، وجناحيها ( أعمال القلوب، وأعمال الجوارح ) وإن شئت قلت: الإيمان، والعمل الصالح ، وتقديم الاسعافات الاوليه للبعد عن المعاصى الظاهرة والخفية ..

نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا بفضله وكرمه كل خير أفاض به علينا،
وأن يغفر لنا زلَّاتنا،
وألًّا يحرمنا – بجُوده – الأجر إن أصبنا أو أخطأنا

( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ).

ومعذرة على الاطالة
وتابعونا
و
احبكم فى الله





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 19.07.2010, 17:37
صور أبو السائب أكرم المصري الرمزية

أبو السائب أكرم المصري

عضو

______________

أبو السائب أكرم المصري غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 26.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.222  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.10.2015 (14:30)
تم شكره 9 مرة في 8 مشاركة
افتراضي


(( 2 ))

الايمان وثماره

اخوانى فى الله

إن الهدف الأساسي من التحدث عن ثمار الإيمان ومدى ظُهورها في جيل الصحابةرضوان الله عليهم هو استثارة مشاعر الاحتياج نحو التربية الإيمانية،وتقوية العزيمة لسلوك طريقها بإذن الله ..

ولقد اخترنا هذه الثمار وما هي إلا قطوف يسيرة من شجرة الإيمان المباركة ، ولقد تم اختيارها كباقة متنوعة ، فمنها ما يتعلق بعلاقة المؤمن بربه ، ومنها ما ينعكس على علاقته بدنياه وآخرته ، ومنها ما يظهر آثاره على تعاملاته مع الآخرين .

وإليك - أخي – بعضًا من التفاصيل حول هذه الثمار :




*** أولًا : المبادرة والمسارعة لفعل الخير


من أهم ثمار الإيمان الحي أنك تجد صاحبه مبادرًا ومسارعًا لفعل الخير ، يتحرك في الحياة وكأنه قد رُفعت له راية من بعيد فهو يسعى جاهدًا للوصول إليها مهما كلفه ذلك من بذل وتعب وتضحية ..
تراه دومًا يبحث عن أي باب يقربه من رضا ربه والتعرض لرحمته ليندفع إليه مرددًا بلسان حاله : « لبيك اللهم لبيك .. لبيك وسعديك » .


ولقد قرر القرآن هذه الحقيقة في قوله تعالى :
﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون/57-61].

فالآيات تُعطي دلالات واضحة على أن أصحاب القلوب المؤمنة الخاشعة لربها هم أكثر الناس مسارعة للخيرات وأسبقهم إليها .

وإليك - أخي - بعض الأمثلة من حياة الصحابة - رضوان الله عليهم - والتي تؤكد هذا المعنى :


- خرج جابر بن عبد الله رضي الله عنه ذات سنة إلى بلاد الروم غازيًا في سبيل الله ، وكان الجيش بقيادة مالك بن عبد الله الخثعمي ، وكان مالك يطوف بجنوده وهم منطلقون ليقف على أحوالهم ، ويشُد من أزرهم ، ويُولِي كبارهم ما يستحقونه من عناية ورعاية ، فمر بجابر بن عبد الله ، فوجده ماشيًا ومعه بَغل له يمسك بزمامه ويقوده ، فقال له : ما بك يا أبا عبد الله ، لم لا تركب ، وقد يسر الله لك ظهرًا يحملك عليه ؟ !
فقال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
« من أُغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار» .
فتركه مالك ومضى حتى غدَا في مقدمة الجيش ، ثم التفت إليه ، وناداه بأعلى صوته ،
وقال : يا أبا عبد الله ، مالك لا تركب بغلك ، وهي في حوزتك ؟!
فعرف جابر قصده ، وأجابه بصوت عال وقال : لقد سمعتُ رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
« من أُغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار »
، فتواثب الناس عن دوابهم وكلٌ منهم يريد أن يفوز بهذا الأجر ، فما رُئِي جيش أكثر مشاة من ذلك الجيش
(( أُسد الغابة ( 1/307 ) ، وتاريخ الإسلام للذهبي ( 3/143) ، وسيرة ابن هشام ( 3/217 ، 218) ، وحديث « من أُغبرت قدماه .. » أخرجه البخاري (1/308 ، رقم 865) ، وغيره .))


وروى النسائي عن أبي سعيد بن المُعَلَّى أنه قال :
كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم ، فمررنا يومًا ورسول الله صل الله عليه وسلم قاعد على المنبر ، فقلت : لقد حدث أمر ، فقرأ رسول الله صل الله عليه وسلم هذه الآية :
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة/144]
، حتى فرغ من الآية ، فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صل الله عليه وسلم فنكون أول من صلى ( في اتجاه الكعبة ) فتوارينا فصليناهما ، ثم نزل رسول الله صل الله عليه وسلم وصلى بالناس الظهر يومئذ...


- وفي يوم من الأيام قََدِمتْ قافلة لعبد الرحمن بن عوف بها سبعمائة راحلة تحمل المتاع ، فلما دخلت المدينة ارتجت الأرض بها ، فقالت عائشة : ما هذه الرّجة ؟
فقيل لها : عِير لعبد الرحمن بن عوف .. سبعمائة ناقة تحمل البُر والدقيق والطعام ،
فقالت عائشة : بارك الله فيما أعطاه في الدنيا ، ولثواب الآخرة أعظم .

وقبل أن تبرك النوق كان الخبر قد وصل لعبد الرحمن بن عوف : فذهب إليها مُسرعًا ،
وقال: أشهدك يا أُمَّه أن هذه العير جميعها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله .



التنافس في الخير:

صاحب الإيمان الحي لا يُريد أن يسبقه أحد إلى الوصول للراية العُظمى ..
راية رضا الله والتعرض لرحمته ومغفرته ودخول جنته ،
لذلك تراه حزينًا حين تتحين أمامه فرصة للاقتراب من تلك الراية ولا يستطيع اغتنامها لأسباب خارجة عن إرادته كالمرض أو الفقر ،

ولنا في قصة البَكَّائين خير مثال على ذلك :

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمر رسول الله صل الله عليه وسلم الناس أن ينبعثوا غازين (غزوة تبوك) ،
فجاءت عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن معقل المزني ، فقالوا : يا رسول الله احملنا . فقال :
« والله ما أجد ما أحملكم عليه »
، فتولَّوا ولهم بكاء ، وعَزَّ عليهم أن يُحبَسوا عن الجهاد ، ولا يجدون نفقة ولا محملًا .
فأنزل الله عذرهم : ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ
[التوبة/92]
(( الدر المنثور للسيوطي 3/479.))



شدة الحرص على دعوة الخلق إلى الله :

كلما ازداد الإيمان وشعر المرء بحلاوته كلما ازدادت رغبته في دعوة الناس جميعًا إلى الله ، وإلى التحرر من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، وكيف لا وهو يرى غيره من الضالين في سجن كان هو فيه وحرَّره الله منه ، لذلك فهو لا يهدأ ولا يقر حتى يُبلِّغ الدعوة إليهم ما وسعه الجهد والوقت والمال .

ويدفعه لأداء هذا الواجب كذلك علمه بأن الدعوة إلى الله من أحب الأعمال إليه سبحانه ..

.. من هنا نُدرك كيف اشتد حرص الصحابة على دعوة الخلق إلى الله .
فهذا أبو بكر الصديق بعد إسلامه يُسارع بالدعوة إلى الله من وَثق به من قومه فأسلم على يديه :
الزبير بن العوام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عُبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ...

وذكر ابن إسحاق أن رسول الله صل الله عليه وسلم لمَّا انصرف عن ثقيف اتَّبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة ، فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام ، فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم : « إنهم قاتلوك » ، وعرف رسول الله صل الله عليه وسلم أن فيهم نخوة الامتناع للذي كان منهم ، فقال عروة : يا رسول الله ، أنا أَحَب إليهم من أبكارهم ، وكان فيهم كذلك مُحببًا مطاعًا .

فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه بمنزلته فيهم ، فلما أشرف على عُلَّية (مكان مرتفع) – وقد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه – رموه بالنبل من كل وجه ، فأصابه سهم فقتله ،
فقيل لعروة : ما ترى في دمك ؟
قال : كرامة أكرمني الله بها ، وشهادة ساقها الله إلي .

.(( السيرة النبوية لابن هشام ( 2/538 ) ، وأُسد الغابة ( 1/768) ، والاستيعاب لابن عبد البر ( 1/328) ، والإصابة لابن حجر (4/493) .))





ثانيا : تقوية الوازع الداخلي


كلما قوِي الإيمان ، ازدادت حساسية الفرد تجاه الوقوع أو مجرد الاقتراب من الشبهات والمحظورات ، والعكس صحيح ، فكلما ضَعُف الإيمان نقصت تلك الحساسية ..

يقول عبد الله بن مسعود : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مَرَّ على أنفه ، فقال به هكذا ( أي : نحَّاه بيده أو دفعه ) .

((متفق عليه : البخاري ( 5/ 2324 ) ، ومسلم ( 8/92 ) .))

معنى ذلك أن درجة إيمان الفرد يعكسها شعوره وحساسيته تجاه الذنوب ، وفي أي الاتجاهين تكون ..


.. هل تقترب من حال من يقعد تحت صخور جبل مهدد بالانهيار في أي لحظة ، أم من حال من تمر ذبابة على أنفه ؟


من هنا نقول بأن الإيمان الحي هو الذي يضبط سلوك الإنسان ، ( ويترك مع كل نفس رقيبًا لا يغفل ، وحارسًا لا يسهو ، وشاهدًا لا يُجامل ولا يحابي ، ولا يضل ولا ينسى ... يصاحبها في الغدوة والروحة ، والمجتمع والخلوة ، ويرقُبها في كل زمان ، ويلحظها في كل مكان ، ويدفعها إلى الخيرات دفعًا ، ويدعُّها عن المآثم دعًّا ، ويجنبها طريق الزلل ، ويبصرها سبيل الخير والشر)

.. في يوم من الأيام ذكر النبي صل الله عليه وسلم أنواع الخيل وأنها لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر.

فسئل عن الحُمُر ؟
قال : « ما أنزل الله عليّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة/7، 8]
أخرجه البخاري (2/835 ، رقم 2242)


فعندما يزداد الإيمان بأن هناك حساب على اليسير من العمل – ولو كان مثقال ذرة كما تُشير الآيات - فإن ذلك من شأنه أن يدفع المرء للتحرك بحساسية وحذر شديدين تجاه التعامل مع جميع الأشياء .

.. نعم ، هذا هو أهم قانون لضبط السلوك ومهما وُضِعت القوانين الصارمة في المجتمعات لضبط سلوك الأفراد فلن تؤتي ثمارها إلا إذا بُدئ بإصلاح الإيمان في القلوب لتكون من ثمرته: تقوية الوازع الداخلي ...

وصدق من قال :


لا تنتهي الأنفس عن غيّها ... ما لم يكن لها من نفسها دافع


.. جاء رجل فقعد بين يدي النبي صل الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إن لي مملوكين يَكذِبونني ، ويخونونني ، ويعصونني ، وأشتمهم وأضربهم ، فكيف أنا فيهم ؟!
، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم :
« إذا كان يوم القيامة يُحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك ، وعقابك إياهم ، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا ، لا لك ولا عليك ، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلًا لك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم .. اقتُص لهم منك الفضل ، فتنحى الرجل ، وجعل يهتف ويبكي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
» أما تقرأ قوله تعالى
: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
[الأنبياء/47] .

فقال الرجل : يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء شيئًا خيرًا من مفارقتهم ، أشهدك أنهم كلهم أحرار ...
حديث صحيح : أخرجه الترمذي (5/320 ، رقم 3165) وأحمد (6/280 ، رقم 26444) ، والبيهقي في شعب الإيمان (6/377 ، رقم 8586) ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 2/280) .




شدة الورع:

عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان لأبي بكر غلام يُخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يُخرج من خراجه فجاء يومًا بشيء ووافق من أبي بكر جوعًا ، فأكل منه لقمة قبل أن يسأل عنه،
فقال له الغلام : أتدري ما هذا ؟
فقال أبو بكر : وما هو ؟
، قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحسن الكهانة ولكني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك ، فهذا الذي أكلت منه

(( أخرجه البخاري (3 / 1395 برقم 3629) .))

.. فماذا فعل أبو بكر عندئذ ؟!
فعل فعلا عجيبًا ..
أدخل أصبعه في فمه فقاء كل شيء في بطنه ..

الله اكبر
انه
الايمان ايها الكرام




رابعًا: التأييد الإلهي

الله عز وجل هو مالك الكون وربه ومدبر أمره
﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
[البقرة/284] .

لا يوجد له شريك في ملكه ، يفعل ما يشاء .. يُقدِّم ويُؤخِّر ، يقبض ويبسط ، يخفض ويرفع ، يُعز ويُذل ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر/2] .


وإن كان البشر كلهم أمام الله سواء فلا أفضلية لجنس أو قبيلة أو لون إلا أنه سبحانه يزيد من إكرامه وعنايته ورعايته للمؤمنين الذين يُحبُّونه ويُؤثرونه على هواهم
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية/21] .

فالكرامة على قدر الاستقامة
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات/13].
﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن/16] .
وكلما ارتقى العبد في سلم الإيمان ازدادت ولاية الله له
﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف/196].


وفي الحديث القدسي :

« ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته »

أخرجه البخاري (5 / 2384، برقم 6137) .


هذه الولاية والكفاية تشمل الفرد المؤمن ، وتشمل المجتمع المؤمن .

.. فعلى مستوى الفرد :
يتولى الله عز وجل أمور عبده المؤمن بما يُحقق له مصلحته الحقيقية ويجلب له السعادة في الدارين ،
وفي بعض الأحيان قد تكون من مظاهر تلك الولاية التضييق على العبد في أمور الدنيا إلا أنها تحمل في طياتها خيرًا كثيرًا ،
وفي هذا المعنى يقول صل الله عليه وسلم :
« إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يُحبه ، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه»
حديث صحيح : أخرجه أحمد (5/428 ، رقم 23677) . وأخرجه أيضًا : البيهقي في شعب الإيمان (7/321 ، رقم 10450) ، والحاكم (4/231 ، رقم 7465) وصححه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع ، ح ( 1814



الأمة والإيمان :
أما في محيط الأمة ، فلا يكفي إيمان بعض الأفراد – هنا وهناك – لكي تتحقق بهم الولاية والنصرة للأمة ، فالأمة كالجسد الواحد ، لا يكون صحيحًا إلا إذا صحَّت جميع أعضائه .
بمعنى أن وجود أفراد صالحين في ذواتهم لا يكفي لاستجلاب المعية والنُصرة الإلهية ، بل لابد وأن يقوموا بالعمل على إصلاح غيرهم – بإذن الله – وأن يبذلوا غاية جهدهم في ذلك من خلال العمل على تقوية الإيمان في قلوبهم ، وتصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة في عقولهم ، ودفعهم إلى طريق التواضع ونكران الذات ، وتعويدهم على بذل الجهد في سبيل الله .

وعندما تشيع معاني الصلاح في الأمة ويرتفع منسوب الإيمان في القلوب ، ولو بنسبة معقولة تتيح للمسلم اتخاذ قرارات التضحية ببعض شهواته ومصالحه من أجل نصرة دينه ..
عندئذ يتحقق موعود الله بنصر الأمة – بإذنه سبحانه – مصداقا لقوله تعالى :

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد/11] .


وتاريخ الأمة خير شاهد على أنه عندما يغلب الإيمان والصلاح على جيل من أجيال الأمة فإن النصر يكون حليفهم ، والتأييد الإلهي لا يتجاوزهم ..

انظر – إن شئت – إلى آيات القرآن وهي تُقرر وتُؤكد على هذا المعنى في قوله تعالى : ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران/120] ،
وقوله : ﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران/125] .

فالآية تؤكد أن الملائكة ستنزل سريعًا لتؤيد المؤمنين ، وتقاتل معهم فور تحققهم بالصبر والتقوى ، وفي المقابل ؛ فعندما يغيب الإيمان ينقطع التأييد الإلهي ، ويُترك المسلمون لأعدائهم ليسوموهم سوء العذاب .



الوعد الحق :
لقد وعد الله عز وجل عباده المؤمنين بالغلبة والنصر :
﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء/141] .

هذا الوعد القاطع متى يتحقق ؟ ..

يُجيب سيد قطب رحمه لله عن هذا السؤال في تفسيره لهذه الآية فيقول :

إنه وعد من الله قاطع ، وحُكم من الله جامع : أنه متى استقرت حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين ، وتمثَّلت في واقع حياتهم منهجًا للحياة ، ونظامًا للحكم ، وتجردًا لله في كل خاطرة وحركة ، وعبادة لله في الصغيرة والكبيرة .. فلن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا .

وهذه حقيقة لا يحفظ التاريخ الإسلامي كله واقعة واحدة تُخالفها .
وأنا أُقرر في ثقة بوعد الله لا يُخالجها شك ، أن الهزيمة لا تلحق بالمؤمنين ، ولم تلحق بهم في تاريخهم كله ، إلا وهناك ثغرة في حقيقة الإيمان :
إما في الشعور ، وإما في العمل
ومن الإيمان أَخذُ العدة ، وإعداد القوة في كل حين بنية الجهاد في سبيل الله ، وتحت هذه الراية وحدها مجردة من كل إضافة ومن كل شائبة – وبقدر هذه الثغرة تكون الهزيمة الوقتية ، ثم يعود النصر للمؤمنين حين يوجدون .

ففي « أُحد » مثلًا ، كانت الثغرة في ترك طاعة الرسول صل الله عليه وسلم ، وفي الطمع في الغنيمة .

وفي « حُنين » كانت الثغرة في الاعتزاز بالكثرة والإعجاب بها ونسيان السند الأصيل !
ولو ذهبنا نتتبع كل مرة تخلف فيها النصر عن المسلمين في تاريخهم لوجدنا شيئًا من هذا .. نعرفه أو لا نعرفه .. أما وعد الله فهو حق في كل حين .

.. نعم ، إن المحنة قد تكون للابتلاء .. ولكن الابتلاء إنما يجيء لحكمة ، هي استكمال حقيقة الإيمان ومقتضياته من الأعمال – كما وقع في أُحُد وقصَّهُ الله على المسلمين – فمتى اكتملت تلك الحقيقة بالابتلاء والنجاح فيه ، جاء النصر وتحقق وعد الله عن يقين .

.. وحين يُقرر النص القرآني :
أن الله « لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا » .. إنما يدعو الجماعة المسلمة لاستكمال حقيقة الإيمان في قلوبها تصورًا وشعورًا ، وفي حياتها واقعًا وعملًا .
وألا يكون اعتمادها كله على عنوانها .
فالنصر ليس للعنوانات . إنما هو للحقيقة التي وراءها .

وليس بيننا وبين النُصرة في أي زمان وفي أي مكان ، إلا أن نستكمل حقيقة الإيمان ، ونستكمل مقتضيات هذه الحقيقة في حياتنا وواقعنا كذلك ..
ومن حقيقة الإيمان أن نأخذ العدة ونستكمل القوة .

إن الإيمان صلة بالقوة الكبرى ، التي لا تَضعُف ولا تفنى .. وإن الكفر انقطاع عن تلك القوة وانعزال عنها .. ولن تملك قوة محدودة مقطوعة منعزلة فانية أن تغلب قوة موصولة بمصدر القوة في هذا الكون جميعًا .

غير أنه يجب أن نُفرِّق دائمًا بين حقيقة الإيمان ومظهر الإيمان .. إن حقيقة الإيمان قوة حقيقية ثابتة ثبوت النواميس الكونية ، ذات أثر في النفس وفيما يصدر عنها من الحركة والعمل . وهي حقيقة ضخمة هائلة كفيلة حين تُواجِه حقيقة الكفر المنعزلة المبتوتة المحدودة أن تقهرها



التأييد الإلهي للفئة المؤمنة :
عندما ننظر إلى المعارك التي خاضها الجيل الأول مع أعداء الدين نجد أن الميزان «المادي» يميل بقوة نحو أعدائهم من حيث العدد والعُدَّة ، ومع ذلك كان النصر حليف المؤمنين، مع الأخذ في الاعتبار بأن الفئة المؤمنة لم تُقصر أبدًا في الأخذ بالأسباب المادية المتاحة أمامها، ولكن كانت تلك الأسباب – مهما بلغت - أقل بكثير مما عند أعدائهم .

ففي معركة بدر يتجلى التأييد الإلهي في صور متعددة ليتوج في النهاية بنصر عزيز : ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال/11، 12].


*وفي فتح المدائن سخر الله نهر دجلة ليعبُر عليه المسلمون بخيولهم ... فبعد انتصار القادسية العظيم – كما يقول ابن كثير في البداية والنهاية – دخل سعد بن أبي وقاص (نهر شير) ولكنه لم يجد فيها أحد ولا شيئًا مما يُغنم ، بل قد تحول الفرس إلى المدائن وركبوا السفن ، وضمُّوا السفن إليهم ، ولم يجد سعد رضي الله عنه شيئا من السفن ( لعبور نهر دجلة ) ، وأخبر سعد بأن كسرى يزدجرد عازم على أخذ الأموال والأمتعة من المدائن ، وإنك إن لم تدركه قبل ثلاث فات عليك وتفارط الأمر . فخطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة فحمد الله وأثنى عليه وقال : إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تَخلُصون( تَصلُون) إليهم معه ، وهم يخلُصون إليكم إذا شاؤوا فيناوشونكم في سفنهم ، وإني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم ، فقالوا جميعًا : عزم الله لنا ولك على الرشد فافعل ، فندب سعد الناس إلى العبور ..
وقد أمر سعد المسلمين عند دخول الماء أن يقولوا : « نستعين بالله ونتوكل عليه ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم » ، ثم اقتحم بفرسه دجلة واقتحم الناس ، ولم يتخلف عنه أحد ، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤوا ما بين الجانبين ، فلا يُرى وجه الماء من الفرسان والرجَّالة ، وجعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض ، وذلك لما حصل لهم من الطمأنينة والأمن ، والوثوق بأمر الله ووعده ونصره وتأييده .. ولم يُعدم للمسلمين شيء من أمتعتهم غير قدح من خشب لرجل يقال له مالك بن عامر ، فدعا صاحبه الله عز وجل وقال : اللهم لا تجعلني من بينهم يذهب متاعي ، فرده الموج إلى الجانب الذي يقصدونه ، فأخذه الناس ثم ردوه على صاحبه بعينه .

وعندما رآهم الفرس يطفون على وجه الماء قالوا : ديوانًا ديوانًا ، أي : مجانين مجانين . ثم قالوا : والله ما تقاتلون إنسًا ، بل تقاتلون جنًّا .

وخرج المسلمون من النهر ولم يغرق منهم أحد ، ولم يفقدوا شيئًا ، ودخلوا المدائن ولم يجدوا بها أحدًا .
البداية والنهاية لابن كثير 7/70-72 باختصار .

اخوانى الاحباب
والله لم احس بالوقت
فــــ

معذرة ..معذرة
على الاطالة

وتابعونا






رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
¨°o.o, الاولية, الايمانية, الاسعافات, الخاصة, الدروس, بدورة, o.o°"


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
مهم لكل انسان الاسعافات الاوليه؟! مهندس محمد المنتدى الطبي 3 21.02.2011 16:24
الدروس الخاصة بدورة من يخالفنى أبو السائب أكرم المصري رمضان و عيد الفطر 3 19.07.2010 17:16
الدروس الخاصة بدورة صناع الدعاة أبو السائب أكرم المصري رمضان و عيد الفطر 2 19.07.2010 16:59
مفاجأه : جدول الدروس الدعوية بمدينة المنصورة أبو السائب أكرم المصري قسم الحوار العام 6 19.07.2010 08:13
الدروس المهمة لعامة الأمة كلمة سواء العقيدة و الفقه 1 15.06.2010 08:03



لوّن صفحتك :