آخر 20 مشاركات
خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القرآن الكريم يعرض لظاهرة عَمَى الفضاء (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أفلا أكون عبداً شكوراً (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 17 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يُربط زوراً و بهتاناً الإرهاب و التطرف بإسم الإسلام ؟؟!! (الكاتـب : د/ عبد الرحمن - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          كتاب ( خلاصة الترجيح في نجاة المسيح ) أخر ما كتبت في نقد عقيدة الصلب والفداء (الكاتـب : ENG MAGDY - )

نسف قصة الغرانيق

إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول السيرة و الأحاديث النبوية الشريفة


أغلق الموضوع
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 22.08.2009, 22:25
صور سيف الحتف الرمزية

سيف الحتف

مشرف عام

______________

سيف الحتف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.537  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.02.2017 (14:31)
تم شكره 250 مرة في 143 مشاركة
فكرة نسف قصة الغرانيق


بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

نسف قصة الغرانيق



نبدأ بحول الله وقوته في نسف قصة الغرانيق

القول بإن الرسول صلى الله عليه وسلم مدح وأثنى آلهة قريش هو قول باطل ومكذوب عنه صلى الله عليه وسلم ولننقض ذلك بالعقل والنقل


عقلاً

1- الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله لهداية الناس أجمعين ونشر ديانة التوحيد وعبادة الله وحده ونبذ عبادة الأصنام التى كان عليها قومه ,فكيف يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ويمدح آلهة قريش ويثني عليها وهو في الأصل بُعث من أجل إنهاء عبادتها .

2- لنرى رد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما فتح مكة

الغرانيق


قام بتحطيم الأصنام ! فهل نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على آلهة قريش في يوم من الأيـام ؟

3 - قريش كانت تترصد للنبي صلى الله عليه وسلم وتتلهف لوقوعه في خطأ واحد , أقول واحد فقط من أجل التشنيع في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي رسالته , والتشكيك في مصداقية رسالته , وهذا بعد أن فشلوا في إغراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمنصب والمال والجاه , فإن حدثت تلك القصة فلم لم نرى لها صيتاً بين العرب ؟؟؟ لماذا لم تنشر بين أنحاء الجزيرة أن محمداً صلى الله عليه وسلم أثنى على ألهة قريش ؟ إلا إن كانت هذه قصة مكذوبة ومنعدمة من أصول الصحة !

4- إن فعل الرسول صلى الله عليه ذلك فسيكون متناقضاً أمام أتباعه وستحدث بلبلة وفتنة في صفوف المسلمين " الأوائل " ولاحظوا " الأوائل " أي أنهم على عهد قريب بالوثنية , فإن أثنى صلى الله عليه وسلم على آلهة قريش فماذا سيكون رد فعلهم إلا الشك في صدق هذا الرجل , وسيترك أتباعه الدين فوراً والذهاب لعبادة الأوثان التي أثنى عليها بالأولى , ولكن هذا لم يحدث ؛ لأن القصة باطلة ومكذوبة .


نقلاً

هذه القصة مكذوبة سنداً ومتناً


سنداً

لقد منّ الله على هذه الأمة بعلم الحديث لمعرفة سند كل ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لنميز بين صحيحه وسقيمه وموضوعه , وهذا العلم له أصول وقواعد ولا يوجد هذا العلم في أي ديانة غير الإسلام , لذلك نجد في المسيحية عدم وجود سند واحد صحيح متصل من أحد الكتبة الذين كتبوا الكتاب المقدس , بل والأدهى إن معظم الأناجيل كتابها مجهولين , فنحن لا نعرف من كتبها هل هو ثقة أم غير ثقة لعدم وجود سند صحيح متصل .

لنرى أسانيد القصة بتبسيط شديد

لم تروَ هذه القصة بسند متصل إلا عن بن عباس رضي الله عنه ولكن المشكلة أن هذا السند ضعيف واهي بل وشديد الضعف .

أما الأسانيد الصحيحة فم تروّ إلا عن بن جبير وأبي العالية وقتادة و أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث , ولكن صحتها لا تعنى قبولها ..لماذا ؟؟

لأن علتها الإرسال فهي مراسيل ولا يصح الإحتجاج بها , فالحديث المرسل فقد شرط هام من شروط الصحة وهي " إتصال السند" فالحديث المرسل هو من سقط أحد الرواة من سنده ونحن لانعرف هل هذا الساقط ثقة أم غير ثقة ..يحتج به أم لا , لذلك فالمرسل يندرج تحت " الخبر المردود "

قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (( والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبارليس بحجة ))

قال الإمام ابن الصلاح في مقدمته (( و ما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضَعفه ، هو المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفّاظ الحديث، و نقاد الأثر، و قد تداولوه في تصانيفهم ))

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية
( 7/435) " وأما أحاديث سبب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند "

قال الإمام أحمد بن حنبل (( ثلاث علوم لا إسناد لها ، وفي لفظ ليس لها أصل : التفسير والمغازي والملاحم ويعني أن أحاديثها مرسلة ))

لنرى أقوال العلماء في هذه القصة وما هو حكمهم عليها ؟

قال ابن حزم في كتاب " الفصل في الأهواء والنحل "
(2/311) : " وأما الحديث الذي فيه : ( وأنهن الغرانيق العلى ، وإن شفاعتها لترتجى ) فكذب بحت موضوع ، لأنه لم يصح قط من طريق النقل ، ولا معنى للاشتغال به ، إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد " اهـ .

القاضي عياض في الشفا (2/79) : " هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل....، ومن حُكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم ، ولا رفعها إلى صاحب ، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية ، والمرفوع فيه حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فيما أحسب - الشك في الحديث - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان بمكة ....، وذكر القصة " ، ثم نقل كلام البزار وقال : " فقد بين لك أبو بكر رحمه الله أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره سوى هذا ، وفيه من الضعف ما نبه عليه ، مع وقوع الشك فيه ، كما ذكرناه ، الذي لا يوثق به ، ولا حقيقة معه .

قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق "


الغرانيق

قال الإمام بن كثير رحمه الله في تفسيره :

الغرانيق


وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره :

الغرانيق



قال الإمام البيضاوي في تفسيره :

الغرانيق

وقال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره :

الغرانيق

وقال الإمام القرطبي في تفسيره :

الغرانيق


أرأيتِ عزيزي القارئ بطلان وضعف وكذب هذه الفرية على المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟

لنرى هل القصة صحيحة من موقع الدرر السنية :

الغرانيق


وللأمانة العلمية فأنا دخلت على الأحاديث الصحيحة و الأحاديث أسانيدها صحيحة ووجدت الآتي :

الغرانيق


طبعاً قد يتوهم القارئ بالتخريجات السابقة

رجاله رجال الصحيح

رجاله ثقات

إسناده صحيح

وسأبدأ بتوضيح الإسناد الصحيح

في التخريج السابق من موقع الدرر السنية نجد أن الإسناد صحيح والراوي هو الإمام السيوطي ...فما المشكلة؟

المشكلة :هي أن الإمام السيوطي رحمه الله متساهل جداً في التصحيح .

قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في هامش كتاب "الأجوبة الفاضلة" للكنَوي عن السيوطي: "وهو أوسع العلماء الأجلَّة الذين ذكرتُهم تساهلاً في إيراد الحديث الضعيف والتالف والموضوع وشبهه في كتبه ورسائله"

وقال أبو غدة في نفس الصفحة: "والأحاديث الموضوعة التي وقعت للحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في (الجامع الصغير) كثيرة غير قليلة"

وقال: "أما الأحاديث الضعيفة فقد أكثر منها جداً"

قال شيخنا المحدث عبدالعزيز الطريفي في جوابه على أسئلة المُلتقى :

السؤال الأربعون: ما رأيكم تصحيحات وتحسينات الإمام السيوطي؟

الجواب: السيوطي رحمه الله من الأئمة المحققين إلا أنه متساهل في تصحيح الأخبار بكثرة الطرق، حتى وإن كانت شديدة الضعف، ومن تأمل كتبه علم ذلك منه (رحمه الله)، وقد توسع في تقوية الاحاديث بالشواهد والمتابعات، ويقوي أحاديث لم يسبقه إلى تقويتها أحد من الحفاظ المعتبرين.


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7258

أما بخصوص القول بأن رجاله رجال الصحيح ورجاله ثقات

يقول ابن حجر في كتابه (( النكت عن ابن الصلاح ))

( ولا يلزم كون رجال الإسناد من رجال الصحيح أن يكون الحديث الوارد به صحيحاً ، لاحتمال أن يكون فيه شذوذ أو علة )

وأرجو الإطلاع على هذ الموضوع لشيخنا الحبيب " أبو حمزة السيوطي "


https://www.kalemasawaa.com/vb/t2928.html

يُتبع ..



للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : نسف قصة الغرانيق     -||-     المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة     -||-     الكاتب : سيف الحتف







توقيع سيف الحتف
.
رداً على دعاوى تحريف القرآن:-
.
القرآن الكريم بين ثبوت الحفظ ودعاوى التحريف
.
وترقبوا إن شاء الله...
.
كتاب :-
.
(نسف عقيدة التثليث)
.

الطامة الكُبرى :-

مناظرة بين سيف الحتف وبايبل 333 حول الثالوث إنتهت بهروب النصراني
.



آخر تعديل بواسطة د/مسلمة بتاريخ 03.02.2012 الساعة 16:53 . و السبب : جزاكم الله خيرًا
الأعضاء الذين شكروا سيف الحتف على المشاركة :
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 22.08.2009, 22:53
صور سيف الحتف الرمزية

سيف الحتف

مشرف عام

______________

سيف الحتف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.537  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.02.2017 (14:31)
تم شكره 250 مرة في 143 مشاركة
افتراضي رد: نسف قصة الغرانيق


( 2 )

نكمل بفضل الله

قد بيّنا في المداخلة السابقة ضعف الرواية وبطلانها , فالقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مدح آلهة قريش هو قول باطل عارِ من الصحة .

وبعد نقل أقوال العلماء في تضعيف هذه القصة وبيان علة الطرق الصحيحة التي جاءت منها بإعتبار أنها مرسلة والمرسل يندرج تحت الخبر " المردود " وإستشهدت بقول الإمام مسلم ويكفي هذا ونأتي الآن للنقض القصة من ناحية المتن .

أولاً : القصة تعارض صريح القرآن الكريم , فالقرآن يبين أن الشيطان ليس له على أولياء الله سلطان {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} , فما بالنا برسول الله صلى الله عليه وسلم والذي قال في حقه جل وعلا { .. وَاللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } وأيضاً { لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِى سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ } من هذا الذي يُقسم الله بعمره إلا إن كان ذا شأن عظيم عند الله ؟؟ هو محمد صلى الله عليه وسلم , فإن كان أولياء الله يعجز الشيطان عن السيطرة عليهم , فما بالنا بأشرف المرسلين ؟؟؟

ثانياً : هذا القول بعيد عن حفظ الله تعالى لكتابه , يقول الله عزّ وجل { َلا يَأۡتِيهِ الۡبَاطِلُ مِن بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِ تَنزِيلٌ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } ويقول تعالى ذكره { إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا الذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } فكيف نقول أن الشيطان أضاف إلى كتاب الله ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ) ؟؟

ثالثاً : سياق الآيات يدل على أن هذه القصة باطلة

لنرى سياق الآيات بوضع ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى )

{ أَفَرَأَيۡتُمُ اللَّاتَ وَالۡعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الۡأُخۡرَى تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الۡأُنثَى تِلۡكَ إِذًا قِسۡمَةٌ ضِيزَى إِنۡ هِىَ إِلَّا أَسۡمَآءٌ سَمَّيۡتُمُوهَا أَنتُمۡ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى الۡأَنفُسُ وَلَقَدۡ جَآءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الۡهُدَى }

مع فرض صحة ما قيل ..فإن الرسول يمدح إلهة قريش بهذه المقولة ويذمهم في الآيات التي تليها !!!!!! أي عقل هذا ؟؟؟

ولا يخفى عليكم أنهم عرب أقحاح وهم أرباب اللغة , فكيف سيتمسكون بآية واحدة من المدح ويسهون عن 4 آيات متتالية من الذم ؟ وأي سياق هذا الذي يمكن أن يتماشى ؟؟

يقول لهم الله { مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى الۡأَنفُسُ }

يقول أن شفاعة آلهة قريش ترتجى ويقول بعدها أن الله لم ينزل بها من سلطان وأن هذا مجرد ظن لا أساس له من الصحة فهم يتبعون أهوائهم الزائغة !!

هل يتفق سياق الآيات هكذا ضيفتنا المحترمة ؟؟ أترك لك الإجابة على هذا السؤال

رابعاً : تفضل عزيزي القارئ بقراءة الآية الناسف للقصة من جذورها بتمعن شديد

{ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلاً * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً }

{ كاد } فعل من أفعال المقاربة بمعنى أنهم إقتربوا أن يفتنوك عن الذي أوحينا إليك ولكننا ثبتناك من الركون إليهم .

فإن كان النبي عُصم من الركون قليلاً فكيف بكثيراً.. فضلاً عن أن يقول مثل هذا على الله عز وجل ؟

خامساً : الطرق الصحيحة المروية عن هذه القصة على ما أتذكر عن بن عباس وبن عمر وبن مسعود وأبو هريرة وهي ( أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس )

لا يوجد ذكر لقصة الغرانيق !!!!

السؤال الأول : لماذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون ؟؟

الإجابة : لاحظ الصورة القادمة قارئي العزيز



العلامة المُشار إليها بالسهم هي علامة " السجود " بمعنى إن كنت اقرأ القرآن وصادفتني تلك العلامة علّي إذا أن أسجد لله تعالى تعظيماً له وخضوعاً لقدرته , ولاحظ الأمر من الله عز وجل { فأسجدوا } أمر من الله بالسجود ..لهذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه .


السؤال الثاني : لماذا سجد المشركون ؟

لاحظ سياق الآيات بما فيها من وعيد لهم بأنه أهلك قوم عاد وثمود ولم يُبق منهم أحدا,بل وأهلك المؤتفكة وغشاها بألوان من العذاب ما غشّى , ويجب أن تعرفي أن المشركين يؤمنون بالله ولكن إيمانهم يندرج تحت مسمى " توحيد الربوبية " هو الإقرار الجازم بأن الله هو رب كل شئ ومليكه ومقدره ومصرفه , ولكنهم لا يخصونه تعالى ويفردونه بالعبادة وهو ما يُسمى " توحيد الألوهية " قال الله عز وجل { وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ الشَّمۡسَ وَالۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤۡفَكُونَ } ويقول الله عز وجل { وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَحۡيَا بِهِ الۡأَرۡضَ مِن بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الۡحَمۡدُ لِلَّهِ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ َلا يَعۡقِلُونَ } وأيضاً { وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلۡ أَفَرَأَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِىَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوۡ أَرَادَنِى بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَاتُ رَحۡمَتِهِ قُلۡ حَسۡبِىَ اللَّهُ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ الۡمُتَوَكِّلُونَ } وأيضاً
{ وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الۡعَزِيزُ الۡعَلِيمُ } { وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤۡفَكُونَ }

يعني هم يؤمنون بالله ولكنهم لا يخصونه بالعبادة بل يؤمنون أنه خلقهم ورزقهم ويدبر أمرهم , لذلك فإن سياق الآيات والوعيد جعلهم يرتعبون من كلام الله ولا سيما أنهم لم يسمعوا بمثله من قبل والشاهد على ما أقوله

قصة عتبة بن ربيعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي :




أرأيتم ( فزع ) من كلام الله عز وجل , فهذا هو سبب سجود المشركين لما وجدوا من قوة وفصاحة القرآن وشدة وعيد الله لهم بأن يكون مآلهم وآل عاد وثمود .

سادساً : معنى الآية الواضح هو ما من نبي ولا رسول إلا إذا تمنى هداية قومه وإيمانهم ألقى الشيطان في سبيل أمنيته العقبات ,من الشبه والوساوس والشكوك للصد عن دين الله , حتى لا يتم للنبي أو الرسول ما تمناه , فينسخ الله تلك الشُّبَه والوساوس التي ألقاها الشيطان معنى أنه يبطلها ويذهبها .

وعلى فرض صحة القصة !

هل هذا يؤثر على مفهوم العصمة ؟؟

الإجابة : لا , لأن العصمة فيما إستقر عليه الوحي , وقد إستقر الوحي على أن الله تعالى مُحكِم آياته وأن الباطل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..










آخر تعديل بواسطة سيف الحتف بتاريخ 24.08.2009 الساعة 10:10 .
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 22.08.2009, 23:31
صور سيف الحتف الرمزية

سيف الحتف

مشرف عام

______________

سيف الحتف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.537  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.02.2017 (14:31)
تم شكره 250 مرة في 143 مشاركة
افتراضي رد: نسف قصة الغرانيق


بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

أريد أن نجعل من هذا الموضوع مرجعاً يستند إليه المسلم للرد على هذه الشبهة التي يثيرها النصارى , وعلى ذلك لا أريد شكراً ولا ثناءاً بل من سيشارك ليتفضّل بوضع ردود أخرى على هذه الشبهة لإثراء الموضوع أكثر وأكثر ..

بارك الله فيكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





الأعضاء الذين شكروا سيف الحتف على المشاركة :
قديم 23.08.2009, 13:13
سيف الحتف
هذه الرسالة حذفها د/مسلمة. السبب: المقطع لم يعد يعمل .. جزاكم الله خيرًا
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 13.09.2009, 04:04
صور سيف الحتف الرمزية

سيف الحتف

مشرف عام

______________

سيف الحتف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 23.04.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 1.537  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.02.2017 (14:31)
تم شكره 250 مرة في 143 مشاركة
افتراضي رد: نسف قصة الغرانيق


رد آخـــــــــــر


http://kalemasawaa.com/vb/showthread.php?t=471





   
  رقم المشاركة :5  (رابط المشاركة)
قديم 17.08.2010, 22:02
صور راجية الاجابة من القيوم الرمزية

راجية الاجابة من القيوم

مجموعة مقارنة الأديان

______________

راجية الاجابة من القيوم غير موجود

فريق رد الشبهات 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.02.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.673  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.02.2017 (19:27)
تم شكره 24 مرة في 19 مشاركة
افتراضي


السلام عليكم
بارك الله فيكم يااخى واعزك ونصرك اللهم امين
شرح رائع ورد اللهم بارك
جزاك الله عنا خيرا







توقيع راجية الاجابة من القيوم

$$دورة وتعرفون الحق لتعليم المبتدئين فى النصرانيات$$
فهرس شبهات وردود فريق سيوف الحق (*كلمة سواء*)

اللهم إنا نجعلك فى نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم إنا نحتسب موتانا عندك من الشهداء اللهم بلغهم تلك المنزلة امين يارب العالمين


   
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 18.08.2010, 01:56
صور محمود جابر الرمزية

محمود جابر

عضو

______________

محمود جابر غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 07.07.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 909  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
03.12.2018 (11:06)
تم شكره 3 مرة في 3 مشاركة
افتراضي


جزاكم الله خيرا أخي الحبيب

ولشيخنا العلامة ناصر الدين الألبانى رحمه الله تعالى رسالة ماتعة في هذه المسألة تسمى

( نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق ) وهي رائعة جدا

وهاك رابط تحميلها








توقيع محمود جابر
ساهموا معنا في دعم منتدى محبي السلف
وشاركونا حمل راية الدعوة إلى الله تعالى
يا كفر جالوت لا تفرح فسوف ترى *** ما سوف يصنعه إيمان طالوت


   
  رقم المشاركة :7  (رابط المشاركة)
قديم 30.08.2010, 13:42
صور solema الرمزية

solema

عضو

______________

solema غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 09.06.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 21  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
05.11.2010 (19:49)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


رد الشيخ : منقذ السقار على الشبهة









   
  رقم المشاركة :8  (رابط المشاركة)
قديم 30.08.2010, 15:12

أماني

عضو مراقب

______________

أماني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 15.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 298  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.09.2010 (19:01)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


اكرمكم الله اخي الفاضل

بل نسفتم الشبهة نسفا

وهي مكونه من شطرين, تفسير الايه 53 من سورة الحج, وسبب نزولها, وارتباطها بسورة النجم_التي ادعوا_
فيها حديثهم عن قصه الغرانيق.

قد ذكرتم في تفسيركم للايه الكريمه الصواب, اذ ان أمنيه كل نبي يحدث نفسه بالايمان هو الهدايه, فيلقي الشيطان في امنية كل نبي من هؤلاء العقبات والوساوس بتزيين الكفر لقومه,والقاءه في انفسهم مخالفة للرسول, وكأن في الايه تسليه له صلى الله عليه وسلّم,تقول لا تحزن يا محمد, على معاداة قومك لك فهذه سنة المرسلين.

_____نرجع لمجمل ما جاء في تفسيرهم للايه 52 من سورة الحج في قوله تعالى:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "

القصه تقول انه صلى الله عليه وسلم لما قرا سورة"والنجم اذا هوى" بمحضر من المشركين والمسلمين, فلما بلغ"أفرأيتم اللات والعزى, ومناة الثالثه الأخرى"ألقى الشيطان على لسانه "تلك الغرانيق العلى, وإنّ شفاعتهن لترتجى" ففرح بذلك المشركون ولما انتهى من السورة سجد وسجد معه المشركون الى اخر الروايه.

يقول ابن العربي:إنّ جميع ما ورد في هذه القصه بـــــاطل لا أصل له
يقول ابن اسحاق:هي من وضع الزنادقه.
قال البيهقي:رواتها مطعون فيهم.
قال ابن كثير:ذكر كثير من المفسرين قصه الغرانيق وهي روايات مرسلات, منقطعات لا تصح!!!
قال القاضي عياض:هذا حديث لم يخرجه احد من اهل الصحّه ولا رواه احد بسند سليم.وإنّما أولع به وبمثله المفسّرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل سقيم.


ومما يدل على بطلان هذه القصه, وقد ذكرها شيخنا الراجي رضا الله_حفظه المولى_ قوله تعالى في نفس السورة:"وما ينطق عن الهوى, ان هو إلاّ وحي يوحى",فكيف ينطق صلى الله عليه وسلم بهذا!!!

تقبل اضافتي اخي

تحيتي





   
  رقم المشاركة :9  (رابط المشاركة)
قديم 03.02.2012, 16:51
صور د/مسلمة الرمزية

د/مسلمة

مديرة المنتدى

______________

د/مسلمة غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.01.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 5.627  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
15.01.2020 (10:34)
تم شكره 1.168 مرة في 800 مشاركة
افتراضي


بارك الله فيكم أخي الفاضل وجزاكم الله خيرًا

رد الأخ أبو عمر الباحث قناة مكافح الشبهات

https://www.kalemasawaa.com/web/video...bohat/media-55

وهنا

https://www.kalemasawaa.com/web/video...ohat/media-137

وموضوع ذو صلة

https://www.kalemasawaa.com/vb/t10160.html







توقيع د/مسلمة



اللهم اغفر لنا


   
  رقم المشاركة :10  (رابط المشاركة)
قديم 04.02.2012, 07:03

Moustafa

مدير المنتدى

______________

Moustafa غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 01.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.947  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
04.12.2020 (13:47)
تم شكره 172 مرة في 121 مشاركة
افتراضي


الأحاديث المشكلة الواردة فى تفسير القرآن :-

المسألة [10]: في قصة الغرانيق.

المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى [1] أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)} [الحج: 52 - 53].

المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة؛ فقرأ سورة النجم، حتى انتهى إلى قوله تعالى: {أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 19 - 20] فجرى على لسانه: (تلك الغرانيق [2] العُلى،الشفاعة منها تُرتجى) قال: فسمع ذلك مشركو مكة، فَسُرُّوا بذلك، فاشتَدَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)}". [3]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: (تَمَنَّى) على قولين:
الأول: أن تمنى بمعنى: قرأ وتلا، ومنه قول حسان في عثمان بن عفان - رضي الله عنه -:
تَمَنَّى كتاب الله أوَّل ليلِهِِ ... وآخِرها لاقى حِمام المقادِرِ
وعلى هذا المعنى الجمهور من المفسرين، كما حكاه البغوي، وابن القيم.
القول الثاني: أن تمنى في الآية من التمني المعروف، الذي أداته (ليت).
انظر: تفسير البغوي (3/ 293)، وإغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 93)، وأضواء البيان، للشنقيطي (5/ 729).


[2]الغرانيق: المراد بها ها هنا الأصنام، وهي في الأصل الذكور من طير الماء، واحدها غرنوق وغرنيق، سمي به لبياضه، وقيل: هو الكركي. والغرنوق أيضاً الشاب الناعم الأبيض، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله وتشفع لهم فشبهت بالطيور التي تعلوا في السماء وترتفع. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (3/ 364).

[3] رُوي هذا الحديث موصولاً عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومرسلاً عن عدد من التابعين، وسأذكر هذه الروايات كلها مع تخريجها، واستيفاء طرقها، وبيان عللها:
أولاً: رواية ابن عباس رضي الله عنهما:
وقد رُويتْ عنه من خمسة طرق:
الطريق الأول: رواية سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
وله عن سعيد بن جبير طريقان:
1 - عن أبي بشر، عن سعيد، به:

أخرجه البزار في مسنده [كما في كشف الأستار، للهيثمي (3/ 72)، وتخريج الأحاديث والآثار، للزيلعي (2/ 391)، وتفسير الحافظ ابن كثير (3/ 240)] قال البزار: حدثنا يوسف بن حماد، حدثنا أمية بن خالد، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - فيما أحسب، الشك في الحديث - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، فذكره.
ثم قال البزار: «هذا حديث لا نعلمه يُروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم أحداً أسند هذا الحديث عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد، عن ابن عباس، إلا أمية، ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد، وكان ثقة، وغير أمية يحدث به عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مرسلاً، وإنما يُعرف هذا الحديث عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وأمية ثقة مشهور». اهـ

ورواه ابن مردويه في تفسيره [كما في تخريج الأحاديث والآثار، للزيلعي (2/ 394)] من حديث يوسف بن حماد، به، عن سعيد بن جبير قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة فقرأ سورة النجم، حتى بلغ: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20]؛ فألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى) فلما بلغ آخرها سجد وسجد معه المسلمون والمشركون، وأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)) [الحج: 52]».

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 53)، عن الحسين بن إسحاق التستري، وعبدان بن أحمد، كلاهما عن يوسف بن حماد، به. وفيه: لا أعلمه إلا عن ابن عباس.
ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (10/ 89).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 115): «رواه البزار والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن الطبراني قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -». اهـ
قلت: لفظ رواية البزار هي المذكورة في المتن، والحديث من هذه الطريق فيه ثلاث علل:

الأولى: الاختلاف على شعبة في وصله وإرساله، حيث لم يصله عنه إلا أمية بن خالد، وهو وإن كان ثقة فقد خولف، خالفه - كما سيأتي - محمد بن جعفر، وعبد الصمد، وأبو داود، ثلاثتهم عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مرسلاً. والقاعدة أن رواية الأكثر مقدمة على رواية الفرد، ونسبة الخطأ للواحد أقوى من نسبتها للجماعة.
العلة الثانية: التردد في وصل الحديث وإرساله، وهذه العلة وحدها تُعد كافية للقدح في الرواية الموصولة، وترجيح رواية الإرسال الصحيحة عليها، كما سيأتي.
العلة الثالثة: أن الحديث قد روي من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلاً، فقد رواه الواحدي في أسباب النزول، ص (310) من طريق سهل العسكري، حدثنا يحيى - هو القطان - عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، مرسلاً، وقد رُوي موصولاً؛ لكن لا يصح، كما سيأتي.

إلا أن الحافظ ابن حجر لم يعتد بهذه العلل، حيث قال: «أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلاً؛ فإن الجميع ثقات، وأما الشك فيه، فقد يجيء تأثيره ولو فرداً غريباً، لكن غايته أن يصير مرسلاً .... ، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات». اهـ من الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (3/ 161).

2 - عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، به:
أخرجه ابن مردويه في تفسيره [كما في تخريج الأحاديث والآثار، للزيلعي (2/ 394)] قال: حدثني إبراهيم بن محمد، حدثني أبو بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي، حدثنا جعفر بن محمد الطيالسي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدثنا أبو عاصم النبيل، حدثنا عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] (تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترتجى) ففرح المشركون بذلك وقالوا: قد ذكر آلهتنا؛ فجاءه جبريل فقال: اقرأ علي ما جئتك به. فقرأ له كذلك؛ فقال: ما أتيتك بهذا، وإن هذا لمن الشيطان؛ فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
ومن طريق ابن مردويه أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (10/ 234).
قلت: الحديث من هذه الطريق معلول من أوجه:

الأول:
جهالة حال أبي بكر محمد بن علي المقرئ:
وترجمته في تاريخ بغداد (3/ 68): «محمد بن علي بن الحسن، أبو بكر المقرئ، حدث عن محمود بن خداش، ومحمد بن عمرو، وابن أبى مذعور، روى عنه أحمد بن كامل القاضي، ومحمد بن أحمد بن يحيى العطشي، توفي سنة ثلاثمائة».
قال الألباني في نصب المجانيق، ص (17): «لم يذكر فيه الخطيب جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال، وهو علة هذا الإسناد الموصول». اهـ
الوجه الثاني: الاختلاف على أبي عاصم النبيل في وصله وإرساله، فقد رواه الواحدي في أسباب النزول، ص (310) من طريق سهل العسكري، عن يحيى القطان، عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، مرسلاً، ورواية الواحدي أصح، كما سيأتي.
الوجه الثالث: أن رواية الإرسال موافقة للرواية الصحيحة، من طريق شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مرسلاً، وهي أصح ما في الباب، وقد رويت عن شعبة من ثلاثة طرق كلها صحيحة، كما سيأتي.

وقد أورد السيوطي في الدر المنثور (4/ 661) الحديث من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بلا تردد، ونسبه للبزار، والطبراني، وابن مردويه، والضياء في المختارة، وقال: «بسند رجاله ثقات». وأما المتن فقد ساق متن رواية عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، والتي أخرجها ابن مردويه بلا تردد.
وقد تعقب الألبانيُ السيوطيَ، وادعى أنه وهم في عزوه للضياء في المختارة، وأن قوله: «بسند رجاله ثقات» إيهام منه، حيث يوحي بصحة الحديث، وأنه ليس بمعلول، قال: «وهذا خلاف الواقع، فإنه معلول بتردد الراوي في وصله، كما نقلناه عن تفسير الحافظ ابن كثير، وكذلك هو في تخريج الكشاف وغيره، وهذا ما لم يَرِدْ ذِكرُه في سياق السيوطي، ولا أدري أذلك اختصار منه، أم من بعض مخرجي الحديث؟ وأياً ما كان، فما كان يليق بالسيوطي أن يُغفل هذه العلة، لا سيما وقد صرح بما يشعر أن الإسناد صحيح، وفيه من التغرير ما لا يخفى، فإن الشك لا يوثق به، ولا حقيقة فيه». اهـ من نصب المجانيق، ص (12). وقد تبع الألبانيَ على ذلك: علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي، في كتابه دلائل التحقيق، ص (89).

قلت: لم يهم السيوطي في عزو الحديث للضياء في المختارة، فهو مخرج عنده، كما ذكرته آنفاً في تخريج الحديث، وأما إغفال السيوطي لتردد الراوي فليس ذاك عن سهوٍ أو خطأ منه؛ لأنه إنما أورد رواية عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، والتي أخرجها ابن مردويه بلا تردد، وظاهر إسنادها الصحة، وكأن السيوطي لم يقف على علة هذه الرواية، والألبانيُ اعتقد أن السيوطي أراد رواية أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بالتردد، وقد خطأ السيوطيَ أيضاً في إيراده لمتن هذه الرواية، والحق أن السيوطي أوردها كما هي، وأن الوهم من الألباني، رحم الله الجميع.

وأما الحافظ ابن حجر فقد صحح الحديث من هذه الطريق فقال: «ورواه الطبري من طريق سعيد بن جبير مرسلاً، وأخرجه ابن مردويه من طريق أبي عاصم النبيل، عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه، ولم يشك في وصله، وهذا أصح طرق هذا الحديث». اهـ من الكافي الشاف، في تخريج أحاديث الكشاف (3/ 161).

إلا أن الألباني لم يرتضِ عبارة الحافظ هذه، واستبعد نسبتها إليه فقال: «وفي عبارة الحافظ شيء من التشويش، ولا أدري أذلك منه، أم من النساخ؟ وهو أغلب الظن، وذلك لأن قوله: «وهذا أصح طرق هذا الحديث» إن حملناه على أقرب مذكور، وهو طريق ابن مردويه الموصول كما هو المتبادر، منعنا من ذلك أمور:
الأول: قول الحافظ عقب ذلك: «فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضاً» فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه، وإلا لَعرَّج عليه وجعله أصلاً، وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومُقَوية له، ويؤيده الأمر الآتي وهو:
الثاني: وهو أن الحافظ لما رَدَّ على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك، قال الحافظ: «أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلاً (قلت: يعني في رواته)؛ فإن الجميع ثقات، وأما الشك فيه، فقد يجيء تأثيره ولو فرداً غريباً ـ كذا ـ لكن غايته أن يصير مرسلاً، وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات
».

قال الألباني: فقد سلَّم الحافظ بأن الحديث مُرْسَلٌ، ولكن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق .... ، فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحاً عند الحافظ، لرد به على القاضي عياض، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق، وهذا بيّن لا يخفى.
الثالث: أن الحافظ في كتابه فتح الباري لم يُشِرْ أدنى إشارة إلى هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث، لذكره بصريح العبارة، ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق.
الرابع: أن من جاء بعده ـ كالسيوطي وغيره ـ لم يذكروا هذه الرواية.
فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة (هذا) على أقرب مذكور، وتضطرنا إلى حمله على البعيد، وهو الطريق الذي قبل هذا، وهو طريق سعيد بن جبير المرسل. وهو الذي اعتمده الحافظ في الفتح وجعله أصلاً، وجعل الروايات الأخرى شاهدة له
». اهـ كلام الألباني، من نصب المجانيق، ص (13 - 15).

قلت: يحتمل أن الحافظ ابن حجر لم يقف على رواية عثمان بن الأسود، وقت تعليقه على الحديث في فتح الباري، يقوي هذا الاحتمال أن هذه الرواية لم يُشرْ إليها الحافظ في الفتح أدنى إشارة، ولعله اطلع عليها بعد ذلك فدونها في تخريجه لأحاديث الكشاف، والله تعالى أعلم.

ثم وقفت على طريق أخرى لهذه الرواية؛ أخرجها أبو الليث السمرقندي في تفسيره (2/ 400) قال: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد [في أصل الكتاب: جعفر بن زيد] الطيالسي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أبو عاصم، عن عثمان بن الأسود [في أصل الكتاب: عمار بن الأسود]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 20] ثم قال: (تلك الغرانيق العلى، وإن الشفاعة منها ترتجى)، فقال المشركون: قد ذكر آلهتنا في أحسن الذكر؛ فنزلت الآية».

قلت: هذا الإسناد فيه سقط، وصوابه ما جاء في تفسير ابن مردويه: حدثني إبراهيم بن محمد، حدثني أبو بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي، حدثنا جعفر بن محمد الطيالسي .... ، والساقط في الإسناد هو آفة الحديث، وهو أبو بكر المقرئ، وقد تقدم الكلام فيه.

الطريق الثاني: رواية العوفي، عن ابن عباس، به:
أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 176)، قال: حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: «قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)) وذلك أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يصلي إذ نزلت عليه قصة آلهة العرب، فجعل يتلوها، فسمعه المشركون فقالوا: إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير، فدنوا منه، فبينما هو يتلوها وهو يقول: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] ألقى الشيطان: (إن تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى)، فجعل يتلوها فنزل جبرائيل عليه السلام فنسخها، ثم قال له: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».

وأخرجه ابن مردويه في تفسيره [كما في تخريج الأحاديث والآثار، للزيلعي (2/ 394)]، عن أحمد بن كامل، عن محمد بن سعد، به.
محمد بن سعد: هو العوفي، لين الحديث.
قوله: حدثني أبي: هو سعد بن محمد بن الحسن، ضعيف.
قوله: حدثني عمي: هو الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، ضعيف.
قوله: حدثني أبي: هو الحسن بن عطية، متفق على ضعفه.
قوله: عن أبيه: هو عطية بن سعد بن جنادة، شيعي ضعيف مدلس.
وهذا الإسناد: ضعيف جداً؛ فإنه مسلسل بالعوفيين، وهي سلسلة واهية باتفاق النقاد من المحدثين.

الطريق الثالث: رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس:
أخرجها ابن مردويه في تفسيره [كما في فتح الباري، لابن حجر (8/ 293)]، من طريق عباد بن صهيب، عن يحيى بن كثير، حدثنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم وهو بمكة فأتى على هذه الآية: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) فألقى الشيطان على لسانه: (إنهن الغرانيق العلى)؛ فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
وإسناده ضعيف جداً؛ فيه: عباد بن صهيب البصري، أحد المتروكين، قال ابن المديني: ذهب حديثه. وقال البخاري، والنسائي، وغيرهما:متروك. وقال ابن حبان: كان قدرياً داعية، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدي في هذه الصناعة شهد لها بالوضع. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ضعيف الحديث، تركت حديثه.
انظر: لسان الميزان (3/ 230).

وفيه الكلبي متهم بالكذب، كما في التقريب (2/ 173)، وقد روى ابن عدي، في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 115) بسنده عن سفيان الثوري قال: «قال الكلبي: كل شيء أحدث عن أبي صالح فهو كذب».

الطريق الرابع: رواية سليمان التيمي، عمن حدثه، عن ابن عباس:
ذكرها السيوطي في الدر (4/ 661) وعزاها لابن مردويه في تفسيره، وذكرها الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 293)، من طريق عباد بن صهيب، المتقدم، ولفظها لفظ رواية الكلبي نفسه، عن أبي صالح.
وهذه الرواية كسابقتها فيها عباد بن صهيب، وفيها راوٍ لم يُسمَّ.

الطريق الخامس: رواية أبي بكر الهذلي، وأيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس:
أخرجها ابن مردويه [كما في فتح الباري، لابن حجر (8/ 293)]، من طريق عباد بن صهيب، عن يحيى بن كثير، حدثنا أبو بكر الهذلي، وأيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. ولفظها لفظ رواية الكلبي نفسه، عن أبي صالح.
وهذه الرواية ضعيفة؛ فيها عباد بن صهيب، متروك كما تقدم.
ثانياً: رواية سعيد بن جبير، مرسلة:
وقد روُيت عنه من طريقين:
الأول: طريق شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، به.
وله عن شعبة ثلاثة طرق:
1 - طريق محمد بن جعفر:
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 176)، قال: حدثنا ابن بشار قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: «لما نزلت هذه الآية: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)) [النجم: 19] قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى)، فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال المشركون: إنه لم يذكر آلهتكم قبل اليوم بخير. فسجد المشركون معه فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».

2 - طريق عبد الصمد:
أخرجه ابن جرير في الموضع السابق قال: حدثنا ابن المثنى قال: ثني عبد الصمد قال: ثنا شعبة قال: ثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)) .... ». قال ابن جرير: «ثم ذكر نحوه». يريد نحو رواية محمد بن جعفر السابقة.

3 - طريق أبي داود:
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [كما في تفسير ابن كثير (3/ 239)] قال: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] قال: فألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى) قالوا: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم. فسجد وسجدوا؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».

وقد صحح إسناد هذه الرواية المرسلة عن سعيد بن جبير: الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 293)، والسيوطي في الدر (4/ 661)، وفي لباب النقول، ص (201)، والألباني في نصب المجانيق، ص (10) و (45).
قلت: وهو كما قالوا؛ إلا أن صحة إسنادها لا يعني قبولها؛ فهي ضعيفة لإرسالها.

الثاني: طريق عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، به.
أخرجه الواحدي في أسباب النزول، ص (310) قال: أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن حيان قال: أخبرنا أبو يحيى الرازي قال: أخبرنا سهل العسكري قال: أخبرنا يحيى، عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] فألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى)؛ ففرح بذلك المشركون وقالوا: قد ذكر آلهتنا؛ فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: اعرض عليَّ كلام الله، فلما عرض عليه قال: أما هذا فلم آتك به، هذا من الشيطان، فأنزل الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
وإسناد هذه الرواية أصح من رواية ابن مردويه الموصولة.
قال الألباني في نصب المجانيق، ص (16) - بعد أن ساق رواية الواحدي هذه -: «فرجع الحديث إلى أنه عن عثمان بن الأسود، عن سعيد، مرسل، وهو الصحيح، لموافقة روايةِ عثمان هذه روايةَ أبي بشر، عن سعيد». اهـ

ثالثاً: رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، مرسلة:
أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 177) قال: حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب: أنه سُئِل عن قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)) قال ابن شهاب: ثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة قرأ عليهم والنجم إذا هوى فلما بلغ: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) قال: (إن شفاعتهن ترتجى) وسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا بذلك فقال لهم: إنما ذلك من الشيطان؛ فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 293) عن هذه الرواية: مرسل رجاله على شرط الصحيحين. وقال السيوطي في الدر (4/ 662): مرسل صحيح الإسناد. ووافقهما الألباني في نصب المجانيق، ص (18) و (45).

رابعاً: رواية ابن شهاب الزهري، مرسلة:
أخرجها ابن أبي حاتم في تفسيره [كما في تفسير الحافظ ابن كثير (3/ 240)] قال: حدثنا موسى بن أبي موسى الكوفي، حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: «لما أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم، وأحزنته ضلالتهم، فكان يتمنى كف أذاهم؛ فلما أنزل الله سورة النجم قال: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الطواغيت فقال: (وإنهن لهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى) فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، وذلقت بها ألسنتهم، وتباشروا بها، وقالوا: إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر النجم سجد، وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة، فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)) فلما بين الله قضاءه، وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين، واشتدوا عليه».
وإسناده صحيح؛ إلا أن محمد بن فليح لم يُتابع في روايته عن موسى بن عقبة؛ فقد رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 285)، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبه .... ، فذكره بمثله سواء، ولم يذكر ابن شهاب؛ فيكون معضلاً.

خامساً: رواية عروة بن الزبير، مرسلة:

أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (9/ 34)، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: «حين أنزل الله عز وجل السورة التي يذكر فيها (والنجم إذا هوى) قال المشركون من قريش: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر؛ فلما أنزل الله عز وجل السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ:(أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال: (وإنهن لمن الغرانيق العلى وإن شفاعتهم لترتجى) وذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك وذلقت بها ألسنتهم، واستبشروا بها وقالوا: إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر السورة التي فيها النجم سجد وسجد معه كل من حضر من مسلم ومشرك، غير أن الوليد بن المغيرة كان رجلاً كبيراً فرفع على كفه تراباً فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين على غير إيمان ولا يقين ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين، وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما سمعوا الذي ألقى الشيطان في أمنية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحدثهم الشيطان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها في السجدة؛ فسجدوا لتعظيم آلهتهم، ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتى بلغت الحبشة ... ، وكَبُرَ ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فشكا إليه، فأمره فقرأ عليه، فلما بلغها تبرأ منها جبريل عليه السلام وقال: معاذ الله من هاتين، ما أنزلهما ربي ولا أمرني بهما ربك، فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شق عليه وقال: أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه، وشركني في أمر الله. فنسخ الله عز وجل ما ألقى الشيطان وأنزل عليه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
إسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 72): «رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة».

سادساً: رواية محمد بن كعب القرضي، ومحمد بن قيس:
أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 174)، قال: حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثنا حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس قالا: «جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نادٍ من أندية قريش، كثير أهله، فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه؛ فأنزل الله عليه: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)) [النجم: 1 - 2] فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا بلغ: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] ألقى عليه الشيطان كلمتين: (تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهن لترجى) فتكلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم جميعاً معه، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلم به وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت، وهو الذي يخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده إذ جعلت لها نصيباً، فنحن معك. قالا: فلما أمسى أتاه جبرائيل عليه السلام فعرض عليه السورة، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: افتريت على الله، وقلت على الله ما لم يقل؛ فأوحى الله إليه: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)) [الإسراء: 73 - 75] فما زال مغموماً مهموماً حتى نزلت عليه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
إسناده ضعيف، فيه أبو معشر، واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو ضعيف، كما في التقريب (2/ 303).
وأخرجه الطبري (9/ 175) من طريق آخر عن محمد بن كعب القرضي فقال: حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن زياد المدني، عن محمد بن كعب القرظي قال: «لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولي قومه عنه، وشق عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من عند الله، تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب به بينه وبين قومه، وكان يسره مع حبه وحرصه عليهم أن يلين له بعض ما غلظ عليه من أمرهم حين حدث بذلك نفسه، وتمنى وأحبه؛ فأنزل الله: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)) [النجم: 1] فلما انتهى إلى قول الله: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه ويتمنى أن يأتي به قومه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتضى)، فلما سمعت قريش ذلك فرحوا وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم، فأصاخوا له، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربهم، ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل، فلما انتهى إلى السجدة منها وختم السورة سجد فيها، فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقاً لما جاء به، واتباعاً لأمره، وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم؛ لما سمعوا من ذكر آلهتهم، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد، إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخاً كبيراً فلم يستطع؛ فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها .... ، وأتى جبرائيل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، ماذا صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله، وقلت ما لم يقل لك .... ».
وهو ضعيف أيضاً، فيه ابن حميد، واسمه محمد بن حميد بن حيان الرازي، ضعيف، كما في التقريب (2/ 165).

سابعاً: رواية الضحاك بن مزاحم:
أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 177)، قال: حُدِّثتُ عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}: «أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة أنزل الله عليه في آلهة العرب، فجعل يتلو اللات والعزى ويكثر ترديدها، فسمع أهل مكة نبي الله يذكر آلهتهم ففرحوا بذلك ودنوا يستمعون؛ فألقى الشيطان في تلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى) فقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك فأنزل الله عليه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
وهذه الرواية ضعيفة؛ لانقطاعها؛ حيث لم يصرح الطبري بمن حدثه.

ثامناً: رواية أبي العالية الرياحي:
أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 176) قال: حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر قال: سمعت داود، عن أبي العالية قال: «قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما جلساؤك عبد بني فلان، ومولى بني فلان، فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك؛ فإنه يأتيك أشراف العرب، فإذا رأوا جلساءك أشراف قومك كان أرغب لهم فيك. قال: فألقى الشيطان في أمنيته؛ فنزلت هذه الآية: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) قال: فأجرى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وشفاعتهن ترجى، مثلهن لا ينسى) قال فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قرأها، وسجد معه المسلمون والمشركون، فلما علم الذي أجري على لسانه كبر ذلك عليه؛ فأنزل الله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
وأخرجه من وجه آخر عن أبي العالية فقال: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية قال: .... ، فذكره بنحوه.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 293): «مرسل رجاله على شرط الصحيحين». وصحح إسناده السيوطي في الدر (4/ 663)، ووافقهما الألباني، في نصب المجانيق، ص (21) و (45).

تاسعاً: رواية قتادة بن دعامة السدوسي:
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 40) قال: أنا معمر، عن قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين؛ فألقى الشيطان في أمنيته فقال: (إن الآلهة التي تدعى، إن شفاعتها لترتجى، وإنها للغرانيق العلى) فنسخ الله ذلك وأحكم الله آياته: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19))، حتى بلغ: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)) قال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى قال المشركون: قد ذكر الله آلهتهم بخير، ففرحوا بذلك، فذكر قوله تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)) [الحج: 53]».
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (9/ 178)، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به.
وأخرجه أيضاً عن ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، به.
وإسناده صحيح، صححه الألباني في نصب المجانيق، ص (23) و (45). لكنه مرسل.

عاشراً: رواية مجاهد بن جبر:
ذكرها السيوطي في الدر (4/ 663)، وعزاها لعبد بنحميد، عن مجاهد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ النجم؛ فألقى الشيطان على فيه، ثم أحكم الله آياته.
ولم أقف على إسناد هذه الرواية.

حادي عشر: رواية عكرمة مولى ابن عباس:
ذكرها السيوطي في الدر (4/ 663)، وعزاها لعبد بن حميد، عن عكرمة قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)) [النجم: 19 - 22] فألقى الشيطان على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تلك إذن في الغرانيق العلى، تلك إذن شفاعة ترتجى) ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجزع؛ فأوحى الله إليه: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى) [النجم: 26] ثم أوحى إليه، ففرج عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
ولم أقف على إسناد هذه الرواية.

ثاني عشر: رواية السدي:
ذكرها السيوطي في الدر (4/ 663)، وعزاها لابن أبي حاتم في تفسيره، عن السدي قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد ليصلي، فبينما هو يقرأ إذ قال: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) فألقى الشيطان على لسانه فقال: (تلك الغرانقة العلى، وإن شفاعتهن ترتجى) حتى إذا بلغ آخر السورة سجد، وسجد أصحابه، وسجد المشركون لذكره آلهتهم، فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به بين قطري مكة يقولون: نبي بني عبد مناف، حتى إذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين فقال جبريل: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا، فاشتد عليه؛ فأنزل الله يطيب نفسه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52))».
ولم أقف على إسناد هذه الرواية.

ثالث عشر: رواية محمد بن فضالة الظفري، والمطلب بن عبد الله بن حنطب:
أخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 205) قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري، عن أبيه قال: .... ، وحدثني كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قالا: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قومه كفاً عنه، فجلس خالياً فتمنى فقال: ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني، وقارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه، ودنا منهم ودنوا منه، فجلس يوماً مجلساً في نادٍ من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1))، (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) ألقى الشيطان كلمتين على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى) فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها، وسجد وسجد القوم جميعاً، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود .... ، فرضوا بما تكلم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، وأما إذ جعلت لها نصيباً فنحن معك، فَكَبُرَ ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قولهم حتى جلس في البيت، فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة فقال جبريل: ما جئتك بهاتين الكلمتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قلت على الله ما لم يقل؛ فأوحى الله إليه: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73)) [الإسراء: 73]».
إسناده ضعيف: فيه محمد بن عمر الواقدي، متروك، كما في التقريب (2/ 203).
قال النحاس، في الناسخ والمنسوخ (2/ 529): «هذا حديث منكر منقطع، ولا سيما من حديث الواقدي».

أقوال العلماء في نقد أسانيد هذه القصة:-

وبعد أن خلصنا من تخريج القصة، وبيان طرقها وعللها، نذكر الآن ما قاله النقاد من أهل الحديث في الحكم عليها:
قال ابن خزيمة: «هذه القصة من وضع الزنادقة». نقله عنه الفخر الرازي في تفسيره (23/ 44).

وقال البيهقي: «هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل». نقله عنه الفخر الرازي في تفسيره (23/ 44).

وقال القاضي عياض، في الشفا (2/ 79): «هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل .... ، ومن حُكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية، والمرفوع فيه حديث شعبة: عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فيما أحسب ـ الشك في الحديث ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة .... ، وذكر القصة». اهـ

ثم نقل كلام البزار، وقال: «فقد بين لك أبو بكر رحمه الله أنه لا يُعرف من طريق يجوز ذكره سوى هذا، وفيه من الضعف ما نبه عليه، مع وقوع الشك فيه، كما ذكرناه، الذي لا يوثق به، ولا حقيقة معه.
قال: وأما حديث الكلبي فمما لا تجوز الراوية عنه، ولا ذكره؛ لقوة ضعفه وكذبه، كما أشار إليه البزار رحمه الله.
والذي منه في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ: والنجم - وهو بمكة - فسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس
». اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 239): «قد ذكر كثير من المفسرين قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظناً منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم». اهـ

وأما الحافظ ابن حجر فيرى ثبوت القصة لكثرة طرقها، لكنه مع ذلك يوجب تأويلها، وعدم حملها على ظاهرها؛ لما فيها من القدح بعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 293) - بعد أن ساق بعضاً من روايات القصة وطرقها -: «وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف وإلا منقطع، لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلاً، مع أن لها طريقين آخرين مرسلين، رجالهما على شرط الصحيحين، أحدهما: ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .... ، فذكره. والثاني: ما أخرجه أيضاً من طريق المعتمر بن سليمان، وحماد بن سلمة، فرقهما عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية.
قال: وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها. وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: .... ، ثم ساق كلامه وقال: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلاً، وقد ذكرتُ أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به؛ لاعتضاد بعضها ببعض، وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، وهو قوله: «ألقى الشيطان على لسانه (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى)» فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه يستحيل عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يزيد في القرآن عمداً ما ليس منه، وكذا سهواً إذا كان مغايراً لما جاء به من التوحيد؛ لمكان عصمته، وقد سلك العلماء في ذلك مسالك .... ». اهـ. ثم ذكر هذه المسالك، وسيأتي ذكرها في أصل المسألة عند ذكر مذاهب العلماء تجاه الإشكال الوارد في الحديث.

الخلاصة:

وبعد هذا الاستطراد في تخريج الحديث يحسن بنا تلخيصه في النقاط الآتية:
أولاً: طُرق الحديث:

1 - رُوي مسنداً عن ابن عباس رضي الله عنهما، من عدة طرق، ولا يصح منها شيء.
2 - رُوي عن سعيد بن جبير، مرسلاً، وموصولاً إلى ابن عباس، ولا يصح إلا المرسل فقط.
3 - رُوي مرسلاً عن أربعة عشر تابعياً، ولا يصح إلا رواية سعيد بن جبير، وأبي العالية، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وقتادة؛ وهي وإن صحت إليهم فإن ذلك لا يعني قبولها؛ لأنها مراسيل، والمُرسَل في عداد الحديث الضعيف.

ثانياً: ألفاظ الحديث:
رُوي بثلاثة ألفاظ:
الأول: أن الشيطان ألقى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «تلك الغرانيق العلى ... ».
جاء ذلك في رواية ابن عباس، من طريق سعيد بن جبير، عنه.
ومن طريق الكلبي، وسليمان التيمي، وأبي بكر الهذلي، وأيوب، عنه.
ورُوي هذا اللفظ عن: سعيد بن جبير، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرضي، ومجاهد، وعكرمة، والسدي، ومحمد بن فضالة الظفري، والمطلب بن عبد الله بن حنطب.

اللفظ الثاني: أن الشيطان هو الذي تكلم بتلك الكلمات.
جاء ذلك في رواية ابن عباس، من طريق العوفي، عنه.
ورُوي هذا اللفظ عن: ابن شهاب الزهري، وعروة بن الزبير، ومحمد بن كعب القرضي ـ في رواية أخرى عنه ـ ومحمد بن قيس، والضحاك، وقتادة.

اللفظ الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها فقال تلك الكلمات.
جاء ذلك في رواية أبي بكر بن عبد الرحمن.








توقيع Moustafa
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قيل: من الغرباء ؟ قال: النزاع من القبائل"
قال أبو عيسى الترمذي في هذا الحديث: "فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي"
الأحكام الشرعية الكبرى (4 / 496) - ط: مكتبة الرشد

قال الشاطبى:
"ولا شك أن الغالب أغلب، فتكالبت على سواد السنة البدع والأهواء، فتفرق أكثرهم شيعاً، وهذه سنة الله في الخلق: إن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} ولينجز الله ما وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكراً والمنكر معروفاً وتصير السنة بدعة والبدعة سنة فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف كما كان أولا يقام على أهل البدعة"
الإعتصام (1 / 12) ط: التوحيد

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"يجب أن يعرف الجهاد الشرعي الذي أمر الله به ورسوله من الجهاد البدعي جهاد أهل الضلال الذين يجاهدون في طاعة الشيطان وهم يظنون أنهم يجاهدون في طاعة الرحمن كجهاد أهل البدع والأهواء كالخوارج ونحوهم الذين يجاهدون فى أهل الإسلام وفيمن هو أولى بالله ورسوله منهم من السابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين كما جاهدوا عليا ومن معه وهم لمعاوية ومن معه اشد جهادا"
الرد على الأخنائى (ص: 205) - المطبعة السلفية - القاهرة


أغلق الموضوع

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
نسف, الوحى, الرد, الرسول, الشيطان, الغرانيق, القرآن, افتراء, شبهة


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
الرد علي قصة الغرانيق وسجود الرسول للاصنام افتراء ورد asd_el_islam_2 إجابة الأسئلة ورد الشبهات حول القرآن الكريم 1 15.09.2009 06:28



لوّن صفحتك :