آخر 20 مشاركات
رسالة لـرؤوس الكنيسة الأرثوذكسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أنا الفريدة لا تضرب بي المثل ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          خُلُق قرآنيّ : الإصلاح بين المتخاصمين (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          قـُــرّة العُــيون : حلقة 14 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 19 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )

أهمية رحابة صدر الداعية وسماحة نفسه

قسم الدعوة والدورات والمشاريع الدعوية


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 07.06.2009, 13:55
صور هِداية الرمزية

هِداية

عضوة مميزة

______________

هِداية غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 29.05.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 438  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
23.03.2014 (22:22)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي أهمية رحابة صدر الداعية وسماحة نفسه


إن الداعية الحق شخصية متميزة فهو كالمنارة الهادية من بُعد لمن ضلّ أو حار، وهو كالظل الوارف لمن لفحه حر الشمس والمسير في الهجير، وبالتالي فهو نقطة تجمّع بالنسبة للمدعوّين، ولذا فإنه يحتاج إلى أن يتحلى برحابة الصدر وسماحة النفس ليستوعب الناس ويستميلهم للخير والحق "فالناس في حاجة إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ودٍّ يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء، ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه، ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء"[1].

وهكذا كان قلب رسول الله r وهكذا كانت حياته مع الناس، "ما غضب لنفسه قط، ولا ضاق صدره بضعفهم البشري، ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الحياة، بل أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية، ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم، وما من واحد منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه، نتيجة لما أفاض عليه r من نفسه الكبيرة والرحيبة"[2].
والناس مشاربهم شتى، وسلوكياتهم متباينة، واحتياجاتهم كثيرة، واستفزازاتهم مثيرة، وهذا لا بد أن يقابله الداعية بالاحتمال؛ لأن الاحتمال – كما قيل – قبر المعايب.
وهذه الخصيصة مهمة في تكوين الداعية، يحتاج أن يجتهد في اكتسابها لأنها وقود محرك له في دعوته، كما أنها ترفع كفاءة القبول، وتكبح جماح الانفعالات النفسية ذات الآثار السلبية، وتتجلى هذه الخصيصة في عدد من الخلال توضحها وتبين أثرها ومن أهمها:

أولاً: الرحمة والشفقة:
"إن الداعي لا بد أن يكون ذا قلب ينبض بالرحمة والشفقة على الناس، وإرادة الخير لهم والنصح لهم، ومن شفقته عليهم دعوتهم إلى الإسلام؛ لأن في هذه الدعوة نجاتهم من النار وفوزهم برضوان الله تعالى، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه وأعظم ما يحبه لنفسه الإيمان والهدى فهو يحب ذلك إليهم أيضاً"[3].
وهذا الشعور الغامر بالشفقة على الناس يبعث في النفس الحزن والأسى على حال المعرضين والعاصين، ويتولد إثر ذلك قوة نفسية دافعة لاستنقاذهم من الخطر المحدق بهم، والهلاك القادمين إليه، وما أبلغ وأدق النص القرآني في بيان هذه الصفة عند الرسول الكريم r{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (الكهف/6) وقوله {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (الشعراء/3).
تأمل هذه الآيات فإنه "من فرط شفقته r داخله الحزن لامتناعهم عن الإيمان، فهوّن الله سبحانه عليه الحال، بما يشبه العتاب في الظاهر كأنه قال له: لم كل هذا؟ ليس في امتناعهم – في عدِّنا – أثر، ولا في الدين من ذلك ضرر"[4].
وقال ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ} مسلياً لرسوله r في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبُعدهم عنه"[5].
فهذه نفس الرسول r ملئت رحمة وشفقة على هؤلاء حتى كاد يُهلك نفسه وهو يدعوهم ويحرص على هدايتهم، ثم يخالط مشاعره الحزن عليهم والأسى لهم.
إن الداعية ينظر إلى المدعوين نظرة الطبيب إلى مرضاه، يرحمهم ويشفق عليهم لعلمه بدائهم وخطورته، وتلطف في علاجهم، وإن رأى منهم عزوفاً عن الدواء لصعوبته أو مرارته هاله الأمر واحتال بكل الطرق لتوصيل الدواء، وإقناعهم بضرورة تناوله، ولا يمكن أن يتركهم وشأنهم بحجة أنهم هم المفرطون، وهكذا فإن "الداعي الرحيم لا يكف عن دعوته ولا يسأم من الرد والإعراض؛ لأنه يعلم خطورة عاقبة المعرضين العصاة، وأن إعراضهم بسبب جهلهم، فهو لا ينفك عن إقناعهم وإرشادهم"[6].
فالرحمة – كما ترى – باعث دافع ومحرك للدعوة استنقاذاً للناس من الهلاك، وهي في الوقت نفسه عامل استمرار وإصرار وتوسيع لدائرة الاستيعاب والتأثير رغم الصد والإعراض.
ولا ينبغي أن تفهم الرحمة على أنها لين وتهاون بل تأتي الرحمة

أحياناً كثيرة في ثنايا الحزم وفي أعطاف الشدة التي تهدف لصالح المدعو، كما قد يشتد الطبيب مع مريضه الذي لا يدرك خطورة مرضه وعظمة الخطر في ترك التداوي أو التقصير فيه "فليست الرحمة حناناً لا عقل معه، أو شفقة تتنكر للعدل والنظام، كلا إنها عاطفة ترعى هذه الحقوق جميعاً"[7].
وإن في سيرة المصطفى الكريم r أعظم وأروع الأمثلة على الرحمة سيما في المواقف العصيبة التي بلغت فيها المعاناة أشد مراحلها التي تضغط بعنف على النفس لتشتد وتقسو، وعلى الصدر ليضيق ويتبرم، ومع ذلك تبقى نفسه الكبيرة ورحمته العظيمة هي الغالبة كما حصل يوم رجوعه عليه الصلاة والسلام من الطائف بعد أن ذهب إليها وفي قلبه أمل، فلقى فيها أعظم مما كان يتصور من الإعراض فرجع كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، فقال النبي r "بل أرجو أن يُخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئاً "[8].
وفي يوم أحد عندما شج وجهه الشريف، وكسرت رباعيته، ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه[9]، وبينما الدم يسيل على وجهه يقول عليه الصلاة والسلام "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" وفي صحيح مسلم قال عبد الله بن مسعود t: كأني أنظر إلى رسول الله r يحكي نبياً من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"[10]، ومن هنا جاء الوصف الرباني العظيم في ثنايا الآيات التي نزلت في غزوة أحد {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } (آل عمران/159).
"لقد أراد الله أن يمتنّ على العالم برجل يمسح آلامه، ويخفف أحزانه، ويرثي لخطاياه، ويستميت في هدايته، ويأخذ يناصر الضعيف، ويقاتل دونه قتال الأم عن صغارها، ويخضد شوكة القوي حتى يرده إنساناً سليم الفطرة لا يضري ولا يطغى فأرسل محمداً r وسكب في قلبه من العلم والحلم، وفي خلقه من الإيناس والبر، وفي طبعه من السهولة والرفق، وفي يده من السخاوة والندى، ما جعله أزكى عباد الله رحمة وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً"[11].
نعم "إن الرحمة كمال في الطبيعة يجعل المرء يرق لآلام الخلق ويسعى لإزالتها، ويأسى لأخطائهم فيتمنى لهم الهدى، هي كمال في الطبيعة، لأن تبلد الحس يهوي بالإنسان إلى منزلة الحيوان ويسلبه أضل ما فيه، وهو العاطفة الحية النابضة بالحب والرأفة"[12].
للمزيد من مواضيعي

 








توقيع هِداية


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 07.06.2009, 13:57
صور هِداية الرمزية

هِداية

عضوة مميزة

______________

هِداية غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 29.05.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 438  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
23.03.2014 (22:22)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي رد: أهمية رحابة صدر الداعية وسماحة نفسه


ثانياً: الحلم والأناة:
في مسيرة الدعوة تمر بالداعية أحداث مثيرة، وأفعال مستفزة، والناس – باختلاف طبائعهم – تختلف مواقفهم إزاء المثيرات التي تعمل على دفعهم نحو الرعونة والطيش، فمنهم من "تستخفه التوافه فيستحمق على عجل، ومنهم من تستفزه الشدائد فيبقى على وقعها الأليم محتفظاً برجاحة فكره وسجاحة خلقه"[13].
والحلم "فضيلة خلقية نافعة تقع في قمة عالية دونها منحدرات، فهو أناة حكيمة بين التسرع والإهمال أو التواني، وضبط للنفس بين الغضب وبلادة الطبع، ورزانة بين الطيش وجمود الإحساس"[14].
والأناة عند الداعية إلى الله تعالى "تسمح له بأن يُحكم أموره، ويضع الأشياء في مواضعها، بخلاف العجلة فإنها تعرضه للكثير من الأخطاء والإخفاق، وتعرضه للتعثر والارتباك، ثم تعرضه للتخلف من حيث يريد السبق، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وبخلاف التباطؤ والكسل فهو أيضاً يعرض للتخلف والحرمان من تحقيق النتائج التي يرجوها"[15]، وقد امتدح النبي r الأشج فقال "إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة"[16]. فرحابة الصدر وسعة النفس تقتضي عدم الانفعال المخرج عن حد الصواب والاعتدال، وجمهور الدعوة قد يقع منهم ما يدفع إلى الغضب، وكثيراً ما يتصرفون بدافع من العجلة والرغبة في الحصول على النتائج السريعة، ومجاراة الداعية لهم في الحالتين خلل في مسلك الدعوة، لأن المسايرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، وقد يكون أولئك العامة مندفعين إلى تلك العواقب بحمية عصبية وحماسة استفزازية، "لكن المصلحين العظماء لا ينتهون بمصائر العامة إلى هذا الختام الأليم، إنهم يفيضون من أناتهم على ذوي النزق حتى يلجئوهم إلى الخير إلجاءً، ويطلقوا ألسنتهم تلهج بالثناء"[17].
ومن الأمثلة من سيرة النبي r ما رواه أنس بن مالك حيث قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي r فلما قضى بوله أمر النبي r بذنوب ماء فأهريق عليه[18].
ومواقف أخرى كثيرة تبين حلمه الذي لا يندفع فيه مع مقتضى الطبع، ولا يمضي معه وفق أعراف الجاهلية وانتصاراتها المبنية على الحمية؛ لأن "الجاهلية التي عالج رسول الله r محوها كانت تقوم على ضربين من الجهالة، جهالة ضد العلم وأخرى ضد الحلم، فأما الأولى فتقطيع ظلامها يتم بأنواع المعرفة وفنون الإرشاد، وأما الأخرى فكف ظلمها يعتمد على كبح الهوى ومنع الفساد، وقد كان العرب الأولون يفخرون بأنهم يلقون الجهل بجهل أشد.
ألا لا يجهلن أحد علينا



فنجهل فوق جهل الجاهلينا[19]






رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 07.06.2009, 13:59
صور هِداية الرمزية

هِداية

عضوة مميزة

______________

هِداية غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 29.05.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 438  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
23.03.2014 (22:22)
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي رد: أهمية رحابة صدر الداعية وسماحة نفسه


ثالثاً: العفو والصفح:
ومن مستلزمات الحلم الذي فيه كظم للغيظ وضبط للغضب، ثم الأناة التي فيها تبصر بالأمور وتأن في التصرف، مع الاستناد للرحمة بالجاهلين كل ذلك يثمر العفو والصفح؛ لأن "القلوب الكبيرة قلما تستجيشها دوافع القسوة فهي أبداً إلى الصفح والحنان أدنى منها إلى الحفيظة والاضطغان"[20].
وما دام الداعي المسلم ينظر إلى من يدعوهم نظرة الرحمة والشفقة عليهم فإنه يعفو ويصفح عنهم في حق نفسه، قال تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف/199).
وإذا كان هذا هو شأن الداعي المسلم بالنسبة لمن يدعوهم ويحتمل صدور الأذى منهم فإن عفو الداعي وصفحه عن أصحابه أوسع، قال تعالى {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (آل عمران/159).
وعندما وقعت حادثة الإفك، كان وقعها على آل أبي بكر شديداً، فلما نزلت البراءة حلف أبو بكر رضي الله عنه ألا ينفق على مسطح بن أثاثة فأنزل الله في ذلك قوله تعالى {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النــور/22).
والداعية الذي يهدف إلى استمالة القلوب وهدايتها لا يقسو؛ لأن "القسوة التي استنكرها الإسلام جفاف في النفس لا يرتبط بمنطق ولا عدالة، إنها نزوة فاجرة تتشبع من الإساءة والإيذاء، وتمتد مع الأثرة المجردة والهوى الأعمى"[21]، ومن أعظم مواقف العفو عفو النبي rعن المشركين يوم فتح مكة[22].
وهكذا فإن رحابة الصدر وسماحة النفس تنتظم الرحمة التي تدعو إلى الحلم الذي يقود إلى العفو فيكون من وراء ذلك التأثير التلقائي؛ لأن الإنسان يتأثر بالإحسان {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت/34).
وهذا أمر مشاهد حيث نرى أن من كان سمح النفس يستطيع "أن يظفر بأكبر قسط من محبة الناس له، وثقة الناس به؛ لأنه يعاملهم بالسماحة والبشر ولين الجانب، والتغاضي عن السيئات والنقائص، فإذا دعاه الواجب إلى تقديم النصح كان في نصحه رقيقاً ليناً، سمحاً هيناً، يسر بالنصيحة، ولا يريد الفضيحة، يسد الثغرات ولا ينشر الزلات والعثرات"[23].
وبعض الدعاة ممن لا يتحلّون في أنفسهم بهذه السمة تجدهم يندفعون مع أدنى خطأ أو أقل عثرة، وإذا بهم يدعون بالويل والثبور وعظائم الأمور، وكثيراً ما يواجهون الناس بالأحكام الدامغة الخطيرة من الفسق أو الابتداع أو التساهل ونحو ذلك، وهؤلاء كثيراً ما يستزلهم الشيطان بهذه الحمية بأن الحق أحق أن يتبع، ويثير التساؤل أين الغيرة الإيمانية والحمية الإسلامية ؟ ليغطي على الأناة التي تنظر في عواقب الأمور، والحلم الذي يضبط النفوس، والرحمة التي تستميل القلوب، وبعض هؤلاء – وللأسف – يندفعون أحياناً خوفاً من أن يُتهموا بعدم الغيرة أو التميع والتساهل، ولا يفهم من قولي أن كل فاعل لذلك مذموم، ولا أن كل موقف يقتضي الحلم واللين فقد أشرت فيما سبق إلى ما ينقض هذا الفهم، ولكني أنوه إلى صور في الواقع ناشئة من أفهام قاصرة وممارسات خاطئة.



[1] في ظلال القرآن (1/500-501).
[2] المرجع السابق. والنفس السمحة التي ليس فيها ضيق، أو السماحة السهولة واللين. انظر القاموس المحيط (1/229).
[3] أصول الدعوة (343-344).
[4] لطائف الإشارات (1/377).
[5] تفسير ابن كثير (3/72).
[6] أصول الدعوة (344).
[7] خلق المسلم (207).
[8] متفق عليه. صحيح البخاري مع الفتح (6/360) صحيح مسلم (3/1420) وانظر الرحيق المختوم (150).
[9] انظر الرحيق المختوم (314).
[10] صحيح مسلم (3/1417).
[11] خلق المسلم (204).
[12] خلق المسلم (203).
[13] خلق المسلم (106).
[14] الأخلاق الإسلامية (2/325).
[15] المرجع السابق (2/353).
[16] أخرجه مسلم في صحيحه (1/48).
[17] خلق المسلم (107).
[18] أخرجه البخاري (1/324).
[19] خلق المسلم (109).
[20] خلق المسلم (204).
[21] خلق المسلم (207).
[22] الرحيم المختوم (480-481).
[23] الأخلاق الإسلامية (2/443).

د. علي بن عمر بادحدح





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 12.11.2014, 21:48

البتول

مشرفة قسم الصوتيات والمرئيات

______________

البتول غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 12.08.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 2.074  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
11.08.2021 (14:56)
تم شكره 362 مرة في 265 مشاركة
افتراضي


فعلا نحتاج للتذكرة دوما بهذا ..
جزاك الله خيرا





رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
أهمية, نفسه, وسماحة, الداعية, رحابة


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
المسلم أم النصراني أيهما أفضل ساجدة لله القسم النصراني العام 6 09.01.2010 07:58
حد نفسه فى طبق عدس على طريقة اهل الكتاب ؟؟؟ سيف الاسلام م مصداقية الكتاب المقدس 1 13.05.2009 03:10



لوّن صفحتك :