العودة   شبكة كلمة سواء للحوار الإسلامي المسيحي العودة المنتدى المنتدى الثقافي و الإعلامي التاريخ والبلدان

آخر 20 مشاركات
رسالة لـرؤوس الكنيسة الأرثوذكسية (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أنا الفريدة لا تضرب بي المثل ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          خُلُق قرآنيّ : الإصلاح بين المتخاصمين (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          قـُــرّة العُــيون : حلقة 14 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 19 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 19 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 05.12.2010, 20:12
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي رسالة شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله الى عموم المسلمين أبان الغزو التتري لبلاد المسلمين


رسالة الاسلام تيمية رحمه الله عموم المسلمين أبان الغزو التتري لبلاد المسلمين

رسالة شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله الى عموم المسلمين أبان الغزو التتري لبلاد المسلمين يحضهم فيها على الجهاد ويقارن بين حالهم وحال المسلمين الاوائل من خلال سورة الاحزاب .

بسم الله الرحمن الرحيم


إلى من يصل إليه من المؤمنين والمسلمين‏.‏ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏ فإنا نحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل، وهو على كل شىء قدير، ونسأله أن يصلى على صفوته من خليقته وخيرته من بريته محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا‏.‏

أما بعد‏:‏ فقد صدق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، ‏{‏وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 25‏]‏ والله ـ تعالى ـ يحقق لنا التمام بقوله‏:‏ ‏{‏وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 26، 27‏]‏‏.‏

/فإن هذه الفتنة التى ابتلى بها المسلمون مع هذا العدو المفسد، الخارج عن شريعة الإسلام - يعني التتار-، قد جرى فيها شبيه بما جرى للمسلمين مع عدوهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المغازى التى أنزل الله فيها كتابه، وابتلى بها نبيه والمؤمنين، مما هو أسوة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرًا إلى يوم القيامة، فإن نصوص الكتاب والسنة، اللذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، يتناولان عموم الخلق بالعموم اللفظى والمعنوى، أو بالعموم المعنوى‏.‏ وعهود الله فى كتابه وسنة رسوله تنال آخر هذه الأمة، كما نالت أولها‏.‏ وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم، لتكون عبرة لنا‏.‏ فنشبه حالنا بحالهم، ونقيس أواخر الأمم بأوائلها‏.‏ فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين‏.‏ ويكون للكافر والمنافق من المتأخرين شبه بما كان للكافر والمنافق من المتقدمين، كما قال ـ تعالى ـ لما قص قصة يوسف مفصلة، وأجمل قصص الأنبياء، ثم قال‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى‏}‏‏[‏يوسف‏:‏ 111‏]‏ أى‏:‏ هذه القصص المذكورة فى الكتاب ليست بمنزلة ما يفترى من القصص المكذوبة، كنحو ما يذكر فى الحروب من السير المكذوبة‏.‏

وقـال ـ تعالى ـ لمـا ذكر قصة فرعون‏:‏ ‏{‏فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى‏}‏ ‏[‏النازعات‏:‏ 25، 26‏]‏‏.‏ وقال فى سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع أعدائه ببدر وغيرها‏:‏ ‏{‏قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 13‏]‏‏.‏ وقال ـ تعالى ـ فى محاصرته لبنى النضير‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ‏}‏‏[‏الحشر‏:‏ 2‏]‏‏.‏ فأمرنا أن نعتبر بأحوال المتقدمين علينا من هذه الأمة، وممن قبلها من الأمم‏.‏

وذكر فى غير موضع‏:‏ أن سنته فى ذلك سنة مطردة، وعادته مستمرة‏.‏ فقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 60‏:‏ 62‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا‏}‏‏[‏الفتح‏:‏ 22، 23‏]‏‏.‏ وأخبر ـ سبحانه ـ أن دأب الكافرين من المستأخرين كدأب الكافرين من المستقدمين‏.‏

/فينبغى للعقلاء أن يعتبروا بسنة الله وأيامه فى عباده‏.‏ودأب الأمم وعاداتهم،لا سيما فى مثل هذه الحادثة العظيمة التى طبق الخافقين خبرها، واستطار فى جميع ديار الإسلام شررها، وأطلع فيها النفاق ناصية رأسه، وكشر فيها الكفر عن أنيابه وأضراسه، وكاد فيه عمود الكتاب أن يجتث ويخترم‏.‏ وحبل الإيمان أن ينقطع ويصطلم‏.‏ وعقر دار المؤمنين أن يحل بها البوار‏.‏ وأن يزول هذا الدين باستيلاء الفجرة التتار‏.‏ وظن المنافقون والذين فى قلوبهم مرض أن ما وعدهم الله ورسوله إلا غرورًا‏.‏ وأن لن ينقلب حزب الله ورسوله إلى أهليهم أبدًا، وزين ذلك فى قلوبهم، وظنوا ظن السوء وكانوا قومًا بورًا، ونزلت فتنة تركت الحليم فيها حيران، وأنزلت الرجل الصاحى منزلة السكران، وتركت الرجل اللبيب لكثرة الوسواس ليس بالنائم ولا اليقظان، وتناكرت فيها قلوب المعارف والإخوان، حتى بقى للرجل بنفسه شغل عن أن يغيث اللهفان، وميز الله فيها أهل البصائر والإيقان، من الذين فى قلوبهم مرض أو نفاق وضعف إيمان، ورفع بها أقوامًا إلى الدرجات العالية، كما خفض بها أقوامًا إلى المنازل الهاوية، وكفر بها عن آخرين أعمالهم الخاطئة، وحدث من أنواع البلوى ما جعلها قيامة مختصرة من القيامة الكبرى‏.‏

فإن الناس تفرقوا فيها ما بين شقى وسعيد، كما يتفرقون كذلك /فى اليوم الموعود، وفر الرجل فيها من أخيه وأمه وأبيه؛ إذ كان لكل امرئ منهم شأن يغنيه‏.‏ وكان من الناس من أقصى همته النجاة بنفسه، لا يلوى على ماله ولا ولده ولا عرسه‏.‏ كما أن منهم من فيه قوة على تخليص الأهل والمال‏.‏ وآخر فيه زيادة معونة لمن هو منه ببال‏.‏ وآخر منزلته منزلة الشفيع المطاع‏.‏ وهم درجات عند الله فى المنفعة والدفاع‏.‏ ولم تنفع المنفعة الخالصة من الشكوى إلا الإيمان والعمل الصالح، والبر والتقوى‏.‏ وبليت فيها السرائر‏.‏ وظهرت الخبايا التى كانت تكنها الضمائر‏.‏ وتبين أن البهرج من الأقوال والأعمال يخون صاحبه أحوج ما كان إليه فى المآل‏.‏ وذم سادته وكبراءه من أطاعهم فأضلوه السبيلا‏.‏ كما حمد ربه من صدق فى إيمانه فاتخذ مع الرسول سبيلاً‏.‏ وبان صدق ما جاء به الآثار النبوية، من الأخبار بما يكون‏.‏ وواطأتها قلوب الذين هم فى هذه الأمة محدثون، كما تواطأت عليه المبشرات التى أريها المؤمنون‏.‏ وتبين فيها الطائفة المنصورة الظاهرة على الدين، الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى يوم القيامة‏.‏ حيث تحزبت الناس ثلاثة أحزاب‏:‏ حزب مجتهد فى نصر الدين‏.‏ وآخر خاذل له‏.‏ وآخر خارج عن شريعة الإسلام‏.‏

وانقسم الناس ما بين مأجور ومعذور‏.‏ وآخر قد غره بالله الغرور‏.‏ وكان هذا الامتحان تمييزًا من الله وتقسيمًا؛ ‏{‏لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 24‏]‏‏.‏

ووجه الاعتبار فى هذه الحادثة العظيمة‏:‏ أن الله ـ تعالى ـ بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرع له الجهاد إباحة له أولاً، ثم إيجابًا له ثانيًا لما هاجر إلى المدينة، وصار له فيها أنصار ينصرون الله ورسوله، فغزا بنفسه صلى الله عليه وسلم مدة مقامه بدار الهجرة، وهو نحو عشر سنين؛ بضعًا وعشرين غزوة‏.‏ أولها غزوة بدر وآخرها غزوة تبوك‏.‏ أنزل الله فى أول مغازيه ‏[‏سورة الأنفال‏]‏ وفى آخرها ‏[‏سورة براءة‏]‏‏.‏ وجمع بينهما فى المصحف؛ لتشابه أول الأمر وآخره، كما قال أمير المؤمنين عثمان لما سئل عن القران بين السورتين من غير فصل بالبسملة‏.‏

وكان القتال منها فى تسع غزوات‏.‏

فأول غزوات القتال بدر، وآخرها حنين، والطائف‏.‏ وأنزل الله فيها ملائكته، كما أخبر به القرآن؛ ولهذا صار الناس يجمعون بينهما فى القول، وإن تباعد ما بين الغزوتين مكانًا وزمانًا؛ فإن بدرًا كانت فى رمضان، فى السنة الثانية من الهجرة، ما بين المدينة ومكة، شامى مكة، وغزوة حنين فى آخر شوال من السنة الثامنة‏.‏ وحنين واد قريب من الطائف، شـرقى مكـة‏.‏ ثم قسـم النبى صلى الله عليه وسلم / غنائمها بالجِعْـرَانة واعتمر من الجعرانة‏.‏ ثم حاصر الطائف فلم يقاتله أهـل الطائف زحفًا وصفـوفًا وإنما قاتلوه مـن وراء جـدار‏.‏ فآخر غزوة كان فيها القتال زحفًا واصطفافًا هى غزوة حنين‏.‏ وكانت غزوة بدر أول غزوة ظهر فيها المسلمون على صناديد الكفار، وقتل الله أشرافهم وأسر رؤوسهم، مع قلة المسلمين وضعفهم؛ فإنهم كانوا ثلاثمائة وبضع عشر، ليس معهم إلا فرسان، وكان يعتقب الاثنان والثلاثة على البعير الواحد‏.‏ وكان عدوهم بقدرهم أكثر من ثلاث مرات، فى قوة وعدة وهيئة وخيلاء‏.‏

فلما كان من العام المقبل غزا الكفار المدينة، وفيها النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏.‏ فخرج إليهم النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى نحو من ربع الكفار، وتركوا عيالهم بالمدينة، لم ينقلوهم إلى موضع آخر‏.‏ وكانت أولاً الكَرَّة للمسلمين عليهم، ثم صارت للكفار‏.‏ فانهزم عامة عسكر المسلمين إلا نفرًا قليلاً حول النبى صلى الله عليه وسلم منهم من قتل، ومنهم من جرح‏.‏ وحرصوا على قتل النبى صلى الله عليه وسلم حتى كسروا رباعيته، وشجوا جبينه، وهشموا البيضة على رأسه‏.‏ وأنزل الله فيها شطرًا من سورة آل عمران، من قوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 121‏]‏، وقال فيها‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 155‏]‏، وقال فيها‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 152‏]‏، وقال فيها‏:‏ ‏{‏أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 165‏]‏‏.‏

وكان الشيطان قد نعق فى الناس‏:‏ أن محمدًا قد قتل، فمنهم من تزلزل لذلك فهرب‏.‏ ومنهم من ثبت فقاتل، فقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 144‏]‏‏.‏

وكان هذا مثل حال المسلمين لما انكسروا فى العام الماضى‏.‏ وكانت هزيمة المسلمين فى العام الماضى بذنوب ظاهرة، وخطايا واضحة، من فساد النيات، والفخر والخيلاء، والظلم، والفواحش، والإعراض عن حكم الكتاب والسنة، وعن المحافظة على فرائض الله، والبغى على كثير من المسلمين الذين بأرض الجزيرة والروم، وكان عدوهم فى أول الأمر راضيًا منهم بالموادعة والمسالمة، شارعًا فى الدخول فى الإسلام‏.‏/وكان مبتدئًا فى الإيمان والأمان، وكانوا قد أعرضوا عن كثير من أحكام الإيمان‏.‏

فكان من حكمة الله ورحمته بالمؤمنين أن ابتلاهم بما ابتلاهم به ليمحص الله الذين آمنوا، وينيبوا إلى ربهم، وليظهر من عدوهم ما ظهر منه من البغى والمكر، والنكث، والخروج عن شرائع الإسلام، فيقوم بهم ما يستوجبون به النصر، وبعدوهم ما يستوجب به الانتقام‏.‏

فقد كان فى نفوس كثير من مقاتلة المسلمين ورعيتهم من الشر الكبير ما لو يقترن به ظفر بعدوهم ـ الذى هو على الحال المذكورة ـ لأوجب لهم ذلك من فساد الدين والدنيا ما لا يوصف‏.‏ كما أن نصر الله للمسلمين يوم بدر كان رحمة ونعمة‏.‏ وهزيمتهم يوم أحد كان نعمة ورحمة على المؤمنين؛ فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يقضى الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر الله كان خيرًا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرًا له‏)‏‏.‏

فلما كانت حادثة المسلمين عام أول شبيهة بأحد، وكان بعد أحد بأكثر من سنة ـ وقيل‏:‏ بسنتين ـ قد ابتلى المسلمون عام الخندق، كذلك فى هذا العام ابتلى المؤمنون بعدوهم، كنحو ما ابتلى المسلمون مع /النبى صلى الله عليه وسلم عام الخندق،وهى غزوة الأحزاب التى أنزل الله فيها ‏[‏سورة الأحزاب‏]‏ وهى سورة تضمنت ذكر هذه الغزاة، التى نصر الله فيها عبده صلى الله عليه وسلم، وأعز فيها جنده المؤمنين، وهزم الأحزاب ـ الذين تحزبوا عليه ـ وحده بغير قتال، بل بثبات المؤمنين بإزاء عدوهم‏.‏ ذكر فيها خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحقوقه، وحرمته، وحرمة أهل بيته، لما كان هو القلب الذى نصره الله فيها بغير قتال‏.‏ كما كان ذلك فى غزوتنا هذه سواء‏.‏ وظهر فيها سر تأييد الدين،كما ظهر فى غزوة الخندق‏.‏ وانقسم الناس فيها كانقسامهم عام الخندق‏.‏

وذلك أن الله ـ تعالى ـ منذ بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم وأعزه بالهجرة والنصرة صار الناس ثلاثة أقسام‏:‏
قسمًا مؤمنين‏:‏ وهم الذين آمنوا به ظاهرًا وباطنًا‏.‏
وقسمًا كفارا‏:‏ وهم الذين أظهروا الكفر به‏.‏
وقسمًا منافقين‏:‏ وهم الذين آمنوا ظاهرًا، لا باطنًا‏.‏

ولهذا افتتح ‏[‏سورة البقرة‏]‏ بأربع آيات فى صفة المؤمنين، وآيتين فى صفة الكافرين‏.‏ وثلاث عشرة آية فى صفة المنافقين‏.‏
وكل واحد من الإيمان والكفر والنفاق له دعائم وشعب، كما /دلت عليه دلائل الكتاب والسنة، وكما فسره أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فى الحديث المأثور عنه فى الإيمان ودعائه وشعبه‏.‏

فمن النفاق ما هو أكبر، يكون صاحبه فى الدرك الأسفل من النار، كنفاق عبد الله بن أبىّ وغيره؛ بأن يظهر تكذيب الرسول أو جحود بعض ما جاء به، أو بغضه، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه، أو المسرة بانخفاض دينه، أو المساءة بظهور دينه، ونحو ذلك، مما لا يكون صاحبه إلا عدوًا لله ورسوله‏.‏ وهذا القدر كان موجودًا فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زال بعده، بل هو بعده أكثر منه على عهده؛ لكون موجبات الإيمان على عهده أقوى‏.‏ فإذا كانت مع قوتها وكان النفاق معها موجودًا فوجوده فيما دون ذلك أولى‏.‏

وكما أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم بعض المنافقين، ولا يعلم بعضهم، كما بينه قوله‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ‏}‏‏[‏التوبة‏:‏ 101‏]‏، كذلك خلفاؤه بعده وورثته، قد يعلمون بعض المنافقين، ولا يعلمون بعضهم‏.‏ وفى المنتسبين إلى الإسلام من عامة الطوائف منافقون كثيرون، فى الخاصة والعامة‏.‏ ويسمون ‏[‏الزنادقة‏]‏‏.‏

وقد اختلف العلماء فى قبول توبتهم فى الظاهر، لكون ذلك لا / يعلم؛ إذ هم دائمًا يظهـرون الإسـلام‏.‏ وهـؤلاء يكثرون فى المتفلسفة من المنجمين، ونحوهم، ثم فى الأطباء، ثم فى الكتاب أقل مـن ذلك‏.‏ ويوجـدون فى المتصوفة والمتفقهة، وفى المقاتلة والأمراء، وفى العامة أيضًا‏.‏ ولكن يوجـدون كثيرًا فى نحل أهـل البدع، لاسيما الرافضة، ففيهم من الزنادقة والمنافقين ما ليس فى أحد من أهل النحل؛ ولهذا كانت الخُرَّمِيَّة، والباطنية، والقرامطة، والإسماعيلية، والنُّصَيْريَّة، ونحوهم من المنافقية الزنادقة، منتسبة إلى الرافضة‏.‏

وهؤلاء المنافقون فى هذه الأوقات لكثير منهم ميل إلى دولة هؤلاء التتار؛ لكونهم لا يلزمونهم شريعة الإسلام، بل يتركونهم وما هم عليه‏.‏ وبعضهم إنما ينفرون عن التتار لفساد سيرتهم فى الدنيا، واستيلائهم على الأموال، واجترائهم على الدماء، والسبى، لا لأجل الدين‏.‏
فهذا ضرب النفاق الأكبر‏.‏

يتبع ...
للمزيد من مواضيعي

 








توقيع جادي
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون




رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 05.12.2010, 20:13
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


وأما النفاق الأصغر، فهو النفاق فى الأعمال ونحوها؛ مثل أن يكذب إذا حدث، ويخلف إذا وعد، ويخون إذا ائتمن، أو يفجر إذا خاصم‏.‏ ففى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏آية المنافق ثلاث‏:‏ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان‏)‏، وفى رواية صحيحة‏:‏ ‏(‏وإن صلى، وصام،وزعم أنه مسلم‏)‏، وفى الصحيحين /عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها‏:‏ إذا حدث كذب‏.‏ وإذا وعد أخلف‏.‏ وإذا عاهد غدر‏.‏ وإذا خاصم فجر‏)‏‏.‏

ومـن هـذا الباب‏:‏ الإعراض عـن الجهاد، فإنه من خصال المنافقين‏.‏ قـال النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق‏)‏‏.‏ رواه مسلم‏.‏ وقـد أنزل الله ‏[‏سـورة براءة‏]‏ التى تسمى الفاضـحة؛ لأنها فضحت المنافقين‏.‏ أخرجاه فى الصحيحين عن ابن عباس، قال‏:‏ هى الفاضحة، ما زالت تنزل‏:‏ ‏(‏ومنهم‏)‏، ‏(‏ومنهم‏)‏ حتى ظنوا ألا يبقى أحد إلا ذكر فيها‏.‏ وعن المقداد بن الأسود قال‏:‏ هى ‏[‏سورة البحوث‏]‏؛ لأنها بحثت عن سرائر المنافقين‏.‏ وعن قتادة قال‏:‏ هى المثيرة؛ لأنها أثارت مخازى المنافقين‏.‏

وعن ابن عباس قال‏:‏ هى المبعثرة‏.‏ والبعثرة والإثارة متقاربان‏.‏

وعن ابن عمر‏:‏ أنها المقشقشة؛ لأنها تبرئ من مرض النفاق‏.‏ يقال‏:‏ تقشقش المريض إذا برأ‏.‏ وقال الأصمعى‏:‏وكان يقال لسورتى الإخلاص‏:‏ المقشقشتان؛ لأنهما يبرئان من النفاق‏.‏

/وهذه السورة نزلت فى آخر مغازى النبى صلى الله عليه وسلم ـ غروة تبوك ـ عام تسع من الهجرة، وقد عز الإسلام، وظهر‏.‏ فكشف اللّه فيها أحوال المنافقين، ووصفهم فيها بالجبن، وترك الجهاد‏.‏ ووصفهم بالبخل عن النفقـة فى سبيل اللّه، والشح على المال‏.‏ وهذان داءان عظيمان‏:‏ الجبن والبخل‏.‏ قال النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏شر ما فى المرء شح هالع، وجبن خالع‏)‏‏.‏ حديث صحيح؛ ولهذا قد يكونان من الكبائر الموجبة للنار، كما دل عليه قوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 180‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 16‏]‏‏.‏

وأما وصفهم بالجبن والفزع، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 56، 57‏]‏‏.‏ فأخبر ـ سبحانه ـ أنهم وإن حلفوا أنهم من المؤمنين فما هم منهم؛ ولكن يفزعون من العدو‏.‏ فـ ‏{‏لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً‏}‏ يلجؤون إليه من المعاقل والحصون التى يفر إليها من يترك الجهاد، أو ‏{‏مَغَارَاتٍ‏}‏ وهى جمع مغارة‏.‏ ومغارات سميت بذلك؛ لأن الداخل يغور فيها، أى‏:‏ يستتر كما يغور الماء‏.‏ ‏{‏أّوً مٍدَّخّلاْ‏}‏ /وهو الذى يتكلف الدخول إليه، إما لضيق بابه، أو لغير ذلك، أى‏:‏ مكانا يدخلون إليه‏.‏ ولو كان الدخول بكلفة ومشقة‏.‏ ‏{‏لَّوَلَّوْاْ‏}‏ عن الجهاد ‏{‏إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ‏}‏ أى‏:‏ يسرعون إسراعا لا يردهم شىء، كالفرس الجموح الذى إذا حمل لا يرده اللجام‏.‏ وهذا وصف منطبق على أقوام كثيرين فى حادثتنا، وفيما قبلها من الحوادث، وبعدها‏.‏

وكذلك قال فى ‏[‏سورة محمد‏]‏ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ‏}‏ أى‏:‏ فبعدا لهم ‏{‏طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 20، 21‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 15‏]‏، فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏44، 45‏]‏‏.‏ فهذا إخبار من اللّه بأن المؤمن لا يستأذن الرسول فى ترك الجهاد، وإنما يستأذنه الذى لا يؤمن، فكيف بالتارك من غير استئذان ‏؟‏‏!‏

ومن تدبر القرآن وجد نظائر هذا متظافرة على هذا المعنى‏.

/وقال فى وصفهم بالشح‏:‏‏{‏وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 54‏]‏‏.‏ فهذه حال من أنفق كارها، فكيف بمن ترك النفقة رأساً‏؟‏‏!‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 58‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 75، 76‏]‏‏.‏

وقال فى السورة‏:‏‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 34، 35‏]‏، فانتظمت هذه الآية حال من أخذ المال بغير حقه، أو منعه من مستحقه من جميع الناس؛ فإن الأحبار هم العلماء، والرهبان هم العباد‏.‏ وقد أخبر أن كثيرا منهم يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون ـ أى‏:‏ يعرضون ويمنعون‏.‏ يقال‏:‏ صد عن الحق صدودا، وصد غيره صدا ‏.‏

وهذا يندرج فيه ما يؤكل بالباطل‏:‏ من وقف، أو عَطِيَّة على/ الدين، كالصلاة، والنذور التى تنذر لأهل الدين، ومن الأموال المشتركة، كأموال بيت المال، ونحو ذلك‏.‏ فهذا فيمن يأكل المال بالباطل بشبهة دين‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ‏}‏، فهذا يندرج فيه من كنز المال عن النفقة الواجبة فى سبيل اللّه‏.‏ والجهاد أحق الأعمال باسم سبيل اللّه، سواء كان ملكاً أو مقدماً، أو غنياً، أو غير ذلك‏.‏ وإذا دخل فى هذا ما كنز من المال الموروث والمكسوب، فما كنز من الأموال المشتركة التى يستحقها عموم الأمة ـ ومستحقها‏:‏ مصالحهم ـ أولى وأحرى‏.‏
فإذًا تبين بعض معنى المؤمن والمنافق‏.‏ فإذا قرأ الإنسان ‏[‏سورة الأحزاب‏]‏ وعرف من المنقولات فى الحديث، والتفسير، والفقه، والمغازى، كيف كانت صفة الواقعة التى نزل بها القرآن، ثم اعتبر هذه الحادثة بتلك، وجد مصداق ما ذكرنا‏.‏ وأن الناس انقسموا فى هذه الحادثة إلى الأقسام الثلاثة‏.‏ كما انقسموا فى تلك‏.‏ وتبين له كثير من المتشابهات‏.‏

يتبع ...





المزيد من مواضيعي
رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 05.12.2010, 20:16
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


الشـروع في تفسير سـورة الاحـزاب




افتتح الله السورة بقوله‏:‏‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 1‏]‏، وذكر فى أثنائها قوله‏:‏ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏47، 48‏]‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 2، 3‏]‏‏.‏ فأمره باتباع ما أوحى إليه من الكتاب والحكمة ـ التى هى سنته ـ وبأن يتوكل على الله‏.‏ فبالأولى يحقق قوله‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ‏}‏، وبالثانية يحقق قوله‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏‏.‏ ومثل ذلك قوله‏:‏ ‏{‏فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 123‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 10‏]‏‏.‏

وهذا وإن كان مأمورا به فى جميع الدين، فإن ذلك فى الجهاد أوكد؛ لأنه يحتاج إلى أن يجاهد الكفار والمنافقين، وذلك لا يتم إلا بتأييد قوى من الله؛ ولهذا كان الجهاد سنام العمل، وانتظم سنام جميع الأحوال الشريفة‏.‏ ففيه سنام المحبة، كما فى قوله‏:‏ ‏{‏فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 54‏]‏‏.‏ وفيه سنام التوكل، وسنام الصبر، فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل؛ولهذا قال تعالى‏:‏‏{‏وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 41، 42‏]‏، ‏{‏قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 128‏]‏‏.‏

ولهذا كان الصبر واليقين ـ اللذان هما أصل التوكل ـ يوجبان الإمامة فى الـدين، كمـا دل عليه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ‏}‏ ‏[‏السجدة‏:‏ 24‏]‏‏.‏

ولهذا كان الجهاد موجبًا للهداية التى هى محيطة بأبواب العلم، كما دل عليه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 69‏]‏‏.‏ فجعل لمن جاهد فيه هداية جميع سبله تعالى؛ ولهذا قال الإمامان عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما‏:‏ إذا اختلف الناس فى شىء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر، فإن الحق معهم؛ لأن الله يقول‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا‏}‏

وفى الجهاد أيضا‏:‏حقيقة الزهد فى الحياة الدنيا، وفى الدار الدنيا‏.‏

وفيه أيضا‏:‏ حقيقة الإخلاص؛ فإن الكلام فيمن جاهد فى سبيل الله، لا فى سبيل الرياسة، ولا فى سبيل المال، ولا فى سبيل الحمية، وهذا لا يكون إلا لمن قاتل ليكون الدين كله لله، ولتكون كلمة الله هى العليا‏.‏

وأعظم مراتب الإخلاص تسليم النفس والمال للمعبود، كما قال /تعالى‏:‏‏{‏إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 111‏]‏‏.‏ و‏{‏الجَنَّةَ‏}‏ اسم للدار التى حوت كل نعيم‏.‏ أعلاه النظر إلى الله، إلى ما دون ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، مما قد نعرفه وقد لا نعرفه، كما قال الله ـ تعالى ـ فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر‏)‏‏.‏

فقد تبين بعض أسباب افتتاح هذه السورة بهذا‏.‏

ثم إنه ـ تعالى ـ قال‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 9‏]‏‏.‏

وكان مختصر القصة‏:‏ أن المسلمين تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم، وجاؤوا بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوا المؤمنين، فاجتمعت قريش وحلفاؤها من بنى أسد، وأشجع، وفزارة، وغيرهم من قبائل نجد‏.‏ واجتمعت ـ أيضا ـ اليهود، من قريظة، والنضير‏.‏ فإن بنى النضير كان النبى صلى الله عليه وسلم قد أجلاهم قبل ذلك، كما ذكره الله ـ تعالى ـ فى ‏[‏سورة الحشر‏]‏‏.‏ فجاؤوا فى الأحزاب إلى قريظة وهم معاهدون للنبى صلى الله عليه وسلم، ومجاورون له، قريبًا من /المدينة، فلم يزالوا بهم حتى نقضت قريظة العهد، ودخلوا فى الأحزاب‏.‏ فاجتمعت هذه الأحزاب العظيمة، وهم بقدر المسلمين مرات متعددة‏.‏ فرفع النبى صلى الله عليه وسلم الذرية من النساء والصبيان فى آطام المدينة، وهى مثل الجواسق، ولم ينقلهم إلى مواضع أخر‏.‏ وجعل ظهرهم إلى سلع ـ وهو الجبل القريب من المدينة من ناحية الغرب والشام ـ وجعل بينه وبين العدو خندقا‏.‏ والعدو قد أحاط بهم من العالية والسافلة‏.‏ وكان عدوا شديد العداوة، لو تمكن من المؤمنين لكانت نكايته فيهم أعظم النكايات‏.‏

وفى هذه الحادثة - يعني غـزو التتار- تحزب هذا العدو من مغل وغيرهم من أنواع الترك، ومن فرس ومستعربة، ونحوهم من أجناس المرتدة، ومن نصارى الأرمن وغيرهم‏.‏ ونزل هذا العدو بجانب ديار المسلمين، وهو بين الإقدام والإحجام، مع قلة من بإزائهم من المسلمين‏.‏ ومقصودهم الاستيلاء على الدار، واصطلام أهلها‏.‏ كما نزل أولئك بنواحى المدينة بإزاء المسلمين‏.‏

ودام الحصار على المسلمين عام الخندق ـ على ما قيل‏:‏ بضعا وعشرين ليلة‏.‏ وقيل‏:‏ عشرين ليلة‏.‏

وهذا العدو عبر الفرات سابع عشر ربيع الآخر، وكان أول /انصرافه راجعا عن حلب لما رجع مقدمهم الكبير قازان بمن معه؛ يوم الاثنين حادى أو ثانى عشر جمادى الأولى، يوم دخل العسكر ـ عسكر المسلمين ـ إلى مصر المحروسة‏.‏ واجتمع بهم الداعى، وخاطبهم فى هذه القضية‏.‏ وكان الله ـ سبحانه وتعالى ـ لما ألقى فى قلوب المؤمنين ما ألقى من الاهتمام والعزم‏:‏ ألقى الله فى قلوب عدوهم الروع والانصراف‏.‏

وكان عام الخندق برد شديد، وريح شديدة منكرة، بها صرف الله الأحزاب عن المدينة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 9‏]‏‏.‏

وهكذا هذا العام- يعني عام حاصر التتار- أكثر الله فيه الثلج والمطر والبرد ـ على خلاف أكثر العادات ـ حتى كره أكثر الناس ذلك‏.‏ وكنا نقول لهم‏:‏ لا تكرهوا ذلك؛ فإن لله فيه حكمة ورحمة‏.‏ وكان ذلك من أعظم الأسباب التى صرف الله به العدو؛ فإنه كثر عليهم الثلج والمطر والبرد، حتى هلك من خيلهم ما شاء الله‏.‏ وهلك ـ أيضًا ـ منهم من شاء الله‏.‏ وظهر فيهم وفى بقية خيلهم من الضعف والعجز بسبب البرد والجوع ما رأوا أنهم لا طاقة لهم معه بقتال، حتى بلغنى عن بعض كبار المقدمين فى أرض الشام أنه قال‏:‏ لا بيض الله وجوهنا، أعدونا فى الثلج إلى شعره، ونحن قعود لا نأخذهم‏؟‏ وحتى علموا أنهم كانوا صيدًا للمسلمين، لو يصطادونهم، لكن فى تأخير الله اصطيادهم حكمة عظيمة‏.‏

/وقال الله فى شأن الأحزاب‏:‏‏{‏إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 10، 11‏]‏‏.‏

وهكذا هذا العام‏.‏ جاء العدو من ناحيتى علو الشام ـ وهو شمال الفرات ـ وهو قبلى الفرات ـ فزاغت الأبصار زيغًا عظيمًا، وبلغت القلوب الحناجر؛ لعظم البلاء، لا سيما لما استفاض الخبر بانصراف العسكر إلى مصر، وتقرب العدو، وتوجهه إلى دمشق‏.‏ وظن الناس بالله الظنونا‏.‏ هذا يظن أنه لا يقف قدامهم أحد من جند الشام، حتى يصطلموا أهل الشام‏.‏ وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرة، وأحاطوا بهم إحاطة الهالة بالقمر‏.‏ وهذا يظن أن أرض الشام ما بقيت تسكن، ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام‏.‏ وهذا يظن أنهم يأخذونها، ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها، فلا يقف قدامهم أحد، فيحدث نفسه بالفرار إلى اليمن، ونحوها‏.‏ وهذا ـ إذا أحسن ظنه ـ قال‏:‏ إنهم يملكونها العام، كما ملكوها عام هولاكو، سنة سبع وخمسين‏.‏ ثم قد يخرج العسكر من مصر فيستنقذها منهم، كما خرج ذلك العام‏.‏ وهذا ظن خيارهم‏.‏ وهذا يظن أن ما أخبره به أهل الآثار النبوية، وأهل التحديث والمبشـرات أمانى كاذبة، وخرافات لاغية‏.‏ وهذا قد استولى عليه الرعب والفزع، حتى يمر الظن بفؤاده مر السحاب، ليس له عقل /يتفهم، ولا لسان يتكلم‏.‏

وهذا قد تعارضت عنده الأمارات، وتقابلـت عنده الإرادات، لا سيما وهو لا يفرق من المبشرات بين الصادق والكاذب‏.‏ ولا يميز فى التحديث بين المخطئ والصائب‏.‏ ولا يعرف النصوص الأثرية معرفة العلماء، بل إما أن يكون جاهلاً بها وقد سمعها سماع العبر، ثم قد لا يتفطن لوجوه دلالتها الخفية، ولا يهتدى لدفع ما يتخيل أنه معارض لها فى بادئ الروية‏.‏

فلذلك استولت الحيرة على من كان متسمًا بالاهتداء، وتراجمت به الآراء تراجم الصبيان بالحصباء، ‏{‏هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 11‏]‏‏.‏ ابتلاهم الله بهذا الابتلاء، الذى يكفر به خطيآتهم، ويرفع به درجاتهم، وزلزلوا بما يحصل لهم من الرجفات، ما استوجبوا به أعلى الدرجات‏.‏ قال الله تعالى‏:‏‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 12‏]‏‏.‏ وهكذا قالوا فى هذه الفتنة فيما وعدهم أهل الوراثة النبوية، والخلافة الرسالية، وحزب الله المحدثون عنه‏.‏ حتى حصل لهؤلاء التأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏21‏]‏‏.‏

فأما المنافقون فقد مضى التنبيه عليهم‏.‏

/وأما الذين فى قلوبهم مرض، فقد تكرر ذكرهم فى هذه السورة، فذكروا هنا، وفى قوله‏:‏ ‏{‏لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 60‏]‏، وفى قوله‏:‏ ‏{‏فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وذكر الله مرض القلب فى مواضع، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 49‏]‏‏.‏

والمرض فى القلب كالمرض فى الجسد، فكما أن هذا هو إحالة عن الصحة والاعتدال من غير موت، فكذلك قد يكون فى القلب مرض يحيله عن الصحة والاعتدال، من غير أن يموت القلب، سواء أفسد إحساس القلب وإدراكه، أو أفسد عمله وحركته‏.‏

وذلك ـ كما فسروه ـ هو من ضعف الإيمان، إما بضعف علم القلب واعتقاده، وإما بضعف عمله وحركته‏.‏ فيدخل فيه من ضعف تصديقه، ومن غلب عليه الجبن والفزع؛ فإن أدواء القلب من الشهوة المحرمة والحسد والجبن والبخل وغير ذلك، كلها أمراض‏.‏ وكذلك الجهل والشكوك والشبهات التى فيه‏.‏

وعلى هذا فقوله‏:‏ ‏{‏فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 32‏]‏ هو إرادة الفجور، وشهوة الزنا، كما فسروه به‏.‏ ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏/‏(‏وأى داء أدوأ من البخل‏؟‏‏!‏‏)‏‏.‏

وقد جعل الله ـ تعالى ـ كتابه شفاء لما فى الصدور، وقال النبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما شفاء العِىِّ السؤال‏)‏‏.‏

وكان يقول فى دعائه‏:‏ ‏(‏اللهم إنى أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء‏)‏‏.‏

ولن يخاف الرجل غير الله إلا لمرض فى قلبه، كما ذكروا أن رجلاً شكا إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة، فقال‏:‏ لو صححت لم تخف أحدًا‏.‏ أى‏:‏ خوفك من أجل زوال الصحة من قلبك؛ ولهذا أوجب الله على عباده ألا يخافوا حزب الشيطان، بل لا يخافون غيره ـ تعالى ـ فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 175‏]‏ أى‏:‏ يخوفكم أولياءه‏.‏ وقال لعموم بنى إسرائيل تنبيهًا لنا‏:‏ ‏{‏وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 40‏]‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 44‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ‏[‏البقرة‏:‏ 150‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 3‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 18‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 39‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 13‏]‏‏.‏

فدلت هذه الآية ـ وهى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 12‏]‏ ـ على أن المرض والنفاق فى القلب يوجب الريب فى الأنباء الصادقة التى توجب أمن الإنسان من الخوف،حتى يظنوا أنها كانت غرورًا لهم، كما وقع فى حادثتنا هذه سواء‏.‏

ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 13‏]‏، وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد عسكر بالمسلمين عند سَلْع، وجعل الخندق بينه وبين العدو‏.‏ فقالت طائفة منهم‏:‏ لا مقام لكم هنا؛ لكثرة العدو، فارجعوا إلى المدينة‏.‏ وقيل‏:‏ لا مقام لكم على دين محمد، فارجعوا إلى دين الشرك‏.‏ وقيل‏:‏ لا مقام لكم على القتال، فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم‏.‏

وهكذا لما قدم هذا العدو كان من المنافقين من قال‏:‏ ما بقيت الدولة الإسلامية تقوم، فينبغى الدخول فى دولة التتار‏.‏ وقال بعض الخاصة‏:‏ ما بقيت أرض الشام تسكن، بل ننتقل عنها، إما إلى الحجاز واليمن، وإما إلى مصر‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء، كما قد /استسلم لهم أهل العراق، والدخول تحت حكمهم‏.‏

فهذه المقالات الثلاث قد قيلت فى هذه النازلة‏.‏ كما قيلت فى تلك‏.‏ وهكذا قال طائفة من المنافقين، والذين فى قلوبهم مرض، لأهل دمشق خاصة والشام عامة‏:‏ لا مقام لكم بهذه الأرض‏.‏

ونفى المقام بها أبلغ من نفى المقام‏.‏ وإن كانت قد قرئت بالضم أيضًا‏.‏ فإن من لم يقدر أن يقوم بالمكان، فكيف يقيم به‏؟‏‏!‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 13‏]‏‏.‏

وكان قوم من هؤلاء المذمومين يقولون ـ والناس مع النبى صلى الله عليه وسلم عند سَلْع داخل الخندق، والنساء والصبيان فى آطام المدينة‏:‏ يا رسول الله، إن بيوتنا عورة، أى‏:‏ مكشوفة ليس بينها وبين العدو حائل ـ وأصل العورة‏:‏ الخالى الذى يحتاج إلى حفظ وستر‏.‏ يقال‏:‏ اعور مجلسك إذا ذهب ستره، أو سقط جداره‏.‏ ومنه عورة العدو‏.‏ وقال مجاهد والحسن‏:‏ أى ضائعة تخشى عليها السراق‏.‏ وقال قتادة‏:‏ قالوا‏:‏ بيوتنا مما يلى العدو، فلا نأمن على أهلنا، فائذن لنا أن /نذهب إليها؛لحفظ النساء والصبيان‏.‏ قال الله تعالى‏:‏‏{‏وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ‏}‏؛ لأن الله يحفظها ‏{‏إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا‏}‏ فهم يقصدون الفرار من الجهاد، ويحتجون بحجة العائلة‏.‏

وهكذا أصاب كثيرًا من الناس فى هذه الغزاة‏.‏ صاروا يفرون من الثغر إلى المعاقل والحصون، وإلى الأماكن البعيدة، كمصر، ويقولون‏:‏ ما مقصودنا إلا حفظ العيال، وما يمكن إرسالهم مع غيرنا، وهم يكذبون فى ذلك، فقد كان يمكنهم جعلهم فى حصن دمشق، لو دنا العدو، كما فعل المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقـد كان يمكنهم إرسالهم والمقام للجهاد، فكيف بمن فر بعد إرسال عياله‏؟‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 14‏]‏، فأخبر أنه لو دخلت عليهم المدينة من جوانبها ثم طلبت منهم الفتنة ـ وهى الافتتان عن الدين بالكفر، أو النفاق لأعطوا الفتنة، ولجاؤوها من غير توقف‏.‏

وهذه حال أقوام لو دخل عليهم هذا العدو المنافق المجرم‏.‏ ثم طلب منهم موافقته على ما هو عليه من الخروج عن شريعة الإسلام ـ وتلك فتنة عظيمة ـ لكانوا معه على ذلك‏.‏ كما ساعدهم فى العام الماضى أقوام بأنواع من الفتنـة فى الدين والدنيـا، ما بين ترك واجبات، وفعل محرمات، إما فى حق الله، وإما فى حق العباد‏.‏ كترك الصلاة، وشرب /الخمور، وسب السلف، وسب جنود المسلمين، والتجسس لهم على المسلمين، ودلالتهم على أموال المسلمين، وحريمهم‏.‏ وأخذ أموال الناس، وتعذيبهم، وتقوية دولتهم الملعونة، وإرجاف قلوب المسلمين منهم، إلى غير ذلك من أنواع الفتنة‏.‏

ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 15‏]‏، وهذه حال أقوام عاهدوا ثم نكثوا ـ قديمًا وحديثًا ـ فى هذه الغزوة‏.‏ فإن فى العام الماضى، وفى هذا العام ـ فى أول الأمر ـ كان من أصناف الناس من عاهد على أن يقاتل ولا يفر، ثم فر منهزمًا، لما اشتد الأمر‏.







رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
لبلاد, أباء, الله, المسلمين, الاسلام, التتري, الغزو, تيمية, رحمه, رسالة, علوم


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
كيف نكون دعاه الى الله في بلاد غير المسلمين abod_2008_2 قسم الدعوة والدورات والمشاريع الدعوية 9 15.08.2013 02:30
أسس وضوابط في علاقة المسلمين بغير المسلمين نور عمر دعم المسلمين الجدد 4 26.12.2011 01:30
هل ساعد الأقباط المسلمين في فتح مصر ؟؟من كتابات غير المسلمين أسد هادئ رد الشبـهـات الـعـامـــة 23 10.08.2011 14:48
قدم العالم وتسلسل الحوادث بين شيخ الإسلام ابن تيمية والفلاسفة موحد لله كتب إسلامية 8 22.09.2010 07:00
رسالة تبحث في مسائل الحجاب والسفور سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله نور اليقين العقيدة و الفقه 1 23.02.2010 22:49



لوّن صفحتك :