آخر 20 مشاركات
The Heritage Of Abraham PBUH (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تلاوة عشائية ساحرة بصوت خالد الرياعي (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          حقوق الأجراء و الخدم في الإسلام (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الفيلم الوثائقي : كسوة الكعبة المشرفة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مكّة المكرّمة : أورشليم - مدينة السلام الموعودة ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          مسيحية تمزق على الهواء كتابها المقدس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          من الذبيح ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القطف الجني لتلاوات الشيخ عبدالله الجهني : شهر شوال 1445هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          نص خروج 33 : 11 يسقط الهولي بايبل في التناقض (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لمحات مكية : كثرة أسماء الكعبة المشرّفة (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لمحات مكية : ماء زمزم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          حنين الجذع للنبي حقيقة أم خرافة ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          فإلهكم إلهٌ واحد (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          هل يشمل العهد الإبراهيمي إسماعيل و نسله ؟؟؟ (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          ملة أبيكم إبراهيم (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          الإعجاز الغيبي في الإخبار عن حشّاشي الهرمنيوطيقا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          نصوص محذوفة من إنجيل مرقس (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          وفد الله (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          وأذن في الناس بالحج (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          AL-MARIZ : Islam 's last refuge (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :31  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:42
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي







الشاعر الشهيد




عبد الله بن رواحة

إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد.
وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي الثلاثة،
وكان بين يدي النبي في عمرة القضاء يقول:

خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله

فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول هذا الشعر؟
فقال له النبي : (خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل) [أبو يعلي].
وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي ، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟!
فقال له النبي : (رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].
وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبتيه،
فبلغ ذلك النبي ، فقال له: (زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله) [البيهقي].
وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا،
ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟



وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي وابن رواحة.
ولما نزل قول الله تعالى:
{والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [224-226]
أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين،
وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول الثلاثة،

فنزل قول الله تعالى:
{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا} [_الشعراء: 227].
ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وذات يوم أنشد عبد الله من شعره بين يدي النبي ، وقال:

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخَيْــــرَ أَعْرِفُـــهُ

وَاللهُ يَعْرِفُ أنْ ما خَانَنِي الخَبَــــــرُ

أَنْتَ النبي وَمَنْ يُحْــرَمْ شَفَاعَتُـــــهُ

يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِـهِ القَــــدَرُ

فَثَّبَتَ اللهُ مَا آتَـــاكَ مـِنْ حـُسْـــنٍ

تَثَبِيتَ مَــــوسَى وَنَصْرًا كَالذي نَصَروا


فدعا له الرسول (: (وإياك فثبَّتَكَ الله) [ابن سعد].

وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.

وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج،
فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).



وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش،
وقال لهم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].
فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس،
فقالوا: نكتب إلى النبي ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر،
فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.
فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه

فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ

يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت

إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ

ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.









توقيع كلمة سواء


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :32  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:43
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي






محامي الفقراء




أبو ذر الغفاري

إنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة -رضي الله عنه-، ولد في قبيلة غفار، وكان من السابقين إلى الإسلام، وكان أبو ذر قد أقبل على مكة متنكرًا، وذهب إلى الرسول وأعلن إسلامه، وكان الرسول يدعو إلى الإسلام في ذلك الوقت سرًّا،
فقال أبو ذر للنبي : (بم تأمرني؟
فقال له الرسول : (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)،
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لأصرخنَّ بها (أي الشهادة) بين ظهرانيهم،
فخرج حتى أتى المسجد ونادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
فقام إليه المشركون فضربوه ضربًا شديدًا، وأتى العباس بن عبد المطلب عم النبي فأكب عليه،
وقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأنه طريق تجارتكم إلى الشام؟ فثابوا إلى رشدهم وتركوه، ثم عاد أبو ذر في الغد لمثلها فضربوه حتى أفقدوه وعيه، فأكب عليه العباس فأنقذه
._[متفق عليه].



ورجع أبو ذر إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام، فأسلم على يديه نصف قبيلة غفار ونصف قبيلة أسلم، وعندما هاجر النبي إلى المدينة، أقبل عليه أبو ذر مع قبيلته غفار وجارتها قبيلة أسلم، ففرح النبي
وقال: (غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله) [مسلم].
وخصَّ النبي أبا ذر بتحية مباركة فقال:
(ما أظلت الخضراء (السماء)، ولا أقلت الغبراء (الأرض) من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر) [الترمذي وابن ماجه].
وكان أبو ذر من أشد الناس تواضعًا، فكان يلبس ثوبًا كثوب خادمه، ويأكل مما يطعمه، فقيل له: يا أبا ذر، لو أخذت ثوبك والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوبًا واحدًا لك، وكسوت عبدك ثوبًا آخر أقل منه جودة وقيمة، ما لامك أحد على ذلك، فأنت سيده، وهو عبد عندك،
فقال أبو ذر: إني كنت ساببت (شتمت) بلالاً، وعيرته بأمه؛ فقلت له: يا ابن السوداء، فشكاني إلى رسول الله ، فقال لي النبي : (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية)، فوضعت رأسي على الأرض، وقلت لبلال: ضع قدمك على رقبتي حتى يغفر الله لي،
فقال لي بلال: إني سامحتك غفر الله لك،
وقال صلي الله عليه وسلم : (إخوانكم خولكم (عبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) [البخاري].



وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحب الله ورسوله حبًّا كبيرًا،
فقد روى أنه قال للنبي : يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم،
فقال له النبي : (أنت مع مَنْ أحببت يا أبا ذر)
فقال أبو ذر: فإني أحب الله ورسوله، فقال له النبي : (أنت مع مَن أحببت) [أحمد]،
وكان ( يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب.
وقد أحب أبو ذر العلم والتعلم والتبحر في الدين وعلومه، وقال عنه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: وعى أبو ذر علمًا عجز الناس عنه، ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئًا منه. وكان يقول: لباب يتعلمه الرجل (من العلم) خير له من ألف ركعة تطوعًا.
وكان -رضي الله عنه- زاهدًا في الدنيا غير متعلق بها لا يأخذ منها إلا كما يأخذ المسافر من الزاد،
فقال عنه النبي : (أبو ذر يمشى في الأرض بزهد عيسى بن مريم عليه السلام) [الترمذي].
وكان أبو ذر يقول: قوتي (طعامي) على عهد رسول الله ( صاع من تمر، فلست بزائد عليه حتى ألقى الله تعالى.
ويقول: الفقر أحب إليَّ من الغنى، والسقم أحب إليَّ من الصحة.
وقال له رجل ذات مرة: ألا تتخذ ضيعة (بستانًا) كما اتخذ فلان وفلان،
فقال: لا، وما أصنع بأن أكون أميرًا، إنما يكفيني كل يوم شربة ماء أو لبن، وفي الجمعة قفيز (اسم مكيال) من قمح.
وكان يحارب اكتناز المال ويقول: بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة.
وكان يدافع عن الفقراء، ويطلب من الأغنياء أن يعطوهم حقهم من الزكاة؛ لذلك سُمي بمحامي الفقراء،
ولما عرض عليه عثمان بن عفان أن يبقى معه ويعطيه ما يريد، قال له: لا حاجة لي في دنياكم.
وعندما ذهب أبو ذر إلى الرَّبذة وجد أميرها غلامًا أسود عيَّنه عثمان بن عفان
-رضي الله عنه-،
ولما أقيمت الصلاة، قال الغلام لأبي ذر: تقدم يا أبا ذر، وتراجع الغلام إلى الخلف، فقال أبو ذر، بل تقدم أنت، فإن رسول الله أمرني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا أسود. فتقدم الغلام وصلى أبو ذر خلفه.



وظل أبو ذر مقيمًا في الرَّبَذَة هو وزوجته وغلامه حتى مرض مرض الموت فأخذت زوجته تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟
فقالت: ومالي لا أبكي وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع وحدي القيام بجهازك، فقال أبو ذر: إذا مت، فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكما فقولا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلا ما أمر به،
فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، فقال: ما هذا؟ قيل: جنازة أبي ذر،
فبكى ابن مسعود، وقال: صدق رسول الله (: يرحم الله أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)، فصلى عليه، ودفنه بنفسه.
[ابن سعد]، وكان ذلك سنة (31هـ) وقيل: سنة (32 هـ).







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :33  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:44
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي






سيد القراء




أبي بن كعب

إنه أبي بن كعب -رضي الله عنه- أحد فقهاء الصحابة وقرَّائهم، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وبايع النبي فيها، وكان من الأنصار الذين نصروا رسول الله واستقبلوه في يثرب، وقد شهد كل الغزوات مع النبي، وأمه صهيلة بنت الأسود، عمة أبي طلحة الأنصاري، وكان يُكَنَّى بأبي الطفيل وأبي المنذر.
وسأله النبي ذات يوم: (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)
فأجاب قائلا: الله ورسوله أعلم.
فأعاد النبي سؤاله: (يا أبا المنذر أتدرى أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)
فأجاب أُبي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب النبي صدره بيده، ودعا له بخير،
وقال: ليَهْنِك العلم أبا المنذر (أي هنيئًا لك العلم). [مسلم].



وكان أبي بن كعب -رضي الله عنه- من (أوائل الذين كانوا يكتبون الوحي عن النبي ، ويكتبون الرسائل، وقد قال عنه النبي : (أقرأ أمتي أبى) [الترمذي].
وكان من أحرص الناس على حفظ القرآن الكريم، قال له رسول الله يومًا:
(يا أبي بن كعب، إن الله أمرني أن أقرأ عليك:
{لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} [البينة: 1]،
فقال أُبي في نشوة غامرة: يا رسول الله: بأبي أنت وأمى، آلله سمَّاني لك؟
فقال الرسول : (نعم)،
فجعل أبي -رضي الله عنه- يبكى من شدة الفرح. [مسلم].
وكان -رضي الله عنه- واحدًا من الستة أصحاب الفُتْيَا الذين أذن لهم رسول الله بالحكم في حوائج الناس، وفض المنازعات التي تحدث بينهم، وردِّ المظالم إلى أهلها،
وهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود،
وأبي بن كعب، وزيد بن حارثة، وأبو موسى الأشعري.
وقال فيه وفي غيره:
(أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدَّهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم (أعلمهم بالمواريث) زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) [الترمذى وابن ماجه].



وكان -رضي الله عنه- لا يخاف في الله لومة لائم، وكان من الذين لا يطلبون من الدنيا عرضًا، فليس لها نصيب في قلوبهم، فعندما اتسعت بلاد المسلمين ورأى الناس يجاملون ولاتهم في غير حق قال: هلكوا وربِّ الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما إني لا آسى (أحزن عليهم) ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين.
وكان أبي بن كعب ورعًا تقيًّا يبكي إذا ذكر الله، ويهتز كيانه حين يرتل آيات القرآن أو يسمعها، وكان إذا تلا أو سمع قوله تعالى:
{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون} [الأنعام: 65]،
يغشاه الهم والأسى.
وقد روي أن رجلا من المسلمين، قال يا رسول الله: أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا وما نلاقيها؟
قال: (كفارات)، فقال أبي ابن كعب: يا رسول الله، وإن قَلَّتْ؟ قال: (وإن شوكة فما فوقها)، فدعا أبي أن لا يفارقه الوَعْك حتى يموت، وأن لا يشغله عن حج، ولا عمرة ولا جهاد، ولا صلاة مكتوبة في جماعة، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: فما مس إنسان جسده إلا وجد حرَّه حتى مات. [أحمد وابن حبان].



وقد كان أبي -رضي الله عنه- مستجاب الدعوة، فيحكى ابن عباس أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال لجمع من الصحابة: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا. فكان ابن عباس مع أبي بن كعب في مؤخرة الناس، فهاجت سحابة، فدعا أبي قائلا: اللهم اصرف عنا أذاها. فلحق ابن عباس وأبي الناس، فوجدوا أن رحالهم ابتلت: فقال عمر: ما أصابكم؟ (أي: كيف لم تبل رحالكما؟) فقال ابن عباس: إن أبيَّا قال: اللهم اصرف عنا أذاها. فقال عمر: فهلا دعوتم لنا معكم.
وكان عمر يجل أبيَّا، ويستفتيه في القضايا، وقد أمره أن يجمع الناس فيصلي بهم في المسجد صلاة التراويح في رمضان، وقبلها كان يصلي كل إنسان وحده.
وروى أبي بن كعب -رضي الله عنه- بعض الأحاديث عن رسول الله ، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين، ومن أقواله -رضي الله عنه-: ما ترك أحد منكم لله شيئًا إلا آتاه الله ما هو خير له منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون به وأخذه من حيث لا يعلم إلا آتاه ما هو أشد عليه من حيث لا يحتسب. وقال له رجل -ذات يوم- أوصني: فقال له أُبيُّ: اتخذ كتاب الله إمامًا، وارض به قاضيًا وحكمًا، فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم. [أبو نعيم].
وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ويوم موته رأى رجل الناس في المدينة يموجون في سككهم، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقال بعضهم: ما أنت من أهل البلد؟ قال: لا. قال: فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب.








رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :34  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:44
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي





الحِب بن الحِب




أسامة بن زيد

إنه الصحابي الجليل أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، وهو ابن مسلمين كريمين من أوائل السابقين إلى الإسلام، فأبوه زيد بن حارثة، وأمه السيدة أم أيمن حاضنة رسول الله ومربيته.
كان شديد السواد، خفيف الروح، شجاعًا، رباه النبي وأحبه حبًّا كثيرًا، كما كان يحب أباه فسمي الحِبّ بن الحبّ، وكان النبي يأخذه هو والحسن ويقول: (اللهم أحبهما فإني أُحِبُّهما) [أحمد والبخاري].
وكان أسامة شديد التواضع، حاد الذكاء، يبذل أقصى ما عنده في سبيل دينه وعقيدته.
وخرج أسامة مع النبي عام الفتح إلى مكة راكبًا خلفه على بغلته، ودخل النبي الكعبة ليصلي فيها ركعتين، ومعه أسامة وبلال، ووقع أسامة على الأرض فجرحت جبهته؛ فقام النبي مسرعًا ليمسح الدم الذي يسيل منها حتى وقف النزيف.
وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله درسًا لا ينساه أبدًا، يقول أسامة:
بعثنا رسول الله إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمح حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي
فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قلت كان متعوذًا، فما زال يكررها الرسول حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
ثم قال أسامة للرسول: إني أعُطى الله عهدًا، ألا أقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله أبدًا،
فقال النبي : (بعدى يا أسامة؟) قال: بعدك.
[متفق عليه].



وقد حمل أسامة كل صفات ومواهب القائد الشجاع، مما زاد من إعجاب النبي به، فجعله قائدًا لجيش المسلمين لغزو الروم، وجعله الرسول أميرًا على جيش فيه كبار الصحابة، كأبي بكر وعمر، فاستكثر بعض المسلمين على أسامة كل هذا، وتكلموا في ذلك، ولما علم النبي صعد المنبر وحمد الله ثم أثنى عليه
وقال: (إن تطعنوا في إمارته (أي إمارة أسامة)؛ فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله، إن كان لخليقًا للإمارة لجديرًا بها، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ (يقصد زيد بن حارثة)، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده) [متفق عليه].
ويموت النبي قبل أن يتحرك جيش أسامة إلى غايته التي حددها الرسول وهى قتال الروم،وقبل أن يموت النبي أوصى أصحابه أن يسارعوا بتحريك جيش أسامة
فقال لهم: (أنفذوا بعث أسامة، أنفذوا بعث أسامة) [ابن حجر في الفتح].
ويتولى أبو بكر الخلافة بعد رسول الله ، ويصر على إنجاز وصية الرسول ، فيقول له عمر: إن الأنصار ترى أن يتولى قيادة الجيش من هو أكبر سنًّا من أسامة، فيغضب أبو بكر -رضي الله عنه-
ويقول: ثكلتك أمك يابن الخطاب، استعمله رسول الله وتأمرني أن أنزعه، والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تخطفني؛ لأنفذت بعث أسامة.



ويخرج القائد أسامة من المدينة بجيشه، ويخرج معه أبو بكر مودعًا، وبينما أسامة راكب على فرسه، إذا بأبي بكر يسير على قدميه، فيستحي أسامة من هذا الموقف، ويقول لأبي بكر: يا خليفة رسول الله،
والله لتركبن أو لأنزلن. فيقول أبو بكر: والله لا نزلت، والله لا ركبتُ، وما عليَّ أن أغبر
قدمي في سبيل الله ساعة، ثم يستأذن أبو بكر من أسامة أن يبقى معه عمر في المدينة ليعينه على أمور الحكم فيعطي أعظم قدوة في استئذان القائد مهما كان صغيرًا.
وانطلق جيش أسامة إلى البلقاء، ليهاجم القرى التي حددها له رسول الله وخليفته أبو بكر، فينتصر عليهم ويأسر منهم الكثير، ويجمع الغنائم، ويعود إلى المدينة منتصرًا بعد أن لقن الروم درسًا لا ينسى، ويعود الجيش بلا ضحايا فيقول المسلمون يومئذ: ما رأينا جيشًا أسلم من جيش أسامة.
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما يقسم أموال بيت المال على المسلمين، يجعل نصيب أسامة منها ثلاثة آلاف وخمسمائة، في حين يعطي ابنه عبد الله ثلاثة آلاف،
فيقول ابن عمر لأبيه: لقد فضلت عليَّ أسامة، وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد،
فيرد عليه عمر قائلاً: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك._[الترمذي وابن سعد].



وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- وقف أسامة محايدًا مع حبه الشديد لعلي،
وبعث له رسالة قال فيها: يا أبا الحسن إنك والله لو أخذت بمشفر الأسد (فمه) لأخذت بمشفره الآخر معك حتى نهلك جميعًا أو نحيا جميعًا، فأما هذا الأمر الذي أنت فيه فوالله لا أدخل فيه أبدًا،
ولزم أسامة داره فترة النزاع حتى لا يقتل مسلمًا.
وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، محافظًا على صوم يوم الاثنين والخميس مع كبر سنه وضعف جسمه؛ تأسيًا برسول الله ،

وتوفي أسامة -رضي الله عنه- في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة (54هـ)،
وقد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين.







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :35  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:45
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي






صاحب الصوت الجميل




أسيد بن حضير

إنه أسيد بن حضير بن عبد الأشهل الأنصاري -رضي الله عنه-،
فارس قومه ورئيسهم، فأبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وواحد من كبار أشراف العرب في الجاهلية.

وكان أسيد أحد النقباء الذين اختارهم الرسول ليلة العقبة الثانية، فقد أسلم أسيد بعد بيعة العقبة الأولى، عندما بعث النبي مصعب بن عمير إلى المدينة، فجلس هو وأسعد بن زرارة في بستان، وحولهما أناس يستمعون إليهما، وبينما هم كذلك، كان أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ زعيما قومهما يتشاوران في أمر مصعب بن عمير الذي جاء يدعو إلى دين جديد.
فقال سعد لأسيد: انطلق إلى هذا الرجل، فازجره، فحمل أسيد حربته وذهب إليهما غضبان،
وقال لهما: ما جاء بكما إلى حيِّنا (مدينتنا)، تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا، إذا كنتما تريدان الحياة.
فقال له مصعب: أَوَ تَجْلِس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره؟
فقال أسيد: لقد أنصفت، هاتِ ما عندك. فأخذ مصعب يكلمه عن الإسلام ورحمته وعدله، وراح يقرأ عليه آيات من القرآن، فأشرق وجه أسيد بالنور، وظهرت عليه بشاشة الإسلام حتى قال من حضروا هذا المجلس: والله لقد عرفنا في وجه أسيد الإسلام قبل أن يتكلم، عرفناه في إشراقه وتسهله.
ولم يكد مصعب ينتهي من حديثه حتى صاح أسيد قائلاً: ما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين؟ فقال له مصعب: تطهّر بدنك وثوبك، وتشهد شهادة الحق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم تصلي.
فقام أسيد مسرعًا فاغتسل وتطهر ثم صلى ركعتين معلنًا إسلامه.



وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ، وما كاد يقترب من مجلسه، حتى قال سعد لمن حوله: أقسم، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به، ثم قال له سعد: ماذا فعلت؟ فقال أسيد: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسًا، وقد نهيتهما، فقالا لي: نفعل ما أحببت، ثم قال أسيد لسعد بن معاذ: لقد سمعت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه ابن خالتك، فقام سعد غضبان وفي يده حربته، ولما وصل إلى مصعب وأسعد وجدهما جالسين مطمئنين، عندها أدرك أن هذه حيلة من أسيد لكي يحمله على السعي إلى مصعب لسماعه، واستمع سعد لكلام مصعب واقتنع به وأعلن إسلامه، ثم أخذ حربته، وذهب مع أسيد بن حضير إلى قومهما يدعوانهم للإسلام، فأسلموا جميعًا.
وقد استقبل أسيد النبي لما هاجر إلى المدينة خير استقبال، وظل أسيد يدافع عن الإسلام والمسلمين، فحينما قال عبد الله بن أبي بن سلول لمن حوله من المنافقين أثناء غزوة بني المصطلق: لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
فقال أسيد: فأنت والله يا رسول الله تخرجه منها إن شاء الله، هو والله الذليل، وأنت العزيز يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز (حبات يطرز بها التاج) ليتوجوه على المدينة ملكًا، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكًا.



وذات ليلة أخذ يقرأ القرآن، وفرسه مربوطة بجواره، فهاجت الفرس حتى كادت تقطع الحبل، وعلا صهيلها، فسكت عن القراءة فهدأت الفرس ولم تتحرك، فقرأ مرة ثانية فحدث للفرس ما حدث لها في المرة الأولى، وتكرر هذا المشهد عدة مرات، فسكت خوفًا منها على ابنه الصغير الذي كان ينام في مكان قريب منها، ثم نظر إلى السماء فإذا به يرى غمامة مثل الظلة في وسطها مصابيح مضيئة، وهى ترتفع إلى السماء.
فلما أصبح ذهب إلى الرسول وحدثه بما رأى،
فقال له النبي : (تلك الملائكة دنت (اقتربت) لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم) [البخاري].
وعاش أسيد -رضي الله عنه- عابدًا قانتًا، باذلا روحه وماله في سبيل الله، وندم أسيد على تخلفه عن غزوة بدر، وقال: ظننت أنها العير، ولو ظننت أنه غزو ما تخلفت. [ابن سعد]،
وقد جرح أسيد يوم أحد سبع جراحات، ولم يتخلف عن غزوة بعدها قط.



وبعد وفاة النبي اجتمع فريق من الأنصار في سقيفة بني ساعدة على رأسهم سعد بن عبادة، وأعلنوا أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، واشتد النقاش بينهم،
فوقف أسيد بن حضير مخاطبًا الأنصار قائلاً: تعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، فخليفته إذن ينبغي أن يكون من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته.
وكان أبو بكر -رضي الله عنه- لا يقدم عليه أحدًا من الأنصار،
تقول السيدة عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل، كلهم من بني
عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. [ابن هشام].
وتوفي أسيد -رضي الله عنه- في عام (20 هـ)،
وأصرَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يحمل نعشه على كتفه، ودفنه الصحابة بالبقيع بعد أن صلوا عليه، ونظر عمر في وصيته، فوجد أن عليه أربعة آلاف دينار، فباع ثمار نخله (البلح أو التمر) أربع سنين بأربعة آلاف، وقضى دينه. [البخاري وابن سعد].







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :36  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:45
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي






خادم الرسول





أنس بن مالك

إنه الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي -رضي الله عنه-
وأمه الرميصاء أم سليم بنت ملحان الأنصارية -رضي الله عنها-
وكانت أمه قد أتت به وهو ابن عشر سنين إلى النبي في المدينة،
وقالت له: هذا غلام يخدمك. فقبله النبي وكنَّاه أبا حمزة، ولازم الغلام رسول الله ملازمة شديدة، ما فارقه فيها أبدًا. وخدم أنس النبي عشر سنين، وشهد معه ثماني غزوات، وصلى معه إلى القبلتين.
وامتلأ قلب أنس بحب النبي ، فها هو ذا يقول: ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي (يقصد رسول الله) .
وقد أحبت أسرة أنس رسول الله حبًّا شديدًا، وكانت لأسرته في قلب رسول الله منزلة خاصة،
فأمه أم سليم، وخالته أم حرام بنت ملحان، وعمه أنس بن النضر بطل أحد، وعمته الربيع بنت النضر.



وكان أنس يحفظ سر رسول الله ، فها هو ذا -رضي الله عنه- يقول: أسر إليَّ رسول الله سرًا فما أخبرت به أحدًا بعد، ولقد سألتني عنه أم سليم فما أخبرتها به.
وكان النبي يحب أنسًا ويقربه إليه ويمازحه، فلقد قال له يومًا: (ياذا الأذنين) [أبو داود والترمذي].
واشتهر أنس -رضي الله عنه- بالعلم والفقه والتبحر في علوم الدين، وروى كثيرًا من أحاديث الرسول ، وما يدل على علمه الغزير أنه قال لثابت البناني: يا ثابت خذ عني، فإنك لن تأخذ عن أحد أوثق مني، إني أخذته عن رسول الله عن جبريل، وأخذه جبريل عن الله.



وشارك أنس -رضي الله عنه- في حروب الردة في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-،
وقد استخدمه أبو بكر -رضي الله عنه- في جمع الصدقات، فدخل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فاستشاره أبو بكر فقال عمر: ابعثه فإنه لبيب كاتب.
وكان -رضي الله عنه- ممن حضر موقعة اليمامة، وشهد الفتوحات في عهد عمر، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهم-.
وكان لأنس بن مالك -رضي الله عنه-
فضائل كثيرة، فقد روى ثابت البناني قوله: كنت مع أنس فجاء قهرمانه (حاجبه)
فقال: يا أبا حمزة، عطشت أرضك، فقام أنس فتوضأ وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين ثم دعا،
قال ثابت: فرأيت السحاب تلثم ثم أمطرت حتى ملأت كل شيء، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله
فقال له: انظر أين بلغت السماء؟ فنظر فلم تجاوز أرضه إلا يسيرًا، وكان ذلك في الصيف.



وكان يحب الستر على المسلمين، فيروى أن صالح بن كرز جاء بجارية له زنت إلى الحكم بن أيوب، وبينما هو جالس إذ جاء أنس بن مالك -رضي الله عنه-
فجلس فقال: يا صالح ما هذه الجارية معك؟ فقال صالح: جارية لي بغت فأردت أن أرفعها إلى الإمام ليقيم عليها الحد،
فقال: لا تفعل، رد جاريتك، واتق الله، واستر عليها، فقال صالح: ما أنا بفاعل،
فقال أنس: لا تفعل وأطعني، فلم يزل يراجعه حتى ردها.
وفي عهد عبد الملك بن مروان، لقى أنس بعض الأذى من الحجاج بن يوسف الثقفي،
فاشتكاه أنس إلى عبد الملك وقال: لو أن اليهود رأوا خادم نبيهم لأكرموه، وأنا خدمت رسول الله عشر سنين،
فبعث عبد الملك بن مروان إلى الحجاج يعنفه ويزجره، ويأمره أن يذهب إلى أنس ويقبل يديه ورجليه.
وقد ضعف أنس في آخر أيامه، ولم يعد يستطيع الصوم فأحضر طعامًا وأطعم ثلاثين مسكينًا، ولما مرض سأله أهله أن يأتوا له بطبيب
فقال لهم: الطبيب أمرضني.
وقال وهو يحتضر: لقنوني لا إله إلا الله.
وتوفي أنس -رضي الله عنه- بالبصرة في أوائل التسعينيات من القرن الأول الهجري، وعمره يقترب من المائة، وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله بالبصرة،
ولما مات قال أهل البصرة: ذهب اليوم نصف العلم، وذلك لأنهم كانوا يرجعون إليه في كل ما اختلفوا فيه من حديث رسول الله.







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :37  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:46
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي









المجاهد





أبو أيوب الأنصاري

إنه أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد -رضي الله عنه-، حفيد مالك بن النجار، وأمه هند بنت سعيد، آخى الرسول بينه وبين مصعب بن عمير، شهد بيعة العقبة الثانية.
وعندما وصل رسول الله إلى أرض النصرة والإيمان مختتمًا رحلته الطويلة التي هاجر فيها من مكة إلى المدينة، وصار وسط جموع المسلمين التي خرجت لاستقباله، وتزاحم الناس حول زمام ناقته، كل يريد أن يستضيف رسول الله، والنبي يقول لهم: (خلوا سبيلها، فإنها مأمورة) [البيهقي].
ويمضي موكب رسول الله ويصل إلى حي بني ساعدة، فحي بني الحارث، فحي بني عدي، ويخرج من كل حي من يعترض طريق الناقة آملاً أن يسعدوا بنزول رسول الله في ديارهم، وفي كل مرة يجيبهم النبي (خلوا سبيلها، فإنها مأمورة) [البيهقي].
إن قدر الله -عز وجل- هو الذي يتحكم في اختيار مكان نزول النبي حيث سيكون لهذا المكان مكانته العظيمة، ففوق أرضه سيقام المسجد الذي تنطلق منه أشعة الهدى والنور؛ لتضيء الدنيا بأسرها، وبجوار هذا المسجد سيقيم النبي في حجرات متواضعة.



وأمام دار مالك بن النجار بركت الناقة، ثم نهضت وطوَّفت بالمكان، ثم عادت إلى مكانها الأول، ونزل رسول الله متفائلا، وتقدم أحد المسلمين، وقد عمرت الفرحة قلبه، فحمل متاع الرسول وأدخله بيته، ثم دعا رسول الله للدخول.
وكان بيت أبي أيوب مالك بن دينار طابقين، فاختار رسول الله الطابق الأسفل ليكون محل إقامته، وصعد أبو أيوب إلى الدور العلوي ولكنه لم ينم تلك الليلة، لأنه لم يستطع أن يتخيل نفسه وهو نائم في مكان أعلى من المكان الذي ينام فيه الرسول . وفي الليل سال الماء في غرفته، فقام هو وزوجته أم أيوب ينظفانه خشية أن يصل إلى رسول الله منه شيء.
وفي الصباح ذهب أبو أيوب إلى النبي وأخذ يلح عليه ويرجوه أن ينتقل إلى الطابق العلوي، فاستجاب النبي لرجائه، وظل الرسول في بيت أبي أيوب حتى انتهى من بناء المسجد، وبناء حجرة له بجواره.
وكان -رضي الله عنه- محبًّا للجهاد في سبيل الله، فمنذ أن حضر بيعة العقبة الثانية وحتى منتصف القرن الأول الهجري وهو يعيش في جهاد متواصل، لا يغيب عن حرب، ولا يتكاسل عن غزو، وشهد مع رسول الله بدرًا وأحدًا والخندق، والغزوات كلها، وحتى بعد وفاة النبي لم يتخلف عن غزوة كُتب للمسلمين أن يخوضوها إلا غزوة قد أمَّر فيها على الجيش شاب لم يقنع أبو أيوب بإمارته، فقعد ولم يخرج معهم، ولكنه ما لبث أن ندم على موقفه هذا وقال: ما خبرني مَنْ استُعمِلَ عليّ؟ ثم خرج فلحق بالجيش.



ورغم أن عمره تجاوز الثمانين عامًا إلا أنه ما كاد يسمع منادى الجهاد يحثُّ المسلمين على الخروج لفتح القسطنطينية (إستامبول الآن) حتى حمل سيفه على عاتقه قائلا: أمرنا الله -عز وجل- أن ننفر في سبيله على كل حال،
فقال تعالى: {انفروا خفافًا وثقالاً} [التوبة: 41].
وفي هذه المعركة أصيب أبو أيوب، فذهب قائد الجيش يزيد بن معاوية يعوده، وقال له: ما حاجتك أبا أيوب؟ فقال: إذا أنا مت فاحملوني إلى أرض العدو ثم ادفنوني، ثم قال لهم: أما إني أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله سمعته يقول: (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) [متفق عليه].
وبالفعل كان له ما أراد، فلما كان الصباح قالت الروم للمسلمين: لقد كان لكم الليل شأن عظيم، فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا ، وأقدمهم إسلامًا، قد دفناه حيث رأيتم، والله لئن نُبِشَ قبره لا يُضْرَب لكم ناقوس أبدًا (شعائر عبادتهم) في أرض العرب ما كانت لنا دولة، فكان الروم يتعاهدون قبره، ويزورونه.
وكان -رضي الله عنه- زاهدًا ورعًا لا يحب البذخ أو الترف، فقد دخل يومًا بيتًا من بيوت المسلمين فوجد أصحابه قد زينوه بالستائر فطأطأ رأسه ناكرًا لفعلهم، وتركهم وقفل راجعًا، وكان واحدًا من رهبان الليل وفرسان النهار، عشق الجهاد، وتمنى الشهادة.
وظل هكذا حتى لقى ربه بعد حياة طويلة شاقة قضاها جنديًّا من جنود الله الذين لم يرضوا لأنفسهم الركون إلى الدنيا، وخرجوا بأنفسهم وأموالهم فاتحين بلاد المشرق والمغرب، ليُخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وليسعدوا جميعًا بالإسلام في الأرض.







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :38  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:46
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي







ساقي الحرمين





العباس بن عبد المطلب

إنه العبَّاس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- عم رسول الله ، كان من أكرم الناس وأجودهم،
قال عنه رسول الله : (هذا العباس أجود قريش كفًّا، وأوصلها) [أحمد].
ويروى أنه أعتق عند وفاته سبعين عبدًا.
وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا، ويقول (: من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه (أي مثل أبيه)) [الترمذي].
وقد كان العباس أكبر سنًّا من النبي ، فقد ولد قبله بثلاث سنين، ومن حسن أدبه أنه لما سُئل:
أأنت أكبر أم رسول الله؟ قال: هو أكبر، وأنا ولدت قبله [الطبراني].
وكان العباس من سادة قريش، وكان يتعهد المسجد الحرام، فيسقي الحجاج ويقوم بخدمتهم، وقد ورث ذلك عن أبيه عبد المطلب، وكان قبل إسلامه شديد الحب لرسول الله ، ويقف بجانبه، ويدفع عنه أذى المشركين، وحضر مع النبي بيعة العقبة الثانية، ليطمئن عليه وهو لم يعلن إسلامه بعد، فلما التقوا، وتواعدوا على أن يكون اللقاء في اليوم التالي، كان العباس أول من أتى، فبايع الأنصار رسول الله على النصرة والبيعة، والعباس آخذ بيده. [ابن سعد].



فلما كانت غزوة بدر، أمر الرسول المسلمين بأن لا يقتلوا العباس لأنه خرج مستكرهًا، وبعد المعركة استطاع أبو اليسر -رضي الله عنه- أن يأسر العباس، فلما أحضره إلى النبي سأله رسول الله كيف أسرته؟ قال أبو اليسر: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد هيئته كذا،
فقال رسول الله : (لقد أعانك عليه ملك كريم) .[ابن هشام وابن سعد].
وقد خشى النبي على عمه، وخاف أن يقتله الأنصار، فأمر عمر أن يأتيهم ويأتي بالعباس إليه، فلبَّتْ الأنصار أمر نبيهم، وتركوا العباس، فقال العباس: يا رسول الله، إني كنت مسلمًا.
فنزل قوله تعالى:
{يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} [الأنفال: 70].
ويروى أن رجلا من الأنصار سبَّ أبا للعباس كان في الجاهلية، فغضب العباس ولطمه، فجاء الأنصاري إلى قومه، فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح. فبلغ ذلك النبي فصعد المنبر،
وقال: (أيها الناس، أي أهل الأرض أكرم على الله؟) قالوا: أنت.
قال: (فإن العباس مني وأنا منه، لا تسبُّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا).
فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله. [أحمد وابن سعد والحاكم].



وقد أسلم العباس -رضي الله عنه- قبل فتح مكة، وحضر الفتح، وهو الذي طلب الأمان لأبي سفيان بن حرب، وكان سببًا في إيمانه، واشترك -رضي الله عنه- بعد ذلك في فتوح المسلمين،
وكان يوم حنين ممسكًا بلجام بغلة النبي ، وكان ممن التفَّ حول الرسول يدافع عنه بعد أن فرَّ أغلب المسلمين، وأخذ العباس ينادى مع رسول الله على المسلمين حتى ثبتوا، وأنزل الله عليهم سكينته، وكان النصر العظيم في ذلك اليوم. [مسلم].
وعندما خرج الرسول ومعه أصحابه إلى أهل الطائف، عسكر بجيشه في مكان قريب منها، ثم بعث إليهم حنظلة بن الربيع -رضي الله عنه- ليكلمهم، فلما وصل إليهم خرجوا وحملوه ليدخلوه حصنهم ويقتلوه، فلما رأى الرسول ذلك، خاف على حنظلة، ونظر إلى أصحابه يحثهم على إنقاذه،
وقال: (مَن لهؤلاء؟ وله مثل أجر غزاتنا هذه) [ابن عساكر].
فلم يقم أحد من الصحابة إلا العباس الذي أسرع ناحية الحصن حتى أدرك حنظلة، وقد كادوا أن يدخلوه الحصن، فاحتضنه وخلصه من أيديهم فأمطروه بالحجارة من داخل الحصن، فجعل النبي يدعو له حتى وصل إليه ومعه حنظلة، وقد نجا من هلاك محقق.
وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- أجدبت الأرض وأصابها الفقر الشديد، فخرج الناس إلى الصحراء ومعهم عمر والعباس، فرفع عمر بن الخطاب يديه إلى السماء،
وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإن نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. [البخاري].
فلما استسقى عمر بالعباس، قام العباس ورفع يديه إلى ربه
وقال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث.
ولم يكد العباس ينهي دعاءه حتى امتلأت السماء بالغيوم والسحاب، وأنزل الله غيثه، فانطلق الناس يهنئون العباس،
ويقولون له: هنيئًا لك ساقي الحرمين.



وكان للعباس مكانة كبيرة في قلوب المسلمين، وعظماء الصحابة، فيروى أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان جالسًا بجانب النبي فرأى العباس مقبلاً، فقام أبو بكر له وأجلسه مكانه بجوار رسول الله ،
فقال النبي لأبي بكر: (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهلُ الفضل) [ابن عساكر].
وكان أبو بكر إذا قابل العباس نزل من على دابته، وسار معه احترامًا وإكرامًا له حتى يصل العباس إلى المكان الذي يريده، وكان علي بن أبي طالب يقبل يد العباس ويقول له: يا عم، ارض عني.
وقد كان للعباس ولدان، هما عبد الله بن عباس حَبرْ الأمة، وعبيد الله بن عباس.
وتوفي العباس سنة (32هـ)، ودفن بالبقيع، وكان عمره (88) عامًا، وصلى عليه عثمان -رضي الله عنه-.







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :39  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:49
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي







حكيم الأمة




أبو الدرداء الأنصاري

إنه الصحابي الجليل أبو الدرداء عويمر بن قيس بن عامر الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه-،
أسلم في غزوة بدر، وقيل إنه آخر مَنْ أسلم من الأنصار.

ومما يروى في قصة إسلامه، أنه كان عنده صنم في داره، وذات يوم دخل عليه عبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة، فشاهدا الصنم فكسراه إلى قطع صغيرة، فبدأ أبو الدرداء يجمع القطع المتناثرة من أحجار الصنم، وهو يقول للصنم: ويحك! هلا امتنعت ألا دافعت عن نفسك؟
فقالت زوجته أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد لدفع عن نفسه ونفعها.

فقال أبو الدرداء أعدي لي ماءً في المغتسل، ثم قام فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي ، فنظر إليه ابن رواحة مُقبلا، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا. فأخبره رسول الله أن أبا الدرداء إنما جاء ليسلم، وأن الله وعد رسوله بأن يسلم أبو الدرداء، وبالفعل أعلن أبو الدرداء إسلامه، فكان من خيرة الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.



وشهد أبو الدرداء مع رسول الله غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف -رضي الله عنه- بالعفو والسماحة، ويحكى أن رجلا قال له ذات مرة قولاً جارحًا، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فغضب وذهب إلى أبي الدرداء وسأله عما حدث
فقال: اللهم غفرانًا، أوكل ما سمعنا منهم نأخذهم به (أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه)؟!

وكان أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة،
وقال: أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة، فلم يستقم، فتركت التجارة وأقبلت على العبادة.
ووصف بالشجاعة، حتى قيل عنه: نعم الفارس عويمر.
وكان ينطق بالحكمة، فقيل عنه: حكيم الأمة عويمر.
وكان لأبي الدرداء ثلاثمائة وستون صديقًا، فكان يدعو لهم في الصلاة، ولما سئل عن ذلك
قال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به مَلَكيْن يقولان، ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة؟!
وحفظ أبو الدرداء القرآن في حياة الرسول ،
وكان ابن عمر يقول لأصحابه: حدثونا عن العاقلين: معاذ بن جبل وأبي الدرداء.
وكان من العابدين الزاهدين، وقد زاره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في بيته فلم ير فيه غير فراش من جلد، وكساء رقيق لا يحميه من البرد، فقال له: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟
فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثًا حدثناه رسول الله ؟ قال عمر: أي حديث؟
قال: (ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) [الترمذي].
قال: نعم، قال أبو الدرداء: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟



وحرص أبو الدرداء -رضي الله عنه- على العلم، وكان حرصه على العمل بما يعلم أقوى وأشد، وكان ملازمًا للنبي حتى قال عنه الصحابة: أتْبَعُنَا للعلم والعمل أبو الدرداء.
وكان يقول: لن تكون عالمًا حتى تكون متعلمًا، ولن تكون متعلمًا حتى تكون بما علمت عاملاً، إن أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي: ما عملت فيما علمت؟،
وقال: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.
وكان -رضي الله عنه- يعلِّم الناس القرآن الكريم وسنة رسول الله ، ويحثهم على طلب العلم، ويأخذ بأيديهم إلى الصواب، فيقول لهم: ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهَّالكم لا يتعلمون؟! تعلموا فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر.
وذات يوم مرَّ أبو الدرداء على أناس يضربون رجلاً ويسبونه،
فقال لهم: ماذا فعل؟ فقالوا: أذنب ذنبًا، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في بئر أكنتم تستخرجونه منها؟
قالوا: نعم نستخرجه، قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم،
فقالوا له: ألا تبغضه وتكرهه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.



ويروى أنه كان مع المسلمين في قبرص، ففتحها الله على المسلمين، وغنموا خيرًا كثيرًا، وكان أبو الدرداء واقفًا مع جبير بن نفير، فمرَّ عليه السبي والأسرى، فبكى أبو الدرداء،
فقال له جبير: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟!
فقال أبو الدرداء: يا جبير، بينما هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله فلقوا ما ترى! ما أهون العباد على الله إذ هم عصوا!

ويحكى أن يزيد بن معاوية تقدم ليخطب ابنة أبي الدرداء فردَّه، فأعاد يزيد طلبه، فرفض أبو الدرداء مرة ثانية، ثم تقدم لخطبتها رجل فقير عرف بالتقوى والصلاح، فزوجها أبو الدرداء منه، فتعجب الناس من صنيعه، فكان رده عليهم: ما ظنَّكم بابنة أبي الدرداء إذا قام على رأسها الخدم والعبيد وبهرها زخرف القصور، أين دينها يومئذ؟!
وكان يقول: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك، وأن تبارى (تنافس) الناس في عبادة الله تعالى.
وعاش أبو الدرداء حياة بسيطة يملؤها الزهد والتواضع حتى جاءته ساعة الموت،
فقال عند احتضاره: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟
وكان يقول: من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده.
وقد توفي سنة (32هـ) في خلافة عثمان بن عفان.







رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :40  (رابط المشاركة)
قديم 09.10.2010, 06:49
صور كلمة سواء الرمزية

كلمة سواء

عضوة مميزة

______________

كلمة سواء غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.04.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.143  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
09.02.2016 (19:34)
تم شكره 33 مرة في 28 مشاركة
افتراضي








صاحب سر رسول الله




حذيفة بن اليمان

إنه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، كان يكنَّى أبا عبد الله، دخل هو وأبوه اليمان في دين الإسلام، وحاَلفَ أبوه بني عبد الأشهل من الأنصار،

وعندما توجها إلى المدينة أخذهما كفار قريش،
وقالوا لهما: إنكما تريدان محمدًا، فقالا: ما نريد إلا المدينة، فأخذ المشركون عليهما عهدًا أن ينصرفا إلى المدينة، ولا يقاتلا مع النبي ، فلما جاءت غزوة بدر أخبرا النبي بعهدهما مع المشركين،
فقال لهما النبي : (انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) [مسلم].
وشارك حذيفة وأبوه في غزوة أحد، وأثناء القتال، نظر حذيفة إلى أبيه، فرأى المسلمون يريدون قتله ظنًّا منهم أنه من المشركين، فناداهم حذيفة يريد أن ينبههم قائلاً: أي عباد الله! أبي، فلم يفهموا قوله حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، وأراد النبي أن يعطيه دية لأبيه، ولكن حذيفة تصدق بها على المسلمين.



وفي غزوة الأحزاب، حيث كان المشركون متجمعين حول المدينة، أراد الرسول أن يعرف أخبارهم، وطلب من الصحابة أن يقوم رجل منهم ويتحسس أخبارهم،
قائلاً: (من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم، ثم يرجع، أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة؟)
فما قام رجل من القوم من شدة الخوف، وشدة الجوع وشدة البرد،
قال حذيفة: فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله فلم يكن لي بد من القيام حيث دعاني،
فقال: (يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون، ولا تُحْدِثَنَّ شيئًا حتى تأتينا).
فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرًا ولا نارًا ولا بناء، فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، فارتحلوا إني مرتحل. وعاد حذيفة إلى النبي وأخبره بما حدث.
وذات يوم دخل حذيفة المسجد فوجد الرسول يصلي، فوقف خلفه يصلي معه،
(فقرأ النبي سورة الفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران في ركعة واحدة، وإذا مَرَّ النبي بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ استعاذ...)_[مسلم].



وقد استأمنه الرسول على سرِّه، وأعلمه أسماء المنافقين، فكان يعرفهم واحدًا واحدًا، وكان عمر ينظر إليه إذا مات أحد من المسلمين، فإذا وجده حاضرًا جنازته علم أن الميت ليس من المنافقين فيشهد الجنازة، وإن لم يجده شاهدًا الجنازة لم يشهدها هو الآخر.
وقال علي رضي الله عنه:
(كان أعلم الناس بالمنافقين، خَيَّرَه رسول الله بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة).
ودخل حذيفة المسجد ذات مرة فوجد رجلا يصلي ولا يحسن أداء الصلاة، ولا يتم ركوعها ولا سجودها، فقال له حذيفة: مُذْ كم هذه صلاتك؟
فقال الرجل: منذ أربعين سنة،
فأخبره حذيفة أنه ما صلى صلاة كاملة منذ أربعين سنة، ثم أخذ يعلِّمه كيف يصلي.
وكان حذيفة فارسًا شجاعًا، وحينما استشهد النعمان بن مقرن أمير جيش المسلمين في معركة نهاوند، تولى حذيفة القيادة، وأخذ الراية وتم للمسلمين النصر على أعدائهم، وشهد فتوح العراق وكان له فيها مواقف عظيمة.



وعرف حذيفة بالزهد، فقد أرسل إليه عمر مالاً ليقضي به حاجته، فقسم حذيفة هذا المال بين فقراء المسلمين وأقاربه، وأرسله عمر أميرًا على المدائن، وكتب لأهلها أن يسمعوا لحذيفة، ويطيعوا أمره، ويعطوه ما يسألهم، وخرج حذيفة متوجهًا إلى المدائن، وهو راكب حمارًا، وبيده قطعة من اللحم، فلما وصل إلى المدائن قال له أهلها: سلنا ما شئت. فقال حذيفة: أسألكم طعامًا آكله، وعلف حماري ما دمت فيكم. وظل حذيفة على هذا الأمر، لا يأخذ من المال قليلاً ولا كثيرًا إلا ما كان من طعامه وعلف حماره.
وأراد عمر أن يرى حال حذيفة وما أصبح فيه، فكتب إليه يطلب قدومه إلى المدينة، ثم اختبأ في الطريق حتى يرى ماذا جمع؟ فرآه على نفس الحال التي خرج بها، فخرج إليه فرحًا سعيدًا
يقول له: أنت أخي وأنا أخوك.
وكان عمر يقول: إني أتمنى أن يكون ملء بيتي رجالا مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان أستعملهم في طاعة الله.



وكان حذيفة -رضي الله عنه- يحب العزلة ويقول:
لوددت أن لي مَنْ يصلح من مالي (يدير شئونه)، وأغلق بابي فلا يدخل عليَّ أحد، ولا أخرج إليهم حتى ألحق بالله.
وذات مرة غضب الناس من أحد الأمراء، فأقبل رجل إلى حذيفة في المسجد
فقال له: يا صاحب رسول الله ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟
فرفع حذيفة رأسه، وعرف ما يريد الرجل،
ثم قال له: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، وليس من السنة أن تشهر (ترفع) السلاح على أميرك.
وقد سئل: أي الفتنة أشد؟ فقال: أن يعرض عليك الخير والشر، فلا تدري أيهما تركب.
وقال لأصحابه: إياكم ومواقف الفتن، فقيل له، وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله؟
قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول له ما ليس فيه.
وتُوفي -رضي الله عنه- سنة (36هـ).







رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
الله, الصحابه, سلسله, عنهم


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
هذه عقيدتنا في الصحابة رضي الله عنهم أم جهاد العقيدة و الفقه 1 29.04.2011 16:32
صفية القرشية رضى الله عنها عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم zainab__ahmed الحديث و السيرة 3 02.05.2010 14:09
فضائل الصحابه وعقيدة الامه فيهم بحث شامل ابو اسامه المصرى العقيدة و الفقه 0 19.04.2010 19:11
معجزة شفاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابه Just asking الحديث و السيرة 2 12.09.2009 21:10



لوّن صفحتك :