رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
كيف نفهم الأحاديث ؟
كيف نفهم الأحاديث ؟ كنت جالساً بحضرة أحد الأفاضل ، فدار النقاش حول مسألة صلاة الجماعة ، فقال هو : ليست واجبة ، واستدلّ بقصة الرجلين الذين حضرا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يُصليا ، بل جلسا في مؤخرة المسجد ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته دعاهما فجيء بـهما ترتعد فرائصهما ، ثم سألهما لِمَ لَمْ يُصليا ، فقالا : صلينا في رحالنا . فما أنكر عليهما . لا أعترض على ما استدلّ به فالحديث صحيح ، ولا إشكال ، غير أن الإشكال يرد في وضع الشيء في غير موضعه . ولي على كلامه ملحوظات ، وهي تكثر في حال الاستدلال لدى غيره : أولاً : للاستدلال على مسألة لا بدّ من جمع أحاديث الباب ، حتى يكون الفهم سليماً ، والعمل بالسُّـنّة كاملاً . ثانياً : يجب حمل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضه على بعض لا أن تُضرب السُّـنّة بعضها ببعض . ثالثاً : يحتاج المُستَدِلّ وطالب العلم لكلمة إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – حيث قال : إياك أن تكلم في مسألة ليس لك فيها إمام . أي لم يَقُل بـها أحد قبلك ، فلن تأتي بفهم جديد ، ولن تكون أكثر فهماً ، ولا أعمق علماً ، ولا أدقّ استدلالاً من السلف . رابعاً : معرفة سبب ورود الحديث – في أحيان كثيرة – يُجلّي صورة المسألة ، ويوضّح مغزى الاستدلال .ولست هنا بصدد تقرير وجوب صلاة الجماعة من عدمها ، ولكني بصدد مسألة فهم الأحاديث فهماً صحيحاً . أما من حيث استدلاله فالحديث رواه الإمام أحمد وأهل السنن عدا ابن ماجه ، ورواه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ، من حديث يزيد بن الأسود العامري. في رواية أحمد والترمذي والنسائي زيادة فائدة تُعين على فهم الحديث ، وهي أن تلك الصلاة كانت صلاة الفجر ، وكانت في مسجد الخيف . وفي رواية ابن خزيمة : يعني مسجد منى . وفي رواية ابن حبان : قال يزيد بن الأسود العامري : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته فصلّيتُ معه صلاة الصبح في مسجد الخيف من منى – فَذَكَرَ الحديث - . وتقييد تلك الصلاة في مسجد الخيف في منى لا يخفى على اللبيب فائدة هذا القيد ، وهو أن منى ليست دار إقامة ، ولا محلّ سكن ، بالإضافة إلى أن مَنْ كان في منى فقد أُعفيَ من حضور الجماعة في المساجد ، فالمسافر يقصر الصلاة ، ولم يُعهد إلزام الحجاج حضور الجمعة أو الجماعة . وآخر مغمور - لكنه يُحبُّ الظهور - ظهر في قناة فضائية ، ثم تكلّم عن كثرة الأحاديث ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه الرجل ، فيسأله عن الدِّين فيُلخِّصه له في كلمات معدودة ، تشتمل على أركان الإسلام ، دون الدخول في التفاصيل ، وأنه يجب على دعاة الإسلام اتّباع هذا المنهج . فأقول هذا كلام حقٍّ أُريد به باطل ، مما يُعلم من قرائن الحال لدى المتكلّم . وقد أجاب العلماء منذ زمن بعيد عن هذا الإشكال الذي وُجِدَ لدى المتحدِّث . ولذا قال الإمام البخاري – رحمه الله – في كتاب الإيمان : وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا ، فمن استكملها استكمل الإيمان ، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان . وقد أورد الإمام البخاري – رحمه الله – في صحيحه قول وهب بن منبه – وقد سُئل - : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلى ، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح لك . ولو أردنا أن نأخذ بقول هذا المتكلِّم ، والاقتصار على ما ورد في حديث عن أبي هريرة – المتفق عليه - أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال الأعرابي : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا أبدا ، ولا أنقص منه ، فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . لو اقتصرنا على ما في هذا الحديث لعطّلنا شريعة الله ، فأين تحريم الزنا ؟ وأين تحريم الخمر ؟ وأين إقامة الحدود … إلى غيرها من شرائع الإسلام ومبانيه العظام ، بل أين ذروة سنامه ؟ وأين الركن الخامس من أركانه ؟ وأين صمام أمان المجتمع الإسلامي (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)؟. إن المتأمل لوصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن – وهي في الصحيحين – يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على ثلاثة أركان من أركان الإسلام ، ومعلوم جواب العلماء عن هذا الحديث وأما شابـهه من الأحاديث . ومثله وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه فقد تعددت واختلفت ، وعلى سبيل المثال : أوصى رجلاً فقال : لا تغضب ، فرد مراراً لا تغضب . كما عند البخاري . وقال لآخر : عليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإسلام . كما في مسند الإمام أحمد وغيره . وقال لثالث : عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له . وفي رواية قال : لا عِدْلَ له . يستأذنه في الجهاد ، فقال : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد .كما في الصحيحين . فهذا بحسب الأحوال والأشخاص ، و (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) ولما روى الإمام مسلم حديث عتبان بن مالك ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد حرم على النار من قال : لا اله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله . أعقبه - رحمه الله - بقول الزهري : ثم نزلت بعد ذلك فرائض وأمور نرى أن الأمر انتهى إليها ، فمن استطاع أن لا يغتر فلا يغتر . وللعلماء كلام يطول حول هذا المبحث . وفهم الأحاديث يجب أن يكون وفق فهم سلف الأمة ، لا وفق أفهام خلفية فلسفية المَورِد والمَصدَر ، وتَعُبُّ من ماء السفسطة الآسن . ولذا قال الإمام الشافعي – رحمه الله – : آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية : فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير ، فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام ، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد . والله المستعان . وقال – رحمه الله – : وطريق أهل السنة أن لا يعدلوا عن النص الصحيح ، ولا يعارضوه بمعقول ، ولا قول فلان . فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدّمٌ على قول كل أحد ، وعلى كلّ فهم ، ولو كان قول مَنْ أُمِرنا أن نقتدي بـهم ، أعني أبا بكر وعمر ، وهما هما ، ومِنْ خلفائه الراشدين . كما في قوله صلى الله عليه وسلم : فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد وغيره . وقوله صلى الله عليه وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح . ولذا لما قال ابن عباس - رضي الله عنهما – تمتع النبي صلى الله عليه وسلم - أي في الحج - فقال عروة بن الزبير : نـهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : ما يقول عُريّة ؟! قال : يقول نـهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : أراهم سيهلكون . أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : نـهى أبو بكر وعمر . رواه الإمام أحمد وغيره . وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الناس أنه لا رأي لأحد مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . كتبه الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=7845 للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
كيف نفهم الأحاديث ؟
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
نور عمر
المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
أفهم, الأحاديث |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
الموضوعات المتماثلة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
سلسلة الأحاديث القدسية الصحيحة | كلمة سواء | الحديث و السيرة | 44 | 05.07.2015 10:25 |
حملة جمع الآحاديث النبوية | المشتاقه لرضي ربها | قسم الدعوة والدورات والمشاريع الدعوية | 3 | 06.01.2011 06:00 |
سؤال/هل في الأحاديث الصحيحة شيء عن المهدي المنتظر؟! | زهراء | رد الشبـهـات الـعـامـــة | 9 | 27.04.2010 18:48 |
لم أفهم ولم يفهم ولن تفهم! بين بولس و المسيح | أم جهاد | مصداقية الكتاب المقدس | 3 | 13.09.2009 12:16 |
فضل رمضان فى الأحاديث النبوية | أم جهاد | رمضان و عيد الفطر | 0 | 18.08.2009 12:49 |