الرد على الإلحاد و الأديان الوثنية قسم مخصص للرد على الملحدين و اللادينيين و أتباع الأديان الوثنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع
![]() |
أنواع عرض الموضوع
![]() |
|
رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
![]() خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي ..فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام ..رقم الباسبور ورقم العربة ورقم الشقة ورقم البطاقة العائلية وتليفونات من أعرف من الأصدقاء و الزملاء وتليفونات المصالح والجرائد وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيباً وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير ..وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام ..تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب الكتروني وكان المشهد مذهلاً. كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد..كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام ؟ وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ ؟ وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف ؟ وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة ..كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه ؟ وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولايطمس بعضها بعضاً؟ وغير الأرقام ..هناك الأسماء والاصطلاحات والكلمات..والأشكال والوجوه..تزدحم بها رأسنا وهناك معالم الطبيعة التي طفنا بها والأماكن التي زرناها ..وهناك الروائح ..ومع كل رائحة صورة لامرأة عرفناها أو مشهد نذكره و لواعج وأشواق وقصص وسيناريو من آلاف اللقطات ..وهناك الطعوم ..والنكهات.يأتي الطعم في الفم فيسيل اللعاب شوقاً أو يتحرك الغثيان اشمئزازاً .. ومع كل طعم .. يجري شريط يحكي عن وليمة دسمة ذات يوم أو جرعة دواء مريرة و مرض طويل ممض و أوجاع أليمة .. حتى لمسة النسيم الحريرية و رائحة أصداف الشاطئ تحفظها لنا الذاكرة فتهب علينا لفحات الهواء الرطيب مع ذكراها و كأننا نعيشها من جديد . حتى الأصوات و الهمسات و الوشوشات و الصخب و الصراخ و الضجيج و العويل و النشيج . و فاصل من موسيقى . و مقطع من أغنية .. و لطمة على وجه .. و قرقعة عصاً على الظهر . و حشرجة ألم .. كل هذا تحفظه الذاكرة و تسجله في دقة شديدة و أمانة و معه بطاقة بالتاريخ و المناسبة و أسماء الأشخاص و ظروف الواقعة و محضر بالأقوال .. معجزة .. اسمها الذاكرة . إن معنا رقيباً حقيقياً يكتب بالورقة و القلم كل دبة نمل في قلوبنا ؟ و ما نتخيل أحياناً أننا نسيناه نكتشف أننا لم ننسه و أنه موجود يظهر لنا فجأة في لحظة استرخاء أو حلم أو بعد كأس أو في عيادة طبيب نفسي و أحياناً يظهر زلة لسان أو خطأ إملائي . لا شيء ينسى أبداً .. و لا شيء يضيع .. و الماضي مكتوب بالفعل لحظة بلحظة و دقة قلب بدقة قلب . و السؤال الكبير بل اللغز المحير هو .. أين توجد هذه الصور .. أين هذا الأرشيف السري ؟ و هو سؤال حاول أن يجيب عليه أكثر من عالم و أكثر من فيلسوف . الفلاسفة الماديون قالوا إن الذاكرة في المخ .. و إنها ليست أكثر من تغيرات كيميائية كهربائية تحدث لمادة المخ نتيجة الفعل العصبي للحوادث تماماً كما يحدث لشريط ريكوردر عند التسجيل و إن هذه اللفائف المسجلة تحفظ بالمخ و إنها تدور تلقائياً لحظة محاولة التذكر فتعيد ما كان في أمانة و دقة . الذاكرة مجرد نقش و حفر على مادة الخلايا . و مصيرها أن تبلى و تتآكل كما تبلى النقوش و تتآكل و ينتهي شأنها حينما ينتهي الإنسان بالموت و تتآكل خلاياه . رأي مريح و سهل و لكنه أوقع أصحابه في مطلب لم يستطيعوا الخروج منه . فإذا كانت الذاكرة هي مجرد طارئ مادي يطرأ على مادة الخلايا فينبغي أن تتلف الذاكرة لأي تلف مادي مناظر في الخلايا المخية .. و ينبغي أن يكون هناك توازٍ بين الحادثين .. كل نقص في الذاكرة معينة لا بد أن يقابله تلف في الخلايا المختصة المقابلة .. و هو أمر لا يشاهد في إصابات المخ و أمراضه .. بل ما يشاهد هو العكس . يصاب مركز الكلمات فلا تصاب ذاكرة الكلمات بأي تلف , و إنما الذي يحدث هو عاهة في النطق .. في الأداء الحركي للعضلات التي تنطق الكلمات . إن الموتور هو الذي يتلف بتلف الخلايا .. أما الذاكرة .. أما صورة الكلمات في الذهن فتظل سليمة . و هذا دليل على أن وظيفة المخ ليست الذاكرة و لا التذكر . و إنما المخ هو مجرد سنترال يعطي التوصيلة . هو مجرد أداة تعبّر به الكلمة عن نفسها في وسط مادي فتصبح صوتاً مسموعاً .. كما يفعل الراديو حينما يحوّل الموجة اللاسلكية إلى نبض كهربائي مسموع .. فإذا أصيب الراديو بعطل فلا يكون معنى هذا العطل أن تتعطل موجة الأثير .. و إنما فقط يحدث شلل في جهاز النطق في الراديو . أما الموجة فتظل سليمة على حالها يمكن أن يلتقطها راديو آخر سليم. و هذا حال الذاكرة .. فهي صور و أفكار و رؤى مستقلة مسكنها و مستقرها الروح و ليس المخ و لا الجسد بحال .. و ما المخ إلا وسيلة لنقل هذه الصور لتصبح كلمات منطوقة مسموعة في عالم ماديّ . للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
وجود الروح من خلال التاملات والمنطق
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
الاشبيلي
المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
والمنطق, وجود, التاملات, الروح, جمال |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ردود | آخر مشاركة |
لا ينام ولا يدع غيره ينام | طائر السنونو | التاريخ والبلدان | 3 | 26.11.2014 16:39 |
حديثُ الروح | طائر السنونو | القسم الإسلامي العام | 12 | 20.01.2011 11:59 |
الروح | موحد لله | العقيدة و الفقه | 5 | 31.10.2010 18:04 |
ما الفرق بين حلول الروح القدس و الروح النجس في الجسد البشري؟ | الصارم الصقيل | التثليث و الألوهية و الصلب و الفداء | 2 | 26.01.2010 22:27 |
جمال مدخل المنزل من جمال الديكور | رانيا | قسم الأسرة و المجتمع | 6 | 19.12.2009 02:57 |