ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " قصة جميلة "

[ابوحازم السلفي]

ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " قصة جميلة "

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

حُكي أن بعض خدم الملوك التقطوا طفلاً كان مطروحاً بالطريق فأمر الملك بضمه إلي أهل بيته , وسماه احمد اليتيم , فلما نشأ , ظهرت عليه أمارات النجابة والفطنة فهذّبه وعلمّه واصطفاه وقدمه في جميع أعماله وشئون قصره وذات يوم أمره أن يحضر شيئا من بعض حجراته وحين ذهب رأي جارية كانت مقربة من الملك في حال مريبة مع خادم من خدم القصر , فتوسلت إليه أن يكتم خبرها , وعرضت نفسها عليه , فقال معاذ الله أن أخون الملك وقد أحسن إليّ , ثم تركها وانصرف .


فأوجست الجارية في نفسها خيفة وتوهمت انه سيفشي سرها فذهبت إلي الملك شاكية باكية فسألها فقالت : إن احمد اليتيم راودها عن نفسها وهمّ أن يقهرها علي فعل منكر , فغضب أشد الغضب وعزم علي قتله .


فقال لكبير خدمه : إذا بعثت إليك أحدا بكذا أو كذا فاقتله وابعث برأسه إليّ , وبعد قليل احضر الملك احمد اليتيم وقال له : اذهب إلي فلان واطلب منه كذا وكذا فامتثل وذهب , وفيما هو في طريقه لقي بعض الخدم , فحكّموه في أمرٍ اختلفوا فيه فأخبرهم بما هو مكلف به فقالوا : نبعث الخادم فلان , ليحضر ما تطلب حتى تفصل في أمرنا فأجابهم إلي ما طلبوا .


وذهب ذلك الخادم وأخبر رئيس الخدم برسالته فقتله وحَزّ رأسه وجاء بها إلي الملك فلما أبصره وكشف عنه الغطاء رأي رأساً أخري فأمر بإحضار أحمد اليتيم فسأله عن خبره فأخبره بما كان ..


فقال له الملك : أتعرف لهذا الخادم ذنباً ؟


قال : نعم . إنه فعل كذا وكذا مع فلانة الجارية , وقد سألاني بالله ربي أن اكتم خبرهما , فلما سمع الأمير ذلك سكن ما به وأمر بقتل الجارية وأعاد إلي احمد ثقته به ..

من كتاب ساعة وساعة


للشيخ محمود المصري

للمزيد من مواضيعي